رحلة بين شفقين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-10-2022, 04:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رحلة بين شفقين

رحلة بين شفقين
عبدالقادر بن محمد بنعمان



ارتمى البصر في أحضان الأفق متأمِّلًا متململًا ارتماءَ المتضجِّر الذي اعتاد الاستلقاء على رمل الساحل؛ ليرمُقَ بحر السماء الأزرق، وأمواجَ الغيم برغوتها البيضاء في أجوائه، لكنَّ هذه المرَّةَ لَفَتَ انتباهَه ضوءٌ أحمر باهت مشعٌّ تناثر في أقصى الغرب على صفحة السماء، تأمَّلَته العين ناظرةً إليه في فضولٍ وتشوُّف، فإذا هو الشفق الأحمر الذي لا يظهر إلا منذرًا بنهاية اليوم وانقضائه، ولا يرتسم إلا مخبِرًا عن قرب حلول الليل بظلمائه؛ لذلك اهتزَّ القلب عندما رَمَقَت العين هذا الشفق، وحار الفؤاد في سرعةِ انقضاء هذا اليوم وانصرام ساعاته؛ كحبَّات السُّبحة التي إذا انصَرَمَت إحدى حبَّاتها، توالَت خلفَها الباقياتُ متتابعاتٍ متسارعات؛ فقد دخل وقت المغرب معلنًا وقت الرحيل دون أن تُحِسَّ الجوارح بحركة خطوات هذا اليوم، ولا ببركته حتى آلَ إلى دركته، وظهر إعلان سكون حركته، وانقضى دون أن تلحظ النفس حقيقةَ سرعةِ مرور دقائقه، التي ولَّدت شدة مرورِها حرارةً أنتَجَت سرابًا متوهِّجًا يحسبه الرائي ظلًّا ثابتًا، وهو يجري جريَ السهم الهارب مِن كبد القوس.



لم يكن ضياءُ الشفق الأحمر مذكِّرًا بانقضاء اليوم فقط، ولكنَّ رؤيته تستثير الجَنانَ والكيان؛ ليتذكَّر حَدَثًا قريبًا ومشابهًا له، كأن رؤيته كانت قبيل لحظاتٍ معدودات، فهو يُشبه في تناثر ضيائه، واتصالِه بحلقتَي البداية والنهاية - ضياءَ الشفق الأبيض الذي انتشر ضياؤه أول اليوم معلنًا بداية نهار وليد، ومبشِّرًا بانبثاق يومٍ جديد، وتناثُرُ أشعةِ ضيائه في الأفق شرق صفحة السماء يُشبه تناثُر أشعة الشفق الأحمر في أقصى الغرب عشيةً، حتى كأنَّ شفق النهاية ليس إلا طيفًا منعكسًا لشفق البداية في مرآة الحياة، بعد أن صقَلَته أحداث اليوم وشؤونه فاصطبغ بشيءٍ من الحُمْرة، وحتى كأنَّ تناثُر تلك الأشعة في أقصى جهات الأفق ما هو إلا تناثر شؤون وأشجان، وتنوُّعُ ألوان وأفنان، وتشعُّب أغصان هذا اليوم، وكأن الزمن الذي بينهما هو الوقت الخاطف الذي يقطعه البصرُ ما بين رؤية جسمٍ وصورته على المرآة.



هكذا هي الحياة كلُّها، وتلك هي الدنيا بأَسْرها، مِن خُطًى على جسرها، بيُسرِها وعُسرها، وربحها وخُسرها، ومن تقلُّبات سريعة في أحوالها بتسارُع نبضات ساعاتها، حيث تسطِّر تلك الأوقاتُ بداياتٍ تعقُبها نهاياتٌ، تضع لكلِّ اجتماعٍ تفرقًا، ولكل لقاء وداعًا، ولكل مودَّة فراقًا، ولكل شروق غروبًا، ولكل عملٍ انقطاعًا، ولكل حركة سكونًا، واللبيب مَن عَرَف حقيقةَ الدنيا الفانية؛ فجَعَلها مطيةً لنيل الفوز بالدار الباقية، وجعل أعماله في الحياة مرآةً مزوَّقة منمَّقة بما يسرُّه أن يراه بعد الممات.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 09-04-2023 الساعة 06:30 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 46.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.21 كيلو بايت... تم توفير 1.75 كيلو بايت...بمعدل (3.72%)]