|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الاتجاهات الجزئية والكلية في الإفتاء والاجتهاد
الاتجاهات الجزئية والكلية في الإفتاء والاجتهاد مسعود صبري تنقسم الاتجاهات الفقهية إلى نوعين رئيسين، هما الاتجاه الجزئي، والاتجاه الكلي، ومن الأهمية بمكان التمييز بين نوعي الاتجاه الفقهي في الدراسات الأكاديمية. ولعل العناية بالاتجاهات الجزئية والكلية يفتح بابا جديدا للدارسين والباحثين في الدراسات العليا من طلبة الماجستير والدكتوراه وغيرهم، مما يسهم في إثراء البحث الفقهي المعاصر. أولا- الاتجاه الفقهي ( الاتجاه الجزئي): يلاحظ أن كثيرا من دور الإفتاء وهيئات الفتوى كانت تتبنى اتجاها في عدد من القضايا، فظهر غالب المفتين أنهم كانوا ينحون نحوا معينا في تلك القضايا . وهذا مايعرف بـ ( الاتجاه الجزئي) في الإفتاء. ومن الأمثلة على هذا الاتجاه : الاتجاه في تفسير مصرف ( وفي سبيل الله): هناك من دور الإفتاء جهات الفتوى من يظهر عليهم أنهم يميلون إلى اعتبار مصرف (وفي سبيل الله) أن المقصود به المصالح العامة التي لا يعود نفعها إلى شخص بعينه، وإنما يعود على المجتمع في حين هناك من يرى أن مصرف ( في سبيل الله) المقصود به الجهاد في سبيل الله، ولكنه يتوسع في مفهوم الجهاد، فلم يجعله قاصرا على القتال فحسب، بل يدخل فيه كل ما من شأنه إعلاء كلمة الله تعالى، ومنها الدعوة إلى الله . وترتب على هذا الاتجاه الجزئي في تلك القضية القول بجواز عدد من الأمور، هي:
تبنت عدد من دور الإفتاء وهيئات الفتوى في مسائل الزواج العرفي القول بجوازه، فاتفقت آراؤهم جميعا على أن الزواج غير الموثق إن توافرت فيه شروطه وأركانه؛ فقد صح الزواج، مع عدم تشجيعه. وفي الزواج الذي يخلو من الولي بعد إتمامه، مالت بعض جهات الإفتاء إلى القول بجوازه، فقالوا بصحة الزواج العرفي الذي يخلو من الولي؛اعتمادا على أحكام القضاء في عدد من الدول العربية التي تستند إلى المختار من المذهب الحنفي الذي لا يرى وجوب موافقة الولي في الزواج، وإن أعطت له الحق في رفع دعوى بفسخ الزواج إن كان الزوج غير كفء لابنته. في حين ترى بعض جهات الإفتاء الأخرى أن الزواج العرفي قريب من الزنى. الاتجاه في الوجوب القانوني: غلب على عدد من جهات الإفتاء عدم اعتبار ما يوجبه القانون إذا كان لا يتوجب الأمر شرعا، فيحكم بصحة التصرف الشرعي، ولا يبطل عندهم، مع التنويه على أهمية الوجوب القانوني دون أن يكون له تأثير في الحكم الشرعي. ومن أمثلة ذلك:
كان من الاتجاهات الجزئية لبعض جهات الإفتاء القول بوجوب طاعة ولي الأمر فيما لا يتعارض مع الشرع، ومن أهم تلك المسائل في هذا الاتجاه:
من القضايا التي شغلت حيزا من الاتجاه الفقهي الجزئي ما يتعلق بالبدعة، فهناك اتجاه يضيق مفهوم البدعة، ويقابله اتجاه آخر يتوسع في مفهوم البدعة. وترتب على التضييق في مفهوم البدعة المحرمة، القول بعدد من الآراء الفقهية عند بعض دور الفتوى، من ذلك:
ومن أهم الاتجاهات في الإفتاء الميل ناحية الأخذ بالتيسير، بل يكاد يكون هو الاتجاه الغالب عند كثير من جهات الإفتاء وآحاد المفتين. وتختلف درجة الأخذ بالتيسير من جهة لأخرى ، ومن مفت لآخر. ومن أمثلة الأخذ باتجاه التيسير في الفتوى ما يلي:
إذا كانت الأمور السابقة تمثل اتجاها جزئيا في عدد من القضايا التي انبنى عليها الإفتاء في عدد من المسائل، فإن هناك اتجاها يمكن رصده من خلال اتجاهات جهات الإفتاء وكبار المفتين. وتتمثل الاتجاهات الكلية في الإفتاء والاجتهاد فيما يلي:
وهذا الفريق ” يريدون أن يحرموا على الناس كل شيء، فأقرب شيء إلى ألسنتهم وأقلامهم إطلاق كلمة “حرام” دون مراعاة لخطورة الكلمة، ودون تقديم الأدلة الشافية من نصوص الشرع وقواعده سندا للتحريم. فعمل المرأة حرام، والغناء حرام، والموسيقى حرام، والتمثيل حرام، والتلفزيون حرام، والسينما حرام، والتصوير كله حرام، والشركات المساهمة حرام، والجمعيات التعاونية حرام! والحياة كلها حرام في حرام ” ([1]). ملامح ومرتكزات الاتجاه المتشدد: يميل هذا الاتجاه إلى الغلو والتشدد في الاجتهاد، ومن أهم ملامحه ومرتكزاته:
يغلب على هذا الفريق أنهم ” لا يريدون أن يبقى شيء على حاله، ولا يستمر وضع كما كان، وأن يغيروا كل شيء، بحجة أن العالم يتطور، والحياة تتغير، وهم الذين سخر منهم بعض الأدباء بأنهم يريدون أن يغيروا الدين واللغة والشمس والقمر! الربا كان حراما في الزمن الماضي لأن آخذ الربا ـ المرابي ـ كان هو القوي الغني، ومعطي الربا كان هو الضعيف المحتاج. أما الآن، فآخذ الربا هو العامل أو الموظف الضعيف الذي يدخر من دخله دراهم معدودة يودعها في البنك، ليأخذ عليها فائدة محددة، والبنك الذي يعطيه الفائدة هو الغني القوي، الذي يربح من وراء إيداع الكثير”([3]) . ملامح ومرتكزات الاتجاه المتساهل: ومن أهم ملامح ومرتكزات هذا الاتجاه:
يمثل هذا الاتجاه موقفا وسطا بين الاتجاهين السابقين، فلا هو متشدد وجامد على المنقول من الفتاوى والآراء، ولا هو متساهل يميل إلى الانحلال، ويتجاوز الثوابت الشرعية، بل يوازن بين المحافظة على تلك الثوابت، ويراعي متغيرات العصر، فهو مرتبط بالأصل، متصل بالعصر. فالتوسط في الأحكام الشرعية أنها لا تميل إلى جانب الإفراط والتشديد على العباد ، ولا إلى جانب التيسير الشديد الذي يصل إلى حد التحلل من الأحكام . وهذا هو الغالب على أحكام الشريعة . فالتوسط نوع من التيسير ، وليس مقابلا له ؛ إذ الذي يقابل التيسير التعسير والتشديد ، أما التوسط ففيه اليسر لأنه ليس فيه مشقة خارجة عن المعتاد ، ومثاله يسر الصلاة والصوم ؛ إذ فيهما مشقة ، ولكنها معتادة “([5]). ويوضح الإمام الشاطبي أن ” الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، الداخل تحب كسب العبد من غير مشقة عليه ولا انحلال، بل هو تكليف جار على موازنة تقتضى في جميع المكلفين غاية الاعتدال كتكاليف الصلاة والصيام والحج والجهاد والزكاة وغير ذلك مما شرع ابتداء على غير سبب ظاهر اقتضى ذلك أو لسبب يرجع إلى عدم العلم بطريق العمل كقوله تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ)([6]) (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ([7]) البقرة : 219 وأشباه ذلك . فإن كان التشريع لأجل انحراف المكلف أو وجود مظنة انحرافه عن الوسط إلى أحد الطرفين كان التشريع رادا إلى الوسط الأعدل لكن على وجه يميل فيه إلى الجانب الآخر ليحصل الاعتدال فيه فعل الطبيب الرفيق يحمل المريض على ما فيه صلاحه بحسب حاله وعادته وقوة مرضه وضعفه حتى إذا استقلت صحته هيأ له طريقا في التدبير وسطا لائقًا به فى جميع أحواله” ([8]). ويقول الدكتور عبد الله بن بية في معرض حديثه عن آداب الفتوى: ” أن يكون وسطيا في فتواه، ليس ممن يؤثر التشدد ويلزم العامة بالورع والاحتياط، فيفسد عليهم معاشهم في أمر لهم فيه مندوحة، ولا متحللا يحل كل شيء حتى يكاد يلغي التكاليف الشرعية، ويتطاول على الضروري من الدين. وهذه الوسطية تنشأ عن تعمق في الفقه واستيعاب للعلاقة بين كليات الشريعة وجزئياتها، وبين الأصول والفروع وحسن تطبيق ذلك على ضرورات الناس ومصالحهم، ولن يكون كذلك إلا إذا كان رصين الفكر، أخا استثبات واستشارة، مشفقا على أهل ملته([9]). . وتعرف وسطية الفتوى بأنها : ” المقارنة بين الكليّ والجزئيّ، والموازنة بين المقاصد والفروع والربط بين النصوص وبين معتبرات المصالح في الفتاوى والآراء فلا شطط ولا وكس. وهي ناموس الأكوان وقانون الأحكام تتعامل مع الوقائع من خلال النصوص والواقع مما سماه بعض العلماء فقه الموازنات وهو في حقيقته توازن بين الثوابت والمتغيرات ([10]). ملامح ومرتكزات الاتجاه الوسطي: ومن أهم ملامح هذا الاتجاه ومرتكزاته:
ص: 12- 13، مكبة وهبة، الطبعة الثامنة والعشرون: 2004م ([2])- راجع:: دراسة في فقه مقاصد الشريعة بين المقاصد الكلية والنصوص الجزئية، للدكتور يوسف القرضاوي، ص: 51-65 طبع دار الشروق، الطبعة الأولى، 2006م ، ومنهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة، الدكتو مسفر القحطاني، ص: 296- 305 ([3])- الفتوى بين الانضباط والتسيب، الدكتور يوسف القرضاوي، ص: 124 ([4])- راجع: منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة، الدكتو مسفر القحطاني، ص: 296- 305 ([5])- الموسوعة الفقهية، ج14/213 ([6])-البقرة : 219 ([7])-البقرة : 219 ([8])-الموافقات للشاطبي، ج2 \ 163 ط دار المعرفة ([9])- صناعة الفتوى وفقه الأقليات، الدكتور عبد الله بن بية، ص: 28، طبع المركز العالمي للوسطية، الكويت، بدون تاريخ ([10])- راجع: معايير وسطية الفتوى، الدكتور عبد الله بن بيه، بحث قدم لمؤتمر: الوسطية منهج حياة، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت 2005 ([11])- راجع:: دراسة في فقه مقاصد الشريعة بين المقاصد الكلية والنصوص الجزئية، للدكتور يوسف القرضاوي، ص: 135-198 بتصرف. ([12])- راجع: معايير وسطية الفتوى، الدكتور عبد الله بن بيه، بحث قدم لمؤتمر: الوسطية منهج حياة، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت 2005
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |