|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#181
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (181) صـ 75 إلى صـ 82 أهل السنة من جميع الطوائف، وهو قول كثير من أصحاب الأشعري كأبي إسحاق الإسفراييني وأبي المعالي والجويني الملقب بإمام الحرمين وغيرهما (1) . وإذا كان هذا قول محققي المعتزلة والشيعة، وهو قول (2) جمهور أهل السنة وأئمتهم بقي الخلاف بين القدرية الذين يقولون: إن الداعي يحصل في قلب العبد بلا مشيئة من الله ولا قدرة، وبين الجهمية المجبرة الذين يقولون: إن قدرة العبد لا تأثير لها في فعله بوجه من الوجوه، وأن العبد ليس فاعلا لفعله، كما يقول ذلك الجهم بن صفوان إمام المجبرة ومن اتبعه (3) ، وإن أثبت أحدهم (4) كسبا لا يعقل، كما أثبته الأشعري ومن وافقه. وإذا كان (5) هذا النزاع في هذا الأصل بين القدرية النفاة لكون الله يعين المؤمنين على الطاعة ويجعل فيهم داعيا إليها ويختصهم (6) بذلك دون الكافرين، وبين المجبرة الغلاة الذين يقولون: إن العباد لا يفعلون (7) شيئا ولا قدرة لهم على شيء، أو لهم قدرة لا يفعلون بها شيئا ولا تأثير لها في شيء فكلا القولين باطل، مع أن كثيرا من الشيعة يقولون بقول المجبرة. وأما السلف والأئمة القائلون بإمامة الخلفاء الثلاثة فلا يقولون لا بهذا _________ (1) ب، أ: وغيرهم. (2) ع: وقول. (3) ومن اتبعه: ليست في (ع) . (4) ع: بعضهم. (5) ب، أ: وإن كان. (6) ب، أ: ويخصهم. (7) ع: لم يفعلوا ============================= ولا بهذا. فتبين أن قول أهل السنة القائلين بخلافة (1) الثلاثة هو الصواب، وأن من أخطأ من أتباعهم في شيء فخطأ الشيعة أعظم من خطئهم (2) . وهذا السؤال إنما يتوجه على من يسوغ الاحتجاج بالقدر ويقيم عذر نفسه أو غيره إذا عصى بكون هذا مقدرا علي (3) ، ويرى أن شهود هذا هو شهود الحقيقة، أي الحقيقة الكونية. وهؤلاء كثيرون في الناس، وفيهم (4) من يدعي أنه من الخاصة العارفين أهل التوحيد الذين فنوا في [توحيد] (5) الربوبية، ويقول (6) إن العارف إذا فني (7) في شهود توحيد الربوبية لم يستحسن حسنة ولم يستقبح سيئة، ويقول بعضهم (8) : من شهد الإرادة سقط عنه الأمر، ويقول بعضهم: الخضر (9) إنما سقط عنه التكليف لأنه شهد الإرادة، وهذا الضرب كثير في متأخري الشيوخ والنساك (10) [والصوفية] (11) والفقراء، بل وفي (12) الفقهاء والأمراء والعامة. ولا ريب أن هؤلاء شر من المعتزلة والشيعة الذين يقرون بالأمر والنهي _________ (1) ع: بإمامة. (2) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) ، وبدأ في ص 72. (3) ب: بأن هذا مقدر علي، م: بأن هذا مقدرا علي، وهو خطأ. (4) ن، م: ومنهم. (5) توحيد: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ب، أ: ويقولون. (7) إذا فني: ساقطة من (أ) ، (ب) . (8) ن: وبعضهم يقول. (9) ب، أ: الخضر عليه السلام. (10) أ، ب: الشيوخ النساك. (11) والصوفية: ساقطة من (ن) ، (م) . (12) ب، أ، م، ن: بل في ==================================== وينكرون القدر، وبمثل هؤلاء طال لسان المعتزلة والشيعة في المنتسبين إلى السنة، فإن من أقر بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وفعل الواجبات وترك المحرمات، ولم يقل: إن الله خلق أفعال العباد ولا يقدر على ذلك ولا شاء [المعاصي] هو قد قصد (1) تعظيم الأمر وتنزيه الله عن الظلم وإقامة حجة الله على نفسه، لكن ضاق عطنه فلم يحسن الجمع بين قدرة الله التامة ومشيئته (2) العامة وخلقه الشامل، وبين عدله وحكمته، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده (3) ، فجعل لله الحمد ولم يجعل له تمام الملك. والذين أثبتوا قدرته ومشيئته وخلقه وعارضوا بذلك أمره ونهيه ووعده ووعيده (4) ، شر من اليهود والنصارى كما قال هذا المصنف. فإن قولهم يقتضي إفحام الرسل، ونحن إنما نرد من أقوال هذا وغيره ما كان باطلا. وأما الحق فعلينا أن نقبله من كل قائل، وليس لأحد أن يرد بدعة ببدعة، ولا يقابل باطلا بباطل، والمنكرون للقدر وإن كانوا في بدعة فالمحتجون به على الأمر أعظم بدعة، وإن كان أولئك يشبهون المجوس فهؤلاء يشبهون المشركين المكذبين للرسل (5) الذين قالوا: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء. وقد كان في أواخر عصر الصحابة [رضي الله عنهم أجمعين] (6) جماعة من هؤلاء القدرية، وأما المحتجون بالقدر على الأمر فلا تعرف لهم طائفة _________ (1) م، ن: وقد قصد. (2) أ، ب، ع: وبين مشيئته. (3) ساقط من (م) فقط (4) ساقط من (م) فقط. (5) المكذبين للرسل، ساقطة من (ع) . (6) رضي الله عنهم أجمعين: ساقطة من (ن) ، (م) ====================================== من طوائف المسلمين معروفة، وإنما كثروا في المتأخرين، وسموا هذا حقيقة، وجعلوا الحقيقة تعارض الشريعة، ولم يميزوا بين الحقيقة الدينية الشرعية التي تتضمن تحقيق أحوال القلوب كالإخلاص والصبر والشكر والتوكل والمحبة لله، وبين الحقيقة الكونية القدرية التي يؤمن بها ولا يحتج بها على المعاصي لكن يسلم إليها عند المصائب. فالعارف يشهد القدر في المصائب فيرضى ويسلم ويستغفر ويتوب من الذنوب والمعايب، كما قال تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} [سورة غافر: 55] ، فالعبد مأمور بأن يصبر على المصائب ويستغفر من المعايب. [حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام] ومن هذا الباب حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام، قد أخرجاه في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، وروي بإسناد جيد عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «احتج آدم وموسى» " وفي لفظ «أن موسى قال: " يا رب أرني (1) آدم الذي أخرجنا من الجنة بخطيئته، فقال موسى: يا آدم (2) أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم (3) : أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، وكتب لك التوراة بيده، فبكم تجد فيها مكتوبا: " {وعصى آدم ربه فغوى} " قبل أن _________ (1) ع: أرنا. (2) يا آدم: ساقطة من (ب) ، (أ) . (3) آدم: ساقطة من (ب) ، (أ) ================================== أخلق؟ قال: بأربعين سنة (1) قال: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى ".» (2) . فهذا الحديث ظن فيه (3) طوائف أن آدم احتج بالقدر على الذنب، وأنه حج موسى بذلك، فطائفة من هؤلاء يدعون التحقيق والعرفان يحتجون بالقدر على الذنوب مستدلين بهذا الحديث، وطائفة يقولون: الاحتجاج بهذا سائغ (4) في الآخرة لا في الدنيا، [وطائفة يقولون: هو حجة للخاصة المشاهدين للقدر دون العامة] (5) ، وطائفة كذبت هذا الحديث (6) كالجبائي وغيره، وطائفة تأولته تأويلات فاسدة (7) مثل قول بعضهم: إنما حجه لأنه كان _________ (1) ب: فكم تجد فيها مكتوبا فعصى آدم ربه فغوى. قال قبل أن يخلقك بأربعين سنة، أ: فبكم تجد فيها مكتوبا فعصى آدم ربه فغوى قبل أن يخلقك بأربعين سنة ; ع: فبكم تجد فيها مكتوب وعصى آدم ربه فغوى قبل أن أخلق بأربعين سنة ; ن، م: فكم تجد فيها مكتوبا وعصى آدم ربه فغوى قبل أن أخلق. قال: بأربعين سنة، ولعل الصواب ما أثبته. (2) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 9/148 (كتاب التوحيد باب وكلم الله موسى تكليما) مسلم 4/2042 - 2044 (كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى) ، سنن ابن ماجه (المقدمة باب في القدر، 1/31 - 32 المسند ط المعارف 13، 177، 14/23، 56، 245، والحديث عن أبي هريرة وعن عمر رضي الله عنهما في سنن أبي داود 4/311، 312 (كتاب السنة باب في القدر) . (3) فيه: ساقطة من (ب) ، (أ) . (4) ب: الاستدلال به سائغ، أ: الاستدلال به شائع ; ن: الاحتجاج به سائغ ; م: الاحتجاج سائغ. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) . (6) م، ن: وطائفة كذبت به ; ع: وطائفة كذبت بهذا الحديث. (7) ب، أ: تأويلا فاسدا، ونقل مستجى زاده في هامش (ع) ، كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة ((وطائفة كذبت بهذا الحديث)) وينتهي عند هذا الموضع ثم علق قائلا: قلت: وذلك دأب القدرية إذا ورد حديث يخالف قواعدهم التي اخترعوها يردون ذلك الحديث وينكرون وروده، وإن كان مما اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم، أو يؤولونه. ومنشأ ذلك كله أن الأدلة العقلية متقدمة على الأدلة النقلية، فشكر الله تعالى سعي أهل الحق، وأيدهم ونصرهم حيث لا يردون حديثا ثبت عن صاحب الشرع لاستبعاد عقولهم، اللهم إلا ما شذ من الماتريدية، لكن الأشاعرة والحنابلة سداهم ولحمتهم قبول الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مخبتين عن إنكارها وإن كانت مخالفة لعقولهم وقياساتهم ================================= قد تاب (1) ، وقول آخر: كان أباه (2) والابن لا يلوم أباه، وقول بعضهم: كان الذنب في شريعة (3) واللوم في أخرى. وهكذا كله تعريج عن مقصود الحديث، فإن الحديث إنما تضمن التسليم للقدر عند المصائب، فإن موسى لم يلم آدم لحق الله الذي في الذنب، وإنما (4) لامه لأجل ما لحق الذرية من المصيبة ; ولهذا قال أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة. وقال: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ وهذا (5) روي في بعض طرق الحديث وإن لم يكن في جميعها. وهو حق (6) ، فإن آدم كان قد تاب من الذنب، وموسى أعلم بالله من _________ (1) ن: إنها حجة لأنه كان تاب ; م: إنها حجة لأنه قد كان تاب ; ب، أ: إنها حجة لأنه كان قد تاب. (2) ب، أ: والقول الآخر إنه كان أباه ; م: وقول آخر لأنه كان أباه. (3) ب، أ: وقال الآخرون الذنب كان في شريعته، م: وقول آخر كان الذنب في شريعته، ن: وقول بعضهم كان الذنب في شريعته. (4) م: لحق الله في الذنب إنما ; ن: بحق الله في الذنب إنما ; ع: لخلق الله الذي في الدنيا إنما. وفي رسالة الاحتجاج بالقدر (مجموعة الرسائل الكبرى 2/100، مجموعة فتاوى الرياض 8/262 - 272) يقول ابن تيمية: ((الصواب في قصة آدم وموسى أن موسى لم يلم آدم إلا من جهة المصيبة التي أصابته وذريته بما فعل، لا لأجل أن تارك الأمر مذنب عاصي)) . (5) أ، ب: هكذا. (6) ع: فهو حق ================================= أن يلوم تائبا، وهو أيضا قد تاب حيث قال: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} [سورة القصص: 16] وقال: {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} [سورة الأعراف: 143] ، وقال: {فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك} [سورة الأعراف: 155، 156] ، وأيضا فإن المذنبين من الآدميين كثير، فتخصيص (1) آدم باللون دون الناس لا وجه له. وأيضا فآدم وموسى أعلم بالله من أن يحتج أحدهما على الذنب بالقدر ويقبله الآخر، فإن هذا لو كان مقبولا لكان لإبليس الحجة بذلك أيضا (2) ، ولقوم نوح وعاد وثمود وفرعون. وإن كان من احتج على موسى بالقدر لركوب الذنب قد حجه، ففرعون أيضا يحجه بذلك (3) . وإن كان آدم إنما حج موسى لأنه رفع اللوم (4) عن المذنب (5) لأجل القدر فيحتج بذلك (6) عليه إبليس من امتناعه من السجود لآدم، وفي الحقيقة هذا إنما هو احتجاج على الله (7) ، وهؤلاء هم خصماء الله القدرية الذين يحشرون (8) يوم القيامة إلى النار حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد. _________ (1) ن، م: فتخصص. (2) أ، ب: وأيضا. (3) بذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) ب (فقط) : دفع اللوم. (5) أ، ب: عن الذنب. (6) بذلك: ساقطة من (ع) . (7) أ، ب: وفي الحقيقة إنما احتج على الله، والعبارة في (م) غير مستقيمة. (8) أ، ب: يجرون ================================= والآثار المروية في ذم القدرية تتناول هؤلاء أعظم من تناولها المنكرين للقدر تعظيما للأمر وتنزيها عن الظلم، ولهذا يقرنون (1) القدرية بالمرجئة لأن المرجئة تضعف أمر الإيمان والوعيد (2) ، وكذلك هؤلاء القدرية تضعف أمر الله بالإيمان والتقوى ووعيده، ومن فعل هذا كان ملعونا في كل شريعة كما روي: لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا. والخائضون في القدر بالباطل (3) ثلاثة أصناف: المكذبون به، والدافعون للأمر والنهي [به] (4) ، والطاعنون على الرب عز وجل بجمعه بين الأمر والقدر، وهؤلاء شر الطوائف ويحكى (5) في ذلك مناظرة عن إبليس والدافعون به للأمر (6) بعدهم في الشر، والمكذبون به بعد هؤلاء. وأنت إذا رأيت تغليظ السلف على المكذبين بالقدر فإنما ذاك لأن الدافعين للأمر لم يكونوا يتظاهرون بذلك، ولم يكونوا موجودين كثيرين، وإلا فهم شر منهم، كما أن الروافض شر من الخوارج في الاعتقاد، ولكن الخوارج أجرأ على السيف والقتال منهم، فلإظهار القول ومقاتلة المسلمين عليه (7) جاء فيهم ما لا يجيء فيمن هم (8) من جنس المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم. _________ (1) أ، ب: يقربون، وهو خطأ. (2) أ، ب:. . . . . . . . بالمرجئة بضعف أمر الإيمان والوعيد. (3) ع، أ: والخائضون بالقدر في الباطل. (4) به: زيادة في (ع) . (5) أ، ب: وحكى. (6) أ، ب: والدافعون وللأمر به ; ن، م: فالدافعون به للأمر. (7) عليه: ساقطة من (أ) ، (ب) . (8) أ، ب: فيمن هو، م: في غيرهم ==============================
__________________
|
#182
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (182) صـ 83 إلى صـ 90 فتبين أن آدم احتج على موسى بالقدر من جهة المصيبة التي لحقته ولحقت الذرية، والمصيبة تورث نوعا من الجزع يقتضي لوم من كان سببها، فتبين له أن هذه المصيبة وسببها كان مقدورا مكتوبا، والعبد مأمور أن يصبر على قدر الله ويسلم لأمر الله (1) فإن هذا من جملة ما أمره (2) الله به، كما قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [سورة التغابن: 11] قالت (3) طائفة من السلف كابن مسعود: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. [فهذا الكلام الذي قاله هذا المصنف وأمثال] هذا الكلام يقال لمن احتج بالقدر (4) على المعاصي، ثم يعلم أن هذه الحجة باطلة بصريح العقل عند كل أحد مع الإيمان بالقدر. وبطلان هذه الحجة لا يقتضي التكذيب بالقدر، وذلك أن بني آدم مفطورون على احتياجهم إلى جلب (5) المنفعة ودفع المضرة، لا يعيشون ولا يصلح لهم دين ولا دنيا إلا بذلك، فلا بد أن يأتمروا (6) وإنما فيه تحصيل (7) منافعهم ودفع مضارهم، سواء بعث إليهم رسول أو لم يبعث، لكن علمهم بالمنافع والمضار بحسب عقولهم وقصودهم، والرسل (8) صلوات الله عليهم _________ (1) ع، ن، م: لأمره. (2) ع، م: ما أمر. (3) ع، ن، م: قال. (4) ن، م: ويسلم، وهذا الكلام يقال لمن يحتج بالقدر. (5) ن، م: طلب. (6) ب: يتآمروا، م: يأمروا. (7) أ، ب: محصل. (8) أ، ب: وقصورهم فالرسل. . . إلخ ========================== بعثوا بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها فأتباع الرسل أكمل الناس في ذلك، والمكذبون للرسل انعكس الأمر في حقهم، فصاروا يتبعون المفاسد ويعطلون المصالح، فهم شر الناس، ولا بد لهم مع ذلك من أمور يجتلبونها، وأمور يجتنبونها، وأن يتدافعوا جميعا ما يضرهم (1) من الظلم والفواحش ونحو ذلك. فلو ظلم بعضهم بعضا في دمه وماله وعرضه وحرمته (2) فطلب المظلوم الاقتصاص والعقوبة، لم يقبل أحد من ذوي العقول احتجاجه بالقدر. ولو قال: اعذروني فإن هذا كان مقدرا علي. لقالوا له (3) : وأنت لو فعل بك هذا (4) فاحتج عليك ظالمك بالقدر لم تقبل منه. وقبول هذه الحجة يوجب الفساد الذي لا صلاح معه، وإذا كان الاحتجاج بالقدر مردودا في فطر جميع الناس وعقولهم، مع أن جماهير الناس مقرون بالقدر، علم أن الإقرار بالقدر لا ينافي دفع الاحتجاج به، بل لا بد من الإيمان به، ولا بد من رد الاحتجاج به. ولما كان الجدل (5) ينقسم إلى حق وباطل، والكلام ينقسم إلى حق وباطل (6) ، وكان من لغة العرب أن الجنس إذا انقسم إلى نوعين أحدهما أشرف من الآخر، خصوا الأشرف باسمه الخاص (7) وعبروا عن الآخر _________ (1) ع: وإن تدافعوا جميعا ما يضرهم ; م، ن: وأن يتدافعوا ما يضرهم جميعا. (2) ب: في دمه أو ماله أو حرمه ; أ: في دمه وماله وحرمته ; م: في ذمته وماله وعرضه وحرمته. (3) له: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) أ، ب: ذلك. (5) ن، م: الجدال. (6) ساقط من (ع) . (7) أ، ب: بالاسم الخاص ============================ بالاسم العام (1) ، كما في لفظ الجائز العام والخاص (2) ، والمباح العام والخاص، وذوي الأرحام العام والخاص ولفظ الحيوان (3) العام والخاص، فيطلقون (4) لفظ الحيوان على (5) غير الناطق لاختصاص الناطق باسم الإنسان. وعملوا في لفظ الكلام والجدل كذلك، فيقولون (6) : فلان صاحب كلام ومتكلم (7) إذا كان قد يتكلم (8) بلا علم، ولهذا ذم السلف أهل الكلام. وكذلك الجدل إذا لم يكن (9) الكلام بحجة صحيحة لم يك إلا جدلا محضا. والاحتجاج بالقدر من هذا الباب، كما في الصحيح عن علي رضي الله عنه، قال: " «طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة فقال: " ألا تقومان تصليان؟ " (10) فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء يبعثنا بعثنا. قال فولى وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} » (11) [سورة الكهف: 54] فإنه لما أمرهم بقيام الليل فاعتل علي _________ (1) م فقط: باسمه العام. (2) م فقط: كما في اسم الجائز الخاص والعام. (3) أ، ب: ولفظ الجواز. (4) أ، ب: ويطلقون. (5) ن، م: عن. (6) ب: غلبوا في لفظ الكلام والجدل فلذلك يقولون ; أ: علوا في لفظ الكلام والجدل فكذلك يقولون ; م، ن: وكذلك فعلوا في لفظ الكلام والجدل فيقولون. (7) ع: ويتكلم. (8) م (فقط) : قد تكلم. (9) ب: أهل الكلام والجدل فإذا لم يكن. . . ; م: أهل الكلام وكذلك أهل الجدل إذا لم يكن. . . (10) ن: فتصليان. (11) الحديث عن علي رضي الله عنه في: البخاري 6/88 (كتاب التفسير، سورة الكهف، 2/50 (كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل. . .) ، المسند (ط المعارف) 2/89، 172 =================================== [رضي الله عنه] (1) بالقدر، وأنه لو شاء الله لأيقظنا (2) . (3) ، فقال وكان الإنسان أكثر شيء جدلا. [فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته] (فصل) قال [الرافضي] (4) : " ومنها تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته (5) ، ويثيب إبليس على معصيته، لأنه يفعل لا لغرض، فيكون فاعل الطاعة سفيها لأنه يتعجل بالتعب في الاجتهاد في العبادة، وإخراج ماله في عمارة المساجد والربط والصدقات، من غير نفع يحصل له، لأنه قد يعاقبه على ذلك، ولو فعل عوض ذلك ما يلتذ به ويشتهيه من أنواع المعاصي قد يثيبه، فاختيار الأول يكون (6) سفها عند كل عاقل. والمصير إلى المذهب يؤدي إلى خراب العالم واضطراب أمور الشريعة (7) المحمدية وغيرها " (8) . والجواب (9) من (10) وجوه: أحدها (11) : أن هذا الذي قاله باطل باتفاق _________ (1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) . (2) ن، م: وأن الله لو شاء لأيقظنا (3) علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ليس فيه إلا مجرد الجدل الذي ليس بحق (4) الرافضي: في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 1/86 (م) . (5) في (ك) : ومنها تجويز أن يعذب الله تعالى الأنبياء عليهم السلام ويعاقب على طاعتهم ويعاقب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وآله على طاعته. (6) م: فاختيار الأول قد يكون ; ن: واختيار الأول يكون. (7) أ، ب: الأمور الشرعية. (8) وغيرها: ليست في (ك) ، وفي (م) : وغيره. (9) م: فيقال الجواب ; ن: فيقال والجواب. (10) ساقط من (أ) ، (ب) . (11) ساقط من (أ) ، (ب) ===================================== المسلمين، فلم يقل أحد منهم أن الله قد يعذب أنبياءه (1) ولا أنه قد يقع منه عذاب أنبيائه، بل هم متفقون على أنه يثيبهم لا محالة (2) [لا يقع منه غير ذلك] (3) ، لأنه وعد بذلك وأخبر به، وهو صادق الميعاد، وعلم ذلك بالضرورة. ثم من (4) متكلمة أهل السنة المثبتين للقدر من يقول: إنما علم ذلك بمجرد خبره الصادق (5) ، وهي الدلالة السمعية المجردة. ومنهم من يقول: بل قد يعلم ذلك بغير الخبر ويعلم بأدلة عقلية. وإن كان الشارع قد نبه عليها وأرشد إليها، كما إذا علمت حكمته ورحمته وعدله علم أن ذلك يستلزم إكرام من هو متصف بالصفات المناسبة لذلك، [كما] قالت: خديجة [رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم] قبل (6) أن تعلم أنه نبي: والله لا يخزيك الله أبدا (7) ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق (8) . _________ (1) أ، ب: فلم يقل أحد منهم: الله يعذب نبيا. (2) أ، ب: على أن الله يثيبهم لا محالة ; ن: على أنه لا بد أن يثيبهم لا محالة، م: على أنه لا بد أن يثيبهم على محاله. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) ب: بالضرورة إذ من. . . . إلخ، أ: بالضرورة من. . إلخ. (5) ن، م: خبر الصادق. (6) أ، ب: كما قالت خديجة رضي الله عنها قبل. . . . . . ; ن: قالت خديجة قبل أن تعلم ; م: قالت خديجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل. . . . ; ع: كما قالت خديجة قبل. . . . .، ولعل الصواب ما أثبته. (7) أبدا: في (ن) ، (م) فقط. (8) هذا جزء من حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها، وأوله وهذا لفظ البخاري: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي. . . . .، الحديث. والحديث في: البخاري 1/3 - 4 (كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي) ، وتكرر الحديث في البخاري في مواضع كثيرة، انظر فتح الباري ط السلفية: الأرقام: 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982، والحديث عن عائشة رضي الله عنها في مسلم 1/139 - 142 (كتاب الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، المسند ط الحلبي 6/223، 233 ================================ وقد قال الله تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [سورة الجاثية: 21] وهذا استفهام إنكار (1) يقتضي الإنكار على من يحسب (2) ذلك ويظنه، وإنما ينكر على من ظن أو حسب (3) ما هو خطأ باطل يعلم بطلانه، لا من ظن ظنا ما (4) ليس بخطأ ولا باطل. فعلم أن التسوية بين أهل الطاعة [وبين] أهل (5) المعصية مما يعلم بطلانه، وأن ذلك من الحكم السيئ (6) الذي ينزه الله عنه. ومثله قوله تعالى (7) : {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} [سورة ص: 28] ، وقوله تعالى (8) : {أفنجعل المسلمين كالمجرمين - ما لكم كيف تحكمون} [سورة القلم: 35، 36] ، وفي الجملة التسوية (9) بين الأبرار _________ (1) أ، ب: إنكاري. (2) ن، م: على من يقول يحسب. (3) أو حسب: في (ع) ، وفي سائر النسخ: وحسب. (4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) ع، ن، م: وأهل. (6) أ، ب: من أظلم الشيء، وهو تحريف. (7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (8) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (9) ن، م: وبالجملة فالتسوية ================================ والفجار، والمحسنين والظالمين وأهل الطاعة، وأهل المعصية حكم باطل يجب تنزيه الله عنه، فإنه ينافي عدله وحكمته (1) وهو سبحانه كما ينكر التسوية بين المختلفات (2) فهو يسوي بين المتماثلات، كقوله سبحانه وتعالى: {أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر} [سورة القمر: 43] ، وقوله: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم} الآية [سورة آل عمران: 11] ، وقوله: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [سورة يوسف: 111] ، وقوله: {فاعتبروا ياأولي الأبصار} [سورة الحشر: 2] ، وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم} [سورة النور: 43] ، وقوله: {وتلك الأمثال نضربها للناس} [سورة العنكبوت: 43] . الوجه الثاني: أن قوله (3) : " ومنها تجويز تعذيب الأنبياء وإثابة الشياطين "، إن أراد به أنهم يقولون إن الله قادر على ذلك فهو لا ينازع في القدرة. وإن أراد أنا هل (4) نشك: هل يفعله (5) أو لا يفعله؟ فمعلوم أنا لا نشك في ذلك، بل نعلم انتفاءه، وعلمنا بانتفائه (6) مستلزم لانتفائه (7) . _________ (1) ع: وحكمه. (2) أ، ب: المخلوقات. (3) أن قوله: ساقطة من (ع) . (4) هل: ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) ن، م: فعله. (6) أ، ب: انتفاءه، م: لانتفائه. (7) في (أ) ، (ب) : بعد كلمة " لانتفائه "، توجد عبارة: " وأنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما ". ومكان هذه الجلمة بعد سطر آخر، والظاهر أن الناسخ كتبها في هذا الموضع سهوا ================================ وإن أراد أن من قال إنه يفعل لا لحكمة يلزمه تجويز وقوع ذلك [منه] (1) وإمكان وقوعه منه (2) وإنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما، فلا ريب أن هذا قول هؤلاء. وهم يصرحون بذلك (3) ، لكن أكثر أهل السنة لا يقولون بذلك، بل عندهم أن الله منزه عن ذلك ومقدس عنه، ولكن على هذا لا يلزم (4) أن تكون الطاعة سفها، فإنها إنما تكون سفها إذا كان وجودها كعدمها، والمسلمون متفقون على أن وجودها نافع وعدمها مضر، وإن كانوا متنازعين: هل يجوز أن يفعل (5) الرب خلاف ذلك، فإن نزاعهم في الجواز لا في الوقوع. الوجه الثالث: أن يقال: لو قدر أن ذلك جائز الوقوع لم تكن الطاعة سفها، فإن هؤلاء الإمامية مع أهل السنة والجماعة (6) يجوزون الغفران لأهل الكبائر، والمعتزلة مع أهل السنة يجوزون تكفير الصغائر باجتناب الكبائر، ومع هذا فلم يكن اجتناب الكبائر والصغائر سفها، بل هذا الاجتناب واجب بالاتفاق. الوجه الرابع: أن يقال: فعل النوافل ليس سفها بالاتفاق، وإن جاز أن يثيب الله (7) العبد بدون ذلك لأسباب (8) أخر فالشيء الذي علم نفعه _________ (1) منه: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) عبارة وإمكان وقوعه منه، ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) أ، ب: وهم لا يصرحون بذلك ; ن: وهم يصرحون به ; م: وهم مصرحون به. (4) أ، ب: لم يلزم. (5) ن: يجعل. (6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) ن، م، ع: أن الله يثيب. (8) ن: تلك لأسباب ; م: تلك الأسباب ==============================
__________________
|
#183
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (183) صـ 91 إلى صـ 98 يكون فعله حكمة محمودة، وإن جوز المجوز أن يحصل النفع بدون ذلك: كاكتساب الأموال وغيرها من المطالب بالأسباب المقتضية لذلك في العادة، فإنه ليس سفها، وإن جاز أن يحصل المال بغير (1) سعي كالميراث. الوجه الخامس: قوله: " لأنه يفعل لا لغرض " (2) قد تقدم جوابه، وبينا أن أكثر أهل السنة يقولون: (3) إنه يفعل لحكمة وهو مراد هذا بالغرض، [وبعض أهل السنة يصرح بأنه يفعل لغرض] (4) ، ومن قال من المثبتين للقدر: إنه يفعل لا لحكمة، فإنه يقول: وإن كان يفعل ما يشاء فقد يعلم ما يشاؤه (5) مما لا يشاؤه: إما باطراد العادة، وإما بإخبار الصادق، وإما بعلم ضروري يجعله في قلوبنا، وإما بغير ذلك. [فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لا يتمكن أحد من تصديق أحد من الأنبياء] (فصل) قال [الرافضي] (6) : " ومنها أنه لا يتمكن أحد من تصديق أحد من الأنبياء، لأن التوصل إلى ذلك والدليل عليه إنما يتم (7) بمقدمتين: إحداهما: أن الله [تعالى] فعل المعجز على يد النبي [صلى الله عليه وسلم] (8) لأجل التصديق. والثانية: أن _________ (1) بغير: ساقطة من (ع) . (2) م فقط: لأنه لا يفعل إلا لغرض. (3) أ، ب: أهل السنة أنهم يقولون. . . إلخ. (4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. (5) ع، ن، م: ما شاءه. (6) الرافضي في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 1/86 (م) 87 (م) . (7) إنما يتم: ساقطة من (ع) ، (م) . (8) الله تعالى. . . . . . . . النبي صلى الله عليه وسلم: كذا في (ع) ، (ك) إلا أنه في (ك) : النبي عليه السلام، وفي (ن) : أن الله فعل المعجزة على يد النبي، م، أ، ب: أن الله فعل المعجزة على يد النبي ============================== كل من صدقه (1) الله فهو صادق، وكلتا (2) المقدمتين لا تتم على قولهم، لأنه إذا استحال أن يفعل لغرض (3) استحال أن يظهر المعجز (4) لأجل التصديق، وإذا كان فاعلا للقبيح ولأنواع الإضلال والمعاصي (5) والكذب وغير ذلك جاز أن يصدق الكذاب، فلا يصح الاستدلال على صدق أحد من الأنبياء ولا المنذرين بشيء من الشرائع والأديان ". الجواب من وجوه. [أحدها: أن يقال] (6) : إنه قد (7) تقدم أن أكثر (8) القائلين بخلافة الخلفاء الثلاثة يقولون: إن الله يفعل لحكمة، بل أكثر أهل السنة المثبتين للقدر يقولون بذلك أيضا. وحينئذ فإن (9) كان هذا القول هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة، وإن كان نفيه هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة [أيضا] (10) ، فعلى _________ (1) ن، م: صدق. (2) وكلتا: كذا في (ك) 1/87 (م) ، وفي سائر النسخ: وكلا وهو خطأ. (3) ع: لا لغرض، وهو خطأ. (4) أ، ب: أن يظهر المعجزة ; م: أن يفعل المعجزة. (5) أ، ب، ع: الضلال والمعاصي ; ن، م: المعاصي والإضلال. والمثبت عن (ك) . (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (7) إنه: ساقطة من (ع) ، قد: ساقطة من (أ) ، (ب) . (8) أكثر: ساقطة من (ع) . (9) ن، م: أحدها فإنه، وهو خطأ. (10) أ، ب: كان من أقوال أهل السنة أيضا، وسقطت أيضا من (ن) ، (م) ============================ التقديرين [لا] (1) يخرج الحق عن قولهم، بل قد يوجد في كل مذهب من المذاهب الأربعة النزاع بين أصحابه في هذا الأصل، مع اتفاقهم على إثبات خلافة الخلفاء [الثلاثة] (2) ، وعلى إثبات القدر وأن الله خالق أفعال العباد، ونزاع أصحاب (3) أحمد في هذا الأصل معروف، وغير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم كابن عقيل والقاضي أبي خازم (4) وغيرهما يثبتون المعجزات بأن الرب حكيم لا يجوز في حكمته (5) إظهار المعجزات على يد الكذاب، وكذلك قال أبو الخطاب (6) وغيره وكذلك أصحاب مالك والشافعي، ولعل أكثر أصحاب أبي حنيفة يقولون بإثبات الحكمة في أفعاله أيضا. الوجه الثاني: أن يقال: لا نسلم (7) أن تصديق الرسول (8) لا يمكن إلا بطريق الاستدلال بالمعجزات، بل الطرق الدالة (9) على صدقه طرق (10) متعددة غير طريق المعجزات. كما [قد] (11) بسط في غير هذا الموضع. ومن _________ (1) لا: ساقطة من (ن) . (2) الثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) . (3) أصحاب: ساقطة من (ع) . (4) في كل النسخ: أبي حازم. وسبقت ترجمة أبي خازم محمد بن محمد بن الحسين الفراء المتوفى سنة 527: 1/143، 2/286. (5) أ، ب، م: في حكمه ; ن: في إظهار حكمته. (6) وهو أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني المتوفى سنة 510 وسبقت ترجمته 1/144. (7) م فقط: لا يعلم. (8) ن، م: النبي. (9) ب: بل طريق الدلالة، أ: بل الطريق الدلالة. (10) طرق: ساقطة من (أ) ، (ب) . (11) قد ساقطة من (ن) ، (م) ============================== قال: إنه لا طريق إلا ذلك كان عليه الدليل، (1) فإن النافي عليه الدليل كما على المثبت الدليل، (2) وهو لم يذكر دليلا على النفي. الوجه الثالث: أن يقال: لا نسلم أن دلالة المعجزة على الصدق موقوفة على أنه لا يجوز أن يفعل ما ذكر، بل دلالة المعجزة (3) على الصدق دلالة ضرورية لا تحتاج إلى نظر، فإن اقتران المعجزة (4) بدعوى النبوة يوجب علما ضروريا بأن الله أظهرها لصدقه، كما أن من قال لملك من الملوك: إن كنت أرسلتني إلى هؤلاء فانقض عادتك وقم واقعد ثلاث مرات، ففعل ذلك الملك علم بالضرورة أنه فعل ذلك لأجل تصديقه. الوجه الرابع: قول من يقول (5) لو لم تدل المعجزة (6) على الصدق للزم عجز البارئ عن تصديق رسوله، والعجز ممتنع عليه لأنه لا طريق إلى التصديق إلا بالمعجزة. وهذه طريقة كثير من أصحاب الأشعري ومن وافقهم، وهي طريقة القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما، والأولى طريقة كثير منهم أيضا، وهي طريقة أبي المعالي ومن اتبعه وكلاهما طريقة للأشعري (7) وعلى هذا فإظهار المعجزة (8) على يد الكذاب المدعي للنبوة: هل هو ممكن مقدور أم لا؟ على القولين. الوجه الخامس: أن يقال: قوله: إنها موقوفة على أن كل من صدقه _________ (1) ساقط من (أ) ، (ب) . (2) ساقط من (أ) ، (ب) . (3) ع: المعجز. (4) ع، م: المعجز. (5) ن: أن قول من يقول ; م: أن قوله من يقول. (6) ن، م: لو لم يدل المعجز. (7) ع، ن، م: طريقة الأشعري. (8) م فقط: المعجز ============================ الله (1) فهو صادق، إنما يصح أن لو كان المعجز (2) بمنزلة التصديق بالقول، وهذا فيه نزاع. فمن الناس من يقول: بل هي بمنزلة إنشاء الرسالة، والإنشاء لا يحتمل (3) التصديق والتكذيب، فقول القائل لغيره: أرسلتك أو وكلتك أو نحو (4) ذلك إنشاء، وإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء الرسالة (5) لم يكن ذلك موقوفا على أنه لا يفعل إلا لغرض، ولا على أنه لا يفعل القبائح، فإن الإنشاء كالأمر والنهي (6) ونحو ذلك. الوجه السادس: أن يقال: قوله: لأنه إذا استحال أن يفعل لغرض استحال أن يظهر المعجز (7) لأجل التصديق، يجيب عنه من يقول: إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء بأنه (8) قد يفعل المتلازمين كما يفعل سائر الأدلة المستلزمة لمدلولاتها، فيفعل (9) المخلوقات الدالة على وجوده وقدرته وعلمه ومشيئته (10) ، وهو قد أراد خلقها وأراد أن تكون مستلزمة لمدلولها دالة عليه لمن نظر فيها، كذلك خلق المعجزة هنا فأراد خلقها (11) وأراد أن تكون _________ (1) لفظ الجلالة ساقط من (ع) . (2) ب: إنما يصح لو كانت المعجزة ; أ، م: إنما يصح لو كان المعجز. (3) أ، ب: والإنسان لا يجهل، وهو تصحيف. (4) ع، ن، م: ونحو. (5) أ، ب: وإذا كانت دلالة المعجزة على الإنشاء للرسالة ; ن: فإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء إرساله ; م: فإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء رسالة. (6) ب: كالإنشاء بالأمر والنهي ; أ: فإن الإنسان كالأمر والنهي. (7) أ، ب: استحال أن يظهر المعجزة ; م: استحال أن يفعل المعجز. (8) ن: يجيب عنه من يقول إنه لا يفعل شيئا لأجل آخر، فإنه م: يجب عند من يقول إنه لا يفعل شيئا لأجل آخر بأنه. (9) أ، ب: لمدلولها ففعل. (10) ع: ومشيئته وعلمه. (11) أ، ب: كذلك هنا خلق المعجزة وأراد خلقها ; م: كذلك هنا خلق المعجزة قد أراد خلقها، ن: كذا هاهنا خلق المعجزة وأراد خلقها ============================= مستلزمة لمدلولها الذي هو صدق الرسول، دالة على ذلك لمن نظر فيها (1) ، وإذا أراد خلقها وأراد هذا التلازم حصل المقصود من دلالتها على الصدق، وإن لم يجعل أحد المرادين (2) لأجل الآخر، إذ المقصود يحصل بإرادتهما (3) جميعا. فإن قيل: المعجز لا يدل بنفسه وإنما يدل للعلم (4) بأن فاعله أراد به التصديق. قيل: هذا موضع النزاع. ونحن ليس مقصودنا نصر قول من يقول إنه يفعل لا لحكمة، بل هذا القول مرجوح (5) عندنا، وإنما المقصود (6) أن نبين حجة القائلين بالقول الآخر، وأرباب هذا القول خير من المعتزلة والشيعة. وأما قوله: " إذا كان فاعلا للقبيح جاز أن يصدق الكذاب "، هذه حجة ثانية (7) ، وجواب ذلك أن يقال: ليس في المسلمين من يقول إن الله يفعل ما هو قبيح منه، ومن قال إنه خالق أفعال العباد، يقول: إن ذلك الفعل قبيح (8) منهم لا منه كما أنه ضار لهم (9) لا له. ثم منهم من يقول: إنه فاعل ذلك الفعل، والأكثرون يقولون: _________ (1) فيها: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) ن: وإن لم يحصل أحد المرادين ; م: وإن لم يحصل أحد الأمرين. (3) م: إذا المقصود ويحصل بإزائهما. (4) أ، ب: العلم. (5) ع: بل هذا مرجوح ; ن: بل هذا القول مرجوع ; م: بل هذا القول بمرجوح. (6) أ، ب: والمقصود. (7) ب: هذه الحجة ثانية ; أ: هذه الحجة ثابتة ; ن: وهذه حجة ثابتة ; م: وهذه حجة ثانية. (8) أ، ب: القبيح. (9) أ، ب، ن، م: كما أنه صار لهم ================================== [إن] (1) ذلك الفعل مفعول له وهو فعل للعبد (2) ، وأما نفس خرق العادة فليست فعلا للعباد (3) حتى يقال: إنها قبيحة منهم، فلو قدر (4) فعل ذلك لكان (5) قبيحا منه لا من العبد، والرب منزه عن فعل القبيح. فمن قال: إذا خلق الله ما هو ضار للعباد جاز أن يفعل ما هو ضار (6) كان قوله باطلا. كذلك إذا جاز أن يخلق فعل العبد [الذي] (7) هو قبيح من العبد وليس (8) خلقه قبيحا منه، لم يستلزم أن يخلق ما هو قبيح منه لا فعل للعبد فيه. وتصديق الكذاب إنما يكون بإخبار (9) أنه صادق، سواء كان ذلك بقول أو فعل (10) يجري مجرى القول، وذلك ممتنع منه لأنه صفة نقص، والله سبحانه منزه عن النقائص بالعقل (11) وباتفاق العقلاء. ومن قال: إنه لا يتصور منه فعل قبيح، بل كل ما يمكن فعله فهو حسن إذا فعله، يقول: إن ما يستلزم سلب صفات الكمال وإثبات النقص له، فهو ممتنع عليه: كالعجز والجهل ونحو ذلك، والكذب صفة نقص _________ (1) إن: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ن، م: وهو فعل العبد. (3) ع، أ،: للعبد، م: لعباده. (4) قدر: ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) أ، ب: كان. (6) ن: ما هو ضارا، م: ما هو ضار لهم. (7) الذي ساقطة من (ن) ، (م) . (8) أ، ب، ليس. (9) ن، م: بإخباره. (10) ن، م: سواء كان ذلك القول بقول أو عمل. (11) أ، ب: بالنقل ; م: بالفعل ============================== بالضرورة، والصدق صفة كمال، وتصديق (1) الكذاب (2) نوع من الكذب، [كما أن تكذيب الصادق نوع من الكذب] (3) ، وإذا كان الكذب صفة نقص امتنع من الله ما هو نقص. وهذا المقام (4) له بسط مذكور في غير هذا الموضع (5) ، [ونحن لا نقصد تصويب قول كل (6) من انتسب إلى السنة بل نبين الحق، والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ، ولم تنفرد الشيعة عنهم قط (7) بصواب، بل كل ما خالفت فيه الشيعة جميع أهل السنة فالشيعة فيه مخطئون، كما أن ما خالفت فيه اليهود والنصارى لجميع المسلمين فهم فيه ضالون، وإن كان كثير من المسلمين قد يخطئ. ومن وافق (8) جهم بن صفوان من المثبتين للقدر على أن الله لا يفعل شيئا لحكمة ولا لسبب، وأنه لا فرق بالنسبة إلى الله بين المأمور والمحظور، ولا يحب بعض الأفعال ويبغض بعضها، فقوله فاسد (9) مخالف للكتاب والسنة واتفاق السلف. وهؤلاء قد يعجزون عن بيان امتناع كثير من النقائص عليه، لا سيما إذا قال من قال منهم: إن تنزيهه عن النقص لا يعلم (10) بالعقل بل بالسمع. _________ (1) أ: والتصديق. (2) ن، م، ب: الكاذب ; أ: للكاذب. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) المقام: ساقط من (ع) . (5) الكلام بعد كلمة الموضع ساقط من (ن) ، (م) وسأشير إلى نهايته في موضعه بإذن الله. (6) كل: ساقطة من (ع) . (7) قط: ساقطة من (ع) . (8) أ: ومن وافقهم ; ب: وممن وافقهم. (9) فاسد: ساقطة من (ع) . (10) أ، ب: لم يعلم =====================
__________________
|
#184
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (184) صـ 99 إلى صـ 106 فإذا قيل لهم: لم قلتم إن الكذب ممتنع عليه؟ . قالوا: لأنه نقص، والنقص عليه محال. فيقال لهم: إن تنزيهه عندكم عن النقص (1) لم يعلم إلا بالإجماع، ومعلوم أن الإجماع منعقد على تنزيهه عن الكذب، فإن صح الاحتجاج على هذا بالإجماع فلا حاجة إلى هذا التطويل. وأيضا فالكلام إنما هو في العبارة الدالة على المعنى، وهذا كما قاله بعضهم: إن الله لا يجوز (2) أن يتكلم بكلام ولا يعني به شيئا. وقال: خلافا للحشوية. ومعلوم أن هذا القول لم يقله أحد من المسلمين، وإنما النزاع: هل (3) يجوز أن ينزل كلاما لا يعلم العباد معناه، لا أنه هو في نفسه لا يعني به شيئا. ثم بتقدير أن يكون في هذا نزاع، فإنه احتج على ذلك بأن هذا عبث، والعبث (4) على الله تعالى ممتنع، وهذا المحتج يجوز على الله فعل كل شيء، لا ينزهه عن فعل، فهذا (5) وأمثاله من تناقض الموافقين لقول الجهمية الجبرية في القدر كثير، لكن ليس هذا قول أئمة السنة ولا جمهورهم] (6) ، [والله أعلم] (7) . _________ (1) أ، ب: عندكم أن تنزيهه عن النقص. (2) أ، ب: كما قاله بعضهم إنه لا يجوز. . . . . . (3) أ، ب: وإنما النزاع في هل. (4) أ، ب: بأن هذا عيب، والعيب. . . إلخ، وهو تصحيف. (5) أ، ب: عن فعل هذا. (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وأشرت إلى بداية السقط في موضعه من قبل. (7) والله أعلم: زيادة في (ع) فقط ============================== [فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لا يصح أن يوصف الله أنه غفور حليم عفو] (فصل) قال [الرافضي] (1) : " ومنها أنه لا يصح أن يوصف الله أنه (2) . (3) (4) ; لأن الوصف بهذه (5) إنما يثبت لو كان الله مستحقا للعقاب في حق الفساق، بحيث إذا أسقطه (6) عنهم كان غفورا عفوا رحيما (7) . وإنما يستحق العقاب لو كان العصيان من العبد لا من الله تعالى " (8) . فيقال: الجواب من وجوه:. أحدها: أن كثيرا من أهل السنة يقولون (9) : لا نسلم أن الوصف بهذه (10) إنما يثبت لو كان مستحقا، بل الوصف بهذه (11) يثبت إذا كان قادرا على العقاب مع قطع النظر عن الاستحقاق، فإن تخصيص الاستحقاق بهذه الأمور يقتضي أنه يستحق شيئا دون شيء، وهذا ممنوع عند هؤلاء، بل له أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فإذا (12) كان قادرا على أن يعذب العصاة وهو يفعل ما يشاء، صح منه مغفرته وحلمه وعفوه (13) . _________ (1) الرافضي: زيادة في (ع) فقط. (2) ع: أن يوصف الرب أنه ; ك: أن يوصف الله تعالى بأنه (3) غفور حليم عفو (4) ك: بأنه غفور حليم عفو رحيم. (5) ك: بهذه الصفات. (6) ع: إذا سقط، ب: إذا أسقط. (7) ن، م: حليما. (8) تعالى: ليست في (أ) ، (ب) (ع) . (9) ع، ن: يقول. (10) أ، ب: بهذا. (11) أ، ب: بهذا. (12) ع، ن، م: وإذا. (13) ع: مغفرته وعفوه وحلمه ; م: مغفرته وحكمته ورحمته وعقوبته ; ن: مغفرته وحكمته وعفوه ======================== الثاني: [أن يقال] (1) : إن قول القائل: " يستحق العقاب " يعني به أن عقابه للعصاة عدل منه، أو يعني به (2) أنه محتاج إلى ذلك. أما الأول فهو متفق عليه، فإن عقوبته للعصاة عدل منه باتفاق المسلمين. وإذا كان كذلك كان عفوه ومغفرته إحسانا منه وفضلا. وهذا يقول به من يقول: إنه خالق أفعالهم والقائلون بأنها أفعال لهم مخلوقة له (3) ، والقائلون بأنها أفعال له كسب لهم متفقون (4) ، على أن العقاب عدل منه، [وإن عني به كونه محتاجا إليه فهذا باطل باتفاق المسلمين] (5) . الثالث: أن يقال: المغفرة والرحمة والعفو إما أن يوصف بها وإن كان العقاب قبيحا على قول القائلين بذلك، وإما أن لا يوصف بها إلا إذا كان العقاب سائغا غير قبيح (6) . فإن كان الأول لزم أن لا يكون غفارا لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، لأن عقاب هؤلاء قبيح، والمغفرة لهم واجبة عند أهل هذا القول، ويلزم أن لا يكون رحيما بمن (7) . يستحق الرحمة من الأنبياء والمؤمنين، ويلزم أن لا يكون غفورا رحيما لمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء. ولما كان قد ثبت بالقرآن (8) أنه غفار للتائبين (9) رحيم بالمؤمنين، _________ (1) أن يقال: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) . (2) به: ساقطة من (ب) . (3) أ: والقائلون بأنها أفعال الله مخلوقة ; ب: فالقائلون بأنها أفعال لله مخلوقة. (4) ن، م: فهم متفقون. (5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. (6) ن: سائغا عنده قبيح ; م: شائعا عنده (وسقطت كلمة: قبيح) . (7) أ، ب: لمن (8) ب: ولما كان القرآن قد أثبت، أ: ولما كان القرآن قد ثبت. (9) ن، م: للتوابين ================================== علم أنه موصوف بالمغفرة والرحمة، (1) وإن كان العقاب منه ممتنعا بتقدير (2) أن يكون مستحقا للعقاب، فلا يمتنع أن يوصف بالمغفرة والرحمة (3) كما في مغفرته ورحمته لمن لا يحسن عقابه عندهم. الرابع: أن العصيان من العبد بمعنى أنه فاعله عند الجمهور، وبمعنى أنه كاسبه لا فاعله عند بعضهم، وبهذا القدر (4) يستحق الإنسان (5) أن يعاقب الظالم (6) أولى بذلك، وأما كونه خالقا لذلك فذاك أمر يعود إليه، وله في ذلك حكمة عند الجمهور القائلين بالحكمة، وذلك لم (7) يصدر إلا لمحض المشيئة عند من لا يعلل بالحكمة، [والله أعلم] والله أعلم: (8) . [فصل كلام الرافضي عن تكليف ما لا يطاق عند أهل السنة والرد عليه من وجوه] (فصل) قال [الرافضي] (9) : " ومنها أنه يلزم (10) تكليف ما لا يطاق لأنه تكليف للكافر (11) بالإيمان ولا قدرة له عليه، وهو قبيح عقلا، _________ (1) ساقط من (ع) ، (م) . (2) ن: فبتقدير. (3) ساقط من (ع) ، (م) . (4) ن، م: وبهذا القول. (5) ن، م: الآدمي. (6) أ، ب: عقاب الظالم ; ن، م: لعقاب الظالم.، فاستحقاق الله أن يعاقب الظالم أ، ب: عقاب الظالم ; ن، م: لعقاب الظالم. (7) أ، ب: وذاك لا. (8) زيادة في (ع) فقط. (9) الرافضي: في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 87 (م) . (10) ك: يلزم منه. (11) ب: لأنه كلف الكافر ; لأنه تكليف الكافر ; ك: لأنه يكلف الكافر ================================ والسمع قد منع منه. وقال الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [سورة البقرة: 286] ". والجواب عنه (1) من وجوه: أحدها: أن المثبتين للقدر لهم في قدرة العبد قولان: أحدهما أن قدرته لا تكون إلا مع الفعل، وعلى هذا فالكافر الذي سبق في علم الله أنه لا يؤمن لا يقدر على الإيمان أبدا، وما ذكره (2) وارد على هؤلاء. والثاني: أن القدرة نوعان: فالقدرة المشروطة في التكليف تكون قبل الفعل وبدون الفعل، وقد تبقى (3) إلى حين الفعل. والقدرة المستلزمة للفعل لا بد أن تكون موجودة عند وجوده. وأصل قولهم إن الله خص المؤمنين بنعمة يهتدون بها (4) لم يعطها الكافر، وأن العبد لا بد أن يكون قادرا حين الفعل، خلافا لمن زعم أنه لا يكون قادرا إلا قبل الفعل، وأن النعمة على الكافر والمؤمن سواء، وإذا كان لا بد من قدرته (5) . حال الفعل فإذا كان قادرا قبل الفعل وبقيت القدرة إلى حين الفعل لم ينقض (6) هذا أصلهم، لكن مجرد القدرة الصالحة للضدين (7) يشترك فيها المؤمن والكافر، فلا بد للمؤمن مما (8) يخصه الله به من الأسباب التي بها يكون _________ (1) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) ، (م) : الجواب عنه. (2) ع: وما ذكروه. (3) ع: وتبقى. (4) ن، م: يهتدى بها. (5) أ، ب، م: قدرة (6) أ، م، ن: لم ينقص ; ع: لم ينتقص (7) م فقط: للعبدين. (8) أ، ب: ما ========================== مؤمنا، وهذا يدخل فيه إرادته للإيمان (1) ، وهذه الإرادة يدخلونها في جملة القدرة المقارنة للفعل، وهو نزاع لفظي، وقد بين هذا في غير هذا (2) الموضع كما تقدم. وحينئذ فعلى قول الجمهور من أهل السنة الذين يقولون: إن الكافر يقدر على الإيمان يبطل هذا الإيراد، وعلى قول الآخرين (3) فإنهم يلتزمونه، وأي القولين كان هو الصواب فهو غير خارج عن أقوال أهل السنة (4) ولله الحمد. الوجه الثاني (5) : أن يقال: تكليف ما لا يطاق ينقسم إلى قسمين أحدهما: (6) ما لا يطاق للعجز عنه، كتكليف الزمن المشي وتكليف الإنسان الطيران ونحو ذلك (7) فهذا غير واقع في الشريعة عند [جماهير] (8) أهل السنة المثبتين للقدر: وليس فيما ذكره ما يقتضي لزوم (9) وقوع هذا. والثاني: ما لا يطاق للاشتغال بضده، كاشتغال الكافر بالكفر (10) ، فإنه هو الذي صده عن الإيمان، وكالقاعد في حال قعوده، فإن اشتغاله بالقعود (11) _________ (1) ن، م: وهذا يدخل في إرادته للإيمان، أ، ب: وهذا يدخل فيه إرادة الإيمان. (2) أ، ب: وقد سبق هذا. (3) ن (فقط) : الأكثرين. (4) ن، م: فأي القولين كان هو الصواب، وهو خارج عن أقوال أهل السنة، وهو خطأ. (5) ن، م: الثالث وهو خطأ. (6) أ، ب: ما لا يطاق على وجهين الأول ; ن: ما لا يطاق في تقسيم قسمين أحدهما. (7) ونحو ذلك: ساقطة من (ع) . (8) جماهير: ساقطة من (ن) ، (م) . (9) ع: وليس فيما مضى يقتضي لزوم ; م: وليس فيما ذكره لزوم ما يقتضي. (10) ن، م: بكفره. (11) ن، م: بقعوده ================================= يمنعه أن يكون قائما. والإرادة الجازمة لأحد الضدين تنافي إرادة الضد (1) الآخر، وتكليف الكافر الإيمان من هذا الباب. ومثل هذا ليس بقبيح عقلا [عند أحد من العقلاء] (2) ، بل العقلاء متفقون على أمر الإنسان ونهيه بما (3) لا يقدر عليه حال الأمر والنهي لاشتغاله بضده، إذا أمكن أن يترك ذلك الضد (4) ويفعل الضد المأمور به. وإنما النزاع هل يسمى هذا تكليف ما لا يطاق لكونه تكليفا بما (5) انتفت فيه القدرة المقارنة للفعل، فمن المثبتين للقدر من يدخل هذا في تكليف ما لا يطاق، كما يقوله القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلى وغيرهما، ويقولون: ما لا يطاق على وجهين: منه ما لا يطاق للعجز عنه، وما لا يطاق (6) للاشتغال بضده. ومنهم من يقول: هذا لا يدخل فيما لا يطاق، وهذا هو الأشبه بما في الكتاب والسنة وكلام السلف، فإنه لا يقال للمستطيع المأمور بالحج إذا لم يحج إنه كلف بما لا يطيق (7) ، ولا يقال لمن أمر بالطهارة والصلاة فترك ذلك كسلا أنه كلف (8) ما لا يطيق. وقوله تعالى: {وكانوا لا يستطيعون سمعا} [سورة الكهف: 101] لم يرد _________ (1) ن: ضده. (2) ن، م: ومثل هذا لا تسلم أنه قبيح عقلا، وسقطت عبارة " عند أحد من العقلاء ". (3) ن: مما. (4) ع: إذا أمكن أن يترك الضد ; ن، م: فإذا أمكن أن يترك ذلك الضد. (5) ع، ن، م، أ: لما. (6) ع: ومنه ما لا يطاق. (7) أ، ب: كلف ما لا يطيق ; ن، م: بما لا يطيق. (8) ن، م: يكلف ============================== به هذا، فإن جميع الناس قبل الفعل ليس معهم القدرة الموجبة للفعل، فلا يختص بذلك العصاة، بل المراد أنهم يكرهون سماع الحق كراهة شديدة لا تستطيع أنفسهم [معها] سماعه (1) . لبغضهم لذلك (2) لا لعجزهم عنه، كما أن الحاسد لا يستطيع الإحسان إلى المحسود لبغضه لا لعجزه عنه (3) . وعدم هذه الاستطاعة لا يمنع (4) الأمر والنهي فإن الله يأمر الإنسان بما يكرهه، وينهاه عما يحبه. كما قال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} [سورة البقرة: 216] ، وقال: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى} [سورة النازعات: 40] ، وهو قادر على فعل ذلك إذا أراده (5) ، وعلى ترك ما نهى عنه، وليس من شرط المأمور به أن يكون (6) العبد مريدا له، ولا من شرط المنهي عنه أن يكون العبد كارها له، فإن الفعل يتوقف على القدرة والإرادة (7) ، والمشروط في التكليف أن يكون العبد قادرا على الفعل لا أن يكون مريدا له، لكنه لا يوجد إلا إذا كان مريدا له، فالإرادة (8) شرط في وجوده لا في وجوبه. الوجه الثالث: (9) أن تكليف ما لا يطاق إذا فسر بأنه الفعل الذي ليس له _________ (1) أ، ب لا تستطيع أنفسهم سمعه ; ن: لا تستطيع أنفسهم لسماعها ; م: لا تستطيع أنفسهم معهم سماعا (2) ن، ع: ذلك. (3) أ، ب: لا يعجز عنه. (4) أ، ب، ن، ع: لا تمنع. والكلمة غير منقوطة في (م) . (5) أ، ب: إذا أراد. (6) ن، م: وليس من شرط المأمور أنه يكون. (7) ع: على الإرادة والقدرة. (8) أ، ب: مريدا له والإرادة ; ع: مريدا فالإرادة. (9) ن، م: الرابع، وهو خطأ ===========================
__________________
|
#185
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (185) صـ 107 إلى صـ 114 قدرة عليه تقارن مقدورها كان دعوى (1) امتناعه بهذا التفسير مورد النزاع فيحتاج نفيه إلى دليل. الوجه الرابع (2) : أن من أهل الإثبات للقدر (3) من يجوز تكليف ما لا يطاق للعجز عنه، بل من غاليتهم من يجوز تكليف الممتنع لذاته، وبعضهم يدعي أن ذلك واقع في الشريعة، كتكليف أبي لهب الإيمان مع تكليف تصديق خبر الله أنه لا يؤمن، وهذا القول وإن كان مرجوحا لكن (4) هذا القدري لم يذكر دليلا على إبطال ذلك ولا على جواب معارضته، بل اكتفى بمجرد قوله وهو قبيح عقلا. وهؤلاء يقولون: لا مجال للعقل في تحسين ولا تقبيح، فإن لم يكمل البحث في هذه اللوازم (5) لم يكن ما ذكره حجة عليهم، فضلا عن أن يكون حجة على غيرهم من أهل الإثبات للقدر، أو على المثبتين لخلافة أبي بكر وعمر [رضي الله عنهما] . رضي الله عنهما: (6) [فصل كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية عند أهل السنة والرد عليه] (فصل) قال [الرافضي] (7) : " ومنها أنه يلزم أن تكون أفعالنا (8) _________ (1) أ، ب: معنى. (2) ن، م: الخامس، وهو خطأ. (3) للقدر، ساقطة من (ع) . (4) ع: ليس، وهو تصحيف. (5) م فقط: فيما ذكر في هذه اللوازم. (6) زيادة في (أ) ، (ب) . (7) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) 87 (م) 88 (م) . (8) ن، م: أفعاله، وهو تحريف ========================= الاختيارية [الواقعة] (1) بحسب قصودنا (2) ودواعينا، مثل حركتنا يمنة ويسرة، وحركة البطش باليد والرجل (3) في الصنائع المطلوبة لنا، كالأفعال الاضطرارية مثل حركة النبض وحركة الواقع من شاهق (4) بإيقاع غيره، لكن الضرورة قاضية بالفرق بينهما، فإن كل عاقل يحكم بأنا [قادرون على الحركة الاختيارية] (5) وغير قادرين على الحركة إلى السماء [من الطيران وغير ذلك] (6) . قال أبو الهذيل العلاف: حمار بشر أعقل من بشر ; لأن حمار بشر لو أتيت به إلى جدول صغير وضربته للعبور (7) فإنه يطفره (8) ولو أتيت به إلى جدول كبير لم يطفره (9) ; لأنه يفرق (10) بين ما يقدر على طفره (11) وما لا يقدر عليه (12) وبشر لا يفرق بين المقدور عليه وغير المقدور [عليه] (13) _________ (1) الواقعة: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ك: تصورنا. (3) ن، م: بالرجل واليد. (4) أ، ب: النبض والوقوع من شاهق. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) . (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) . (7) ب (فقط) : لعبوره. (8) ع، ن: يظفره، وهو تصحيف. (9) ع، ن: يظفره، وهو تصحيف. (10) ك: لأنه فرق. (11) ع، ن: ظفره، وهو تصحيف. (12) م فقط: وما لا يقدر على ظفره. (13) عليه: زيادة في (ع) ، وفي (ك) : وغير المقدور، وعلق مستجى زاده في هامش (ع) على هذا الكلام بقوله: يفهم من هذا الكلام أن بشر المريسي لم يوافق المعتزلة في الأفعال الاختيارية للعباد بأنها بخلقهم وإيجادهم، بل بخلق الله تعالى وحده مثل قول الأشعري، إلا أنه يقول في القرآن مثل قول المعتزلة بأنه مخلوق، والشائع منه أنه ملتزم لأصول أهل السنة جميعا سوى هذا القول، ومثله ضرار الذي هو رئيس الضرارية أنه على أصول أهل الحق إلا أنه ينكر عذاب القبر مثل أكثر أهل الاعتزال، فنسب إلى الاعتزال بسبب هذا القول مثل بشر نسب إلى الاعتزال بسبب القول بخلق القرآن، مع أن رئيس أهل الاعتزال وهو أبو الهذيل يطعنه ويذمه لمخالفته مذهبه. " ================================ والجواب: أن هذا إنما يلزم من يقول إن العبد لا قدرة له على أفعاله الاختيارية، وليس هذا قول إمام معروف ولا طائفة معروفة من طوائف أهل السنة (1) ، بل ولا من طوائف المثبتين للقدر، إلا ما يحكى (2) عن الجهم بن صفوان وغلاة المثبتة أنهم سلبوا العبد قدرته، وقالوا: إن حركته كحركة الأشجار بالرياح، إن صح النقل عنهم (3) . وأشد الطوائف قربا من هؤلاء هو الأشعري ومن وافقه من الفقهاء من (4) أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهو مع هذا يثبت للعبد قدرة محدثة واختيارا، ويقول إن الفعل كسب للعبد، لكنه يقول: لا تأثير لقدرة العبد في إيجاد المقدور. فلهذا قال من قال: إن هذا الكسب الذي أثبته الأشعري غير معقول. وجمهور أهل الإثبات على أن العبد فاعل لفعله حقيقة (5) ، وله قدرة واختيار، وقدرته مؤثرة في مقدورها، كما تؤثر القوى والطبائع (6) وغير ذلك من الشروط والأسباب. _________ (1) أ، ب: من الطوائف من أهل السنة. (2) ن: ما حكي. (3) عنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) الفقهاء من: زيادة في (ن) . (5) م فقط: جميعه. (6) ب (فقط) : القوى الطبائع ============================== فما ذكره لا يلزم جمهور أهل السنة، وقد قلنا غير مرة: نحن لا ننكر أن يكون في بعض أهل السنة من يقول الخطأ، لكن لا يتفقون على خطأ، كما تتفق الإمامية على خطأ، بل كل مسألة خالفت فيها الإمامية أهل (1) السنة فالصواب فيها مع أهل السنة. وأما ما تنازع فيه أهل السنة وتنازعت فيه الإمامية، فذاك لا اختصاص له بأهل السنة ولا بالإمامية. وبالجملة فجمهور أهل السنة من السلف والخلف يقولون: إن العبد له قدرة وإرادة وفعل، وهو فاعل حقيقة، والله خالق ذلك كله كما هو خالق كل شيء، كما دل على ذلك الكتاب والسنة. قال تعالى عن إبراهيم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] ، وقال [تعالى عن إبراهيم] (2) : {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، وقال [تعالى] (3) : {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا} [سورة السجدة: 24] (4) وقال [تعالى] (5) : {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين} [سورة الأنبياء: 73] وقال: {إن الإنسان خلق هلوعا - إذا مسه الشر جزوعا - وإذا مسه الخير منوعا} [سورة المعارج: 19، 21] فأخبر أن الله يجعل المسلم مسلما، والمقيم للصلاة مقيم الصلاة، والإمام الهادي إماما هاديا. _________ (1) ع، ن: لأهل. (2) تعالى عن إبراهيم: زيادة في (أ) ، (ب) . (3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (4) سقطت آية 24 من سورة السجدة من (ن) ، (م) . (5) تعالى زيادة في (أ) ، (ب) ============================ وقال عن المسيح [صلى الله عليه وسلم] (1) : {وجعلني مباركا أين ما كنت} إلى قوله: {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا} [سورة مريم: 31، 32] ، فبين أن الله هو الذي جعله برا بوالدته ولم يجعله جبارا شقيا. وهذا صريح قول أهل السنة في أن الله [عز وجل] (2) خالق أفعال العباد. وقال تعالى عن فرعون وقومه: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص: 41] . وقد قال تعالى (3) : {لمن شاء منكم أن يستقيم - وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [سورة التكوير: 28، 29] ، وقال تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا - وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما} [سورة الإنسان: 29، 30] ، وقوله (4) : {كلا إنه تذكرة - فمن شاء ذكره} [سورة المدثر: 54، 55] فأثبت مشيئة العبد، وأخبر أنها لا تكون إلا بمشيئة الرب [تعالى] (5) . (6) . وهذا صريح قول أهل السنة في إثبات مشيئة العبد، وأنها لا تكون إلا بمشيئة الرب (7) . وقد أخبر أن العباد يفعلون ويصنعون ويعملون ويؤمنون ويكفرون _________ (1) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : عليه السلام. (2) عز وجل: زيادة في (ع) . (3) أ، ب: وقال تعالى. (4) أ، ب: وقال. (5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (6) ساقط من (أ) ، (ب) . (7) ساقط من (أ) ، (ب) ============================= ويتقون ويفسقون ويصدقون ويكذبون ونحو ذلك في مواضع كثيرة (1) ، وأخبر أن لهم استطاعة وقوة في غير موضع. وأئمة أهل السنة وجمهورهم يقولون إن الله خالق (2) هذا كله. والخلق عندهم ليس هو المخلوق، فيفرقون بين كون أفعال (3) العباد مخلوقة مفعولة للرب، وبين أن يكون (4) نفس فعله الذي هو مصدر فعل يفعل فعلا، فإنها فعل للعبد بمعنى المصدر، وليست فعلا للرب [تعالى] (5) بهذا الاعتبار، بل هي مفعولة له، والرب تعالى لا يتصف بمفعولاته. ولكن هذه الشناعات لزمت من لا يفرق بين فعل الرب ومفعوله، ويقول مع ذلك إن أفعال العباد فعل لله (6) ، كما يقول ذلك الجهم [بن صفوان] (7) وموافقوه، والأشعري وأتباعه ومن وافقهم من أتباع الأئمة (8) ولهذا ضاق بهؤلاء (9) البحث في هذا الموضع، كما قد بسط في موضعه. وكذلك أيضا لزمت من لا يثبت في المخلوقات (10) أسبابا وقوى وطبائع، ويقول (11) : إن الله يفعل عندها لا بها، فلزمه (12) أن لا يكون فرق بين القادر _________ (1) كثيرة: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) أ، ب: خلق. (3) أفعال: ساقطة من (ع) . (4) ب (فقط) : تكون. (5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (6) ب (فقط) : فعل الله. (7) بن صفوان: زيادة في (أ) ، (ب) . (8) ع: ومن وافقه من الأئمة، ن، م: ومن وافقه من أتباع الأئمة. (9) أ، ب: لهؤلاء. (10) ع (فقط) : للمخلوقات. (11) أ، ب: ويقولون. (12) أ، ب: فلزم ============================== والعاجز، وإن أثبت قدرة وقال إنها مقترنة بالكسب، قيل له (1) : لم تثبت فرقا معقولا بين ما تثبته من الكسب وتنفيه من الفعل (2) ، ولا بين القادر والعاجز، إذا كان مجرد الاقتران لا اختصاص له بالقدرة، فإن [فعل] (3) العبد يقارن حياته وعلمه (4) وإرادته وغير ذلك من صفاته، فإذا لم يكن للقدرة تأثير إلا مجرد الاقتران فلا فرق بين القدرة وغيرها. وكذلك [قول] (5) من قال: إن (6) القدرة مؤثرة في صفة الفعل لا في أصله، كما يقول القاضي أبو بكر ومن وافقه، فإنه إن أثبت تأثيرا بدون خلق الرب، لزم (7) أن يكون بعض الحوادث لم يخلقه الله [تعالى] (8) ، وإن جعل ذلك معلقا بخلق الرب، فلا فرق بين الأصل والصفة. وأما أئمة أهل (9) السنة وجمهورهم فيقولون بما دل عليه الشرع والعقل. قال الله تعالى: {سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات} [سورة الأعراف: 57] (10) ، وقال: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} [سورة البقرة: 164] ، وقال: _________ (1) له: ساقطة من (ع) . (2) ع، ن، م: بين ما أثبته من الكسب ونفيته من الفعل. (3) فعل: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ع: وعمله. (5) قول: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) . (6) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) ب (فقط) : فإنه أثبت تأثيرا بدون خلق الرب فلزم. . . إلخ. (8) ع (فقط) : لزم أن لا يكون بعض الحوادث لم يخلقه الله تعالى، وهو تحريف، وسقطت تعالى من (ن) . (9) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) . (10) في جميع النسخ جاءت الآية محرفة هكذا: فسقناه إلى بلد ميت فأنزلنا. . . إلخ ================================= {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة: 16] ، وقال: {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} [سورة البقرة: 26] ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يخبر الله تعالى أنه يحدث (1) الحوادث بالأسباب. وكذلك [دل] الكتاب والسنة على إثبات القوى والطبائع (2) التي جعلها الله في الحيوان وغيره، كما قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] ، وقال: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [سورة فصلت: 15] ، وقال: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء} [سورة الروم: 54] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لأشج عبد القيس: " إن فيك لخصلتين (3) يحبهما الله: الحلم والأناة " فقال: أخلقين تخلقت بهما (4) أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: " بل خلقين جبلت عليهما " فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله» (5) . ومثل هذا كثير ليس هذا موضع بسطه. وهؤلاء يثبتون للعبد قدرة (6) ويقولون: إن تأثيرها في مقدورها كتأثير _________ (1) ن، م: أحدث. (2) ن، م: وكذلك دل (سقطت دل من (ن)) الكتاب والسنة على مثل إثبات القوى والطبائع. (3) أ، ب: خصلتين. (4) ع: فيهما، م: بهذا. (5) سبق الكلام على هذا الحديث في هذا الجزء ص 36 وجاء فيه هناك: إن فيك لخلقين. . . إلخ. (6) م فقط: القدرة =============================
__________________
|
#186
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (186) صـ 115 إلى صـ 120 [سائر] الأسباب في مسبباتها (1) . والسبب ليس مستقلا بالمسبب (2) بل يفتقر إلى ما يعاونه، فكذلك (3) قدرة العبد ليست مستقلة بالمقدور. وأيضا فالسبب له ما يمنعه ويعوقه، وكذلك قدرة العبد (4) والله تعالى خالق السبب وما يعينه وصارف عنه ما يعارضه ويعوقه، وكذلك قدرة العبد (5) وحينئذ فما ذكره هذا الإمامي من الفرق الضروري (6) بين الأفعال الاختيارية الواقعة بحسب قصودنا (7) ودواعينا وبين الأفعال الاضطرارية، مثل حركة النبض وحركة الواقع من شاهق بإيقاع غيره حق (8) يقوله [جميع] (9) أهل السنة وجماعة أتباعهم، لم ينازع (10) في ذلك أحد من أئمة المسلمين الذين لهم في الأمة (11) لسان صدق من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، والفقهاء المشهورين كمالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (12) وأمثال هؤلاء الذين هم أهل الاجتهاد في الدين وخلفاء المرسلين (13) . _________ (1) أ، ب: كتأثير سائر الأشياء في مسبباتها، ن، م: كتأثير الأسباب في مسبباتها. (2) ن: للمسبب. (3) ن، م، ع: وكذلك. (4) ساقط من (م) فقط، وفي (ب) :. . . . . السبب وما يمنعه، (أ) : السبب وما يضعه، والصواب ما أثبته من (ن) ، (ع) . (5) ساقط من (م) فقط، وفي (ب) :. . . . . السبب وما يمنعه، (أ) : السبب وما يضعه، والصواب ما أثبته من (ن) ، (ع) . (6) ع: الصوري. (7) أ، ب: تصورنا. (8) ع (فقط) : حتى، وهو تصحيف. (9) جميع: ساقطة من (ن) . (10) ع: يقوله جميع أئمة السنة وجماهير أتباعهم لم يتنازع. . ن: يقوله أهل السنة وجماهيرهم وأتباعهم لم ينازع، م: يقوله جمع أهل السنة وجماهيرهم وأتباعهم لم ينازع. (11) ع: في الإسلام. (12) سقط من (أ) ، (ب) : " بن حنبل "، و " بن راهويه "، وتكرر في (ن) ، (م) اسم الشافعي مرتين. (13) أ، ب: الذين لهم اجتهاد في الدين وخلف للمرسلين =============================== وإذا كان في المثبتين للقدر من يلزمه بطلان (1) الفرق كان قوله باطلا، ومع هذا فقول (2) نفاة القدر أبطل منه، فهذا (3) القدري رد باطلا بما هو أبطل منه، وأهل السنة (4) لا يوافقونه لا على هذا ولا على هذا، لكن يقولون الحق ويعلمون أن قوله أبطل (5) . وذلك أن أفعال العباد حادثة كائنة بعد أن لم تكن، فحكمها حكم سائر الحوادث، وهي ممكنة من الممكنات فحكمها حكم سائر الممكنات فما من دليل يستدل به على أن بعض الحوادث والممكنات (6) مخلوقة لله إلا وهو يدل على أن أفعال العباد مخلوقة لله، فإنه قد علم أن المحدث لا بد له من محدث، وهذه المقدمة ضرورية عند جماهير العقلاء، وكذلك الممكن لا بد له من مرجح تام، فإذا كان فعل العبد (7) حادثا بعد أن لم يكن (8) فلا بد له من محدث (9) وإذا قيل (10) : المحدث هو العبد، فيكون العبد صار محدثا له بعد أن لم يكن، هو أيضا أمر حادث (11) فلا بد له من محدث، إذ لو كان العبد _________ (1) ن، م: إبطال. (2) أ، ب: قول. (3) ن، م: وهذا. (4) أ، ب: وأهل الشيعة، وهو تحريف. (5) أ، ب: باطل. (6) ن: الحوادث ممكنة ; م: الحوادث (وسقطت كلمة: الممكنات) . (7) العبد: ساقطة من (ع) . (8) ساقطة من (أ) ، (ب) . (9) ساقطة من (أ) ، (ب) . (10) أ، ب، م: فإذا قيل. (11) ع (فقط) :. . . هو العبد. فكون العبد محدثا له بعد أن لم يكن هو أيضا أمر حادث. وفي (أ) ، (ب) :. . . فهو أيضا أمر حادث =============================== لم يزل محدثا له لزم دوام ذلك الفعل الحادث، وإذا كان إحداثه (1) له حادثا فلا بد له من محدث. وإذا قيل: المحدث إرادة العبد. قيل: فإرادته أيضا حادثة، فلا بد لها من محدث. وإن قيل: حدثت (2) بإرادة من العبد (3) . قيل: تلك الإرادة (* أيضا لا بد لها من محدث، فأي محدث فرضته في العبد (4) إن كان حادثا فالقول فيه كالقول في الحادث الأول *) (5) ، وإن جعلته قديما أزليا كان هذا ممتنعا، لأن ما يقوم بالعبد لا يكون قديما أزليا. وإن قلت: هو وصف للعبد (6) وهي قدرته المخلوقة فيه مثلا، لم ينفعك (7) هذا لوجوه: أحدها: أن يقال: فإذا كانت (8) . [هذه] (9) القدرة المخلوقة فيه موجودة قبل حدوث الفعل وحين حدوثه، فلا بد (10) من سبب آخر حادث ينضم إليها (11) ، وإلا لزم ترجيح أحد المثلين على الآخر (12) بلا مرجح، وحدوث الحوادث بلا سبب حادث، وإلا فإذا كان (13) حال العبد قبل أن _________ (1) ب: إعادته، أ: إجادته، وهو تحريف. (2) ن، م: حدث. (3) ع: بإرادة العبد. (4) ع: في العبد فرضته. (5) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط. (6) أ، ب: وصف العبد. (7) ب: لم يتعقل، أ: لم ينفعل وهو تصحيف. (8) أ، ب: إذا كانت (9) هذه في (ع) فقط. (10) أ، ب: فلا بد له. (11) ن، م: يضم إليها. (12) على الآخر: ساقطة من (أ) ، (ب) . (13) ب: فإنه إذا كان، أ: قال إذا كان، وهو تحريف ============================== يفعل وحاله حين الفعل سواء لا مزية (1) لأحد الحالين على الآخر (2) ، وكان تخصيص هذه الحال بكونه فاعلا فيها دون الأخرى ترجيحا لأحد المتماثلين (3) بدون (4) مرجح. وهكذا إذا قيل: فعله يمكن أن يكون وأن لا يكون، والممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، والمرجح إذا (5) . كان من العبد فالقول فيه كالقول في الفعل، فلا بد أن يكون المرجح التام من الله تعالى، وأن يستلزم وجوده وجود الفعل، وإلا لم يكن تاما. ولأجل هذا اتفق أهل السنة المثبتون للقدر على أن الله خص المؤمنين بنعمة دون الكافرين (6) بأن هداهم للإيمان، ولو كانت نعمته على المؤمنين مثل نعمته على الكافرين لم يكن المؤمن مؤمنا. كما قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ، وقال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [سورة الحجرات: 17] ، وقال تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 212] ، وقال تعالى: _________ (1) ن: ولا مزية، م: أو لا مزية. (2) ن، م: على الأخرى. (3) ن، م: المثلين. (4) م: بلا. (5) ن، م، ع: إن (6) ن، م، ع: الكفار ================================= {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} [سورة المجادلة: 22] ، وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] . والقدرية جعلوا نعمته الدينية (1) على الصنفين سواء، وقالوا: إن العبد أعطي (2) قدرة تصلح للإيمان والكفر، ثم إنه يصدر عنه أحدهما بدون سبب حادث يصلح للترجيح، وزعموا أن القادر المختار يرجح أحد طرفي مقدوره (3) على الآخر بلا مرجح وادعوا هذا في قدرة الرب وقدرة العبد. وقد وافقهم على هذا في قدرة الرب (4) كثير من المثبتين للقدر القائلين بأن الرب لا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته، [بل ووافقهم فيها كثير من المثبتين للقدر] (5) ، وصار الرازي (6) وأمثاله ممن يحتج على القدرية (7) بتلك الحجة يتناقضون، فإذا ناظروهم في مسألة خلق الأفعال احتجوا عليهم بتلك، وقالوا: إن الممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، سواء صدر عن قادر مختار أو غيره، (8) تكلموا في مسألة حدوث العالم، وقيل لهم: الحادث لا بد له من سبب حادث حادث: (9) أجابوا بجواب (10) القدرية، فقالوا: _________ (1) الدينية: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) أ، ب: يعطى. (3) أ، ب: أحد مقدوريه. (4) ع: العبد، وهو خطأ. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (6) أ، ب: وصار الرافضي، وهو تحريف. (7) أ (فقط) : على القدرة، وهو تحريف. (8) وإذا ن: أو غيره إذا ; م: أو غيره فإذا. (9) ساقطة من (ع) . (10) أ، ب: جواب =============================== القادر المختار يرجح أحد طرفي مقدوره (1) بلا مرجح، وفرقوا بين القادر وغيره كما قالت القدرية، وقد يفرقون (2) بين فعل الرب وفعل العبد بأن الرب يرجح بمشيئته (3) القديمة التي هي من لوازم ذاته، بخلاف العبد فإن إرادته حادثة من غيره. ولكن قال أكثر الناس: هؤلاء الذين يقولون إن الإرادة القديمة الأزلية هي المرجحة من غير تجدد شيء قولهم من جنس قولهم، فإن الإرادة نسبتها إلى جميع ما يقدر وقتا للحوادث نسبة واحدة، ونسبتها إلى جميع الممكنات نسبة واحدة، فترجح أحد المتماثلين على الآخر ترجيحا بلا مرجح، وإذا قدر حال الفاعل قبل الفعل وحين الفعل سواء، ثم قدر اختصاص أحد الحالين بالفعل لزم الترجيح بلا مرجح، وهذا منتهى نظر هؤلاء الطوائف. ولهذا كان من لم يعرف كلامهم كالرازي وأمثاله مترددين (4) بين علة الدهرية وقادر القدرية ومريد الكلابية، (5) لا يجعلون الرب قادرا في الأزل على الفعل والكلام بمشيئته وقدرته (6) . ولما كانت الجهمية والقدرية بهذه الحال [لا يجعلون الرب قادرا في الأزل على الفعل والكلام بمشيئته] (7) جعلت (8) الفلاسفة الدهرية كابن سينا وأمثاله (9) هذا (10) عمدتهم في امتناع حدوث العالم _________ (1) أ، ب: أحد مقدوريه. (2) أ، ب: القدرية وفرقوا. (3) ن: مشيئته، وهو خطأ. (4) ب: ولهذا كان من لم يعرف إلا كلام الرازي وأمثاله مترددا، ولهذا كان من لم يعرف إلا كلام الرازي وأمثاله متردد. (5) ساقط من (ع) فقط. (6) ساقط من (ع) فقط. (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. (8) ع: جعلته. (9) ع: وأمثالهم. (10) أ، ب: هذه ===================================
__________________
|
#187
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (187) صـ 121 إلى صـ 128 ووجوب قدمه، ولكن لا حجة لهم في ذلك (1) على مذهبهم، فإن غاية هذا أن يستلزم دوام فاعلية الرب تعالى، لا يدل (2) على قدم الفلك ولا غيره من أعيان العالم. ولكن هؤلاء قالوا: هذا يستلزم التسلسل، [والتسلسل محال] (3) . ومرادهم التسلسل في تمام التأثير كما تقدم، وأما التسلسل في الآثار فهو قولهم. وقد ذكرنا أن التسلسل الممتنع (4) هنا هو من جنس الدور الممتنع (5) ، فإنه إذا قيل: لا يفعل (6) هذا الحادث حتى يحدث ما به به: (7) يصير فاعلا له ويكون ذلك حادثا مع حدوثه، وكذلك الثاني، صار هذا تسلسلا في تمام التأثير (8) وإذا قيل: لا يحدث شيئا حتى يحدث شيئا كان هذا دورا ممتنعا، فهو تسلسل إذا أطلق الكلام في الحوادث، ودور (9) إذا عين الحادث. وهي (10) حجة إلزامية لأولئك المتكلمين من الجهمية والقدرية، ومن تبعهم من الأشعرية والمعتزلة والكرامية، ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم، _________ (1) ب (فقط) : على ذلك. (2) ب (فقط) : ولا يدل. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسقطت كلمة " محال " من (م) . (4) ب (فقط) : ممتنع. (5) ساقط من (أ) ، (ب) . (6) ع: لا تفعل. (7) ساقطة من (أ) ، (ب) . (8) ع (فقط) : في دوام التأثير. (9) ع: إذا أطلق الجواب ودور. (10) ع: وهو =============================== [ودوامها عند من جعله لم يكن يمكنه أن يتكلم ولا يفعل بمشيئته وقدرته ثم صار ذلك ممكنا له] (1) يستلزم (2) الترجيح بلا مرجح، أو التسلسل [المتفق على امتناعه والدور الممتنع] (3) ، وكل ذلك ممتنع (4) والتسلسل المتفق على امتناعه هو التسلسل في المؤثرات [وفي تمام التأثير] (5) ، فأما التسلسل في الآثار فهو مورد النزاع. وأولئك يبطلون القسمين بناء على أن ما لا يتناهى يمتنع فيه التفاوت. وجماهير الفلاسفة مع أئمة أهل الملل (6) فإنهم لا ينكرون القسم الثاني. وحينئذ فيقال لهؤلاء المتفلسفة: (7) إن كان التسلسل [في الآثار] (8) ممتنعا بطل قولكم، وإذا بطل القول بطلت حجته بالضرورة ; لأن القول الباطل لا تقوم عليه حجة صحيحة. وإن كان ممكنا بطلت حجتكم [لإمكان أن تكون كلماته لا نهاية لها، وأنه لم يزل متكلما بمشيئته أو فعالا بمشيئته، فعلا بعد فعل من غير قدم شيء بعينه من الأفعال والمفعولات] (9) ، فالحجة باطلة على التقديرين، فإنه إذا كان تسلسل (10) الآثار ممكنا أمكن حدوث الأفلاك بأسباب قبلها حادثة. _________ (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) ، (ب) : من جعل أنه لم يكن يمكنه من أن يتكلم. . إلخ، وفي (ن) ، (م) بدل السقط: وإلا إذا قيل لكم قولكم. . . إلخ. (2) ن، م: مستلزم. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، م. وفي (ع) : أو التسلسل المتفقون. . . إلخ. (4) ن، م: وكلاهما ممتنع. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (6) ن، م: أهل الكلام. (7) ن، م: الفلاسفة. (8) في الآثار: في (ع) فقط. (9) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. (10) ن، م: وأيضا فإذا كان تسلسل. . . إلخ ================================ والرسل صلوات الله عليهم أجمعين أخبرت بأن (1) الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك، وهذا مما علم (2) بالاضطرار والنقل المتواتر من دين الرسل (3) ، وأدلتكم ليس فيها ما يوجب قدم السماوات فقولكم بقدمها ليس فيه (4) حجة عقلية، فهو تكذيب للرسل بلا سبب. وأيضا فالعقل الصريح يبطل قولكم، فإن الأفلاك وغيرها من العالم مستلزم (5) للحوادث، فلو كان قديما للزم أن يكون صادرا عن موجب له قديم، فحينئذ يكون الموجب مستلزما (6) لموجبه ومقتضاه لا يتأخر عنه، إذ لو جاز تأخر موجبه عنه [لم تكن (7) علة تامة لاستلزام العلة التامة معلولها وإذا لم تكن (8) علة تامة امتنع أن يقارنه موجبه لامتناع قدم المعلول بدون علة تامة. وأيضا فلو جاز تأخر موجبه] (9) مع جواز مقارنته له في الأزل لافتقر تخصيصه (10) بأحدهما إلى مرجح غير الموجب بذاته (11) ، وليس هناك مرجح غيره فامتنع _________ (1) ن، م: والرسل خبرت بأن، وفي (ب) : أخبرت أن. (2) ع: مما يعلم. (3) أ، ب: من دين الإسلام. (4) ن، م، ع: ليس له. (5) أ، ب، م: مستلزمة. (6) ن: قديم فكون الموجب مستلزما، م: فيكون الرب مستلزما. (7) أ، ب: لم يكن. (8) أ، ب: لم يكن. (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (10) بعد كلمة تخصيصه جاء سطران في نسختي (أ) ، (ب) كلماتهما هي نفس كلمات الجمل الساقطة من النسخ كلها والموجودة في نسخة (ع) والمشار إليها في تعليق سابق مع بعض الاختلاف اليسير، وقد جاءت هذه العبارات في غير مكانها الصحيح. (11) أ، ب: غير الواجب بذاته =============================== وجود الأفلاك وغيرها، وهذا باطل فإنها موجودة مشهودة عيانا، وهم يسلمون هذا، ويقولون بأنها معلول علة قديمة، وهو موجب بالذات لا يتأخر عنه موجبه. وإذا كان هذا معلوما بالعقل الصريح وهم يوافقون عليه، بل هو أصل قولهم، قيل لهم: فما يستلزم الحوادث يمتنع أن يصدر عن موجب بالذات ; لأن الحوادث تحدث شيئا بعد شيء (1) ، وما يحدث شيئا فشيئا لا تكون أجزاؤه قديمة أزلية، فلا تكون صادرة عن موجب بالذات، [فامتنع أن تكون الحوادث صادرة عن موجب بالذات] (2) ، وامتنع صدور شيء من العالم بدون الحوادث اللازمة له ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع. فتبين أنه يمتنع أن يكون الفلك قديما أزليا، ولا يمكن أن يقال: كان خاليا عن الحوادث في الأزل ثم حدثت فيه ; لأنه يقال حينئذ: فلا بد (3) لتلك الحوادث من سبب، فالقول فيها كالقول في غيرها، فإن جاز أن يحدث بدون سبب حادث، أمكن ذلك في الفلك، وبطلت حجتهم، ولزم من ذلك ترجيح أحد المتماثلين بلا مرجح، وإن كان لا بد لها من سبب لزم التسلسل ودوام الحوادث، وأن الفلك وكل ما سوى الله لم يزل مقارنا للحوادث (4) ، وكل ممكن قارن الحوادث امتنع أن يكون صادرا عن موجب بالذات، فامتنع أن يكون قديما. _________ (1) ع: لأن الحوادث لا تحدث إلا شيئا بعد شيء. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) . (3) ن، ع: لأنه يقال: فحينئذ لا بد. (4) ن، م، ع: للحادث ================================ والناس قد تنازعوا فيما يستلزم الحوادث، وهو ما لا يخلو عن الحوادث (1) وما لا بد أن تقارنه الحوادث، هل يجب أن يكون حادثا أو لا يجب حدوثه بل يجوز قدمه، سواء كان هو الواجب الغني عما سواه، أو كان ممكنا، أو يفرق بين الواجب بنفسه الغني عما سواه وبين الممكن الفقير (2) إلى غيره؟ على ثلاثة أقوال: فالأول: قول من يقول من طوائف النظار وأهل الكلام بامتناع دوام فاعلية الرب (3) وامتناع فعل الرب وتكلمه بمشيئته وقدرته (4) في الأزل وأن (5) ذلك غير ممكن، وهؤلاء متنازعون في إمكان (6) دوام فاعليته في المستقبل على قولين. و [القول] الثاني (7) : قول الفلاسفة الذين يقولون بقدم ما سوى الله: إما الأفلاك وإما العقول وإما غير ذلك، ويجعلون الرب [سبحانه] (8) موجبا بذاته، لا يمكنه إحداث شيء ولا تغيير شيء من العالم، بل حقيقة قولهم: إن الحوادث لم تصدر عنه، بل [صدرت] وحدثت (9) بلا محدث. و [القول] الثالث: (10) قول أئمة أهل الملل الذين يقولون: إن الله خالق _________ (1) ن: وهؤلاء خلوا عن الحوادث، م: وهو لا يخلو عن الحوادث. (2) ن: المتمكن المفتقر، م: الممكن المفتقر. (3) م: دوام عليه الرب، أ، ب: دوامها عليه. (4) ع (فقط) : بقدرته ومشيئته. (5) ن، م: فإن. (6) م: في إنكار. (7) ن، م: والثاني. (8) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) . (9) ن، م: بل حدثت. (10) ن، م: والثالث ============================= كل شيء، وكل ما سوى الله كائن بعد أن لم يكن، مع دوام قادرية الله، وأنه لم يزل متكلما إذا شاء، بل لم يزل فاعلا أفعالا تقوم بنفسه (1) . وأقوال أئمة الفلاسفة (2) وأساطينهم الذين كانوا قبل أرسطو توافق (3) قول هؤلاء، بخلاف أرسطو (4) وأتباعه الذين قالوا بقدم الأفلاك (5) ، فإن قول هؤلاء معلوم الفساد بصحيح المنقول وصريح المعقول (6) . وأيضا فإن كون المفعول المعين لازما للفعل قديما بقدمه دائما بدوامه (7) ممتنع لذاته، وإن قدر أن الفاعل غير مختار فكيف إذا ثبت أنه يفعل بمشيئته وقدرته؟ . _________ (1) ع: أفعالا لا تقوم بنفسه، م: فعالا بعد تقوم بنفسه. (2) أ، ب: وأقوال أئمة أهل الفلاسفة، ن، م: وأقوال الأئمة الفلاسفة. (3) ب، ع: يوافقون، ن: يوافق، أ: يوافقوا. (4) ع: قبل أرسطو. (5) ن، م، ع: الفلك. (6) ن: وبصريح المعقول، وكتب مستجى زاده في هامش (ع) أمام هذا الموضع ما يلي: ((وقد نقل محمد الشهرستاني في كتابه في الكلام المسمى " بنهاية الإقدام " عن الحكماء الأقدمين قبل أرسطو أن العالم حادث أحدثه الله بعد أن لم يكن مثل أهل الملل والشرائع. وهؤلاء مثل سقراط وتاليث الملطي وأفلاطون وأندقيس وغيرهم من أساطين الحكمة. وذكر مثله سيف الدين الآمدي في " الأبكار "، وحكى الإمام في الأربعين عن سقراط سبب قيام القيامة الكبرى وانحلال السماوات والأرضين، وأن تمور السماوات مورا، وتسير الجبال سيرا. والحاصل أن أرسطو ومن تابعه من بين الحكماء له الغلو التام والمبالغة الأكيدة في إنكار حدوث العالم وإثبات قدمها مع زعمهم أنهم أثبتوا النبوات والشرائع، مع أنه أصعب من خرط القتاد مع ادعاء قدم العالم. وقد قال الشارح في أوائل الكتاب مخالفا لما قاله هاهنا، حيث قال هناك: إن أرسطو وأتباعه لم يقولوا بقدم العالم وإنما اخترع ذلك ابن سينا، وما قاله هناك غير واقع، وما قاله هاهنا هو الواقع)) . قلت: وكلام مستجى زاده عن الشارح (ويقصد به ابن تيمية) غير صحيح. فابن تيمية لا يقول إلا أن أرسطو وأتباعه يقولون بقدم العالم. (7) أ، ب: كائنا بدوامه ================================ وما (1) يذكرونه من تقدم العلة على المعلول بالذات دون الزمان لا يعقل ولا يوجد (2) إلا فيما يكون شرطا، فإن الشرط قد يقارن المشروط، أما العلة التي هي فعل فاعل للمعلول فهذه لا يعقل (3) فيها مقارنتها للمعلول في الزمان. وهم يمثلون تقدم العلة على المعلول بالذات دون الزمان بتقدم حركة اليد على حركة الخاتم، وتقدم الحركة على الصوت (4) وغير ذلك، وجميع ما يمثلون به إما أن يكون شرطا لا فاعلا، وإما أن يكون متقدما بالزمان، وأما فاعل غير متقدم فلا يعقل قط (5) . وليس هذا موضع بسط [هذه] (6) الأمور، فإنها أضل مقالات (7) أهل الأرض، وقد بسط الكلام عليها في غير هذا (8) . والمقصود هنا التنبيه على أصل القدرية، فإن حقيقة قولهم أن أفعال الحيوان تحدث بلا فاعل، كما أن أصل قول الفلاسفة الدهرية (9) أن حركة الفلك وجميع الحوادث تحدث (10) بلا سبب حادث، وكذلك من وافق _________ (1) ن، م: ومما. (2) أ، ب: دون الزمان لا يوجد. (3) أ: فعل فاعل المعلول فهل لا يعقل، م: فعل فاعل المعلول فهذه لا يعقل، ب: فعل فاعل المعلول فهي لا يعقل. (4) ع: وتقديم الحركة على الصوت ; أ، ب: وتقدم حركة الصوت ; ن، م: وتقدم الحركة على الصواب، وهو تحريف، وأرجو أن يكون ما أثبته هو الصواب. (5) ن: ولا يفعل قط، وهو تحريف. (6) هذه ساقطة من (ن) ، (م) . (7) أ، ب، ن، م: أصول مقالات. (8) الموضع ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (ع) : وقد بسطنا عليه الكلام. . . إلخ. (9) أ، ب، ن: الدهرية الفلاسفة. (10) ب: محدثة، أ: محدث ================================== القدرية (1) من أهل الإثبات على أن الرب تعالى لا تقوم به الأفعال، وقالوا (2) : إن الفعل هو المفعول والخلق هو المخلوق، كما تقوله الأشعرية ومن وافقهم (3) فإنه يلزمه في فعل الرب (4) ما لزم القدرية. ولهذا عامة شناعات هذا الرافضي (5) هي (6) على هؤلاء. وهؤلاء طائفة من طوائف (7) المثبتين لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان (8) ، وقد وافقهم في ذلك كثير من الشيعة الزيدية والإمامية وغيرهم. وقولهم على كل حال (9) أقل خطأ (10) من قول القدرية، بل أصل خطئهم (11) موافقتهم للقدرية في بعض خطئهم (12) ، وأئمة أهل السنة لا يقولون بشيء من هذا الخطأ (13) ، وكذلك جماهير أهل السنة من أهل الحديث والفقه والتفسير والتصوف لا يقرون (14) بهذه الأقوال المتضمنة للخطأ (15) ، بل هم متفقون على أن الله خالق أفعال العباد، وعلى أن العبد قادر مختار يفعل بمشيئته وقدرته (16) ، والله خالق ذلك _________ (1) أ، ب: وكذلك قول من وافق القدرية. (2) أ، ب، ن، م: وقال. (3) أ، ب: كما يقوله الأشعري ومن وافقه، م: كما يقوله الأشعري ومن وافقهم. (4) أ، ب: في فعل الذم، وهو تحريف. (5) القدري أ، ب، ن، م: هذا القدري الرافضي. (6) هي: ساقطة من (ع) . (7) طوائف: ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (ن) ، (م) : الطوائف. (8) ع: لخلافة أبي بكر وعمر، أ، ب: لخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. (9) ن، م، ع: بكل حال. (10) ع: خطاء. (11) ع: خطايهم، أ، م، ن: خطأهم. (12) ع: خطايهم. (13) ع: الخطاء. (14) ن، م: والصوفية والتفسير لا يقرون أ، ب: والتفسير والتصوف لا يقولون. (15) ع: للخطاء. (16) م: بقدرته ومشيئته ===================================
__________________
|
#188
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (188) صـ 129 إلى صـ 136 كله، وعلى الفرق بين الأفعال الاختيارية والاضطرارية، وعلى أن الرب يفعل بمشيئته وقدرته، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لم يزل قادرا على الأفعال موصوفا بصفات الكمال، متكلما إذا شاء، وأنه موصوف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (1) من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيثبتون علمه المحيط، ومشيئته النافذة، وقدرته الكاملة، وخلقه لكل شيء. ومن هداه الله إلى فهم قولهم، علم أنهم جمعوا محاسن الأقوال، وأنهم وصفوا الله بغاية الكمال، وأنهم هم المستمسكون (2) بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأن قولهم هو القول السديد السليم من التناقض (3) الذي أرسل الله به رسله (4) وأنزل به كتبه. [فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أنه لا فرق بين الإحسان والإساءة لأنهما صادران من الله والرد عليه] (فصل) قال [الرافضي] (5) : " ومنها أنه يلزم أن لا يبقى (6) عندنا فرق بين من أحسن إلينا غاية الإحسان طول عمره، و [بين] من أساء (7) إلينا غاية الإساءة طول عمره، ولم يحسن منا _________ (1) ن، م، ع وبما وصفه به رسوله. (2) ع، ن، م: المتمسكون. (3) ن: والسليم من المتناقض. (4) ن، م: رسوله. (5) الرافضي: زيادة في (ع) . الإمامي القدري النص التالي في (ك) منهاج الكرامة ص [0 - 9] 8 (م) . (6) أ، ب: ومنها أنه يلزم أنه لا يبقى ع: ومنها أنه لا يبقى، ك: ومنها يلزم أن لا يبقى. (7) أ، ب، ن، م: ومن أساء ================================ شكر الأول وذم الثاني، لأن الفعلين صادران من الله [تعالى] عندهم (1) ". فيقال: هذا باطل، فإن اشتراك الفعلين في كون الرب خلقهما لا يستلزم اشتراكهما في سائر الأحكام، فإنه من المعلوم بصريح العقل (2) أن الأمور المختلفة تشترك في أمور كثيرة (3) لا سيما في مثل هذا المقام، فإن جميع ما سوى الله مشترك (4) في أن الله خلقه، وأنه ربه ومليكه. ثم من المعلوم (5) أن المخلوقات بينها من الافتراق ما لا يحصيه إلا الخلاق، فالله تعالى جعل الظلمات والنور، [وقال] (6) : {وما يستوي الأعمى والبصير - ولا الظلمات ولا النور} [سورة فاطر: 19، 20] والله خالق الجنة والنار، ولا تستوي الجنة و [لا] النار (7) ، (8 والله خالق الظل والحرور، ولا يستوي الظل ولا الحرور (8 - 8) (8) 8) ، والله خالق الأعمى والبصير ولا يستوي الأعمى والبصير، والله خالق الحي والميت، والقادر والعاجز، والعالم والجاهل، ولا يستوي هذا وهذا، والله خالق ما ينفع وما يضر، وما يوجب اللذة وما يوجب الألم، ولا يستوي هذا وهذا، فإذا كان الله خالق الأطعمة _________ (1) أ، ب: صادران من الله، م: صادران من الله تعالى، ك: صادران من الله تعالى لا منهما عندهم. (2) ن: تصريح المعقول ; م: بصريح (غير منقوطة) المعقول. (3) أ، ب: يشترك فيها أمور كثيرة. (4) ن، م: يشترك. (5) ع: ومن المعلوم، م: ثم إن من المعلوم. (6) وقال: زيادة في (أ) ، (ب) . (7) أ، ب، م، ن: الجنة والنار. (8) ساقط من (م) ================================ الطيبة والخبيثة، ثم إن الطيب يحب ويشتهى، ويمدح ويبتغى، والخبيث يذم ويبغض (1) ويجتنب، والله خالق هذا وهذا، والله خالق الملائكة والأنبياء (2) ، وخالق [الشياطين و] الحيات والعقارب وغيرها (3) من الفواسق، فهذا (4) محمود معظم، وهذا فاسق يقتل في الحل والحرم، وهو سبحانه وتعالى خالق (5) في هذا طبيعة كريمة تقتضي الخير والإحسان، وفي هذا طبيعة خبيثة توجب الشر والعدوان، مع ما بينهما من الفرق في الحب والبغض، والمدح والذم ونحو ذلك (6) . وإذا (7) كان الشرع والعقل متطابقين على أن ما جعل الله فيه منفعة للناس ومصلحة لهم يحب ويمدح [ويطلب] (8) ، وإن كان جمادا أو حيوانا بهيميا (9) ، فكيف لا يكون من جعله محسنا للناس يحصل لهم به منافع ومصالح أحق بأن يحب ويمدح ويثنى عليه، وكذلك في جانب الشر. والقدري يقول: لا يكون العبد محمودا ومشكورا على إحسانه، ومذموما على إساءته، إلا بشرط أن لا يكون الله جعله محسنا إلينا ولا من به علينا إذا فعل الخير، ولا ابتلانا به إذا فعل الشر، وهذا حقيقة ما قاله هذا الرافضي القدري (10) . _________ (1) ن، م: يبغض ويذم. (2) ن، م: الأنبياء والملائكة. (3) ن، م: وخالق الحيات والعقارب وغيرها. (4) ن، م، ع: وهذا. (5) ع: وهو سبحانه خلق، ن، م: والله سبحانه خالق. (6) ونحو ذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) أ، ب: فإذا. (8) ويطلب: ساقطة من (ن) ، (م) . (9) ع: وإن كان حيوانا بهيما أ، ب: وإن كان حمارا أو حيوانا بهيما. (10) ن، م: القدري الرافضي ================================ ومعلوم فساد هذا القول شرعا وعقلا، فإن حقيقته أنه حيث يشكر العبد لا يشكر الرب وحيث يشكر الرب لا يشكر العبد. وحقيقته أنه (1) لا يكون لله علينا منة في تعليم الرسول وتبليغه إلينا رسالات (2) ربه. وقد قال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [سورة آل عمران: 164] وعلى قول القدري يكون إرسال الله [له] (3) من جنس إرسال مخلوق إلى مخلوق (4) ، فذاك تفضل بنفس الإرسال لا بأن جعل الرسل تتلوا وتعلم وتزكي، بل هذه الأفعال منتسبة (5) عندهم فيها للرسول (6) الذي خلقها [عندهم] دون المرسل الذي (7) لم يحدث شيئا منها. والقدري يقول الرسول نطق بنفسه، لم ينطقه الله ولا أنطق الله شيئا، بل جعل فيه قدرة على أن ينطق وأن لا ينطق، وهو يحدث أحدهما مع استواء الحال قبل الإحداث وبعده، بدون معونة الله له على إحداث النطق وتيسيره له. وعلى قول القدري لا يكون لله نعمة على عباده باستغفار الملائكة لهم، _________ (1) ن، م: أن. (2) أ، ب: رسالة. (3) له: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ع: مخلوق لمخلوق، ن، م: المخلوق لمخلوق. (5) ن، م: المثبتة، أ: المنتسبة، ع: المشبهة، وهو تحريف. (6) ب: للمرسل، أ: للرسل، م: الرسول. (7) ن، م: الذي خلقها دون الرسل التي =============================== وتعليم العلماء لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وعدل ولاة الأمور عليهم، ولا يكون الله مبتليا لهم إذا ظلمهم ولاة [الأمور] (1) . وفي الأثر [المعروف] (2) : " «يقول الله [عز وجل] (3) : " أنا الله (4) مالك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، من أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشتغلوا بسب الملوك وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم» (5) . وعند القدري لا يقدر الله أن يجعل الملوك لا (6) عادلين ولا جائرين، ولا محسنين ولا مسيئين، ولا يقدر أن يجعل أحدا محسنا إلى أحد، ولا مسيئا إلى أحد، ولا يقدر أن [ينعم] (7) على أحد بمن (8) يحسن إليه ويكرمه، ولا يقدر [على] (9) أن يبتليه بمن يعذبه ويهينه ". وعلى قول القدري لم يبعث (الله) عبادا له أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار، فإنه لم يأمرهم بذلك ولا جعلهم فاعلين، بل أعطاهم قدرة، وكذلك عندهم لم يرسل الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا (10) . _________ (1) ب: ولاة المأمور، ع، ن، م: الولاة. (2) المعروف زيادة في (ع) . (3) عز وجل: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ع) الله تعالى. (4) م: أنا الملك. (5) أورد هذا الحديث القدسي الشيخ محمد المدني في كتابه الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية ص [0 - 9] 6 - 77 ط حيدر آباد سنة 1358 هـ مع اختلاف في الألفاظ، وقال في آخره: رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي الدرداء. (6) لا: ساقطة من (م) ، (أ) (ب) . (7) ينعم، ساقطة من (ن) ، وفي (م) يحسن. (8) أ، ب، ن، م: ممن. (9) على: ساقطة من (ن) ، (م) . (10) ساقط من (أ) (ب) (ع) وفي (ن) : وعلى قول القدري لم يبعث عبادا له. . . إلخ ============================= وقد قال بعضهم إنه على قول القدري (1) لا يستحق [الله] أن يشكر بحال (2) ، فإن الشكر إنما يكون على النعم، والنعم إما دينية وإما دنيوية وإما أخروية، فالنعم الدنيوية هي عنده واجبة على الله، وكذلك ما يقدر عليه من الدينية كالإرسال وخلق القدرة، وأما نفس الإيمان والعمل الصالح فهو عنده لا يقدر أن يجعل أحدا مؤمنا ولا مهتديا ولا صالحا ولا برا ولا تقيا، فلا يستحق أن يشكر على شيء من هذه الأمور التي لم يفعلها ولا يقدر عليها عنده (3) وأما النعم الأخروية فالجزاء واجب (4) [عليه] (5) عنده، كما يجب على المستأجر أن يوفي الأجير أجره (6) ، ومعلوم أن هذا عنده (7) من باب العدل المستحق لا من باب الفضل (8) والإحسان، بمنزلة من قضى دينا كان عليه فلا يستحق الشكر على فضل ولا إحسان. ومن هذا حقيقة قوله كيف يعيب أهل الإيمان (9) الذين يشكرون الله على كل [حال و] نعمة (10) ، ويشكرون من أجرى الله الخير على يديه، _________ (1) أ، ب، ن: القدرية، م: القدر، وهو تحريف. (2) ع: لا يستحق الله أن يشكر الله بحال ; ن: لا يستحق أن يشكر محال، م: يلزم أن لا يشكر لحال. (3) أ، ب: ولم يقدر عليها عبيده، م: ولم يقدر عليها عنده. (4) أ، ب: وجب. (5) عليه ساقطة من (ن) . (6) بعد كلمة أجره توجد في (أ) ، (ب) عبارة: فالجزاء واجب عليه وهي عبارة مكررة. (7) أ، ب: ومعلوم عنده أن هذا. (8) ن: التفضيل، م: التفضل. (9) أ، ب: قوله يعيب أهل الإيمان، ع: قوله كيف يعذب أهل الإيمان. (10) ن، م، ع: على كل نعمة ========================== فإنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله (1) ، ومن أساء إليهم يعتقدون جواز مقابلته بالعدل (2) ، وأن العفو عنه أفضل إذا لم يكن في عقوبته حق لله، ويرى أحدهم أن الله أنعم عليه بإحسان الأول (3) ليشكره عليه، وأنه ابتلاه بإساءة هذا إليه كما يبتليه بأنواع البلاء ليصبر ويستغفر من ذنوبه ويرضى بقضائه. كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «لا يقضي الله لمؤمن (4) قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء (5) فصبر كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» " (6) _________ (1) أ، ب: فإن من لا يشكر الناس لم يشكر الله، وفي (ع) سقطت عبارة لم يشكر الله، وفي (م) قاله من لم يشكر الناس. . .، وهو تحريف. (2) ع: ومن أسيء إليهم يعتقدون جواز مقاتلته بالعدل، م: ومن أثنى عليهم يعتقدون جزاء ومقابلته بالعدل، وهو تحريف. (3) ن، م: بالإحسان الأول. (4) ع، ن: للمؤمن، م: المؤمن. (5) ب: إن أصابه خير، أ: إن أصابته شرا، وهو تصحيف. (6) أ، ب: إلا للمؤمنين، والحديث عن صهيب رضي الله عنه في مسلم 4/2295 كتاب الزهد، باب المؤمن أمره كله خير، ولفظه فيه: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر. الحديث. وهو في المسند 4/332، 333، 6/15، 16، وأول الحديث في الموضعين الأولين، عجبت من أمر (لأمر) المؤمن، وفي الموضع الأخير: عجبت من قضاء الله للمؤمن. على أن القسم الأول من كلام ابن تيمية جاء في حديث آخر عن أنس رضي الله عنه في المسند ط الحلبي 3 117 ولفظه: عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض قضاء إلا كان خيرا له، 3/184، ولفظه: عجبت للمؤمن، إن الله لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له. وقال الألباني عن الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/28 إنه صحيح ================================= وقد قال تعالى: {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} [سورة مريم: 83] (1) ، وقال تعالى: {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا} [سورة الإسراء: 5] فإرساله الشياطين وبعثه لهؤلاء المعتدين على بني إسرائيل أهو (2) أمر شرعي أمرهم به، كما أرسل (3) رسله بالبينات والهدى، وكما بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم (4) ؟ أم هو تقدير وتسليط، وإن كان المسلط ظالما معتديا (5) عاصيا لدين الله وشرعه (6) . ثم من المعلوم أن عامة أهل الأرض مقرون بالقدر، وهم مع هذا (7) يمدحون المحسن ويذمون المسيء فطروا على هذا وعلى هذا، فيقرون أن الله (تعالى) خالق كل شيء وربه، وأنه قدر ذلك كله وسلط هذا ويسر هذا، ويمدحون هذا ويذمون هذا، وأهل الإثبات المقرون بالقدر يمدحون المحسن ويذمون المسيء، (8) ، مع اتفاقهم على أن الله خالق الفعلين. فقولهم: إنه يلزمهم (9) أن لا يفرقوا بين هذا وهذا - لزوم ما لا يلزم (10) _________ (1) هذه الآية ليست في (ن) ، (م) . (2) ن، م: هو. (3) أ، ب: أمر. (4) ويزكيهم: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. (5) ن، م: متعديا. (6) ع: أو شرعه. (7) أ، ب: ومع هذا. (8) ساقط من (أ) ، (ب) تعالى زيادة في (ع) . (9) ع: فقولهم إنهم يلزمهم، م: وقوله يلزمهم. (10) ع: لزوما لا يلزم ===========================
__________________
|
#189
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (189) صـ 137 إلى صـ 144 وغاية الأمر أن يكون يكون: (1) الله جعل هذا مستحقا للمدح والثواب، وهذا مستحقا للذم والعقاب فإذا كان قد جعل هذا مستحقا وهذا مستحقا، لم يمتنع أن يمدح هذا ويذم هذا (2) ، لكن خلقه لهذين الزوجين كخلقه لغير ذلك، وهذا يتعلق بالحكمة الكلية في خلق (3) المخلوقات، كما قد ذكر في غير هذا الموضع. وعلى رأي القدري لا يستحق المدح والثناء والشكر إلا من لم يجعله الله محسنا، ولا يستحق الذم إلا من لم يجعله الله مسيئا (4) ، بل من لا يقدر [الله] أن (5) يجعله محسنا ولا مسيئا فعنده (6) لا مدح ولا ذم إلا بشرط عجز الله [تعالى] (7) وقصور مشيئته وخلقه، وحدوث الحوادث بدون محدث. [فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر المعصية إما من العبد أو من الله أو منهما] (فصل) قال [الرافضي] (8) : " ومنها التقسيم الذي ذكره سيدنا ومولانا الإمام موسى بن جعفر الكاظم (9) ، وقد سأله أبو حنيفة وهو صبي، فقال: المعصية ممن؟ فقال الكاظم (10) : المعصية إما _________ (1) ساقطة من (ب) فقط. (2) ع: لم يمنع أن يذم هذا ويمدح هذا. (3) أ، ب: في حق. (4) أ، ب: من لم يجعله مسيئا (5) ن، م: من لا يقدر أن. (6) أ، ب: فعندهم. (7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (8) الرافضي: في (ع) فقط. والنص التالي في (ك) ص [0 - 9] 8 (م) . (9) ك: مولانا وسيدنا موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام. (10) ك: الكاظم عليه السلام ============================================= من العبد أو من الله (1) أو منهما (2) ، فإن كانت من الله فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويؤاخذه (3) بما لم يفعله، وإن كانت المعصية منهما فهو شريكه، والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت المعصية من العبد (4) وحده فعليه وقع الأمر (5) وإليه توجه (6) المدح والذم. وهو أحق بالثواب والعقاب، ووجب له (7) الجنة أو النار (8) فقال أبو حنيفة: " {ذرية بعضها من بعض} ". فيقال: أولا: هذه الحكاية لم يذكر لها إسنادا فلا تعرف صحتها، فإن المنقولات (9) إنما تعرف صحتها بالأسانيد الثابتة، لا سيما مع كثرة الكذب في هذا الباب، كيف والكذب عليها ظاهر، فإن أبا حنيفة (10) من المقرين بالقدر باتفاق أهل المعرفة به وبمذهبه، وكلامه في الرد على _________ (1) ك: أو من ربه ; ن، م: وإما من الله. (2) ن، م: وإما منهما. (3) ك: ويأخذه. (4) ن، م: وقعت من العبد. (5) ك: وقع الأمر والنهي. (6) أ، ب، ع: وإليه يتوجه، ن: وعليه توجه. (7) أ، ب، ع: ووجبت له، م: فوجبت له. (8) ع، ن، م: والنار. (9) أ، ب: فالمنقولات. (10) ع: فإن أبا حنيفة رضي الله عنه ============================== القدرية (1) معروف في الفقه الأكبر (2) وقد بسط (3) الحجج في الرد عليهم بما لم يبسطه على غيرهم في هذا الكتاب، وأتباعه متفقون على أن هذا هو (4) مذهبه، وهو مذهب الحنفية المتبعين له، ومن انتسب إليه في الفروع وخرج عن هذا (5) من المعتزلة ونحوهم فلا يمكنه (6) أن يحكي هذا القول عنه، بل هم عند أئمة الحنفية الذين يفتى بقولهم مذمومون معيبون من (7) أهل البدع والضلالة (8) ، فكيف يحكى عن أبي حنيفة أنه استصوب قول من يقول إن الله لم يخلق أفعال العباد؟ وأيضا فموسى بن جعفر وسائر علماء أهل البيت متفقون على إثبات القدر، والنقل بذلك عنهم (9) ظاهر معروف. وقدماء الشيعة كانوا متفقين على إثبات القدر والصفات، وإنما شاع فيهم رد (10) القدر من حين اتصلوا بالمعتزلة في دولة بني بويه (11) . _________ (1) ع: وبكلامه في القدرية. (2) كتب مستجي زاده في هامش (ع) أمام هذا الموضع ما يلي: كتاب الفقه الأكبر قال بعض الناس إنه ليس بتأليف لأبي حنيفة، بل ألفه رجل يقال له أبو حنيفة غيره، وهو مخالف لما قاله العظماء الأقدمون مثل الأستاذ أبي منصور عبد القاهر البغدادي وفخر الإسلام علي البزدوي، وهذا ابن تيمية صاحب الإحاطة التامة، وهو مصرح بما صرح به هؤلاء الأقدمون مع أن الأستاذ من الشافعية وفخر الإسلام من الحنفية وابن تيمية من الحنابلة. وقال الأستاذ عبد القاهر البغدادي في كتاب التبصرة: إن أول من رد وأبطل قول أهل الاعتزال من الفقهاء الأقدمين هو أبو حنيفة النعمان إمام الحنفية. (3) أ، ب، م: وبسط. (4) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) . (5) ب (فقط) : بهذا. (6) ب فقط: فلا يمكن. (7) ب معدودون من، أ: معيوبون من، م: متعبون من. (8) أ، ب: والضلال. (9) أ، ب: عنهم بذلك، ن: فذلك عنهم، وهو تحريف. (10) ع: إنكار. (11) علق مستجي زاده في هذا الموضع بقوله: وهذا المحل من المهمات، ولم أر من باحث مع الإمامية مثل ابن تيمية، شكر الله سعيه، حيث أحاط بمقالاتهم ومذاهبهم ومللهم ونحلهم وقدمائهم، ومتأخريهم إحاطة تامة، وبعض المتأخرين تصدر لرد الإمامية ردا عنيفا، إلا أنه أين من هذا البحر الحبر المحيط بمذاهبهم وفرقهم من الأولين والآخرين ولولا أنه كان راجلا في مذاهب الفلاسفة لكان هو في غاية من الإحاطة والإتقان إلا أن الكمال لله تعالى لكن مع ذلك أين مثله في التتبع والإحاطة ================================ وأيضا، فهذا الكلام المحكي عن موسى بن جعفر يقوله أصاغر القدرية وصبيانهم، وهو معروف من حين حدثت القدرية قبل أن يولد موسى بن جعفر، فإن موسى بن جعفر ولد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة قبل الدولة العباسية بنحو ثلاث سنين، وتوفي ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة. قال أبو حاتم: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين (1) والقدرية حدثوا قبل هذا التاريخ، بل حدثوا في أثناء المائة الأولى من زمن الزبير وعبد الملك (2) . [وهذا مما يبين أن هذه الحكاية كذب، فإن أبا حنيفة إنما اجتمع بجعفر بن محمد، وأما موسى بن جعفر فلم يكن ممن سأله (3) أبو حنيفة ولا اجتمع به، وجعفر بن محمد هو من أقران أبي حنيفة، ولم يكن أبو حنيفة (ممن) (4) يأخذ عنه مع شهرته بالعلم، فكيف يتعلم من موسى بن جعفر] (5) ؟ _________ (1) سبقت ترجمة موسى الكاظم 2/460. (2) يقول ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل 5/244: والمرجئة والقدرية حدثوا في أواخر عصر الصحابة، ويقول ابن طاهر البغدادي في الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 7: ثم حدث في زمان المتأخرين من الصحابة خلاف القدرية في القدر والاستطاعة من معبد الجهني وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم. وقد خرج معبد الجهني مع ابن الأشعث وقتل بعد سنة ثمانين. (3) ع: ممن يسأله. (4) ممن: في (ع) فقط. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وهو في (ع) ، (أ) ، (ب) ، وفي آخر هذه العبارات في (أ) ، (ب) كلمة انتهى وهي ليست في (ع) ، وعلق مستجي زاده عند هذا الموضع في (ع) بتعليق جاء فيه فإن قلت: إن أبا نعيم صاحب الحلية ذكر فيه أن جعفر الصادق لما اجتمع بأبي حنيفة نهاه عن القياس، فقال: أول من قاس إبليس، فقال أبو حنيفة مثنيا عليه وقبولا لهذا الكلام: " ذرية بعضها من بعض "، مع أن أبا حنيفة ممن يقول بالقياس وصحة الاحتجاج به، وإن أبا نعيم ذكر هذه القصة بسندها المسرودة على جعفر، والجواب أن القياس الذي قال به أبو حنيفة هو في الأحكام والفروع التي تختلف باختلاف الملل والأديان فهو مذموم ومدار الفرق الضالة من الفرق الإسلامية من المعتزلة وغيرها على هذه المقالة الخبيثة، ومن ثم اتفق عظماء الأمة وكبراء الملة على ذم القياس في الأصول الدينية، والحكاية التي يشير إليها مستجي زاده في حلية الأولياء 3/196 - 197 وهي لا تدل على أن أبا حنيفة كان يتعلم من جعفر الصادق، ولا يمنع إن صحت الحكاية أن يكون قد استفاد منه بعض العلم. وانظر كتاب " الإمام الصادق " لمحمد أبي زهرة، ص \ 252 - 255 - 291 - 293 ط. دار الفكر العربي بدون تاريخ ================================== وما ذكره (1) في هذه الحكاية من قول القائل: هو أعدل من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعله، هو أصل كلام القدرية الذي يعرفه عامتهم وخاصتهم، وهو أساس مذهبهم وشعاره (2) ; ولهذا سموا أنفسهم العدلية، فإضافة هذا إلى موسى بن جعفر لو كان حقا ليس فيه فضيلة [له] ولا مدح (3) ، إذا كان صبيان القدرية يعرفونه، فكيف إذا كان كذبا مختلقا عليه؟ ويقال: ثانيا: الجواب عن هذا التقسيم أن يقال: هذا التقسيم ليس بمنحصر (4) . وذلك أن قول القائل: " المعصية ممن؟ " لفظ _________ (1) ن، م: وما ذكر. (2) أ، ب: وشعارهم. (3) ن، م: ليس فيه فضيلة ولا مدح ; ع: ليس فيه مدح له ولا فضيلة. (4) ن، م: بمختصر، وهو تصحيف ============================ مجمل، فإن المعصية والطاعة عمل وعرض قائم بغيره (1) ، فلا بد له من محل يقوم به، وهي قائمة بالعبد لا محالة، وليست قائمة بالله [تبارك وتعالى] (2) بلا ريب. ومعلوم أن كل مخلوق يقال: هو من الله، بمعنى أنه خلقه بائنا عنه لا بمعنى أنه قام به واتصف به، كما في قوله [تعالى] (3) : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} [سورة الجاثية: 13] (4) ، وقوله تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} [سورة النحل: 53] . والله تعالى وإن كان خالقا لكل شيء فإنه خلق الخير والشر لما له في ذلك من الحكمة التي باعتبارها كان فعله حسنا متقنا، كما قال: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين} [سورة السجدة: 7] وقال: {صنع الله الذي أتقن كل شيء} [سورة النمل: 88] فلهذا لا يضاف إليه الشر مفردا، بل إما أن يدخل في العموم، وإما أن يضاف إلى السبب، وإما أن يحذف فاعله. فالأول: كقول [الله تعالى] (5) {الله خالق كل شيء} [سورة الزمر: 62] والثاني: كقوله: {قل أعوذ برب الفلق - من شر ما خلق} [سورة الفلق: 1، 2] والثالث كقوله فيما حكاه عن الجن: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [سورة الجن: 10] و [قد] _________ (1) أ، ب: بغير، وفي (ع) والطاعة عرض. . . إلخ. (2) تبارك وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (4) آية سورة الجاثية ليست في (ع) . (5) ن، م، ع: كقوله =============================== قال ن، م: قال. في أم القرآن: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [سورة الفاتحة: 6، 7] فذكر أنه فاعل النعمة، وحذف فاعل الغضب، وأضاف الضلال إليهم. وقال الخليل [عليه السلام] (1) {وإذا مرضت فهو يشفين} [سورة الشعراء: 80] ، ولهذا كان لله الأسماء الحسنى، فسمى (2) نفسه بالأسماء الحسنى المقتضية للخير. وإنما يذكر الشر في المفعولات، كقوله: {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم} [سورة المائدة: 98] (3) ، وقوله في آخر سورة (4) الأنعام: {إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [سورة الأنعام: 165] (* وقوله في الأعراف: (5) {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [سورة الأعراف: 167] . *) (6) وقوله: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم - وأن عذابي هو العذاب الأليم} [سورة الحجر: 49، 50] وقوله: {حم - تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم - غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو} [سورة غافر: 13] . وهذا لأن ما يخلقه من الأمور التي فيها شر (7) بالنسبة إلى بعض الناس _________ (1) عليه السلام: زيادة في (ع) . (2) ع: فيسمى. (3) ع: كقوله: اعلموا أن الله شديد العقاب، وقوله: إن الله غفور رحيم. (4) سورة: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) . (5) ن، م: وفي الأعراف. (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . (7) ن، م: الشر ================================ فله فيها (1) حكمة، هو بخلقه لها (2) حميد مجيد، له الملك وله الحمد، فليست بالإضافة إليه شرا ولا مذمومة، فلا يضاف إليه ما يشعر بنقيض ذلك، كما أنه سبحانه خالق (3) الأمراض والأوجاع والروائح الكريهة والصور المستقبحة والأجسام الخبيثة كالحيات والعذرات (4) لما له في ذلك من الحكمة البالغة. فإذا قيل: هذه العذرة وهذه الروائح الخبيثة من الله، أوهم ذلك أنها خرجت منه، والله منزه عن ذلك. وكذلك إذا قيل: القبائح من الله [أو المعاصي من الله] (5) ، قد يوهم ذلك أنها خارجة من ذاته، كما تخرج من ذات العبد، وكما يخرج الكلام من المتكلم، والله منزه عن ذلك، أو يوهم [ذلك] أنها (6) منه قبيحة وسيئة، والله منزه عن ذلك. بل جميع خلقه خلقه له حسن على قولي (7) التفويض والتعليل. وكذلك إذا قيل للطعوم والألوان والروائح ونحوها من الأعراض: هذا الطعم الحلو والمر من الله أو من هذا النبات، وهذه الروائح الطيبة أو الخبيثة من الله أو من هذه العين (8) ، وأمثال ذلك. وقد يوهم إذا قيل: _________ (1) أ، ب، م: له فيها. (2) أ، ب: هو يخلقها لها، ن: هو يخلقه لها ; م: فهو يخلقه لها. (3) ن، م: خلق. (4) ن، م: والعذرة. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (أ) ، (ب) . (6) ن: ويوهم أنها، م: وتوهم أنها. (7) ع، م: بل جميع خلقه له حسن على قول. . . إلخ، وفي (ن) : بل جميع خلقه خلقه له حسن على قول. . . إلخ. (8) ن: أو من هذا العين ; م: أو الغيرة ==================================
__________________
|
#190
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (190) صـ 145 إلى صـ 152 إنها من الله أنه أمر بها، والله لا يأمر بالفحشاء، ولا يحب الفساد (1) ، ولا يرضى لعباده الكفر. وهذا مثل قول (2) ابن مسعود لما سئل عن المفوضة: أقول (3) فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه. وكذلك قال أبو بكر (4) في الكلالة، وقال عمر نحو ذلك. ومرادهم أن الصواب قد أمر الله به وشرعه وأحبه (5) ورضيه، والخطأ لم يأمر به ولم يحبه ولم يشرعه، بل هو مما زينه الشيطان لنفسي ففعلته بأمر الشيطان، فهو مني ومن الشيطان. وحينئذ فالجواب من وجوه: أحدها: أن يقال: الأعمال والأقوال والطاعات والمعاصي من العبد، بمعنى أنها قائمة به وحاصلة بمشيئته وقدرته، وهو المتصف بها المتحرك بها، الذي يعود حكمها عليه (6) ، فإنه قد يقال لما اتصف به المحل وخرج منه (7) : هذا منه وإن لم يكن له اختيار، كما يقال: هذه الريح (8) من هذا الموضع، وهذه الثمرة من هذه الشجرة، وهذا الزرع من _________ (1) ن، م: ولا يحب الفحشاء. (2) ع، م: وهذا كقول. (3) ع: لما سئل أقول ; أ، ب: لما سئل عن الفريضة أقول، م: لما سئل عن المفوضة لما أقول. (4) ع: أبو بكر الصديق رضي الله عنه. (5) أ، ب: وأوجبه. (6) ع: الذي حكمها يعود عليه. (7) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) . (8) أ، ب: هذا الريح، ن، م: هذه الروائح ================================ هذه الأرض، فلأن يقال ما صدر من الحي (1) باختياره: هذا منه بطريق الأولى، وهي من الله، بمعنى أنه خلقها قائمة بغيره وجعلها عملا له وكسبا وصفة (2) ، وهو خلقها بمشيئة نفسه وقدرة نفسه بواسطة خلقه لمشيئة العبد وقدرته (3) ، كما يخلق المسببات بأسبابها، فيخلق السحاب بالريح، [والمطر بالسحاب] (4) ، والنبات بالمطر. والحوادث تضاف إلى خالقها باعتبار، وإلى أسبابها باعتبار، فهي من الله مخلوقة له في غيره، كما أن جميع حركات المخلوقات وصفاتها منه، وهي من العبد صفة قائمة به، كما أن الحركة من المتحرك المتصف بها وإن كان جمادا، فكيف إذا كان حيوانا (5) ؟ وحينئذ فلا شركة بين الرب وبين العبد (6) لاختلاف جهة الإضافة، كما [أنا] (7) إذا قلنا: هذا الولد من هذه (8) المرأة بمعنى أنها ولدته، ومن الله بمعنى أنه خلقه (9) لم يكن بينهما تناقض. وإذا قلنا هذه الثمرة من (10) الشجرة، وهذا الزرع من الأرض، بمعنى أنه حدث فيها، ومن الله بمعنى أنه خلقه منها (11) ، لم يكن بينهما تناقض. _________ (1) أ: لما صدر منه من حي، ب: لما صدر من حي، ن، م: لما صدر من الحق. (2) وصفة: ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) أ، ب: بمشيئة العبد وقدرته، م: لقدرة العبد ومشيئته. (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (5) ع: فكيف بالحيوان ; ن: فكيف إذا كان حيوانيا. (6) أ، ب: فلا شركة بين العبد وبين الرب ; ن: فلا نشركه بين الرب وبين العبد. (7) أنا: ساقطة من (ن) . (8) هذه ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) . (9) ع، ن، م: بمعنى أن الله خلقه. (10) هذه هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) . (11) منها ساقطة من (أ) ، (ب) ==================================== وقد قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [سورة الطور: 35] فالمشهور: أم خلقوا من غير رب؟ وقيل أم خلقوا من غير عنصر؟ وكذلك قال موسى (1) . لما قتل القبطي: {هذا من عمل الشيطان} [سورة القصص: 15] . وقال تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [سورة النساء: 79] مع قوله فيما تقدم: {قل كل من عند الله} [سورة النساء: 78] . فالحسنات والسيئات المراد بها هنا (2) النعم والمصائب ; ولهذا قال: ما أصابك، ولم يقل: ما أصبت. كما في قوله: {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} [سورة آل عمران: 120] ، وقوله: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون} [سورة التوبة: 50] فبين أن النعم والمصائب من عند الله، فالنعمة من الله ابتداء والمصيبة بسبب من نفس الإنسان، وهي معاصيه (3) . كما قال في الآية الأخرى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [سورة الشورى: 30] ، وقال في الآية] (4) الأخرى: (5) _________ (1) ن، م: لما قال موسى (2) ن، م، ع: والحسنات والسيئات هنا المراد بها. (3) أ، ب: وهي معاقبة وهو تصحيف. (4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) . (5) الأخرى: ساقطة من (أ) ، (ب) =================================== {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [سورة آل عمران: 165] ، وهذا لأن الله محسن عدل، كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل، فهو محسن إلى العبد بلا سبب منه تفضلا وإحسانا، ولا يعاقبه إلا بذنبه، وإن كان قد خلق الأفعال كلها لحكمة له في ذلك، فإنه حكيم عادل يضع الأشياء مواضعها، ولا يظلم ربك أحدا. وإذا كان غير الله يعاقب عبده (1) على ظلمه وإن كان (2) مقرا بأن الله خالق أفعال العباد، وليس ذلك ظلما منه، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه، وإذا كان الإنسان قد (3) يفعل مصلحة اقتضتها حكمته، لا تحصل إلا بتعذيب حيوان، ولا يكون ذلك ظلما منه (4) ، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه. الوجه الثاني: أن يقال: هي من الله خلقا لها (5) في غيره وجعلا لها عملا لغيره، وهي من العبد فعلا [له] قائما به وكسبا يجر به منفعة إليه (6) أو يدفع به مضرة، وكون العبد هو الذي قام به الفعل، وإليه يعود حكمه الخاص انتفاعا به أو تضررا (7) ، جهة لا تصلح لله، فإن الله لا تقوم _________ (1) ع، ن، م: العبد. (2) ن، م: فإن كان. (3) ن، م: وإن كان الإنسان قد، أ، ب: وإذا كان الإنسان، وسقطت قد. (4) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) . (5) ن، م: خلقه لها. (6) ع: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر إليه بعد منفعة، ن، م: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر به إليه منفعة. (7) ن، م: من انتفاع به أو تضرر ================================ به أفعال العباد، ولا يتصف بها، ولا تعود إليه أحكامها، التي تعود إلى موصوفاتها. وكون الرب هو الذي خلقها وجعلها عملا لغيره بخلق قدرة العبد ومشيئته (1) وفعله جهة لا تصلح للعبد، ولا يقدر على ذلك إلا الله، ولهذا قال أكثر المثبتين للقدر: إن أفعال العباد مخلوقة لله، وهي فعل العبد وإذا قيل هي فعل (2) الله فالمراد أنها (3) مفعولة له، [لا أنها] (4) هي الفعل الذي هو مسمى المصدر. وهؤلاء هم الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق، وهم أكثر الأئمة، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول أكثر أصحاب [الإمام] (5) أحمد (6) وهو قول [ابنيه يعني ابني القاضي أبي يعلى] (7) : القاضي أبي حازم (8) و [القاضي] أبي الحسين (9) وغيرهما. الوجه الثالث: أن قول القائل: الله أعدل من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعل، [فنحن] (10) نقول بموجبه، فإن الله لم يظلم عبده ولم يؤاخذه _________ (1) ن، م: يخلق مشيئة العبد وقدرته. (2) ساقطة من (ع) . (3) ع، أ: بها. (4) لا أنها: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) الإمام: زيادة في (ع) . (6) علق مستجي زاده في هذا الموضع بقوله: قلت كأنه احترز بقوله " وهم أكثر الأئمة " الأشعري ومن تابعه، فإنهم قالوا: التكوين عين المكون والخلق عين المخلوق. (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي (ن) ، (م) : وهو قول ابني القاضي أبي حازم. . . إلخ. (8) في جميع النسخ: القاضي أبي حازم، والصواب ما أثبته. (9) ن، م: وأبي الحسين. (10) فنحن: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) ============================== إلا بما فعله العبد باختياره وقوته (1) لا بفعل غيره من المخلوقين. وأما كون الرب خالق كل شيء فذلك لا يمنع كون العبد هو الملوم على ذلك، كما أن غيره من المخلوقين يلومه على ظلمه وعدوانه، مع إقراره بأن الله خالق أفعال العباد. وجماهير الأمم مقرة بالقدر، وأن الله خالق كل شيء، وهم مع هذا يذمون الظالمين (2) ويعاقبونهم لدفع ظلمهم وعدوانهم، كما أنهم (3) يعتقدون أن الله خالق (4) الحيوانات المضرة والنباتات المضرة (5) وهم مع هذا يسعون في دفع ضررها وشرها. وهم أيضا متفقون على أن الكاذب والظالم مذموم بكذبه وظلمه، وأن ذلك وصف سيئ (6) فيه، وأن نفسه (7) المتصفة بذلك خبيثة ظالمة لا تستحق الإكرام الذي يناسب أهل الصدق والعدل، وإن كانوا مقرين بأن كل ذلك مخلوق. وليس في [فطر] (8) الناس أن يجعلوا مقابلة الظالم على ظلمه ظلما له، وإن كانوا مقرين بالقدر، فالله أولى أن لا ينسب إلى الظلم لذلك (9) ، وهذا على طريقة أهل الحكمة والتعليل [من أهل السنة] (10) . وأما على _________ (1) ع: وقدرته. (2) أ، ب: الظلمة ; ن: الظالم. (3) أنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) أ، ب: خلق. (5) ع: الحيوانات والنباتات المضرة. (6) أ، ب: مسيء، ن، م: شيء، وهو تصحيف. (7) ع: وأن وصفه نفسه. (8) فطر: ساقطة من (ن) . (9) ن: بذلك. (10) من أهل السنة، ساقطة من (ن) ، (م) =============================== طريقة أهل المشيئة والتفويض فالظلم ممتنع منه لذاته ; لأنه تصرف في ملك الغير، أو تعدى ما حد له، وكلاهما ممتنع في حق الله تعالى، وبكل حال (1) فالرب تعالى لا يمثل بالخلق (2) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل له المثل الأعلى فما ثبت لغيره من الكمال فهو أحق به، وما تنزه عنه من النقص فهو أحق بتنزيهه، وما كان سائغا للقادر الغني فهو أولى أن يكون سائغا له، وليس كل ما قبح ممن يتضرر منه يكون قبيحا منه (3) ، فإن العباد لن يبلغوا ضره فيضروه ولن يبلغوا نفعه فينفعوه. الوجه الرابع: أن يقال: لا نزاع بين المسلمين أن الله عادل ليس ظالما (4) ، لكن ليس كل ما كان ظلما من العبد يكون ظلما من الرب، ولا ما كان قبيحا من العبد يكون قبيحا من الرب، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. تحقيق (5) ذلك أنه لو كان الأمر كذلك كما يقوله من يقوله من القدرية للزم أن يقبح منه أمور فعلها فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمر لا ينتفع به الآمر وتوعده عليه بالعقاب وهو يعلم أن المأمور لا يفعله (6) بل يعصيه فيستحق (7) العقاب، كان (8) ذلك منه عبثا وقبيحا لعدم الفائدة في ذلك للآمر والمأمور. _________ (1) أ، ب: وهم ممتنعان في حق الله بكل حال. (2) ع: بالمخلوق. (3) ن: وليس كل ما قبح من من يتصور منه يكون قبيحا منه ; م: وليس كل ما قبح مما يتصور منه القبح يكون قبيحا منه. (4) ن، م، ع: ليس بظالم. (5) ن، م، ع: تحقق. (6) ن، م: فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمره وتوعده عليه بالعقاب لا ينتفع به الآمر وهو يعلم أن المأمور لا يفعله. (7) أ، ب: وأنه يستحق. (8) ن، م: لكان ============================ وكذلك لو قال: مرادي (1) مصلحة المأمور، وهو يعلم أنه لا يترتب عليه مصلحة بل مفسدة، لكان ذلك قبيحا [منه] (2) . وكذلك إذا فعل فعلا لمراد وهو يعلم أن ذلك المراد لا يحصل، لكان (3) ذلك قبيحا منه. والقدرية يقولون: إن [الله] خلق (4) الكفار لينفعهم ويكرمهم (5) وأراد ذلك بخلقهم، وأمرهم مع علمه بأنهم يتضررون لا ينتفعون، وكذلك الواحد من العباد لو رأى عبيده أو إماءه (6) يزنون ويظلمون، وهو قادر على منعهم، ولم يمنعهم، لكان مذموما مسيئا، والله منزه عن أن يكون مذموما مسيئا. والقدري يقول: هو أراد بخلقه لهم أن يطيعوه ويثيبهم، فخلقهم للنفع، مع علمه أنهم (7) لا ينتفعون. ومعلوم أن مثل هذا قبيح من الخلق ولا يقبح من الخالق. ومن المعلوم أن المخلوق إذا كان قادرا على منع عبيده من القبائح، فمنعه لهم خير من أن يعرضهم للثواب مع علمه أنه لا يحصل لهم إلا العقاب، كالرجل الذي يعطي ولده أو غلامه مالا ليربح فيه (8) ، وهو يعلم أنه يشتري به سما يأكله (9) ، فمنعه له من المال خير من أن يعطيه إياه مع علمه أنه يتضرر به. _________ (1) ن: من مرادي. (2) منه: زيادة في (ع) . (3) أ، ب: كان. (4) ع، ن: إنه خلق. (5) ن: ويلزمهم، وهو تصحيف. (6) ع، ن، م: وإماء. (7) ع، ن: بأنهم. (8) ب فقط: مالا يربح فيه. (9) أ، ب: يشتري شيئا يأكله ================================
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |