تفسير سورة الأنعام الآيات (103: 104) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13984 - عددالزوار : 746648 )           »          التحذير من فتنة النظر إلى نِعمة الكفار وحسن أثاثهم وجمال صورهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الموظف القاتل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          النهايات اللائقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          من عظم أمر الله أذل الله له عظماء خلقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          التحذير من بغض أهل البيت بسبب بعض الظالمين منهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التحذير العظيم من إضاعة الصلوات الخمس والتهاون بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          النَّمَّامُ وَعَمَلُ السَّاحِرِ وَالشَّيْطَانِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          تجاعيد الزمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-08-2024, 05:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,293
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير سورة الأنعام الآيات (103: 104)

تفسير سورة الأنعام الآيات (103: 104)

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103].
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ أيْ: لا تُحِيطُ بِهِ.
﴿ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ أي: وَهُوَ يُحِيطُ بِهَا وَيَعْلَمُهَا[1].
﴿ وَهُوَ اللَّطِيفُ ﴾ بِأَوْلِيائِهِ ﴿ الْخَبِيرُ﴾ بِهِمْ[2].

وِفِي الْآيَاتِ فَوائِدُ:
مِنْهَا: أنَّ فِيهَا دَليلًا عَلَى دِقَّةِ عِلْمِ اللَّه تَعَالَى، حَتَّى أَدْرَكَ السَّرَائِرَ وَالضَّمَائِرَ وَالْخَفَايا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 102، 103]، وَفِي آيةٍ أُخْرَى: ﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 13، 14].

وَمِنْهَا: اسْتَدَلَّ الْمُعْتَزِلَةُ بِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ [الأنعام: 103] عَلَى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ، قَالُوا: وَمُتَعَلِّقُ الْإِدْرَاكِ الْمَنْفِيِّ إدْرَاكُ الْبَصَرِ، فَكَانَ ذَلِكَ ظَاهِرًا في نَفْيِ الرُّؤْيَةِ.

وَأجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الْإِحَاطَةُ، لَا مُطْلَقَ الْبَصَرِ، بِمَعْنَى أَنَّ رُؤْيَةَ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ لَا تَعْنِي أَنَّهُمْ يُحِيطُونَ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا أَنَّهُمْ يُدْرِكُونَ بِرُؤْيَتِهِمْ لَهُ حَقِيقَةَ ذَاتِهِ[3].

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ ابْنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ عَارَضَهُ سَائِلٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ [الأنعام: 103] فقالَ لَهُ: أَلَسْتَ تَرَى السَّمَاءَ؟ فَقَالَ: بَلَى، قَالَ: أَتَرَاهَا كُلَّهَا؟ قَالَ: لَا[4]، فَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ نَفْيَ الْإِدْرَاكِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ الرُّؤْيَةِ.

وَعَنْ قَتَادَةَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ [الأنعام: 103] قَالَ: "هُوَ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَعْظَمُ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصَارُ"[5]، وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعُوفِي فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ قَالَ: "هُمْ يَنْظُرونَ إِلَى اللَّهِ لَا تُحِيطُ أَبْصَارَهُمْ بِهِ مِنْ عَظَمَتِهِ، وَبَصَرُهُ يُحْيطُ بِهِمْ"[6].

فِإذاً الْمَعْنَى أَنَّهُ يُرَى وَلَا يُدْرَكُ، وَلَا يُحَاطُ بِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّه: "فَقَولُهُ: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ [الأنعام: 103] يَدُلُّ عَلَى غَايةِ عَظَمَتِهِ، وَأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ، وَأَنَّهُ لِعَظَمَتِهِ لَا يُدْرَكُ بِحِيثُ يُحَاطُ بِهِ، فَإِنَّ الْإِدْرَاكَ هُوَ الْإِحَاطَةُ بِالشيءِ، وَهُوَ قَدَرٌ زَائِدٌ عَلَى الرُّؤيَةِ"[7].

فَائدَةُ: وَمَسْأَلَةُ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمِ يَومَ الْقِيَامَةِ مِنْ مَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ الَّتِي تَضَافَرَتْ عَلَى إِثْبَاتُهَا دَلَائِلُ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ، وَأَجْمَعُ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهَا، حَيْثُ دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَونَ رَبَّهُمْ عِيَانًا لَا يُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا لَا يُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.

فَمِنْ أَدِلَّةِ الْكِتَابِ عَلَى الرُّؤيَةِ:
قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]، قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعيُّ: "وَفِي هَذِهِ الْآيةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنينَ يَروَنَهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَئِذٍ"[8].
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَا حَجَبَ أَعْدَاءَهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ فِي حَالِ السَّخَطِ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ يَرونَهُ فِي حَالِ الرِّضَا، وَإِلَّا لَو كَانَ الْكُلُّ لَا يَرَى اللَّهَ تَعَالَى لَمَا كَانَ في عُقُوبَةِ الْكَافِرِينَ بِالْحَجْبِ فَائِدَةٌ؛ إِذ الْكُلُّ محجوبٌ.

وَمِنْ أَدِلَّةِ رُؤْيَتِهِ سُبْحَانَهُ يَومَ الْقِيَامَةِ أَيْضًا أَنَّ الرُّؤْيَةَ مِنَ الْمَزِيدِ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ بِهِ الْمُحْسِنِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّيَادَةَ بِالرُّؤْيَةِ، كَمَا رَوَى ذَلِكَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ صُهِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتُعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ، فَيَقولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنْجِّنَا مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]»[9].

هَذَا مَا يَتَعلَّقُ بِالْأَدِلَّةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ يَومَ الْقِيَامَةِ.

أَمَّا أَحَادِيثُ السُّنَّةِ فَقَدْ نَصَّ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَ الرُّؤْيَةِ مُتَواتِرَةٌ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْكَتَّانِيُّ فِي نَظْمِ الْمُتَنَاثِرِ[10]، وَابْنُ حَجْرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِيِّ[11]، وَالْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ الْقَارِي[12]، وَابْنُ حَزْمٍ فِي الْفِصَلِ[13]، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ وَغَيْرُهُمْ[14]، وَمِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ:
1- حَدِيثُ أَبِي هُريرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا رَسُولُ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبُّنَا يَومَ الْقِيَامَةِ؟ فقال رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيلَةِ الْبَدْرِ؟ قَالُوا: لَا، يَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا، يَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ»[15] رَواهُ مُسْلِمٌ.

وَمَعْنَى (تُضَارُّونَ) أَي: لَا يُزَاحِمُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، أَوْ يَلْحَقُ بَعْضُكُمْ الضَّرَرَ بِبَعْضٍ بِسَبَبِ الرُّؤْيَةِ، وَتَشْبِيه رُؤْيَةِ الْبَارِي بِرُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، لَيْسَ تَشْبِيهًا للمَرْئِيِّ بِالْمَرْئِيِّ، وَإِنَّمَا تَشْبِيهُ الرُّؤْيَةِ فِي وُضُوحِهَا وَجَلَائِهَا بِرُؤْيَةِ الْعِبَادِ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ؛ إِذْ يَرونَهُمَا مِنْ غَيْرِ مُزَاحَمَةٍ وَلَا ضَرَرٍ[16].

2- حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا»[17] رَواهُ الْبُخَارِيُّ.

3- حَدِيثُ صُهِيبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ، فَيَقولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهنَا، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنْجِّنَا مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابِ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]»[18] رَواهُ مُسْلِمٌ.

4- حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتَهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهْبٍ آنِيَتَهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءَ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدَنٍ»[19] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

أَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيمِيَّةَ: "أَجْمَعَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرونَ اللَّهَ بِأَبْصَارِهِمْ فِي الْآخِرَةِ"[20].

﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [الأنعام: 104].

قُلْ يَا مُحَمَّدُ لَهُمْ: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ ﴾ حُجَجٌ ظَاهِرَةٌ وَبَرَاهِينُ وَاضِحَةٌ ﴿ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ﴾ فَمَنْ أَبْصَرَهَا فَآمَنَ ﴿ فَلِنَفْسِهِ ﴾ أبْصَرَ؛ لِأَنَّ ثَوابَ إِبْصَارِهِ لَهُ[21].

﴿ وَمَنْ عَمِيَ ﴾ عَنْها فَضَلَّ ﴿ فَعَلَيْهَا ﴾ أي: فَعَلَى نَفْسِهِ وَبَالُ إِضْلَالِهِ[22].

وَهَذِهِ الْآيةُ كَقَولِ اللهِ تَعَالَى ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾ [الإسراء: 15]، وَقَولِهِ: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46][23].

﴿ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ بِرَقِيبٍ أُحْصِيَ عَلَيْكم أعْمالَكُمْ، وَإِنَّمَا أَنَا رَسُولٌ مُبَلِّغٌ عَنِ اللهِ تَعَالَى رِسَالَتَهُ وَهُوَ الحَفِيظُ عَلَيْكُمْ[24].

[1] ينظر: تفسير الطبري (12/ 13).

[2] ينظر: الوجيز للواحدي (ص368)، تفسير الجلالين (ص180).

[3] ينظر: الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية (2/ 648).

[4] ينظر: تفسير الطبري (22/ 32).

[5] ينظر: الدر المنثور (3/ 335).

[6] ينظر: تفسير الطبري (12/ 13).

[7] حادي الأرواح (ص294).

[8] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 351).

[9] صحيح مسلم برقم (181).

[10] نظم المتناثر (ص241 وما بعدها).

[11] فتح الباري (1/ 203).

[12] عمدة القاري (2/ 157).

[13] الفصل في الملل والنحل (3/ 3).

[14] درء تعارض العقل والنقل (2/ 202).

[15] صحيح مسلم برقم (182).

[16] ينظر: معارج القبول (1/ 361).

[17] صحيح البخاري برقم (7435).

[18] سبق تخريجه.

[19] صحيح البخاري برقم (4878)، صحيح مسلم برقم (180).

[20] مجموع الْفَتَاوَى (6/ 512).

[21] ينظر: تفسير الجلالين (ص180).

[22] ينظر: تفسير الجلالين (ص180).

[23] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 312).

[24] ينظر: تفسير البغوي (3/ 175)، فتح القدير (2/ 170).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.71 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.03%)]