|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الاول [كتاب الصلاة] صـــــ 157 الى صــــــــ163 الحلقة (31) [كتاب الصلاة] [[مباحث عامة]] [حكمة مشروعيتها] ما تقدم من مباحث الطهارة إنما هو وسيلة للصلاة، وقد علمت أن هذه الوسائل كلها منافع للمجتمع الإنساني؛ لأن مدارها على نظافة الأبدان؛ وطهارة أماكن العبادة من الأقذار التي تنشأ عنها الأمراض والروائح القذرة، نعم إن في بعض الوسائل ما قد يخلو عن هذا المعنى، ولكن ذلك لحكمة ظاهرة: وهي أن الغرض من العبادات إنما هو الخشوع لله سبحانه باتباع أوامره واجتناب نواهيه، أما الصلاة فهي أهم أركان الدين الإسلامي؛ فقد فرضها الله سبحانه على عباده ليعبدوه وحده، ولا يشركوا معه أحداً من خلقه في عبادته، قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} أي فرضاً محدوداً بأوقات لا يجوز الخروج عنها، وقال عليه الصلاة والسلام: "خمس صلوات كتبهّن الله على العباد؛ فمن جاء بهن، ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة" وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم شأن الصلاة، والحث على أدائها في أوقاتها: والنهي عن الاستهانة بأمرها والتكاسل عن إقامتها؛ فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل الصلوات الخمس، كمثل نهر عذب غمر، بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يبقى من درنه؟ قالوا: لا شيء، قال صلى الله عليه وسلم: "فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن" ومعنى ذلك أن الصلوات الخمس تطهر النفوس؛ وتنظفها من الذنوب والآثام، كما أن الاغتسال بالماء النقي خمس مرات في اليوم يطهر الأجسام وينظفها من جميع الأقذار. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل: قال: "الصلاة لمواقيتها" فالصلاة هي أفضل أعمال الإسلام، وأجلها قدراً، وأعظمها شأناً؛ وكفى بذلك حثاً على أدائها في أوقاتها.أما ترهيب تاركها وتخويفه؛ فيكفي فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا سهم في الإسلام لمن لا صلاة له" وقوله: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" وفي هذا الحديث زجر شديد للمسلم الذي يتسلط عليه الكسل فيحمله على ترك الصلاة التي يمتاز بها عن الكافر، حتى قال بعض أئمة المالكية: إن تارك الصلاة عمداً كافر وعلى كل حال فقد أجتمعوا على أنها ركن من أركان الإسلام، فمن تركها فقد هدم ركناً من أقوى أركانه. وينبغي أن يعرف الناس أن الغرض الحقيقي من الصلاة إنما هو غشعار القلب بعظمة الإله الخالق حتى يكون منه على وجل فيأتمر بأمره، وينتهي عما نهاه عنه، وفي ذلك الخير كله للنوع الإنساني، لأن من يفعل الصالحات ويجتنب السيئات لا يصدر عنه للناس الا المنفعة والخير، أما الذين يأتي بالصلاة وقلبه غافل عن ربه، مشغول بشهواته النفسانية، وملاذه الجسمانية، فإن صلاته، وإن أسقطت عنه الفرض عند بعض الأئمة، ولكنها في الحقيقة لم تثمر الثمرة المطلوبة منها، إنما الصلاة الكاملة هي التي قال الله في شأنها: {قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتها خاشعون} . فالغرض الحقيقي من الصلاة، إنما هو تعظيم الإله فاطر السموات والأرض بالخشوع له والخضوع لعظمته الخالدة، وعزته الأبدية، فلا يكون المرء مصلياً لربه حقاً الا إذا كان قلبه حاضراً مملوءاً بخشية الله وحده، فلا يغيب عن مناجاته بالوساوس الكاذبة أو الخواطر الضارة، ومن ي قف بين يدي خالقه وقلبه على هذه الحالة ذليلاً خاشعاً، خائفاً وجلاً من جلال ذلك الخالق القادر القاهر، ذي السطوة التي لا تحدّ، والمشيئة التي لا تردّ، فإنه بذلك يكون تائباً من ذنبه، منيباً إلى ربه، وتصلح أعماله الظاهرة والباطنة، وتقوى علاقته بربه، ويستقيم مع عبادته تعالى، ويقف عند حدود الدين، وينتهي عما نهاه عنه رب العالمين. كما قال: {إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر} وبذلك يكون من المسلمين حقاً.فالصلاة التي تنهي عن الفحشاء والمنكر، وهي تلك الصلاة التي يكون العبد فيها معظماً ربه، خائفاً منه، راجياً رحمته، فحظ كل واحد من صلاته إنما هو بقدر خوفه من الله، وتأثر قلبه بخشيته، لأن الله سبحانه إنما ينظر إلى قلوب عباده لا إلى صورهم الظاهرة، ولذا قال تعالى: {وأقم الصلاة لذكرى} ، ومن غفل قلبه عن ربه لا يكون ذاكراً له، فلا يكون مصلياً صلاة حقيقية، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه". فهذه هي الصلاة في نظر الدين، وهي بهذا المعنى لها أحسن الأثر في تهذيب النفوس، وتقويم الأخلاق، فإن في كل جزء من أجزائها تمريناً على فضيلة من الفضائل الخلقية، وتعويداً على صفة من الصفات الحميدة، وإليك جملة من أعمال الصلاة وآثارها في تهذيب النفوس: أولاً: النية، وهي عزم القلب على امتثال أمر الله تعالى بأداء الصلاة كاملة، كما أمر بها الله مع الإخلاص له وحده، ومن يفعل ذلك في اليوم والليلة خمس مرات، فلا ريب في أن الإخلاص ينطبع في نفسه، ويصبح صفة منصفاته الفاضلة التي لها أجمل الثر في حياة الأفراد والجماعات، فلا شيء أنفع في حياة المجتمع الإنساني من الإخلاص في القول والعمل، فلو أن الناس أخلصوا لبعضهم بعضاً في أقوالهم وأعمالهم، لعاشوا عيشة راضية مرضية، وصلحت حالهم في الدنيا والآخرة، وكانوا من الفائزين. ثانياً: إن القيام بين يدي الله تعالى، فالمصلي يقف ببدنه وروحه بين يدي خالقه مطرقاً يناجيه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، يسمع منه ما يقول، ويعلم منه قلبه ما ينوي، ولا ريب في أن من يفعل ذلك مرات كثيرة في اليوم والليلة، فإن قلبه يتأثر بخالقه، فيأتمر بما أمره به، وينتهي عما نهاه عنه، فلا ينتهك للناس حرمة، ولا يعتدي لهم على نفس، ولا يظلمهم في مال، ولا يؤذيهم في دين أو عرض. ثالثاً: القراءة، وسيأتي لك حكمها عند الأئمة، ولكن ينبغي لمن يقرأ أن لا يحرك لسانه بالقراءة، وقلبه غافل، بل ينبغي له أن يتدبر معنى قراءته ليتعظ بما يقول، فإذا مر على لسانه ذكر الإله الخالق وجل قلبه خوفاً من عظمته وسطوته، كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً} وإذا ذكرت صفات الله تعالى من رحمة وإحسان وجب عليه أن يعلم نفسه كيف تتخلق بتلك الصفات الكريمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تخلقوا بأخلاق الله فهو سبحانه كريم عفو غفور، عادل لا يظلم الناس شيئاً، فالإنسان مكلف بأن يتخلق بهذه الأخلاق، فإذا ما قرأ في صلاته الآيات التي تشتمل على صفات الإله الكريمة وعقل معناها، وكرّرها في اليوم والليلة مرات كثيرة. فإن نفسه تتأثر بها لا محالة ومتى تأثرت نفسه بجميل الصفات حبب إليه الاتصاف بها، ولذلك أحسن الأثر في تهذيب النفوس والأخلاق. رابعاً: الركوع والسجود، وهما من أمارات التعظيم لمالك الملوك، خالق السموات والأرض وما بينهما، فالمصلي الذي يركع بين يدي ربه لا يكفيه أن يحنى ظهره بالكيفية المخصوصة، بل لا بد أن يشعر قلبه بأنه عبد ذليل، ينحني أما عظمة إله عزيز كبير، لا حد لقدرته، ولا نهاية لعظمته فإذا انطبع ذلكالمعنى في قلب المصلي مرات كثيرة في اليوم والليلة كان قلبه دائماً خائفاً من ربه فلا يعمل الا ما يرضيه، وكذلك المصلي الذي يسجد لخالقه، فيضع جبهته على الأرض معلناً عبوديته لخالقه. فإنه إذا استشعر قلبه ذل العبودية، وعظمة الرب الخالق فلا بد أن يخافه ويخشاه، وبذلك تتهذب نفسه وينتهي عن الفحشاء والمنكر. هذا ويتعلق بالصلاة أمور أخرى لها فوائد اجتماعية جليلة الشأن: منها الجماعة، فقد شرع الإسلام الجماعة في الصلاة، وحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". ففي الاجتماع لأداء الصلاة بصفوف متراصة متساوية، تعارف بين الناس يقرب بين القلوب المتنافرة، ويزيل منها الضغائن والأحقاد، وذلك من أجل عوامل الوحدة التي أمر الله تعالى بها في كتابه العزيز، فقال: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} وفي الاجتماع لأداء الصلاة تذكير بالأخوة التي قال الله عنها: {إنما المؤمنون إخوة} فالمؤمنون الذين يجتمعون لعبادة رب واحد لا ينبغي لهم أن ينسوا أنهم إخوة، يجب أن يرحم كبيرهم صغيرهم، ويوقر صغيرهم كبيرهم، ويواسي غنيهم فقيرهم، ويعين قويهم ضعيفهم، ويعود صحيحهم مريضهم، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخول المسلم لا يظلمه ولا يثلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرّج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة". ولو شئنا أن نذكر ما اشتملت عليه الصلاة من فوائد لاستغرقنا صحائف كثيرة فنقف عند هذا الحد، والله يوفقنا إلى العمل بدينه الحنيف، إنه سميع الدعاء. [تعريف الصلاة] معنى الصلاة في اللغة: الدعاء بخير، قال تعالى: {وصلِّ عليهم} أي دع لهم، وأنزل رحمتك عليهم، ومعناها في اصطلاح الفقهاء: أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، بشرائط مخصوصة، وهذا التعريف يشمل كل صلاة مفتتحة بتكبيرة الإحرام، ومختتمة بالاسلام، ويخرج عنه سجود التلاوة وهو سجدة واحدة عند سماع آية من القرآن المشتملة على ما يترتب عليه ذلك السجود من غير تكبير، أو سلام، كما سيأتي في مبحثه، فهذا السجود لا يقال له: صلاة عند الحنفية والشافعية (1) . [أنواع الصلاة] للصلاة أنواع مبينة في المذاهب، فانظرها تحت الخط الذي أمامك (2) .(1) المالكية، والحنابلة: عرّفوا الصلاة بأنها قربة فعلية، ذات إحرام، وسلام، أو سجود فقط، والمراد بالقربة ما يتقرب بها إلى الله تعالى، والمراد بقولهم: فعليه ما يشمل أفعال الجوارح من ركوع وسجود، وفعل اللسان من قراءة وتسبيح وعمل القلب من خشوع وخضوع، ولم يختلف معهم الحنفية والشافعية في هذا المعنى، إنما الخلاف في تسمية السجود فقط صلاة شرعية، والأمر في ذلك سهل (2) الحنفية قالوا: الصلاة أربعة أنواع: الأول: الصلاة المفروضة فرض عين، كالصلوات الخمس؛ الثاني: الصلاة المفروضة فرض كفاية، كصلاة الجنازة؛ الثالث: الصلاة الواجبة، وهي صلاة الوتر، وقضاء النوافل التي فسدت بعد الشروع فيها، وصلاة العيدين، الرابع: الصلاة النافلة، سواء كانت مسنونة، أو مندوبة، أما سجود التلاوة فليس بصلاة عندهم، كما عرفت. المالكية قالوا: تنقسم الصلاة إلى خمسة أقسام، وذلك لأنها إما أن تكون مشتملة على ركوع وسجود، وقراءة وإحرام، وسلام، أو لا، والقسم الأول تحته ثلاثة اقسام: الأول الصلوات الخمس المفروضة، والثاني: النوافل والسنن، والثالث: الرغيبة، وهي صلاة ركعتي الفجر، والقسم الثاني تحته قسمان: أحدهما: ما اشتمل على سجود فقط وهو سجود التلاوة، ثانيهما: ما اشتمل على تكبير وسلام، وليس فيه ركوع وسجود، وهو صلاة الجنازة فالأقسام خمسة. الشافعية قالوا: تنقسم الصلاة إلى نوعين: أحدهما: الصلاة المشتملة على ركوع وسجود وقراءة، وتحت هذا قسمان: الصلوات الخمس المفروضة، والصلاة النافلة؛ ثانيهما: الصلاة الخالية من الركوع والسجود؛ ولكنها مشتملة على التكبير والقراءة والسلام. وهي صلاة الجنازة، وليس عند الشافعية صلاة واجبة كما يقول الحنفية، ولا صلاة رقيبة، كما يقول المالكية ولا يسمون سجود التلاوة صلاة، كما يسميه الحنابلة والمالكية، فالأقسام عندهم ثلاثة. الحنابلة قالوا: تنقسم الصلاة إلى أربعة أقسام: الصلاة المشتملة على ركوع وسجود وإحرام وسلام، وتحت هذا قسمان: الصلوات الخمس المفروضة، والصلوات المسنونة؛ والقسم الثالث: الصلاة المشتملة على تكبير وسلام وقراءة، وليس فيها ركوع وسجود وهي صلاة الجنازة؛ القسم الرابع: الصلاة المشتملة على سجود فقط، وهي سجود التلاوة. فإنه صلاة عند الحنابلة كما يقول المالكية ****************************** [شروط الصلاة] للصلاة شروط تتوقف عليها صحتها، فلا تصح الا بها، وشروط يتوقف عليها وجوبها. فلا تجب الا بها، وقداختلفت اصطلاحات المذاهب في بيان هذه الشروط وعددها، فلذا ذكرناها لك مفصلة تحت الخط الذي أمامك (1) . (1) المالكية قالوا: تنقسم شروط الصلاة إلى ثلاثة أقسام: شروط وجوب فقطن وشروط صحة فقط، وشروط وجوب وصحة معاً، فأما القسم الأول، وهو شروط الوجوب فقط فهو أمران، أحدهما: البلوغ، فلا تجب على الصبي، ولكن يؤمر بها لسبع سنين؛ ويضرب عليها لعشر ضرباً خفيفاً ليتعود عليها؛ فإن التكاليف الشرعية، وإن كانت كلها مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، وأن العقلاء لا يجدون حرجاً في القيام بها بعد التكليف، ولكن العادة لها حكمها؛ فقد يعلم الإنسان من فوائد الصلاة المادية والأدبية ما فيه الكفاية في حمله على أدائها، ولكن عدم تعوده على فعلها يقعد به من القيام بأدائها، ثانيهما: عدم الإكراه على تركها، كأن يأمره ظالم بترك الصلاة، وإن لم يتركها سجنه، أو ضربه، أو قتله، أو وضع القيد في يده، أو صفعه على وجهه بملأ من الناس إذا كان هذا ينقص قدره، فمن ترك الصلاة مكرهاً فلا إثم عليه، بل لا تجب عليه ما دام مكرهاً، لأن المكره غير مكلف، كما قال صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" والذي لا يجب على المكره عندهم إنما هو فعلها بهيئتها الظاهرة، وإلا فمتى تمكن من الطهارة وجب عليه فعل ما يقدر عليه، من نية، وإحرام وقراءة، وإيماء فهو كالمريض العاجز يجب عليه فعل ما يقدر عليه، ويسقط عنه ما عجز عن فعله. وأما القسم الثاني، وهو شرط الصحة فقط، فهو خمسة: الطهارة من الحدث، والطهارة من الخبث، والإسلام، واستقبال القبلة، وستر العورة. وأما القسم الثالث وهو شروط الوجوب والصحة معاً، فهو ستة: بلوغ النبي صلى الله عليه وسلم، فمن لم تبلغة الدعوة لا تجب عليه الصلاة ولا تصح منه إذا فرض وصلى، والعقل؛ ودخول وقت الصلاة، وأن لا يفقد الطهورين؛ بحيث لا يجد ماء، ولا شيئاً يتيمم به، وعدم النوم والغفلة، والخلو من دم الحيض والنفاس. ويعلم من هذا أن المالكية زادوا في شروط الصحة: الإسلام، ولم يجعلوه من شروط الوجوب، فالكفار تجب عليهم الصلاة عندهم؛ ولكن لا تصح الا بالإسلام، خلافاً لغيرهم، فإنه عدوه في شروط الوجوب، وعدوا الطهارة شرطين. وهما طهارة الحدث، وطهارة الخبث؛ وزادوا في شروط الوجوب عدم الإكراه على تركها. الشافعية: قسموا شروط الصلاة إلى قسمين فقط: شروط وجوب، وشروط صحة، أما شروط الوجوب عندهم فهي ستة؛ بلوغ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، والإسلام، فالكافر لا تجب عليه الصلاة عند للشافعية، ومع ذلك فهو يعذب عليها عذاباً زائداً على عذاب الكفر، ومن ارتد عن الإسلام فإن الصلاة تجب عليه؛ لأنه مسلم باعتبار حالته الأولى، والعقل والبلوغ، والنقاء من دم الحيض والنفاس: وسلامة الحواس، ولو السمع، أو البصر فقط، وأما شروط الصحة فهي سبعة: أحدها: طهارة البدن من الحدثين: ثانيها: طهارة البدن، والثوب، والمكان من الخبث، ثالثها: ستر العورة، رابعها: استقبال القبلة، خامسها: العلم بدخول الوقت، ولو ظناً، ومراتب العلم ثلاث، أولاً: أن يعلم بنفسه أو بغخبار ثقة عرف دخول الوقت بساعة مضبوطة، أو بسماع مؤذن عارف بدخول الوقت، كؤذني المساجد التي بها ساعات، ونحو ذلك، ثانياً: الاجتهاد، بأن يتحرى دخول الوقت بالوقت بالوسائل الموصلة، ثالثاً: تقليد المتحري؛ ويلزم، أن يراعى هذا الترتيب في حق البصير. أما الأعمى فيجوز له التقليد. سادسها: العلم بالكيفية. سابعها: ترك المبطل، فزاد الشافعية عن المالكية في شروط صحة الصلاة ثلاثة: العلم بكيفية الصلاة، بحيث لا يعتقد فرضاً من فرائضها سنة إن كان عامياً، وأن يميز بين الفرض والسنة، وإن كان ممن اشتغل بالعلم زمناً يتمكن فيه من معرفة ذلك، وترك المبطل بحيث لا يأتى بمناف لها حتى تتم، والعلم بدخول وقت الصلاة في الصلاة المؤقتة؛ وزادوا في شروط الوجوب: الإسلام، لكنهم قالوا: إن كان الكافر لم يسبق له إسلام؛ فإنها لا تجب عليه، بمعنى أنه لا يطالب بها في الدنيا، وإن كان يعذب عليها زائداً على عذاب الكفر، كما تقدم، أما المرتد فإنه يطالب بها في الدنيا؛ كما يعذب عليها في الآخرة؛ على أنهم قالوا: إذا صلى الكافر فإن صلاته تقع باطلة، فالإسلام شرط صحة أيضاً. الحنفية - قسموا شروط الصلاة إلى قسمين: شروط وجوب، وشروط صحة، كالشافعية. أما شروط الوجوب عندهم، فهي خمسة: بلوغ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، والإسلام، والعقل والبلوغ، والنقاء من الحيض والنفاس، وكثير من الحنفية لم يذكر بلوغ الدعوة اكتفاء باشتراط الإسلام، وأما شروط الصحة فهي ستة: طهارة البدن من الحدث والخبث، وطهارة الثوب من الخبث، وطهارة المكان من الخبث، وستر العورة، والنية، واستقبال القبلة، فزادوا في شروط الوجوب: الإسلام كالشافعية الا أنهم قالوا: إن الكافر لا يعذب على تركها عذاباً زائداً على عذاب الكفر مطلقاً، ويظهر أن مسألة تعذيب الكافر عذاباً زائداً على عذاب الكفر مسألة نظرية غير عملية. لأن عذاب الكفر أشد أنواع العذاب، فكل عذاب يتصور فهو دونه، فهو إما داخل فيه، وإما أقل منه، وزادوا النية، فلا تصح الصلاة بغير نية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" ولأنه بالنية تتميز العبادات عن العادات، وتتميز العبادات بعضها عن بعض؛ ووافق الحنابلة على عدّها شرطاً، وجعلها الشافعية ركناً، وكذا المالكية على المشهور، كما يأتي في "أركان الصلاة" وقد عرفت مما قدمناه لك في "مبحث النية" الفرق بين الشرط والركن وأن كلاً منهما لا يصح الشيء الا به فلا تصح الصلاة الا بالنية باتفاق الأئمة الأربعة، أما كون النية شرطاً تتوقف عليه الصلاة، مع كونه خارجاً عن حقيقتها، أو ركناً تتوقف عليه الصلاة، وهو جزء من حقيقتها، فتلك مسألة تختص بطالب العلم الذي يريد أن يعرف دقائق الأمور النظرية. هذا، ولم يذكر الحنفية دخول الوقت في شروط الوجوب ولا في شروط الصحة، وذلك لأنهم يقولون: إنه شرط لصحة الأداء لا لنفس الصلاة، كما مر في التيمم، وسيأتي في مبحث دخول الوقت. الحنابلة: لم يقسم الحنابلة شروط الصلاة إلى شروط وجوب، وشروط صحة، كغيرهم، بل عدوا الشروط تسعة، وهي: الإسلام، والعقل، والتمييز، والطهارة من الحدث مع القدرة، وستر العورة، واجتناب النجاسة ببدنه وثوبه وبقعته والنية، واستقبال القبلة، ودخول الوقت، وقالوا: إنها جميعها شروط لصحة الصلاة
__________________
|
#32
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
__________________
|
#33
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة (1) المالكية قالوا: يجب على من كان بمكة أو قريباً منها أن يستقبل القبلة بناء الكعبة، بحيث يكون مسامتاً لها بجميع بدنه، ولا يكفيه استقبال هوائها، على أنهم قالوا: إن من صلى على جبل أبي قبيس فصلاته صحيحة، بناءً على القول المرجوح من أن استقبال الهواء كاف المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الاول [كتاب الصلاة] صـــــ 171 الى صــــــــ178 الحلقة (33) [مبحث ستر العورة في الصلاة] الشرط الثاني من شروط الصلاة: ستر العورة. فلا تصح الصلاة من مكشوف العورة التي أمر الشارع بسترها في الصلاة، الا إذا كان عاجزاً عن ساتر يستر له عورته (1) ، ويختلف حد العورة بالنسبة للرجل، والمرأة الحرة، والأمة؛ وحد العورة (2) للرجل والأمة، والحرة مفصل في المذاهب. (1) المالكية: زادوا الذكر على الراجح. فلو كشف عورته ناسياً صحت صلاته (2) الحنفية قالوا: حد عورة الرجل بالنسبة للصلاة هو من السرة إلى الركبة: والركبة عندهم من العورة؛ بخلاف السرة؛ والأمة كالرجل؛ وتزيد عنه أن بطنها كلها وظهرها عورة؛ أما جنباها فتبع للظهر والبطن؛ وحد عورة المرأة الحرة هو جميع بدنها حتى شعرها النازل عن أذنيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة"، ويستثنى من ذلك باطن الكفين، فإنه ليس بعورة، بخلاف ظاهرهما، وكذلك يستثنى ظاهر القدمين، فإنه ليس بعورة، بخلاف باطنهما، فإنه عورة، عكس الكفين. الشافعية قالوا: حد العورة من الرجل والأمة وما بين السرة والركبة، والسرة والركبة ليستا من العورة، وإنما العورة ما بينهما، ولكن لا بدّ من ستر جزء منهما ليتحقق من ستر الجزء المجاور لهما من العورة، وحد العورة من المرأة الحرة جميع بدنها حتى شعرها النازل عن أذنيها؛ ويستثنى من ذلك الوجه والكفان فقط ظاهرهما وباطنهما. الحنابلة قالوا: في حد العورة، كما قال الشافعية، الا أنهم استثنوا من الحرة الوجه فقط، وما عداه منها فهو عورة. المالكية قالوا: إن العورة في الرجل والمرأة بالنسبة للصلاة تنقسم إلى قسمين: مغلظة؛ ومخففة، ولكل منهما حكم، فالمغلظة للرجل السوءتان، وهما القبل والخصيتان، وحلقة الدبر لا غير والمخففة له ما زاد على السوءتين مما بين السرة والركبة، وما حاذى ذلك من الخلف، والمغلظة للحرة جميع بدنها ما عدا الأطراف والصدر، وما حاذاه من الظهر، والمخففة لها هي الصدر، وما حاذاة من الظهر والذراعين والعنق والرأس، ومن الركبة إلى آخر القدم، أما الوجه والكفان ظهراً وبطناً فهما ليستا من العورة مطلقاً، والعورة المخففة من الأمة مثل المخففة من الرجل الا الأليتان وما بينهما من المؤخر، فإنهما من المغلظة للأمة، وكذلك الفرج والعانة من المقدم، فهما عورة مغلظة للأمة. فمن صلى مكشوف العورة المغلظة كلها أو بعضها، ولو قليلاً، مع القدرة على الستر ولو بشراء ساتر أو استعارته، أو قبول إعارته، لا هبته، بطلت صلاته إن كان قادراً ذاكراً، وأعادها وجوباً أبداً، أي سواء أبقي وقتها أم خرج، أما العورة المخففة، فإن كشفها كلاً أو بعضاً لا يبطل الصلاة، وإن كان كشفها حراماً، أو مكروهاً في الصلاة، ويحرم النظر إليها، ولكن يستحب لمن صلى مكشوف العورة المخففة، أن يعيد الصلاة في الوقت مستوراً على التفصيل، وهو أن تعيد الحرة في الوقت إن صلت مكشوفة الرأس، أو العنق، أو الكتف، أو الذراع، أو النهد، أو الصدر، أو ما حاذاه من الظهر، أو الركبة، أو الساق إلى آخر القدم، ظهراً لا بطناً. وإن كان بطن القدم من العورة المخففة؛ وأما الرجل فإنه يعيد في الوقت إن صلى مكشوف العانة أو الأليتين، أو ما بينهما حول حلقة الدبر، ولا يعيد بكشف فخذيه، ولا بكشف ما فوق عانته إلى السرة، وما حاذى ذلك من خلفه فوق الأليتين ************************************ ولا بد من دوام ستر العورة (1) ، (1) الحنابلة قالوا: إذا انكشف شيء من العورة من غير قصد، فإن كان يسيراً لا تبطل به الصلاة، وإن طال زمن الانكشاف، وإن كان كثيراً، كما لو كشفها ريح ونحوه، ولو كلها، فإن سترها في الحال بدون عمل كثير لم تبطل؛ وإن طال كشفها عرفاً بطلبت؛ أما إن كشفها بقصد، فإنها تبطل مطلقاً. الحنفية قالوا: إذا انكشف ربع العضو من العورة المغلظة، وهي القبل والدبر وما حولهما أو المخففة، وهي ما عدا ذلك من الرجل والمرأة في أثناء الصلاة بمقدار أداء ركن، بلا عمل منه، كأن هبت ريح رفعت ثوبه فسدت الصلاة، أما إن انكشف ذلك؛ أو أقل منه بعمله فإنها تفسد في الحال مطلقاً. ولو كان زمن انكشافها أقل من أداء ركن، أما إذا انكشف ربع العضو قبل الدخول في الصلاة فإنه يمنع من انعقادها. المالكية قالوا: إن انكشاف العورة المغلظة في الصلاة مبطل لها مطلقاً، فلو دخلها مستوراً فسقط الساتر في أثنائها بطلت ويعيد الصلاة أبداً على المشهور. الشافعية قالوا: متى انكشفت عورته في أثناء الصلاة مع القدرة على سترها بطلت صلاته، الا إن كشفها الريح فسترها حالاً من غير عمل كثير، فإنها لا تبطل، كما لو كشفت سهواً وسترها حالاً. أما لو كشفت بسبب غير الريح، ولو بسبب بهيمة، أو غير مميز، فإنها تبطل ********************************* ولا يضر التصاقه بالعورة، بحيث يحدد جرمها، ومن فقد ما يستر (1) به عورته، بأن لم يجد شيئاً أصلاً صلى عرياناً، وصحت صلاته (2) ، وإن وجد ساتراً، الا أنه نجس العين، كجلد خنزير، أو متنجس، كثوب أصابته نجاسة غير معفوِّ عنها، فإنه يصلي عرياناً أيضاً، ولا يجوز له لبسه في الصلاة (3) وإن وجد ساتراً يحرم عليه استعماله، (1) المالكية قالوا: الساتر المحدد للعورة تحديداً محرماً أو مكروهاً بغير بلل أو ريح يوجب إعادة الصلاة في الوقت. أما إذا خرج وقت الصلاة فلا إعادة، وأما الساتر الذي يحدد العورة بسبب هبوب ريح، أو بلل مطر مثلاً؛ فلا كراهة فيه ولا إعادة (2) الحنفية، والحنابلة قالوا: إن الأفضل أن يصلي في هذه الحالة قاعداً مومياً بالركوع والسجود، ويضم إحدى فخذيه إلى الأخرى، وزاد الحنفية في ذلك أن يمد رجليه إلى القبلة مبالغة في الستر (3) المالكية قالوا: يصلي في الثوب النجس أو المتنجس، ولا يعيد الصلاة وجوباً، وإنما يعيدها ندباً في الوقت عند وجود ثوب طاهر، ومثل ذلك ما إذا صلى في الثوب الحرير. الحنابلة قالوا: يصلي في المتنجس، وتجب عليه الإعادة بخلاف نجس العين، فإنه يصلي معه عرياناً ولا يعيد ********************************* كثوب من حرير، فإنه يلبسه ويصلي فيه للضرورة، ولا يعيد الصلاة، أما إن وجد ما يستر به بعض العورة فقط، فإنه يجب استعماله فيما يستره، ويقدم القبل والدبر، ولا يجب عليه أن يستتر بالظلمة إن لم يجد (1) ساتراً غيرها. وإذا كان فاقداً لساتر يرجو الحصول عليه قبل خروج الوقت فإنه يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت (2) ندباً؛ ويشترط ستر العورة من الأعلى والجوانب، لا من الأسفل، عن نفسه (3) ، وعن غيره، فلو كان ثوبه مشقوقاً من أعلاه أو جانبه، بحيث يمكن له أو لغيره أن يراها منها بطلت صلاته، وإن لم تُرَ بالفعل؛ أما إن رئيت من أسفل الثوب، فإنه لا يضر. [ستر العورة خارج الصلاة] يجب على المكلف (4) ستر عورته خارج الصلاة عن نفسه وعن غيره ممن لا يحل له النظر إلى عورته الا لضرورة، كالتداوي، فإنه يجوز له كشفها بقدر الضرورة، كما يجوز له كشف العورة للاستنداء والاغتسال، وقضاء الحاجة، ونحو ذلك إذا كان في خلوة، بحيث لا يراه غيره، وحد العورة من المرأة الحرة خارج الصلاة هو ما بين السرة والركبة إذا كانت في خلوة، أو في حضرة محارمها (5) ، أو في حضرة نساء مسلمات (6) ، فيحل لها كشف ما عدا ذلك (1) المالكية قالوا: يجب عليه أن يستتر بها. لأنهم يعتبرون الظلمة كالساتر عند فقده، فإن ترك ذلك بأن صلى في الضوء مع وجودها أثم وصحت صلاته، ويعيدها في الوقت ندباً (2) الشافعية قالوا: يؤخرها وجوباً (3) الحنفية، والمالكية قالوا: لا يشترط سترها عن نفسه، فلو رآها من طوق ثوبه لا تبطل صلاته؛ وإن كره له ذلك (4) المالكية قالوا: إذا كان المكلف بخلوة كره له كشف العورة لغير حاجة، والمراد بالعورة في الخلوة بخصوصها خصوص السوءتين والأليتين والعانة فلا يكره كشف الفخذ من رجل أو امرأة، ولا كشف البطن من المرأة (5) المالكية قالوا: إن عورتها مع محارمها الرجال هي جميع بدنهاما عدا الوجه والأطراف، وهي: الرأس، والعنق، واليدان والرجلان. الحنابلة قالوا: إن عورتها مع محارمها الرجال هي جميع بدنها ما عدا الوجه، والرقبة، والرأس، واليدين، والقدم، والساق (6) الحنابلة: لم يفرقوا بين المرأة المسلمة والكافرة. فلا يحرم أن تكشف المرأة المسلمة أمامها بدنها الا ما بين السرة والركبة، فإنه لا يحل كشفه أمامها ********************************** من بدنها بحضرة هؤلاء، أو في الخلوة، أما إذا كانت بحضرة رجل أجنبي، أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها، ما عدا الوجه والكفين، فإنهما ليسا بعورة، فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة (1) .أما عورة الرجل خارج الصلاة فهي ما بين سرته وركبته فيحل النظر إلى ما عدا ذلك من بدنه مطلقاً عند أمن الفتنة (2) ؛ ويحرم النظر إلى عورة الرجل والمرأة، متصلة كانت، أو منفصلة، فلو قص شعر امرأة، أو شعر عانة رجل، أو قطع ذراعها، أو فخذه: حرم النظر إلى شيء من ذلك بعد انفصاله (3) ، وصوت المرأة ليس بعورة: لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يكلمن بتلاوة القرآن، ويحرم النظر إلى الغلام الأمرد إن كان صبيحاً - بحسب طبع النظر - بقصد التلذذ، وتمتع البصر بمحاسنه، أما النظر إليه بغير قصد اللذة فجائز إن أمنت الفتنة، وأما حد العورة من الصغير فمفصلة في المذاهب (4) . وكل ما حرم النظر إليه حرم لمسه بلا حائل، ولو بدون شهوة. (1) الشافعية قالوا: إن وجه المرأة وكفيها عورة بالنسبة للرجل الأجنبي، أما بالنسبة للكافرة، فإنهما ليستا بعورة، وكذلك ما يظهر من المرأة المسلمة عند الخدمة في بيتها، كالعنق، والذراعين. ومثل الكافرة كل امرأة فاسدة الأخلاق (2) المالكية، والشافعية قالوا: إن عورة الرجل خارج الصلاة تختلف باختلاف الناظر إليه، فبالنسبة للمحارم والرجال هي ما بين سرته وركبته، وبالنسبة للأجنبية منه هي جميع بدنه، الا أن المالكية استثنوا الوجه والأطراف، وهي الرأس، واليدان، والرجلان، فيجوز للأجنبية النظر إليها عند أمن التلذذ وإلا منع، خلافاً للشافعية، فإنهم قالوا: يحرم النظر إلى ذلك مطلقاً (3) الحنابلة قالوا: إن العورة المنفصلة لا يحرم النظر إليها لزوال حرمتها بالانفصال. المالكية قالوا: إن العورة المنفصلة حال الحياة يجوز النظر إليها. أما المنفصلة بعد الموت فهي كالمتصلة في حرمة النظر إليها (4) الشافعية قالوا: إن عورة الصغير في الصلاة، ذكراً كان، أو أنثى، مراهقاً، أو غير مراهق، كعورة المكلف في الصلاة، أما خارج الصلاة فعولة الصغير المراهق ذكراً كان أو أنثى كعورة البالغ خارجها في الأصح، وعورة الصغير غير المراهق إن كان ذكراً كعورة المحارم إن كان ذلك الصغير يحسن وصف ما يراه من العورة بدون شهوة، فإنه أحسنه بشهوة، فالعورة بالنسبة له كالبالغ، وإن لم يحسن الوصف فعورته كالعدم، الا أنه يحرم النظر إلى قبله ودبره، لغير من يتولى تربيته؛ أما إن كان غير المراهق أنثى فإن كانت مشتهاة عند ذوي الطباع السليمة فعورتها عورة البالغة. وإلا فلا، لكن يحرم النظر إلى فرجها لغير القائم بتربيتها. المالكية قالوا: إن عورة الصغير خارج الصلاة تختلف باختلاف الذكورة والأنوثة والسن، فابن ثمان سنينن فأقل لا عورة له فيجوز للمرأة أن تنظر إلى جميع بدنه حياً وأن تغسله ميتاً، وابن تسع إلى اثنتي عشرة سنة يجوز لها النظر إلى جميع بدنه ولكن لا يجوز لها تغسيله، وأما ابن ثلاث عشرة سنة فما فوق فعورته كعورة الرجل وبنت سنتين وثمانية أشهر لا عورة لها وبنت ثلاث سنين إلى أربع لا عورة لها بالنسبة للنظر. فيجوز أن ينظر إلى جميع بدنها، وعورتها بالنسبة للمس كعورة المرأة، فليس للرجل أن يغسلها، أما المشتهاة كبنت ست فهي كالمرأة فلا يجوز للرجل النظر إلى عورتها ولا تغسيلها؛ وعورة الصغير في الصلاة - إن كان ذكراً - السوءتان والعانة والأليتان فيندب له سترها وإن كانت أنثى فعورتها ما بين السرة والركبة. ولكن يجب على وليها أن يأمرها بسترها في الصلاة كما يأمرها بالصلاة وما زاد على ذلك مما يجب ستره على الحرة فيندب لها فقط. الحنفية قالوا: لا عورة للصغير ذكراً كان أو أنثى. وحددوا ذلك بأربع سنين. فما دونها فيباح النظر إلى بدنه ومسه. ثم ما دام لم يشته فعورته القبل والدبر. فإن بلغ حد الشهوة فعورته كعورة البالغ ذكراً أو أنثى. في الصلاة وخارجها. الحنابلة قالوا: إن الصغير الذي لم يبلغ سبع سنين لا حكم لعورته. فيباح مس جميع بدنه والنظر إليه؛ ومن زاد عن ذلك إلى ما قبل تسع سنين فإن كان ذكراً فعورته القبل والدبر في الصلاة وخارجها، وإن كان أنثى فعورتها ما بين السرة والركبة بالنسبة للصلاة؛ وأما خارجها فعورتها بالنسبة للمحارم هي ما بين السرة والركبة، وبالنسبة للأجانب من الرجال جميع بدنها الا الوجه والرقبة والرأس واليدين إلى المرفقين والساق والقدم ********************************* [مباحث استقبال القبلة] لعلك على ذكر من شرائط الصلاة التي ذكرناها في "أول كتاب الصلاة" ومن بينها دخول الوقت، وستر العورة، واستقبال القبلة؛ وقد بينا الأحكام المتعلقة بدخول الوقت. وستر العورة، ونريد أن نبين هنا الأحكام المتعلقة باستقبال القبلة؛ ويتعلق بها مباحث؛ أحدها: تعريف القبلة؛ ثانيها: دليل اشتراطها؛ ثالثها: بيان ما تعرف به القبلة؛ رابعها: بيان الأحوال التي تصح فيها الصلاة مع عدم استقبال القبلة؛ خامسها: حكم الصلاة في جوف الكعبة، وإليك بيانها على هذا الترتيب: [تعريف القبلة] القبلة هي جهة الكعبة، أو عين الكعبة، فمن كان مقيماً بمكة أو قريباً منها فإن صلاته لا تصح الا إذا استقبل عين الكعبة يقيناً ما دام ذلك ممكناً، فإذا لم يمكنه ذلك، فإن عليه أن يجتهد في الاتجاه إلى عين الكعبة، إذ لا يكفيه الاتجاه إلى جهتها ما دام بمكة، على أنه يصح أن يستقبل هواءها المحاذي لها من أعلاها، أو من أسفلها، فإذا كان شخص بمكة على جبل مرتفع عن الكعبة. أو كان في دار عالية البناء ولم يتيسر له استقبال عين الكعبة، فإنه يكفي أن يكون مستقبلاً لهوائها المتصل بها، ومثل ذلك ما إذا كان في منحدر أسفل منها، فاستقبال هواء الكعبة المتصل بها من أعلى أو أسفل. كاستقبال بنائها عند الأئمة الثلاثة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الجدول (1) . ومن كان بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يجب عليه أن يتجه إلى نفس محراب المسجد النبوي. وذلك لأن استقبال عين محراب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم هو استقبال لعين الكعبة، لأنه وضع بالوحي، فكان مسامتاً لعين الكعبة، ولا يلزمه أن يستقبل عين الكعبة، بل يصح أن ينتقل عن عين الكعبة إلى يمينها أو شمالها، ولا يضر الانحراف اليسير عن نفس الجهة أيضاً، لأن الشرط هو
__________________
|
#34
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
__________________
|
#35
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
__________________
|
#36
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الاول [كتاب الصلاة] صـــــ 195 الى صــــــــ206 الحلقة (36) [حكم استحضار الصلاة المنوية وشروط النية] قد عرفت مما تقدم في "مبحث كيفية النية" أن ثلاثة من الأئمة اتفقوا على أن استحضار الصلاة من قيام. وقراءة. وركوع. وسجود عند النية ليس بشرط لصحة الصلاة. وخالف في ذلك الشافعية. فقالوا: لا بد من استحضار بعض أجزاء الصلاة عند النية إن لم يستطع استحضار جميع الأركان، وقد تقدم بيان مذهبهم موضحاً؛ أما استمرار النية إلى آخر الصلاة بحيث لو نوى الخروج من الصلاة. وأبطل نية الدخول فيها، فإن الصلاة تبطل، ولو استمر في صلاته. لأن في هذه الحالة يكون قد صلى بدون نية، مثلاً إذا دخل شخص في الصلاة بنية صحيحة ثم ناداه شخص آخر فنوى الخروج من الصلاة تلبية لندائه. فإن صلاته تبطل بذلك. ولو لم يقطع الصلاة بالفعل، لأن من شرائط صحة النية أن لا يأتي المصلي بما ينافيها، وظاهر أن نية الخروج من الصلاة يناقض نية الدخول فيها، وقد تقدمت شروط النية في صحيفة 54 - وهي: الإسلام: والتمييز، والجزم، بأن لا يتردد في النية أو يرفضها، وهذا القدر متفق عليه في المذاهب، الا أنك قد عرفت أن الشافعية زادوا على ذلك في نية الصلاة قصد أفعال الصلاة، ونية كون الصلاة فرضاً؛ وزادوا في نية الوضوء أن تكون مقارنة لغسل أول عضو مفروض، أما الإسلام فهو شرط من شروط صحة النية في الصلاة باتفاق، وذلك لأن الصلاة لا تصح من غير المسلم، كما تقدم في "شروط الصلاة". [حكم التلفظ بالنية، ونية الأداء أو القضاء أو نحو ذلك] يسن أن يتلفظ بلسانه بالنية، كأن يقول بلسانه أصلي فرض الظهر مثلاً، لأن في ذلك تنبيهاً للقلب، فلو نوى بقلبه صلاة الظهر، ولكن سبق لسانه فقال: نويت أصلي العصر فإنه لا يضر، لأنك قد عرفت أن المعتبر في النية إنما هو القلب، النطق باللسان ليس بنية، وإنما هو مساعد على تنبيه القلب، فخطأ اللسان لا يضر ما دامت نية القلب صحيحة، وهذا الحكم متفق عليه عند الشافعية والحنابلة، أما المالكية، والحنفية فانظر مذهبهما تحت الخط (1) ، أما نية الأداء أو القضاء أو عدد الركعات فسنبينه مفصلاً بعد هذا:[نية الأداء والقضاء]لا يلزم المصلي أن ينوي الأداء والقضاء، فإذا صلى الظهر مثلاً في وقتها، فإنه لا يلزم أن ينوي الصلاة أداء، وكذلك إذا صلاها بعد خروج وقتها فإنه لا يلزمه أن ينويها قضاء، فإذا نواه تصح، وإن لم تطابق الواقع. كما إذا نوى صلاة الظهر أداء بعد خروج الوقت، فإن كان عالماً بخروج الوقت وتعمد المخالفة بطلت صلاته؛ لأن في هذا تلاعباً ظاهراً، أما إذا لم يكن عالماً بخروج الوقت، فإن صلاته تكون صحيحة.هذا، وإذا نوى أن يصلي المغرب أربع ركعات أو العشاء خمس ركعات، فإن صلاته تكون باطلة، ولو كان غالطاً؛ وهذا هو رأي الشافعية، والحنابلة، أما المالكية، فانظر مذهبهما تحت الخط (2) .(1) المالكية، والحنفية قالوا: إن التلفظ بالنية ليس مروعاً في الصلاة، الا إذا كان المصلي موسوساً، على أن المالكية قالوا: إن التلفظ بالنية خلاف الأولى لغير الموسوس، ويندب للموسوس. الحنفية قالوا: إن التلفظ بالنية بدعة، ويستحسن لدفع الوسوسة (2) الحنفية قالوا: إذا نوى الظهر خمس ركعات أو ثلاثاً مثلاً، فإن قعد على رأس الرابعة ثم خرج من الصلاة أجزأه، وتكون نية الخمس ملغاة. ************************** [حكم النية في الصلاة غير المفروضة وكيفيتها] في حكم النية في الصلاة النافلة تفصيل في المذاهب (1) . [وقت النية في الصلاة] اتفق ثلاثة من الأئمة، وهم المالكية، والحنفية؛ والحنابلة: على أن يصح أن تتقدم النية على تكبيرة الإحرام بزمن يسير، وخالف الشافعية، فقالوا: لا بد من أن تكون النية مقارنة المالكية قالوا: لا تبطل صلاته الا إذا كان متعمداً، فلو نوى الظهر خمس ركعات غلطاً صحت صلاته (1) الحنفية قالوا: لا يشترط تعيين صلاة النافلة، سواء كانت سنناً أو لا، بل يكفي أن ينوي مطلق الصلاة، الا أن الأحوط في السنن أن ينوي الصلاة متابعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما أن الأحوط في صلاة التراويح أن ينوي التراويح، أو سنة الوقت، أو قيام الليل وإذا وجد جماعة يصلون ولا يدري أهم في صلاة التراويح أم في صلاة الفرض، وأراد أن يصلي معهم، فلينو صلاة الفرض، فإن تبين أنهم في صلاة الفرض أجزأه، وإن تبين أنهم في التراويح انعقدت صلاته. الحنابلة قالوا: لا يشترط تعيين السنة الراتبة بأن ينوي سنة عصر، أو ظهر، كما يشترط تعيين سنة التراويح، وأما النفل المطلق فلا يلزم أن ينوي تعيينه، بل يكفي فيه نية مطلق الصلاة. الشافعية قالوا: صلاة النافلة إما أن يكون لها وقت معين؛ كالسنن الراتبة، وصلاة الضحى، وإما أن لا يكون لها وقت معين، ولكن لها سبب، كصلاة الاستسقاء؛ وإما أن تكون نفلاً مطلقاً، فإن كان لها وقت معين، أو سبب، فإنه يلزم أن يقصدها ويعينها، بأن ينوي سنة الظهر مثلاً، وأنها قبلية أو بعدية؛ كما يلزم أن يكون القصد والتعيين مقارنين لأي جزء من أجزاء التكبير، وهذا هو المراد بالمقارنة والاستحضار العرفيين، وقد تقدم مثله في صلاة الفرض، ولا يلزم فيها نية النفلية، بل يستحب، أما إن كانت نفلاً مطلقاً، فإنه يكفي فيها مطلق قصد الصلاة حال النطق بأي جزء من أجزاء التكبير، ولا يلزم فيها التعيين، ولا نية النفليه، ويلحق بالنفل المطلق في ذلك كل نافلة لها سبب. ولكن يغني عنها غيرها؛ كتحية المسجد، فإنها سنة لها سبب وهو دخول المسجد، ولكن تحصل في ضمن أي صلاة يشرع فيها عقب دخوله المسجد. المالكية قالوا: الصلاة غير المفروضة إما أن تكون سنة مؤكدة؛ وهي صلاة الوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء، وهذه يلزم تعيينها في النية بأن ينوي صلاة الوتر أو العيد، وهكذا؛ وإما أن تكون رغيبة؛ وهي صلاة الفجر لا غير، ويشترط فيها التعيين أيضاً، بأن ينوي صلاة الفجر، وإما أن تكون مندوبة كالرواتب والضحى والتراويح والتهجد، وهذه يكفي فيها نية مطلقة الصلاة، ولا يشترط تعيينها، لأن الوقت كاف في تعيينها **************************** لتكبيرة الإحرام، بحيث لو فرغ من تكبيرة الإحرام بدون نية بطلت، وقد ذكرنا تفصيل كل مذهب في وقت النية تحت الخط (1) . (1) الحنفية قالوا: يصح أن تتقدم النية على تكبيرة الإحرام بشرط أن لا يفصل بينهما فاصل أجنبي عن الصلاة، كالأكل والشرب والكلام الذي تبطل به الصلاة؛ أما الفاصل المتعلق بالصلاة، كالمشي لها؛ والوضوء، فإنه لا يضر، فلو نوى صلاة الظهر مثلاً، ثم شرع في الوضوء، وبعد الفراغ منه مشى إلى المسجد، وشرع في الصلاة ولم تحضره النية؛ فإن صلاته تصح، وقد عرفت مما تقدم أن النية هي إرادة الصلاة لله تعالى وحده؛ بدون أن يشرك معه في ذلك أمراً من الأمور الدنيوية مطلقاً، فمتى نوى هذا، وشرع في الصلاة بدون أن يفصل بين نيته وبينه بعمل أجنبي، فإنه يكون قد أتى بالمطلوب منه، فإذا شرع في الصلاة بهذه النية الصحيحة، ثم دخل عليه شخص، فأطال الصلاة لميدح عنده، فإن ذلك لا يبطل الصلاة ولكن ليس له ثواب هذه الإطالة وإنما له ثواب أصل الصلاة، وذلك لأن نيته كانت خالصة الله تعالى وهذا معنى قول بعض الحنفية؛ إن الصلاة لا يدخلها رياء؛ فإنهم يريدون به أن النية الخالصة تكفي في صحة الصلاة؛ ولا يضر الرياء العارض، على أنه شر لا فائدة منه باتفاق. وهل تصح نية الصلاة قبل وقتها، كأن ينوي الصلاة، ويتوضأ قبل دخول الوقت بزمن يسير، ثم يمشي إلى المسجد بدون أن يتكلم بكلام أجنبي، ويجلس فيه إلى أن يدخل الوقت فيصلي؟ والجواب: أن المنقول عن أبي حنيفة أن النية لا تصح قبل دخول الوقت، وبعضهم يقول: بل تصح لأن النية شرط والشرط يتقدم على المشروط، فتقدم النية طبيعي. هذا، وقد اتفق علماء الحنفية على أن الأفضل أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام بدون فاصل، فعلى مقلدي الحنفية أن يراعوا ذلك، ولا يفصلوا بين التكبيرة وبين النية، لأنه أفضل، ويرفع الخلف. الحنابلة قالوا: إن النية يصح تقديمها على تكبيرة الإحرام بزمن يسير، بشرط أن ينوي بعد دخول الوقت، كما نقل عن أبي حنيفة، فإذا نوى الصلاة قبل دخول وقتها فإن نيته لا تصح، وذلك لأن النية شرط، فلا يضر أن تتقدم على الصلاة، كما يقول الحنفية، ولكن الحنابلة يقولون: إن الكلام الأجنبي لا يقطع النية، فلو نوى الصلاة، ثم تكلم بكلام خارج عن الصلاة، ثم كبر، فإن صلاته تكون صحيحة، وإنما اشترطوا اللنية دخول الوقت، مراعات لخلاف من يقول: إنها ركن. هذا، والأفضل عندهم أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام، كما يقول الحنفية. المالكية قالوا: إن النية يصح أن تتقدم على تكبيرة الإحرام بزمن يسير عرفاً، كما إذا نوى في محل قريب من المسجد، ثم كبر في المسجد ناسياً للنية، وبعض المالكية يقول: إن النية لا يصح تقديمها على تكبيرة الإحرام مطلقاً، فإن تقدمت بطلت الصلاة، ولكن الظاهر عندهم هو القول الأول؛ على أنهم اتفقوا على أن النية إذا تقدمت بزمن طويل في العرف فإنها تبطل، وإنما ذكرنا هذا الخلاف ليعلم الناظر في هذا أن مقارنة النية لتكبيرة الإحرام عند المالكية له منزلة، فلا يصح إهماله بدون ضرورة: من نسيان، ونحوه. الشافعية قالوا: إن النية لا بد أن تكون مقارنة لتكبيرة الإحرام، بحيث لو تقدمت عليها أو تأخرت بزمن ما، فإن الصلاة لا تصح، كما بيناه في مذهبهم في "مبحث كيفية النية" ******************************* [نية الإمام ونية المأموم] يشترط في صح صلاة المأموم أن ينوي الاقتداء بالإمام، بأن ينوي متابعته في أول الصلاة فلو أحرم شخص بالصلاة منفرداً، ثم وجد إماماً فنوى الاقتداء به فإن صلاته لا تصح عند الحنفية، والمالكية؛ أما الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) ؛ أما الإمام فإنه لا يشترط أن ينوي الإمامة الا في أمور مبينة في المذاهب(2) . (1) الشافعية قالوا: إذا نوى الاقتداء في أثناء الصلاة صحت الا في صلاة الجمعة والصلاة التي جمعت جمع تقديم للمطر، والصلاة المعادة، فإنه لا بد أن ينوي الاقتداء فيهما أول صلاته، وإلا لم تصح. الحنابلة قالوا: يشترط في صحة المأموم أن ينوي الاقتداء بالإمام أو الصلاة، الا إذا كان المأموم مسبوقاً، فله أنيقتدي بعد سلام إمامه بمسبوق مثله في غير الجمعة؛ ومثل ذلك إذا ما اقتدى مقيم بمسافر يقصر الصلاة فإن للمقيم أن يقتدي بمثله في بقية الصلاة بعد فراغ الإمام (2) الحنابلة قالوا: يشترط أن ينوي الإمامة في كل صلاة، وتكون نية الإمامة في أول الصلاة الا في الصورتين المتقدمتين في الحكم الذي ذكر قبل هذا مباشرة. المالكية قالوا: يشترط نية الإمامة في كل صلاة تتوقف صحتها على الجماعة، وهي الجمعة والمغرب، والعشاء المجموعتان ليلة المطر تقديماً، وصلاة الخوف، وصلاة الاستخلاف، فلو ترك الإمام نية الإمامة في الجمعة بطلت عليه وعلى المأمومين، ولو تركها في الصلاتين المجموعتين بطلت الثانية. وأما إذا تركها في صلاة الخوف فإنها تبطل على الطائفة الأولى من المأمومين فقط، لأنها فارقت في غير محل المفارقة، وتصح للإمام وللطائفة الثانية. أما صلاة الاستخلاف فإن نوى الخليفة فيها الإمامة صحت له وللمأمومين الذين سبقوه، وإن تركها صحت له، وبطلت على المأمومين. الحنفية قالوا: تلزم نية الإمامة في صورة واحدة، وهي ما إذا كان الرجل يصلي إماماً لنساء، فإنه يشترط لصحة اقتدائهن به أن ينوي الإمامة، لما يلزم من الفساد فيمسألة المحاذاة، وسيأتي تفصيلها. الشافعية قالوا: يجب على الإمام أن ينوي الإمامة في أربع مسائل: إحداها: الجمعة؛ ثانيها: الصلاة التي جمعت للمطر جمع تقديم، كالعصر مع الظهر، والعشاء مع المغرب، فإنه يجب عليه أن ينوي الإمامة في الصلاة الثانية منهما فقط، بخلاف الأولى، لأنها وقعت في وقتها؛ ثالثها: الصلاة المعادة في الوقت جماعة؛ فلا بد للإمام فيها أ، ينوي الإمامة؛ رابعها: الصلاة التي نذر أن يصليها جماعة، فإنه يجب عليه أن ينوي فيها الإمامة للخروج من الإثم، فإن لم ينو الإمامة فيها صحت، ولكنه لا يزال آثماً حتى يعيدها جماعة وينوي الإمامة ************************** [الفرض الثاني من فرائض الصلاة: تكبيرة الإحرام] [حكمها - تعريفها] يتعلق بتكبيرة الإحرام مباحث: أحدها: حكمها، وتعريفها: ثانيها: دليل فرضيتها؛ ثالثها: صفتها؛ رابعها: شروطها فأما حكم تكبيرة الإحرام فهي فرض من فرائض الصلاة باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال الحنفية: إنها شرط لا فرض، وعلى كل حال فإن الصلاة بدونها لا تصح باتفاق الجميع، لأنك قد عرفت أن الشرط لازم كالفرض، وقد بينا مذهب الحنفية تحت الخط (الحنفية قالوا: إن تكبيرة الإحرام ليست ركناً على الصحيح، وإنما هي شرط من شروط صحة الصلاة، وقد يقال: إن التكبيرة يشترط لها ما يشترط للصلاة من طهارة، وستر عورة، الخ. فلو كانت شرطاً لم يلزم لها ذلك، ألا ترى أن نية الصلاة تصح من غير المتوضئ، ومن مكشوف العورة، عند من يقول: إنها شرط؛ والجواب على ذلك أن تكبيرة الإحرام متصلة بالقيام الذي هو ركن من أركان الصلاة، فلذا اشترط لها ما اشترط للصلاة من طهارة ونحوها؛ وقد عرفت أن هذا فلسفة فقهية لا يترتب عليها فائدة عملية الا لطلبة العلم الذين قد يبنون على هذا أحكاماً دقيقة في الطلاق ونحوه، وإلا فتكبيرة الإحرام أمر لازم لا بد منه باتفاق الجميع، كما كررنا غير مرة) ، وأما تعريف تكبيرة الإحرام فهو الدخول في حرمات الصلاة، بحيث يحرم عليه أن يأتي بعمل ينافي الصلاة، يقال: أحرم الرجل إحراماً إذا دخل في حرمة لا تهتك، فلما دخل الرجل بهذه التكبيرة في الصلاة التي يحرم عليه أن يأتي بغير أعمالها سميت تكبيرة إحرام، ويقالها أيضاً تكبيرة تحرّم، وقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أن تكبيرة الإحرام هي أن يقول المصلي في افتتاح صلاته: الله أكبر، بشرائط خاصة ستعرفها قريباً، وخالف الحنفية، فقالوا: إن تكبيرة الإحرام لا يشترط أن تكون بهذا اللفظ، وسيأتي مذهبهم في "صفة التكبيرة". [دليل فرضية تكبيرة الإحرام] أجمع المسلمون على أن افتتاح الصلاة بذكر اسم الله تعالى أمر لازم لا بد منه، فلا تصح صلاة الا به، وقد وردت أحاديث صحيحة تؤيد ذلك الإجماع: منها ما رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجة من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"، وهذا الحديث أصح شيء في هذا الباب، وأحسن. وقد استدل بعضهم على فرضية تكبيرة الإحرام بقوله تعالى: {وربك فكبر} ووجه الاستدلال أن لفظ: "فكبر" أمر وكل أمر للوجوب، ولم يجب التكبير الا في الصلاة بإجماع المسلمين فدل ذلك على أن تكبيرة الإحرام فرض.وعلى كل حال فلم يخالف أحد من العلماء المسلمين في أن تكبيرة الإحرام أمر لازم لا تصح الصلاة بدونها، سواء كانت فرضاً أو شرطاً. [صفة تكبيرة الإحرام] قد عرفت أن ثلاثة من الأئمة اتفقوا على أن تكبيرة الإحرام مركبة من لفظين، وهما: الله أكبر، بخصوصهما، بحيث لو افتتح الصلاة بغير هذه الجملة، فإنه صلاته لا تصح وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) . (1) الحنفية قالوا: لا يشترط افتتاح الصلاة بلفظة: الله أكبر، إنما الافتتاح بهذا اللفظ واجب لا يترتب على تركه بطلان الصلاة في ذاتها، بل يترتب عليه إثم تارك الواجب، وقد عرفت أن الواجب عندهم أقل من الفرض، وأن تاركه يأثم إثماً لا يوجب العذاب بالنار، وإنما يوجب الحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وكفى بذلك زجراً للمؤمنين؛ ومن هذا تعلم أن افتتاح الصلاة بهذه الصفة مطلوب عند الحنفية، كما هو مطلوب عند غيرهم؛ الا أن الحنفية قالوا: لا تبطل الصلاة بتركه، ولكن تركه يوجب إعادة الصلاة. فإن لم يعدها سقط عنه الفرض، وأثم ذلك الإثم الذي لا يوجب العذاب. أما الصيغة التي تتوقف عليها صحة الصلاة عندهم فهي الصيغة التي تدل على تعظيم الله عز وجل وحده بدون أن تشتمل على دعاء ونحوه؛ فكل صيغة تدل على ذلك يصح افتتاح الصلاة بها، كأن يقول: سبحان الله، أو يقول: الحمد لله، أو لا إله الا الله، أو يقول: الله رحيم، أو الله كريم. ونحو ذلك من الصيغ التي تدل على تعظيم الإله جل وعز خاصة، فلو قال: استغفر الله، أو أعوذ بالله، أولا حول ولا قوة الا بالله، فإن صلاته لا تصح بذلك، لأن هذه الكلمات قد اشتملت على شيء آخر سوى التعظيم الخالص، وهو طلب المغفرة والاستعاذة، ونحو ذلك. هذا، ولا بد أن يقرن هذه الأوصاف بلفظ الجلالة: فلو قال: كريم، أو رحيم، أو نحو ذلك فإنه لا يصح، ولو ذكر الاسم الدال على الذات دون الصفة، كأن يقول: الله، أو الرحمن، أو الرب، ولم يزد عليه شيئاً، فقال أبو حنيفة: إنه يصح، وقال صاحباه: لا. أما الأدلة التي تقدم ذكرها، فإنها لا تدل الا على ذلك، فقوله تعالى: {وربك فكبر} ليس معناه الإتيان بخصوص التكبير، بل معناه: عظم ربك بكل ما يفيد تعظيمه، وكذلك التكبير الوارد في الحديث؛ وإنما قلنا: إن الإتيان بخصوص التكبير واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على الإتيان به ولم يتركه. *********************** [شروط تكبيرة الإحرام] ينبغي أن تحفظ شروط تكبيرة احرام في كل مذهب على حدة، لما في ذلك التسهيل على طلاب كل مذهب، فانظرها تحت الخط (1) . هذا هو رأي الحنفية، وقد عرفت أن الأئمة الثلاثة اتفقوا على أن تكون بلفظ: الله أكبر، كما هو الظاهر من هذه الأدلة، وقد أيده النبي صلى الله عليه وسلم بعمله (1) الشافعية قالوا: شروط صحة تكبيرة الإحرام خمسة عشر شرطاً، إن اختل واحد منها لم تنعقد الصلاة: أحدها: أن تكون باللغة العربية إن كان قادراً عليها، فإن عجز عنها، ولم يستطع أن يتعلمها فإنه يصح له أن يكبر باللغة التي يقدر عليها؛ ثانيها: أن يأتي بها وهو قائم إن كان في صلاة مفروضة، وكان قادراً على القيام، أما في صلاة النفل فإن الإحرام يصح من قعود، كما تصح الصلاة من قعود، فإن أتى بالإحرام في صلاة الفرض حال الانحناء، فإن كان إلى القيام أقرب، فإنها تصح، وإن كان الركوع أقرب، فإنها لا تصح، وفاقاً للحنفية؛ والحنابلة، وخلافاً للمالكية الذين قالوا: إن الإتيان بها حال الانحناء لا يصح الا في صورة واحدة؛ وهي ما إذا كان مقتدياً بإمام سبقه، ولكن الشافعية لا يلزم عندهم أن يدرك الإمام حال ركوعه، بل لو سبقه الإمام بالركوع ثم كبر المأموم وركع وحده فإنه يصح، وسيأتي إيضاح ذلك، ثالثها: أن يأتي بلفظ الجلالة، ولفظ أكبر، رابعها: أن لا يمد همزة لفظ الجلالة، فلا يقول: الله أكبر، لأن معنى هذا الاستفهام، فكأنه يستفهم عن الله، خامسها: أن لا يمد الباء، من لفظ أكبر، فلا يصح أن يقول: الله أكبار، فلو قال ذلك لم تصح صلاته، سواء فتح همزة أكبار، أو كسرها. لأن أكبار - بفتح الهمزة - جمع كبر، وهو اسم للطبل الكبير. وإكبار - بكسر الهمزة - اسم للحيض، ومن قال ذلك متعمداً، فإنه يكون ساباً لإلهه، فيرتد عن دينه، سادسها؛ أن لا يشدد الباء من أكبر، فلو قال: الله أكبر لم تنعقد صلاته، سابعها: أن لا يزيد واواً ساكنة أو متحركة بين الكلمتين. فلو قال: والله أكبر، أو قال: الله وأكبر. لم تنعقد صلاته، ثامنها: أن لا يأتي بواو قبل لفظ الجلالة، فلو قال: والله أكبر لم تنعقد صلاته، تاسعها: أن لا يفصل بين الكلمتين بوقف طويل أو قصير على المعتمد، فلو قال: الله، ثم سكت قليلاً، وقال: أكبر. لم تنعقد صلاته، ومن باب أولى إذا سكت طويلاً، ولا يضر إدخال لام التعريف على لفظ: أكبر، فلو قال: الله الأكبر صحت، وكذا إذا زاد الوصف عن كلمتين فإنه يبطل التكبيرة، فإذا قال: الله العظيم الكريم الرحيم أكبر لم تنعقد صلاته، ولو فصل بين لفظ الجلالة، ولفظ أكبر بضمير، أو نداء فإنه لا يصح، كما إذا قال: الله هو أكبر، أو قال: الله يا رحمن أكبر. عاشرها: أن يسمع بها نفسه، بحيث لو نطق بها في سره بدون أن يسمعها هو فإنها لا تصح، الا إذا كان أخرس، أو أصم، أو كانت بالمكان جلبة أو ضوضاء، فإنه لا يلزم في هذه الحالة أن يسمع نفسه، على أن الأخرس ونحوه يجب عليه أن يأتي بما يمكنه. بحيث لو كان الخرس عارضاً وأمكنه أن يحرك لسانه أو شفتيه بالتكبير، فإنه يجب عليه أن يفعل، الحادي عشر: دخول الوقت إن كان يصلي فرضاً أو نفلاً مؤقتاً، أو نفلاً له سبب، كما تقدم، الثاني عشر: أن يوقع التكبيرة وهو مستقبل القبلة إن لم يسقط عنه استقبال القبلة، كما تقدم في مبحث "استقبال القبلة" الثالث عشر: أن تتأخر التكبيرة عن تكبيرة الإمام إن كان يصلي مقتدياً بإمام، الرابع عشر: أن يأتي بالتكبير في المكان الذي يصح فيه القراءة، وسيأتي في بيان شروط القراءة. الحنفية قالوا: شروط تكبيرة الإحرام عشرون، وإليك بيانها: -1 - دخول وقت الصلاة المكتوبة وإن كانت التحريمة لها، فلو كبر قبل دخول الوقت بطلت تكبيرته. -2 - أن يعتقد المصلي أن الوقت قد دخل، أو يترجح عنده دخوله، فلو شك في دخوله وكبر للإحرام فإن تكبيرته لا تصح حتى ولو تبين أن الوقت قد دخل. -3 - أن تكون عورته مستورة، وقد تقدم بيان العورة في الصلاة، فلو كبر عورته مكشوفة ثم سترها، فإن صلاته لا تصح. -4 - أن يكون المصلي متطهراً من الحدث الأكبر والأصغر، ومتطهراً من النجاسة فلا تصح منه التكبيرة إذا كان على بدنه أو ثوبه أو مكانه نجاسة غير معفّو عنها، وقد تقدم بيان النجاسة المعفو عنها في مبحث الطهارة، فلو كبر، وهو يظن أن به نجاسة بطلت تكبيرته، ولو تبين له أنه طاهر. -5 - أن يأتي بالتكبيرة وهو قائم إذا كان يصلي فرضاً أو واجباً أو سنة فجر، أما باقي النوافل فإنه لا يشترط لها القيام، بل يصح الإتيان بها وهو قاعد، فإن أتى بها منحنياً. فإن كان انحناؤه إلى القيام أقرب، فإنه لا يضر، وإن كان إلى الركوع أقرب فإنه يضر، ومحل ذلك ما إذا كان قادراً على القيام، كما هو ظاهر، وإذا أدرك الإمام، وهو راكع، فكبر للإحرام خلفه، فإن أتى بالتكبيرة كلها وهو قائم، فإنه يصح، أما إذا قال: الله، وهو قائم، وقال: أكبر، وهو راكع، فإن صلاته لا تصح، ولو أدرك الإمام من أول الصلاة، فنطق بقول: الله، قبل أن يفرغ منها الإمام فإنها لا تصح. -6 - نية أصل الصلاة. كأن ينوي صلاة الفرض. -7 - تعيين الفرض من أنه ظهر أو عصر مثلاً، فإذا كبر من غير تعيين؛ فإن تكبيرته لا تصح. -8 - تعيين الصلاة الواجبة، كركعتي الطواف، وصلاة العيدين والوتر، والمنذور، وقضاء نفل أفسده، فإن كل هذا واجب يجب تعيينه عند التكبيرة، أما باقي النوافل فإنه لا يجب تعيينها، كما تقدم. -9 - أن ينطق بالتكبيرة بحيث يسمع بها نفسه، فمن همس بها، أو أجراها على قلبه، فإنها لا تصح، ومثل ذلك جميع أقوال الصلاة من ثناء، وتعوّذ؛ وبسملة؛ وقراءة، وتسبيح، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا الطلاق واليمين وغير ذلك فإنها لا تعتبر عند الحنفية، الا إذا نطق بها وسمعها، فلا تصح، ولا يترتب عليها أثر إذا همس بها أو أجراها على قلبه. -10 - أن يأتي بجملة ذكر، كأن يقول: الله أكبر، أو سبحان الله، أو الحمد لله، فلو أتى بلفظ واحد، فإنه لا يصح، وقد تقدم بيان ذلك مفصلاً في صفة التحريمة قريباً. -11 - أن يكون الذكر خالصاً لله، فلا تصح تكبيرة الإحرام إذا كان الذكر مشتملاً على حاجة للمصلي؛ كاستغفار، ونحوه كما تقدم تقريباً. -12 - أن لا يكون الذكر بسملة، فلا يصح افتتاح الصلاة بها على الصحيح. -13 - أن لا يحذف الهاء من لفظ الجلالة، فإن حذفها بطلت صلاته. -14 - أن يمد اللام الثانية من لفظ الجلالة فإذا لم يمدها اختلف في صحة تكبيرته، وفي حال ذبيحته؛ فينبغي الإتيان بذلك المد احتياطاً. -15 - أن لا يمد همزة الله، وهمزة أكبر فلو قال: الله أكبر، بالمد، لم تصح صلاته، لأن المد معناه الاستفهام، ومن يستفهم عن وجود إلهه فلا تصح صلاته. وإن تعمد هذا المعنى يكفر، فالذين يذكرون الله - بمد الهمزة - مخطئون خطئاً فاحشاً، لما فيه من الإيهام، وإن كان غرضهم النداء؛ أما إذا كان غرضهم الاستفهام؛ فإنهم يرتدون عن الإسلام، وعلى كل حال فإن المد في الصلاة مبطلها، وقد عرفت أن الشافعية موافقون على هذا. -16 - أن لا يمد باء أكبر، فإذا قال: الله أكبار بطلت صلاته، لأنه - بفتح الهمزة - جمع كبر، وهو الطبل - وبكسرها - اسم للحيض، ومن قصد هذا فإنه يكفر، وعلى كل حال فهو مبطل للصلاة. -17 - أن لا يفصل بين النية وبين التحريمة بفاصل أجنبي عن الصلاة فلو نوى، ثم أتى بعمل خارج عن الصلاة من كلام أو أكل، ولو كان بين أسنانه من قبل (بشرط أن يكون قدر الحمصة) أو شرب أو تكلم، أو تنحنح بلا عذر، ثم كبر فلإحرام بعد ذلك بدون نية جديدة، فإن صلاته لا تصح، أما إذا فصل بين النية وبين التكبيرة بالمشي إلى المسجد بدون كلام، أو فعل، فإنه يصح، كما تقدم في مبحث "النية" قريباً. -18 - أن لا تتقدم التكبيرة على النية، فلو كبر، ثم نوى الصلاة، فإن تكبيرته لا تصح، ومتى فسدت تكبيرة الإحرام فقد قسدت الصلاة كلها، لما علمت من أنها شرط. -19 - أن يميز الفرض. -20 - أن يعتقد الطهارة من الحدث والخبث. ولم يشترط الحنفية أن تكون تكبيرة الإحرام باللغة العربية، فلو نطق بها بلغة أخرى، فإن صلاته تصح، سواء كان قادراً على النطق بالعربية أو عاجزاً، الا أنه كان قادراً يكره له تحريماً أن ينطق بها بغير العربية. المالكية قالوا: يشترط لتكبيرة الإحرام شروط: أحدها: أن تكون باللغة العربية إذا كان قادراً عليها، أما إن عجز بأن كان أعجمياً، وتعذر عليه النطق بها، فإنها لا تجب عليه، ويدخل الصلاة بالنية، فإن ترجمها باللغة التي يعرفها، فلا تبطل صلاته، على الأظهر. أما إن كان قادراً على العربية فيتعين عليه أن يأتي بلفظ: الله أكبر بخصوصه، ولا يجزئ لفظ آخر بمعناه، ولو كان عربياً، وبذلك خالفوا الشافعية، والحنفية، لأن الشافعية أجازوا الفصل بين لفظ: الله، ولفظ: أكبر، بفاصل؛ كما إذا قال: الله الرحمن أكبر، وأجازوا الإتيان بها بغير العربية لغير القادر على النطق بالعربية، بخلاف المالكية؛ أما الحنفية فقد أجازوا الإتيان بها بغير العربية لغير القادر على العربية بلا كراهة، أما القادر على النطق بالعربية فقالوا إن: صلاته تصح إذا نطق بها بغير العربية مع كراهة التحريم. ثانيها: أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم متى كان قادراً على القيام في الفرض، فإذا أتى بها حال انحنائه فإنها تبطل، لا فرق بين أن يكون الانحناء إلى الركوع أقرب أو إلى القيام أقرب، الا في حالة واحدة؛ وهي ما إذا أراد شخص أن يقتدي بإمام سبقه بالقراءة وركع، فأراد ذلك الشخص أن يدرك الإمام فكبر منحنياً، وركع قبل أن يرفع الإمام، فإن تكبيرة ذلك الشخص المأموم تكون صحيحة، ولكن لا تحتسب له تلك الركعة، وعليه إعادتها بعد سلام الإمام. أما إذا ابتدأ التكبير وهو قائم قبل أن يرفع الإمام، ثم أتم التكبير وهو راكع، أو حال الانحناء للركوع فإن الركعة تحتسب على أحد قولين راجحين، ويشترط في هذه الحالة أن ينوي بالتكبيرة الإحرام وحده، أو ينوي الإحرام مع الركوع أما إذا نوى الركوع وحده فإن صلاته لا تنعقد. ولكن لا يصح له أن يقطع صلاته، بل ينبغي أن يستمر فيها مع الإمام احتراماً للإمام، ثم يعبدها بعد ذلك. ثالثها: أن يقدم لفظ الجلالة على لفظ أكبر، فيقول: الله أكبر، أما إذا قال: أكبر الله فإنه لا يصح، وهذا متفق عليه. رابعها: أن لا يمد همزة الله قاصداً بذلك الاستفهام، أما إذا لم يقصد الاستفهام بأن قصد النداء أو لم يقصد شيئاً، فإنه لا يضر عندهم. خامسها: أن لا يمد باء أكبر قاصداً به جمع كبر، وهو الطبل الكبير، ومن يقصد ذلك كان سابّاً لإلهه، أما إذا لم يقصد ذلك فإن مد الباء لا يضر؛ وهذا الأمران قد خالف فيهما المالكية الأئمة الثلاثة؛ لأنهم اتفقوا على أن التكبيرة تبطل بهما، سواء قصد معناه اللغوي أو لا، كما أوضحناه في مذاهبهم. سادسها: أن يمد لفظ الجلالة مداً طبيعياً، وهذا متفق عليه في المذاهب. سابعها: أن لا يحذف هاء لفظ الجلالة، بأن يقول: الله أكبر، بدون هاء، وهذا متفق عليه أيضاً. أما إذا مد الهاء من لفظ الجلالة حتى ينشأ عنها واو، فإنه لا يضر عند الحنفية، والمالكية، وخالف الشافعية، والحنابلة، فقال الشافعية: إذا كان المصلي عامياً فإنه يغتفر له ذلك، أما غير العامي فإنه لا يغتفر له، ولو فعله تبطل التكبيرة، أما الحنابلة قالوا: إن ذلك يضر، وتبطل به التكبيرة على أي حال. ثامنها: أن لا يفصل بين لفظ الجلالة، ولفظ أكبر بسكوت، بأن يقول: الله، ثم يسكت، ويقول: أكبر، بشرط أن يكون هذا السكوت طويلاً في العرف، أما إذا كان قصيراً عرفاً، فإنه لا يضر، وقد اتفقت المذاهب على أن الفصل بين لفظ الجلالة ولفظ أكبر ضار، الا إذا كان يسيراً، فأما المالكية فقد وكلوا تقدير اليسير للعرف، وأما الشافعية فقد قالوا: اليسير الذي يغتفر هو ما كان بقدر سكتة التنفس أو سكتة العيّ، وأما الحنفية؛ والحنابلة قالوا: إن السكوت الذي يضر هو السكوت الذي يمكنه أن يتكلم فيه ولو بكلام يسير. تاسعها: أن لا يفصل بين الله؛ وبين أكبر بكلام؛ قليلاً كان؛ أو كثيراً؛ حتى ولو كان الفصل بحرف، فلو قال، الله أكبر، فإنه لا يصح، وهذا الحكم متفق عليه بين الحنابلة، والمالكية، أما الحنفية فقد أجازوا الفصل بأل، فلو قال: الله الأكبر: أو قال: الله الكبير، فإنه يصح، كما يصح إذ قال: الله كبير، وأما الشافعية فقد عرفت أنهم أجازوا الفصل بوصف من أوصاف الله تعالى، بشرط أن لا يزيد على كلمتين، فلو قال: الله الرحمن الرحيم أكبر، فإنه يصح، كما تقدم موضحاً في مذهبهم. عاشرها: أن يحرك لسانه بالتكبيرة، فلو أتى بها في نفسه بدون أن يحرك لسانه، فإنه لا تصح، أما النطق بها بصوت يسمعه، فإنه ليس بشرط عندهم، فإن كان أخرس، فإن التكبيرة تسقط عنه، ويكتفي منه بالنية؛ وقد خالف في ذلك المذاهب الثلاثة، فقد اشترطوا النطق بها بصوت يمسعه فلو حرك بها لسانه فقط، فإن صلاته تكون باطلة، الا إذا كان أخرس، فإنه يعفى عنه، عند الحنابلة، والحنفية؛ أما الشافعية قالوا: يأتي بما يمكنه من تحريك لسانه وشفتيه. هذا، وكل ما كان شرطاً لصحة الصلاة من استقبال القبلة، وستر العورة، والطهارة، ونحو ذلك مما تقدم، فهو شرط للتكبيرة. الحنابلة قالوا: يشترط لتكبيرة الإحرام شروط: أحدها: أن تكون مركبة من لفظ الجلالة، ولفظ أكبر: الله أكبر، فلو قال غير ذلك فإن صلاته تبطل؛ فالحنابلة، والمالكية متفقون على أن الإحرام لا يحصل الا بهذا اللفظ المترتب، فلو قال: أكبر الله، أو قال: الله الأكبر، أو الله الكبير، أو الجليل، أو غير ذلك من ألفاظ التعظيم، بطلت تحريمته، وكذا لو قال: الله فقط، أما إذا قال: الله أكبكر، ثم زاد عليه صفة من صفات الله، كأن قال: الله أكبر، وأعظم، أو الله أكبر وأجل، فإن صلاته تصح مع الكراهة، ومثل ذلك ما إذا قال: الله أكبر كبيراً، وقد عرفت أن الشافعية قالوا: إن الفصل بين الله وأكبر بكلمة أو كلمتين من أوصاف الله، نحو الله الرحمن الرحيم أكبر، فإنه لا يضر، وأن الحنفية قالوا: إن الفصل بأل لا يضر، كما إذا قال الله الأكبر، وكذا إذا قال: الله كبير، فإنه لا يضر عند الحنفية. ثانيها: أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم، متى كان قادراً على القيام، ولا يشترط أن تكون قامته منتصبة حال التكبير، فلو كبر منحنياً، فإن تكبيرته تصح، الا إذا كان إلى الركوع أقرب، فإن أتى بالتكبير كله راكعاً أو قاعداً، أو أتى ببعضه من قيام. وبالبعض الآخر من قعود أو ركوع، فإن صلاته تنعقد نفلاً، فيصليها على أنها نفل إن اتسع الوقت، وإلا وجب أن يقطع الصلاة ويستأنف التكبيرة من قيام، وقد عرفت رأي المذاهب في ذلك قبل هذا. ثالثها: أن لا يمد همزة الله. رابعها: أن لا يمد باء أكبر، فيقول: أكبار، وقد عرفت معنى هذا، والخلاف فيه في مذهب المالكية. خامسها: أن تكون بالعربية، فإن عجز عن تعلمها، كبر باللغة التي يعرفها، كما قال الشافعية ولو ترك التكبير باللغة التي يعرفها لم تصح صلاته، لأنه ترك ما هو مطلوب منه، خلافاً للمالكية فإن عجز عن التكبير بالعربية وغيرها من اللغات فإن تكبيرة الإحرام تسقط عنه؛ كما تسقط عن الأخرس، وإذا أمكنه أن ينطق بلفظ الله، دون أكبر، أو بلفظ أكبر دون الله، فإنه يأتي بما يستطيع؛ ولا يجب على الأخر أن يحرك لسانه، لأن الشارع لم يكلفه بذلك، فتكون محاولته عبثاً، خلافاً للشافعية. سادسها: أن لا يشبع هاء الله، حتى يتولد منها واو، فإن فعل ذلك بطلت تكبيرته. سابعها: أن لا يحذف هاء الله. فلا يقول: الله أكبر. ثامنها: أن لا يأتي بواو بين الكلمتين، بأن يقول: الله وأكبر، فإن فعل ذلك لا تصح تكبيرته. تاسعها: أن لا يفصل بين الكلمتين بسكوت يسع كلاماً. ولو يسيراً. وكذا يشترط للتكبيرة كل ما يشترط للصلاة: من استقبال، وستر عورة، وطهارة وغير ذلك ***************************
__________________
|
#37
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الاول [كتاب الصلاة] صـــــ 207 الى صــــــــ211 الحلقة (37) [الفرض الثالث من فرائض الصلاة: القيام] اتفقت المذاهب على أن القيام فرض على المصلي في جميع ركعات الفرض، بشرط أن يكون قادراً على القيام، فإن عجز عن القيام لمرض ونحوه. فإنه يسقط عنه، ويصلي على الحالة التي يقدر عليها، كما سيأتي في مبحث "صلاة المريض".أما صلاة السنن والمندوبات ونحوها، فإن القيام لا يفترض فيها بل تصح من قعود، ولو كان المصلي قادراً على القيام، وهذا الحكم متفق عليه، أن الحنفية لهم تفصيل في بعض الصلاة غير المفروضة فانظره تحت الخط (1) .والقيام فرض ما دام المصلي واقفاً لقراءة مفروضة أو مسنونة أو مندوبة، فكل ما يطلب --------------------------------------- (1) الحنفية قالوا: كما يفترض القيام في الصلوات الخمس، كذلك يفترض في صلاة الوتر. فلا تصح صلاته الا من قيام. ومثله الصلاة المنذورة، وصلاة ركعتي الفجر على الصحيح، فلا تصح صلاتهما من قعود ********************** منه فعله حال القيام، فإنما يقع في قيام مفروض، وهذا الحكم متفق عليه بين الشافعية، والحنابلة، أما الحنفية، والمالكية، فانظر مذاهبهما تحت الخط (1) . [الفرض الرابع من فرائض الصلاة: قراءة الفاتحة] يتعلق بقراءة الفاتحة مباحث: أحدها: هل هي فرض في الصلاة باتفاق جميع المذاهب؟، ثانيها: هل هي فرض في جميع ركعات الصلاة، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً؟؛ ثالثها: هل هي فرض على كل مصل، سواء كان يصلي منفرداً، أو كان يصلي إماماً أو مأموماً؟، رابعها: ما حكم العاجز عن قراءة الفاتحة؟، خامسها: هل يشترط في قراءة الفاتحة أن يسمع القارئ بها نفسه بحيث لو حرك لسانه ولم يسمع ما ينطق به تصح أو لا؟، وإليك الجواب عن هذه الأسئلة، أما الأول والثاني: فقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أن قراءة الفاتحة في جميع ركعات الصلاة فرض، بحيث لو تركها المصلي عامداً في ركعة من الركعات بطلت الصلاة، لا فرق في ذلك بين أن ت كون الصلاة مفروضة أو غير مفروضة. أما لو تركها سهواً، فعليه أن يأتي بالركعة التي تركها فيها بالكيفية الآتي بيانها في مباحث "سجود السهو". وخالف الحنفية في ذلك فقالوا: إن قراءة الفاتحة في الصلاة ليست فرضاً وإنما هي واجب.(1) الحنفية قالوا: القدر المفروض من القيام هو ما يسع القراءة المفروضة، وهي آية طويلة أو ثلاث آيات قصار، وسيأتي بيانها قريباً في مبحث "قراءة الفاتحة" أما ما زاد على ذلك فهو إما قيام واجب إن كان يؤدي فيه واجب كقراءة الفاتحة، وإما قيام مندوب إن كان يؤدي فيه مندوب، على أنهم قالوا: إن هذا الحكم قبل إيقاع القراءة، أما إذا أطال القراءة كان القيام فرضاً، بقدر ذلك التطويل، حتى ولو قرأ القرآن كله، فلا يصح أن يقرأ آية وهو قائم، ثم يجلس ويكمل الباقي. فالخلاف بين الحنفية، والشافعية، والحنابلة في هذه المسألة لا فائدة له، الا من حيث ترتب الثواب؛ فالشافعية، والحنابلة يقولون: إذا أطال القيام، كان له ثواب الفرض؛ وإذا قصر القيام بترك سنة من سنن الصلاة، فإنه يعاقب على تقصير القيام، وإن كان لا يعاقب على ترك السنة، أما الحنفية فإنهم يقولون: إذا أطال القيام بالقدر المطلوب منه، فإنه يثاب عليه ثواب الفرض، وإذا قصر القيام بترك سنة، فإنه لا يعاقب، فإذا وافق الشافعية والحنابلة والحنفية على هذا الرأي فإنه لا يكون بينهم خلاف. المالكية قالوا: يفترض القيام استقلالاً في الصلاة المفروضة حال تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والهويّ للركوع، وأما حال قراءة السورة فهو سنة، فلو استند حالة قراءة السورة إلى شيء، بحيث لو أزيل ذلك الشي لسقط، فإن صلاته لا تبطل. بخلاف ما لو استند إلى ذلك الشيء حال قراءة الفاتحة، أو حال الهوي للركوع، فإن صلاته تبطل، على أنهم اتفقوا مع غيرهم من الأئمة على أنه إذا جلس وقت قراءة السورة تبطل صلاته؛ وإن لم يكن القيام فرضاً؛ لإخلاله بهيئة الصلاة ***************************** وإن شئت قلت: سنة مؤكدة بحيث لو تركها عمداً فإن صلاته لا تبطل. فانظر تفصيل مذهبهم، ودليلهم عليه تحت الخط (1) ، أما دليل من قال: إنها فرض فهو ما روي في "الصحيحين" من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": وأما الجواب عن الثالث. وهو هل تفترض قراءة الفاتحة على المأموم؟ فإنه فيه تفصيلاً في المذاهب بيناه تحت الخط (2) ، وأما الجواب عن الرابع. وهو ما حكم العاجز عن قراءة الفاتحة؟ فقد اتفق الشافعية، والحنابلة على أن من عجز عن قراءة الفاتحة في الصلاة، فإن كان يقدر على أن يأتي بآيات من القرآن بقدر (1) الحنفية قالوا: المفروض مطلق القراءة، لا قراءة الفاتحة بخصوصها. لقوله تعالى: {فاقرؤوا ما تيسرمن القرآن} فإن المراد القراءة في الصلاة. لأنها هي المكلف بها، ولما روي في "الصحيحن" من قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء. ثم استقبل القبلة ثم اقرأ ما تيسر من القرآن". ولقوله صلى الله عليه وسلم "لا صلة الا بقراءة" والقراءة فرض في ركعتين من الصلاة المفروضة. ويجب أن تكون في الركعتين الأوليين، كما تجب قراءة الفاتحة فيهما بخصوصها. فإن لم يقرأ في الركعتين الأوليين في الصلاة الرباعية فرأ فيما بعدهما وصحت صلاته. الا أنه يكون قد ترك الواجب. فإنه تركه ساهياً يجب عليه أن يسجد للسهو؛ فإن لم يسجد وجبت عليه إعادة الصلاة. كما تجب الإعادة إن ترك الواجب عامداً. فإن لم يفعل كانت صلاته صحيحة، مع الإثم. أما باقي ركعات الفرض. فإن قراءة الفاتحة فيه سنة. وأما النفل فإن قراءة الفاتحة واجبة في جميع ركعاته. لأن كل اثنتين منه صلاة مستقلة. ولو وصلهما بغيرهما. كأن صلى أربعاً بتسليمة واحدة؛ وألحقوا الوتر بالنفل، فتجب القراءة في جميع ركعاته. وقّدروا القراءة المفروضة بثلاث آيات قصار. أو آية طويلة تعديلها. وهذا هو الأحوط (2) الشافعية قالوا: يفترض على المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام. الا إن كان مسبوقاً بجميع الفاتحة أو بعضها. فإن الإمام يتحمل عنه ما سبق به إن كان الإمام أهلاً للتحمل. بأن لم يظهر أنه محدث أو أنه أدركه في ركعة زائدة عن الفرض. الحنفية قالوا: إن قراءة المأموم خلف إمامه مكروهة تجريماً في السرية والجهرية، لما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" وهذا الحديث روي من عدة طرق. هذا، وقد نفل منع المأموم من القراءة عن ثمانين نفراً من كبار الصحابة، منهم المرتضى والعبادلة. وروي عن عدة من الصحابة أن قراءة المأموم خلف إمامه مفسدة للصلاة، وهذا ليس بصحيح، فأقوى الأقوال وأحوطها القول بكراهة التحريم. المالكية قالوا: القراءة خلف الإمام مندوبة في السرية، مكروهة في الجهرية، الا إذا قصد مراعاة الخلاف، فيندب. الحنابلة قالوا: القراءة خلف الإمام مستحبة في الصلاة السرية، وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية، وتكره حال قارءة الإمام في الصلاة الجهرية *********************** الفاتحة في عدد الحروف والآيات، فإنه يجب عليه أن يأتي بذلك. فإن كان يحفظ آية واحدة أو أكثر فإنه يفترض عليه أن يكرر ما يحفظه بقدر آيات الفاتحة. بحيث يتعلم القدر المطلوب منه تكراره. فإن عجز عن الإتيان بشيء من القرآن بالمرة فإنه يجب عليه أن يأتي بذكر الله كأن يقول: الله الله ... مثلاً. بمقدار الفاتحة. فإن عجز عن الذكر أيضاً فإنه يجب عليه أن يقف ساكتاً بقدر الزمن الذي تقرأ فيه الفاتحة، فإن لم يفعل ذلك بطلت صلاته في هذين المذهبين: على أنه لا يجوز عندهم قراءة الفاتحة بغير اللغة العربية على كل حال. ومن لم يفعل ذلك فإن صلاته تبطل. أما المالكية والحنفية؛ فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) ، وأما الجواب عن الخامس وهو هل يشترط أن يسمع نفسه بقراءة الفاتحة؟ فالجواب عنه أن ثلاثة من الأئمة اتفقوا على أنه إذا لم يسمع نفسه بالقراءة. فإنه لا يعتبر قارئاً. وخالف المالكية فقالوا: يكفي أن يحرك لسانه، وإن لم يسمع نفسه فانظر مذهبهم تحت الخط (2) على أنك قد عرفت أن الحنفية قالوا: إن قراءة الفاتحة ليست فرضاً، فلو لم يسمع بها نفسه لا تبطل صلاته، ولكن يكون تاركاً للواجب. [الفرض الخامس من فرائض الصلاة: الركوع] الركوع فرض في كل صلاة للقادر عليه باتفاق، وقد ثبتت فرضية الركوع في الصلاة ثبوتاً قاطعاً، وإنما اختلف الأئمة في القدر الذي تصح به الصلاة من الركوع، وفي ذلك القدر تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (3) . (1) الحنفية قالوا: من عجز عن العربية يقرأ بغيرها من اللغات الأخرى، وصلاته صحيحة. المالكية قالوا: من لا يحسن قراءة الفاتحة وجب عليه تعلمها إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه وجب عليه الاقتداء بمن يحسنها، فإن لم يجده ندب له أن يفصل بين تكبيره وركوعه ويندب أن يكون الفصل بذكر الله تعالى، وإنما يجب على غير الأخرس. أما هو فلا يجب عليه (2) المالكية قالوا: لا يجب عليه أن يسمع بها نفسه. ويكفي أن يحرك بها لسانه، والأولى أن يسمع بها نفسه مراعاة للخلاف (3) الحنفية قالوا: يحصل الركوع بطأطأة الرأس، بأن ينحني انحناء يكون إلى حال الركوع أقرب، فلو فعل ذلك صحت صلاته؛ أما كمال الركوع فهو انحناء الصلب حتى يستوي الرأس بالعجز، وهذا في ركوع القائم، أما القاعد فركوعه يحصل بطأطأة الرأس مع انحناء الظهر، ولا يكون كاملاً الا إذا حاذت جبهته قدام ركبتيه. الحنابلة قالوا: إن المجزئ في الركوع بالنسبة للقائم انحناؤه بحيث يمكنه من ركبتيه بيديه إذا كان وسطاً في الخلقة، لا طويل اليدين ولا قصيرهما، وقدره من غير الوسط الانحناء، بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه لو كان وسطاً، وكمال الركوع أن يمد ظهره مستوياً، ويجعل رأسه بإزاء ظهره، بحيث لا يرفعه عنه ولا يخفضه، وبالنسبة للقاعد مقابلة وجهه لما قدام ركبتيه من الأرض أدنى مقابلة، وكماله أن تتم مقابلة وجهه لما قدام ركبتيه. الشافعية قالوا: أقل الركوع بالنسبة للقائم انحناء، بحيث تنال راحتا معتدل الخلقة ركبتيه بدون انخناس، وهو - أن يخفض عجزه، ويرفع رأسه، ويقدم صدره - بشرط أن يقصد الركوع وأكمله بالنسبة له أن يسوي بين ظهره وعنقه، وأما بالنسبة للقاعد فأقله أن ينحني بحيث تحاذي جبهتها ما أمام ركبتيه، وأكمله أن تحاذي جبهته موضع سجوده من غير مماسة. المالكية قالوا: حد الركوع الفرض أن ينحني حتى تقرب راحتاه من ركبتيه إن كان متوسط اليدين، بحيث لو وضعهما لكانتا على رأس الفخذين مما يلي الركبتين، ويندب وضع اليدين على الركبتين، وتمكينهما منهما، وتسوية ظهره **************************** [الفرض السادس من فرائض الصلاة: السجود - شروطه] السجود من الفرائض المتفق عليها، فيفترض على كل مصل أن يسجد مرتين، في كل ركعة، ولكن القدر الذي يحصل به الفرض من السجود فيه اختلاف المذاهب. فانظره تحت الخط (1) . (1) المالكية قالوا: يفترض السجود على أقل جزء من الجبهة، وبجهة الإنسان معروفة، وهي ما بين الحاجبين إلى مقدم الرأس؛ فلو سجد على أحد الحاجبين لم يكفه، ويندب السجود على أنفه، ويعيد الصلاة من تركه في الوقت مراعاة للقول بوجوبه، والوقت هنا في الظهر والعصر يستمر إلى اصفرار الشمس، فلا يعيد فلو سجد على أنفه دون جبهته لم يكفه، وإن عجز عن السجود على الجبهة ففرضه أن يومئ للسجود، وأما السجود على اليدين والركبتين وأطراف القدمين فسنة، ويندب إلصاق جميع الجبهة بالأرض وتمكينها. الحنفية قالوا: حد السجود المفروض هو أن يضع جزءاً، ولو قليلاً من جبهته على ما يصح السجود عليه، أما وضع جزء من الأنف فقط فإنه لا يكفي الا لعذر على الراجح، أما وضع الخد أو الذقن فقط فإنه لا يكفي مطلقاً لا لعذر ولا لغير عذر، ولا بد من وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف إحدى القدمين، ولو كان إصبعاً واحداً على ما يصح السجود عليه، أما وضع أكثر الجبهة فإنه واجب، ويتحقق السجود الكامل بوضع جميع اليدين والركبتين وأطراف القدمين والجبهة والأنف. الشافعية، والحنابلة قالوا: إن الحد المفروض في السجود أن يضع بعض كلعضر من الأعضاء السبعة الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين" الا أن الحنابلة، قالوا: لا يتحقق السجود الا بوضع جزء من الأنف زيادة على ما ذكر والشافعية قالوا: يشترط أن يكون السجود على بطون الكفين وبطون أصابع القدمين ****************************
__________________
|
#38
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
__________________
|
#39
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الاول [كتاب الصلاة] صـــــ 218 الى صــــــــ226 الحلقة (39) {سنن الصلاة} يتعلق بها مباحث: أولاً: تعريف السنة؛ ثانياً: عدد سنن الصلاة الداخلة فيها مجتمعة في كل مذهب على حده ليسهل حفظها؛ ثالثاً: شرح ما يحتاج إلى الشرح من هذه السنن. رابعاً: بيان سنن الصلاة الخارجة عن الصلاة، فلنذكر مباحث السنن على هذا الترتيب. __________ -9 تكبيرات العيدين، وهي ثلاث في كل ركعة. وسيأتي بيانها. -10 جهر الإمام بالقراءة في صلاة الفجر والعيدين والجمعة والتراويح والوتر في رمضان والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، أما المنفرد فيخير بين الجهر والإسرار في جميع صلواته، الا أن الأفضل له أن يجهر فيما يجب على الإمام أن يجهر فيه، ويسر فيما يجب على الإمام الإسرار فيه. -11 إسرار الإمام والمنفرد في القراءة في نفل النهار وفرض الظهر والعصر، وثالثة المغرب والأخيرتين من العشاء، وصلاة الكسوف والخسوف، والاستسقاء. -12 عدم قراءة المقتدي شيئاً مطلقاً في قيام الإمام. -13 ضم ما صلب من الأنف إلى الجبهة في السجود. -14 افتتاح الصلاة بخصوص جملة: الله أكبر، الا إذا عجز عنها أو كان لا يحسنها، فصح أن يفتتحها باسم من أسماء الله تعالى. -15 تكبيرة الركوع في الركعة الثانية من صلاة العيد، لأنها لما اتصلت بتكبيرات العيد الواجبة صارت واجبة. -16 متابعة الإمام فيما يصح الاجتهاد فيه، وسيأتي بيان المتابعة في "مبحث الإمامة". -17 الرفع من الركوع، وتعديل الأركان، كما تقدم. الحنابلة قالوا: الواجب في الصلاة أقل من الفرض، وهو ما تبطل الصلاة بتركه عمداً، مع العلم، ولا تبطل بتركه سهواً، أو جهلاً، فإن تركه سهواً وجب عليه أن يسجد للسهو، وواجبات الصلاة عندهم ثمانية. وهي تكبيرات الصلاة كلها ما عدا تكبيرة الإحرام، فإنها فرض، كما تقدم، وما عدا تكبيرة المسبوق للركوع إذا أدرك إمامه راكعاً، فإنها سنة؛ قول: سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد؛ قول: ربنا ولك الحمد، لكل مصل، ومحل التكبير لغير الإحرام والتسميع والتحميد ما بين ابتداء الانتقال وانتهائه فلا يجوة تقديم شيء من ذلك على هذا المحل؛ قول: سبحان ربي العظيم في الركوع مرة واحدة؛ قول: سبحان ربي الأعلى في السجود مرة؛ قول: رب اغفر لي إذا جلس بين السجدتين مرة. التشهد الأول، والمجزئ منه ما تقدم في التشهد الأخير ما عدا الصلاة على النبي عليه السلام؛ الجلوس لهذا التشهد؛ وإنما يجب على غير من قام إمامه للركعة الثالثة سهواً؛ أما هو فيجب عليه متابعة الإمام، ويسقط عنه التشهد، والجلوس له ****************************** {تعريف السنة} تقدم في صحيفة 64؟؟ م أن الحنابلة والشافعية قد اتفقوا على أن السنة والمندوب والمتسحب والتطوع معناها واحد، وهو ما يثاب المكلف على فعله، ولا يؤاخذ على تركه، فمن ترك سنن الصلاة أو بعضها فإن الله تعالى لا يؤاخذه على هذا الترك، ولكنه يحرم من ثوابها، ووافق على ذلك المالكية، الا أنهم فرقوا بين السنة وغيرها، وقد ذكرنا هناك تفصيل المذاهب في هذا المعنى، فارجع إليه. على أنه لا ينبغي للمسلم أن يستهين بأمر السنن. لأن الغرض من الصلاة إنما هو التقرب إلى الله الخالق، ولهذا فائدة مقررة، وهي الفرار من العذاب، والتمتع بالنعيم، فلا يصح في هذه الحالة لعاقل أن يستهين بسنة من سنن الصلاة فيتركها، لأن تركها يحرمه من ثواب الفعل، وذلك الحرمان فيه عقوبة لا تخفى على العاقل، لأن فيه نقصان للتمتع بالنعيم، فمن الأمور الهامة التي ينبغي للمكلف أن يعنى بها أداء ما أمره الشارع بأدائه. سواء كان فرضاً أو سنة، ولعل قائلاً يقول: لماذا جعل الشارع بعض أفعال الصلاة فرضاً لازماً، وبعضها غير لازم؟ والجواب: أن الله تعالى أراد أن يخفف عن عباده، ويجعل لهم الخيار في بعض الأعمال ليجزل لهم الثواب عليها، فإذا تركوها باختيارهم فقد حرموا من الثواب، ولا عقوبة عليهم، وذلك من محاسن الشريعة الإسلامية التي رفعت عن الناس الحرج في التكاليف، ورغبتهم في الجزاء الحسن ترغيباً حسناً. عدّ سنن الصلاة مجتمعة لنذكر ههنا سنن الصلاة مجتمعة في كل مذهب ليسهل حفظها على القراء، فاقرأها تحت الخط (1) __________ (1) الحنفية: عدوا سنن الصلاة كالآتي: 1 - رفع اليدين للتحريمة حذاء الأذنين للرجل والأمة، وحذاء المنكبين للحرة. 2 - ترك الأصابع على حالها، بحيث لا يقرّقها ولا يضمها، وهذا في غير حالة الركوع الآتية 3 - وضع الرجل يده اليمنى على اليسرى تحت سرته، ووضع المرأة يديها على صدرها 4 - الثناء 5 - التعوذ للقراءة 6 - التسمية سراً أول كل ركعة قبل الفاتحة 7 - التأمين 8 - التحميد 9 - الإسرار بالثناء والتأمين والتحميد 10 - الاعتدال عند ابتداء التحريمة وانتهائها 11 - جهر الإمام بالتكبير والتسميع والسلام 12 - تفريج القدمين في القيام قدر أربع أصابع 13 - أن تكون القراءة من المفصل حسب التفصيل المتقدم 14 - تكبيرات الركوع والسجود 15 - أن يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً 16 - أن يقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثاً 17 - وضع يديه على ركبتيه حال الركوع 18 - تفريج أصابع يديه حال وضعهما على ركبتيه في الركوع إذا كان رجلاً 19 - نصب ساقيه 20 - بسط ظهره في الركوع 21 - تسوية رأسه بعجزه 22 - كمال الرفع من الركوع 23 - كمال الرفع من السجود 24 - وضع يديه، ثم ركبتيه، ثم وجهه عند النزول للسجود، وعكسه عند الرفع منه 25 - جعل وجهه بين كفيه حال السجود، أو جعل يديه حذو منكبيه عند ذلك 26 - أن يباعد الرجل بطنه عن فخذيه، ومرفقيه عن جنبيه، وذراعيه عن الأرض في السجود 27 - أن تلصق المرأة بطنها بفخذيها حال الجلوس بين السجدتين، وحال التشهد 30 - أن يفترش الرجل رجله اليسرى، وينصب اليمنى موجهاً أصابعها إلى القبلة حال الجلوس للتشهد وغيره 31 - أن تجلس المرأة على أليتيها، وأن تضع إحدى فخذيها على الأخرى، وتخرج رجلها اليسرى من تحت وركها الأيمن 32 - الإشارة بالسبابة عند النطق بالشهادة على ما تقدم 33 - قراءة الفاتحة فيما بعد الركعتين الأوليين 34 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الجلوس الأخير بالصيغة المتقدمة 35 - الدعاء بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بما يشبه ألفاظ الكتاب والسنِّة 36 - الالتفات يميناً ثم يساراً بالتسليمتين 37 - أن ينوي الإمام بسلامه من خلفه من المصلين والحفظة وصالحي الجن 38 - أن ينوي المأموم إمامه بالسلام في الجهة التي هو فيها إن كان عن يمينه أو يساره، فإن حاذاه نواه بالتسليمتين مع القوم والحفظة وصالحي الجن 39 - أن ينوي المنفرد الملائكة فقط 40 - أن يخفض صوته في سلامه 41 - أن ينتظر المسبوق فراغ إمامه من سلامه الثاني حتى يعلم أنه ليس عليه سجود سهو. المالكية قالوا: سنن الصلاة أربع عشرة سُنة، وهي: 1 - قراءة ما زاد على أم القرآن بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية من الفرض الوقتي المتسع وقته 2 - القيام لها في الفرض 3 - الجهر بالقراءة فيما يجهر فيه حسب ما تقدم 4 - السر فيما يسر فيه على ما تقدم 5 - كل تكبيرات الصلاة، ما عدا تكبيرة الإحرام، فإنها فرض 6 - كل تسميعة 7 - كل تشهد 8 - كل جلوس للتشهد 9 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير 10 - السجود على صدور القدمين، وعلى الركبتين والكعبين 11 - رد المقتدي على إمامه السلام، وعلى من على يساره إن كان به أحد شاركه في إدراك ركعة مع الإمام على الأقل 12 - الجهر بتسليمة التحليل 13 - إنصات المقتدي للإمام في الجهر 14 - الزائد عن القدر الواجب من الطمأنينة. الشافعية قالوا: سنن الصلاة الداخلة فيها تنقسم إلى قسمين، قسم يسمونه بالهيئات، وقسم يسمونه بالأبعاض، فأما الهيئات فلم يحصروها في عدد خاص، بل قالوا، كل ما ليس بركن من أركان الصلاة وليس بعضاً من أبعاضها فهو هيئة، والسنة التي من أبعاض الصلاة إذا تركت عمداً فإنها تجبر بسجود السهو، وعدد الأبعاض عشرون. -1 القنوت في اعتدال الركعة الأخيرة من الصبح، ومن وتر النصف الثاني من رمضان، أما القنوت عند النازلة في أي صلاة غير ما ذكر فلا يعد من الأبعاض وإن كان سنة 2 - القيام له 3 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد القنوت 4 - القيام لها 5 - السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها 6 - القيام له 7 - الصلاة على الآل 8 - القيام لها 9 - الصلاة على الصحب 10 - القيام لها 11 - السلام على النبي 12 - القيام له 13 - السلام على الصحب 14 - القيام له 15 - التشهد الأول في الثلاثية والرباعية 16 - الجلوس له 17 - الصلاة على النبيي صلى الله عليه وسلم بعده 18 - الجلوس لها 19 - الصلاة على الآل بعد التشهد الأخير 20 - الجلوس له، فهذه هي السنن التي يسمونها أبعاضاً تشبيهاً لها بأركان الصلاة التي إذا تركت سهواً، فإنها تعاد، وتجبر بسجود السهو، أما السنن الأخرى التي يسمونها بالهيئات فمنها أن يقول الرجل سبحان الله عند حدوث شيء يريد التنبيه عليه، بشرط أن لا يقصد التنبيه وحده؛ وإلا بطلت الصلاة وأن تصفق المرأة عند إرادة التنبيه، بشرط أن لا تقصد اللعب، وإلا بطلت صلاتها، ولا يضرها قصد الإعلام، كما لا يضر زيادته على الثلاث، وأن توالي التصفيق، ولكنها لا تبعد إحدى يديها عن الأخرى؛ ثم تعيدها، وإلا بطلت صلاتها، ومنها الخشوع في جميع الصلاة، وهو حضور القلب، وسكون الجوارح، بأن يستحضر أنه بين يدي الله تعالى؛ وأن الله مطلع عليه ومنها جلوس الاستراحة لمن يصلي من قيام، بأن يجلس جلسة خفيفة بعد السجدة الثانية، وقبل القيام إلى الركعة الثانية والرابعة، ويسن أن تكون قدر الطمأنينة، ولا يضر زيادتها عن قدر الجلوس بين السجدتين على المعتمد، ويأتي بها المأموم، وإن تركها الإمام، ومنها نية الخروج من الصلاة من أول التسليمة الأولى، فلو نوى الخروج قبل ذلك بطلت صلاته، وإن نواه في أثنائها أو بعدها، لم تحصل السنة، ومنها وضع بطن كف اليد اليمنى على ظهر كف اليسرى، ويقبض بيده اليمنى كوع اليسرى. وبعض ساعد اليسرى ورسغها، وذلك هو المعتمد عندهم، على أن هذه الهيئة لو تركها وأرسل يديه، كما يقول المالكية، فلا بأس. ولكنهم عدوا ذلك من المستحبات للإشارة إلى أن الإنسان محتفظاً بقلبه، لأن العادة أنه إذا خاف على شيء حفظه بيديه. ومنها أن يقول المصلي بعد تكبيرة الإحرام: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المس لمين". وهذا الدعاء يقال له: دعاء الافتتاح. وهو مستحب الإتيان بهذا الدعاء الا بشروط خمسة: أحدها. أن يكون في غير صلاة الجنازة. فإن كان في صلاة الجنازة، فإنه لا يأتي به، ولكن يأتي بالتعوذ، ثانيها: أن لا يخاف فوات وقت الأداء. فلو بقي في الوقت ما يسع ركعة بدون أن يأتي بدعاء الافتتاح. فإنه لا يأتي به، ثالثها: أن لا يخاف المأموم فوت بعض الفاتحة فإن خاف ذلك فلا يأتي به، رابعها: أن يدرك الإمام في حال الاعتدال من القيامن فإذا أدركه في الاعتدال فإنه لا يأتي به، خامسها: أن لا يشرع في التعوذ أو قراءة الفاتحة، فإن شرع في ذلك عمداً بالاستعاذة بعد دعاء الافتتاح الذي تقدم، وتحصل الاستعاذة بكل لفظ يشتمل على التعوذ. ولكن الأفضل أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبعضهم يقول: إن زيادة السميع العليم سنة أيضاً. فيقول: أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، ومنها الجهر بالقراءة إذا كان المصلي إماماً ومنفرداً، أما المأموم فيسن في حقه الإسرار وإنما يسن الجهر فيحق المرأة والخنثى إذا لم يسمع شخص أجنبي، أما إذا وجد أجنبي، فإن المرأة والخنثى لا يجهران بالقراءة، بل يسن لهما الإسرار، كي لا يسمع صوتهما الأجنبي وحد الإسرار عند الشافعية هو أن يسمع المصلي نفسه، كما تقدم، وظاهر أن الجهر لا يكون الا في الركعتين الأوليين إذا كان منفرداً. وسيأتي حكم المسبوق. ومنها التأمين، وهو أن يقول المصلي عقب قراءة الفاتحة "آمين" فإذا ركع ولم يقل: آمين فقد فات التأمين ولا يعود إليه، وكذا إن شرع في قراءة شيء آخر بعد الفاتحة. ولو سهواً، الا أنه يستثنى من ذلك ما إذا قال: رب اغفر لي؛ ونحوه، لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا قرأ الفاتحة، ثم سكت فإن التأمين لا يسقط، وإذا كان يصلي مأموماً فإنه يسن له أن يقول: آمين مع إمامه، إذا كانت الصلاة جهرية، أما الصلاة السرية فلا يؤمن المأموم فيها مع إمامه، فإذا لم يؤمّن في الصلاة الجهرية، أو أخر التأمين عن وقته المندوب، وهو أن يكون تأمينه مع تأمين الإمام، فإنه يأتي بالتأمين وحده. لأن معنى قوله صلى الله عليه وسلم "إذا أمن من الإمام فأمّنوا" إذا دخل وقت تأمين الإمام فأمّنوا، وإن لم يؤمّن بالفعل، أو أخره عن وقته، ومنها قراءة شيء من القرآن، وإن لم يكن سورة كاملة، ولكن قراءة السورة الكاملة أفضل عند الشافعية من بعض السورة، بشرط أن لا يكون بعض السورة أكثر من السورة، فلو قرأ "آمن الرسول بما أُنزل إليه" إلى آخر سورة البقرة، كان ذلك أفضل من قراءة سورة صغيرة، كسورة "قريش"، أو "الفيل"، أو {قل هو الله أحد} لأن أواخر البقرة أكثر من السورة الصغيرة، وهذا هو المعتمد عند الشافعية، وبعضهم يقول: إن السورة الصغيرة أفضل وأقل السورة ثلاث آيات؛ ولكن لا يلزم المصلي أن يأتي بثلاث آيات، بل يتحقق أصل السنة عند الشافعية بالإتيان بشيء من القرآن، ولو آية واحدة، ولكن الأفضل هو ما ذكرنا من الإتيان بسورة كاملة، وهي ثلاث آيات؛ وأفضل من ذلك أن يأتي بأطوال منها، ويندب عند الشافعية تطويل قراءة ما زاد على الفاتحة من سورة قصيرة ونحوها في الركعة الأولى عن الركعة الثانية، الا إذا اقتضى الحال ذلك، كما إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً، فلو قرأ السورة أولاً، ثم قرأ الفاتحة، فإن السورة لا تحسب له؛ وعليه أن يعيدها بعد قراءة الفاتحة، إن أراد تحصيل السنة، ومنها أن يسكت المصلي بعد قراءة الفاتحة إذا كان إماماً، فلا يشرع في قراءة السورة الا بعد زمن يسع قراءة فاتحة المأمومين إذا كانت الصلاة جهرية، والأولى للإمام في هذه الحالة يشتغل بدعاء، أو قراءة في سره. وعند الشافعية سكتات أخرى مطلوبة، ولكنها يسيرة، ويعبرون عنها بسكتات لطيفة، وهي في مواضع: أحدها: أن يسكت سكتة لطيفة بعد تكبيرة الإحرام، ثم يشرع في قراءة التوجه {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض} الخ، ثانيها: أن يسكت كذلك بعد الفراغ من التوجه، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو نحو ذلك، مما تقدم، ثالثها: أن يسكت كذلك بعد التعوذ، ثم يسمى على الوجه المتقدم، رابعها: أن يسكت بعد التسمية كذلك، ثم يشرع في قراءة الفاتحة، خامسها: أن يسكت بعد الفراغ من قراءة الفاتحة قبل التأمين، ثم يقول: آمين؛ سادسها: أن يسكت كذلك بعد قول: آمين. ثم يشرع في قراءة السور. سابعها: أن يسكت في قراءة السورة كذلك، ثم يكبر للركوع، فإذا أضيفت هذه السكتات إلى السكتة المشروعة للإمام بعد قراءة الفاتحة، يكون عدد السكتات ثمانية، ولكن المعروف عند الشافعية أن السكتات ستة، لأنهم يعدون السكتة بين التكبيرة والتوجه، وبين التوجه والتعوذ واحدة؛ والأمر في ذلك سهل، ومنها التكبيرات عند الخفض للركوع، ويسن مدها حتى يتم ركوعه، وكذلك تكبيرات السجود، فإنه سنة عندهم، وعليه أن يجهر بالتكبيرات المذكورة إذا كان إماماً، كي يسمعه المأمون، ومثل ذلك ما إذا كان مبلغاً كما يأتي؛ ومنها أن يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع رأسه من الركوع، سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، ويجهر الإمام بقوله: سمع الله لمن حمده أما المأموم فإنه يسر بها؛ ومنها أن يقول: ربنا لك الحمد، إذا انتصب قائماً، سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفردا، أما إذا صلى قاعداً فإنه يأتي بذلك بعد الاعتدال من القعود، ولكن يسن أن يأتي الإمام والمأموم والمنفرد بقول: "ربنا لك الحمد" سراً، حتى ولو كان المأموم مبلغاً، فإذا جهر بقول: "ربنا لك الحمد" كان جاهلاً؛ ومنها أن يسبح في ركوعه، بأن يقول: سبحان ربي العظيم، وهو سنة مؤكدة عندهم، حتى قال بعضهم: إن من داوم على تركه سقطت شهادته، وأقله مرة واحدة، فتحصل أصل السنة إذا قال: سبحان ربي العظيم، ولكن أدنى كمال السنة لا يحصل الا إذا أتى به ثلاث مرات، سواء كان إماماً أو مأموماً، أو منفرداً. ويسن الزيادة على الثلاث إذا كان المصلي منفرداً، أو كان إماماً لجماعة راضين بالتطويل، وفي هذه الحالة يسن له أن يأتي بإحدى عشرة تسبيحة، ولا يزيد على ذلك، ويسن للمنفرد أن يزيد: "اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وشعري وبشري، وما استقلت به قدمي لله رب العالمين؛ وكذا يسن للإمام أن يأتي بهذا الدعاء في ركوعه إذا كان إمام قوم محصورين، راضين بالتطويل؛ ومنها أن يسبح في سجوده، بأن يقول: "سبحان ربي الأعلى"، وتحصل أصل السنة بمرة واحدة ولكن أقل الكمال يحصل بثلاث مرات، وأعلى الكمال أن يأتي بإحدى عشرة مرة، كما تقدم في تسبيح الركوع؛ وإذا كان يصلي إماماً بجماعة محصورين، فإنه يسن له أن يزيد على ذلك: "اللهم لك سجدت وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين" والدعاء في السجود بطلب الخير سنة، لحديث مسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد فأكثروا الدعاء"؛ ومنها وضع اليدين على الفخذين في الجلوس للتشهد الأول والأخير؛ ومنها أن يبسط اليد اليسرى بحيث تكون رؤوس أصابع اليد مسامته للركبة. ومنها أن يقبض أصابع اليد اليمنى. الا الإصبع التي بين الإبهام الوسطى. ويقال لها: المسبحة - بكسر الباء - لأنها يشار بها عند التسبيح، وتسمى السبابة لأنها يشار بها عند السب وإنما يسن ذلك عند قوله في التشهد:الا الله ويكره إصبعه المسبحة، فإن حركها فقد فعل مكروهاً على الأصح. وبعضهم يقول: إن صلاته تبطل. لأنه عمل خارج عن أعمال الصلاة. ولكن هذا ضعيف لأنه عمل يسير لا تبطل به الصلاة. ومنها أن يجلس الشخص في جميع جلسات الصلاة مفترشاً؛ ومعنى الافتراض أن يجلس على كعب رجله اليسرى. ويجعل ظهر رجله للأرض وينصب قدمه اليمنى، ويضع أطراف أصابعها لجهة القبلة. وسمي افتراشاً لأن المصلي يفترض قدمه، ويجلس عليها. هذا إذا لم يكن به علة تمنعه من الجلوس بهذه الكيفية. أما إذا كان عاجزاً عن ذلك. كأن كان جسمه ضخماً (سميناً) فإنه يأتي بالكيفية التي يقدر عليها ومنها التسليمة الثانية فإنها سنة عند الشافعية. الحنابلة قالوا: سنن الصلاة ثمان وستون وهي قسمان: قولية؛ وفعلين فالقولية: اثنتا عشرة. وهي: دعاء الاستفتاح؛ والعوذ قبل القراءة؛ والبسملة؛ وقول: آمين؛ وقراءة سورة بعد الفاتحة؛ كما تقدم؛ وجهر الإمام بالقراءة، كما تقدم؛ أما المأموم فيكره جهره بالقراءة؛ وقول: ملء السموات وملء الأرض. الخ. بعد التحميد كما تقدم؛ وما زاد على المرة الأولى في تسبيح الركوع والسجود؛ وما زاد على المرة في قول: "رب اغفر لي" في الجلوس بين السجدتين؛ والصلاة على آله عليه الصلاة والسلام في التشهد الأخير؛ والبركة عليه عليه السلام. وعلى الآل فيه؛ والقنوت في الوتر جميع السنة. أما الفعلية وتسمى الهيئات: فهي ست وخمسون تقريباً: رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام؛ كون اليدين مبسوطتين عند الرفع من الركوع؛ حط اليدين عقب ذلك؛ وضع اليمين على الشمال حال القيام والقراءة؛ جعل اليدين الموضوعتين على هذه الهيئة تحت سرته. نظر المصلي إلى موضع سجوده حال قيامه؛ الجهر بتكبيرة الإحرام؛ ترتيل القراءة؛ تخفيف الصلاة إذا كان إماماً، إطالة الركعة الأولى عند الثانية، تقصير الركعة الثانية، تفريج المصلي بين قدميه حال قيامه يسيراً، قبض ركبتيه بيديه حال الركوع، تفريج اصابع اليدين حال وضعهما على الركبتين في الركوع، مدّ ظهره في الركوع مع استوائه، تجعل رأسه حيال ظهره في الركوع، مجافاة عضديه عن جنبيه فيه. أن يبدأ في السجود بوضع ركبتيه قبل يديه، أن يضع يديه بعد ركبتيه، أن يضع جبهته وأنفه بعد يديه، تمكين أعضاء السجود من الأرض، مباشرتها لمجل السجود، كما تقدم، مجافاة عضدية عن جنبيه في السجود، مجافاة بطنه عن فخذيه فيه أيضاً، مجافاة الفخذين عن الساقين فيه، تفريج ما بين الركبتين فيه أيضاً: أن ينصب قدميه فيه أيضاً، جعل بطون أصابع القدمين على الأرض في السجود، تفريق اصابع القدمين في السجود؛ وضع اليدين حذو المنكبين فيه، بسط كل من اليدين؛ ضم الأصابع من اليدين فيه أيضاً، توجيه أصابعهما إلى القبلة فيه أيضاً؛ رفع اليدين أولاً في القيام من السجود إلى الركعة، بأن يقوم للكرعة الثانية على سدور قدميه، أن يقوم كذلك للركعة الثالثة، أن يقوم كذلك للركعة الرابعة، أن يعتمد بيديه على ركبتيه في النهوض لبقية صلاته، الافتراش في الجلوس بين السجدتين؛ الافتراش في التشهد الأول التورك في التشهد الثاني؛ وضع اليدين على الفخذين في التشهد الأول؛ بسط اليدين على الفخذين في التشهد الأول، ضم أصابع اليدين في الجلوس بين السجدتين في التشهد الأول والثاني قبض الخنصر والبنصر من يده اليمنى وتحليق إبهامه مع الوسطى في التشهد مطلقاً، أن يشير بسبابته عند ذكر لفظ الجلالة في التشهد. ضم أصابع اليسرى في التشهد، جعل أطراف أصابع اليسرى جهة القبلة، الإشارة بوجهه نحو القبلة في ابتداء السلام، الالتفاف يميناً وشمالاً في تسليمه أن ينوي بسلامه الخروج من الصلاة، زيادة اليمين على الشمال في الالتفاف الخشوع في الصلاة. والمرأة فيما تقدم كالرجل؛ الا أنها لا يسن لها المجافاة السابقة في الركوع والسجود، بل السنة لها أن تجمع نفسها وتجلس مسدلة رجليها عن يمينها وهو الأفضل، وتسر القراءة وجوباً إن كان يسمعها أجنبي، والخنثى المشلك كالأنثى) .
__________________
|
#40
|
||||
|
||||
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الاول [كتاب الصلاة] صـــــ 227 الى صــــــــ234 الحلقة (40) مبحث شرح بعض سنن الصلاة وبيان المتفق عليه؛ والمتختلف فيه رفع اليدين رفع اليدين عند الشروع في الصلاة سنة، فيسن للمصلي أن يرفع يديه عند شروعه في الصلاة باتفاق، ولكنهم اختلفوا في كيفية هذا الرفع، فانظره مفصلاً تحت الخط (1) . حكم الإتيان بقول: آمين من سنن الصلاة أن يقول المصلي عقب الفراغ من قراءة الفاتحة: آمين، وإنما يسن بشرط أن لا يسكت طويلاً بعد الفراغ من قراءة الفاتحة، أو يتكلم بغير دعاء، وهو سنة للإمام والمأموم والمنفرد، وهذا القدر متفق عليه بين ثلاثة من الأئمة، وقال المالكية: إنه مندوب لا سنة، فاتفق الشافعية والحنابلة على أنه يؤتى به سراً في الصلاة السرية، وجهراً في الصلاة الجهرية، فإذا فرغ من قراءة الفاتحة جهراً في الركعة الأولى، والثانية من صلاة الصبح والمغرب والعشاء، قال: آمين جهراً، أما في باقي الركعات التي يقرأ فيها سراً فإنه يقول: آمين في سره أيضاً، ومثل ذلك باقي الصلوات التي يقرأ فيها سراً، وهي الظهر، والعصر، ونحوهما، مما يأتي بيانه، أما المالكية والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (2) . __________ (1) الحنفية قالوا: يسن للرجل أن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام إلى حذاء أذنيه، مع نشر أصابعه - فتحها. ومثله الأمة، وأما المرأة الحرة فالسنة في حقها أن ترفع يديها إلى الكتفين - المنكبين - ومثل تكبيرة الإحرام تكبيرات العيدين والقنوت، فيسن له أن يرفع يديه فيها، كما سيأتي مفصلاً في مباحثه. الشافعية قالوا: الأكمل في السنة هو رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، والركوع والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول حتى تحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه، وتحاذي إبهاماه شحمتي أذنيه؛ وتحاذي راحتاه منكبيه؛ للرجل والمرأة، أما أصل السنة فتحصل ببعض ذلك. المالكية قالوا: رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام مندوب، وفيما عدا ذلك مكروه، وكيفية الرفع أن تكون يداه مبسوطتين. وظهورهما للسماء وبطونهما للأرض، على القول الأشهر عندهم (2) الحنفية قالوا: التأمين يكون سراً في الجهرية والسرية، سواء كان ذلك عقب فراغه من قراءة الفاتحة، أو بسبب سماعه ختام الفاتحة من الإمام أو من جاره ولو كانت قراءتهما سرية. المالكية قالوا: التأمين يندب للمنفرد والماموم مطلقاً، أي فيما يسر فيه، وفيما يجهر فيه، وللإمام فيما يسر فيه فقط، وإنما يؤمِّن المأموم في الجهرية إذا سمع قول إمامه: "ولا الضالين": وفي السرية بعد قوله هو: "ولا الضالين" **************************** وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت السرة أو فوقها يُسن وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت سرته أو فوقها، وهو سنة باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال المالكية: إنه مندوب، أما كيفيته فانظرها تحت الخط (1) . التحميد والتسميع يُسن التحميد، وهو أن يقول: اللهم ربنا ولك الحمد عند الرفع من الركوع، أما التسميع فهو أن يقول المصلي: سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع أيضاً، وهذا القدر متفق عليه في التسميع والتحميد، وإنما الخلاف في الصيغة التي ذكرنا. فانظره تحت الخط (2) . __________ (1) المالكية قالوا: وضع اليد اليمنى على اليسرى فوق السرة، وتحت الصدر مندوب لا سنة، بشرط أن يقصد المصلي به التسنن - يعني اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله - فإن قصد ذلك كان مندوباً. أما إن قصد الاعتماد والاتكاء، فإنه يكره بأي كيفية. وإذا لم يقصد شيئاً. بل وضع يديه هكذا بدون أن ينوي التسنن فإنه لا يكره على الظاهر بل يكون مندوباً أيضاً. هذا في الفرض أما في صلاة النفل فإنه يندب هذ الوضع بدون تفصيل. الحنفية قالوا: كيفيته تختلف باختلاف المصلي. فإن كان رجلاً فيسن في حقه أن يضع باطن كفه اليمنى على ظاهر كف اليسرى محلقاً بالخنصر والإبهام على الرسغ تحت سرته. وإن كانت امرأة فيسن لها أن تضع يديها على صدرها من غير تحليق. الحنابلة قالوا: السنة للرجل والمرأة أن يضع باطن يده اليمنى على ظهر يده اليسرى ويجعلها تحت سرته. الشافعية قالوا: السنة للرجل والمرأة وضع بطن كف اليد اليمنى على ظهر كف اليسرى تحت صدره وفوق سرته مما يلي جانبه الأيسر. وأما أصابع يده اليمنى بهو مخير بين أن يبسطها في عرض مفصل اليسرى وبين أن ينشرها في جهة ساعدها. كما تقدم إيضاحه في مذهبهم قريباً (2) الحنفية قالوا: الإمام يقول عند رفعه من الركوع "سمع الله لمن حمده". ولا يزيد على ذلك على المعتمد. والمأموم يقول: اللهم ربنا ولك الحمد. وهذه أفضل الصيغ، فلو قال: ربنا ولك الحمد. فقد أتى بالسنة، وكذا لو قال: ربنا لك الحمد، ولكن الأفضل هي الصيغة الأولى ويليها ربنا ولك الحمد، ويليهما ربنا لك الحمد. أما المنفرد فإنه يجمع بين الصيغتين فيقول: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا ولك الحمد. أو ربنا لك الحمد. إلى آخر ما ذكر. وهذا سنة عند الحنفية، كما ذكرنا. المالكية قالوا: التسميع. وهو قول: سمع الله لمن حمده سنة للإمام والمنفرد والمأموم. أما التحميد وهو قول: اللهم ربنا ولك الحمد، فهو مندوب لا سنة في الحنفية قالوا: المنفرد والمأمةم. أما الإمام فإن السنة في حقه أن يقول: سمع الله لمن حمده كما ذكرنا، ولا يزيد على ذلك. كما لا يزيد المأموم على قول: اللهم ربنا ولك الحمد، أو ربنا ولك الحمد ولكن الصيغة الأولى أولى. الشافعية قالوا: السنة أن يجمع كل من الإمام والمنفرد بين التسميع والتحميد، فيقول كل واحد منهم: سمع الله لمن حمده. ربنا لك الحمد، ولكن على الإمام أن يجهر بقوله: سمع الله لمن حمده. أما المأموم فلا يسن له أن يجهر بها. الا إذا كان مبلغاً. أما قول ربنا لك الحمد فيسن لكن منهم أن يأتي بها سراً، حتى ولو كان المأموم مبلغاً، كما تقدم بيانه في مذهبهم. الحنابلة قالوا: يجمع الإمام والمنفرد بين التسميع والتحميد. فيقول: سمع الله لمن حمده. ربنا ولك الحمد، وهذا الترتيب في الصيغة واجب عند الحنابلة، فلو قال: من حمد الله سمع له. لم يجزئه. ويقول: ربنا ولك الحمد عند تمام قيامه. أما المأموم، فإنه يقول: ربنا ولك الحمد بدون زيادة في حال رفعه من الركوع ولو قال ربنا لك الحمد، فإنه يكفي، ولكن الصيغة الأولى أفضل: وأفضل من ذلك أن يقول: اللهم ربنا لك الحمد بدون واو. ويسن أن يقول بعد الفراغ من قول: ربنا ولك الحمد: ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد **************************** جهر الإمام بالتكبير والتسميع ويسن: جهر الإمام بالتكبير، والتسميع، والسلام كي يسمعه المأمومون الذين يصلون خلفه، وهذا الجهر سنة باتفاق ثلاثة. وقال المالكية: إنه مندوب لا سنة. التبليغ خلف الإمام ويتعلق بذلك بيان حكم التبليغ، وهو أن يرفع أحد المأمومين أو الإمام صوته ليسمع الباقين صوت الإمام وهو جائز بشرط أن يقصد المبلغ برفع صوته الإحرام للصلاة بتكبيرة الإحرام. أما لو قصد التبليغ فقط، فإن صلاته لم تنعقد، وهذا القدر متفق عليه في المذهب أما إذا قصد التبليغ مع الإحرام، أي نوى الدخول في الصلاة. ونوى التبليغ. فإنه لا يضر. أما غير تكبيرة الإحرام من باقي التكبيرات، فإنه إذا نوى بها التبليغ فقد فإن صلاته لا تبطل، ولكن يفوته الثواب (1) . __________ (1) الشافعية قالوا: تبطل صلاة المبلغ إذا قصد التبليغ فقط بتكبيرة الإحرام، وكذا إذا لم يقصد شيئاً، أما إذا قصد بتكبيرة الإحرام التبليغ والإحرام للصلاة، أو قصد الإحرام فقط، فإن صلاته تنعقد، وكذلك الحال في غير تكبيرة الإحرام، فإنه إذا قصد بها مجرد التبليغ، أو لم يقصد شيئاً بطلت صلاته، أما إذا قصدر التبليغ مع الذكر، فإن صلاته تصح، الا إذا كان عامياً، فإن صلاته لا تبطلن ولو قصد الإعلام فقط. الحنفية قالوا: يسن جهر الإمام بالتكبير بقدر الحاجة لتبليغ من خلفه، فلو زاد على ذلك زيادة فاحشة، فإنه يكره، لا فرق في ذلك بين تكبيرة الإحرام وغيرها، ثم إذا قصد الإمام أو المبلغ الذي يصلي خلفه بتكبيرة الإحرام مجرد التبليغ خالياً عن قصد الإحرام فإن صلاته تبطل، وكذا صلاة من يصلي بتبليغه إذا علم منه ذلك، وإذا قصد التبليغ مع الإحرام فإنه لا يضر، بل هو المطلوب. هذا في تكبيرة الإحرام، أما باقي التكبيرات، فإنه إذا قصد بها مجرد الإعلام فإن صلاته لا تبطل، ومثلها التسميع والتحميد، ما لم يقصد برفع صوته بالتبليغ التغني ليعجب الناس بنغم صوته فإن صلاته تفسد على الراجح ***************************** تكبيرات الصلاة المسنونة ومن سنن الصلاة التكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، وهي تكبيرة الركوع، وتكبيرة السجود، وتكبيرة الرفع من السجود، وتكبيرة القيام، فإنها كلها سنة، وهذا الحكم متفق عليه بين المالكية، والشافعية؛ أما الحنفية والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) . قراءة السورة أو ما يقوم مقامها بعد الفاتحة قراءة شيء من القرآن بعد قراءة الفاتحة في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر والمغرب والعشاء، وفي ركعتي فر الصبح، مطلوب باتفاق، ولكنهم اختلفوا في حكمه، فقال ثلاثة من الأئمة: إنه سنة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) ، وكذا مقدار المطلوب __________ (1) الحنابلة قالوا: إن كل هذه التكبيرات واجبة لا بد منها، ما عدا تكبيرة المسبوق الذي أدرك إمامه راكعاً، فإن تكبيرة ركوعه سنة، بحيث لو كبر للإحرام، وركع، ولم يكبر صحت صلاته. الحنفية قالوا: إن جميع هذه التكبيرات سنة، كما يقل الشافعية والمالكية، الا في صورة واحدة، وهي تكبيرة الركوع في الركعة الثانية من صلاة العيدين، فإنها واجبة، وقد عرفت أن الواجب عندهم أقل من الفرض، وقد عبر عنه بعضهم بأنه سنة مؤكدة (2) الحنفية قالوا: حكم قراءة السورة أو ثلاث آيات قصار، أو آية طويلة هو الوجوب. فتجب قراءة ذلك في الركعتين الأوليين من صلاة الفرض، وقد ذكرنا معنى الواجب عندهم ************************ قراءته، فقد اتفق الشافعية والمالكية على أنه يكتفي بقراءة سورة صغيرة، أو آية، أو بعض آية، فمتى أتى بهذا بعد الفاتحة فقد حصل أصل السنة؛ أما الحنفية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) وقراءة السورة بعد الفاتحة في الفرض سنة للإمام والمنفرد والمأموم إذا لم يسمع قراءة الإمام، وهذا الحكم متفق عليه بين الشافعية، والحنابلة؛ أما الحنفية، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (2) . هذا في صلاة الفرض، أما صلاة النفل، فإن قراءة السورة ونحوها مطلوبة في جميع ركعاته، سواء صلاها ركعتين أو أربعاً، بتسليمة واحدة، أو أكثر من ذلك، وهذا الحكم فيه تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (3) . __________ (1) الحنفية قالوا: لا يحصل الواجب الا بما ذكر من قراءة سورة صغيرة، أو آية طويلة، أو ثلاث آيات قصار. الحنابلة قالوا: لا بد من قراءة آية لها معنى مستقل غير مرتبط بما قبله ولا بعده، فلا يكفي أن يقول: "مدهامتان" أو "ثم نظر" أو نحو ذلك (2) الحنفية قالوا: لا يجوز للمأموم أن يقرأ خلف الإمام مطلقاً، كما تقدم، وقد عرفت حكم الإمام، والمنفرد في ذلك في الصحيفة التي قبل هذه. المالكية قالوا: تكره القراءة للمأموم في الصلاة الجهرية، وإن لم يسمع أو سكت الإمام (3) المالكية قالوا: إن قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة مندوب في النفل لا سنة. سواء صلى ركعتين أو أكثر. الحنفية قالوا: قراءة السورة أو ما يقوم مقامها من الآيات التي ذكرنا واجب في جميع ركعات النفل لا سنة ولا مندوب، كما يقول غيرهم. الشافعية قالوا: إذا صلى النفل أكثر من ركعتين. فإنه يكون كصلاة الفرض الرباعي. فلا يسن أن يأتي بالسورة الا في الركعتين الأوليين. أما ما زاد على ذلك فإنه يكتفي فيه بقراءة الفاتحة. الحنابلة قالوا: قراءة سورة صغيرة أو آية مستقلة لها معنى مستقل بعد الفاتحة في صلاة النفل سنة في كل ركعة من ركعاته، سواء صلاها ركعتين أو أربعاً ************************* دعاء الافتتاح ويقال له: الثناء دعاء الافتتاح سنة عند ثلاثة من الأئمة، وخالف المالكية. فقالوا: المشهور أنه مكروه. وبعضهم يقول: بل هو مندوب. أما صيغة هذا الدعاء وما قيل فيه، فانظره تحت الخط (1) . __________ (1) الحنفية قالوا: نص دعاء الافتتاح هو أن يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك" ومعنى: سبحانك اللهم وبحمدك، أنزهك تنزيهك اللائق بجلالك يا الله، ومعنى وبحمدك، سبحتك بكل ما يليق بك، وسبحتك بحمدك، ومعنى: وتبارك اسمك، دامت بركته، ودام خيره، ومعنى تعالى جدّك، علا جلالك؟ واترفعت عظمتك، وهو سنة عندهم للإمام والمأموم والمنفرد في صلاة الفرض والنفل، الا إذا كان المصلي مأموماً وشرع الإمام في القراءة؛ فإنه في هذه الحالة لا يأتي المأموم بالثناء، وإذا فاتته ركعة وأدرك الإمام في الركعة الثانية، فإنه يأتي به قبل أن يشرع الإمام في القراءة؟ وهكذا، فلا يسن في الحنفية قالوا: المأموم بعد شروع إمامه في القراءة في كل ركعة سواء كان يقرأ جهراً أو سراً وإذا أدرك الإمام وهو راكع أو ساجد؟ فإن كان يظن أنه يدركه قبل الرفع من ركوعه، أو سجوده؛ فإنه يأتي بالثناء؟ وإلا فلا. الشافعية قالوا: دعاء الافتتاح هو أن يقول المصلي بعد تكبيرة الإحرام: {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين؛ لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين} والحنفية يقولون إن هذه الصيغة تقال قبل نية صلاة الفرض، كما تقال بعد النية، والتكبيرة في صلاة النافلة، وقد اشترط الشافعية للإتيان بهذا الدعاء شروطاً خمسة، ذكرناها مع بيان كل ما يتعلق به في "سنن الصلاة" في مذهبهم؛ فارجع إليه. الحنابلة قالوا: نص دعاء الافتتاح هو النص الذي ذكر في مذهب الحنفية، ويجوز أن يأتي بالنص الذي ذكره الشافعية بدون كراهة، بل الأفضل أن يأتي بكل من النوعين أحياناً، وأحياناً. المالكية قالوا: يكره الإتيان بدعاء الافتتاح على المشهور، لعمل الصحابة على تركه، وإن كان الحديث الوارد به صحيحاً على أنهم نقلوا عن مالك رضي الله عنه أنه قال بندبه، ونصه: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً"، إلى آخر الآية؛ وقد عرفت أن الإتيان به مكروه على المشهور **************************** التعوذ التعوّذ سنة عن ثلاثة من الأئمة، خلافاً للمالكية؛ فانظر ما قيل في التعوذ عند كل مذهب تحت الخط (1) . التسمية في الصلاة ومنها التسمية في كل ركعة قبل الفاتحة، بأن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وهي سنة عند الحنفية، والحنابلة، أما الشافعية فيقولون: إنها فرض، والمالكية يقولون: إنها مكروهة وفي كل ذلك تفصيل ذكرناه تحت الخط (2) . __________ (1) الحنفية قالوا: التعوذ سنة، وهو أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام والثناء المتقدم، ولا يأتي بالتعوذ الا في الركعة الأولى، سواء كان إماماً، أو منفرداً، أو مأموماً، الا إذا كان المأموم مسبوقاً، كأن أدرك الإمام بعد شروعه في القراءة، فإنه في هذه الحالة لا يأتي بالتعوذ، لأن التعوذ تابع للقراءة على الراجح عندهم، وهي منهي عنها في هذه الحالة. الشافعية قالوا: التعوذ سنة في كل ركعة من الركعات، وأفضل صيغة أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد تقدم تفصيل ذلك في بيان مذهبهم قريباً. المالكية قالوا: التعوذ مكروه في صلاة الفريضة، سراً كان، أو جهراً، أما في صلاة النافلة فإنه يجوز سراً، ويكره جهراً على القول المرجح. الحنابلة قالوا: التعوذ سنة، وهو أن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وهو سنة في الركعة الأولى (2) الحنفية قالوا: يسمي الإمام والمنفرد سراً في أول كل ركعة، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية. أما المأموم فإنه لا يسمي طبعاً، لأنه لا تجوز له القراءة ما دام مأموماً، ويأتي بالتسمية بعد دعاء الافتتاح، وبعد التعوذ، فإذا نسي التعوذ، وسمي قبله، فإنه يعيده ثانياً، ثم يسمي، أما إذا نسي التسمية، وشرع في قراءة الفاتحة، فإنه يستمر، ولا يعيد التسمية على الصحيح أما التسمية بين الفاتحة والسورة، فإن الإتيان بها غير مكروه، ولكن الأولى أن لا يسمي، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، وليست التسمية من الفاتحة، ولا من كل سورة في الأصح، وإن كانت من القرآن. المالكية قالوا: يكره الإتيان بالتسمية في الصلاة المفروضة، سواء كانت سرية أو جهرية، الا إذا نوى المصلي الخروج من الخلاف، فيكون الإتيان بها أول الفاتحة سراً مندوباً؛ والجهر بها مكروه في هذه الحالة أما في صلاة النافلة، فإنه يجوز للمصلي أن يأتي بالتسمية عند قراءة الفاتحة. الشافعية قالوا: البسملة آية من الفاتحة، فالإتيان بها فرض لا سنة، فحكمها حكم الفاتحة في الصلاة السرية أو الجهرية، فعلى المصلي أن يأتي بالتسمية جهراً في الصلاة الجهرية، كما يأتي بالفاتحة جهراً، وإن لم يأت بها بطلت صلاته. الحنابلة قالوا: التسمية سنة، والمصلي يأتي بها في كل ركعة سراً، وليست آية من الفاتحة، وإذا سمى قبل التعوذ سقط التعوذ، فلا يعود إليه، وكذلك إذا ترك التسمية، وشرع في قراءة الفاتحة، فإنها تسقط، ولا يعود إليها، كما يقول الحنفية ***************************** تطويل القراءة وعدمه ومنها أن تكون القراءة من طوال المفصل، أو أوساطه في أوقات مختلفة مبينه. وحد المفصل في المذاهب، تحت الخط (1) . وإنما تسن الإطالة إذا كان المصلي مقيماً منفرداً، فإن كان مسافراً، فلا تسن عند ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) ، وإن كان المصلي إماماً، فيسن له التطويل بشروط مفصلة في المذاهب (3) . __________ الحنابلة قالوا: التسمية سنة، والمصلي يأتي بها في كل ركعة سراً، وليست آية من الفاتحة، وإذا سمى قبل التعوذ سقط التعوذ، فلا يعود إليه، وكذلك إذا ترك التسمية، وشرع في قراءة الفاتحة، فإنها تسقط، ولا يعود إليها، كما يقول الحنفية (1) الحنفية قالوا: إن طوال المفصل من "الحجرات" إلى سورة "البروج" وأوساطه من سورة "البروج" إلى سورة "لم يكن"، وقصاره من سورة "لم يكن" إلى سورة "الناس"، فيقرأ من طوال المفصل في الصبح والظهر، الا أنه يسن أن تكون في الظهر أقل منها في الصبح؛ ويقرأ من أوساطه في العصر والعشاء، ويقرأ من قصاره في المغرب. الشافعية قالوا: إن طوال المفصل من "الحجرات" إلى سورة "عم يتساءلون" وأوساطه من سورة "عم" إلى سورة "والضحى" وقصاره منها إلى آخر القرآن، فيقرأ من طوال المفصل في صلاة الصبح وصلاة الظهر؛ ويسن أن تكون في الظهر أقل منها في الصبح، الا أنه يستثنى من ذلك صبح يوم الجمعة، فإنه يسن فيه أن يقرأ في ركعته الأولى بسورة "ألم - السجدة" وإن لم تكن من المفصل، وفي ركعته الثانية بسورة "هل أتى" بخصوصها، ويقرأ من أوساطه في العصر والعشاء، ومن قصار في المغرب. المالكية قالوا: إن طوال المفصل من سورة "الحجرات" إلى آخر "والنازعات" وأوساطه من بعد ذلك إلى "والضحى" وقصاره منها إلى آخر القرآن، فيقرأ من طول المفصل في الصبح والظهر، ومن قصاره في العصر والمغرب، ومن أوساطه في العشاء، وهذا كله مندوب عندهم لا سنة. الحنابلة قالوا: إن طوال المفصل من سورة "ق" إلى سورة "عم" وأوساطه إلى سورة "والضحى" وقصاره إلى آخر القرآن، فيقرأ من طوال المفصل في الصبح فقط، ومن قصاره في المغرب فقط، ومن أوساطه في الظهر والعصر والعشاء، ويكره أن يقرأ في الفجر وغيره بأكثر من ذلك لعذر، كسفر، ومرض، وإن لم يوجد عذر كره في الفجر فقط (2) المالكية قالوا: يندب التطويل للمنفرد، سواء كان مسافراً أو مقيماً (3) الشافعية قالوا: يسن التطويل للإمام بشرط أن يكون إمام محصورين راضين بالتطويل بأن يصرحوا بذلك، الا في صبح يوم الجمعة، فإنه يسن للإمام فيه الإطالة بقراءة سورة "السجدة" كلها، وسورة، هل أتى، وإن لم يرضوا. المالكية قالوا: يندب التطويل للإمام بشروط أربعة: الأول: أن يكون إماماً لجماعة محصورين، الثاني: أن يطلبوا منه التطويل بلسان الحال أو المقال، الثالث: أن يعلم أو يظن أنهم يطيقون ذلك، الرابع: أن يعلم، أو يظن أن لا عذر لواحد منهم، فإن تخلف شرط من ذلك، فتقصير القراءة أفضل. الحنفية قالوا: تسن الإطالة للإمام إذا علم أنه لم يثقل بها على المقتدين، أما إذا علم أنه يثقل فتكره الإطالة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بالمعوذتين، فلما فرغ قيل: أوجزت؟ قال: "سمعت بكاء صبي؛ فخشيت أن تفتتن أمه، ويلحق بذلك الضعيف والمريض وذو الحاجة". الحنابلة قالوا: يسن للإمام التخفيف بحسب حال المأمومين **************************** إطالة القراءة في الركعة الأولى عن القراءة في الثانية، وتقريج القدمين حال القيام ومنها إطالة القراءة في الركعة الأولى من كل صلاة على الثانية فإن سوّى بينهما في القراءة فقد فاتته السنة، وإن أطال الثانية على الأولى كره له ذلك، الا في صلاة الجمعة، فيسن له أن يطيل الثانية فيها على الأولى، ومعنى الإطالة في الركعة الأولى أن يأتي بآيات أكثر منها في الركعة الثانية إلا في صلاة الجمعة والعيدين، وفي حال الزحام، فإنه يسن تطويل القراءة في الثانية عن الأولى، وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية، والشافعية، أما المالكية، والحنابلة "فانظر مذهبيهما تحت الخط" (1) . ومنها تفريج القدمين حال القيام، بحيث لا يقرن بينهما، ولا يوسع إلا بعذر، كسمن ونحوه وقد اختلف في تقديره في المذاهب (2) . __________ (1) المالكية، والحنابلة قالوا: يندب تقصير الركعة الثانية عن الركعة الأولى في الزمن، ولو قرأ بها أكثر من الأولى بدون فرق بين الجمعة وغيرها، فإن سوّى بينهما أو أطال الثانية على الأولى، فقد خالف الأولى، على أن المالكية يفرقون بين المدوب والسنة، كما تقدم، بخلاف الحنابلة، وكذلك الشافعية لا يفرقون بين المندوب والسنة ومن هذا يتضح لك معنى الرفاق والخلاف (2) الحنفية: قدروا التفريج بينهما بقدر أربع أصابع، فإن زاد أو نقص كره. الشافعية: قدروا التفريج بينهما بقدر شبر. فيكره أن يقرن بينهما أو يوسع أكثر من ذلك كما يكره تقديم إحداهما على الأخرى. المالكية قالوا: تفريج القدمين مندوب لا سنة، وقالوا: المندوب هو أن يكون بحالة متوسطة،بحيث لا يضمهما ولا يوسعهما كثيراً، حتى يتفاحش عرفاً ووافقهم الحنابلة على هذا التقدير إلا أنه لا فرق عند الحنابلة بين تسميته مندوباً أو سنة
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |