|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تبت من الشذوذ وبقيت آثاره
تبت من الشذوذ وبقيت آثاره الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل السؤال: ♦ الملخص: شاب كان متعلقًا بالمردان وهو في الثانوية العامة، وقد صاحب بعضهم، ثم تاب عن هذا الأمر، لكنه كلما رأى شخصًا وسيمًا، يشعر بخفقان في قلبه، ويريد التخلص من هذا الشعور. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا طالب أنهيتُ المرحلة الثانوية، تلك المرحلة التي قلبت حياتي رأسًا على عقب؛ إذ إنني في أثنائها بدأت تراودني أفكار قبيحة إذا ما نظرت للشباب الوسيمين، علمًا بأنني لم أشعر بهذا من قبل، عمومًا، جعلتني تلك الأفكار أحاول التقرب من الأولاد الوسيمين، وفي محاولتي للتقرب منهم، كان ينتابني شعورٌ بالخوف والرهبة الشديدة منهم، فكلما رأيتهم، أشعر بخفقان وألم وضيق في الصدر، ورغبة في الاستفراغ، وبقيتُ على حالي تلك ثلاث سنين، وقد كنت مهووسًا بهم ولا أعلم لماذا، وللأسف صادقتُ بعضهم، وبعد تخرجي، أدركتُ حجم الخطأ الذي اقترفتُهُ وتبتُ عنه، حقًّا أنا أشعر بالاشمئزاز من أفعالي القديمة، مشكلتي الآن - والتي كنت أواجهها طوال السنوات الثلاث الماضية - أنني أشعر بخفقان القلب، كلما رأيت شخصًا وسيمًا؛ سواء كان كبيرًا أم صغيرًا، وغالبًا ينتابني هذا الشعور عند رؤية الذكور فقط، وأيضًا إذا رأيت شيئًا يُذكِّرني بهذا الموضوع؛ فأشعر بالخفقان. طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، فأنا لا أستطيع العيش بهذا الشعور وبهذا الخفقان في كل ساعة وكل لحظة أحيانًا، هل يعقل بأنني سأشعر بخفقان كلما رأيت شخصًا يمشي بسلام، أو شخصًا يتكلم بعفوية؟ أرجو منكم الإجابة، وجزاكم الله خيرًا. الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد ومن والاه؛ أما بعد: فيبدو أن فيك خيرًا كثيرًا يدل له تألمك الشديد مما تعانيه، وطلبك إجابة شافية، وأُبشِّرك أنه ما دمتَ تتمتع بهذه الروح، فإنك على خير، وأبشر بفَرَجٍ قريب بإذن الله، ويُلحظ من سردك لمشكلتك الآتي: 1- أنك تُعاني نقصًا عاطفيًّا في البيت، ولم تجد في البيت من يحتويك ويُعطيك الحُبَّ والحنان الكافيَيْنِ. 2- ما تعانيه من الإعجاب بالوسيمين مرضٌ كثير الانتشار، خاصة مع ضعف الإيمان، وشدة الحاجة العاطفية والجنسية. 3- كذلك وجود الفراغ الكبير والتفريط في مَلْئِهِ بما ينفع من العبادات والعلم النافع، فأصبحتَ نهبًا للوساوس الشيطانية. 4- كذلك من أسبابه ما قد تكون وقعت فيه من الدخول لمواقع الإنترنت سيئة الذكر، المُهيِّجة للشهوات، ولكن يبقى السؤال المهم جدًّا: ما علاج مشكلتك؟ فأقول مستعينًا بالله سبحانه: أولًا: أعظم ما يقوِّي مقاومتك لهذا الحب المشبوه، وهذه التعلقات العَفِنَة - هو تقوية التوحيد والتعظيم لله سبحانه، ولحرماته في قلبك. ثانيًا: من أعظم ما يقوِّي الإيمان، ويسُدُّ منافذ الفتن عن القلب - طلبُ العلم النافع، ومجالسة الصالحين؛ فلهما أثرٌ قويٌّ جدًّا؛ ولذا قال الله سبحانه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]. ثالثًا: عليك بسبب قويٍّ جدًّا جدًّا؛ وهو الدعاء بصدق وإخلاص؛ قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]. رابعًا: عليك بكثرة الاسترجاع؛ أي: قول ((إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، وأخْلِفْ لي خيرًا منها))، فإنها إذا خرجت من قلب صادقٍ مخلص أثَّرت أثرًا عظيمًا جدًّا؛ وتأمل في قوله سبحانه: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]. خامسًا: يبدو أنك تُعاني نقصًا في العبادات، وفي المحبة لله سبحانه، نتج عنها سهولة دخول المحاب الأخرى، وسهولة استيلائها على قلبك؛ ولذا فلا بد من ملء قلبك بالإيمان والمحبة لله سبحانه، والتعظيم له، ومن وسائل ذلك: المحافظة على الصلاة في أوقاتها بالمساجد، والإكثار من تلاوة القرآن، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعموم الذكر. سادسًا: لا بدَّ أن تكون حازمًا مع نفسك، معظمًا لحرمات الله عز وجل، فتقطع فورًا كل ما قد يؤدي بك للأفكار الرديئة؛ مثل: إطلاق النظر الحرام في الجوال أو في غيره للمُرْدَان أو الإناث؛ فالله سبحانه عندما حرم الزنا ما قال: (ولا تزنوا)؛ وإنما قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]؛ ليعم النهيُ هنا الزنا واللواط والعشق المحرم، وكل ما قد يقرب إليها، أو يسبب التعلق والأفكار السيئة؛ مثل: النظر، والخلوة، وغيرها؛ وقال سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]. سابعًا: إن استطعت أن تتزوج، فهذا حلٌّ طيب جدًّا، فبادر إليه، وإن لم تستطع، فطبِّقِ السنة النبوية بالصيام، ولو بعض الأيام؛ مثل: الاثنين والخميس. ثامنًا: كل ما سبق يحتاج منك إلى مجاهدة للنفس؛ فهي ضعيفة تستسلم كثيرًا للوساوس الشيطانية، وتزييناتها للعشق والفواحش؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]. تاسعًا: تذكر أن التعلق بالذكور والتفكير فيهم قد يؤدي بك - والعياذ بالله - لجريمة اللواط، وهي منكر وكبيرة من كبائر الذنوب، تُوجِبُ غضب الرب سبحانه ومَقْتَهُ وعقابه، ونقل الأمراض المستعصية، وتذكر كيف عاقب الله قوم لوط بعقوبة شنيعة. عاشرًا: أخيرًا: تذكر أنك إذا صدقت مع الله سبحانه، وبذلت الأسباب السابقة، ستُوفَّق بمشيئة الله عز وجل، ولو بعد حين، فلا تستعجل. حادي عشر: لعلك يؤرقك سؤال مهم؛ وهو: (أنا أذنب ويتكرر الذنب مني بإطلاق النظر وتوابعه، وفي كل مرة أندم بشدة، فهل لي من توبة مقبولة؟)، والجواب: أبشِرْ، نعم، لك توبة مقبولة بإذن الله، يدل لها أدلة كثيرة؛ منها الحديث التالي: عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل، قال: ((أذنب عبدٌ ذنبًا فقال: اللَّهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلِم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِّ، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت، فقد غفرتُ لك)). قال البخاري: حدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام، حدثنا إسحاق بن عبدالله: سمعت عبدالرحمن بن أبي عمرة، قال: سمعت أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: ((إن عبدًا أصاب ذنبًا - وربما قال: أذنب ذنبًا - فقال: ربِّ أذنبتُ ذنبًا - وربما قال: أصبتُ - فاغفره، فقال ربه: علِم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرتُ لعبدي، ثم مكث ما شاء اللَّه، ثم أصاب ذنبًا - أو أذنب ذنبًا - فقال: ربِّ أذنبتُ - أو أصبتُ - آخر فاغفره، فقال: علِم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء اللَّه، ثم أذنب ذنبًا - وربما قال: أصاب ذنبًا - فقال: ربِّ أصبت - أو قال: أذنبت - آخر فاغفره لي، فقال: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي - ثلاثًا - فليعمل ما شاء))؛ في كتاب التوحيد. قالت اللجنة الدائمة للإفتاء: "أما معناه، فلا إشكال فيه؛ وهو أن العبد ما دام يذنب ثم يستغفر استغفار النادم التائب، المقلع من ذنبه، العازم ألَّا يعود فيه - فإن اللَّه يغفر له، ولا يُفهم من قوله: ((فليقل ما شاء)) إباحة المعاصي والإثم، وإنما المعنى هو ما سبق من مغفرة الذنب إذا استغفر وتاب". قال الحافظ في الفتح: "قال ابن بطال في هذا الحديث: إن المُصِرَّ على المعصية في مشيئة اللَّه تعالى؛ إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له، مغلِّبًا الحسنة التي جاء بها؛ وهي اعتقاده أن له ربًّا خالقًا يعذبه ويغفر له واستغفاره إياه على ذلك؛ يدل عليه قوله تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160]، ولا حسنة أعظم من التوحيد". حفظك الله وأعاذك من الفتن. وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |