|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
لست سعيدة في حياتي برغم النعم
لست سعيدة في حياتي برغم النعم أ. لولوة السجا السؤال: ♦ الملخص: فتاة غير سعيدة في حياتها برغم النِّعَم التي تعيش فيها، بسبب نظرتها لمَن حولَها، وتمني ما في يد غيرها. ♦ التفاصيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة في العشرينيات مِن عمري، مشكلتي أني لا أحبُّ للناس ما أحبُّ لنفسي، وهذا يجعلني دائمًا منزعجةً وغير فرحة. أنظر للأثرياء مِن حولي فأفرح بالبهجة، ثم سرعان ما يختفي فرحي ويتحوَّل إلى حزن، وأقول في نفسي: لماذا لا أكون مثلهم؟ ولو رسبتُ في مادة أو قلَّت درجاتي فيها، أتمنى لو رسبَتْ زميلاتي مثلي، وإذا خُطِبَتْ صديقة أو تزوجتْ مِن شاب وسيم أو ثريٍّ، أتمنى لو كان الشاب لي. حقيقة لستُ سعيدة في حياتي، رغم كل الخيرات التي أحظى بها؛ فلديّ عائلة وأسرة هادئة، وحالتنا المادية جيدة، لكن لستُ سعيدة تمامًا. دائمًا أقارن نفسي بغيري، ولا أجد حلًّا لما أشعر به من مشاعر اليأس والحزن. أرجو أن تساعدوني لأتخلص مما أنا فيه مِن نظَرٍ لما في يد الآخرين. الجواب: الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ: فبنيتي، تقولين: إنك لستِ سعيدة، برغم أنَّ النِّعَم تغمرك مِن كل جهةٍ؛ صحة، وأمان، وجمال، وأسرة، واهتمام، و... و... إلخ. وأنا أقول لك: كيف تتحقق لك السعادة المرجوة وأنت لا تفرحين بها للآخرين؟! هل تعلمين لماذا يحصل هذا منك؟ لأنك لم تُدركي بعدُ قيمة القناعة والرضا، اللتين تعتبران مِن أقوى أسباب السعادة بعد الإيمان. تنظرين مِن حولك فترين هؤلاء الأثرياء، وتظنين أنهم يملكون السعادة، بينما هم قد لا يملكون من السعادة إلا ما رأيتِ! تتأملين في حال الفتاة التي رُزِقَتْ بزوج وسيمٍ وثري، فتظنين أن الأمور قد كملتْ لها، بينما قد تكون تلك الفتاة تُعاني من همومٍ وغمومٍ لا يعلم بها سوى الله، فقد يكون ذلك الزوج الوسيم والغني سيئ الخُلُق مثلًا، أو بخيلًا، أو عقيمًا، أو غير ذلك من الأمور التي قد تخفى عليك، والتي لو علمتِ بها لأشفقتِ عليهم حقيقةً! كذلك حين تتأمَّلين في حال مَن هم أشدُّ سوءًا منك ممن فقَدوا العافيةَ والمال، وقبلَ ذلك التوحيد الذي يعدُّ أعظم النعم على العبد المؤمن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سلوا الله العفو والعافية؛ فإنَّ أحدًا لم يعطَ بعد اليقين خيرًا من العافية))، ستجدينهم غير سعداء. اعلمي بنيتي أنَّ ما تعانين منه يعدُّ شيئًا من الحسد، وإن لم يكن مقصودًا؛ فالحسدُ حين يُراد تعريفه يقال: إنه عدم السرور بما يُصيب الآخرين من النعم، مع تمنِّي زوالها، وهو مِن الصفات المذمومة التي نهى عنها الشرعُ؛ وذلك لسوء أثرها على الحاسد والمحسود، كما أنها تُنافي كمال الإيمان؛ ولذلك جاء في الحديث: ((لا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))، وكذلك جاء النهي بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحاسَدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبِعْ بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا - عباد الله - إخوانًا، المسلم أخو المسلم: لا يظلِمه، ولا يخذُله، ولا يكذِبه، ولا يحقِره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مراتٍ - بحسب امرئ من الشرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمُه ومالُه وعِرضه))؛ رواه مسلم. والعاقلُ حقيقةً حين يتفكر في أمر الحسد يرى أنه أمر سيئ لا فائدة منه، بل إنَّ وُقوعه في الحقيقة ضرر على الحاسد والمحسود؛ فالمحسودُ تزول عنه النعمةُ أو يُصاب بما يكدر عليه تلك النعمة، مِن مرض أو موت أو غير ذلك، أما الحاسد فإنه يتأثر إيمانُه، ويُحرم الدرجات العالية في الجنة، كما أنه بتمنِّي السوء للآخرين يبقى حبيسَ الهموم والغموم لانشغاله بالناس وما يُصيبهم من النعم، كما أنه حتمًا لن يجد الخير والسعادة وهو يحزن لوجودها لغيره ويفرح لزوالها! ولعلي أذكِّرك بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي سأسرده برغم طوله لما فيه من العبرة والفائدة العظيمة، عن أنس رضي الله عنه قال: كنا يومًا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يطلع عليكم الآن من هذا الفجِّ رجلٌ من أهل الجنة))، قال: فطلع رجلٌ من أهل الأنصار، تنطف لحيته مِن وضوئه، قد علَّق نعلَيْه في يده الشمال، فسلَّم، فلما كان الغدُ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجلُ على مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرجل على مثلِ حاله الأول، فلما قام النبيُّ صلى الله عليه وسلم تَبِعه عبدُالله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحَيْتُ أبي، فأقسمتُ ألَّا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيتَ أن تُؤويني إليك حتى تمضيَ الثلاث فعلتَ، قال: نعم، قال أنس: كان عبدالله يُحدِّث أنه بات معه ثلاثَ ليالٍ، فلم يره يقومُ من الليل شيئًا، غير أنه إذا تَعارَّ انقلب على فراشِه وذكر الله، وكبَّر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضَتِ الثلاث وكِدْتُ أحتقر عمله، قلتُ: يا عبدالله، لم يكن بيني وبين والدي هجرة ولا غضب، ولكني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات: ((يَطلُعُ الآن عليكم رجلٌ من أهل الجنة))، فطلَعتَ ثلاث مرات، فأردتُ أن آوي إليك لأنظرَ ما عملُك فأقتديَ بك؛ فلم أرَك تعملُ كبيرَ عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيتَ، قال: فانصرفتُ عنه، فلما ولَّيْتُ دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أَجِدُ في نفسي على أحدٍ من المسلمين غشًّا، ولا أحسدُه على ما أعطاه الله إيَّاه، فقال عبدالله: هذه التي بلغَتْ بك، هي التي لا نطيق! أوصيك بتقوى الله، ثم الدعاء بسلامة القلب والرضا؛ فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ((وأسألك قلبًا سليمًا))، فسلامة القلب من أقوى أسباب السعادة والطمأنينة والانشراح والتوفيق. كذلك الرضا بما قسم الله، والنظر لذلك بحُسن ظنٍّ للخالق الذي يُقسم الأرزاق، ويقدر الأقدار بحكمةٍ وعدلٍ ورحمةٍ، ولهذا يُعدُّ الاعتراض على قضاء الله من أسوأ الأعمال؛ لأنه ينم عن جهل بالله وبأسمائه وصفاته، وسوء ظن به جل جلاله، وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا. أوصيك بالتوبة والاستغفار من هذا العمل، كما أوصيك بالإكثار من الأعمال الصالحة؛ مِن صلاة، وذكرٍ، وقراءة قرآن، مع عدم الاغترار بالدنيا ومظاهرها الخادعة؛ فكل الدنيا إلى زوال، ولا يبقى لنا سوى العمل الصالح، فلن ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم. أكثري من سماع المحاضرات والعلم النافع، خصوصًا ما يتعلق بهذا الأمر المختص بالقلب، فالقلب إذا صلحتْ صلحت سائرُ الأعمال. أسأل الله لك الهداية والصلاح والتوفيق لما يُحب ربُّنا ويَرضى
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |