|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#171
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (171) صـ 641 إلى صـ 648 وغيرهم، وليس هذا موضعا لبسط الكلام في هذه المسائل، وإنما المقصود التنبيه على أن ما ذكره هذا مما يعلم العقلاء أنه لا يقوله أحد من علماء أهل السنة، ولا يعرف أنه قاله لا جاهل ولا عالم، بل الكذب عليه ظاهر. [قول ابن المطهر إن قول الكرامية بالجهة يعني الحدوث والاحتياج إلى جهة ورد ابن تيمية] (فصل) قال الرافضي المصنف: (1) " وقالت الكرامية: إن الله (2) في جهة فوق ; ولم يعلموا أن كل ما هو في جهة (3) [فهو محدث] (4) ومحتاج إلى تلك الجهة ". فيقال له أولا: لا الكرامية ولا غيرهم يقولون: إنه في جهة موجودة تحيط به (5) أو يحتاج إليها، بل كلهم متفقون على أن الله تعالى غني (6) عن كل ما سواه: سمي جهة أو لم يسم (7) . نعم قد يقولون: " هو في جهة " ويعنون بذلك أنه فوق العالم، فهذا مذهب الكرامية وغيرهم (8) ، وهو أيضا مذهب أئمة الشيعة وقدمائهم (9) كما _________ (1) في (ك) منهاج الكرامة 1/85 (م) . (2) ك: الله تعالى. (3) ك (فقط) : كل ما هو في جهة فوق. (4) فهو محدث: ساقطة من (ن) فقط. (5) ب، أ: يحيط بها، وهو خطأ. (6) ب، أ: على أن الله تعالى مستغن ; ن، م: على أنه غني. (7) ب، أ: سمي جهة أو لم يسم جهة ; ن: سواء سمي جهة أو لم يسم. (8) ب أ: يعنون بذلك أنه فوق، قيل له: هذا مذهب الكرامية وغيرهم. (9) وقدمائهم: ساقطة من (ب) ، (أ) ==================================== تقدم ذكره، وأنت لم تذكر حجة على إبطاله، فمن شنع على الناس بمذاهبهم (1) ، فلا بد أن يشير إلى إبطاله (2) ، وجمهور الخلق (3) على أن الله فوق العالم، وإن كان أحدهم لا يلفظ بلفظ " الجهة " فهم يعتقدون بقلوبهم [ويقولون] (4) بألسنتهم أن (5) ربهم فوق، ويقولون إن هذا أمر فطروا عليه وجبلوا عليه، كما قال الشيخ أبو جعفر الهمذاني (6) لبعض _________ (1) ب: فمن شنع على مذهبهم ; أ: فمن شنع على مذاهبهم. (2) ب، أ: إلى بطلانه. (3) ب، أ: وجمهور الخلف. (4) ويقولون: ساقطة من (ن) فقط. (5) أن: ساقطة من (ب) ، (أ) . (6) ن، م: أبو الفضل الهمداني ; ب، أ: أبو جعفر الهمداني. وذكر الذهبي في " العبر " 4/85 في وفيات سنة 531: " أبا جعفر الهمذاني محمد بن أبي علي الحسن بن محمد الحافظ الصدوق. رحل وروى عن ابن النقور وأبي صالح المؤذن والفضل بن المحب وطبقتهم بخراسان والعراق والحجاز. قال ابن السمعاني: ما أعرف أن في عصره أحدا سمع أكثر منه. توفي في ذي القعدة " ونقل هذا الكلام ابن العماد في " شذرات الذهب " 4/97 وزاد بقوله: وقال ناصر الدين: كان حافظا من المكثرين "، كما نقل بعضه اليافعي في " مرآة الجنان " 3/259، ولكنهما جعلا نسبته: الهمداني، بالدال المهملة. وفي " المنتقى من منهاج الاعتدال " ذكر الذهبي العبارة كما يلي: " كما قال أبو جعفر الهمداني لأبي المعالي. . . إلخ ". وقد ورد في " طبقات الشافعية " للسبكي وفي ترجمة الجويني في كتاب " مختصر العلو للعلي الغفار " للذهبي (ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1/1401 \ 1981 (بتحقيق الألباني) ما يثبت أن الحوار التالي دار بين الجويني وبين أبي جعفر الهمذاني ; ففي " طبقات الشافعية "، 5/190: ". . . عن أبي العلاء الحافظ الهمذاني أخبره، قال: أخبرني أبو جعفر الهمذاني الحافظ، قال: سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) فقال: كان الله ولا عرش، وجعل يتخبط في الكلام، فقلت: قد علمنا ما أشرت إليه فهل عند الضرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارة؟ قلت: ما قال عارف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يتلفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوقية. فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة؟ فبينها نتخلص من الفوق والتحت. وبكيت وبكى الخلق، فضرب بيده على السرير وصاح بالحيرة وخرق ما كان عليه، وصارت قيامة في المسجد فنزل ولم يجبني إلا بتأفيف الدهشة والحيرة، وسمعت بعد هذا من أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيرني الهمذاني، انتهى ". وانظر: مختصر العلو للعلي الغفار، ص 276 - 277 =================================== من أخذ ينكر الاستواء ويقولون (1) : لو استوى على العرش لقامت به الحوادث، فقال أبو جعفر (2) ما معناه: إن الاستواء علم بالسمع، ولو لم يرد به لم نعرفه، وأنت قد تتأوله، فدعنا من هذا وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، فإنه ما قال عارف قط: يا الله، إلا وقبل أن ينطق بلسانه (3) ، يجد في قلبه معنى يطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فهل عندك من حيلة في دفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ فلطم المتكلم رأسه (4) وقال: حيرني الهمداني، [حيرني الهمداني، حيرني الهمداني] (5) . ومضمون كلامه (6) أن دليلك على النفي لو صح فهو (7) نظري، ونحن نجد عندنا علما ضروريا بهذا (8) ، فنحن مضطرون إلى هذا العلم (9) وإلى _________ (1) ب، أ: ويقول. (2) ع، ن، م: أبو الفضل. (3) ب، أ، ن، م: ينطق لسانه. (4) ب: رأيته، وهو خطأ. والكلمة في (أ) غير واضحة. (5) ما بين المعقوفتين في (ع) . (6) ب، أ: ومعنى كلامه. (7) عبارة " لو صح فهو ": ساقطة من (ع) ، (أ) ، (ب) . (8) ع: ونحن عندنا علم ضروري بهذا. (9) ن: إلى العلم بالإثبات ; م: إلى هذا الإثبات ================================== هذا القصد، فهل عندك [من] حيلة (1) في دفع هذا العلم الضروري والقصد الضروري الذي يلزمنا لزوما لا يمكننا دفعه عن أنفسنا ; ثم بعد ذلك قرر نقيضه. وأما دفع الضروريات بالنظريات فغير ممكن، لأن النظريات (2) غايتها أن يحتج عليها بمقدمات ضرورية. فالضروريات أصل النظريات، فلو قدح في الضروريات بالنظريات لكان ذلك قدحا في أصل النظريات، فتبطل الضروريات والنظريات، (3 فيلزمنا بطلان قدحه على كل تقدير 3) (3) ، إذ كان قدح الفرع في أصله يقتضي فساده في نفسه، وإذا فسد بطل قدحه، (* فيكون قدحه باطلا على [تقدير] صحته (4) وعلى تقدير فساده *) (5) ، فإن صحته مستلزمة لصحة أصله، فإذا صح كان أصله صحيحا، وفساده لا يستلزم فساد أصله، إذ قد يكون الفساد منه، ولو قدح في أصله للزم فساده، وإذا كان فاسدا لم يقبل قدحه، فلا يقبل قدحه بحال. (* وهذا [لأن] (6) الدليل النظري الموقوف على مقدمات وعلى تأليفها قد يكون فساده من فساد هذه المقدمة، ومن فساد الأخرى، ومن فساد النظم، فلا يلزم إذا كان باطلا أن يبطل كل واحد من المقدمات، بخلاف المقدمات، فإنه متى كان واحد منها باطلا بطل الدليل *) (7) . _________ (1) ع: فهل عندك علم ; ب، أ، ن، م: فهل عندك حيلة. (2) ن: الضروريات. (3) : (3 - 3) ساقط من (ب) ، (أ) . (4) ن: على صحة. (5) ما بين النجمتين ساقط من (ن) فقط. (6) لأن: ساقطة من (ن) ، (م) . (7) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ) ======================================== وأيضا، فإن هؤلاء قرروا ذلك (1) بأدلة عقلية، كقولهم: كل موجودين إما متباينان وإما متداخلان (2) ، وقالوا: إن العلم بذلك ضروري، وقالوا: إثبات موجود لا يشار إليه مكابرة للحس والعقل. وأيضا، فمن المعلوم أن القرآن نطق (3) بالعلو في مواضع كثيرة [جدا] (4) ، حتى قد قيل (5) إنها نحو (6) ثلاثمائة موضع، والسنن متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك، وكلام السلف المنقول عنهم بالتواتر يقتضي اتفاقهم على ذلك وأنه لم يكن فيهم (7) من ينكره. ومن يريد التشنيع على الناس، ودفع هذه الأدلة الشرعية والعقلية لا بد أن يذكر حجة. ولنفرض أنه لا يناظره إلا أئمة أصحابه (8) ، وهو لم يذكر دليلا إلا قوله: " ولم يعلموا أن كل ما هو في جهة فهو محدث ومحتاج إلى تلك الجهة ". فيقال له: لم يعلموا ذلك ولم تذكر ما به يعلم ذلك (9) ، فإن قولك: ما هو محتاج إلى تلك الجهة، إنما يستقيم إذا كانت الجهة أمرا وجوديا وكانت لازمة له لا يستغني عنها، فلا ريب أن من قال: إن الباري لا يقوم _________ (1) ب، أ: قرروا في ذلك، وهو خطأ. (2) ع، أ: إما متباينين وإما متداخلين ; ن، م: إما متباينين أو متداخلين. (3) ب، أ، ن، م: ينطق. (4) جدا: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ع، م: حتى قيل. (6) نحو: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) ب، أ: وإن لم يكن فيهم. وسقطت " يكن " من (ع) . (8) أصحابه: ساقطة من (ب) ، (أ) . (9) ب: ما به يعلمون ذلك ; أ: ما به يعلموا ذلك ====================================== إلا بمحل يحل فيه لا يستغني عن ذلك وهي مستغنية عنه، فقد جعله محتاجا إلى غيره، وهذا لم يقله أحد. وأيضا لم نعلم أحدا قال: إنه محتاج إلى شيء من مخلوقاته، فضلا عن أن يكون محتاجا إلى غير مخلوقاته. ولا يقول أحد: إن الله محتاج إلى العرش، مع أنه خالق العرش، والمخلوق مفتقر إلى الخالق، لا يفتقر الخالق إلى المخلوق، وبقدرته قام العرش وسائر المخلوقات، وهو الغني عن العرش، وكل ما سواه فقير إليه. فمن فهم عن الكرامية وغيرهم من طوائف الإثبات أنهم يقولون: إن الله محتاج إلى العرش فقد افترى عليهم، كيف وهم يقولون: إنه كان موجودا قبل العرش؟ فإذا كان موجودا قائما بنفسه قبل العرش لا يكون إلا مستغنيا عن العرش. وإذا كان الله فوق العرش لم يجب أن يكون محتاجا إليه، فإن الله قد خلق العالم بعضه فوق بعض، ولم يجعل عاليه محتاجا إلى سافله، فالهواء فوق الأرض وليس محتاجا إليها، وكذلك السحاب فوقها وليس محتاجا إليها، وكذلك السماوات فوق السحاب والهواء والأرض وليست محتاجة إلى ذلك، فكيف يكون العلي الأعلى خالق كل شيء محتاجا إلى مخلوقاته (1) لكونه فوقها عاليا عليها؟ ! _________ (1) نقل مستجي زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بقوله: فمن فهم عن الكرامية إلى هذا الموضع، ثم كتب التعليق التالي: " قلت أنا: ولا شك أن سلفنا الصالحين مثل الصحابة والتابعين ومتبعي التابعين أتقى الناس وأورعهم، وأشدهم اتباعا لرسول الله واقتداء به، وأعرفهم لمراد الله ورسوله، فهم عن آخرهم مجمعون على أنه تعالى على عرشه بذاته، وكذلك المجتهدون مثل إمامنا أبي حنيفة والإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد وغيرهم مجمعون ومتفقون على أنه تعالى فوق عرشه بذاته، وأن القول بالتأويل والاستيلاء إنما حدث بعد رجل خبيث جاء في عصر بني أمية، فشاعت فتنة الجهمية بعد هذا الخبيث في الناس، حتى ينقل عن هذا الخبيث أنه كان يقول: وددت أني لو محوت قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) عن القرآن. فانظر إلى جسارة هذا الخبيث وغلوه في التنزيه! وقد ذكر الخطيب في تاريخه الكبير أن أبا يوسف يروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: إن سليمان الأعمش أخلف رجلين خبيثين: أحدهما مقاتل بن سليمان حيث إنه يقول بأنه تعالى من قبيل الأجسام، والآخر جهم بن صفوان حيث جعله سبحانه وتعالى من قبيل لا شيء " ===================================== ونحن نعلم أن الله خالق كل شيء، وأنه لا حول ولا قوة إلا به، وأن القوة التي في العرش وفي حملة العرش هو خالقها، بل نقول: إنه خالق أفعال (1) الملائكة الحاملين للعرش (2) ; فإذا كان هو الخالق لهذا كله، ولا حول ولا قوة إلا به، امتنع أن يكون محتاجا إلى غيره. ولو احتج عليه سلفه مثل يونس [بن عبد الرحمن] القمي (3) وأمثاله ممن يقول بأن العرش يحمله بمثل هذا، لم يكن له (4) عليهم حجة، فإنهم يقولون: لم نقل إنه محتاج إلى غيره، بل ما زال غنيا عن العرش وغيره، ولكن قلنا: إنه على كل شيء قدير، فإذا جعلناه قادرا على هذا، كان ذلك وصفا له بكمال الاقتدار، لا بالحاجة إلى الأغيار. _________ (1) ن، م: لأفعال. (2) للعرش: ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) في جميع النسخ: علي بن يونس القمي، وهو سهو من ابن تيمية أو من الناسخ. وسبقت ترجمة يونس بن عبد الرحمن القمي 1/71، 2/235 وفي هذا الموضع الأخير نقل ابن تيمية عن " المقالات " للأشعري كلامه عن حملة العرش. (4) له: ساقطة من (ب) ، (أ) ================================ وقد قدمنا فيما مضى أن لفظ " الجهة " يراد به أمر موجود وأمر معدوم ; فمن قال: إنه فوق العالم كله، لم يقل: إنه في جهة موجودة، إلا أن يراد (1) بالجهة (* العرش، ويراد بكونه فيها أنه عليها، كما قد (2) قيل في قوله: إنه في السماء، أي على السماء. وعلى هذا التقدير فإذا كان فوق الموجودات كلها، وهو غني عنها، لم يكن عنده جهة وجودية يكن فيها، فضلا عن أن يحتاج إليها. وإن أريد بالجهة *) (3) ما فوق العالم، فذاك ليس بشيء، ولا هو أمر موجود (4) حتى يقال: إنه محتاج إليه أو غير محتاج إليه. وهؤلاء أخذوا لفظ الجهة بالاشتراك وتوهموا وأوهموا أنه (5) إذا كان في جهة كان في [كل] (6) شيء غيره، كما يكون الإنسان في بيته [وكما يكون الشمس والقمر والكواكب في السماء] (7) ، ثم رتبوا على ذلك أنه يكون محتاجا إلى غيره، والله تعالى غني عن كل ما سواه، وهذه مقدمات كلها باطلة. وكذلك قوله: " كل ما هو في جهة فهو محدث " لم يذكر عليه دليلا، وغايته (8) ما تقدم من أن [الله] (9) لو كان في جهة لكان جسما، وكل جسم _________ (1) ن، م: يريد. (2) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) ما بين النجمتين ساقط من (م) . (4) ب، أ: وجودي. (5) أنه: ساقطة من (ب) ، (أ) . (6) كل: ساقطة من (ن) ، (م) . (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. (8) ن، م، ع: وغايتهم. (9) ن، م، أ، ب: من أنه ===================================
__________________
|
#172
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (172) صـ 5 إلى صـ 10 محدث، لأن الجسم لا يخلو من الحوادث [وما لا يخلو من الحوادث] (1) فهو حادث. وكل هذه المقدمات فيها نزاع: فمن الناس من يقول: قد يكون في الجهة ما ليس بجسم ; فإذا قيل له: هذا خلاف المعقول، قال: هذا أقرب إلى العقل من قول من يقول: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، فإن قبل العقل ذاك قبل هذا بطريق الأولى، وإن رد هذا رد ذاك بطريق الأولى، وإذا رد ذاك تعين أن يكون في الجهة، [فثبت أنه في الجهة] (2) على التقديرين. ومن الناس من لا يسلم أن كل جسم محدث، كسلفه من الشيعة والكرامية وغيرهم، والكلام معهم. وهؤلاء لا يسلمون [له] (3) أن الجسم لا يخلو من الحوادث، بل يجوز عندهم خلو الجسم عن الحركة وكل حادث، كما يجوز منازعوهم خلو الصانع من الفعل إلى أن فعل (4) . وكثير من أهل الحديث والكلام والفلسفة (5) ينازعهم (6) في قولهم: إن ما لا يخلو عن الحادث (7) فهو حادث. _________ (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (ب) . (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (3) له: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ن، م: إلى أن يفعل. (5) ب، أ: من أهل الكلام والفلسفة. (6) ب (فقط) : ينازعونهم. (7) ن، م: الحوادث ================================== وكل مقام من هذه المقامات تعجز شيوخ الرافضة [الموافقين] للمعتزلة (1) عن تقرير قولهم فيه على إخوانهم القدماء من [الرافضة] (2) فضلا، عن غيرهم من الطوائف. تم الجزء الثاني بحمد الله ويليه الجزء الثالث إن شاء الله وأوله: (فصل) : قال الرافضي: وذهب آخرون إلى أن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد. _________ (1) ب، أ، ن، م: شيوخ الرافضة والمعتزلة. (2) من الرافضة: في (ع) فقط ============================= [فصل قول الرافضي إن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العباد والرد عليه] فصل. قال الرافضي (1) : " وذهب آخرون إلى أن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العباد " (2) . فيقال له: هذه المسألة من دقيق الكلام، وليست من خصائص أهل السنة ولا القائلون (3) بخلافة الخلفاء متفقون عليها (4) [بل بعض القدرية يقول بذلك، وأما أهل السنة المثبتون للقدر فليس فيهم من يقول بذلك، وإنما يقوله من يقوله من شيوخ القدرية الذين هم شيوخ هؤلاء الإمامية المتأخرين في مسائل التوحيد والعدل (5) ، (فإن جميع ما يذكره هؤلاء الإمامية المتأخرون في مسائل التوحيد والعدل) (6) ، كابن النعمان والموسوي الملقب بالمرتضى وأبي جعفر الطوسي (7) وغيرهم، هو (8) مأخوذ من _________ (1) قال الرافضي: كذا في (ع) والكلام التالي في (ك) منهاج الكرامة، ص 85 (م) (2) ب: العبد ; م: على مثل مقدورات العباد، وفي (أ) سقطت عبارة: لا يقدر على مثل مقدور العباد ; وفي (ك) في 85 (م) : على مثل مقدور العبد، وآخرون إلى أنه لا يقدر على عين مقدور العبد، وليست " تعالى " في ك. (3) ع: ولا القائلين (4) الكلام بعد عبارة (متفقون عليها) وإلى بداية الفصل التالي ساقط من (ن) وفي (م) عبارة واحدة بدلا من كل الكلام التالي وهي: بل منهم من يقول بذلك ومنهم من لا يقول به (5) ع: العدل والتوحيد (6) ما بين القوسين في (ع) فقط. (7) ابن النعمان هو محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي الملقب بالشيخ المفيد. والمرتضى هو علي بن الحسين بن موسى بن محمد، والطوسي هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي شيخ الإمامية ورئيس الطائفة وسبقت ترجمة الثلاثة 1/58، 2/83 (8) هو: كذا في (أ) وفي (ب) : وهو ; و " هو " ساقطة من (ع) ============================== كتب المعتزلة، بل كثير منه منقول نقل المسطرة وبعضه قد تصرفوا فيه. وكذلك ما يذكرونه من (1) تفسير القرآن في آيات الصفات والقدر ونحو ذلك، هو منقول من تفاسير المعتزلة كالأصم (2) والجبائي (3) وعبد الجبار بن أحمد الهمذاني (4) والرماني (5) وأبي مسلم الأصبهاني (6) وغيرهم، لا ينقل عن قدماء الإمامية من هذا حرف واحد، لا في الأصول العقلية ولا في _________ (1) من: كذا في (ع) وفي (ب) ، (أ) : في. (2) ب، أ: كالاسم، وهو تحريف، وهو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم، ذكره القاضي عبد الجبار ضمن الطبقة السادسة من طبقات المعتزلة في كتابه: (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) ص 267 - 268، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، طبعة الدار التونسية للنشر، تونس 1393 1974 وسبقت ترجمة الأصم والكلام على آرائه 2/569. (3) يطلق اسم الجبائي على أبي علي محمد بن عبد الوهاب، والفرقة التي تنسب إليه هي الجبائية، سبق الكلام عليه 1/395، كما يطلق على ابنه أبي هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد، والفرقة التي تنتسب إليه هي البهشمية، وسبق الكلام عليه 1/270، 2/124، وذكر القاضي عبد الجبار أبا علي ضمن الطبقة الثامنة في المرجع الذي سبق ذكره، ص 287 - 296، وذكر ابنه أبا هاشم في الطبقة التاسعة، ص 304 - 308. (4) هو القاضي أبو الحسين عبد الجبار بن أحمد الهمذاني الأسدآبادي، المتوفى سنة 415، سبقت ترجمته 1/15، وانظر ترجمته أيضا في كتاب " فضل الاعتزال " ص 121 - 127، وانظر كتاب (قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني) تأليف الدكتور عبد الكريم عثمان (رحمه الله) ، ط. دار العربية، بيروت 1386 1967. (5) أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني، من مفسري المعتزلة، ومن كبار النحاة، ولد ببغداد سنة 296 وتوفي بها 384، انظر ترجمته في: المنية والأمل لابن المرتضى، ص 65 - 66، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص 333 ; بغية الوعاة للسيوطي، 344 - 345 ط الخانجي، 1326، وفيات الأعيان 2/461، تاريخ بغداد 12/16 - 17، الأعلام 5/134. (6) هو أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني، ذكره القاضي عبد الجبار في كتابه المشار إليه مرتين ص 299، 323: وذكره ابن المرتضى اليماني في ((المنية والأمل)) ص 53، وقال عنه: ((صاحب التفسير والعلم الكبير)) وقد ولد الأصفهاني عام 254 وتوفي سنة 322، وله شعر، وولي أصفهان وبلاد فارس للمقتدر العباسي، وانظر ترجمته في الأعلام 6/273، معجم المؤلفين 9/97 لسان الميزان 5/89 ; بغية الوعاة للسيوطي ص 23، وقد علق مستجى زاده عند هذا الموضع بقوله: ((وعندي تفسير يقال له تفسير (الكلمة غير واضحة) ينقل عن الأصم والجبائي، وقد كان الإمام الرازي ينقل في تفسيره الكبير عن أبي مسلم الأصفهاني أشياء ويستحسن أكثرها ويروجها ويؤيدها حتى إنه نقل عنه في تفسير قوله تعالى رب أرني كيف تحي الموتى كلمات هي خارجة عن إجماع المسلمين، بل عن إجماع اليهود والنصارى، واستحسنها الإمام وأيدها، وقد بينت فسادها وبطلانها وكونها خارقة لإجماع أهل التفسير في حاشيتي على تفسير القاضي)) ======================================= تفسير القرآن، وقدماؤهم كانوا أكثر اجتماعا بالأئمة من متأخريهم، يجتمعون بجعفر الصادق وغيره، فإن كان هذا هو الحق فقدماؤهم كلهم ضلال، وإن كان ضلالا (1) فمتأخروهم هم الضلال] (2) . [فصل كلام الرافضي في القضاء والقدر أن الله عز وجل يفعل القبائح] [فصل] قال الرافضي (3) : " وذهب الأكثر منهم إلى أن الله عز وجل (4) يفعل القبائح، وأن جميع أنواع المعاصي والكفر وأنواع الفساد واقعة بقضاء الله وقدره، وأن العبد لا تأثير له في ذلك، وأنه لا غرض لله في أفعاله، وأنه لا يفعل (5) لمصلحة العباد (6) شيئا، _________ (1) ع: وإن كانوا ضلالا. (2) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) . (3) ن، م: الإمامي. والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 5 (م) . (4) عز وجل: في (ع) فقط، وفي (ك) : إلى أنه تعالى. (5) ك: ولا يفعل. (6) ن، م: العبد ================================= وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر ولا يريد منه الطاعة وهذا يستلزم أشياء شنيعة ". فيقال: الكلام على هذا من وجوه. أحدها: أنه قد تقدم غير مرة أن مسائل القدر والتعديل والتجوير (1) ليست ملزومة (2) لمسائل الإمامة ولا لازمة، فإن كثيرا من الناس يقر بإمامة الخلفاء الثلاثة، ويقول (3) ما قاله في القدر، وكثير من الناس بالعكس، وليس أحد من الناس (4) مرتبطا بالآخر أصلا وقد تقدم النقل (5) عن الإمامية: هل أفعال العباد خلق الله [تعالى] ؟ على قولين (6) ، وكذلك الزيدية. قال الأشعري (7) : " واختلفت الزيدية في [خلق] الأفعال (8) وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن أفعال (9) العباد مخلوقة لله، خلقها وأبدعها واخترعها بعد أن لم تكن، فهي (10) محدثة له مخترعة. والفرقة الثانية _________ (1) ب، أ، ع، م: والتجويز، وهو خطأ. (2) ب، أ: مستلزمة. (3) ب، أ: ويقولون. (4) ع: وليس واحد من الناس، م: وليس أحد التأثير، وهو تحريف. (5) النقل: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وفي (م) : العقل وهو تحريف. (6) ن، م: خلق لله على قولين. (7) في مقالات الإسلاميين (ط ريتر، استانبول، 1929) 1/72. (8) ن، م: في الأفعال ; المقالات: في خلق الأعمال. (9) المقالات: أعمال. (10) ع: وهي ================================ منهم يزعمون أنها غير مخلوقة لله (1) ولا محدثة، وأنها كسب (2) للعباد (3) أحدثوها واخترعوها [وابتدعوها] (4) وفعلوها ". قلت: بل غالب الشيعة الأولى كانوا مثبتين للقدر، وإنما ظهر إنكاره في متأخريهم كإنكار الصفات، فإن غالب متقدميهم كانوا يقرون بإثبات الصفات، والمنقول عن أهل البيت في إثبات الصفات والقدر لا يكاد يحصى، وأما المقرون بإمامة الخلفاء [الثلاثة] (5) مع كونهم قدرية فكثيرون في (6) المعتزلة وغير المعتزلة. (7) فعامة القدرية تقر بإمامة الخلفاء (8) ، ولا يعرف أحد من متقدمي القدرية كان ينكر خلافة الخلفاء، وإنما ظهر هذا لما صار بعض الناس رافضيا قدريا جهميا، فجمع أصول البدع كصاحب هذا الكتاب وأمثاله. والزيدية المقرون (9) بخلافة الخلفاء الثلاثة هم (10) من الشيعة، وفيهم قدرية وغير قدرية، والزيدية خير من الإمامية، وأشبههم بالإمامية هم (11) _________ (1) لله: كذا في (ع) ، (أ) ، و ((المقالات)) وفي (ن) ، (م) : لله تعالى وفي (ب) : له. (2) المقالات: ولا محدثة له مخترعة وإنما هي كسب. (3) للعباد: كذا في (ع) ، (ن) ، (م) والمقالات: وفي: أ: العبد، ب: العبيد. (4) وابتدعوها: ساقطة من (ن) . وفي المقالات: وأبدعوها. وفي (م) : أحدثوها واخترعوها وفعلوها وأبدعوها. (5) الثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) . (6) ب، أ: من. (7) وغير المعتزلة: زيادة في (ن) ، وفي (م) : وغيرهم. (8) ب، أ: يقرون بخلافة الخلفاء: م: مقرون بإمامة الخلفاء. (9) ب (فقط) : مقرون. (10) ب، أ: وهم. (11) هم: ساقطة من (ع) ، (م) ================================ الجارودية أتباع أبي الجارود (1) الذين يزعمون (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي [بالوصف لا بالتسمية، فكان هو الإمام من بعده] (3) ، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الحسن هو الإمام، ثم الحسين. ثم من هؤلاء من يقول: إن عليا نص على إمامة الحسن، والحسن نص على إمامة الحسين، ثم هي شورى في ولدهما، فمن خرج منهم يدعو إلى سبيل ربه، وكان عالما (4) فاضلا، فهو الإمام (5) _________ (1) ب، أ، ن، م: ابن الجارود ; ع: ابن أبي الجارود. والصواب ما أثبته، وهو أبو الجارود زياد بن أبي زياد المنذر الهمذاني الخراساني العبدي ويكنى أبا النجم ويقال له أحيانا النهدي والثقفي الكوفي توفي ما بين سنة 150، 160 هـ، وهو رأس فرقة الجارودية من الزيدية. ويذكر الشهرستاني أن جعفر الصادق سماه سرحوبا، وفسر الباقر ذلك بأن سرحوبا شيطان أعمى يسكن البحر، وكان أبو الجارود - كما يقول النوبختي - أعمى البصر أعمى القلب. ويزعم الجارودية أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بالوصف دون التسمية، فكان الإمام من بعده، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. والإمام بعد علي عندهم هو الحسن ثم الحسين، ثم إن الإمامة شورى في أولاد الحسن والحسين، وقال الجارودية بالمهدية، وقال بعضهم: إن علم أولاد الحسن والحسين كعلم النبي صلى الله عليه وسلم. انظر عن الجارود والجارودية: فرق الشيعة للنوبختي (ط. الحيدرية، النجف، 1379/1959) ص 75 - 78؛ مقالات الإسلاميين 1/66 - 67؛ الملل والنحل 1/140 - 141؛ الفرق بين الفرق، ص 22 - 24؛ نشأة الفكر الفلسفي لعلي سامي النشار 2/177 - 181. (2) ب، أ: الذين زعموا. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) عالما: ساقطة من (ب) ، وفي (أ) : وكان فصلا، وهو تحريف. (5) ب، أ: فهو إمام ==================================
__________________
|
#173
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (173) صـ 11 إلى صـ 18 والفرقة الثانية (1) من الزيدية: السليمانية أصحاب (2) سليمان بن جرير، يزعمون أن الإمامة شورى، وأنها تصلح (3) بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها قد تصلح في المفضول (4) ، وإن كان الفاضل أفضل في كل حال، ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر، وقد قيل إنها كانت خطأ لا يفسق صاحبها لأجل التأويل (5) . والثالثة: (6) البترية أصحاب كثير النواء، قيل: (7) سموا بترية ; لأن كثيرا (8) كان يلقب بالأبتر. يزعمون أن عليا أفضل الناس (9) بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة، وأن بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطأ ; لأن عليا ترك ذلك لهما، ويقفون في عثمان وقتله، ولا يقدمون عليه بإكفار، كما يحكى عن السليمانية. وهذه الطائفة أمثل الشيعة، [ويسمون _________ (1) م، ن: الثالثة. (2) م فقط: هم السليمانية أتباع. . . (3) م فقط: وأن الإمامة تصلح. . . (4) ب، أ: للمفضول. (5) السليمانية أو الجريرية أصحاب سليمان بن جرير الرقي، وقد ظهر في أيام المنصور، ومن آرائهم زيادة على ما ذكره ابن تيمية: أن سليمان طعن في عثمان رضي الله عنه للأحداث التي أحدثها وأكفره بذلك، وأكفر عائشة والزبير وطلحة رضي الله عنهم لإقدامهم على قتال علي رضي الله عنه، وطعن سليمان في الإمامية الرافضة في أمور. انظر عن سليمان والسليمانية أو الجريرية: فرق الشيعة للنوبختي، ص 30، 85 - 87، مقالات الإسلاميين 1/68، 70، 71 - 72، 73 ; الفرق بين الفرق، ص 24، الملل والنحل 1/141 - 142، نشأة الفكر الفلسفي 2/186 - 188. (6) م فقط: والرابعة. (7) ب، أ: الكثيرية أصحاب كثير التوصل ; ن، م: البترية: أصحاب النواقيل. (8) ب (فقط) : سموا أبترية لأن كثيرا منهم وهو خطأ. (9) ع فقط: أن عليا كان أفضل الناس =============================== أيضا الصالحية ; لأنهم ينسبون (1) إلى الحسن بن صالح بن حي الفقيه] (2) . وهؤلاء الزيدية فيهم من هو في القدر على قول أهل السنة والجماعة وفيهم من هو على قول القدرية. الوجه الثاني: أن يقال: نقله عن الأكثر أن العبد لا تأثير له في الكفر والمعاصي نقل باطل، بل جمهور أهل السنة المثبتة (3) للقدر من جميع الطوائف يقولون (4) : " إن العبد فاعل لفعله (5) حقيقة، وأن له قدرة حقيقية واستطاعة حقيقية، وهم لا ينكرون تأثير الأسباب الطبيعية، بل يقرون بما دل عليه الشرع والعقل (6) من أن الله يخلق السحاب بالرياح، وينزل الماء بالسحاب، وينبت النبات بالماء، ولا يقولون: إن القوى والطبائع (7) الموجودة في المخلوقات لا تأثير لها، بل يقرون أن لها تأثيرا (8) لفظا ومعنى، حتى جاء لفظ " الأثر " في (* مثل قوله تعالى {ونكتب ما قدموا وآثارهم} _________ (1) ع فقط: ينتسبون. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) والبترية هم أصحاب كثير النواء الأبتر، ويتفقون مع الصالحية في مذهبهم، وانظر عن البترية والصالحية: فرق الشيعة ص 34 - 35، 77 - 78 مقالات الإسلاميين 1/68 - 69 الفرق بين الفرق، ص 24 - 25، الملل والنحل 1/142 - 143 نشأة الفكر الفلسفي 2/182 - 168. (3) ع: المثبتون. (4) ع: يقول، ن: تقول. وفي (م) الياء غير المعجمة. (5) لفعله: ساقطة من (ب) ، (أ) . (6) أ: بما يدل عليه، والعقل: ب: بما يدل عليه العقل. (7) ب: قوى الطبائع، أ: القوى الطبائع. (8) م: بل يقولون إن لها أثرا، ن: بل يقرون إن لها أثرا =================================== [سورة يس: 12] ، وإن كان التأثير هناك أعم منه في الآية، لكن يقولون: هذا التأثير هو تأثير الأسباب في مسبباتها، والله تعالى *) (1) خالق السبب والمسبب، ومع أنه خالق السبب فلا بد له من سبب آخر يشاركه، ولا بد له من معارض يمانعه، فلا يتم أثره مع خلق الله له إلا بأن يخلق الله (2) السبب الآخر ويزيل الموانع (3) . ولكن هذا القول الذي حكاه هو قول بعض المثبتة للقدر كالأشعري، ومن وافقه من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، حيث لا يثبتون في المخلوقات قوى ولا طبائع (4) ، ويقولون إن الله فعل عندها لا بها، ويقولون: إن قدرة العبد لا تأثير لها في الفعل. وأبلغ من ذلك قول الأشعري: إن الله فاعل فعل العبد، وإن عمل (5) العبد ليس فعلا للعبد بل كسبا له (6) ، وإنما هو فعل الله فقط (7) وجمهور _________ (1) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط. (2) ب: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له لا به بأن يخلق الله تعالى ; أ: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له إلا به بأن يخلق الله تعالى ; ن: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له بأن يخلق الله ; م: فلا يتم الأثر إلا مع خلق الله له بأن يخلق الله. (3) م فقط: المانع. (4) ب، أ: قوى الطبائع. (5) ن، م: فعل. (6) ب: بل كسب له، م: بل ولا كسبا له. (7) ن: فعل لله فقط، وقد لخص مستجى زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة: ولكن هذا القول الذي حكاه هو قول بعض المثبتة للقدر، إلى هذا الموضع ثم علق بقوله: قلت والعجب أن المعتزلة مع أنهم يقولون إن قدرة العبد على الإيجاد والتأثير ليست من الله تعالى فبذلك ينسبهم أكثر أهل الحق إلى الإشراك بالله، حتى قالوا: إن المجوس إنما يثبتون شريكا واحدا فقط وهو أهرمان، وأما المعتزلة فهم يثبتون لله تعالى شركاء لا تحصى من الإنس والجن والحيوانات لقولهم بأن لهم إيجاد أفعالهم الاختيارية ============================= الناس من أهل السنة من جميع الطوائف على خلاف ذلك، وعلى أن (1) العبد فاعل لفعله حقيقة (2) . وأما ما نقله من (3) نفي الغرض الذي هو الحكمة، وكون الله لا يفعل لمصلحة العباد، فقد قدمنا أن هذا (4) هو قول قليل منهم، كالأشعري، وطائفة توافقه في موضع، ويتناقضون في قولهم في موضع آخر (5) . وجمهور أهل السنة يثبتون الحكمة في أفعال الله تعالى، وأنه يفعل لنفع عباده ومصلحتهم، ولكن لا يقولون بما تقوله المعتزلة ومن وافقهم: [بأن ما حسن منه حسن من خلقه، وما قبح من خلقه قبح منه] (6) فلا هذا ولا هذا. [وأما لفظ " الغرض " فتطلقه المعتزلة وبعض المنتسبين لأهل السنة، (7) ويقولون: إنه يفعل لغرض أي حكمة، وكثير من أهل السنة يقولون: " يفعل " (8) لحكمة ولا يطلقون لفظ " الغرض "] (9) . وأما قوله: " وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر، ولا يريد منه الطاعة " فهذا قول طائفة منهم، وهم الذين يوافقون القدرية، فيجعلون _________ (1) ب، أ: وأن. (2) بعد كلمة: حقيقة. جاءت في (ب) ، (أ) عبارة: والله تعالى أعلم. (3) ن، م: عن. (4) م فقط: أن ذلك. (5) ن، م: يوافقونه في موضع، ويناقضون قولهم في موضع آخر. (6) أ: بأن ما حسن منه حسن من خلقه وما قبح من خلقه قبح من خلقه، ب: بأن ما حسن من خلقه حسن منه وما قبح من خلقه قبح منه، وسقطت هذه العبارات من (ن) ، (م) . (7) ع: وبعض المنتسبين إلى السنة. (8) يفعل: في (ع) فقط. (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ============================== المشيئة والإرادة والمحبة والرضا نوعا واحدا (1) ، ويجعلون المحبة والرضا والغضب بمعنى الإرادة، كما يقول ذلك الأشعري في المشهور عنه، وأكثر أصحابه، وطائفة ممن يوافقهم من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد. وأما جمهور أهل السنة من جميع الطوائف، وكثير من أصحاب الأشعري وغيرهم (2) ، فيفرقون بين الإرادة وبين المحبة والرضا، فيقولون: إنه وإن كان يريد المعاصي فهو لا يحبها ولا يرضاها، بل يبغضها ويسخطها وينهى عنها، وهؤلاء يفرقون بين مشيئة الله وبين محبته. وهذا قول السلف قاطبة. وقد ذكر أبو المعالي الجويني أن هذا قول القدماء من أهل السنة وأن الأشعري خالفهم فجعل (3) الإرادة هي المحبة (4) ، فيقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما شاء الله فقد خلقه. وأما المحبة فهي متعلقة بأمره (5) ، فما أمر به فهو يحبه ولهذا اتفق الفقهاء (6) على أن الحالف لو قال: (7) _________ (1) وهم الذين يوافقون القدرية. . . والمحبة والرضا نوعا واحدا: بدل هذه العبارات جاء في (ن) ، (م) : وهم الذين يجعلون الإرادة نوعا واحدا. (2) وغيرهم: ساقط من (ب) ، (أ) ، (م) . (3) م: وأن الأشعرية خلافهم فجعل، ن: وأن الأشعرية خالفتئهم فجعل. (4) علق مستجى زاده على هذا الكلام بقوله: " وقد رأيت في كلام إمام الحرمين أن الله تعالى يحب الكفر ويرضاه، تعالى الله عن ذلك، وله - تجاوز الله [عنه]- آراء متباينة فيصرح في تأليف له بعقيدة وفي تأليف آخر بعقيدة متباينة لها فصرح في الإرشاد: أنا ندين الله تعالى بأن الأفعال الاختيارية للعبد ليس لقدرة العبد تأثير فيها، وإنما هي محض خلق الله تعالى وإيجاده وصرح في الرسالة النظامية بأن للعبد قدرة وتأثيرا فيها، حتى أن شارح " المقاصد " أنكر وقوع ذلك عن الإمام احتجاجا بكلامه في " الإرشاد " ولعله لم ير الرسالة النظامية (5) ب، أ: فهي منفعلة من أمره، ن، م: فمتعلقة بأمره (6) ب، أ، ن: العلماء. (7) ب، أ: إذا قال ================================ " والله لأفعلن كذا إن شاء الله " لم يحنث إذا لم يفعله (1) وإن كان واجبا أو مستحبا ولو قال (2) إن أحب الله حنث إذا كان واجبا أو مستحبا. والمحققون من هؤلاء يقولون: الإرادة في كتاب الله تعالى نوعان: إرادة خلقية (3) قدرية كونية، وإرادة دينية [أمرية] شرعية (4) فالإرادة الشرعية الدينية هي المتضمنة للمحبة والرضا والكونية هي [المشيئة] (5) الشاملة لجميع الحوادث، كقول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وهذا كقوله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] وقوله عن نوح {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} [سورة هود: 34] . فهذه الإرادة (6) تعلقت بالإضلال والإغواء وهذه هي المشيئة فإن ما شاء الله كان. [ومنها قوله: {ولكن الله يفعل ما يريد} [سورة البقرة: 253] أي ما شاء خلقه (7) لا ما يأمر به] (8) . وقد يريد (9) بالإرادة المحبة، كما يقال لمن يفعل الفاحشة: هذا فعل (10) ما _________ (1) أ، ن: والله لأفعلن هذا كذا إن شاء الله وفعله لم يحنث. (2) بدلا من " ولو قال " جاء في (م) : وإن كان. (3) خلقية: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) . وفي (ن) : نوعية، وهو تحريف. (4) ن، م: وإرادة شرعية دينية. (5) المشيئة: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ب، أ، م: فهذه الآية خطأ. (7) ع (فقط) : أي ما يشاء خلقه. (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (9) ب (فقط) : وقد يراد ; ن، م: فقد يريد. (10) ن: يفعل ; م: الفعل ================================== لا يريده الله تعالى وقد يريد المشيئة كما يقولون لما لم يكن: [هذا لم] يرده الله (1) . وأما الدينية فقول الله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [سورة البقرة: 185] . وقوله: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم - والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما - يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} [سورة النساء: 26، 28] . وقوله: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} [سورة المائدة: 6] . وقوله {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [سورة الأحزاب: 33] . (2) فهذه الإرادة في هذه الآيات ليست هي التي يجب مرادها (3) ، كما في قوله {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [سورة الأنعام: 120] وقول المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، بل هي المذكورة في مثل قول الناس لمن يفعل القبائح: هذا يفعل (4) ما لا يريده الله، أي لا يحبه ولا يرضاه ولا يأمر به. وهذا التقسيم في الإرادة قد ذكره غير واحد من أهل السنة وذكروا أن _________ (1) ن: لم يكن يرده الله ; وسقطت كلمة الجلالة من (أ) ، (ب) . (2) بعد هذه الآية في (ب) ، (أ) : " وقوله: (ولكن الله يفعل ما يريد) أي ما شاء خلقه ". أقحمه الناسخ سهوا. وقد نبه محقق نسخة (ب) على ذلك فقال: ولا محل لهذه الآية هنا فإنها ذكرت قبل في الإرادة الكونية فلعلها هنا مكررة من الناسخ (3) ن: ليست هي بحيث يجب مرادها ; م: ليست هي بحسب مرادها. (4) ب، أ: فعل ======================================= المحبة والرضا ليست هي الإرادة الشاملة لكل المخلوقات، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة [ومالك والشافعي] وأحمد وغيرهم (1) كأبي بكر عبد العزيز وغيره، وإن كان طائفة أخرى يجعلون المحبة والرضا هي الإرادة والأول أصح. وأيضا فالفرق ثابت بين إرادة المريد (2) أن يفعل، وبين إرادته من غيره أن يفعل (3) ، والأمر لا يستلزم الإرادة الثانية (4) دون الأولى ; فالله تعالى إذا أمر العباد بأمر (5) ، فقد يريد إعانة المأمور على ما أمره به (6) وقد لا يريد ذلك وإن كان مريدا منه فعله (7) . وتحقيق هذا مما يبين فصل النزاع في أمر الله: هل هو مستلزم لإرادته أم لا؟ فلما زعمت المعتزلة أنه لا بد أن يشاء ما يأمر به فيريده، وزعموا أن ما نهى عنه ما شاء وجوده ولا أراده قابلهم كثير (8) من متأخري المثبتين للقدر (9) ممن اتبع أبا الحسن من المصنفين في أصول الفقه [وغيرهم (10) ] من أصحاب _________ (1) وأحمد: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : أحمد وأبي حنيفة وغيرهما ; وفي (ع) اختلف ترتيب الأسماء. (2) ب، أ: بين الإرادة والمريد، وهو خطأ. (3) ب، أ: من غير أن يفعل، وهو خطأ. (4) ع، م: الثابتة. (5) م (فقط) : إذا أقر العباد بأمر، وهو تحريف. (6) ن: على فعل ما أمره به ; م: على فعل ما أمر به. (7) ع: وإن كان مريدا فعله منه ; م: وإن كان مريدا منه لفعله. (8) ب: ما شاء وجوده لإرادة ما قابله وكثير. . ; أ: ما شاء وجوده لإرادة قابلة وكثير. . . ; ن، م: فما شاء وجوده ولا إرادة قابلهم كثير. (9) للقدر: ساقطة من (ب) فقط. (10) ب، أ: وغيره. وهي ساقطة من (ن) ، (م) =====================================
__________________
|
#174
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (174) صـ 19 إلى صـ 26 مالك والشافعي وأحمد، فقالوا: إن الله يأمر بما لا يريده (1) ، كالكفر والفسوق والعصيان. واحتجوا على ذلك بما أنه لو حلف على واجب ليفعلنه (2) وقال: " إن شاء الله " [فإنه] لا يحنث (3) ، وبأن الله أمر إبراهيم بذبح ولده ولم يرده منه (4) ، بل نسخ ذلك قبل فعله، وكذلك الخمسون صلاة ليلة المعراج. وحقيقته أنه يأمر بما لا يشاء أن يخلقه، لكن لا يأمر إلا بما يحبه ويرضاه فيريد من العبد أن يفعله، بمعنى أنه يحب ذلك ولا يريد (5) هو أن يخلقه فيعين العبد عليه، [وهذا كالكفر والفسوق والعصيان] (6) ، ولو حلف الحالف: " ليفعلن كذا إن شاء الله " لم يحنث وإن كان واجبا. ولو قال: " إن أحب الله " (7) حنث، كما لو قال: [إن أمر الله، ولو قال] لأفعلنه إذا أراد الله (8) ، [فقد يريد بالإرادة المحبة، كما يقولون لمن يفعل القبائح: يفعل ما لا يريده الله (9) ، وقد يريد المشيئة كما يقولون لما لم يكن: هذا لم يرده الله تعالى (10) ، فإن أراد هذا حنث 0 _________ (1) ب، أ: إن الله يأمر بما لا يريد، ن: إن الله لا يأمر بما لا يريده ; م: إن الله لا يأمر بما لا يريد. (2) ب، أ: ليفعله. (3) ب، أ: إن شاء الله لا يحنث ; ن: إن شاء الله لم يحنث ; م: إن شاء الله لم يجب. (4) ن، م: وبأن الله أمر إبراهيم بذبح ابنه ولم يرده. (5) ع، م: لا يريد. (6) وهذا كالكفر والفسوق والعصيان: هذه الكلمات ساقطة من (ن) ، (م) . (7) ع: وإن قال إن أحب الله ; م: ولو كان إن أحب الله. (8) إن أمر الله ولو قال: ساقطة من (ن) ، (م) . (9) ن، م: لا أفعله إن أراد الله. وبعد هذه العبارات يوجد سقط في (ن) ، (م) حتى كلمة " فصل " وتوجد عبارة قبل ذلك هي: " والكلام على هذا مبسوط في موضع آخر ". (10) الله تعالى: في (ع) فقط ================================= وأما أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم بذبح ابنه، فإنه كان الذي يحبه ويريده منه في نفس الأمر: أن قصد إبراهيم الامتثال وعزم (1) على الطاعة، فأظهر (2) الأمر امتحانا له وابتلاء، فلما أسلما وتله للجبين ناداه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. وكذلك الأمر بالخمسين] (3) . [فصل كلام للرافضي في مسألة القدر يستلزم أشياء شنيعة منها أن يكون الله أظلم من كل ظالم والرد عليه] [فصل] قال المصنف (4) الرافضي (5) : " وهذا يستلزم أشياء شنيعة منها: أن يكون الله أظلم من كل ظالم، لأنه يعاقب الكافر على كفره وهو قدره عليه، ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان، فكما أنه يلزم الظلم لو عذبه على لونه وطوله وقصره لأنه لا قدرة له فيها، كذا (6) يكون ظالما لو عذبه على المعصية التي فعلها فيه ". فيقال: الظلم قد تقدم أن للجمهور المثبتين للقدر في تفسيره قولين: (7) أحدهما: أن الظلم ممتنع لذاته غير مقدور، كما يصرح بذلك الأشعري، والقاضي أبو بكر، وأبو المعالي، والقاضي أبو يعلى، وابن الزاغوني (8) ، وغير _________ (1) ع: وعزمه. (2) ب، أ: وأظهر. (3) وكذلك الأمر بالخمسين: في (ع) فقط. وما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) المصنف: ساقطة من (ب) ، (أ) . (5) ن، م: الإمامي. والعبارات التالية في (ك) 1/85 (م) - 86 (م) . (6) ب، أ: كذلك. (7) ع، أ: قولان، وهو خطأ. (8) م (فقط) : وابن الزعفراني، وهو تحريف ================================== هؤلاء: (1) يقولون: (2) إنه يمتنع أن يوصف بالقدرة على الكذب (3) والظلم وغيرهما من أنواع (4) القبائح، ولا يصح وصفه بشيء من ذلك. قالوا: والدلالة على استحالة وقوع الظلم والقبيح (5) منه [أن الظلم والقبيح] (6) ما شرع الله وجوب ذم فاعله، وذم الفاعل لما ليس له فعله، ولن يكون كذلك حتى يكون متصرفا فيما غيره أملك به وبالتصرف فيه منه، فوجب استحالة ذلك في حقه من حيث [إنه] (7) لم يكن آمرا لنا (8) بذمه، ولا كان ممن يجوز دخول أفعاله تحت تكليف من نفسه لنفسه (9) ، ولا يكون فعله تصرفا في شيء غيره أملك به (10) ، فثبت [بذلك] (11) استحالة تصوره في حقه. وحقيقة قول هؤلاء أن الذم إنما يكون لمن تصرف في ملك غيره ومن عصى الآمر (12) [الذي فوقه] (13) ، والله سبحانه وتعالى يمتنع أن يأمره أحد، ويمتنع أن يتصرف في ملك غيره، فإن له كل شيء. _________ (1) ب، أ: وغيرهم. (2) ب، أ: ولا يقولون، وهو خطأ. (3) ن، م: ويقولون إنه غير قادر على الكذب. (4) أنواع: زيادة في (ن) ، (م) . (5) ع: والقبح. (6) والقبيح: في (ع) ، (م) فقط. وسقطت عبارة " أن الظلم والقبيح " من (ن) . (7) إنه: في (ع) فقط. (8) ب، أ: لم يكن أمر الناس ; ن، م: لم يكن لنا آمرا. (9) لنفسه: ساقطة من (ب) ، (أ) . (10) ن: منه. (11) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) . (12) ب (فقط) : أمر. (13) الذي فوقه: ساقطة من (ن) ، (م) ================================== وهذا القول يروى عن (1) إياس بن معاوية (2) ، قال: ما خاصمت بعقلي كله إلا القدرية، قلت: لهم (3) أخبروني ما الظلم؟ قالوا: (4) أن يتصرف الإنسان في ما ليس له. قلت: فلله كل شيء. وهم (5) لا يسلمون أنه لو عذبه بسبب لونه وطوله وقصره كان ظالما حتى يحتج عليهم بهذا القياس، بل يجوزون التعذيب لا بجرم (6) سابق ولا لغرض لاحق. وهذا المشنع لم يذكر دليلا على بطلانه، فلم يذكر دليلا على بطلان قولهم. والقول الثاني: أن الظلم مقدور، والله تعالى منزه عنه. وهذا قول الجمهور [من المثبتين للقدر ونفاته، وهو قول كثير من النظار المثبتة للقدر، كالكرامية، وغيرهم، وكثير من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهو قول القاضي أبي خازم (7) . (8) وغيره وهذا] (9) كتعذيب الإنسان بذنب غيره، كما قال تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} [سورة طه 112] . _________ (1) ب، أ: يرد على، وهو تحريف. (2) أبو واثلة إياس بن معاوية بن قرة المزني، سبقت ترجمته 2/304. (3) لهم: زيادة في (ب) ، (أ) فقط. (4) ع: قال، وهو خطأ. (5) ن، م: وهؤلاء. (6) ع: بلا ظلم ; م: بلا جرم. (7) ب، أ، ع،: أبي حازم. وهو محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء. سبقت ترجمته 1/143، 2/286 (8) بن القاضي أبي يعلى (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ============================ وهؤلاء يقولون: الفرق بين تعذيب الإنسان على فعله الاختياري وغير فعله الاختياري مستقر في فطر العقول، فإن الإنسان لو كان له ابن (1) في جسمه مرض (2) أو عيب خلق فيه لم يحسن (3) ذمه ولا عقابه على ذلك، ولو ظلم ابنه أحدا لحسن (4) عقوبته على ذلك. ويقولون: الاحتجاج بالقدر على الذنوب مما يعلم بطلانه بضرورة العقل، فإن الظالم لغيره لو احتج بالقدر لاحتج ظالمه بالقدر أيضا (5) ، فإن كان القدر حجة لهذا فهو حجة لهذا، وإلا فلا. (6) والأولون أيضا يمنعون الاحتجاج بالقدر، فإن الاحتجاج به باطل باتفاق أهل الملل وذوي العقول، وإنما يحتج به على القبائح والمظالم من هو متناقض القول متبع لهواه، كما قال بعض العلماء: أنت عند الطاعة قدري، وعند المعصية جبري، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به. ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش والمظالم لم يحسن أن يلوم (7) أحد أحدا، ولا يعاقب أحد أحدا، فكان (8) للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه (9) من المظالم والقبائح، ويحتج بأن ذلك مقدر عليه (10) . _________ (1) له ابن: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (م) ، (ن) : له أثر، وهو تحريف. (2) ب، أ: برص. (3) ب، أ: يستحسن. (4) ب، أ: يحسن. (5) ب، أ: أيضا بالقدر. (6) عبارة: " وإلا فلا " ساقطة من (ع) فقط. (7) ن: أن يلزم ; م: أن يلزمه. (8) ن، م، ب: وكان. (9) م: ما شاء. (10) ع، م: مقدر علي ; ن: مقدور علي =================================== والمحتجون على المعاصي بالقدر أعظم بدعة وأنكر قولا وأقبح طريقا من المنكرين للقدر، فالمكذبون بالقدر من المعتزلة والشيعة وغيرهم المعظمون للأمر (1) والنهي والوعد والوعيد، خير من الذين يرون القدر حجة لمن ترك المأمور وفعل المحظور، كما يوجد ذلك (2) في كثير من المدعين للحقيقة (3) الذين يشهدون القدر (4) ، ويعرضون عن الأمر والنهي، من الفقراء والصوفية والعامة وغيرهم، فلا عذر لأحد في ترك مأمور ولا فعل محظور (5) بكون ذلك مقدرا (6) عليه، بل لله الحجة البالغة على خلقه. والقدرية المحتجون بالقدر على المعاصي شر من القدرية المكذبين بالقدر، وهم أعداء الملل. وأكثر ما أوقع الناس في التكذيب بالقدر احتجاج هؤلاء به. ولهذا اتهم بمذهب القدر غير واحد ولم يكونوا قدرية، بل كانوا (7) لا يقبلون الاحتجاج على المعاصي بالقدر (8) ، كما قيل للإمام أحمد: كان ابن أبي ذئب قدريا، فقال: الناس (9) كل من شدد عليهم المعاصي، قالوا هذا قدري (10) وقد قيل إنه بهذا السبب (11) نسب إلى _________ (1) ن، م: المعطلون الأمر، ع: المعصمون للأمر، وهو تحريف. (2) ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ) . (3) للحقيقة: ساقطة من (ب) ، (أ) . (4) ب، أ: للقدر، وهو تحريف. (5) ب، أ: في ترك المأمور ولا فعل المحظور. (6) ب، أ، م: مقدورا. (7) ن، م، ع: ولكن كانوا. (8) ع: على المعاصي للمعاصي بالقدر. (9) الناس: ساقطة من (ع) فقط. (10) ن، م: هو قدري، وابن أبي ذئب من أهل المدينة، وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، توفي سنة 158، قال مالك بن أنس: لو برئ ابن أبي ذئب من القدر، ما كان على وجه الأرض خير منه، انظر ترجمته في فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص [0 - 9] 8، 335، تهذيب التهذيب 9/303 - 307 الأعلام 7/61. (11) ب، أ: وقد قيل لهذا السبب =============================== الحسن (1) القدر، لكونه كان شديد الإنكار للمعاصي ناهيا عنها، ولذلك نجد الواحد من هؤلاء ينكر على من ينكر المنكر، ويقول: هؤلاء قدر عليهم ما فعلوه (2) . فيقال لهذا (3) : وإنكار هذا المنكر أيضا بقدر الله، فنقضت قولك بقولك. وهؤلاء يقول بعض مشايخهم: أنا كافر برب يعصى، ويقول: لو قتلت سبعين نبيا لم أكن مخطئا (4) ويقول بعض شعرائهم: أصبحت منفعلا لما يختاره مني ففعلي كله طاعات (5) . ومن الناس من يظن أن احتجاج آدم على موسى بالقدر كان من هذا الباب، وهذا (6) جهل عظيم، فإن الأنبياء من أعظم الناس أمرا بما أمر الله به، ونهيا عما نهى الله عنه، وذما لمن ذمه الله، وإنما بعثوا بالأمر بالطاعة لله (7) ، والنهي عن معصية الله، فكيف يسوغ أحد منهم (8) أن يعصي عاص لله محتجا بالقدر؟ ولأن آدم عليه السلام كان قد تاب من الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولأنه لو كان القدر حجة لكان حجة لإبليس وفرعون وسائر الكفار، ولكن كان ملام موسى لآدم [عليهما السلام] (9) لأجل المصيبة (10) _________ (1) وهو الحسن البصري. (2) ما فعلوه: زيادة في (ب) ، (أ) . (3) أ: فيقال هذا المنكر، ب: فيقال لهذا المنكر. (4) ن، م، ع: ما كنت مخطئا. (5) ع فقط: طاعاتي. (6) ب: وهو. وسقطت من (أ) . (7) ن، م، ع: بطاعة الله. (8) ب، أ: واحد منهم. (9) عليهما السلام: زيادة في (ع) فقط. (10) ب، أ: لأجل المعصية، م: بسبب المصيبة ===================================
__________________
|
#175
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (175) صـ 27 إلى صـ 34 تعالى (1) ، بل عليه أن لا يفعلها، وإذا فعلها فعليه أن يتوب منها، كما فعل (2) آدم. ولهذا قال بعض الشيوخ: (3) اثنان أذنبا ذنبا: آدم وإبليس (4) فآدم تاب فتاب الله عليه [واجتباه وهداه] ، وإبليس (5) أصر واحتج بالقدر، فمن تاب من ذنبه أشبه أباه آدم، ومن أصر واحتج بالقدر أشبه إبليس. وإذا كان الفرق بين الفاعل المختار (6) وبين غيره مستقرا في بدائه (7) العقول، حصل المقصود. وكذلك إذا كان مستقرا في بدائه (8) العقول أن الأفعال الاختيارية تكسب نفس الإنسان صفات محمودة وصفات مذمومة، بخلاف لونه وطوله وعرضه، فإنها لا تكسبه ذلك. فالعلم النافع، والعمل الصالح، والصلاة الحسنة، وصدق الحديث، وإخلاص العمل لله، وأمثال ذلك: تورث القلب صفات محمودة. كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن للحسنة لنورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة لسوادا في الوجه، وظلمة (9) في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضا في قلوب الخلق. _________ (1) بالقدر قدر الله تعالى. (2) ع: فعله. (3) ن، م:. . . آدم قال بعض السلف. (4) ب، أ: إبليس وآدم. (5) ن: تاب فتاب الله عليه وإبليس؛ م: تاب وإبليس؛ ب، أ: تاب فتاب الله عليه واختاره وهداه، وإبليس. (6) ب، أ، ن: بين تعذيب الفاعل المختار. (7) ب، أ، ن: بداية. (8) ب، أ، ن: بداية. (9) ع: وظلما ==================================== ففعل الحسنة له آثار محمودة موجودة (1) في النفس وفي الخارج، وكذلك فعل (2) السيئات. والله تعالى جعل الحسنات سببا لهذا، [والسيئات سببا لهذا، كما جعل أكل السم سببا للمرض والموت. وأسباب الشر لها أسباب تدفع بمقتضاها] (3) ، فالتوبة والأعمال الصالحة تمحى بها السيئات، والمصائب في الدنيا تكفر بها السيئات، كما أن السم تارة يدفع موجبه بالدواء، وتارة يورث مرضا يسيرا، ثم تحصل العافية. وإذا قيل: خلق الفعل مع حصول العقوبة عليه (4) ظلم، كان بمنزلة أن يقال: خلق أكل (5) السم ثم حصول الموت به ظلم. والظلم وضع الشيء في غير موضعه، واستحقاق هذا الفاعل لأثر فعله الذي هو معصية الله، كاستحقاقه لأثره إذا ظلم العباد (6) . وهذا الآن ينزع (7) إلى مسألة التحسين والتقبيح، فإن الناس متفقون على أن كون الفعل يكون سببا لمنفعة العبد وحصول ما يلائمه، وسببا لحصول مضرته، وحصول ما ينافيه، قد يعلم بالعقل، وكذلك كونه قد يكون صفة كمال وصفة نقص، وإنما تنازعوا في كونه [يكون] (8) سببا للعقاب والذم على قولين مشهورين. _________ (1) موجودة: ساقطة من (ب) ، (أ) . (2) فعل: ساقطة من (ب) ، (أ) . (3) ع: تدفع مقتضاها، والكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) م: ثم العقوبة عليه. (5) ن: آكل، م: كل، وسقطت الكلمة من (ب) ، (أ) . (6) ن، م: العبد. (7) ب، أ: وهذا إلا أن ينزع. (8) يكون: زيادة في (م) ================================== والنزاع في ذلك بين أصحاب أحمد، وبين أصحاب (1) مالك، وبين أصحاب (2) الشافعي وغيرهم. وأما أبو حنيفة وأصحابه فيقولون بالتحسين والتقبيح، وهو قول جمهور الطوائف من المسلمين وغيرهم، وفي الحقيقة فهذا النزاع (3) يرجع إلى الملاءمة والمنافرة (4) ، والمنفعة والمضرة، فإن الذم والعقاب مما يضر العبد ولا يلائمه، فلا يخرج الحسن (5) والقبح عن حصول المحبوب والمكروه، فالحسن ما حصل المحبوب المطلوب المراد لذاته (6) ، والقبيح ما حصل المكروه البغيض، فإذا كان الحسن يرجع إلى المحبوب، والقبيح يرجع إلى المكروه، بمنزلة النافع والضار، والطيب والخبيث، ولهذا يتنوع بتنوع الأحوال، فكما أن الشيء الواحد يكون نافعا إذا صادف حاجة، ويكون ضارا في موضع آخر، كذلك الفعل كأكل الميتة يكون قبيحا تارة ويكون حسنا أخرى. وإذا كان كذلك فهذا الأمر لا يختلف، سواء كان العبد هو الفاعل (7) بغير أن يخلق الله له القدرة والإرادة، أو بأن يخلق الله له ذلك، كما في سائر ما هو نافع وضار ومحبوب ومكروه. وقد دلت الدلائل اليقينية على أن كل حادث فالله خالقه، وفعل العبد من جملة الحوادث، وكل ممكن يقبل الوجود والعدم، فإن شاء الله كان وإن لم يشأ _________ (1) ب، أ: وأصحاب. (2) ب، أ: وأصحاب. (3) ن، م، ب، أ: النوع. (4) ب، أ، ع: والمنافاة. (5) ب، أ: للحسن. (6) ع (فقط) : المراد له. (7) ع (فقط) : سواء الفاعل العبد ================================= لم يكن، وفعل العبد من جملة الممكنات ; وذلك لأن (1) العبد إذا فعل الفعل فنفس الفعل حادث بعد أن لم يكن، فلا بد له (2) من سبب. وإذا قيل: حدث بالإرادة، فالإرادة أيضا حادثة، فلا بد لها من سبب. وإن شئت قلت (3) : الفعل ممكن فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح. وعلى طريقة بعضهم (4) فلا (5) يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح. وكون العبد فاعلا له حادث ممكن، فلا بد له من محدث مرجح، ولا فرق في ذلك بين حادث وحادث. (* [والمرجح لوجود الممكن لا بد أن يكون تاما مستلزما (6) وجود الممكن، وإلا فلو كان مع وجود المرجح يمكن وجود الفعل تارة وعدمه أخرى، لكان ممكنا بعد حصول المرجح، يمكن وجوده وعدمه، وحينئذ فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، وهذا المرجح إما أن يكون تاما مستلزما وجود الفعل، (وإما أن يكون الفعل) (7) معه يمكن (8) وجوده وعدمه، فإن كان الثاني لزم أن لا يوجد الفعل بحال، ولزم التسلسل الباطل. _________ (1) ب، أ، م: أن. (2) له: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وفي (ن) : ولا بد له. (3) ب، أ: وإن سبب قلب، وهو تصحيف. (4) ب، أ: وعلى طريقة أحدهم، ن، م: وطريقة بعضهم. (5) ع: لا. (6) ع: يستلزم. (7) ما بين القوسين في (ع) فقط. (8) ب، أ: بل، وهو تحريف =============================== فعلم أن الفعل لا يوجد إلا إذا وجد مرجح تام يستلزم وجوده، وذلك المرجح التام هو الداعي التام (والقدرة) (1) وهذا مما سلمه طائفة من المعتزلة كأبي الحسين البصري وغيره؛ سلموا أنه إذا وجد الداعي التام والقدرة التامة لزم وجود الفعل، وأن الداعي والقدرة خلق لله عز وجل، وهذا حقيقة قول أهل السنة (2) الذين يقولون: (إن الله خالق أفعال العباد كما أن الله خالق كل شيء، فإن أئمة أهل السنة يقولون (3) إن الله خالق الأشياء بالأسباب، وأنه خلق للعبد قدرة (4) يكون بها فعله، وأن (5) العبد فاعل لفعله حقيقة، فقولهم في خلق فعل العبد بإرادته وقدرته (6) كقولهم في خلق سائر الحوادث بأسبابها، ولكن ليس هذا قول من ينكر الأسباب والقوى التي في الأجسام وينكر تأثير القدرة (التي للعبد) (7) التي بها يكون الفعل، ويقول: إنه لا أثر لقدرة العبد أصلا في فعله (8) ، كما يقول ذلك جهم وأتباعه (9) ، والأشعري ومن وافقه. وليس قول هؤلاء قول أئمة السنة ولا جمهورهم، بل أصل هذا القول هو قول الجهم بن صفوان، فإنه كان يثبت مشيئة الله تعالى، وينكر أن يكون له _________ (1) والقدرة: في (ع) فقط. (2) ع: أئمة السنة. (3) ما بين القوسين في (ع) فقط. (4) ب، أ: والله خلق العبد وقدره. . . إلخ. (5) ب، أ: فإن. (6) ب، أ: بإرادة وقدرة. (7) التي للعبد: في (ع) فقط. (8) ع فقط: أصلا في فعله أصلا. (9) ب، أ: كما يقول ذلك ما يقوله جهم وأتباعه =============================== حكمة أو رحمة، وينكر أن يكون للعبد فعل أو قدرة مؤثرة. وحكي عنه أنه كان يخرج إلى الجذمى ويقول: أرحم الراحمين يفعل (مثل) (1) هذا؟ إنكارا لأن تكون له رحمة يتصف بها، وزعما منه أنه ليس إلا مشيئة محضة لا اختصاص لها بحكمة، بل يرجح أحد المتماثلين بلا مرجح. وهذا قول طائفة من المتأخرين، وهؤلاء يقولون: إنه لم يخلق لحكمة، ولم يأمر لحكمة، وأنه ليس في القرآن " لام " كي، لا في خلق الله ولا في أمر الله. (2) وهؤلاء الجهمية المجبرة هم والمعتزلة والقدرية في (3) طرفين متقابلين (4) . وقول سلف الأمة وأئمة السنة وجمهورها ليس قول هؤلاء ولا قول هؤلاء، وإن كان كثير من المثبتين للقدر يقول بقول جهم، فالكلام (5) إنما هو في أهل السنة المثبتين لإمامة أبي بكر وعمر وعثمان والمثبتين للقدر. وهذا الاسم يدخل فيه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وأئمة التفسير والحديث والفقه _________ (1) مثل: زيادة في (ع) . (2) ب، أ: ولا في أمره. (3) ب، أ: من. (4) كتب مستجى زاده في هامش (ع) : وهؤلاء الجهمية هم والمعتزلة القدرية في طرفين متقابلين، لأن عند المعتزلة أفعال العباد بقدرتهم وإيجادهم لا مدخل لقدرته وخلقه فيها، وعند المجبرة أنها بمحض قدرة الله تعالى وإيجاده وخلقه لا مدخل لقدر العبد وإيجاده فيها. قلت: إلا أنه فرق بين قول جهم وبين قول الأشعري بأنه وإن قال بقدرة غير مؤثرة في العبد إلا أن للعبد قدرة يخلق الله تعالى عندها، كالنار التي يخلق عندها الإحراق، كذلك القدرة المتحققة في العبد يترتب عليها الفعل الاختياري، فالنار والقدرة هما سببان ماديان لأثرهما من الإحراق والفعل، لا سببان حقيقيان لهما، والمؤثر الحقيقي والسبب الحقيقي هو الله تعالى. (5) ب، أ: والكلام ================================== والتصوف، وجمهور المسلمين، وجمهور طوائفهم، لا يخرج عن هذا إلا بعض الشيعة، وأئمة هؤلاء وجمهورهم على القول الوسط الذي ليس هو قول المعتزلة ولا قول جهم وأتباعه الجبرية، فمن قال إن شيئا من الحوادث أفعال الملائكة والجن والإنس لم يخلقها الله تعالى، فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع السلف والأدلة العقلية] (1) *) (2) . ولهذا قال بعض السلف من قال: إن كلام الآدميين أو أفعال (3) العباد غير مخلوقة، فهو بمنزلة من قال: إن سماء الله وأرضه غير مخلوقة. والله تعالى يخلق ما يخلق (4) لحكمة كما تقدم، ومن جملة المخلوقات ما قد يحصل به (5) ضرر عارض لبعض الناس، كالأمراض والآلام وأسباب ذلك، فخلق الصفات والأفعال التي هي أسبابه (6) من جملة ذلك. فنحن نعلم أن لله في ذلك حكمة، (* وإذا كان قد فعل ذلك لحكمة خرج عن أن يكون سفها، وإذا كان العقاب على فعل العبد الاختياري لم يكن ظلما. فهذا الحادث بالنسبة إلى الرب له فيه حكمة *) (7) يحسن (8) لأجل تلك الحكمة وبالنسبة (9) إلى العبد عدل، لأنه عوقب على فعله، فما ظلمه الله ولكن هو ظلم نفسه. _________ (1) ما بين المعقوفتين ساقط (ن) ، (م) . (2) ما بين النجمتين (والمرجح لوجود الممكن (ص [0 - 9] 0) . . . . . السلف والأدلة العقلية (ص 33) : ساقط من (ن) ، (م) . (3) ن، م: وأفعال. (4) ن، م، ب، أ: ما يخلقه. (5) م (فقط) : ما يحصل منه. (6) ب (فقط) : أسباب. (7) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط. (8) ب، أ، ن: تحسن، وفي (م) الكلمة غير معجمة. (9) ب، أ: بالنسبة ================================ واعتبر ذلك بأن يكون غير الله هو الذي عاقبه على ظلمه، لو (1) عاقبه ولي أمر على عدوانه على الناس فقطع (2) يد السارق، أليس ذلك عدلا (3) من هذا الوالي؟ وكون الوالي مأمورا بذلك يبين (4) أنه عادل. لكن المقصود هنا أنه مستقر في فطر الناس وعقولهم أن ولي الأمر إذا أمر الغاصب برد المغصوب إلى مالكه، وضمن التالف بمثله، أنه يكون حاكما بالعدل، وما زال العدل معروفا في القلوب والعقول. ولو قال هذا المعاقب: أنا قد قدر علي هذا، لم يكن هذا (5) حجة له، ولا مانعا لحكم الوالي أن يكون عدلا. فالله تعالى أعدل العادلين إذا اقتص (6) للمظلوم من ظالمه في الآخرة أحق بأن يكون ذلك عدلا منه، فإن (7) قال الظالم: هذا كان مقدرا علي، لم يكن هذا عذرا صحيحا ولا مسقطا لحق المظلوم، وإذا كان الله هو الخالق لكل شيء فذاك (8) لحكمة أخرى له في الفعل، فخلقه حسن بالنسبة إليه لما [له] (9) فيه من الحكمة، والفعل القبيح المخلوق قبيح من فاعله (10) ، لما عليه _________ (1) ب، أ: ولو. (2) ن، م: فيقطع. (3) ع: أليس في ذلك عدلا ; ن، م: أليس ذلك عدل. (4) ن: يتبين، أ، ع: تبين. (5) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) . (6) ب، أ: إذا اقتضى. (7) ب، أ: فإذا. (8) ب، أ: فذلك. (9) له: في (ع) فقط. (10) ن، م: والفعل القبيح من المخلوق هو قبيح من فاعله =================================
__________________
|
#176
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (176) صـ 35 إلى صـ 42 فيه من المضرة، كما أن أمر الوالي بعقوبة الظالم يسر الوالي لما فيه من الحكمة (1) ، وهو عدله وأمره بالعدل، وذلك يضر المعاقب لما عليه فيه من الألم. ولو قدر أن هذا الوالي كان سببا في حصول ذلك الظلم، على وجه لا يلام عليه، لم يكن عذرا للظالم، مثل حاكم شهد عنده بينة (2) بمال لغريم (3) ، فأمر بحبسه أو عقوبته، حتى ألجأه ذلك إلى أخذ مال آخر بغير حق ليوفيه إياه، فإن الحاكم أيضا يعاقبه [فيه] (4) ، فإذا قال: أنت (5) حبستني وكنت عاجزا عن الوفاء، ولا (6) طريق لي إلى الخلاص إلا أخذ مال هذا، لكان حبسه الأول ضررا عليه، وعقوبته ثانيا على أخذ مال [الغير] (7) ضررا عليه والوالي يقول: أنا حكمت بشهادة العدول، فلا ذنب لي في ذلك، وغايتي أني أخطأت، والحاكم إذا أخطأ له أجر. وقد يفعل كل من الرجلين بالآخر (8) من الضرر ما يكون فيه (9) معذورا، والآخر معاقبا، بل (10) مظلوما لكن بتأويل. _________ (1) ن، م: لما له في ذلك من الحكمة. (2) البينة هنا الشاهدان، قال الأصفهاني في غريب القرآن: والبينة الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة، وسمي الشاهدان بينة لقوله عليه السلام: البينة على المدعي واليمين على من أنكر. (3) ن، م: للغريم. (4) فيه: في (ع) فقط. (5) أنت: ساقطة من (ب) ، (أ) . (6) ع: لا، وسقطت من (أ) . (7) ن، م، ع: على أخذ المال. (8) بالآخر: ساقطة من (ب) ، (أ) . (9) ع: ما لا يكون فيه. أ، ب: ما يكون. (10) بل: ساقطة من (ب) ، (أ) =============================== وهذه الأمثال ليست مثل فعل الله تعالى، فإن الله ليس كمثله شيء: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإنه سبحانه يخلق الاختيار في المختار، والرضا في الراضي، والمحبة في المحب. وهذا لا يقدر عليه إلا الله. ولهذا أنكر الأئمة على من قال: جبر الله العباد، كالثوري والأوزاعي والزبيدي وأحمد بن حنبل وغيرهم، وقالوا: الجبر لا يكون إلا من عاجز، كما يجبر الأب ابنته على خلاف مرادها. والله خالق الإرادة والمراد، فيقال: جبل، كما جاءت به السنة، ولا يقال: جبر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم [في الحديث الصحيح] (1) . (2) . (3) . ومما يبين هذا أن الله سبحانه وتعالى جهة خلقه وتقديره غير جهة أمره وتشريعه، فإن أمره وتشريعه، مقصوده بيان ما ينفع العباد إذا فعلوه وما يضرهم، بمنزلة أمر الطبيب للمريض بما ينفعه، فأخبر الله على ألسن رسله بمصير السعداء والأشقياء، وأمر بما يوصل إلى السعادة، ونهى عما يوصل إلى الشقاوة. _________ (1) في الحديث الصحيح: زيادة (ع) فقط (2) قال لأشج عبد القيس: " إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة " فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ قال: " بل خلقين جبلت عليهما " فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله (3) الحديث عن ابن عباس وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم في مسلم 1/48 - 49 (كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله تعالى) ؛ سنن ابن ماجه 2/1401 (كتاب الزهد باب الحلم) المسند ط الحلبي 3/23، 4/206. سنن أبي داود 4/483 (كتاب الأدب باب في قبلة الرجل) . والحديث فيها عن أم أبان بنت زارع عن جدها زارع، سنن الترمذي 3/247 (كتاب البر والصلة، باب ما جاء في التأني والعجلة) =============================== وخلقه وتقديره يتعلق به وبجملة المخلوقات، فهو يفعل لما فيه حكمة متعلقة بعموم خلقه، (1) وإن كان في ضمن ذلك مضرة لبعض الناس، كما أنه ينزل المطر لما فيه من الرحمة والنعمة العامة والحكمة (2) وإن كان في ضمن ذلك تضرر (3) بعض الناس بسقوط منزله وانقطاعه عن (4) سفره وتعطيل معيشته وكذلك يرسل نبيه [محمدا] صلى (5) الله عليه وسلم لما في إرساله من الرحمة العامة، وإن كان في ضمن ذلك سقوط رياسة قوم وتألمهم بذلك. فإذا قدر على الكافر كفره، قدره الله لما له في ذلك من الحكمة والمصلحة العامة، وعاقبه لاستحقاقه ذلك بفعله الاختياري وإن كان مقدرا (6) ، ولما له في عقوبته من الحكمة والمصلحة العامة. وقياس أفعال الله على أفعال العباد خطأ ظاهر، لأن السيد إذا أمر عبده بأمر أمره لحاجته إليه ولغرض السيد فإذا أثابه على ذلك كان من باب المعاوضة، وليس له حكمة يطلبها إلا حصول ذلك [المأمور به] (7) وليس هو الخالق لفعل المأمور. فإذا قدر أن السيد لم يعوض المأمور، أو لم (8) يقم بحق عبده الذي يقضي حوائجه كان ظالما كالذي يأخذ سلعة ولا يعطي (9) ثمنها، أو يستوفي منفعة الأجير ولم يوفه أجره. _________ (1) ساقطة من (ب) ، (أ) ، ومكانه فيها كلمة " كالمطر ". (2) ساقطة من (ب) ، (أ) ، ومكانه فيها كلمة كالمطر. (3) ن: يتضرر، م: ضرر. (4) ن، م، ع: من. (5) ن، م: يرسل نبيه صلى. . .، ب: رسالة نبيه صلى، أ: برسالة نبيه صلى. . . (6) ب، أ، م: مقدورا. (7) المأمور به: ساقطة من (ن) ، (م) . (8) ب، أ: ولم. (9) ب، أ: ولم يعط =============================== والله تعالى غني عن العباد، إنما أمرهم بما ينفعهم، ونهاهم عما يضرهم فهو محسن إلى عباده بالأمر لهم، محسن (1) لهم بإعانتهم على الطاعة ولو قدر أن عالما صالحا أمر الناس بما ينفعهم، ثم أعان بعض الناس (2) على فعل ما أمرهم به ولم يعن آخرين، لكان محسنا إلى هؤلاء إحسانا تاما، ولم يكن ظالما لمن لم يحسن إليه. وإذا قدر أنه عاقب المذنب (3) العقوبة التي يقتضيها عدله وحكمته (4) ، لكان [أيضا] محمودا على هذا وهذا، وأين هذا من حكمة [أحكم الحاكمين] ، وأرحم الراحمين (5) ؟ ! . فأمره (6) لهم إرشاد وتعليم وتعريف (7) بالخير، فإن أعانهم على فعل المأمور كان قد أتم النعمة على المأمور، وهو مشكور على هذا وهذا، وإن لم يعنه وخذله حتى فعل الذنب كان له في ذلك حكمة أخرى، وإن كانت مستلزمة تألم هذا، فإنما تألم بأفعاله الاختيارية التي من شأنها أن تورثه نعيما أو ألما، وإن كان ذلك الإيراث بقضاء الله وقدره فلا منافاة بين هذا وهذا، فجعله المختار (8) مختارا من كمال قدرته وحكمته، وترتيب آثار الاختيار عليه من تمام حكمته وقدرته. _________ (1) أ، ع: محسنا، وفي (م) ، (ن) : بالأمر لهم وبإعانتهم. ن: وبإعانته. (2) ن، م: ثم أعان بعضهم. (3) ن، م: المذنبين. (4) ب، أ: وحكمه. (5) ن، م: لكان محمودا على فعل هذا وهذا، وأين هذا من حكمة أرحم الراحمين. (6) ب، أ: وأمره. (7) ب، أ: وتعريفهم. (8) ب، أ: للمختار ================================== لكن يبقى الكلام في نفس الحكمة الكلية (1) في هذه الحوادث، فهذه ليس على الناس معرفتها، ويكفيهم التسليم لما قد علموا أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه أرحم بعباده من الوالدة بولدها. ومن المعلوم (2) ما لو علمه كثير من الناس لضرهم علمه، ونعوذ بالله من علم لا ينفع. وليس اطلاع كثير من الناس بل أكثرهم على حكم (3) الله في كل شيء نافعا لهم بل قد يكون ضارا. قال تعالى: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [سورة المائدة: 101] . وهذه المسألة (4) : مسألة غايات أفعال الله ونهاية حكمته مسألة عظيمة، لعلها أجل المسائل الإلهية، وقد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع، وكذلك بسط الكلام على مسائل القدر، وإنما نبهنا تنبيها لطيفا على امتناع أن يكون خلق الفعل (5) ظلما، سواء قيل: إن الظلم ممتنع من الله، أو قيل (6) : إنه مقدور، فإن الظلم الذي هو ظلم أن يعاقب الإنسان على عمل غيره، فأما عقوبته على فعله الاختياري، وإنصاف المظلومين من الظالمين، فهو من كمال عدل الله تعالى. وهذا التفصيل في باب التعديل والتجوير (7) بين مذهب القدرية الذين _________ (1) ب، أ: الكمية وهو تحريف. (2) ب (فقط) : العلوم. (3) ب، أ: حكمة (4) ب، أ: وفي هذه المسألة. (5) الفعل: ساقطة من (ع) . (6) قيل: ساقطة من (ب) ، (أ) . (7) ب، أ، ع: والتجويز، وهو خطأ =========================== يقيسون الله بخلقه في عدلهم وظلمهم، وبين مذهب الجبرية الذين لا يجعلون لأفعال (1) الله حكمة (2) ، ولا ينزهونه عن ظلم يمكنه فعله، ولا فرق عندهم بالنسبة إليه بين ما يقال: هو عدل وإحسان، وبين ما يقال هو ظلم. وقول هؤلاء من الأسباب التي قويت بها شناعات (3) القدرية، حتى غلوا في الناحية الأخرى، وخيار الأمور أوسطها، ودين الله عدل بين الغالي فيه والجافي عنه، وقد ظهر الفرق بين عقوبته على الكفر وغيره من المعاصي، وبين عقوبته على اللون والطول (4) ، كما يظهر الفرق بينهما إذا كان المعاقب بعض الناس، فإن الكفر وإن كان خلق فيه إرادته وقدرته عليه، فهو الذي فعله باختياره وقدرته، وإن كان كذلك كله (5) مخلوقا، كما يعاقبه (6) غيره عليه مع كون ذلك كله مخلوقا. وأما قوله: " ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان " فهذا قاله على قول من يقول من أهل الإثبات: إن القدرة لا تكون إلا مع الفعل، فكل (7) من لم يفعل شيئا لم يكن قادرا عليه، ولكن يكون (8) عاجزا عنه. وهؤلاء قد (9) يقولون لا يكلف _________ (1) ب، أ: أفعال. (2) ب (فقط) : لحكمة. (3) ب، أ: ساعات، وهو تحريف. (4) ب، أ: اللون والقصر والطول. (5) ب، أ، م: وإن كان كل ذلك. (6) ب، أ: كما يعاقب. (7) ع: وكل. (8) ب، أ، ن، م: ولكن لا يكون، وهو خطأ. (9) قد: ساقطة من (ب) ، (أ) ================================ العبد (1) ما يعجز عنه، ولكن يكلف ما يقدر عليه (2) بناء على أن القدرة لا تكون إلا مع الفعل (3) . وحقيقة قولهم أن كل من ترك واجبا لم يكن قادرا عليه. و [ليس] هذا (4) قول جمهور أهل السنة، بل جمهور أهل السنة (5) يثبتون للعبد قدرة هي مناط الأمر والنهي، وهذه قد تكون قبله لا يجب أن تكون معه، ويقولون أيضا: إن القدرة التي يكون بها الفعل لا بد أن تكون مع الفعل، لا يجوزون (6) أن يوجد الفعل بقدرة معدومة [ولا بإرادة معدومة] (7) ، كما لا يوجد بفاعل معدوم. وأما القدرية فيزعمون أن القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، ومن قابلهم من المثبتة يقولون: لا تكون إلا مع الفعل. وقول [الأئمة] والجمهور (8) هو الوسط: أنها لا بد أن تكون معه، وقد تكون مع ذلك قبله (9) [كقدرة المأمور العاصي] (10) ، فإن تلك القدرة تكون متقدمة (11) على الفعل بحيث تكون لمن لم يطع (12) ، كما قال تعالى: _________ (1) العبد: ساقطة من (ب) ، (أ) . (2) ع: ولكن يكلف ما لا يقدر عليه، ن، م: ولكن لا يكلف ما لا يقدر عليه. (3) م فقط: بناء على أن القدرة إنما تكون مع الفعل. (4) ن، م: وهذا، وهو خطأ. (5) عبارة ((بل جمهور أهل السنة)) ساقطة من (ب) ، (أ) . (6) ن، م، ع: لا يجوز. (7) ولا بإرادة معدومة: هذه العبارة ساقطة من (ن) ، (م) . (8) ن، م: وقول الجمهور. (9) ن، م: وقد تكون قبل ذلك. (10) عبارة ((كقدرة المأمور العاصي)) ساقطة من (ن) ، (م) . (11) ب، أ: مقدمة ; ن: مقدرة. (12) ن، م: على الفعل تكون لمن يطيع ================================== {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [سورة آل عمران 97] فأوجب الحج على المستطيع، فلو لم يستطع إلا من حج لم يكن الحج قد وجب إلا على من حج، ولم يعاقب أحد (1) على ترك الحج. وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام. وكذلك قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن 16] ، فأوجب التقوى بحسب الاستطاعة، فلو كان من لم يتق الله لم يستطع التقوى لم يكن قد أوجب التقوى إلا على من اتقى، ولا يعاقب من لم يتق (2) ، وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام. وهؤلاء إنما قالوا هذا لأن القدرية والمعتزلة (3) والشيعة وغيرهم قالوا: القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، لتكون صالحة للضدين: الفعل والترك، وأما حين الفعل (4) [فلا يكون إلا الفعل، فزعموا أو من زعم منهم أنه حينئذ] (5) لا يكون قادرا ; لأن القادر لا بد أن (6) يقدر على الفعل والترك، وحين الفعل لا يكون قادرا على الترك فلا يكون قادرا. وأما أهل السنة فإنهم يقولون: لا بد أن يكون قادرا حين الفعل، ثم أئمتهم قالوا: ويكون أيضا قادرا قبل الفعل. وقالت (7) طائفة منهم لا يكون _________ (1) ب، أ: ولم يعاقب أحدا. (2) م فقط: ولم يعاقب الله من لم يتق. (3) ن، م، ع: القدرية من المعتزلة. (4) ب، أ: وأما من حين الفعل. (5) ب، أ: وزعموا أن من زعم منهم، وسقطت العبارات بين المعقوفتين من (ن) ، (م) إلا كلمات قليلة في (م) . (6) ع: لا بد وأن. (7) ب، أ، ن: وقال ====================================
__________________
|
#177
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (177) صـ 43 إلى صـ 50 قادرا إلا حين الفعل. وهؤلاء يقولون: إن القدرة لا تصلح للضدين عندهم (1) فإن القدرة المقارنة للفعل لا تصلح إلا لذلك الفعل، وهي مستلزمة له لا توجد بدونه، إذ لو صلحت للضدين على وجه البدل أمكن وجودها مع عدم (2) أحد الضدين، والمقارن للشيء مستلزم له (3) لا يوجد مع عدمه، فإن وجود (4) الملزوم بدون اللازم ممتنع، وما قالته القدرية [فهو] بناء على أصلهم (5) الفاسد، وهو أن إقدار الله المؤمن (6) والكافر والبر والفاجر سواء، فلا يقولون: إن الله خص المؤمن (7) المطيع بإعانة حصل بها الإيمان، بل يقولون: إن إعانته للمطيع (8) والعاصي سواء، ولكن هذا بنفسه رجح الطاعة ; وهذا بنفسه رجح المعصية. كالوالد الذي أعطى (9) كل واحد من ابنيه (10) سيفا، فهذا جاهد به في سبيل الله، وهذا قطع به الطريق، أو أعطاهما مالا، فهذا أنفقه في سبيل الله، وهذا أنفقه في سبيل الشيطان. وهذا القول فاسد باتفاق أهل السنة والجماعة المثبتين للقدر، فإنهم متفقون على أن لله على عبده المطيع [المؤمن] (11) نعمة دينية خصه بها دون _________ (1) عندهم: زيادة في (ن) ، (م) . (2) عدم: ساقطة من (ع) فقط. (3) ب، أ: المستلزم له. (4) م فقط: فإن وجد. (5) ن: وهذا قالته القدرية بناء على أصلهم، م: وهذا قالته القدرية على أصلهم. (6) ع: وهو إقدار الله للمؤمن. (7) المؤمن: ساقطة من (ع) . (8) ب، أ: إعانة المطيع. (9) ب، أ: يعطي. (10) م فقط: كلا من ولديه. (11) المؤمن: زيادة في (ب) ، (أ) =================================== الكافر، وأنه أعانه على الطاعة إعانة لم يعن بها الكافر، كما قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ، فبين أنه حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم. فالقدرية تقول: (1) هذا التحبيب والتزيين عام في كل الخلق (2) ، أو هو (3) بمعنى البيان وإظهار دلائل الحق. والآية تقتضي أن هذا خاص بالمؤمنين، ولهذا قال: (أولئك هم الراشدون) ، والكفار ليسوا راشدين. وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] . وقال: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} [سورة الأنعام: 122] . وقال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين} [سورة الأنعام: 53] . وقال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [سورة الحجرات: 17] . _________ (1) ب، أ، م: يقولون. (2) ب، أ: والتزيين على كل الخلق. (3) ن، م: إذ هو ============================== وقد أمر الله عباده أن (1) يقولوا: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} . والدعاء إنما يكون لشيء مستقبل غير حاصل يكون (2) من فعل الله تعالى. وهذه الهداية المطلوبة غير الهدى الذي هو بيان الرسول صلى الله عليه وسلم وتبليغه. وقال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة] . وقال تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم} [سورة النور: 21] . وقال الخليل صلى الله عليه وسلم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا} [سورة البقرة: 128] . وقال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [سورة السجدة: 24] . وقال تعالى: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص: 41] . ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يبين سبحانه وتعالى اختصاصه (3) عباده المؤمنين بالهدى والإيمان والعمل الصالح، والعقل يدل على ذلك، فإنه إذا (4) قدر أن جميع الأسباب الموجبة للفعل من الفاعل كما هي من التارك، كان _________ (1) ب: بأن وسقطت من (أ) . (2) ب، أ: غير حاصل بل يكون. (3) ب: يبين اختصاص، أ: يبين اختصاصه، ن: تبين تعالى اختصاص ; م: يبين الله اختصاص. (4) ب، أ: فإذا ============================= اختصاص الفاعل بالفعل ترجيحا لأحد (1) المثلين على الآخر بلا مرجح، وذلك معلوم الفساد بالضرورة. وهو الأصل الذي بنوا عليه إثبات الصانع، فإن قدحوا في ذلك انسد عليهم طريق إثبات الصانع. وغايتهم أن قالوا: القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، كالجائع والخائف. وهذا فاسد، فإنه مع استواء الأسباب (2) الموجبة من كل وجه يمتنع الرجحان. وأيضا فقول القائل: يرجح بلا مرجح، إن كان لقوله " يرجح " معنى زائد على وجود الفعل (3) فذاك هو السبب المرجح، وإن لم يكن له معنى زائد، كان حال الفعل قبل وجود الفعل (4) كحاله (5) عند الفعل (6) ، ثم الفعل حصل في إحدى الحالتين دون الأخرى (7) بلا مرجح، وهذا (8) مكابرة للعقل. فلما كان أصل قول القدرية أن فاعل الطاعات وتاركها كلاهما في الإعانة والإقدار سواء، امتنع على أصلهم (9) أن يكون مع الفعل قدرة تخصه (10) ; _________ (1) ب، أ: ترجيح أحد. (2) ع، أ، ب: فإنه مع الأسباب. (3) ع، أ، ب، فإنه مع الأسباب (4) ساقط من (ب) ، (أ) ، والعبارة الأخيرة في (ع) فيها. . كان حال الفعل قبل وجود الفعل، وهو خطأ. (5) ب، أ: لحاله. (6) م فقط: كحاله بعد وجود الفعل. (7) ب: أحد الحالين دون الآخر ; أ: إحدى الحالين دون الآخر ; م: أحد الحالين دون الأخرى، ع: إحدى الحالين دون الأخرى. (8) ب، أ: فهذا. (9) م فقط: امتنع عليهم. (10) ب: أن تكون القدرة مع الفعل قدرة تخصه ; أ: أن يكون القدرة مع الفعل قدرة تخصه ================================== لأن القدرة التي تخص الفعل لا تكون للتارك وإنما تكون للفاعل، والقدرة لا تكون إلا من الله، وما كان من الله لم يكن مختصا بحال وجود الفعل. ثم لما رأوا أن القدرة لا بد أن تكون قبل الفعل، قالوا: لا تكون مع الفعل، لأن القدرة هي التي يكون بها الفعل والترك، وحال وجود الفعل يمتنع الترك. فلهذا قالوا: القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، وهذا باطل قطعا ; لأن (1) وجود الأثر مع عدم (2) بعض شروطه الوجودية ممتنع، بل لا بد أن يكون جميع ما يتوقف عليه الفعل من الأمور الوجودية موجودا عند الفعل، فنقيض قولهم حق، وهو أن الفعل (3) لا بد أن يكون معه قدرة، لكن صار أهل الإثبات هنا (4) حزبين؛ حزبا قالوا: لا تكون القدرة إلا معه، ظنا منهم أن القدرة نوع واحد [لا تصلح للضدين (5) ] ، وظنا من بعضهم (6) أن القدرة عرض فلا تبقى زمانين فيمتنع وجودها قبل الفعل. والصواب الذي عليه أئمة الفقه والسنة أن القدرة نوعان: نوع مصحح للفعل يمكن معه الفعل والترك، وهذه هي التي يتعلق بها الأمر والنهي، فهذه تحصل (7) للمطيع والعاصي وتكون قبل الفعل، وهذه تبقى (8) إلى حين _________ (1) ن، م، ع: فإن. (2) عدم ساقطة من (ع) . (3) ساقط من (ب) فقط. (4) هنا: ساقطة من (ب) ، (أ) . (5) لا تصلح للضدين: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ع فقط: وظنا منهم. (7) ب، أ: تصلح. (8) ب، أ: وهذا يبقى ======================================== الفعل: إما ببقائها (1) عند من يقول ببقاء الأعراض (2) ، وإما بتجدد أمثالها عند من يقول: إن الأعراض لا تبقى، وهذه قد تصلح (3) للضدين. وأمر الله لعباده مشروط بهذه الطاقة، فلا يكلف الله من ليست معه هذه الطاقة، وضد هذه العجز، وهذه المذكورة في قول الله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات} [سورة النساء: 25] ، وقوله تعالى: {وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون} [سورة التوبة: 42] ، وقوله في الكفارة: {فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} [سورة المجادلة: 4] فإن هذا نفي لاستطاعة من لم يفعل، فلا يكون مع الفعل. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: " «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا (4) ، فإن لم تستطع فعلى جنب» " (5) ، فإنما نفى استطاعة لا فعل معها. _________ (1) ب، م: إما بنفسها ; أ، ن: إما بنفيها، وهو خطأ. (2) ن، م: عند من يقول إن الأعراض تبقى. (3) ب، أ، م: وهذا قد يصلح. (4) ن، م: فجالسا. (5) الحديث عن عمران بن حصين رضي الله عنه في: البخاري 2/48 ===================================== وأيضا فالاستطاعة المشروطة في الشرع أخص من الاستطاعة التي يمتنع (1) الفعل مع عدمها، فإن الاستطاعة الشرعية قد تكون مما يتصور الفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه (2) ، فالشارع ييسر (3) على عباده، ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل عليهم (4) في الدين من حرج. والمريض قد يستطيع القيام مع زيادة مرضه وتأخر برئه، فهذا في الشرع غير مستطيع لأجل حصول الضرر عليه، وإن كان يسميه [بعض] الناس مستطيعا (5) . فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل، بل ينظر إلى لوازم ذلك، فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية، كالذي يقدر أن يحج مع ضرر يلحقه في بدنه أو ماله، أو يصلي قائما مع زيادة مرضه، أو يصوم الشهرين مع انقطاعه عن معيشته، ونحو ذلك (6) فإن كان الشارع قد اعتبر في المكنة عدم المفسدة الراجحة، فكيف يكلف مع العجز؟ ! . ولكن هذه الاستطاعة مع بقائها إلى حين الفعل لا تكفي في وجود الفعل، ولو كانت كافية لكان التارك كالفاعل، بل لا بد من إحداث إعانة _________ (1) ن، م: تمنع. (2) ب، أ: قد تكون ما يتصور بالعقل مع عدمها فإن لم يعجز عنه ; ع: قد تكون مما يتصور بالفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه ; ن، م: قد تكون ما يتصور الفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه. ولعل الصواب ما أثبته. (3) ن، م: فإن الشارع ميسر. (4) أ، ب، ع: عليكم. (5) ن، م: وإن كان قد يسميه الناس مستطيعا ; ع: وإن كان يسميه بعض الناس مطيعا. (6) ونحو ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ) ======================================= أخرى تقارن هذه (1) ، مثل جعل الفاعل مريدا، فإن الفعل لا يتم (2) إلا بقدرة وإرادة. والاستطاعة المقارنة للفعل تدخل فيها الإرادة الجازمة، بخلاف المشروطة في التكليف، فإنه لا يشترط فيها الإرادة، والله تعالى (3) يأمر بالفعل من لا يريده، لكن لا يأمر به من لو (4) أراده لعجز عنه (5) . وهذا الفرقان هو فصل الخطاب في هذا الباب. وهكذا أمر الناس بعضهم لبعض، فإن الإنسان (6) يأمر عبده بما لا يريده العبد، لكن لا يأمره بما يعجز عنه العبد. وإذا اجتمعت الإرادة الجازمة والقوة التامة (7) لزم وجود الفعل، ولا بد أن يكون هذا المستلزم للفعل مقارنا له، لا يكفي تقدمه عليه إن لم يقارنه، فإنه العلة التامة للفعل، والعلة التامة تقارن المعلول، لا تتقدمه. ولأن القدرة شرط في وجود الفعل [وكون الفاعل قادرا] ، والشرط في وجود الشيء [الذي به القادر يكون قادرا] لا يكون [الشيء] مع عدمه بل مع وجوده (8) ، [وإلا فيكون الفاعل (9) فاعلا حين لا يكون قادرا، أو غير (10) القادر لا يكون قادرا] (11) . _________ (1) ب، أ: هذا. (2) لا يتم: ساقطة من (ع) . (3) ب، أ: فالله تعالى ; ن، م: والله سبحانه. (4) لو ساقطة من (ب) ، (أ) . (5) ب (فقط) : فعجز عنه. (6) ب، أ: فالإنسان ; ن، م: والإنسان. (7) م (فقط) : والإرادة التامة. (8) ن، م: شرط في وجود الفعل، والشرط في وجود الشيء لا يكون مع عدمه بل مع وجوده. (9) ب، أ: ولا يكون الفاعل. (10) أ، ب: وغير. (11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ===============================
__________________
|
#178
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (178) صـ 51 إلى صـ 58 وهذا معنى قول أهل الإثبات، الذي يذكره مثل القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما: لا خلاف بيننا وبين المعتزلة أن المصحح لكون الفاعل فاعلا هو كونه قادرا، ووجدنا كل مصحح لأمر من الأمور فإنه يستحيل ثبوت ذلك الأمر والحكم مع عدم المصحح له. (* ألا ترى أنه لما ثبت أن المصحح لكون القادر العالم كونه حيا، استحال كونه عالما قادرا مع [عدم] (1) كونه حيا وكذلك لما كان *) (2) المصحح لكون المتلون متلونا (3) وكونه متحركا كونه جوهرا، استحال كونه متلونا ومتحركا (4) وليس بجوهر. وكذلك يستحيل كونه فاعلا في حال ليس هو فيها قادرا. قالوا: وهذا من الأدلة المعتمدة. وهذا الدليل يقتضي أنه لا بد من وجود القدرة على الفعل، ولكن لا ينفى وجودها قبل الفعل (5) ، فإن المصحح يصح وجوده قبل وجود المشروط (6) وبدون ذلك، كما يصح وجود الحياة بدون العلم، والجوهر بدون الحركة. وهذا مما يحتج به على الفلاسفة في مسألة (7) حدوث العالم، فإنهم إذا قالوا: العلة القديمة تحدث الدورة الثانية بشرط انقضاء الأولى. قيل لهم: لا بد عند وجود المحدث من العلة التامة، وكون الفاعل قادرا (8) _________ (1) عدم: ساقط من (ن) . (2) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط. (3) ن، م: المتكون متكونا. (4) ب: متحركا متلونا ; ن: متكونا ومتحركا ; م: مكونا ومتحركا. (5) ب، أ، م، ن: قبل ذلك. (6) ن، م: الشرط. (7) ع: مسائل. (8) ب: وكونه قادرا ; أ: وكون قادرا ================================= تام القدرة مريدا تام الإرادة، فلا يكفي في الإحداث مجرد وجود شيء متقدم (1) على الإحداث، فكيف يكفي مجرد عدم شيء يتقدم عدمه على الإحداث؟ بل لا بد حين الإحداث من المؤثر التام، ثم كذلك عند حدوث المؤثر التام لا بد له من مؤثر تام، فإذا لم يكن إلا علة تامة أزلية يقارنها معلولها، لزم حدوث الحوادث بلا محدث أصلا. وهذا يدل على أن الرب تعالى يتصف بما به يفعل الحوادث المخلوقة من الأقوال القائمة به الحاصلة بقدرته ومشيئته، (2) كما قد بسط في موضعه. وهذا التفصيل في الإرادة والقدرة (3) ، وتقسيمها إلى نوعين، يزيل الاشتباه والاضطراب الحاصل في هذا الباب. وعلى هذا ينبني تكليف ما لا يطاق، فإن (4) من قال: القدرة لا تكون إلا مع الفعل، يقول: كل كافر وفاسق قد كلف ما لا يطيق (5) . وليس هذا الإطلاق قول جمهور أهل السنة وأئمتهم، بل يقولون: إن الله تعالى قد أوجب الحج على المستطيع، حج أو لم يحج، وكذلك أوجب صيام الشهرين في الكفارة على المستطيع، كفر أو لم يكفر، وأوجب العبادات على القادرين دون العاجزين، فعلوا أو لم يفعلوا. وما لا يطاق يفسر بشيئين: يفسر بما لا يطاق (6) للعجز عنه ; فهذا لم يكلفه _________ (1) ب، أ: مقدم. (2) م (فقط) : من الأفعال القائمة بقدرته ومشيئته. (3) ع: الإرادة والمشيئة. (4) ب، أ: وأن. (5) ع، ن، م: ما لا يطاق. (6) ب، أ: يفسر بشيئين ما لا يطاق ============================== الله أحدا. ويفسر بما لا يطاق (1) للاشتغال بضده ; فهذا هو الذي وقع فيه التكليف (2) كما في أمر العباد بعضهم بعضا، فإنهم يفرقون بين هذا وهذا، فلا يأمر السيد عبده الأعمى بنقط المصاحف، ويأمره إذا كان قاعدا أن يقوم، ويعلم الفرق بين هذا وهذا بالضرورة. وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع، وإنما نبهنا على نكتها بحسب ما يليق بهذا الموضع (3) . وعلى هذا فقوله (4) : " لم يخلق فيه قدرة على الإيمان " (5) ليس [هو] (6) قول جمهور أهل السنة، بل يقولون خلق له (7) القدرة المشروطة في التكليف المصححة للأمر والنهي، كما في العباد (8) إذا أمر بعضهم بعضا، فما يوجد من (9) القدرة في ذلك الأمر، فهو موجود في أمر الله لعباده، بل تكليف الله أيسر، ورفعه (10) للحرج أعظم. والناس يكلف بعضهم بعضا أعظم مما أمرهم الله به ورسوله، ولا يقولون: إنه تكليف ما لا يطاق. ومن تأمل أحوال من يخدم الملوك والرؤساء ويسعى في طاعتهم، وجد عندهم من ذلك ما ليس عند المجتهدين في العبادة لله (11) . _________ (1) ب، أ: أحدا وما لا يطاق. (2) ن: وقع بالتكليف ; م: وقع به التكليف. (3) بهذا الموضع: ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) : عند الموضع، وهو تحريف. (4) ب، أ: وعلى هذا قوله ; م: فعلى هذا قوله. (5) على: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : للإيمان. (6) هو: ساقطة من (ن) ، (م) . (7) له: ساقطة من (ب) ، (أ) . (8) ع، م: العبادات. (9) ن، م: كما يوجد في ; ع: فما يوجد في. (10) ع، أ، ب: ودفعه. (11) ب، أ: في عبادة الله سبحانه وتعالى =================================== [فصل كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر إفحام الأنبياء وانقطاع حجتهم والرد عليه] (فصل) قال الرافضي (1) : " ومنها إفحام الأنبياء وانقطاع حجتهم، لأن النبي إذا قال للكافر: آمن بي وصدقني، يقول (2) قل للذي بعثك يخلق في الإيمان أو القدرة (3) المؤثرة فيه حتى أتمكن من الإيمان وأومن بك (4) ، وإلا فكيف تكلفني الإيمان ولا قدرة لي عليه؟ بل خلق في الكفر (5) ، وأنا لا أتمكن من مقاهرة (6) الله تعالى، فينقطع النبي ولا يتمكن من جوابه ". فيقال: هذا مقام يكثر فيه خوض النفوس (7) ، فإن كثيرا من الناس إذا أمر بما يجب عليه تعلل بالقدر، وقال: حتى يقدر الله لي (8) ذلك، أو يقدرني الله (9) على ذلك، أو حتى يقضي الله ذلك (10) ، وكذلك إذا نهي عن فعل ما حرم الله قال: الله قضى (11) علي بذلك، أي حيلة لي في هذا؟ ونحو (12) هذا الكلام. _________ (1) م، ن: الإمامي. والعبارات التالية في ك 86 (م) . (2) ب، أ، ن: يقول له. (3) م: والقدرة. (4) بك: ليست في (ك) . (5) ك: بل خلق الله تعالى في الكفر. (6) ن: ما أمكن من معارفة، وهو تحريف. (7) ب، أ، ن، م: يكثر خوض النفوس فيه. (8) لي: زيادة في (م) ، (ن) . (9) لفظ الجلالة ليس في (م) . (10) ن، م: أو حتى يقضي الله له ذلك. (11) ن، م: قضى الله. (12) ب، أ: أي خيلة لي ونحو ===================================== والاحتجاج بالقدر حجة باطلة داحضة (1) باتفاق كل ذي عقل ودين من جميع العالمين، والمحتج به لا يقبل من غيره مثل هذه الحجة إذا احتج بها في (2) ظلم ظلمه إياه، أو ترك (3) ما يجب عليه من حقوقه، بل يطلب منه (4) ما له عليه، ويعاقبه على عدوانه عليه، وإنما هو (5) من جنس شبه السوفسطائية التي تعرض في العلوم، فكما أنك تعلم فسادها بالضرورة، وإن كانت تعرض كثيرا لكثير من الناس (6) حتى قد يشك في وجود نفسه وغير ذلك من المعارف (7) الضرورية، فكذلك هذا يعرض في الأعمال حتى يظن أنها شبهة (8) في إسقاط الصدق والعدل الواجب وغير ذلك، وإباحة الكذب والظلم وغير ذلك، ولكن تعلم القلوب بالضرورة أن هذه شبهة باطلة، ولهذا لا يقبلها أحد من أحد (9) عند التحقيق، ولا يحتج بها أحد إلا مع عدم علمه بالحجة بما فعله، فإذا كان معه علم بأن ما فعله هو المصلحة، وهو المأمور به (10) وهو الذي ينبغي فعله، لم يحتج بالقدر، وكذلك إذا كان معه علم بأن الذي لم يفعله (11) ليس عليه أن يفعله، أو ليس بمصلحة أو ليس هو مأمورا به، لم يحتج بالقدر، بل إذا كان متبعا لهواه بغير علم احتج بالقدر. _________ (1) داحضة: ساقطة من (ع) . (2) ن، م: على. (3) ب، أ: وترك. (4) منه: ساقطة من (ع) . (5) هو: ساقطة من (ع) . (6) ن: وإن كانت كثيرا تعرض لكثير من الناس. والعبارة محرفة في (م) . (7) ب (فقط) : المعارض، وهو تحريف. (8) ن، م: أن هذا شبهة. (9) من أحد: ساقطة من (ب) ، (أ) . (10) به: ساقطة من (ب) ، (أ) . (11) ن: أن الذي لم يفعله ; م: أن الذي لا يفعله =================================== ولهذا لما قال المشركون: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} [سورة الأنعام: 148] ، قال الله تعالى: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون - قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} [سورة الأنعام: 148، 149] ، فإن هؤلاء المشركين يعلمون بفطرتهم وعقولهم أن هذه الحجة داحضة باطلة (1) . فإن أحدهم لو ظلم الآخر في ماله، أو فجر بامرأته (2) أو قتل ولده، أو كان مصرا على الظلم فنهاه الناس عن ذلك، فقال لو شاء الله لم أفعل هذا، لم يقبلوا منه هذه الحجة، ولا هو يقبلها من غيره، وإنما يحتج بها المحتج دفعا للوم بلا وجه، فقال الله لهم: هل (3) عندكم من علم فتخرجوه لنا بأن هذا الشرك والتحريم من أمر الله وأنه مصلحة (4) ينبغي فعله، إن تتبعون إلا الظن، فإنه لا علم عندكم، بذلك إن تظنون ذلك إلا ظنا، وإن أنتم إلا تخرصون: تحرزون (5) وتفترون، فعمدتكم في نفس الأمر ظنكم وخرصكم، ليس عمدتكم (6) في نفس الأمر كون الله شاء ذلك وقدره، فإن مجرد المشيئة والقدر لا يكون (7) عمدة لأحد في الفعل، ولا حجة لأحد على أحد، ولا _________ (1) ب، أ: وباطلة. (2) ب، أ: لو ظلم الآخر أو حرج في ماله أو فرج امرأته، وهو تحريف. (3) ن: قل هل. . . . (4) مصلحة: ساقطة من (ع) . (5) تحرزون: ساقطة من (ب) ، (أ) . وحرز الشيء يحرزه (بضم زاي المضارع وكسرها) : قدره بالحدس. (6) ب، أ: ليس في عمدتكم. (7) ب، أ: فإن مجرد المشيئة والقدرة لا تكون، م، ن: فإن مجرد القدر والمشيئة لا يكون ====================================== عذرا لأحد (1) ، إذ الناس كلهم مشتركون في القدر (2) ، فلو كان هذا حجة وعمدة، لم يحصل فرق بين العادل والظالم، والصادق والكاذب، والعالم والجاهل، والبر والفاجر، ولم يكن فرق بين ما يصلح الناس من الأعمال وما يفسدهم، وما ينفعهم وما يضرهم. وهؤلاء المشركون المحتجون (3) بالقدر على ترك ما أرسل [الله] به رسله (4) من توحيده والإيمان به، لو (5) احتج به بعضهم على بعض في إسقاط (6) حقوقه ومخالفة أمره لم يقبله منه، بل كان هؤلاء المشركون يذم بعضهم بعضا، ويعادي بعضهم بعضا، [ويقاتل بعضهم بعضا] (7) على فعل ما يرونه (8) تركا لحقهم أو ظلما، فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى حق الله على عباده وطاعة أمره احتجوا بالقدر، فصاروا يحتجون بالقدر على ترك حق ربهم ومخالفة أمره بما لا يقبلونه ممن ترك حقهم (9) وخالف أمرهم. وفي الصحيحين عن معاذ [بن جبل رضي الله عنه] (10) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (11) «يا معاذ " أتدري (12) ما حق الله على عباده؟ حقه على _________ (1) م (فقط) : ولا عمدة لأحد. (2) ع: إذا كان الناس كلهم مشتركين في القدر. (3) ن، م: إنما يحتجون. (4) ن: ما يرسل به رسله ; م: ما أرسل الله رسله. (5) ن، م: ولو. (6) ب، أ: سقوط. (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (8) ب: من يريد ; أ: ما يريد. (9) م (فقط) : ممن ترك بعضهم. (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (11) له: ساقطة من (ب) ، (أ) . (12) ب، أ: قال: يا معاذ بن جبل أتدري ; ن: قال له: أتدري ==================================== عباده (1) أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ [حقهم عليه] أن لا يعذبهم» " (2) . فالاحتجاج بالقدر حال أهل الجاهلية الذين لا علم عندهم بما يفعلون ويتركون، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون. وهم إنما يحتجون به في ترك حق ربهم ومخالفة أمره، لا في ترك ما يرونه حقا لهم [ولا في مخالفة أمرهم] (3) . ولهذا تجد [كثيرا من] (4) المحتجين به (5) والمستندين إليه من النساك والصوفية والفقراء، والعامة والجند والفقهاء وغيرهم، يفرون إليه عند اتباع الظن وما تهوى الأنفس، فلو كان معهم علم وهدى لم يحتجوا بالقدر أصلا، بل يعتمدون عليه لعدم الهدى والعلم (6) . _________ (1) ن، م: حقه عليهم. (2) م، ن: إذا فعلوا ذلك ألا يعذبهم. والحديث عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - في: البخاري 8/105 (كتاب الرقاق، باب من جاهد نفسه في طاعة الله) وأوله: بينما أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل فقال: " يا معاذ " قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: " يا معاذ " قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال: " يا معاذ بن جبل " قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: " هل تدري ما حق الله على عباده. . . . الحديث. وهو أيضا في: البخاري 9/114 (كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى) ; مسلم 1/58 - 59 (كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا) ; سنن الترمذي 4/135 - 136 (كتاب الإيمان، باب افتراق هذه الأمة) ; سنن ابن ماجه 2/1435 - 1436 (كتاب الزهد، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/260 - 261 (عن أنس بن مالك) . (3) ولا في مخالفة أمرهم: هذه العبارة ساقطة من (م) ، (ن) . (4) كثيرا من: في (ع) فقط. (5) به: ساقطة من (أ) ، (ب) . (6) ن، م: العلم والهدى ======================================
__________________
|
#179
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (179) صـ 59 إلى صـ 66 وهذا أصل شريف من اعتنى به علم (1) منشأ الضلال والغي لكثير من الناس (2) . ولهذا تجد المشايخ والصالحين (3) المتبعين للأمر والنهي كثيرا ما يوصون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنه كثيرا (4) ما يعرض لهم إرادات في أشياء ومحبة لها، فيتبعون فيها أهواءهم ظانين أنها دين الله (5) ، وليس معهم إلا الظن والذوق والوجد (6) الذي يرجع إلى محبة النفس وإرادتها، فيحتجون تارة بالقدر (7) ، وتارة بالظن والخرص، وهم متبعون أهواءهم في الحقيقة، فإذا اتبعوا العلم، وهو ما جاء به الشارع صلى الله عليه وسلم، خرجوا عن الظن وما تهوى الأنفس، واتبعوا ما ما جاءهم من ربهم، وهو الهدى. كما قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [سورة طه: 123] . وقد ذكر الله تعالى هذا المعنى عن المشركين في سورة الأنعام والنحل والزخرف، كما قال تعالى: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} [سورة الزخرف: 20] فبين (8) أنه لا علم لهم بذلك إن هم إلا يخرصون. _________ (1) ع، ن: من اعتنى به عرف، م: من اعتمد به عرف. (2) ع: والغى بين الناس. (3) ع: المشايخ الصالحين. (4) ب: يوصون أتباعهم بالعلم بالشرع فإن كثيرا، أ: يوصون أتباعهم بالعلم بالشرع فإن كثيرا، م: يوصفون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنهم كثيرا، ن: يوصفون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنه كثيرا (5) م فقط: أهواءهم ميراثهم دين الله، وهو تحريف. (6) ب: والوجدان، أ: والواجد (7) ن: بالقدرة. (8) ب، أ: ن: فتبين ========================================= وقال في سورة الأنعام: {قل فلله الحجة البالغة} [سورة الأنعام: 149] [أي] (1) بإرسال الرسل وإنزال الكتب، كما قال تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [سورة النساء: 165] ، ثم أثبت القدر بقوله: {فلو شاء لهداكم أجمعين} [سورة الأنعام: 149] ، فأثبت الحجة الشرعية، وبين المشيئة القدرية، وكلاهما حق. وقال في النحل: {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين} [سورة النحل: 35] ، بين (2) سبحانه أن هذا الكلام تكذيب للرسل فيما جاءوهم به ليس حجة لهم، فإن هذا لو كان حجة (3) لاحتج به على تكذيب كل صدق وفعل كل ظلم، ففي فطرة (4) بني آدم أنه ليس حجة صحيحة، بل من احتج به احتج لعدم العلم واتباع الظن (5) ، كفعل الذين كذبوا الرسل بهذه المدافعة، بل الحجة البالغة لله بإرسال الرسل وإنزال الكتب. كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أغير _________ (1) أي ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ب، أ: فبين. (3) ب، أ: فيما جاءوهم به ليس حجة لهم فلو كان حجة، م، ن: فيما جاءوا به ليس حجة لهم فإن هذا لو كان حجة. (4) م، ن: فطر. (5) م، ن: بل من احتج به يحتج به لعدم العلم واتباع الحق، ع: بل من احتج به لعدم العلم واتباع الظن ==================================== من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن» ". (1) . فبين أنه سبحانه يحب أن يمدح (2) وأن يعذر ويبغض الفواحش، فيحب أن يمدح بالعدل والإحسان، وأن لا يوصف بالظلم (3) . ومن المعلوم أنه من تقدم (4) إلى أتباعه بأن افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا (5) وبين لهم وأزاح علتهم، ثم تعدوا حدوده وأفسدوا أموره (6) كان له أن يعذبهم وينتقم منهم. فإذا قالوا: أليس الله قدر علينا هذا؟ لو شاء الله ما فعلنا هذا. قيل لهم: أنتم لا حجة لكم، ولا عندكم ما تعتذرون به، يبين (7) أن ما فعلتموه كان حسنا أو كنتم معذورين فيه، فهذا الكلام غير مقبول منكم، وقد قامت الحجة عليكم بما تقدم من البيان والإعذار. _________ (1) الحديث مع اختلاف في الألفاظ وفي أوله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في البخاري 6/57 (كتاب التفسير؛ تفسير سورة الأنعام، باب ولا تقربوا الفواحش) 7/35 (كتاب النكاح باب الغيرة) 9/120 (كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: ويحذركم الله نفسه) ، مسلم 4/2113 - 2114 (كتاب التوبة باب غيرة الله تعالى) ، سنن الترمذي 5/200 - 201 (كتاب الدعوات باب حدثنا محمد بن بشار) ، المسند ط المعارف 5/219 - 220، 6/56 - 57، 59 سنن الدارمي 2/149 (كتاب النكاح، باب في الغيرة) ، وسيرد هذا الحديث مرة أخرى في هذا الجزء، ص [0 - 9] 60. (2) ب، أ: يحب المدح. (3) ن، م: بالظلم ويبغض الفواحش، وهو خطأ. (4) ب، أ: قدم. (5) كذا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) . (6) م: أمره ; ن: أوامره، ب، أ: أمورهم. (7) ن: تبين ==================================== ولو أن ولي الأمر أعطى قوما مالا ليوصلوه إلى بلد (1) آخر (2) فسافروا به وتركوه في البرية ليس عنده أحد، وباتوا في مكان بعيد منه، وكان ولي الأمر قد أرسل جندا [له] (3) يغزون بعض الأعداء، فاجتازوا تلك، الطريق فرأوا ذلك المال فظنوه لقطة ليس له أحد فأخذوه وذهبوا، لكان يحسن منه أن يعاقب الأولين على تفريطهم (4) وتضييعهم حفظ ما أمرهم بحفظه (5) . ولو قالوا له: أنت لم تعلمنا أنك تبعث خلفنا جندا حتى نحترز المال منهم. قال لهم (6) : هذا لا يجب علي، ولو فعلته لكان زيادة إعانة لكم، لكن كان عليكم أن تحفظوا ذلك، كما تحفظ (7) الودائع والأمانات. وكانت حجته عليهم قائمة، ولم يكن إن عاقبهم ظالما (8) وإن كان لم يعنهم بالإعلام بذلك الجند، لكن عمل المصلحة في إرسال الأولين والآخرين. والله تعالى وله المثل الأعلى حكيم (9) عدل في [كل] ما يفعله (10) ، ولا _________ (1) م (فقط) محله. (2) آخر: ساقطة من (ب) ، (أ) . (3) له: زيادة في (ع) فقط. (4) ب، أ: لتفريطهم. (5) ب، أ: ما أمرهم به. (6) ع: ولو قالوا له لم تعلمنا أنك تبعث خلفنا جندا حتى نحترز، لقال لهم ; م، ن ولو قالوا له أنت، (م: إنك) ، لم تعلمنا أنك ترسل خلفنا جندا حتى نحترز لقال لهم ; ب، أ: ولو قالوا له: أنت لم تعلمنا أنك تبعث بعدنا جندا حتى نحترز، (ب: يحترز) ، المال منهم قال: ولعل الصواب ما أثبته. (7) ب: كما تحفظون، أ: كما تحفظوا. (8) ب: ولم يكن يدعى فيهم ظالما ; أ: ولم يكن إذ عافيهم ظالما، وهو تحريف. (9) ب، أ: حكم. (10) ب، أ: كل ما جعله ; ن، م: فيما يفعله ================================ يخرج شيء عن مشيئته وقدرته. فإذا أمر الناس بحفظ الحدود وإقامة الفرائض لمصلحتهم، كان ذلك من إحسانه إليهم، وتعريفهم ما ينفعهم. وإذا خلق أمورا أخرى، فإذا فرطوا واعتدوا بسبب خلقه لأمور أخرى (1) أوجبت (2) الضرر الحاصل من تفريطهم وعدوانهم، وكان له في خلق المخلوق الثاني حكمة ومصلحة أخرى (3) ، كان عادلا حكيما (4) في خلق هذا وخلق هذا، والأمر بهذا والأمر بهذا. وإن كان لم يمد الأولين بزيادة يحترسون (5) بها من التفريط والعدوان، لا سيما مع علمه بأن تلك الزيادة لو خلقها للزم منها تفويت مصلحة أرجح منها (6) ، فإن الضدين لا يجتمعان. والمقصود هنا أنه لا يحتج أحد بالقدر إلا حجة تعليل، لعدم اتباع الحق الذي بينه العلم (7) ، فإن الإنسان حي حساس متحرك بالإرادة. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " «أصدق الأسماء الحارث وهمام» " (8) فالحارث الكاسب العامل، والهمام الكثير الهم، والهم مبدأ _________ (1) ب، أ: الأمور الأخرى. (2) ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) فقط: من تفريطهم وعداوتهم. (3) ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) فقط: من تفريطهم وعداوتهم. (4) ب، أ: حكما. (5) م فقط: يحترزون. (6) منها: ساقطة من (ب) ، (أ) . (7) م، ن: منه العلم. (8) ع: والهمام. والحديث جزء من حديث مطول عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه في: سنن أبي داود 4/394 (كتاب الأدب، باب في تغيير الأسماء) ونصه فيه: تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة. والحديث عنه أيضا في المسند ط الحلبي 4/345 ==================================== الإرادة [والقصد، فكل إنسان حارث همام، وهو المتحرك بالإرادة] (1) وذلك لا يكون إلا بعد الحس والشعور، فإن الإرادة مسبوقة بالشعور بالمراد، فلا يتصور إرادة ولا حب ولا شوق ولا اختيار ولا طلب إلا بعد الشعور، وما هو [من] جنسه (2) ، كالحس والعلم والسمع والبصر والشم والذوق واللمس ونحو هذه الأمور. فهذا الإدراك والشعور هو (3) مقدمة الإرادة والحب والطلب. والحي مفطور على حب ما يلائمه وينفعه (4) ، وبغض ما يكرهه ويضره، فإذا تصور الشيء الملائم النافع أراده وأحبه (5) وإذا (6) تصور الشيء الضار أبغضه ونفر عنه، لكن ذلك التصور قد يكون علما، وقد يكون ظنا وخرصا، فإذا كان عالما بأن مراده هو النافع، وهو المصلحة، وهو الذي يلائمه، كان على الهدى والحق، وإذا لم يكن معه علم بذلك (7) ، كان متبعا للظن وما تهوى نفسه، فإذا جاءه العلم والبيان بأن هذا ليس مصلحة، أخذ يحتج بالقدر حجة لدد وتعريج (8) عن الحق (9) ، لا حجة اعتماد على الحق والعلم، فلا يحتج أحد في باطنه أو ظاهره بالقدر، إلا لعدم العلم بأن ما هو عليه هو الحق (10) . _________ (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (2) ن: وما هو جنسه، م: وما هو حقه. (3) أ، ع: هي، ن: وهي. (4) م، ع، أ، ب: ما ينفعه ويلائمه. (5) ع: أراده وحبه. (6) ب، أ: وإن. (7) ن: وإذا لم يكن معه بذاك علم. (8) ب (فقط) : لدد وتفريج. (9) عن الحق: ساقط من (ب) ، (أ) . (10) ب، أ: لعدم العلم بما هو عليه الحق ; ن، م: لعدم علمه بأن ما هو عليه هو الحق ==================================== وإذا كان كذلك كان من احتج بالقدر على الرسل مقرا بأن ما هو عليه ليس معه به علم، [وإنما تكلم بغير علم] (1) ، ومن تكلم بغير علم كان مبطلا في كلامه، ومن احتج بغير علم كانت حجته داحضة، فإما أن يكون جاهلا فعليه أن يتبع العلم، وإما أن يكون قد عرف الحق واتبع هواه فعليه أن يتبع الحق ويدع هواه. فتبين أن المحتج بالقدر متبع لهواه بغير علم، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. وحينئذ فالجواب في هذا المقام من وجوه: أحدها: أن هذا إنما يكون انقطاعا لو كان الاحتجاج بالقدر سائغا (2) ، فأما إذا كان الاحتجاج بالقدر باطلا بطلانا ضروريا مستقرا (3) في [جميع] (4) الفطر والعقول، لم يكن هذا السؤال متوجها، وذلك (5) أنه (6) من المستقر في فطر الناس وعقولهم أنه من طلب منه فعل من الأفعال الاختيارية (7) لم يكن له أن يحتج بمثل هذا، ومن طلب دينا له (8) على آخر لم يكن له أن يقول: لا أعطيك (9) حتى يخلق الله في العطاء، ومن أمر عبده بأمر (10) لم يكن له أن يقول: لا أفعله حتى يخلق الله في فعله، ومن _________ (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (2) ن، م: سابقا، وهو تحريف. (3) ع: متقررا. (4) جميع: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ب (فقط) : ولذلك. (6) ساقط من (أ) ، (ب) وفي هذه العبارات تحريف في (ن) ، (م) . (7) ساقط من (أ) ، (ب) وفي هذه العبارات تحريف في (ن) ، (م) . (8) له: ساقطة من (ع) . (9) ب، أ: ما أعطيك. (10) ب (فقط) : بشيء =================================== ابتاع شيئا وطلب (1) منه الثمن، لم يكن له أن يقول: لا أقضيه حتى يخلق الله في القضاء أو القدرة (2) على هذا. وهذا أمر جبل [الله] عليه الناس كلهم (3) ، مسلمهم وكافرهم، مقرهم بالقدر ومنكرهم له، ولا يخطر ببال أحد منهم الاعتراض بمثل هذا، مع اعترافهم بالقدر، فإذا كان هذا الاعتراض (4) معروف الفساد في بدائه (5) العقول، ولم يكن لأحد أن يحتج به على الرسول. الثاني: أن الرسول (6) يقول له: أنا نذير لك إن فعلت ما أمرتك به نجوت وسعدت، وإن لم تفعله عوقبت. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما صعد على الصفا ونادى: " «يا صباحاه " (7) فأجابوه، فقال: " أرأيتم (8) لو أخبرتكم أن عدوا مصبحكم أكنتم مصدقي؟ " قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» " (9) وقال: " «أنا النذير العريان» " (10) . _________ (1) ن، م: فطلب. (2) ع، م: والقدرة. (3) ن، أ، ب: جبل عليه الناس كلهم. وجاءت نفس العبارة في (م) ولكن سقطت منها كلمة (كلهم) . (4) م (فقط) الأمر. (5) ن، م، أ، ب: بداية. (6) ب، أ: الرسول صلى الله عليه وسلم. (7) ع: يا صاحباه. (8) م فقط: أرأيتكم. (9) الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما مع اختلاف في الألفاظ في البخاري 6/111 (كتاب التفسير سورة الشعراء، 6/122 \ (كتاب التفسير سورة سبأ 6/179 - 180 (كتاب التفسير سورة تبت يدا أبي لهب وتب) ، سنن الترمذي 5/121 \ كتاب التفسير ومن سورة تبت) ، المسند ط المعارف 4/186 - 286. (10) الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في البخاري 8/101 - 102 (كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي) ، وأوله: مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجا النجاء. . . . . الحديث، وهو في البخاري 9/93 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله) ، مسلم 4/1788 - 1789 كتاب الفضائل، باب شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته =======================================
__________________
|
#180
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثالث الحلقة (180) صـ 67 إلى صـ 74 ومن المعلوم أن من أنذر بعدو يقصده لم يقل لنذيره: قل لله يخلق في قدرة على الفرار حتى أفر، بل يجتهد في الفرار، والله هو الذي يعينه على الفرار. فهذا الكلام لا يقوله إلا مكذب للرسل، إذ ليس في الفطرة مع تصديق النذير الاعتلال بمثل هذا. وإذا كان هذا تكذيبا حاق به ما حاق بالمكذبين. الوجه الثالث: أن يقول له: أنا ليس لي أن أقول لربي [مثل] (1) هذا الكلام، بل علي أن أبلغ رسالاته، وإنما علي ما حملت وعليك ما حملت، وليس علي إلا البلاغ المبين، وقد قمت به (2) . الرابع: أن يقول: ليس لي ولا لغيري أن يقول له: لم لم [تجعل] (3) في هذا كذا وفي هذا كذا، فإن الناس على قولين: من يقول (4) : إنه لا حكمة إلا محض المشيئة، يقول إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ومن يقول: [إن] له حكمة (5) ، يقول: لم يفعل شيئا إلا لحكمة، ولم يتركه (6) إلا لانتفاء الحكمة فيه. _________ (1) مثل: زيادة في (ع) فقط. (2) أ، ب: وقد تمت به. (3) تجعل: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ب، أ: منهم من يقول، وهو خطأ. (5) ب، أ: ومنهم من يقول أن له حكمة، ن، م: ومن يقول له حكمة. (6) ن، م: ولا تركه =================================== وإذا كان كذلك لم يكن للعبد أن يقول له (1) مثل ذلك. ولهذا قال تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [سورة الأنبياء: 23] . الوجه الخامس: أن يقول: إعانتك على الفعل هو من أفعاله هو، فما فعله فلحكمة، وما لم يفعله فلانتفاء الحكمة، وأما نفس الطاعة فمن أفعالك التي تعود مصلحتها عليك (2) ، فإن أعانك كان فضلا [عليك] منه (3) وإن خذلك كان عدلا منه، فتكليفك ليس لحاجة (4) له إلى ذلك ليحتاج إلى إعانتك، كما يأمر السيد عبده بمصلحته. فإذا كان العبد غير قادر أعانه حتى يحصل مراد الآمر الذي يعود إليه نفعه، بل التكليف إرشاد وهدى وتعريف للعباد بما (5) ينفعهم في المعاش والمعاد ومن عرف أن هذا الفعل ينفعه وهذا الفعل يضره، وأنه يحتاج (6) إلى ذلك الذي ينفعه، لم يمكنه أن يقول: لا أفعل الذي أنا محتاج إليه، وهو ينفعني (7) حتى يخلق في الفعل، بل مثل هذا يخضع ويذل لله حتى يعينه على فعل ما ينفعه، كما لو قيل: هذا العدو قد قصدك (8) ، أو هذا السبع، أو هذا السيل (9) المنحدر، فإنه لا يقول: لا أهرب وأتخلص _________ (1) له: ساقطة من (ب) ، (أ) . (2) ب، أ، ن: إليك. (3) ن: كان ذلك فضلا منه. وعليك في (ع) فقط. (4) ن، م: بحاجة. (5) بما في (م) فقط. وفي سائر النسخ: ما. (6) يحتاج في (ع) فقط، وفي سائر النسخ: محتاج. (7) ب، أ: ينفعه. (8) ع: هذا عدو وقد قصدك. (9) ن، م: وهذا السبع، أو السيل =============================== [منه] (1) حتى يخلق [الله] (2) في الهرب، بل يحرص على الهرب ويسأل الله الإعانة على ذلك، ويفر منه إذا عجز. وكذلك إذا كان محتاجا إلى طعام أو شراب أو لباس (3) ، فإنه لا يقول: لا آكل ولا أشرب ولا ألبس حتى يخلق الله (4) في ذلك، بل يريد ذلك ويسعى فيه ويسأل الله تيسيره [عليه] (5) . فالفطرة مجبولة على حب ما تحتاج إليه، ودفع ما يضرها، وأنها تستعين الله عز وجل على ذلك. هذا [هو] موجب الفطرة (6) التي فطر [الله] (7) عليها عباده، وإيجابها ذلك، ولهذا أمر الله العباد أن يسألوا الله أن يعينهم على فعل ما أمر. الوجه السادس: أن يقال: مثل هذا الكلام إما أن يقوله من يريد الطاعة، ويعلم أنها تنفعه، أو من لا يريدها ولا يعلم أنها تنفعه، وكلاهما يمتنع [منه] (8) أن يقول مثل هذا الكلام. أما الأول فمن أراد الطاعة وعلم أنها تنفعه أطاع قطعا إذا (9) لم يكن عاجزا، فإن نفس الإرادة الجازمة _________ (1) منه: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) لفظ الجلالة ساقط من (ن) . (3) ع، ن، م وشراب ولباس. (4) لفظ الجلالة ساقط من (ع) ، (أ) ، (ب) . (5) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ب، أ: تستعين بالله على ذلك وهذا موجب الفطرة ; ن، م: تستعين بالله على ذلك. هذا موجب الفطرة. والمثبت من (ع) . (7) لفظ الجلالة ساقط من (ن) ، (م) . (8) منه: ساقطة من (ن) ، (م) . (9) ع: فإذا ====================================== للطاعة مع القدرة (1) توجب الطاعة، [فإنها مع وجود القدرة والداعي التام توجب وجود المقدور] (2) فإذا كانت الطاعة بالتكلم (3) بالشهادتين، فمن أراد ذلك [إرادة جازمة] فعله قطعا [لوجود القدرة والداعي التام] ، ومن (4) لم يفعله علم أنه لم يرده، وإن كان (5) لا يريد الطاعة فيمتنع أن يطلب من الرسول (6) أن يخلقها الله فيه فإنه، إذا طلب من الرسول (7) أن يخلقها الله فيه كان مريدا لها (8) ، فلا يتصور أن يقول مثل ذلك إلا مريد، ولا يكون مريدا للطاعة المقدورة (9) إلا ويفعلها. وهذا يظهر بالوجه السابع: (10) وهو أن يقال: أنت متمكن من الإيمان قادر عليه، فلو أردته فعلته، وإنما لم تؤمن لعدم إرادتك له، لا لعجزك وعدم قدرتك عليه. وقد بينا أن القدرة التي هي شرط في الأمر تكون موجودة قبل الفعل في المطيع والعاصي، [وتكون موجودة مع الأمر في المطيع] (11) بخلاف المختصة بالمطيع، فإنها لا توجد إلا مع الفعل. _________ (1) ن: فإن نفس الإرادة للطاعة مع القدرة ; م: فإن نفس الإرادة للطاعة مع القوة. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) . (3) ن، م: التكلم. (4) ن، م: فمن أراد ذلك فعله ن: فعليه قطعا ومن. (5) ب، أ: أنه لا يريده فإن كان إلخ. (6) ب، أ: أن يكون بطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم. (7) ب، أ: من الرسول صلى الله عليه وسلم. (8) لها: ليست في (ع) . (9) ب، أ: المقدور وهو خطأ. (10) ب، أ: وهذا يظهر. الوجه السابع ; ن: وهذا يظهر فالجواب السابع، م: وهذا يظهر بالجواب السابع. (11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) =================================== وقد بينا (1) أن من جعل القدرة نوعا واحدا: إما مقارنا للفعل (2) ، وإما سابقا عليه، فقد (3) أخطأ. هذا إذا عني بأحد النوعين مجموع ما يستلزم الفعل، كما هو اصطلاح كثير من النظار. وأما إذا لم يرد بالقدرة إلا المصحح فهي نوع واحد. فإن للناس في القدرة: هل هي مع الفعل أو قبله؟ عدة أقوال (4) : أحدها: أنها لا تكون إلا مع الفعل، وهذا بناء على أنها المستلزمة للفعل، وتلك لا تكون إلا معه، وقد يبنونه على (5) أن القدرة عرض، والعرض لا يبقى زمانين. والثاني: [أنها] (6) لا تكون إلا قبله، بناء على أنها المصححة فقط، وأنها لا تكون مقارنة. الثالث: أنها تكون قبله ومعه، وهذا أصح الأقوال. ثم من هؤلاء من يقول: القدرة نوعان: مصححة، ومستلزمة. فالمصححة قبله والمستلزمة معه. ومنهم من يقول: بل القدرة هي المصححة فقط، وهي تكون معه وقبله. وأما الاستلزام فإنما يحصل بوجود الإرادة مع القدرة لا بنفس (7) _________ (1) ع: وقد ثبت. (2) ع: للفاعل. (3) فقد: زيادة في (م) فقط. (4) ب: أقوالا، أ: قولان، وسقطت كلمة " عدة ". (5) ب، أ: وقد سبق أيضا. (6) أنها في (ع) فقط. (7) ب، أ: نفس ==================================== ما يسمى قدرة والإرادة ليست جزءا من مسمى القدرة، وهذا القول [هو] الموافق للغة القرآن (1) ، بل ولغات سائر الأمم هو أصح الأقوال. وحينئذ فنقول: أنت قادر متمكن خلق فيك القدرة على الإيمان، ولكن أنت لا تريد الإيمان، فإن قال [له:] قل (2) له يجعلني مريدا للإيمان. قال [له] : (3) إن كنت تطلب منه ذلك فأنت مريد للإيمان، وإن لم تطلب ذلك فأنت كاذب في قولك، قل له: يجعلني مريدا للإيمان. فإن قال: فكيف تأمرني (4) بما لم يجعلني مريدا له، لم يكن هذا طلبا للإرادة، بل [كان] (5) هذا مخاصمة، وهذا ليس على الرسول جوابه، [بل] ولا (6) في ترك جوابه انقطاع، فإن القدر ليس لأحد أن يحتج به (7) . [الوجه الثامن: أن يقال: كل من دعاه غيره إلى فعل وأمره به، فلا يخلو أن يكون مقرا بأن الله خالق أفعال العباد وإرادتهم (8) وأنهم لا يفعلون إلا ما شاءه، (أو لا يكون مقرا بذلك، بل يقول: إنهم يفعلون ما لا يشاؤه) (9) ، وهم يحدثون إرادات أنفسهم بلا إرادته. (10) _________ (1) ب، أ: وهو القول الموافق للغة القرآن. (2) له: في (ع) فقط. (3) أ، ب: قل له ; ن، م: قال. (4) أ، ب: يأمرني. (5) كان: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) أ، ب: ليس على الرسول صلى الله عليه وسلم بل ولا ; ع، ن، م، ليس على الرسول جوابه، ولعل الصواب ما أثبته. (7) بعد عبارة ((يحتج به)) يوجد سقط في نسختي (م) ، (ن) ، وسنشير إلى نهايته بإذن الله. (8) ب، أ: وإرادتهم. (9) ما بين القوسين في (ع) فقط. (10) ب، أ: أو هم يجذبون إرادة أنفسهم بلا إرادته، وهو تحريف ================================= فإن كان من القسم الأول فهو يقر بأن كل ظالم له أو لغيره (1) قد خلقت إرادته للظلم فظلمه (2) ، وهو لا يعذر الظالم في ذلك. فيقال له: أنت مقر بأن مثل هذا ليس بحجة (3) لمن خالف ما أمر به كائنا ما كان، فلا يسوغ لك الاحتجاج به وإن كان (4) منكرا للقدر امتنع أن يحتج بهذا، فثبت أن الاحتجاج بالقدر لإفحام الرسل لا يسوغ (5) لا (6) على قول هؤلاء ولا على قول هؤلاء. فإن قال قائل: المدعي ليس له مذهب يعتقده بل هو ساذج. قيل له: هب أن الأمر كذلك، ففي نفس الأمر إما أن يكون (الحق) (7) قول هؤلاء وإما أن يكون قول هؤلاء، وعلى التقديرين فالاحتجاج بالقدر باطل. فثبت بطلان الاحتجاج به باتفاق الطائفتين: المثبتة والنفاة. الوجه التاسع: أن يقال مقصود الرسالة هو الإخبار بالعذاب لمن كذب وعصى، كما قال موسى وهارون عليهما السلام لفرعون: {إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى} [سورة طه: 48] . وحينئذ فإذا قال: هو خلق في الكفر ولم يخلق في إرادة الإيمان. _________ (1) ع: ولغيره. (2) ب (فقط) : فظلم. (3) ع: حجة. (4) ب، أ: فلا يسوغ ذلك الاحتجاج وإن كان. . . إلخ. (5) ب، أ: لا يجوز. (6) لا: ساقطة من (ع) . (7) الحق: في (ع) فقط ===================================== قيل له: هذا لا يناقض وقوع العذاب بمن كذب وتولى، فإن كان لم يخلق فيك الإيمان فأنت ممن يعاقبه، وإن جعلك مؤمنا فأنت ممن يسعده (1) ونحن رسل مبلغون لك منذرون لك، فقد حصل مقصود الرسول (2) وبلغ البلاغ المبين، وإنما المكلف يخاصم ربه حيث أمره بما لم يعنه عليه، وهذا لا يتعلق بالرسول ولا يضره (3) ، والله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. الوجه العاشر: أن يقال هذا السؤال وارد على (هذا) المصنف (4) وعلى غيره من محققي المعتزلة والرافضة الذين اتبعوا أبا الحسين البصري (5) حيث قال إنه مع وجود الداعي والقدرة يجب وجود المقدور، وذلك أن الله خلق الداعي في العبد. وقول أبي الحسين ومتبعيه في القدر (6) وهو قول محققي أهل السنة الذين يقولون: إن الله خلق قدرة العبد وإرادته، وذلك مستلزم لخلقه (7) فعل العبد، ويقولون: إن العبد فاعل لفعله حقيقة (ومحدث لفعله) (8) ، والله سبحانه جعله فاعلا له (9) محدثا له، وهذا قول جماهير _________ (1) ب، أ: أسعده. (2) ب، أ: الرسالة. (3) ع: ولا يضره شيئا. (4) ب، أ: على المصنف. (5) وهو أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري المتوفى سنة 436 هـ، سبق الكلام عنه 1/395، 2/125، 283. (6) في القدر: ليست في (ع) . (7) ب، أ: لحقيقة. (8) ومحدث لفعله: في (ع) فقط. (9) له: ساقطة من (ع) ==================================
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |