![]() |
|
|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
![]() سبب نزول الآية الكريمة السؤال الثالث في هاتين الآيتين: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى [البقرة:220]، هذا السؤال سببه قوله تعالى من سورة النساء: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10]، هذه دوختهم، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ [النساء:10] يوم القيامة أو بعد الموت سَعِيرًا [النساء:10] ملتهباً؛ من أجل أكلهم أموال اليتامى. لما نزلت هذه الآية ارتبك المؤمنون، واضطرب الصالحون، وبعضهم على الفور فصل يتيمه عنه، صارت المرأة تطبخ غداء ليتيمها وغداء لزوجها وأولادها، ولا تخلط طعام يتاماها مع طعام أولادها وزوجها، وفيه مشقة، حتى الماء، هذه القربة فيها ماء اليتامى؛ لأن الماء كان يشترى، ويأتي الخادم به من مكان بعيد، والطعام كالشراب، كاللباس، كالنوم، فوقعوا في ورطة عظيمة أتعبتهم، فالمرأة تطبخ مرتين، ومن أين يوجد القدران والثلاثة؟ كيف نفصل هذا؟ فبكوا لقوة إيمانهم وبصيرتهم، ومن هنا بدأت التساؤلات: كيف نفعل يا رسول الله؟ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى [البقرة:220]، أجبهم يا رسولنا، قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [البقرة:220]، بدلاً من أن تفصلوا طعامهم وشرابهم وكل أمورهم عنكم، وفيه مشقة عظيمة، فالعبرة ما هي بالفصل، العبرة بالمنفعة، فخلطهم أنفع لهم من فصلهم، لم؟ إذا كان طعام الأسرة بسبعة ريالات، واليتيم بريال، فإذا طبخنا له وحده ما ينفع الريال، يحتاج إلى أكثر، فالفلفل والملح والخبز على حسابه، لكن إذا كان مع مجموعتنا، معنا يتيمان وأهل البيت عشرة أنفار، فلأن يكون معنا في القدر أخف عليه. معنى قوله تعالى: (وإن تخالطوهم فإخوانكم) ![]() قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ [البقرة:220]، فهم إخوانكم، والأخ لا يفصل عن أخيه ولا يبتعد عنه، ما فيه غرابة ولا عجب.إذاً: المهم أن تحافظوا على أموالهم، فلا تأكلوها بالباطل، وهنا لطف الله بهم ورحمهم بهذه الكلمة، وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ [البقرة:220] يا رسولنا: إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ [البقرة:220] في الطعام والشراب، والكساء والمنزل؛ فهم إخوانكم، والأخ لا يطلب لأخيه إلا ما ينفعه، ويبعده عما يضره، فلا حرج، إذاً: فاخلطوا طعامكم مع طعامهم؛ لأن ذلك أرفق بكم من حيث التعب والمشقة، وأرفق بالمال لليتامى، فإذا كانت تطبخ طعامين: طعاماً لليتامى وآخر لأولادها وزوجها فهذا العمل شاق أو لا؟ ثم لو بقي اليتيم معهم فسيأكل كفايته بالريال إذا كان الثمن سبعة أو ثمانية، لكن إذا طبخ له طعام خاص فسيكلف طعام الأسرة كاملة، أو يقاربه أو يكاد. معنى قوله تعالى: (والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم) قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ [البقرة:220]، أي: يا أولياء اليتامى! خالطوا يتامكم، والله عز وجل يعلم المصلح منكم لأموال اليتامى والمفسد لها، فاتقوا الله وخافوه واخشوه، فإياكم والإضرار بيتاماكم. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ [البقرة:220] إعناتكم لَأَعْنَتَكُمْ [البقرة:220]، لو شاء الله مشقتكم وإتعابكم لفعل، ولكن خفف عنكم ذلك، إذ لو فرض فصل أموال اليتامى عن أموال الأوصياء لكانت مشقة لا شك فيها، بدل أن نحرث قطعة أرض وهو معنا وله فيها على قدر نحرث له أرضاً خاصة به، فكيف نستطيع؟ نشتري شاة نحلبها لأهل البيت يشربون، إذاً: هو يحتاج إلى شاة أخرى، فدعه يشرب معنا كأسه، والنفقة جزء من سبعة مثلاً. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ [البقرة:220] قوي قادر لا يمانع فيما يريد، حَكِيمٌ [البقرة:220] في شرعه وتدبيره لعباده، فليتق الله وليحذر. ملخص لما جاء في تفسير الآيات هذه ثلاثة أسئلة في آيتين، هكذا يعلمهم يوماً بعد يوم، ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا والإسلام وقد اكتمل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3]، ما ترك شيئاً يحتاج إليه المسلمون إلا بينه، في الأموال في الأعراض، في العقيدة في السلوك في التجارة وفي السياسية، في كل شئون الحياة، فإذا أقبل المؤمنون على كتاب الله وهدي رسوله فلن يضلوا أبداً، ومتى أدبروا وأعرضوا والتفتوا إلى غير الكتاب والسنة أكلتهم الطوام كما هو الواقع.اسمعوا الآية الأولى وتأملوا: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219]، هذا الجواب، فمتى حرمت الخمر؟ بعد هذا التساؤل، وفيه إشارة إلى تركهما، لم؟ لأن الضر أكبر من النفع، إذاً: فاتركوهما، فتساءلوا فنزلت آية المائدة: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91].ثم يقول تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ [البقرة:219]، لما أمرهم الله بالإنفاق فقال: وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [البقرة:195]، فقالوا: ماذا ننفق؟ وكم ننفق؟ ففسر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بقول الله تعالى له: قُلِ الْعَفْوَ [البقرة:219]، أنفقوا العفو أي: الزائد عن حاجتكم، فقال صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى )، والغنى ليس معناه: أن تملك الملايين، الغنى: ما أغناك عن سؤال الناس، ما سد حاجتك وحاجة أهل بيتك.وقوله تعالى في الآية الثانية: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى [البقرة:220]، كيف نتعامل معهم؟ ماذا نصنع؟ وقد هددهم الرحمن بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا [النساء:10]، أي: بغير حق، فما المصير؟ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10]، اضطربت المدينة وأهلها: ماذا نصنع؟ فنزل قوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [البقرة:220]، أما فصل طعامهم وشرابهم ومنامهم، فكل هذا فيه ضرر من جهتين: من جهة: أنه مشقة كبيرة على المرأة التي تقوم بهذا، ومن جهة أخرى: أننا إذا طبخنا لهم طعاماً خاصاً فإنه يكلفهم أكثر من أن يكونوا مختلطين مع الأسرة بما فيها، لكن راعوا دائماً الصالح لليتامى. وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ [البقرة:220]، أي: ولو شاء الله إعناتكم لأعنتكم، أي: أوقعكم في العنت، والعنت: المشقة الضارة القوية.إذاً: فسلموا لله قضاءه وحكمه وتدبيره فإنه (عَزِيزٌ) لا يمانع، إذا أراد الشيء كان، فلا تخرجوا عن طاعته، (حَكِيمٌ) يضع كل شيء في موضعه، الذي يتهيأ للصلاح ويطلبه يصلح، والذي يتهيأ للفساد ويريده يتركه وفساده حتى يهلك.أعيد تلاوة الآية مرة أخيرة، وسنقرأ شرحها إن شاء الله زيادة في الفهم.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [البقرة:219]، وهو ما زاد عن الحاجة، كَذَلِكَ [البقرة:219]، أي: كهذا التبيين يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [البقرة:219] في أمور دينكم ودنياكم، فتعملوا لدنياكم ولآخرتكم بحسب حالهما، الدنيا فانية والآخرة باقية، فلو أنفقنا نصف ما نملك على الآخرة أفضل من أن ننفق نصفه على الدنيا الفانية.وقوله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [البقرة:220]، لا فصلهم، القضية قضية الحفاظ على أموالهم وتنميتها لهم، حتى إذا بلغوا رشدهم وامتحنوا ونجحوا يجدون أموالهم وافية محفوظة لهم، وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ [البقرة:220]، لا حرج، وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ [البقرة:220]. ما يصنعه الوصي العاجز لتنمية مال اليتيم ![]() وقد يقول قائل: إذا كنت عاجزاً ولا أستطيع أن أنمي مال اليتيم وهو خمسة آلاف ريال، فماذا نصنع؟ الجواب: تأخذ من تلك الخمسة آلاف على قدر حاجة اليتيم، وإنما إذا كان المال أكثر من خمسة آلاف فهو صالح للعمل، فعمر كان يقول: اتجروا في أموال يتاماكم حتى لا تأكلها الزكاة، فهذه الخمسة الآلاف لا تضعها في بنك ربا تنميها لليتامى فتحرقهم وتحرق نفسك، انظر إلى تاجر صادق أمين كما كنا قبل، وقل: هذه خمسة آلاف اتجر بها وأعطنا ربحها ليتيمنا، وفي كل شهر توفر له شيئاً، وبعد أربع سنين بلغ هذا اليتيم فتعطيه ماله هكذا. قراءة في كتاب أيسر التفاسير معنى الآيات قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ معنى الآيتين:كان العرب في الجاهلية ]، ما معنى: في الجاهلية؟ في عهد الجاهلية، والجاهلية هي ظلمة الكفر والشرك والجهل، [ كان العرب في الجاهلية يشربون الخمور، ويقامرون ]، يلعبون القمار بأي شكل كان، [ وجاء الإسلام فبدأ دعوتهم إلى التوحيد والإيمان بالبعث الآخر، إذ هما الباعث القوي على الاستقامة في الحياة ]، بم بدأ الإسلام؟ بالإيمان بالله واليوم الآخر، عشر سنين لا عبادة، وفي السنة العاشرة فرض الله الصلوات الخمس.قال: [ ولما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم والعديد من أصحابه ] من مكة إلى المدينة، [ وأصبحت المدينة تمثل مجتمعاً إسلامياً ]؛ لكثرة المسلمين فيها، [ وأخذت الأحكام تنزل شيئاً فشيئاً، فحدث يوماً أن صلى أحد الصحابة بجماعة وهو ثملان ]، سكران، عقله ملتبس عليه مغطى، [ فخلط في القراءة ] فيما يقرأه، وقدم وأخر، بل قال كلمة أخرى، [ فنزلت آية النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، فكانوا لا يشربونها إلا في أوقات معينة، وهنا كثرت التساؤلات حول شرب الخمر فنزلت هذه الآية: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [البقرة:219]، فأجابهم الله تعالى بقوله: قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219]، فترك الكثير كلاً من شرب الخمر ولعب القمار؛ لهذه الآية الكريمة، وبقي آخرون على ما كانوا عليه، فكان عمر يتطلع إلى منعهما منعاً باتاً ويقول: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ]، أي: لقلوبنا. [ فاستجاب الله تعالى له، ونزلت آية المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90] إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91] ]، هذه الآية هل فهمها الذين يلعبون الكيرم ويقضون الساعة والساعتين ويقولون: نحن ما بيننا ميسر ولا مال، وإنما للتسلية؟ نحن نقول: وإن كنتم لا تتقاضون شيئاً، بل لو كان هناك من يعطيكم المال لتلعبوا فوالله! لا يحل، لم؟ لقوله تعالى في بيان العلة: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ [المائدة:91] من لعبكم وقماركم وشربكم الخمر، يريد ماذا؟ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ [المائدة:91]، هل يصح أن يتعادى المؤمنون، أو يبغض بعضهم بعضاً؟ الشيطان هنا وجد طريقاً لإيقاعكم في العداوة والبغضاء، وبذلك يفرح، مزق شملكم واجتماعكم، وقال تعالى: وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [المائدة:91]، فأي عمل يصد المؤمن عن ذكر الله ليقضي الساعة والساعتين لا يذكر الله فهو حرام، وَيَصُدَّكُمْ عَنْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ [المائدة:91] أيضاً، وأخيراً: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]، قالوا: انتهينا ربنا.قال: [ فأجابهم الله تعالى بقوله: قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219]، فترك الكثير كلاً من شرب الخمر ولعب القمار؛ لهذه الآية الكريمة، وبقي آخرون ] أي: يشربون ويعلبون، [ فكان عمر يتطلع إلى منعهما منعاً باتاً ويقول: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فاستجاب الله تعالى له، ونزلت آية المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90] إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]، فقال عمر : انتهينا ربنا، وبذلك حرمت الخمر وحرم الميسر تحريماً قطعياً كاملاً، ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم حد الخمر وهو الجلد، وحذر من شربها وسماها أم الخبائث وقال: ( مدمن الخمر لا يكلمه الله يوم القيامة ولا يزكيه )، في ثلاثة نفر وهم: العاق لوالديه ] لا يكلمه الله يوم القيامة ولا يزكيه، [ ومسبل إزاره ] للخيلاء والفخر لا يكلمه الله ولا يزكيه، ومدمن شرب الخمر المواصل لها.[ وقوله تعالى: فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [البقرة:219]، فهو كما قال تعالى، فقد بين في سورة المائدة منشأ الإثم، وهو أنهما يسببان العداوة والبغضاء بين المسلمين ويصدان عن ذكر الله وعن الصلاة، وأي إثم أكبر في زرع العداوة والبغضاء بين أفراد المسلمين، والإعراض عن ذكر الله، وتضييع الصلاة؟ حقاً إن فيهما لإثماً كبيراً، وأما المنافع فهي إلى جانب هذا الإثم قليلة، ومنها: الربح في تجارة الخمر وصنعها، وما تكسب شاربها من النشوة والفرح والسخاء والشجاعة، وأما الميسر فمن منافعه الحصول على المال بلا كد ولا تعب، وانتفاع بعض الفقراء، إذ كانوا يقامرون على الجزور من الإبل ثم يذبح ويعطى للفقراء والمساكين.أما قوله تعالى في الآية: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ [البقرة:215]، فهو سؤال نشأ عن استجابتهم لقول الله تعالى: وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [البقرة:195]، فأرادوا أن يعرفوا الجزء الذي ينفقونه من أموالهم في سبيل الله، فأجابهم الله تبارك وتعالى بقوله: قُلِ الْعَفْوَ [البقرة:219]، أي: ما زاد على حاجتكم وفضل عن نفقتكم على أنفسكم، ومن هنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى )، رواه البخاري . وقوله: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [البقرة:219-220]، أي: مثل هذا البيان يبين الله لكم الشرائع والأحكام والحلال ليعدكم بذلك إلى التفكير الواعي البصير في أمر الدنيا والآخرة، فتعملون لدنياكم على حسب حاجتكم إليها وتعملون لآخرتكم التي مردكم إليها وبقاؤكم فيها على حسب ذلك. هذا ما تضمنته الآية الأولى.أما الآية الثانية: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى [البقرة:220]، فإنه لما نزل قوله تعالى من سورة النساء: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10] خاف المؤمنون والمؤمنات من هذا الوعيد الشديد، وفصل من كان في بيته يتيم يكفله، فصل طعامه عن طعامه، وشرابه عن شرابه، وحصل بذلك عنت ومشقة كبيرة، وتساءلوا عن المخرج، فنزلت هذه الآية، وبينت لهم أن المقصود هو إصلاح مال اليتامى وليس هو فصله أو خلطه، فقال تعالى: قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ [البقرة:220] مع الخلط خير من الفصل مع عدم الإصلاح، ودفع الحرج في الخلط فقال تعالى: وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ [البقرة:220]، والأخ يخالط أخاه في ماله، وأعلمهم أنه تعالى يعلم المفسد لمال اليتيم من المصلح له؛ ليكونوا دائماً على حذر، وكل هذا حماية لمال اليتيم الذي فقد والده، ثم زاد الله في منته عليهم برفع الحرج في المخالطة فقال تعالى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ [البقرة:220]، أي: أبقاكم في المشقة المترتبة على فصل أموالكم عن أموال يتاماكم. وقوله: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:220]، أي: غالب على ما يريده، حكيم فيما يفعله ويقضي به ].وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. ![]()
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة البقرة - (6) الحلقة (13) ![]() تفسير سورة البقرة (103) نهى الله عز وجل عباده المؤمنين عن أن يتزوجوا المشركات حتى يؤمنّ بالله ورسوله، وبين سبحانه أن الأمة المؤمنة خير من الحرة المشركة، فضلاً عن كون الحرة المؤمنة خير من المشركة، حتى لو كانت المشركة ذات حسن وجمال ومال، كما نهاهم عز وجل عن أن يزوجوا المؤمنات من مشركين، وبين أن العبد المؤمن خير من الحر المشرك، فضلاً عن كون الحر المؤمن خير من المشرك، والسبب في ذلك أن مخالطتهم مضرة ومفسدة للمؤمن وعقيدته، فما بالك إذا كانت العلاقة بهم علاقة زواج. تفسير قوله تعالى: (ولا تَنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ...) الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأحد من يوم السبت- ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).ولا ننس تلك العطية الإلهية التي بينها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال وقوله حق: ( من أتى هذا المسجد لا يأتيه إلا لخير يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله )، من أتى هذا المسجد النبوي الشريف، لا يأتيه إلا لخير يعلمه غيره أو يتعلمه من غيره، كان في الأجر كالمجاهد في سبيل الله، فالحمد لله الذي وهبناه وحرم منه غيرنا، والله ذو فضل عظيم.وها نحن مع هذه الآية الكريمة من سورة البقرة، سورة الأحكام: يقول تعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221] أي: ولا تتزوجوا أيها المؤمنون المشركات اللائي يعبدن مع الله غيره إلى غاية أن يؤمن بالله رباً لا رب غيره، وإلهاً لا إله سواه، ويعبدنه بما شرع من العبادات، هذه الغاية: حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221]. ![]() معنى قوله تعالى: (ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) ثم قال تعالى: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ [البقرة:221]، أمة غير حرة مؤمنة خير من حرة مشركة، أمة مؤمنة بالله ولقائه، مملوكة، رقيقة، خير من حرة جميلة حسناء وهي مشركة وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221]، الأمة الرمصاء.. العمشاء.. قل ما شئت، أمة خير من حرة حسناء جميلة مشركة كيف ما كانت، لم؟ أولاً: لقد أغلق الباب، لا يحل لمؤمن أن يتزوج كافرة مشركة، ومع هذا زيادة في البيان والتوضيح، يقول تعالى: وَلَأَمَةٌ [البقرة:221]، والله! لأمة مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221] لحسنها وجمالها أو ثرائها أو ما شاء الله. معنى قوله تعالى: (ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) ثم قال تعالى: وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221]، أي: لا تزوجوا بناتكم، أخواتكم المؤمنات من مشرك حتى يؤمن، فإن آمن فعلى الرحب والسعة، فإذا كان مشركاً وإن كان ابن عم أو ابن أخ أو كان من كان لا يزوج بمؤمنة، وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221].ومن باب الترغيب: وَلَعَبْدٌ [البقرة:221]، وعزة الله وجلاله! لعبد مؤمن خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [البقرة:221]، عبد رقيق مملوك أسود مؤمن خير من مشرك ولو أعجبك شرفه، ماله، جماله، قل ما شئت. معنى قوله تعالى: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ...) ثم قال تعالى: أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [البقرة:221]، أي: الكفار، المشركون، الذين حذرناكم من إنكاحهم ونكاحهم، أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [البقرة:221]، يدعون من؟ يدعونكم، الذي يتزوج مشركة سوف ينغمس في بؤرة الشرك ويدخل جهنم، أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [البقرة:221]، إلى دخولها، يدعون من أجابهم وحقق رغباتهم. وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ [البقرة:221]، شتان ما بين دعاة الشرك والكفر ودعوة الله عز وجل إلى الجنة لتدخلوها، وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ [البقرة:221]، بأن يتوب عليكم ويدخلكم الجنة. وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [البقرة:221]، فيتعظون ويفهمون ويعملون. ذكر الأحكام المضمنة في الآية الكريمة حرمة نكاح المشركة هيا الآن أسمعكم الآية: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [البقرة:221]، هذه آية احتوت على هذه الأحكام:أولاً: حرام على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات، لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتزوج مشركة، ويمتنع من التزوج بها إلى أن تسلم، فإذا أسلمت قلبها ووجها لله، وأصبحت من المؤمنات فتزوج بها إن شئت، أما وهي مشركة تؤله غير الله مع الله، وتعبد مع الله سواه؛ فلا يحل الاتصال بها بحال من الأحوال. ![]() جواز نكاح الأمة بشروطه وقوله: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ [البقرة:221]، فيه إذن بأن يتزوج المؤمن الحر الأمة للضرورة إذا كانت مؤمنة، إذ قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25]، بهذا القيد: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا [النساء:25] قدرة على المال ليتزوج حرة بتكاليف كثيرة، فلا بأس أن يتزوج أمة مؤمنة، هذه رخصة من الله عز وجل مبينة في سورة النساء، وعرفها المؤمنون؛ ولهذا قال هنا: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221]، وهذا أيضاً يدخل فيه امتلاك وشراء أمة مؤمنة، فهي خير من أمة مشركة، لا للنكاح، بل للعمل والخدمة، هذه علموها إخوانكم الذين بلغني أنهم يستقدمون العَمَلة الكافرين؛ لأنهم أرخص من العملة المؤمنين من الفلبين وغيرها، ويصرحون: المؤمن يطلب كذا والكافر كذا! والله! لو عرفوا هذا لما أقدموا على ذلك، ما دمت مضطراً إلى عامل، والمؤمنون متوافرون، فكيف ترضى بأن تأتي بكافر، ويعاشرك ويجالسك، وتظل وتمسي معه، لو كان هناك بصيرة؟! من أين تأتي البصيرة وهم لا يشهدون هذه الحلق، ولا يجلسون فيها ولا يفكرون في العلم والعمل به، هذا توجيه الله أو لا؟ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221]. حرمة تزويج المسلمة بكافر وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221]، أي: لا تزوجوا مشركاً بناتكم وأخواتكم حتى يؤمن، أما وهو مشرك فلا يمكن أن نزوجه، ولهذا إجماع الأمة المسلمة على أن المؤمنة لا يتزوجها كافر، سواء كان كتابياً أو مشركاً، ولو علم المسلمون بأن امرأة مؤمنة تزوجها كافر وجب عليهم أن يغزو تلك البلاد، ويخلصوا تلك المؤمنة من ذلك الكافر، مؤمنة تؤمن بالله ولقائه يتزوجها كافر؟! كيف تعبد الله وتطيع هذا الزوج؟ تعارضت مهمتها، هي مأمورة بعبادة الله، كيف تعبد الله وهو لا يؤمن بالله؟! لا يسمح لها حتى أن تغتسل، فيكف يسمح لها أن تصوم وتصلي؟! لا يحل للمؤمنين عامة أن يروا مؤمنة يتزوجها كافر ولو كان كتابياً من اليهود والنصارى فضلاً عن المشركين؛ لتعارض حقين: حق الله، وحق الزوج، فكيف تعبد الله؟! ويجوز للمؤمن أن يتزوج كتابية؛ لأنه سلطانها وقاهر لها، لا تستطيع أن تمنعه من شيء وهو يمعنها، أما أن المرأة المؤمنة توضع تحت كافر كتابياً كان أو مشركاً فلا يمكنها أن تعبد الله عز وجل.فلهذا كان الإجماع -ولا خلاف- أنه إذا بلغنا أن مؤمنة تزوجت كافراً يجب أن نفصلها عنه وأن نبعدها، هل يفعل المسلمون هذا؟ أيام كانوا إعزة نعم، قد يغزون ذلك البلد لتخليص هذه المؤمنة، أما الآن فالمؤمنات يتزوج بهن البريطاني والفرنسي والإيطالي والأسباني ولا يتكلم أحد. وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ [البقرة:221] بناتكم أو أخواتكم أو أمهاتكم؛ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221]، حتى يدخلوا في الإسلام بالإعلان عن الشهادتين، ثم بالصلاة والاستعداد لأداء الواجبات كالزكاة الصيام والحج. حكم نكاح الكتابية أما الكتابية فإذا كان بيننا وبين قومها معاهدة وسلم، وعدم اعتداء وحرب، أو كانت في ذمتنا؛ فلا بأس للحاجة، للضرورة أيضاً، كيف أترك مؤمنة بلا زواج وأتزوج كافرة؟ من أحق برحمتك وإحسانك: الكافرة أو المؤمنة؟ ولكن إذا وجدت ذمية أو معاهدة فليتزوجها المؤمن بإذن الله تعالى؛ إذ قال عز وجل: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [المائدة:5] الآية، أي: وأذن لكم بنكاح المحصنات من أهل الكتاب، والمحصنة ليست العاهرة الزانية المعروفة بالعهر، لا يمكن أن يتزوجها إلا أن تكون عفيفة محصنة.إذاً: لا تقل: لم أذن لنا في نكاح الكتابية ولم يأذن في نكاح المشركة؟ للفرق الموجود بين المشركة والكتابية، فالمشركة تعبد غير الله، لا تعرف الله أبداً، والكتابية تؤمن بالله ولقائه والدار الآخرة، وتؤمن بالكتب الإلهية والوحي، وإن كانت كافرة؛ لأنها ما آمنت بالرسول الخاتم، ولا بالكتاب الناسخ لغيره.أما الحربية إذا كان بيننا وبين النصارى -بريطانيا أو إيطاليا أو فرنسا- حرب، ولا معاهدة؛ فلا يحل نكاح الحربية وإن كانت كتابية؛ لأنها تخونك وتخون بلادك والدولة، وتنقل ما شاءت أن تنقل إلى دولتها، بل وتريد أن تقتلك أيضاً؛ لأنك عدو، الحرب معلنة بيننا وبينهم والنار مشتعلة، كيف ترضى وأنت تقتل آباءها وإخوانها؟!فالحربية الكتابية لا يحل نكاحها كالمشركة، فإن كانت من أهل الذمة تحت رايتنا أو بيننا وبين قومها عهود طويلة المدى لا حرب ولا قتال، في هذه الحالة يجوز نكاحها، ما هو بمستحب أو فاضل، بل للحاجة، أما أن تترك المؤمنة الربانية وتتزوج يهودية أو نصرانية فهذا لا يليق بمؤمن أبداً، إلا في حالة عدم وجود المؤمنة، أو اضطرته الظروف إلى هذه الكافرة فلا حرج. وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221]، هنا مسألة نحوية، فقد قرأ أحد الطلبة على الشيخ: (ولا تَنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)، فقال الشيخ: لا والله ولو آمنوا! لأن (نكح) بمعنى: تزوج، (ولا تَنكحوا): لا تتزوجوا، فلحن هو، ما فرق بين الفعل الثلاثي والرباعي، قرأ: (ولا تَنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)، فقال: لا والله ولو آمنوا! وهل يجوز نكاح الذكور؟ حتى في الحيوانات ما يجوز، ولا وجود له. فهناك فرق بين (نكح) بمعنى: تزوج، و(أنكح) بمعنى: زوج، لا تزوجوا المشركين من إخوانكم أو أقربائكم حتى يؤمنوا، أما وهو مشرك فلا تزوجه، ولا تحضر عقد نكاحه، ولا تسمح لمؤمنة أن يتزوجها. خلاصة أحكام الآية الكريمة إذاً: هذه الأحكام خلاصتها -معاشر المستمعين والمستمعات- أن نكاح المشركة الكافرة لا يحل أبداً بحال من الأحوال، وأن نكاح الكتابية من يهود أو نصارى يجوز عند الحاجة إليه والضرورة.ثانياً: الكتابية إذا كانت محاربة، دولتها معلنة بيننا وبينها الحرب، كاليهودية الآن في فلسطين، والله! لا يحل أبداً نكاحها؛ لأن الحرب قائمة ما هناك سلم ولا معاهدة، المحاربة لا يحل نكاحها وإن كانت كتابية، فتلحق إذاً بالمشركة في المنع.والكافر لا يحل أن نزوجه مؤمنة أبداً، الكافر كتابياً أو مشركاً لا يحل له أن يتزوج مؤمنة، وإن بلغ ذلك المسلمين وجب أن يقوموا كلهم لتخليص هذه المؤمنة، ما هي العلة في ذلك؟ ما السر؟ العلة: أنها إذا كانت تحت كافر وله السلطة عليها -سلطة الزواج- يمنعها أن تذكر الله وتعبده وتشكره، وهي ما خلقت إلا للذكر والشكر والعبادة، فلما تعارض الحقان بطل حقه وثبت حق الله، فلا يحل للمؤمن أن يزوج ابنته كافراً كتابياً كان أو مشركاً لا فرق بينهما؛ لأن للزوج سلطة على الزوجة شرعاً، فهي تحته يأمرها وينهاها، فإذا قامت تصلي قال: لا تصلي؛ فحق الزوج أولاً، فلما تعارض حق الله وحق الزوج منع الله نكاحها للكافر. حكم نكاح تارك الصلاة وتاركة الصلاة هل نزوجها بالمؤمن أو نزوج المؤمنة بتارك الصلاة؟ الجواب: ما عندنا تارك صلاة أبداً، لم؟ تارك الصلاة يعدم، يؤخر من أول النهار إلى صلاة المغرب، فإن بقي لأذان المغرب القدر الذي يمكن أن يغتسل إن كان جنباً أو يتوضأ فأبى أن يصلي فإنه يعدم، يقطع رأسه، فلا يوجد في ديار المسلمين تارك للصلاة ولا تاركة، فلهذا لم يذكر هذا في الفقه أبداً؛ لأن تارك الصلاة كافر، وما دام أنه كفر فكيف إذاً نزوجه؟ كيف نبقي على حياته؟ هو مرتد، خرج من حلقة الإسلام ودائرته، فيعدم، فمن هنا ما عندنا فتيا في هذا، تارك الصلاة لا وجود له بين المسلمين، فإن وجد فلا يزوج أبداً، ولا تبقى تحته امرأة مؤمنة ولا يحل أبداً، وتاركة الصلاة ما توجد، وإن وجدت فلا يمكن أن نزوجها على مؤمن. وإن اعترض إنسان قلنا له: ما هي التكاليف التي يعجز عنها العبد في الصلاة ويحاول أن يتخلص منها؟هل كونه يغسل أطرافه ويتنظف؟ هذا كل أطباء الدنيا يأمرون به، النظافة ضرورية لبقاء الإنسان، هل كونه يقف بين يدي ربه يتكلم معه يطلب حاجاته ويسأله؟ هل هذه حال تجعله لا يستطيع، والله! إنه حينئذ لكافر، أما يريد أن يتكلم مع الله، ولا أن يجلس بين يديه، أي إيمان أو إسلام هذا؟!وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم: ( العهد بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر )، ما هي مظاهر العبادة والصلاة؟ كيف نعرف أنك مسلم؟ من العام إلى العام نقول: صام؟ وما يدرينا أنك تفطر في بيتك وتقول: أنا صائم؟ الزكاة ما هي؟ أكثر الناس لا يملكون نصابها، فما هي مظاهر الإيمان والإسلام سوى الصلاة؟ كل يوم وكل ليلة تدخل بيت الرب مع أوليائه وتناجيه وتركع وتسجد بين يديه طالباً عفوه ومغفرته، فإن رفضت هذا رفضت الإيمان بالله، ولكن لما عم الجهل، وغطى أمة الإسلام فأشركت بربها وخرجت من دينها وقع هذا، يوجد تارك صلاة، فالجيوش الإسلامية لا يكاد ربعها يصلي، باستثناء هذا الجيش السعودي، وسائر الجيوش من شاء أن يصلي ومن شاء لم يصل، نسبة المصلين عدد محدود.فلهذا إذا بلغك أن فلاناً لا يصلي فأعلم الهيئة على الفور: فلان لا يصلي، كيف نبقى ساكتين عنه؟ لا يحل لمؤمن في هذه البلاد تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله أن يرضى بامرأته لا تصلي أو بولده أو بأخيه أو عمه أو جاره، لينصح له مرة ومرتين ويوماً ويومين، فإن أبى فليعلم الهيئة أو المحكمة.أنا قلت: بلغ أنت، فإن رد عليك: لا أصلي، فامش أنت برجليك حافياً إلى الهيئة وقل: يوجد شخص كافر بيننا في المنزل أو في الدكان أو في العمل، فسكوتنا هو الذي شجع هذه الظاهرة. أنا أقول: لا يحل لك أن يترك ابنك الصلاة أو امرأتك وتسكت، المرأة ما يكفي فيها الطلاق، لا بد أن تسجن حتى تصلي، ولهذا لا يحل لك أن تنكح ابنتك كافراً تاركاً للصلاة، ولا أن تخطب لك أو لابنك امرأة كافرة لا تصلي. ![]() قراءة في كتاب أيسر التفاسير شرح الكلمات قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ شرح الكلمات: وَلا تَنكِحُوا [البقرة:221]: لا تزوجوا ]، فالأولى: وَلا تَنكِحُوا [البقرة:221]، والثانية: وَلا تُنكِحُوا [البقرة:221]، إذا قرأنا: وَلا تَنكِحُوا [البقرة:221] أي: لا تتزوجوا، وَلا تُنكِحُوا [البقرة:221]: لا تزوجوا، وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ [البقرة:221]، أي: لا تتزوجوهن، وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ [البقرة:221]، أي: لا تزوجهم بنسائكم وبناتكم.[الأمة: خلاف الحرة ]، ضدها، هذه أمة وهذه حرة، ما معنى: أمة؟ كل امرأة أمة لله تعالى مملوكة له، لكن في الاصطلاح الأمة: المرأة التي تشترى وتباع، ملكت باليمين، فهي ملك لسيدها، هذه هي الأمة.[ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221]، أي: أعجبكم حسنها وجمالها. يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [البقرة:221] بحالهم ومقالهم وأفعالهم ]، أما قال تعالى: أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [البقرة:221]، بأقوالهم بأحوالهم بأفعالهم، كيف نتزوج منهم أو نزوجهم؟[ آيَاتِهِ [البقرة:221]: أحكام دينه ومسائل شرعه]، في قوله تعالى: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ [البقرة:221]. معنى الآية قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ معنى الآية الكريمة: ينهى الله تعالى المؤمنين أن يتزوجوا المشركات ] الكافرات اللائي يؤلهن غير الله مع الله، [ إلا أن يؤمنَّ بالله ورسوله، فإن آمنَّ ] بالله ورسوله فلا بأس، كأن الشيخ يشير إلى الجهل العام في ديار المسلمين، مؤمنة تصلي ولكن حين تريد أن تقوم تقول: يا ألله ويا سيدي عبد القادر ، حين يسقط الإناء من يدها تقول: يا رجال البلاد! فما تقولون في هذه؟ في صنف تصنفونها؟هذه مشركة، إما أن تتوب أو لا نتزوجها، إن تابت من شركها وضلالها فلا بأس، وإن استمرت على ذلك فلا تحل أبداً. وقد يقول قائل: هذا شرك أصغر؟ ونقول: أي شرك أصغر هذا؟! تقول: يا رجال البلاد، تدعوهم وتناديهم، وتنذر لسيدي عبد القادر وفلان، هذا شرك أعظم لا أعظم منه، أكثر من شرك المشركين.إذاً: هذه الظاهرة موجودة، إذا خطبت زوجة في بلد ما فاسأل عن دينها، فإن وجدتها سلفية موحدة فلا بأس، وإن قالوا: هذه جاهلة، وتنذر للأولياء، وتزور القبور وتعكف عليها؛ فلا تتزوجها أبداً، وإن وجدت كذلك فحلاً من عباد الأهواء يقول: يا سيدي عبد القادر ، ويا رسول الله ويا كذا؛ فلا تزوجه ابنتك، حرام عليك، وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221]، وإنما من باب الدعوة، فإذا خطب إليك ابنتك فقلت: بلغني أنك تؤمن بكذا وكذا، وتقول كذا وكذا، أحق هذا أو باطل؟ فإن قال: كلا أبداً، أنا أقول: لا إله إلا الله، كيف أدعو غير الله؟ كيف أنذر أو أذبح لغير الله؟ إذاً: هذا مؤمن فزوجه، وإذا قال: اسكتوا، أنتم وهابيون وأنتم كذا فوالله! ما زوجناه أبداً حتى يتوب إلى الله.ألستم تعرفون الشرك؟ إن الرجل يذكر الله: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، وحين تسقط المسبحة من يده للنوم يقول: يا سيدي فلان! لا يفزع إلى الله، يفزع إلى ولي من الأولياء، أهذا موحد؟ والله! إنه مشرك، وكونه ما عرف كالمشركين يجب عليه أن يتعلم ويسأل، ولكن كثيرين يعلمون هذا ويضحكون منكم، ويقولون: أنت لا تقول بالأولياء، وكل هذه الحقائق ستتجلى لنا يوم القيامة في عرصات الفصل والقضاء.قال: [ ينهى الله تعالى المؤمنين أن يتزوجوا المشركات إلا أن يؤمنَّ بالله ورسوله، فإذا آمنَّ جاز نكاحهن، وأعلمهم منفراً عن نكاح المشركات مرغباً في نكاح المؤمنات؛ فقال: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221] ]، هذا من باب الترغيب في المؤمنات والترهيب من المشركات.[ فقال: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ [البقرة:221] فضلاً عن حرة خير من حرة مشركة ]، يعني: مؤمنة أفضل من حرة مشركة، وخير منها.[ ولو أعجبتكم المشركة لحسنها وجمالها، كما نهاهم محرماً عليهم أن يزوجوا المؤمنات بالمشركين حتى يؤمنوا، فإن آمنوا جاز لهم أن ينكحوهم بناتهم ونساءهم، فقال تعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221]، وقال منفراً مرغباً: ولعبد مؤمن خير من حرٍ مشرك ولو أعجبهم المشرك؛ لشرفه أو ماله أو سلطانه، وعلل لذلك بقوله: أُوْلَئِكَ [البقرة:221]، أي: المشركات والمشركون يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [البقرة:221]، فمخالطتهم مضرة ومفسدة لاسيما بالتزوج منهم ]، المخالطة بالكفار والمشركين فيها مفسدة وضرر، فكيف بالزواج؟ وتصبح تحتك، أو تصبح المؤمنة تحته.قال: [ فمخالطتهم مضرة ومفسدة لاسيما بالتزوج منهم، والله عز وجل يدعو إلى الجنة بالإيمان والعمل الصالح، وإلى المغفرة بالتوبة الصادقة، فاستجيبوا ]، وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ [البقرة:221]، هيا آمن واعمل صالحاً، زك نفسك وطهرها، ويدعو إلى مغفرة ذنوبنا بالتوبة إليه الصادقة، والرجعة الكاملة، حيث نتخلى عن أوضار الذنوب والآثام. قال: [ فاستجيبوا له وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه ]، ومن جملة ما نهانا عنه الآن: أن نزوج بناتنا المشركين، أو تتزوج المشركات، حرم هذا علينا، فلنطعه.قال: [ كما أنه تعالى يبين آياته للناس ليعدهم للتذكر والاتعاظ فيقبلون على طاعته الموصلة إلى رضاه وإلى الجنة ويبعدون عن معصيته تعالى المؤدية إلى سخط الله تعالى وعذابه في النار ]. هذا معنى هذه الآية الكريمة فاسمعوها: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [البقرة:221]، علمنا الآن، فلنتذكر، لنتعظ، والله! لا نفعل ما نهانا عنه ولا نقبل عليه. ![]() هداية الآية الآن مع هداية الآية، ما تضمنت هذه الآية وما احتوت عليه من الأحكام الشرعية والهداية الربانية، إذ كل آية كالنور، لا بد أن تهدي من طلب الهداية، كل آية تهدي إلى النور، إي والله، عرفنا بيان ذلك، فالآية إذا آمنت بها فمن أنزلها؟ الله، وعلى من نزلت؟ على رسول الله. إذاً: اهتديت إلى لا إله إلا الله، محمد رسول الله، دخلت في الإسلام، كل آية من ستة آلاف ومائتين وست وثلاثين آية في كتاب الله، كل آية تهدي إلى الإيمان بالله ورسوله.قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[هداية الآية الكريمة: من هداية الآية:أولاً: حرمة نكاح المشركات، أما الكتابيات ] من يهوديات أو نصرانيات [ فقد أباحهن الله تعالى بآية المائدة، إذ قال -تعالى-: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5] ]، من هم الذين أوتوا الكتاب من قبلنا؟ اليهود والنصارى، وإن كان النصارى مشركين، أما عبدوا مع الله سواه؟ أما كذبوا وافتروا على الله؟ ولكن الكتاب عندهم، والإيمان بلقاء الله موجود، والإنجيل بأيدهم.وإذا كانت تعتقد أن المسيح ابن الله فالله قد علم هذا منها قبل أن يقوله أحدنا، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، وهو الذي أنزل هذه الرخصة وقد بينها غير ما مرة، وقلنا: المشركون في مكة تعصبوا للفرس المشركين، والمؤمنون تعصبوا للروم في حربهم مع المشركين، فهناك تقارب كبير بين اليهود والنصارى والمسلمين، وبعد كما بين السماء والأرض بينهم وبين الشيوعيين ومن لا يؤمن بالله ولقائه.قال: [ حرمة نكاح المشركات، أما الكتابيات فقد أباحهن الله تعالى بآية المائدة إذ قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5] ]، في الإذن بنكاحهن، وقد قلنا ما قال أهل العلم: تتزوج كتابية بشرط ألا تكون حربية والحرب دائرة.[ ثانياً: حرمة نكاح المؤمنة الكافر مطلقاً مشركاً كان أو كتابياً ]، حرمة نكاح المرأة المؤمنة كافراً، سواء كان مشركاً أو بلشفياً شيوعياً لا يؤمن بالله، أو كتابياً من يهود أو نصارى مطلقاً.وقد عرفنا أننا لو كنا كما كنا، وبلغنا أن مؤمنة تزوجها كافر فإنا نغزوا تلك الديار حتى نخلصها، ولا نسمح أبداً أن يعلو كافر على مؤمنة، ولكن لما هبطنا من علياء سمائنا فالآن المؤمنات في أمريكا وأوروبا متزوجات باليهود والنصارى، من يحرك رأسه؟ ما الطريق إلى أن نسموا ونعود ونسود؟ هل ننتج الذرة؟ هل نملك الهيدروجين؟ والله! ما هو إلا أن نعود إلى حيث بدأ رسول الله والمؤمنون، فما هو؟هو أن أهل القرية أعلموهم أنه من الليلة لا يتخلف رجل ولا امرأة ولا ولد من الساعة السادسة إلى صلاة العشاء، الكل في بيوت الله في القرى، المدن، العالم الإسلامي كله سجد بين يدي الله، يطلبه أن يعزه ويسوده، كل ليلة يتعلمون الكتاب والحكمة، لم يبق جهل ولا فسق ولا ظلم ولا شر، ارتفعت الأمة إلى مستواها اللائق في أربع وعشرين ساعة، والعالم يموج لا يعرف كيف يصنع مع هذه القوة العظيمة، يعودون إلى المسجد فقط.في المسجد النبوي كم في حلقتنا هذه؟ مائتا مستمع، فأين الأمة؟ أين سكان المدينة ستمائة ألف؟ كان المفروض أنه ما يجد إنسان مكاناً، وهكذا الذل، إذاً: هذا نصيبنا.[ ثالثاً: شرط الولاية في نكاح المرأة ]، لا يصح نكاح بدون ولي لهذه الآية، أما قال تعالى: وَلا تُنكِحُوا [البقرة:221] أي: لا تزوجوا، فمن يزوج: هل الولي أم لا؟ والرسول بين هذا فقال: ( أيما امرأة تزوجت بغير ولي فنكاحها باطل .. باطل .. باطل )، وإذا قلنا: ما هناك حاجة لولي فهو الدعارة والزنا، تخرج وتتزوج من أحبت وشاءت، لا بد من ولي، ومن عدمت الولي فالسلطان ولي من لا ولي لها.الآية دلت على هذا والحديث بينه، شرط الولاية في نكاح المرأة؛ لقوله تعالى: وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ [البقرة:221] أي: لا تزوجوهم بناتكم، هذه الولاية أو لا؟ [ فهو هنا يخاطب أولياء النساء المؤمنات، ولذلك لا يصح نكاح إلا بولي ].والولي: الأب، الابن، الأخ، ابن الأخ، العم، الأقرباء العصبة، فإن فقدوا وما هناك سلطان ولا محكمة فذو الرأي -كما قال عمر- من عشيرتها، الرجل التقي المؤمن البصير من القبيلة يزوجها، فإن وجد سلطان ومحكمة فلا، السلطان ولي من لا ولي لها. [ رابعاً: التنفير من مخالطة المشركين والترغيب في البعد عنهم؛ لأنهم يدعون إلى الكفر بحالهم ومقالهم وأعمالهم، وبذلك هم يدعون إلى النار].البعد عن الكفار والمشركين أسلم حتى في المجاورة، حتى في العمل، حتى في البلاد، لم؟ أما قال تعالى: يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [البقرة:221] أو لا؟ فلا خير في القرب منهم، فكيف بأن يتزوج منهم أو يزوجهم؟[ خامساً: وجوب موالاة أهل الإيمان ومعاداة أهل الكفر والضلال؛ لأن الأولين يدعون إلى الجنة، والآخرين يدعون إلى النار ].استفدنا أنه يجب أن نوالي أهل الإيمان بالمودة والحب والنصح، ومعاداة أهل الكفر والضلال؛ لم؟ لأن الأولين يدعون إلى الجنة والآخرين يدعون إلى النار.اللهم قنا عذابك، وارض عنا كما رضيت عن صالح عبادك، آمين.وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. ![]()
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة البقرة - (7) الحلقة (14) ![]() تفسير سورة البقرة (104) كان من عادة اليهود وبعض المشركين في الجاهلية أنهم إذا حاضت فيهم المرأة هجروها بالكلية، وكان بعض المشركين يطئون المرأة حتى في حيضتها، فجاء الإسلام مبيناً كيفية معاملة الحائض، وهو أن يمتنع الرجل عن وطء المرأة في حيضتها، ويستمتع بها فيما دون ذلك، ويؤاكلها ويشاربها وتقوم على خدمته، ثم إذا انقضت حيضتها وطهرت فله أن يأتيها كيف شاء في موضع الحرث الذي شرعه الله عز وجل له. ![]() مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة البقرة الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، اللهم حقق لنا هذا الموعود يا رب العالمين.ها نحن مع هاتين الآيتين الكريمتين من سورة البقرة، من سورة الأحكام الإلهية.وقد كنا مع الآية التي درسناها وعرفنا فيها حرمة نكاح المشركات، لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتزوج مشركة بالإجماع؛ لقوله عز وجل: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221]. ثانياً: حرمة إنكاح المشركين، لا نزوج مشركاً بمؤمنة أبداً، ولو علمنا أن مؤمنة تزوجها مشرك لغزونا تلك الديار وخلصنا تلك المؤمنة؛ لأن الزوج الكافر له حق -كالمؤمن- على الزوجة، فيتعارض حق الله الذي من أجله خلقت المرأة وحق الزوج، فلذا لا يحل السكوت أبداً عن مؤمنة يتزوجها مشرك كافر، وسواء كان كتابياً أو مشركاً.وعرفنا شرط الولاية في النكاح؛ لأن قوله تعالى: وَلا تُنكِحُوا [البقرة:221] أي: لا تزوجوا، هذا مسند إلى الولي، وفي الحديث: ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل )، و( أيما امرأة نكحت بدون إذن وليها فنكاحها باطل.. باطل.. باطل ).وفي الآية من هدايتها: التنفير من مخالطة المشركين، من استطاع ألا يخالط مشركاً فليفعل، البعد أنجح، البعد أسلم؛ إذ قال تعالى: أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ [البقرة:221]. هذه أنوار الآية السابقة. تفسير قوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً ...) ![]() والآن مع الآيتين الآتيتين، وإليكم تلاوتهما: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:222-223] اللهم اجعلنا منهم حتى يبشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.هل هذا القرآن يقرأ على الموتى ليتعلموا الأحكام الإلهية؟ كيف يقرءونه على الموتى؟ وما زالوا إلى الآن يحفظون القرآن من ألفه إلى يائه من أجل أن يقرءوه على الموتى، أماتنا الثالوث أماتهم الله، سلبونا روحنا وأبعدونا عنها فمتنا، فسادونا وساسونا وتحكموا فينا.عرفوا أن حياة هذه الأمة متوقفة على هذا القرآن العظيم حفظاً وتعبداً، واستخراجاً للأحكام والشرائع، وعملاً وتطبيقاً، القرآن روح ولا حياة لفرد أو جماعة أو أمة بدون روح، فهذه الأحكام كيف نُسمعها الميت؟ المراد بالسؤال عن المحيض وسببه قوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222] ما المراد من المحيض؟ الحيض، أو زمن الحيض.هل يصح للفحل المؤمن أن يجامع امرأته وهي حائض؟ الجواب: لا، فلفظ المحيض يطلق على زمن الحيض ومكان الحيض، الفرج مكان الحيض، ويطلق على الحيض نفسه؛ فهو مصدر، حاضت تحيض حيضاً.أي: هل يجوز للرجل أن يطأ امرأته أو جاريته وهي حائض؟ سأل المؤمنون طلاب العلم والهداية، والرسول صلى الله عليه وسلم يتلقى المعارف من الله، لما سألوه أجابهم الله فعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فالأسئلة الشرعية ممدوحة محمودة، لكن لا أسئلة التنطع والإحراج، من أراد أن يعبد الله فليسأل كيف يعبده وبم يعبده، وإذا ارتبك في شيء هل هو حلال أو حرام فليوقف عمله حتى يسأل ويعلم. وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222] لأن الأسئلة تقدمت: يسألونك عن القتال، يسألونك عن الإنفاق، يسألونك عن اليتامى، إذاً: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ [البقرة:222] يا رسولنا والمبلغ عنا صلى الله عليك وسلم، قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222] و(أذى) نكرة، والأذى ما يؤذي الإنسان في بدنه، في عرضه، في ماله، إذاً: فنكاح المرأة وهي حائض فيه أذى يؤذي الفحل بالمرض.إذاً: فبناء على هذا فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222] اعتزلوا النساء، ابتعدوا عنهن في حال الحيض. والسبب في السؤال: أن اليهود -عليهم لعائن الله- جيران الأنصار والمهاجرين عندهم في بدعتهم التي يسمونها ديناً، وأي دين لهم؟ فقد مسخوه، عندهم أن المرأة إذا حاضت لا ينام الزوج في فراشها، يطردها كالكلبة، لا تقرب منه ولا يقرب منها، فلما جاء التشريع بدأت طلائع الإيمان والإسلام، سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم: اليهود شأنهم كذا، ونحن هل نعتزل النساء كما اعتزل اليهود نساءهم أم لا؟ كان هذا سبب السؤال. معنى قوله تعالى: (فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) فقال تعالى: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222] أي: بانقطاع حيضهن، اعتزلوا النساء، ليس الاعتزال بأن يربطها في غرفة ويغلق عليها، أو يقول: ما دمت في حيض فلا تأتي إلى جنبي ولا أراكِ، بل يعتزلها بألا يطأها فقط، وينام إلى جنبها وتنام إلى جنبه، ويؤاكلها ويشاربها وتؤاكله، لا يطأها، وإن احتاج إليها فقد أذن له أن يقول لها: استذفري أو شدي بشيء على فرجك ويتلذذ بكافة جسمها ولا حرج.قال: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ [البقرة:222] أي: بالجماع إلى غاية ماذا؟ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]، كيف يطهرن؟أولاً: بانقطاع دم الحيض، ودم الحيض هو الدم الأسود الغليظ المتخثر، هذا الدم سنة الله عز وجل في خلقه أن الأنثى من المؤمنات تحيض إذا كانت غير حبلى، فإن حملت فالدم الزائد هو غذاء الجنين، فإذا ما كان ببطنها حمل ففي كل شهر تفرز هذا الدم الذي يتجمع بحكمة الله وإرادته في خلقه حتى تحمل، إذا حملت انقطع الدم، ونادراً ما يخرج دم وليس بحيض.والمدة أقلها يوم وليلة، وأكثرها خمسة عشر يوماً، أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، ما دام مستمراً فلا صلاة ولا صيام ولا وطء حتى ينقطع فتغتسل، فإذا بلغت خمسة عشر يوماً وما انقطع فإنها تغتسل وتصوم وتصلي وتوطأ إن شاء بعلها؛ لأن الحيض انتهى وجاء داء ومرض يسمى الاستحاضة، وقد ينقطع الحيض في اليومين، في الثلاثة، وأغلبه سبعة أيام وستة عند النساء. ![]() معنى قوله تعالى: (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) إذاً: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222] أي: ينقطع دم الحيض منهن، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222] أي: اغتسلن، فالدم مانع من الجماع، وإذا انقطع يبقى المنع كذلك حتى تغتسل كغسل الجنابة، وإذا لم تجد ماء تتيمم وتصلي.قال: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222] أي: اغتسلن فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] ائتها يا بعلها يا فحلها من حيث أذن الله لك، وهو من فرجها، لا من دبرها؛ إذ هذا الفرج -كما سيأتي- عبارة عن أرض للحراثة والزراعة للإنبات.سبحان الله! نحرث الأرض، نبذر فيها الحب، نستره بالتراب، نسقيه بالماء وإذا بالزروع يكون، كذلك البشر كيف ينبتون؟ هل في الأرض؟ لا، الطريق الوحيد الذي لا نظير له هو أن يأتي الرجل امرأته ويبذر ماءه بويضاته حيواناته في تلك الأرض وإذا بها متى شاء الله تتفاعل ويخرج الولد. فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222]، ومن هنا لنعلم أن نكاح المرأة من دبرها هو اللواط، وقد جاء التعبير عنه باللوطية، وهو محرم بالإجماع، الذي يطأ امرأته في دبرها كالذي يطأ الفحل في دبره والعياذ بالله، نبرأ إلى الله ونعوذ به من هذه الحالة.ولذا قال تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] إذاً: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] وهو إتيانهن من قبلهن لا من دبرهن. حكم من أتى زوجته في دبرها وهذه القضايا ترفع إلينا، أهلها يستفتون: هل تحرم عليه المرأة وتبين بينونة كاملة أو لا تحرم؟ الجواب: لا تحرم، ولكنه ارتكب إثماً عظيماً كالقتل تقريباً، وإن حصل هذا فعلى الفاعل أن يتوب، هذه التوبة أولاً: يواصل البكاء والندم والاستغفار والصدقات حتى تمضي فترة ويشعر بطهارة روحه؛ لأنه يلوث الروح ويلطخها، لا تزول تلك التلوثات وذلك العفن إلا بالتوبة النصوح، البكاء بالدموع، الاستغفار، الندم، الصدقات حتى تمضي فترة فيشعر بأنه طاب وطهر، والصدقة على الأقل نصف دينار، وهي إن وافقت وكانت راضية فهي مثله في البكاء والصراخ والندم والتوبة والصدقة، وإن كان أكرهها فلا شيء عليها والإثم عليه، وإن أراد أن يعاودها فلتطالب بالطلاق وتشنع وتخرج، ولا ترض بهذا المنكر. معنى قوله تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222] اللهم اجعلنا منهم، يجب أولاً أن نتوب إلى الله وأن نتطهر من أدراننا، من أوساخنا، من ذنوبنا، من سيئاتنا، فالله طيب لا يحب إلا طيباً، من أراد أن يحبه الله فليكن من التوابين، فإن وقعت منه نظرة فقط قال: أستغفر الله وأتوب إليه، أو كلمة فقط قال: أستغفر الله وأتوب إليه، أو تأخير الصلاة عن وقتها أو عن الجماعة فقط قال: أستغفر الله وأتوب إليه. هذا التواب كثير الرجعة إلى الله، كلما زلت القدم عاد إلى الله، وهذا يحتفظ بطهارة روحه، ما يسمح للنفس أن تخبث أبداً، دائماً الماء والصابون في يديه. وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222] الذين يتكلفون الطهارة، يطلبونها ويعملون على تحقيقها. تفسير قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ...) وقوله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:223] النساء: جمع لا مفرد له، واحد النساء امرأة، بعضهم يقولون: إنسانة، ولكن النساء لا مفرد له. نِسَاؤُكُمْ [البقرة:223] أي: زوجاتكم حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:223] هل تعرفون الحرث؟ قطعة أرض تبذر فيها البذر وتسقيها فتنبت لك بإذن الله البر والشعير والذرة، وما إلى ذلك، فنساؤنا جعلهن الله للرجال حرثاً، أرض حراثة، ولكن لا تنبت البر والبصل والثوم، تنبت الرجال والنساء!لو كان عندك أرض تحرث فيها فتنبت لك الأولاد من بنين أو بنات فهذه الأرض ما تباع أبداً ولا تساوم بقيمة، فالحمد لله! هذا كلام الله: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:223] إذاً: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] في أي وقت، وكيف شئتم. حكم إتيان المرأة من دبرها في الفرج وحال الحيض والنفاس ![]() وهنا مسألة أخرى أيضاً: بعض الرجال يأتي امرأته من ورائها، لكن لا يولج إحليله -ذكره- في دبرها، يطؤها في فرجها حيث الحرث، ولكن يطؤها وهي مدبرة، وهذا كان يفعله بعض المؤمنين، فكره بعضهم هذا النوع، تحدث بعض النساء، بمعنى أنه يأتيها من ورائها ولا يطؤها في دبرها، لكن يطؤها في فرجها الذي هو طريق الحراثة والزرع، فلما تململ بعض الناس من سماع هذا أفتاهم الله عز وجل: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] وهي قائمة، وهي قاعدة، مقبلة، مدبرة، شأنك يا عبد الله، لا إله إلا الله! فأتوا حرثكم كيف شئتم. وهل يأتي الحرث وهي حائض؟ لا، وهي نفساء؟ لا. فقوله: أنَّى بمعنى: كيف، لا بمعنى: أي وقت، نعم في أي وقت أيضاً على شرط أن تكون طاهراً ليست بحائض ولا نفساء. معنى قوله تعالى: (وقدموا لأنفسكم) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ [البقرة:223] لا إله إلا الله! قدموا للدار الآخرة، هذه أيام معدودة ومحدودة وأنتم ماشون، والله! لراحلون، قدموا للدار التي تنزلون بها شيكات، احجزوا في فنادق السماء قبل ضياع الوقت.ويدخل في هذا اللفظ: وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ [البقرة:223] أن تنوي ببعالك ونكاحك وإتيانك زوجك أن تنجب أولاداً وبنين يعبدون الله عز وجل.هل يستطيع إنسان أو العالم بأسره أن يوجد لنا رجلاً أو امرأة؟ مستحيل! روسيا جمعت أطباءها وصناعها وعلماء الذرة، وقالوا: لتعملوا على إنتاج الإنسان، حتى إذا استطعنا أن نوجد جيوشاً آلية فسنضع أرجلنا على العالم بأسره، ولا يأسف أحد ولا يحزن، اصنعوا من البلاستيك رجالاً وانفخوا فيهم الروح ليصبحوا كالبشر ونوجههم لفتح العالم، قالت الأخبار الصحيحة: عملوا ثمانية عشر عاماً، وهم يعملون الليل والنهار على إيجاد جيش من الآلات، بمعنى أن هناك ناساً يضعونهم في الطرقات الآن في أوروبا، إنسان واقف بهيكل كامل، فقط تنفخ فيه الروح، عملوا ثمانية عشر عاماً، ثم أعلنوا عن فشلهم، وقالوا بعد البحث المتواصل في الكون: الروح من عالم أعلى لا توجد في العالم الأسفل، قلنا: عجائزنا في القرية تخبر بهذا، ما يحتاج إلى ثمانية عشر عاماً، والله! أيما عجوز مسلمة تقول: الروح تأتي من الله، من السماء، الملك ينفخها، وهم في ثماني عشرة سنة يعملون، والرواتب ضخمة، يريدون أن يوجدوا جيشاً غير بشري يحكمون به العالم.إذاً: فيا فحل! انو بوطئك وجماعك إنتاج إنسان يذكر الله ويشكره، قدم لنفسك، ولهذا على الرجل إذا كان يملك النفقة والسكن أن يتزوج، ما يضيع الوقت، من أجل ماذا؟ من أجل أن ينتج بنين وبنات يعبدون الله عز وجل بالذكر والشكر، ماذا يكلفك؟ إنها أربعة آلاف ريال: ألفان مهر وألفان لتدبير شأنك، وسيضحك مني القوم؛ لأنهم يسمعون المهر خمسين ألفاً، ستين ألفاً، فاللهم إن هذا منكر، لم هذا؟ أبيع هذا وشراء؟ المهم أنه ما دمت قادراً على أن تنتج رجلاً وامرأة فأي فرح أعظم من هذا الفرح، لا صناعة ولا كلفة، فتح الله لك الباب، علمك، وضع بين يديك الحرث فاحرث وأنتج يا عبد الله، قدم لنفسك: وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ [البقرة:223] تشمل إنجاب البنين والبنات، وتشمل كل عمل صالح قدم، مساعدتك على الزواج -والله- تقديم، مؤمن يريد أن يتزوج فساعدته بمائة ريال أو ألف فأنت شريك في هذا الأجر، لك أجر.فقوله جل وعز: (قدموا) شامل لهذا ولكل عمل صالح تقدمه إلى الآخرة لتظفر به وتفوز، هذه وصية الله: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:223] من أعطانا هذا؟ الله هو الذي أذن. ذكر بعض الأحاديث الواردة في حرمة إتيان المرأة في دبرها إذاً: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] كيف شئتم: من قيام، من قعود، عن اليمين، عن الشمال، من وراء، من أمام، مع الاحتراز الكامل من أن يطأ في دبرها، هذا هو الموت والدمار.أسمعكم الأحاديث الواردة في هذا الباب:قال المؤلف غفر الله له ولكم في الحاشية: [ وذلك لتحريم وطء المرأة في دبرها للآية الكريمة وللأحاديث الصحاح وما أكثرها، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس! إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أعجازهن ) أي: أدبارهن، وقوله: ( من أتى امرأة في دبرها لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) ]، ووردت أحاديث كثيرة، لكن هذا يكفي، فهذه خطبة خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس! إن الله لا يستحي من الحق ) لذا أقول لكم هذا، ( فلا تأتوا النساء في أعجازهن )، ( من أتى امرأة في دبرها لم ينظر الله إليه يوم القيامة )، ومن غضب الله عليه ولم ينظر إليه هل يدخل الجنة؟ ![]() معنى قوله تعالى: (واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين) قال تعالى: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ [البقرة:223] من إتمام الوصية قال: اتقوا الله، لا تخرجوا عن طاعته فتأتوا النساء في حيضهن قبل الطهر، أو بعد الطهر وقبل الاغتسال، أو تأتوهن في أدبارهن، كل هذا داخل في قوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [البقرة:223] اتقوا الله، ولو كان لا يأتي يوم تقف بين يديه فاضحك، قل: أمرنا بأن نتقيه فلن نتقيه، لكن اعلم أنك ستقف بين يديه، إذا حدثتك نفسك أو سولت لك باستمرارك على المعصية فاعلم أنك لست طليقاً حيث شئت، سيأتي يوم تقف بين يدي الله، تلاقيه وجهاً لوجه، ماذا تقول؟ أعوذ بالله! لو قال الله له: فعلت كذا في امرأتك فسيذوب ويتحطم. وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223] وأخيراً يا رسولنا بشر المؤمنين، أصحاب هذه العقائد والآداب والأخلاق والعبادات والمعاملات، لم قال: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223]؟ لأنه -والله- لا يمتثل هذه الأوامر إلا مؤمن، لا يتقيد بهذه القيود ولا يتأدب بهذه الآداب إلا مؤمن، أما الكافر فلا، فلهذا ختم بهذا: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223]، هم الذين يمتثلون أمر الله ويجتنبون نهيه، والذي تراه بين الناس من عدم الطاعة والله! لنتيجة عدم الإيمان أو ضعفه، أما أهل الإيمان اليقيني الكامل فهيهات هيهات أن يتلوثوا بهذه الأوساخ والقاذورات! الإعجاز القرآني في انتظام الأحكام المضمنة في الآية الكريمة والآن نسمعكم الآيتين وتفكروا: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:222-223]، والله! لو تكتب صحيفة بعشرين صفحة ما تأتي بهذا الكمال في هذه الآية، لا إله إلا الله!ّ لو تملأ عشرين صفحة ما يمكن أن تتسع لهذه، عجب هذا القرآن أو لا؟ إخواننا من الجن عرفوا هذا ونطقوا به، وصاحوا: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا [الجن:1] والمؤمنون (95%) منهم ما يفهمون أنه عجب، ما تذوقوه، ما جلسوا عليه، ما فهموه، كيف يعرفون أنه عجب؟ الجن ما إن سمعوا الرسول يقرأ في صلاة الصبح حتى التفوا حوله وكادوا يكونون عليه لبداً، وقالوا: أنصتوا.. أنصتوا، ما إن سمعوه حتى قالوا: إنا سمعنا قرآناً عجباً، وعادوا إلى ديارهم يبلغون دعوة الله. فالمفروض أن المستمعين يبلغون هذه الآية، يحدثون بها الليلة جلساءهم حتى تستقر في نفوسهم، بلغ ولو آية، ويوم يفتح الله وننطلق فسيحدث هذا، ولكن إلى الآن مازلنا خاملين. قراءة في كتاب أيسر التفاسير معنى الآيات قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ معنى الآيتين:يخبر تعالى رسوله بأن بعض المؤمنين سألوا عن المحيض: هل تساكن المرأة معه وتؤاكل وتشارب أو تهجر بالكلية حتى تطهر؟ إذ كان هذا من عادة أهل الجاهلية ]، وحتى اليهود أيضاً، بل اليهود هم الذين كانوا يعتزلون المرأة نهائياً.قال: [ وأمره أن يقول لهم: الحيض أذى يضر بالرجل المواقع فيه، وعليه فليعتزلوا النساء الحُيَّض في الجماع فقط لا في المعاشرة والمؤاكلة والمشاربة ] والمبيت، لا، [ وإنما في الجماع فقط أيام سيلان الدم، بل لا بأس بمباشرة الحائض في غير ما بين السرة والركبة، للحديث الصحيح بذلك في هذا، كما أكد هذا المنع بقوله تعالى لهم: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ [البقرة:222] أي: لا تجامعوهن حتى يطهرن بانقطاع دمهن والاغتسال بعده لقوله: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222] أي: اغتسلن فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] بإتيانهن، وهو القبل لا الدبر ]، القبل: الأمام، والدبر: الوراء، [ فإنه محرم، وأعلمهم تعالى أنه يحب التوابين من الذنوب المتطهرين من النجاسات والأقذار، فليتوبوا وليتطهروا ليفوزوا بحب مولاهم عز وجل. هذا معنى الآية الأولى ]، هل هناك أغلى من حب الله؟ لو يأتيني هاتف يهتف على شرط أن يكون ملكاً، يقول: اعلم أن الله يحبك واخرج من بيتك ومالك؛ فوالله لفرحت وخرجت، وإن قالوا: الشيخ جن، لكن نتوسل ونعمل، وكلنا رجاء أن يحبنا، من أحبه الله فلينم، من أحبه الله لا يذله، لا يخزيه، لا يهينه، لا يكله إلى غيره.والخطوة الأولى: أحبه أنت، أما أنك غير مستعد لحبه وتطلب منه أن يحبك فهذا خطأ فاحش، ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم، وأحبوني بحبه )، هذه إذا ذكرتها وكنت في خلوة وذكرت ثيابك النظيفة أو طعامك بين يديك، أو إنقاذك يوم كذا في حادثة كذا، فعلى الفور ترتعد فرائصك وتبكي وتحب الله أكثر من حبك لنفسك، والذي ما يذكر هذا لا يحب الله، أمر مفروغ منه، ( أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم ) اذكر نعمه تحبه، اذكر إحسانه إليك تحبه.أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمفطالما استعبد الإنسان إحسان.والذي يأكل ويشرب كالحمار ولا يفكر ولا يذكر الله كيف يحب الله؟قال: [ أما الآية الثانية وهي قوله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:223] فهي تضمنت جواب سؤال وهو: هل يجوز جماع المرأة مدبرة بأن يأتيها الرجل من ورائها؟ إذ حصل هذا السؤال من بعضهم فعلاً، فأخبر تعالى أنه لا مانع من ذلك إذا كان في القبل لا في الدبر، وكانت المرأة أيضاً طاهرة من دمي الحيض والنفاس، وسمى المرأة حرثاً لأن رحمها ينبت فيه الولد كما ينبت الزرع في الأرض الطيبة، وما دام الأمر كذلك فيأت الرجل امرأته كما شاء مقبلة أو مدبرة؛ إذ المقصود حاصل وهو الإحصان وطلب الولد ]، ما معنى الإحصان؟الحفظ من الوقوع في الزنا، الإحصان حاصل بهذا الوطء سواء من أمام أو من وراء، والولد كذلك ينبت بإذن الله.[ فقوله تعالى: أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] يريد: على أي حال من إقبال أو إدبار شئتم شرط أن يكون ذلك في القبل لا في الدبر، ثم وعظ تعالى عباده المؤمنين بقوله: وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ [البقرة:223] من الخير ما ينفعكم في آخرتكم، واعلموا أنكم ملاقوا الله تعالى فلا تغفلوا عن ذكره وطاعته؛ إذ هذا هو الزاد الذي ينفعكم يوم تقفون بين يدي ربكم ] ويسائلك: هل فعلت؟ هل فعلت؟[ وأخيراً أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبشر المؤمنين بخير الدنيا والآخرة وسعادتهما من كان إيمانه صحيحاً مثمراً التقوى مولداً العمل الصالح ]. هداية الآيات ![]() قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ هداية الآيتين:من هداية الآيتين: أولاً: حرمة الجماع أثناء الحيض والنفاس؛ لما فيه من الضرر، ولقوله تعالى: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]. ثانياً: حرمة وطء المرأة إذا انقطع دم حيضها أو نفاسها ولم تغتسل بعد، لقوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] . ثالثاً: حرمة نكاح المرأة في دبرها؛ لقوله تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] ] أي: أذن لكم، [ وهو القبل. رابعاً: وجوب التطهير من الذنوب بالتوبة، والتطهير من الأقذار والنجاسات بالماء ]، تطهير النفس بالتوبة والاستغفار، وتطهير البدن بالماء العذب الصافي الطهور، فالماء الطاهر تشربه، تغسل به إناء، أما الطهور فهو الذي ترفع به الأحداث، هو الذي يتم به الغسل والوضوء. [ خامساً: وجوب تقديم ما أمكن من العمل الصالح ليكون زاد المسلم إلى الدار الآخرة؛ لقوله تعالى: وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ [البقرة:223]. سادساً: وجوب تقوى الله تعالى بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه وزجر ]، أما قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ [البقرة:223] هذا أمر أو لا؟ أيعصى الله إذا قال: افعل أو لا تفعل؟[ سابعاً: بشرى الله تعالى على لسان رسوله لكل مؤمن ومؤمنة ]، وبشر يا رسولنا المؤمنين والمؤمنات.فالحمد لله.. الحمد لله، اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وكن لنا ولا تكن علينا، يا ولي المؤمنين ويا رب العالمين.رب إن بيننا من يشكو آلاماً وأمراضاً في بيته، في مستشفاه، اللهم اشف أولئك المرضى من المؤمنين والمؤمنات، اللهم شفاءك العاجل يا رب العالمين.وصل اللهم وسلم
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة البقرة - (8) الحلقة (15) ![]() تفسير سورة البقرة (105) نهى الله عز وجل عباده المؤمنين عن الإكثار من الأيمان؛ لأن ذلك مفض إلى أن يمنع المرء عن فعل بعض الطاعات وإتيان بعض الخيرات، أما ما يجري على ألسنة الناس من الأيمان التي لا يقصد بها الحلف، وإنما تجري مجرى الكلام فهي مما لا يؤاخذ بها الإنسان، أما ما انعقد عليه القلب فيحاسب عليه المرء، ومن ذلك الإيلاء من الزوجة، فقد أمهل الله صاحبه أربعة أشهر فإما أن يرجع إلى وطء زوجه أو يطلقها فتحرم عليه. تفسير قوله تعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس ...) الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له إلا الله.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأحد من يوم السبت- ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). اللهم حقق لنا هذا إنك ربنا وولينا، ولا رب ولا ولي لنا سواك.وها نحن مع هذه الآيات الأربع من سورة البقرة:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224-227].هذه الآيات اشتملت على أحكام جليلة، من ظفر بها الآن وعاد إلى بيته وجلس على فراشه واسترجعها ووجدها كما هي؛ فهي -والله- لأكبر غنيمة غنمها في هذه الليلة، والله! لخير من خمسين ألف ريال؛ لأن ما عندكم ينفد أو لا؟ وما عند الله باق، فالباقي خير من الفاني، فهل مستعدون لأن نحفظ ونفهم، لأننا أخذنا أعظم جائزة: الله يذكرنا في الملكوت الأعلى، أبعد هذا شيء؟! من نحن وما نحن حتى يذكرنا الله بين ملائكته؟ بفضل هذا العطاء الإلهي: نتلو كتابه في بيته، ونتدارسه، هذا هو السر. ![]() سبب نزول الآية الكريمة أولاً: لهذه الآية في نزولها سبب: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224] هذه الآية لها سبب في نزولها، قيل: إنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لما حدثت حادثة الإفك وكرب رسول الله والصديق والمؤمنون بتلك الشائعة التي ما أكثرها اليوم، فـالصديق حلف بالله ألا يطعم ابن خالته مسطحاً ، كان الصديق يطعم ابن خالته مسطحاً صباح مساء، يأكل مع الأسرة؛ لأنه فقير، فلما ولغ في هذه الفتنة حلف ألا يطعمه في بيته، فنزلت الآية: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224]، فما كان من الصديق إلا أن أرجعه وعاد به إلى بيته وكفر عن يمينه.وفيها يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ) قاعدة عامة: ما من مؤمن يحلف بالله ألا يفعل كذا، ويكون قد حُرم ذلك الخير بيمينه؛ إذ جعلها عرضة في الطريق فامتنع بها، فعليه أن يكفر عن يمينه ويفعل ذلك الذي حلف ألا يفعله، وليأت الذي هو خير.من حلف على شيء ثم رأى أن غيره خير منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. وقيل: نزلت في عبد الله بن رواحة ، فمن عبد الله بن رواحة هذا؟ شهيد مؤتة، هذا كان له ختن فغاضبه، حلف ألا يكلمه، والختن إما أخو زوجته أو أبوها، وجائز أن يكون زوج ابنته، والجمع: أختان، أقارب زوجتك هم أختانك، زوج ابنتك ختن لك أيضاً. النهي عن جعل اليمين مانعاً من فعل الخيرات إذاً: فكانت الآية: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224]، أي: ولا تجعلوا الحلف بالله، أما الله فما يكون عرضة، وإنما الحلف به تعالى لا تجعلوه عرضة في الطريق فيحول بينكم وبين طاعة الله وفعل الخيرات والصالحات، كأن يقول: والله لا أصلح بين اثنين بعد اليوم؛ لأنه صلح بينهما فلحقه سب أو عتاب أو آلام، ويمنع نفسه عن فعل الخير؛ إذ الإصلاح بين اثنين حسنة لا تقابلها حسنة. أو حلف ألا يكلم فلاناً، وفي تكليمه والحديث معه خير كثير، كيف يحرم نفسه من أخوة أخيه؟ إذاً: فليكفر وليفعل الذي هو خير، أو حلف ألا يعطي بعد اليوم فلساً لفلان أو فلان، فالعطاء خير من الحرمان، فليكفر وليأت الذي هو خير.وافهموا من قوله: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ [البقرة:224] أن هناك محذوفاً: ولا تجعلوا الحلف بالله عرضة في الطريق يمنعكم من الوصول إلى الخير. وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ [البقرة:224] لأن هذه مواطن الخير: فالبر فعل خير، والتقوى بترك فعل شر وفعل واجب أو مندوب خير، وتصلحوا بين الناس، هذه مواطن الخير والبر، لا تجعلوا اليمين بالله واقفة في الطريق كحجر عثرة كما يقولون، لا تجعلوا أيها المؤمنون الحلف بالله تعالى مانعاً لكم من فعل الخير، سواء كان تصدقاً، سواء كان مجالسة الصالح، أو دخول بيته.. وهكذا من أنواع البر والإحسان. سبب تسمية الحلف يميناً وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] يقال: فلان عرضة للسب، فلان عرضة لكذا، المرأة عرضة للخطبة والنكاح، فالعرضة: ما يعترض الشيء ويكون في طريقه، وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] والأيمان: جمع يمين وهو الحلف، لم سمي الحلف يميناً؟ لأن العرب كانوا إذا أراد أن يحلف يضع يمينه على يمين الثاني، وضع اليمين على اليمين، من هنا سمي الحلف يميناً، توثيقاً وتأكيداً ليحلف له ويمينه على يمينه، فهذا الحلف يقال له: يمين، لهذه الملاحظة؛ لأنهم يضعون أيمانهم على بعضها تقوية للحلف وتأكيداً له. ![]() حكم الحلف بغير الله تعالى (( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ ))[البقرة:224] ما قال: لإيمانكم، فالإيمان: التصديق، والأيمان: جمع يمين وهي الحلف، والحلف -كما عرفتم وبلغوا- لا يجوز إلا بالله، بأسمائه وصفاته، لا بالكعبة ولا بالأمانة ولا بالنبي ولا بفلان ولا فلان، ومن حلف بغير الله متعمداً فقد أشرك، وهذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) كيف أشرك؟ بينا هذا، العادة أن الإنسان يحلف بما هو عظيم عنده، فالذي تحلف به جعلت له جزءاً من عظمة الله؛ لأن الله أكبر؛ لأن الله هو العظيم، فلما حلفت بفلان وفلان أعطيته نصيباً من عظمة الله، معناه: أشركته في عظمة الله.فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) أشرك المحلوف به في عظمة الله عز وجل، وأين إخواننا المصريون الذين يقولون: والنبي.. والنبي، دائماً على ألسنتهم، وحين تنبهه في الموسم يقول: والنبي ما نزيد بعدها، قلت له: يا بني! لا تقل: والنبي، لا تحلف، انتبه، حتى ولو جرت على لسانك، جاهد نفسك، فيقول لي: والنبي ما نزيد بعدها! ولهذا لما شاهد أبو القاسم هذه الظاهرة في المؤمنين الذين عاشوا سنين يحلفون بالعزى، أو باللات أو مناة، فكونه أسلم منذ عامين لا يستطيع، تجري على لسانه، فما يقدر على التخلص منها، فقال صلى الله عليه وسلم: ( من حلف باللات أو العزى فليقل: لا إله إلا الله ) فهذه مادة الإصلاح، أيما مؤمن جرى على لسانه: وحق فلان، ورأس فلان، بدون قصد، فحين يعرف أنه وقع يقول: لا إله إلا الله، ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها )، هذا علاج لمن تعود من فطرته وصغره أن يحلف بغير الله، لا يريد أن يعظم ذلك الشيء، فما هو العلاج؟ لا إله إلا الله تمحو تلك السيئة.إذاً: (( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ ))[البقرة:224] لأقوالكم (( عَلِيمٌ ))[البقرة:224] بنياتكم وأفعالكم، إذاً: فاحذروا، لا تجعلوا اليمين مانعة من الخير، فإذا قلت: مع الأسف؛ أنا حلفت ألا أحضر الحلقة الفلانية، فكفر عن يمينك واحضر، حيث امتنعت من الخير. تفسير قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ...) ثم قال تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [البقرة:225] ما هو اللغو في الأيمان؟ اللغو: الباطل وما لا فائدة فيه، والمؤمنون من أمثالكم عن اللغو معرضون، لا يستقبلون اللغو بل يعطونه ظهورهم، أتدرون ما ضابط اللغو؟ كل قول أو عمل أو تفكير لا ينتج لك ريالاً لمعاشك ولا حسنة لمعادك فهو لغو، ضابط عجب هذا، امرؤ يفكر، فيم تفكر؟ إذا كان ما تفكر فيه ينتج لك حسنة لأنك تفكر في عظمة الله وجلاله، أو تفكر في ذنوبك وما أصابك، هذا لا بأس، أما أن تفكر في شيء ما ينتج لك ريالاً ولا حسنة فباطل هذا التفكير، أغمض عينيك ونم أو قم فصل. وحين تتكلم بالكلمة والكلمات طيب الكلام وقصره، هل تحصل على حسنة به تدخرها ليوم القيامة؟ قال: لا، هل تحصل على ريال أو فائدة مالية؟ قال: لا. إذاً: كلامك باطل، لغو، أعرض عنه واذكر الله عز وجل.يعمل بجهد، هذا العمل يا عبد الله هل ينتج لك ريالاً أو لا لأولادك وزوجتك؟ قال: لا، هل ينتج لك حسنات عند الله؟ قال: لا، إذاً: لا تلعب، هذا لغو، كالذين يلعبون الكيرم والكرة. المراد بلغو اليمين إذاً: يمين اللغو هي التي تحلف على شيء تظنه كذا، ويظهر بعد ذلك خلاف ما ظننت، هذه لغو يمين، مثالها: أن يقول لك أخوك: من فضلك أسلفني مائة ريال، فتقول: والله! ما عندي ولا شيء؛ لأنك تعتقد أنه ليس في جيبك شيء، بعدما رجعت البيت وجدت في جيبك ألف ريال أو مائة، فهذا لغو يمين لا تؤاخذ عليها. أو قيل لك: أين إبراهيم؟ فقلت: والله لقد سافر، وبعد أن رجعت البيت وجدته ما سافر، هل حنثت أو لا؟ لكن هذه لغو يمين، ما أنت بمتعمد، هذه صورة من لغو اليمين، أن تحلف على شيء تظنه كذا لغالب على ظنك، فيظهر خلاف ذلك، والإنسان ضعيف، فهذه اليمين التي تسمى بلغو اليمين لا إثم فيها ولا كفارة أبداً.الصورة الثانية: أن يجري على لسانك ما لا تقصده من أيمان، يقال لك: تعال: فتقول: لا والله. هيا بنا، لا والله، وهو لا يريد اليمين، تجري على لسانه فقط، فهذه هي لغو اليمين لا يؤاخذنا الله بها: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [البقرة:225].إذاً: لغو اليمين لها صورتان: الأولى: أن تظن الشيء كذا فتحلف عليه فيتبين خلاف ما حلفت، لا إثم فيها ولا كفارة، لقول الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [البقرة:225].الصورة الثانية: أن يجري على لسانه اليمين بدون قصد، كقول: بلى والله كذا وكذا. ![]() أنواع اليمين المكفَّرة واليمين المكفَّرة لها صورتان أيضاً: الأولى: أن يقول: والله! لا أمشي معك، عزم على ألا يمشي، والله! لأضربن رأسه، عازم أو لا؟ ثم لم يستطع، اضطر لأن يمشي، حلف فقال: والله! لا أسافر معك بعد اليوم أبداً، وبعد فترة اضطر إلى أن يسافر، هذه اليمين يؤاخذ عليها العبد. والثانية: أن يقول: والله! لأفعلن، ينسب القدرة إلى نفسه، والله لأضربن، والله لأعطين.. ويعجز، هنا نفسه تتلوث، تخبث، تحتاج إلى آلة تمسحها، لم تلوثت؟ لأنه نسي أنه عبد مملوك لله، لا يستطيع أن يتحرك ولا أن يسكن إلا بإذن الله، فنسي الله فقال: والله لا أفعل، هل أنت تملك هذا؟ عندك قدرة؟ أو يقول: والله لأفعلن، هل أنت قادر على أن تفعل ما تريد؟ أما تقرأ: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان:30] فلما نسي جلالة وعظمة الله وملك الله ارتكب إثماً بهذا النسيان، فتلطخت نفسه بالإثم، فلا يزول إلا بما عين الحكيم مما تزول بهذه الآثام، اللهم إلا إذا اعترف فقال: والله! لا أسافر معك بعد اليوم إلا أن شاء الله، أو قال: والله! لأضربن رأسك إلا أن يشاء الله، ما دام أنه اعترف فلا إثم، وهذا ما يسمى بالاستثناء؛ لأنه أول مرة وقع في محنة حيث نسي الله، قال: والله لا أذهب، هل أنت تملك ألا تذهب؟ الذي يملك هو الله، فلما أصر وما استثنى وعجز واضطر إلى أن يفعل ما حلف عليه تلطخت نفسه بأوضار الذنب والإثم، فلا تمحى ولا يزول أثرها إلا بالمادة التي وضعها الله.ما هي المادة التي وضعها الله؟ عتق رقبة، أو كسوة عشرة مساكين، فإذا ما استطاع فصوم ثلاثة أيام، مخير، فإذا أعتق رقبة استراح، أو أن يكسو عشرة بثوب وطاقية لكل واحد، وإذا كانت لامرأة فملاءة وخمار، بحيث تصح صلاتها فيها، فإذا ما استطاع الكسوة يطعم عشرة مساكين، يجمعهم على غداء وعشاء أو يعطي كل واحد كيلو دقيق أو كيلو ونصفاً، كله واسع، فإذا ما استطاع صام ثلاثة أيام.من هو هذا الذي يكفر؟ يكفر عن ماذا؟ عن الذنب الذي علق بنفسه لما ادعى أنه يفعل، هل تملك أن تفعل أنت؟ قل: إن شاء الله أنك تفعل، أو يقول: لا أفعل ويحلف، قل: إن شاء الله؛ إنك قد تعجز فما تستطيع، استثن، فالله تعالى يقول في بيان الكفارة: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89]. اليمين الغموس وحكم الكفارة فيها بقيت يمين تسمى الغموس، هذه تغمس صاحبها في الإثم من رأسه إلى قدميه، وتغمسه في جهنم، سماها أبو القاسم الغموس، فعول، كثيرة الغمس في الذنوب والآثام ثم في جهنم، ما هي اليمين الغموس؟ هذه التي جاءت في هذه الآية: بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225] اليمين الغموس: أن يحلف بالله كاذباً ليحصل على فائدة دنيوية، يحلف بالله كاذباً لأجل ماذا؟ ليحصل على ريال أو طعام أو منصب أو حاجة، يقول: والله! ما رأيت فلاناً، وهو كان معه، من أجل غرض يحصل عليه.هذه اليمين الغموس فقهاء الإسلام منهم من يقول: لا كفارة لها أبداً، لو تصوم ألف عام ما ينفع، إلا أن تتوب، فتقول: إني حلفت كاذباً، وخذوا ما أخذته منكم، فترد الحقوق إلى أصحابها، وتفضح نفسك أمامهم، وتستغفر الله وتتوب إليه، هذه هي الكفارة.أما أن تحلف كاذباً لفائدة دنيوية وتقول: أنا أكفر، فما ينفع ولو تصوم الدهر كله، حتى ترد الحق الذي أخذته باليمين الكاذبة. ومن أهل العلم من يقول: دعه يكفر، فهو تخفيف على الأقل، يكفر كالكفارة عن اليمين الأخرى، وإن كان هذا ما يكفي، لكن شيء خير من لا شيء.والأولون من أهل العلم من علماء الإسلام يقولون: اليمين الغموس ما فيها كفارة، بمعنى: ما تنفع حتى تعلن عن توبتك وتقول لفلان: أنا كذبت عليك لآخذ مالك أو لآخذ كذا وكذا، خذ مالك، أو: هذه رقبتي اضربها، هذا الذي يكفرها. ومع هذا فإذا ما فعل ماذا يصنع؟ على الأقل يكفر كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين، أو عتق رقبة، أو كسوة، أو صيام. إجمال أنواع الأيمان الأربع فهذه هي الأيمان الأربع:أولاً: قلنا: يا عباد الله! لا تجعلوا اليمين بالله مانعة لكم عن الخير، فإذا حلفت ألا تصلح بين اثنين أو ألا تعتمر أو لا تسافر مع فلان أو لا تتصدق أو كذا، فكفر عن يمينك وافعل الخير، أخذاً بقول ربنا: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224]، هذه اليمين فرغنا منها. ثم جئنا إلى لغو اليمين: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [البقرة:225] ما هو لغو اليمين؟ اليمين التي تحلف بالله على شيء تظنه أو موقن بأنه كذا ويتبين خلاف ذلك، فلا شيء، لا يؤاخذك الله عليها، ولا كفارة فيها؛ لأن النفس ما تلطخت، تحلف على شيء تظنه، تعتقد أنه كذا ويتبين خلاف ذلك، كما لو قيل لك: من فضلك أقرضني مائة ريال، فتقول: والله! ما في جيبي شيء، فلما فتشت بعد ذلك وجدت، هذه لغو يمين لا كفارة فيها ولا إثم؛ لأنك لما حلفت كنت تعتقد أنه ما يوجد عندك شيء في جيبك، هذه صورة أولى.الصورة الثانية: أن يجري على لسانك دائماً اليمين: لا والله، بلى والله. دائماً في أحاديثك، هذه لغو أيضاً، ألغها وأبطلها لا تلتفت إليها.ثم اليمين التي ينفع فيها الاستثناء، وهي: أن تقول: والله! لا أفعل، وتنسى أنك مملوك لله ضعيف، قل: إن شاء الله! فإن هو حلف ألا يفعل ثم فعل فليكفر عن يمينه، أو يقول: والله! لا أفعل، ينسب القدرة لنفسه: والله! لأفعلن كذا ثم يعجز، فليكفر عن يمينه؛ لأنه نسي الله أو لا؟ لما قال: والله! لا أقوم بينكم أو لا أفعل كذا، وعجز، لو قال: إن شاء الله كان خيراً له، لكن لما نسب القدرة لنفسه هو ونسي الله وما ذكره تلطخت نفسه بالإثم، فليكفر عن يمينه، أو يقول: والله! لأفعلن، كأنه يفعل ما يريد! ما تستطيع، قل: إلا أن يشاء الله، قل: إن شاء الله، والله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الكهف:23-24]، فمن استثنى فلا شيء عليه، ومن أصر وحلف بدون استثناء ونسب القدرة لنفسه بالفعل أو الترك، ثم حنث فعليه الكفارة التي يغسل بها ما تلطخت به نفسه من أوضار الذنب والإثم. والكفارة عرفناها، إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، مخير في ذلك، فإذا ما استطعت فالإطعام هو الأخير: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة:89]. وبقيت يمين واحدة سوداء مظلمة، ما هذه؟ الغموس، غمسه يغمسه في الماء، والغموس: الذي يكثر الغمس ويقدر عليه، هذه تغمس في الإثم أولاً، ثم تغمسه في جهنم، وهي اليمين الكاذبة، أقرضه ألفاً أو خمسة فقال: والله! ما أقرضتني شيئاً، والله ما أعطاني شيئاً، وهو كاذب؛ حتى يأخذ هذه الألف، هذه اليمين عرفتم رأي العلماء فيها، منهم من يقول: ما تكفر هذه أبداً إلا بالتوبة والاعتراف بكذبه ورد المال والحق لأصحابه، هذا الذي ينفع، أما أن يكفر فما ينفعه ذلك، وبذلك قال مالك رحمه الله تعالى.وآخرون يقولون: دعه يكفر على الأقل، فحسنة خير من عدمها، لكن ليس معناه: أن يصر على الباطل، ويأخذ حقوق الناس بالأيمان الكاذبة، ويكفي أنه يصوم، والله ما يكفي أبداً. فهذه الأيمان في الشريعة الإسلامية بكاملها في آيتين من كتاب الله. ![]() تفسير قوله تعالى: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم) بقيت مسألة في الآية الأخيرة، وهذه ذات شأن، وهي قوله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [البقرة:226] ما دام أنه ذكر الأيمان ذكر بالمناسبة أن يحلف الرجل فيقول لزوجه: والله لا أطؤك كذا شهراً، فهل هذا جائز أم لا؟ يحلف الفحل لأنثاه فلانة: والله! لا أجامعك شهراً كاملاً، شهرين، ثلاثة، وفي الحقيقة هو يتألم أكثر منها، لكن العنترية. إذاً: إذا كان يحب أن يكفر عن يمينه ويرجع فالباب مفتوح، وإذا أصر فقد أذن الله له في ثلاثة أشهر، فإذا كان نهاية الشهر الرابع فإما أن يطلق وإما أن يكفر عن يمينه ويرجع.هنا عمر رضي الله عنه سأل النساء، سأل حفصة : كم تصبر المرأة عن زوجها؟ ما هي المدة التي يمكن أن تصبر؟ قالت: تصبر شهرين ولا تبالي، وفي الشهر الثالث يقل صبرها، وفي الشهر الرابع ينفد صبرها! فأصدر عمر إلى قادة الجيوش ألا يبقوا الجندي أكثر من أربعة أشهر، ويبعثوا به إلى أهله، من أين أخذ عمر هذا؟ من حفصة ، كلهم صدق وعلم ومعرفة. فالله تعالى يقول في الآية الكريمة: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [البقرة:226] انتظار أربعة أشهر، إذا وصل الشهر الرابع فإما أن يكفر عن يمينه ويرجع إلى امرأته، أو يطلق، فإن لم يطلق فالقاضي يطلقها رغم أنفه، امرأة حلف زوجها على ألا يطأها ستة أشهر، أو عاماً، أو خمسة أشهر؛ فإذا وصلت تمام الشهر الرابع ترفع أمرها إلى القاضي، فإما أن يرجع وإما أن يطلقها، واسمع الآية: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [البقرة:226] أزواجهم تَرَبُّصُ [البقرة:226] لهم تربص أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا [البقرة:226] أي: رجعوا إلى وطء نسائهم فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ [البقرة:226] لهم رَحِيمٌ [البقرة:226]، ولكن يكفرون أم لا؟ يكفر عن يمينه ويرجع إلى زوجته.وإذا حلف ألا يطأها أسبوعاً يجب أن يكفر إذا أراد أن يطأ قبله، كما قدمنا أنه إذا حلف على شيء فرأى خيراً منه فليكفر وليأت الذي هو خير، فإن حلف ألا يطأ لشهرين فإن شاء كفر ويعود إلى زوجته، ما هو بملزم، وإن حلف على فوق أربعة فهنا إما أن يفيء ويرجع إلى امرأته، وإلا فالقاضي يطلقها رغم أنفه. اسمع الآية: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [البقرة:226] ينتظرون أربعة أشهر، الزوجة تنتظر، أو أبوها أو القاضي، فَإِنْ فَاءُوا [البقرة:226] فاء يفيء الظل: رجع، فإن فاءوا بمعنى: رجعوا إلى وطء أزواجهم فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:226] يغفر لهم ويرحمهم. تفسير قوله تعالى: (وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [البقرة:227] فما الذي يحصل؟ وجب الطلاق، ما دام لم يطأها أربعة أشهر، كملت الأربعة أشهر فأبى أن يطأ ويكفر؛ إذاً: فالطلاق، المرأة تطالب بالطلاق، والقاضي ينفذه، لقوله: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [البقرة:227] فليطلقوا فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:227]، أما ألا يطلق ولا يطأ بعد أربعة أشهر فهذه مؤمنة، ما يرضى الله بأذية أمته.وإذا كانت هي ما تريد الوطء، هي التي هربت، فحينئذ يدعوها أن: تعالي، فإن لم تستجب منع عنها الطعام والشراب، لا يبعث لها لا بكساء ولا بطعام، شاردة، نافرة منه؛ حتى تعود، أما أنه هو يعرض عنها ويتركها فما يجوز، يدعوها أن: تعالي ارجعي، فإن أصرت فحينئذ هي كالمعلقة لا مزوجة ولا مطلقة.وإن حلف على أسبوع فقال: والله! لا أطؤك سبعة أيام ولم يطأ فلا ما يكفر، ما حنث، لكن إذا انهزم قبل أن يكمل أسبوعاً ورجع إليها كفر، أو حلف على شهر، ثم ما استطاع أن يصبر، ماذا يصنع؟ يكفر وليفعل الذي هو خير، لكن إذا وفى شهره فلا شيء عليه، لا كفارة ولا حنث. ![]() ما يلزم الزوج في حال غيابه عن زوجه مدة طويلة إذا كان هناك شخص يغيب عن زوجه أربع سنوات وهو مسافر في المغرب أو في المشرق؛ فهذا الأمر يعود إلى الزوجة، إذا ترك لها نفقة تكفيها، وترك لها من يتولى أمرها أو يرعاها وهي راضية بسفره لعمله؛ فلا حرج، وإن تركها بلا نفقة فإنها تشتكيه إلى القاضي، ترفع القضية إلى المحكمة والقاضي يطلقها. وإن كانت النفقة موجودة وما أطاقت هي، ما استطاعت أن تبقى بغير زوج، ما قدرت على العزوبة؛ فإما أن يجيء أو يطلق، فقط إذا كانت راضية عنه بالبقاء في عمله خارج البلاد لعامين أو ثلاثة فشأنها، أما إذا انقطعت النفقة فمن ينفق عليها؟ يطلقها القاضي وتتزوج، وإن كانت النفقة موجودة ولكن ما أطاقت البعد عن زوجها، فليس له إلا واحدة من اثنتين: إما أن يرجع أو يطلق، إذ ( لا ضرر ولا ضرار )، ( كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه ).وقوله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] العرضة: ما يوضع مانعاً من شيء، واليمين يحلفها المؤمن ألا يفعل خيراً.نكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ![]()
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة البقرة - (9) الحلقة (16) ![]() تفسير سورة البقرة (106) شرع الله لعباده الطلاق عند استحالة استمرار الحياة بين الزوجين، وبين سبحانه وتعالى أحكامه وضبطها، حتى أنه أنزل سورة كاملة في القرآن سميت بسورة الطلاق، وذلك لأهمية هذا الموضوع وما يترتب عليه من التزامات، وقد بين سبحانه هنا أن المطلقة تعتد لنفسها بثلاثة قروء، فإن انقضت هذه العدة دون أن يقربها زوجها في الطلاق الرجعي انفسخ العقد، وحرمت عليه، أما إن طلقها في حمل فأجلها أن تضع حملها وبه ينفسخ العقد. تابع تفسير قوله تعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس...) الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الإثنين المباركة- ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلك الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي، وصلى الله عليه وسلم، قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). وأخرى: إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( من أتى هذا المسجد لا يأتيه إلا لخير يعلمه أو يتعلمه؛ كان كالمجاهد في سبيل الله ).وها نحن مع هذه الآيات التي أتلوها وسبقت دراستها، وتأملوا ما فهمتم منها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224-227]. صور لغو اليمين ![]() أولاً: ما الذي أرشدت إليه ودلت إليه هذه الآية: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ [البقرة:224] ؟ أي: ولا تجعلوا لله عرضة لأيمانكم حتى لا تتقوا ولا تبروا ولا تصلحوا بين الناس. فدلت على أن الأيمان منها لغو اليمين، ولها صورتان: الأولى: أن يجري على لسانك ما لا تقصد، كقولك: لا والله، أو بلى والله كذا. والصورة الثانية: أن تحلف على شيء تعتقد أو تظن ويغلب على ظنك أنه كما أخبرت، ويتبين خلاف ذلك، أين فلان؟! قال: فلان سافر، قيل: ما سافر، فقال: والله! لقد سافر، وبعد ذلك يتبين أنه ما سافر، هذه لغو يمين: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]. النهي عن اتخاذ اليمين مانعاً من أعمال البر أما هذه الفاتحة: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] فهذه تنهانا أن نمتنع من فعل الخير بالحلف، فنمتنع من فعل الخير أو من فعل طاعة، أو من إصلاح بين اثنين، بحجة أننا حلفنا، فيقال: يا فلان! من فضلك أقرضني كذا، تقول: لقد حلفت بالله ألا أقرض أحداً؛ حتى تمنع هذه القرض، يا فلان! إخوانك يتقاتلون، تقدم أصلح بينهم، تقول: مع الأسف؛ حلفت أن لا أصلح بين اثنين بعد حادثة معينة.يا فلان! ساعدني على فعل كذا، على بناء مسجد أو مصرف خير. يقول: لا، حلفت ألا أفعل بعد هذا! فتجعل اليمين بالله عرضة كالحجر في الطريق حتى ما يمر الناس، فتضع اليمين بالله حاجزاً عن فعل البر والخير والتقوى.وما عرفناه عن الصديق وعن ابن رواحة بذلك تتضح به هذه القضية.فـأبو بكر الصديق رضي الله عنه لما شارك ابن خالته مسطح في تلك الفتنة شارك بلسانه؛ فحلف أبو بكر ألا يطعم في بيته بعد اليوم، مع أنه كان يأكل ويشرب عنده ليلاً ونهاراً!وعبد الله بن رواحة كان له ختن -أخو زوجته- فتنازع معه، فحلف بالله ألا يكلمه.إذاً: فنزلت هذه الآية تربينا وتؤدبهم: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ [البقرة:224] أيها المؤمنون وأيتها المؤمنات عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224]، أي: لا تجعلوا الحلف بالله حاجزاً عن فعل الخير والهدى والصلاح. الندب إلى فعل الخير وتكفير يمين تركه ![]() وهنا من حلف ألا يطعم فقيراً، حلف ألا يصوم يوم الإثنين، حلف ألا يعتمر هذا العام؛ فماذا يجب عليه؟ عليه أن يكفر ويفعل الذي منع نفسه من الخير، حلف ألا يشهد الصلاة مع أهل القرية وأن يصلي في بيته، لا ينبغي أن يبقى علي يمينه، جعل الحلف بالله مانعاً له من الخير، من التقوى، إذاً: كفر عن يمينك وصل مع إخوانك؟ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ [البقرة:224] أي: لا تجعلوا الحلف بالله. والعرضة: ما يقطع الطريق. أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ [البقرة:224] لأقوالكم، عَلِيمٌ [البقرة:224] بنياتكم وما في قلوبكم، فاخشوه واتقوه.والحديث الذي يقرر هذا ويوضحه: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها؛ فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه )، افعل ذاك الذي هو خير من الأول، وكفر عن يمينك، ومن ثم كفر الصديق ورد مسطحاً إلى البيت كما كان، وعبد الله بن رواحة عاد إلى ختنه يكلمه ويسلم عليه، لا سيما وقد ختمت الآية في سورة النور بقوله تعالى: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النور:22] فقال: ومن ذا الذي لا يحب أن يغفر الله له؟! اليمين الغموس وقوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [البقرة:225] عرفنا لغو اليمين بالصورتين، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225] ما هذه؟ هذه اليمين الغموس، هذه ما هي بغامسة مرة واحدة، هذه تغمس أولاً في الإثم، ثم في نار جهنم! وهذه أعيذكم بالله أن تحلفوها، هذه يحلفها بالله كاذباً؛ ليحصل على منفعة، يعرف أنه ما أخذ ويقول: والله الذي لا إله غيره! لقد أخذت، أو أنه أخذ ويقول: والله! ما أخذت من تلك. هذه اليمين الغموس، لأن صاحبها يتعمد الكذب والحلف على الباطل؛ لمنفعة تعود عليه مالية أو بدنية، أو غير ذلك، هذه اليمين الغموس التي تغمس في الإثم ثم في النار، والعياذ بالله! الأيمان المكفَّرة بعد هذا بقيت اليمين المكفرة، وهي: والله لا أفعل، أو: والله لأفعلن رغم أنفك يا فلان! فهنا تأمل، حين يقول: والله! لا أفعل هذا، فهل هو حقيقة يقدر على أن يفعل أو لا يفعل؟ هذا معناه: أنه نسب القدرة لنفسه، سلبها من الله وادعى أنه قادر على أنه يفعل أو لا يفعل، هنا إذا حنث؛ حيث قال: والله! لا آتيكم بعد اليوم، واضطر بعد يومين وجاء، فهذا يكفر عن يمينه؛ لأن نفسه تلوثت بالإثم لما نسي الله أنه هو الذي يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير، فلما تلطخت نفسه بالإثم وضع الله لها مادة التطهير يستعملها، وإلا فما تطهر أبداً. أو قال: والله! لأفعلن، ونسي أن الله إذا لم يرد شيئاً لا يكون، ثم عاد إليه؛ فتلطخت نفسه؛ لأنه نسي الله، نسي قدرة الله، نسي أن الأمر لله، فعليه -إذاً- أن يغسل أوضار إثمه بما وضع الحكيم من مادة التطهير. فاليمين المكفرة هي أن تقول: والله! لا أفعل، وتعجز وتفعل، أو تقول: والله! لأفعلن، وتعجز وما تستطيع، هنا تجب الكفارة؛ لم سميت كفارة؟ لأنها تغطي ذاك الإثم، تكفره، تزيله.هذه الكفارة جاءت مبينة في سورة المائدة، قال تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ [المائدة:89] عقدتم: حلفتم على علم ويقين ألا تفعلوا أو أن تفعلوا. فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة:89]، أي: وحنثتم، أما الذي حلف وما حنث فلا كفارة عليه. الندب إلى الاستثناء في اليمين ![]() وما هو المطلوب حتى لا نقع في مثل هذه؟ المطلوب: أن نستثني، بأن تقول: والله! لأضربنك إلا أن يشاء الله، والله! لا أجلس معكم بعد اليوم إلا أن يشاء الله! فما دمت استثنيت فما عليك شيء، عرفت الحق لمن، وأنت عاجز، إلا أن يشاء الله ذلك فتفعله ولو لم ترده.إذاً: ما ننسى كلمة: (إن شاء الله) التي حصلت بسببها قصة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقريش وعلى رأسها حاكمها وملكها أبو سفيان كانت في اضطراب، فقبل أن يهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم لما بدأ الإسلام ينتشر في مكة بعثوا وفداً إلى علماء اليهود في المدينة وأحبارهم، فقالوا: أعطونا ما عندكم من علم عن هذا الرجل، هذا الذي كفرنا وفعل وفعل، إن كان نبياً ورسولاً كما يقول دخلنا في دينه، وإن كان مفترياً وكذاباً ودجالاً فها نحن معه في حرب وفتنة! فقال لهم علماء اليهود بالمدينة: سلوه عن ثلاث مسائل، فإن أجابكم عنها فهو نبي، إذ لا يعرفها إلا نبي، وإن فشل وما استطاع فهو دجال يكذب، وإن أجاب عن البعض وعجز عن البعض فكذلك.وجاء الوفد، فقالوا لهم: سلوه أولاً عن الروح: ما الروح؟ كيف هي؟ كيف تستقر في الجسم؟ ما شأنها؟ ثانياً: سلوه عن فتية في الزمان الأول: ما شأنهم؟ وهم أصحاب الكهف في الشام.ثالثاً: سلوه عن رجل حكم الدنيا من المشرق إلى المغرب من هو هذا الرجل؟ ورجع الوفد، لما وصل إلى مكة اجتمعوا في ناديهم فقالوا: الآن نبدأ، فسألوه صلى الله عليه وسلم: ما تقول في الروح؟ ما هي الروح؟ من هم الفتية الذين كانوا في كذا وكذا؟ من هو هذا الرجل الذي حكم الأرض وساد البشر؟ فقال لهم ببشريته وفطرته: سأجيبكم غداً، وما قال: إن شاء الله، هو على نية أنه يأتيه الوحي ولا يتخلى عنه، قال: سأجيبكم غداً، ما قال: إن شاء الله، فنسي؛ حتى نتعلم نحن.وطلع النهار فجاءوا: هات ما عندك، فماذا يقول؟ جاءوا في المساء: أعندك شيء؟ فما كان عنده شيء، فقالوا: انكشف الستار، تدجيل وكذب! وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كرب لا يعرفه إلا من أصابه، حتى إن أم جميل هرولت تغني في الشوارع، تقول: تركه ربه وتخلى عنه، هذه أمرأة أبي لهب متعاونة مع زوجها تغني في الشوارع.وبعد خمسة عشر يوماً نزلت سورة الضحى: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:1-3] كما تقول الحمقاء، أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى [الضحى:6-8]، الله أكبر! فكبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا يستحب لمن يقرأ القرآن إذا وصل إلى هذه السورة أن يكبر بتكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت الإجابة عن الأسئلة الثلاثة، عن الروح في سورة بني إسرائيل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85] ما هو شأني ولا شأنكم.وأما أصحاب الكهف فجاءت الآيات مفصلة مبينة، وكذلك ذو القرنين: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا [الكهف:83] فاندهشوا.وعاتب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الكهف:23-24] إلا أن تقول: إن شاء الله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قال بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء: سأفعل كذا إلا قال: إن شاء الله، ما قال في شيء: سأفعل، سأعطيك، سأمشي؛ إلا قال: إن شاء الله.فهل عرفتم هذه؟ فلا يفارقكم الاستثناء، فإنه خير كبير، وهل عرفتم سر الاستثناء أم لا؟ إذا قلت: أفعل، وما ذكرت أن الله أولى به فإنه يخذلك، أو يعجزك ويتركك لا تقدر، فأين عقيدتك في الله عز وجل؟ فمن الخير أن تقول: سنسافر غداً إن شاء الله، سنجيب عن هذه الأسئلة غداً إن شاء الله، سنقول كذا إن شاء الله. ودعك من مسلك العوام فما هو بمحمود، يقولون: صلينا المغرب إن شاء الله! هذا ما هو بمعقول، العوام يخبطون، يقال لأحدهم: زوجت ولدك؟ يقول: زوجته إن شاء الله! كيف تقول: إن شاء الله! لأن العوام ما علموا، تقول: إن شاء الله في المستقبل، أما الذي وقع فقد شاءه الله، لولا أن الله شاء فهل سنصلي؟ والله! ما نصلي، فلا حاجة إلى أن تقول: صلينا المغرب إن شاء الله. قل: سنصلي العشاء إن شاء الله. حكم الإيلاء بقيت المسألة الثانية: وهي الإيلاء، يقال: آلى يؤلي: حلف، وقالوا: تألى، يتألى بمعنى: حلف.إذاً: إذا قال الزوج صاحب الزوجة: والله! لا أطؤك أو لا أجتمع معك في فراش ثلاثة أشهر تأديباً لها؛ لأنها تمردت عليه، فأراد أن يؤدبها بشهرين أو ثلاثة، فله أن يكفر عن يمينه، ويأتي الذي هو خير إذا رأى فيه خيراً، وإذا رأى الخير في منعها حتى تتوب أو تتراجع، وأصر وما جاءها فله ذلك حتى يبلغ الأجل الذي حدده ويأتي امرأته ولا كفارة عليه.وإن أراد أن يكفر ويرجع فذاك المطلوب، لكن إذا حلف لأربعة أشهر، أو خمسة أو ستة، فلا يصح، فإذا استوفى الأربعة إما أن يطلق وإما أن يرجع ويفيء، يعود إلى زوجته.قال تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا [البقرة:226] أي: رجعوا إلى أزواجهم ووطئوهن فذاك، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [البقرة:227] فالطلاق نافذ. وتذكرون أن عمر سأل حفصة : ما القدر الذي يمكن للمرأة أن تصبر على فراق زوجها؟ قالت: تصبر شهرين، وفي الثالث يقل صبرها، وفي الرابع ينفد صبرها، ما تطيق، فأرسل عمر إلى رجاله قادة الحروب في العالم الغزاة الفاتحين: على كل قائد ألا يبقي الجندي أكثر من أربعة أشهر، ويبعث به إلى بلاده. لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [البقرة:226] لهم الحق أن يتربصوا -يعني: ينتظرون- أربعة أشهر، إذا انتهى الشهر الرابع إما أن يعود إلى امرأته، وإلا طلقت عليه رغم أنفه. ما يلزم الغائب عن زوجه إذاً: بالإضافة إلى ما علمنا: الذي يسافر عن امرأته تاجراً كان أو عاملاً، ويتركها في بلده ماذا حكمه؟ الجواب: الأربعة أشهر لا حق لها أن تتكلم فيها، تصبر وتسكت، فإذا تجاوزت المدة الأربعة أشهر فإن نفدت نفقتها وما استطاعت فيجب أن يرجع أو ينفق عليها، وإن كانت النفقة موجودة لكن ما أطاقت فراقه، فإما أن يرضيها حتى ترضى وتطمئن وتسمح وتعفو عنه، وإما أن يأتي أو يطلق. فإذا كانت النفقة معدومة فترفع أمرها إلى المحكمة ويطلقها القاضي، إذ من ينفق عليها؟! لكن إذا كانت النفقة موجودة فهي بالخيار، إن شاءت أن تصبر حتى يعود زوجها بعد عامين أو عشرة؛ لأنه يكسب على أولادها، فلها ذلك، وإن لم تطق فإما أن يأتي أو يطلق، ولا حق له أن يقول: لا؛ لأنها لها حق كما أن له حقاً.والغالب أن الناس يسترضون نساءهم، ويطمئنونهن على أننا من أجلكن نعمل، فالمؤمنة تصبر وتتقي الله حتى يعود زوجها، وهذا ليس إيلاء، الإيلاء هو الحلف، يحلف بالله ألا يطأها وهو معها. قراءة في كتاب أيسر التفاسير ![]() هداية الآيات إليكم هداية الآيات تذكركم بما علمتم، وهي مأخوذة مستقاة من الآيات الثلاث.قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ هداية الآيات:من هداية الآيات:أولاً: كراهية منع الخير بسبب اليمين ]، (( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ ))[البقرة:224] [ فمن حلف ألا يفعل خيراً فليكفر عن يمينه وليفعل الخير ] الذي امتنع بسبب اليمين، وذلك [ لحديث الصحيح: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير ).[ ثانياً: لغو اليمين معفو عنها، ولها صورتان: الأولى: أن يجري على لسانه لفظ اليمين وهو لا يريد أن يحلف، نحو: لا والله، بلى والله. والثانية: أن يحلف على شيء يظنه كذا فيتبين خلافه، مثل: أن يقول: والله! ما في جيبي درهم ولا دينار، وهو ظان أو جازم أنه ليس بجيبه شيء من ذلك ثم يجده، فهذه صورة لغو اليمين.ثالثاً: اليمين المؤاخذ عليها العبد: هي أن يحلف متعمداً الكذب قاصداً له؛ من أجل الحصول على منفعة دنيوية، وهي المقصودة بقوله تعالى: (( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ))[البقرة:225]، وتسمى باليمين الغموس، وباليمين الفاجرة ]، اليمين الفاجرة واليمين الغموس واحدة، لم سميت فاجرة؟ لأنها فجرت به عن الحق إلى الباطل.[ رابعاً: اليمين التي يجب فيها الكفارة هي التي يحلف فيها العبد أن يفعل كذا، ويعجز فلا يفعل، أو يحلف ألا يفعل كذا ثم يضطر ويفعل، ولم يقل أثناء حلفه: إن شاء الله ]، أما إذا قال: إن شاء فما فيه إشكال.قال: [ والكفارة مبينة في آيات المائدة، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة أو متفرقة ]، ما نص الله تعالى على تتابعها.[ خامساً: بيان حكم الإيلاء ]، الإيلاء: الحلف، [ وهو أن يحلف الرجل ألا يطأ امرأته مدة، فإن كانت أقل من أربعة أشهر فله ألا يحنث نفسه، ويستمر ممتنعاً عن الوطء إلى أن تنتهي مدة الحلف، إلا أن الأفضل أن يطأ ويكفر عن يمينه ]، هو غاضب وحلف، لكن يطأ ويكفر فذلك أفضل، لا يبقى الشهر والشهرين، [ وإن كانت أكثر من أربعة أشهر فإن عليه أن يفيء إلى زوجته أو تطلق عليه ]، المحكمة تطلقها [ وإن كان ساخطاً غير راض ] فلا قيمة لسخطه.وتطلق طلاق السنة، طلقة واحدة إذا كانت طاهراً، وإذا كانت حائضاً لا يطلقها حتى تنتهي الحيضة وتطهر. تفسير قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ...) والآن مع هذه الآية الكريمة:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:228].وَالْمُطَلَّقَاتُ [البقرة:228] جمع مطلقة، والمطلقة: من انحلت عقدة النكاح معها، الرباط ذاك الذي كان انحل، وهو قوله: زوجتك على مهر كذا، انحل فانطلقت.إذاً: والمطلقات ما عليهن؟ ما لهن؟ قال تعالى: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] إذا انتهت يتزوجن، المطلقات عليهن وجوباً أن يتربصن، والتربص ما هو؟ الانتظار. ![]() المراد بالقروء في الآية الكريمة وما المراد بثلاثة قروء؟هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، ويبدو أن الأصح أن القرء بمعنى: الطهر لا بمعنى الحيض، الطهر يسمى قرءاً، والحيضة تسمى قرءاً، من أين اشتق هذا الاسم؟ اشتق من القرء الذي هو الجمع، القرء الذي هو الجمع، قرأ الماء: جمعه.إذاً: فالحائض لا تحيض كل يوم، تحيض في الشهر مرة خمسة أيام أو سبعة أيام، فهي ذات الجمع، ذاك الدم الذي كان في بطنها يتجمع، فإذا كان الوقت أو امتلأ الحوض يفيض، يخرج الحيض؛ لأن القرء بمعنى: الجمع، ومنه القرآن لأنه مجموع السور.هذه المسألة عالية بعض الشيء، لكن لا مانع أن نصل إليها بإذن الله تعالى، فالدم الذي في بطن المرأة هو عبارة عن غذاء الولد الذي يتكون في رحمها، إذ بمجرد أن يصبح الجنين ينمو يتغذى بذلك الدم، فالتي هي حامل وفي بطنها ولد ما تحيض، ما هناك دم، الولد يأكله، يأتي ويتغذى من سرته بتدبير العليم الحكيم.إذاً: إذا كان القرء مأخوذاً من القرء الذي هو الجمع فإذا قلنا: ثلاثة أقراء أي: ثلاثة أطهار، فالوقت الذي يأخذه الدم ليتجمع ما يسيل ولا يفيض، فإذا كان متجمعاً فتلك الأيام هي أيام الطهر، فإذا فاض وسال فهذا حيض أم لا؟ فلهذا فالأقرب -وهو أرحم بالمؤمنين- أن نعتبر الأقراء بمعنى: الأطهار، واستشهد أهل العلم بقول الله تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] أي: لأول العدة، ما هو أول العدة؟ هذه يا ليتنا نعمل بها، حرام على المؤمن أن يطلق امرأته وهي حائض، فذلك طلاق محرم وبدعي، وحرام أن يطلقها في طهر جامعها فيه، فممكن أنها حملت في تلك الليلة، فتبقى مربوطة تسعة أشهر برباطه.الطلاق الذي شرعه الله في كتابه وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم إذا كنت تريد أن تطلق امرأتك فانتظرها حتى تحيض ثم تطهر، فإذا طهرت واغتسلت وصلت فحينئذ قبل أن تجامعها أشهد اثنين وطلقها، هذا هو الطلاق، أما أن تطلقها وهي حائض أو تطلقها بعدما طهرت وجامعتها فهذا طلاق بدعي محرم، وكثير من الصحابة والتابعين وأتباع مالك وأحمد -وهو خلاف قول الجمهور- يقولون: أيما طلاق وقع في حيض فهو باطل، لا يعد طلاقاً، أو طلاق جامعها فيه لا يعد طلاقاً.والدليل -والكل أخذ من وجه الحديث- أنه لما طلق عبد الله بن عمر أخبر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عبد الله طلق وهي حائض، فقال له: ( مره فليراجعها ثم ليدعها حتى تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت فليطلقها قبل أن يجامعها أو يمسكها؛ فإنها العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء )، أمره أن يراجعها، هنا الجمهور يقولون: معناه: أنها طلقة وراجعها، ومن خالف الجمهور يقول: أرجعها إلى بيتها، ما طلقت؛ لأنه أوقع الطلاق وهي حائض، فهذا هو الخلاف.والشاهد عندنا في هذه القضية أن نرى ما هو الأخف والأرحم بالمؤمن؟ فإذا طلقها في طهر لم يمسها فيه فهذا طهر، ثم حاضت، فهذه حيضة، ثم طهرت فهذا طهر ثان، ثم حاضت فهذه حيضة ثانية، ثم طهرت فحلت، فإن قلنا: حيضة ثالثة طالت العدة بشهر آخر. فإذا طلقها في طهر ما جامعها فيه فهذا الطلاق شرعي وهو السنة، فيحسب من العدة؛ لأن الله قال: طلقوهن لعدتهن، ثم حاضت وأنهت الحيضة فدخل طهر ثان، فهذان طهران وحيضة واحدة، ثم جاءت حيضة ثانية، وجاء بعدها طهر حلت فيه، فلو أخذنا بالحيض لبقي شهر آخر. والحاصل أن ذلك كله خير، إن أخذت بالأطهار أو الأقراء فكل هذا صحيح، لكن الأرحم الأطهار. ![]() ما يلزم الرجل والمرأة حال العدة في الطلاق الرجعي قال تعال: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ [البقرة:228] كم؟ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] أي: فلا يتزوجن ولا يتعرضن لخطبة ثلاثة قروء وهن في بيوتهن مرتبطات بأزواجهن والنفقة على الأزواج، وللزوج الحق أن يقول: راجعتك ويبيت معها، هذا تدبير الله، تبقى في البيت، فممكن أن يندم، ممكن أن تثور شهوته فيضطر إلى أن يراجع، لا إله إلا الله! وهي في بيت زوجها لا تخرج، ولا يحل إخراجها إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ [الطلاق:1] لا يخلو بها ويتحدث معها، فهي أجنبية الآن، ولا يجامعها، وإن جامعها وهو قد طلقها فإنه يؤدب؛ إلا إذا نوى مراجعتها. فإذا انتهت الأقراء -الأطهار أو الحيض- فمع السلامة، تعطيها متاعها وتذهب إلى أهلها، فإن راجعها في العقدة فهنيئاً له، وإن قالت: لا أرجع فلا حق لها، فلو مات ورثته، ولو ماتت ورثها، ما زالت في عصمته، حتى تنتهي الأطهار الثلاثة، هذا إذا كانت تحيض. وإذا كانت صغيرة ما تحيض بنت عشرة سنين، أو كانت عجوزاً بنت سبعين سنة فكيف تعمل؟ هذه تعتد بثلاثة أشهر: وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]كذلك، التي لا تحيض لكبر سن أو صغر فعدتها محدودة بثلاثة أشهر. معنى قوله تعالى: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر) ثم قال تعالى: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] هذه مسائل عالية، يا مطلقة! انتبهي، أنت تؤمنين بالله واليوم الآخر أم لا؟ إياك أن تجحدي الحيض أو الحمل، تجحد الحمل فتقول: والله! لأحرمن هذا الكلب من الولد، هذا كلام النساء، فتتزوج وتنسب هذا الولد للزوج الثاني! هذا موقف خطير لا تفعله مؤمنة، أو تعجل فتقول: أنا حضت ثلاث حيضات في الشهر الماضي وهي تكذب؛ كتمت ما في رحمها.أو حاضت وتقول: ما حضت إلا حيضتين؛ حتى ترجع، المهم: بلغوهن أنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تجحد حيضها أو حملها لمصلحتها الخاصة، يا ويلها! واسمع الآية: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ [البقرة:228] يجحدن مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] أي: من حيض أو ولد إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:228]. أثر التجرد عن الإيمان بالله واليوم الآخر وقد كررنا القول هنا فقلنا: لأن تنام إلى ثعبان تتوسده فمن الجائز ألا يأكلك، أما أن تنام إلى جنب شخص لا يؤمن بلقاء الله؛ فوالله إن احتاج إليك لانقض عليك، ما في الأرض شر من شخص لا يؤمن بلقاء الله يوم القيامة، هذه قضية كررناها مرات، فحيوان قد تسلم منه، والذي لا يؤمن بلقاء الله لا تسلم منه، إن احتاج إليك أخذ دمك، فلا تأمنه أبداً.ولهذا تجد قوله تعالى: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [الطلاق:2]، إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:228]، أما الكافر الملحد الذي لا يؤمن بالله ولا بلقائه فوالله ما يؤمن على رأس بصلة أبداً، ولا خير فيه بالمرة، شر من الثعالب والذئاب، بل من السباع والكلاب! قد تقول: يا شيخ! بالغت. فأقول: أما قال تعالى: أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] ؟ حكم من هذا؟ حكم خالقهم، شر الخليقة على الإطلاق! وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. ![]()
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة البقرة - (10) الحلقة (17) ![]() تفسير سورة البقرة (107) من أحكام الطلاق التي شرعها الله عز وجل أن المرأة تتربص بنفسها ثلاثة قروء، فإن كان طلاقها رجعياً وراجعها الزوج خلال هذه المدة فيبقى بينهما حكم الزوجية ويستمر العقد، وإن لم يراجعها انفسخ عقده واحتاج لمراجعتها إلى عقد جديد، أما إذا طلقها في مدة الحمل فإن مدتها هي وضعها لحملها، فإن راجعها في مدة الحمل وإلا انفسخ عقده كما في السابق. تابع تفسير قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء...) ![]() الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأحد من يوم السبت- ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة )، وها أنتم تشاهدونها، ( وغشيتهم الرحمة )، وهي مشاهدة، ( وحفتهم الملائكة ) وحقاً إنهم يحفون بهذه الحلقة، ( وذكرهم الله فيمن عنده )، فالحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله! ولنذكر أيضاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أتى هذا المسجد لا يأتيه إلا لخير يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله )، فالحمد لله .. الحمد لله! ![]() وجوب الفيء أو الطلاق بعد تمام الأربعة أشهر معشر المستمعين والمستمعات! بعد الآيات التي عرفنا بها ومنها حكم الإيلاء في الإسلام، وهو قول الله عز وجل: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:226-227]؛ علمنا أن من حلف ألا يجامع امرأته فإن جامعها وكفر عن يمينه فخير له، وإن أصر على يمينه الشهر والشهرين والثلاثة والأربعة، فعندما يكتمل الشهر الرابع إما أن يرجع إلى زوجته يجامعها ويكفر عن يمينه، وإما تطلق عن طريق القاضي رغم أنفه.واسمع النص: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [البقرة:226] أي: يحلفون ألا يطئوهن، تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [البقرة:226] والمرأة صابرة، فإن تمت الأربعة فإما أن يفيء إليها ويرجع أو يطلق، لا تبقى أمة الله محرومة معذبة، فمن رحمها؟ الله مولاها ومولى المؤمنين والمؤمنات. لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا [البقرة:226] أي: رجعوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:226-227].وتذكرون أن عمر رضي الله عنه سأل حفصة : ما هي المدة التي يمكن للمرأة أن تصبر عن زوجها؟ قالت: تصبر شهرين، وفي الثالث يقل صبرها ويضعف، وفي الرابع ينفد صبرها؛ فأصدر أمره إلى قادة الجيوش الغزاة الفاتحين في الشرق والغرب أن من أقام في المعسكر أربعة أشهر يجب أن يعود إلى أهله.هل عرفت الدنيا هذا؟! من بقي في الجهاد بعيداً عن أهله أربعة أشهر يعطى رخصة رسمية بأن يعود إلى أهله، هذه هي عدالة عمر ! سأل ابنته وأمه، وهل هي ابنته وأمه؟ حفصة بنت عمر زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أليست أم المؤمنين؟ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب:6]، وكانت من العلم بمكان، كيف لا وجبريل يتردد على بيتها، والرسول يتكلم عندها، فكيف لا تعلم؟ فأعطته هذه الحقيقة، أن المرأة تصبر عن زوجها شهرين بلا تأزم، وفي الشهر الثالث يقل صبرها، وفي الرابع ينتهي وينفد، ومن ثم شرعها عمر وسن وقنن بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ). وجوب اعتداد المطلقة ثلاثة قروء بعد هذا قال تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:228].كلام من هذا؟ من يقوى ومن يقدر على أن يقول هذا؟ هذا كلام الله رب العالمين، لو تجتمع البشرية كلها على أن تقول هذه الجمل فوالله ما استطاعت، ولا وصلت إليها، فآمنا بالله! هذا هو القرآن الكريم.اسمع: وَالْمُطَلَّقَاتُ [البقرة:228] صيغة خبرية ومعناها الإنشاء، والمطلقات: جمع مطلقة، كانت مربوطة بعهد وميثاق، بعقد، فمن طلقها؟ المطلقة طلقها الفحل، الزوج، أو طلقها القاضي، إذا غاب الزوج غاب أو حرمها حقوقها وآذاها فالقاضي يطلق. يَتَرَبَّصْنَ [البقرة:228] التربص: الانتظار، كم تنتظر؟ قال: ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، وهنا خذ هذه الفائدة وحافظ عليها، وجل السامعين لا إخالهم يعترضون. ففد عرفنا من الدرس السابق معنى القرء، فالقرء: مأخوذ من القرء الذي هو الجمع، فالدم يتجمع في الرحم إذا كانت المرأة غير حامل، ثم يفيض ويخرج بتدبير الله عز وجل، إذ هذا الدم تفرزه تلك الشرايين والأعضاء من أجل غذاء الجنين في رحم أمه، فإذا انعدم الجنين يتجمع الدم ويخرج في الشهر مرة.فلفظ القرء اختلف العلماء في حقيقته: هل هو الطهر أو الحيض؟ فـمالك رحمه الله ومن تابعه يرون أن الأقراء هي الأطهار، وغير مالك كـأحمد وغيره يرون أنها الحيض؛ فلفظ القرء صالح للطهر والحيض فترة معينة، فمن الفقهاء من قال: المطلقة تعتد بثلاثة أطهار. أنموذج الطلاق الشرعي مثلاً: حين يطلق الرجل امرأته عندما يعلم أنه آذاها وهي مؤمنة، ولا يحل لمؤمن أن يؤذي مؤمنة، أو علم بمرور الأيام أن بقاءها فيه أذى لها وضرر يصيب هذه المؤمنة وهي أخته في الإسلام، أو رأى أن بقاءها معه أدخل عليه ضرراً وأذىً ما أطاقه، وهو عبد الله ووليه ما يرضى الله له الأذى ولا الضرر، عندما يتأكد من وجود الضرر وأنه لا يدفع إلا بالطلاق فإنه يطلق. وهل المؤمنون اليوم يشعرون بهذا الشعور؟ ولا واحد في المليون! لم؟ لأننا ما ربينا في مثل هذه الحلق النورانية، لا نساؤنا ولا رجالنا، فمن أين يأتينا هذا النور ونحن مبعدون عن ساحاته إبعاداً كاملاً، يعيش الرجل ستين سنة ما يجلس جلسة كهذه ولا يعرفها! من أين يعلم؟ أيوحى إليه؟ لا والله، فقد ختمت النبوات بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.هل في الإمكان أن تعيش مع تلك المؤمنة -سواء من أقربائك أو من غيرهم- على أنها أختك في الإيمان والإسلام، وأن أذاها حرام، وأن أذاك أنت محرم، والرسول يقول: ( لا ضرر ولا ضرار )، تعيش معها، فإذا شاهدت منها الأذى قد أصابك، أضر بك، أضاع حياتك؛ فاصبر وعظها، علمها، خوفها، بين لها، فإذا وجدتها لا تدفع الضرر عنك؛ فأنت عبد الله ووليه ما يحملك مولاك على أن تبقى محروماً في أذى وضرر أبداً.إذاً: تريد أن تطلقها، انتظرها حتى تحيض، فإذا حاضت وانتهت الحيضة واغتسلت أخذت تصلي وتصوم فقبل أن تطأها قبل أن تجامعها أشهد اثنين وائت بهما إلى المنزل: أشهدكما أني طلقت فلانة. فهذه الطلقة. ![]() لزوم بقاء المطلقة الرجعية في بيت الزوجية وتبقى في بيتها لا تخرجها، لأن المطلقة طلاقاً رجعياً كالزوجة، بحيث لو ماتت ورثتها، لو مت أنت ورثتك، ولا يحل خطبتها ولا التزوج بها إجماعاً، هي في حكم الزوجة، تنتظر أمر الله، فإن تراجع الزوج وندم وأقبل على إرجاعها فحسبه أن يقول: يا فلان وفلان! أشهدكما أني راجعت زوجتي. لا عقد ولا مهر ولا وليمة.فإن أبى أن يراجعها فهي في بيته تنام وتأكل وتشرب وتصلي، ولا ينظر إليها، ولا يكلمها إلا بما لا بد منه، لأنها أصبحت أجنبية مطلقة، أما لو جامعها بدون نية المراجعة فلا يقام عليه الحد للشبهة، وهو آثم، إلا إذا جامعها بنية إرجاعها فلا حرج.فإن آذت أمه إخوانه أولاده أو أحدثت حدثاً سيئاً فأتت بفاحشة؛ فلا بأس أن يذهب بها إلى أهلها؛ لقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] حينئذ يقول: امشي إلى أهلك فأكملي عدتك في بيت أبيك أو أمك، فإذا انقضت عدتها انتهت وبانت منه، ولو أراد أن يتزوجها فيحتاج إلى خطبة ومهر جديد ورضاها وموافقتها، نكاح كأنه أول مرة.فلم طلقها؟ دفعاً للضرر الذي أصابه ولحقه منها، أذن له مولاه في طلاقها، وإذا كانت هي المتأذية المحرومة المكروبة لما في نفسها، ما أطاقت الحياة؛ فالفحل المؤمن إذا نظر إلى ذلك وتأكد منه قال: كيف تعيش هذه المؤمنة في كرب؟ ما لي ولها؟! فيشهد اثنين على طلاقها ويطلقها؛ حتى لا تكرب ولا تحزن وهي مؤمنة تؤمن بالله ولقائه. نظرة في المصالح المترتبة على الخلاف في معنى القرء نعود إلى مالك حيث رأى أن تعتد بالأطهار، قال: لأن المدة تصبح قصيرة، فإذا طلقها في طهر لم يمسها فيه فهذا طهر الآن، ثم حاضت حيضة جديدة وطهرت، فهنا طهران، ثم حاضت، فهذه الحيضة الثانية، ثم طهرت، فحلت وانتهت، في ثلاثة أطهار، وبالحيض تصبح أربعة أطهار.إذا قلنا: يطلقها بالحيض فإذا أكملت ثلاث حيض طلقها، أولاً: يطلقها في طهر وهذه الفترة غير محسوبة، بعد الطهر تحيض حيضة أولى ويأتي طهر ثان، ثم تحيض حيضة ثانية، ثم يأتي طهر ثالث، ثم تحيض حيضة ثالثة وتنتهي، فهذه المدة أطول أم لا؟ والذي فتح الله به علينا أنه لا فرق بين ما رآه مالك ولا الشافعي ولا أحمد ؛ لم؟ لأن الزوج أيضاً في صالحه أن تطول المدة، ينتفع بها، قد يندم ويراجعها، فطول المدة أيضاً في صالح الزوج.والآخر رأى أن قصرها في صالح الزوجة حتى تتزوج؛ لأنه إذا تمت عدتها تتزوج من غد، فنقول: النظريتان صالحتان، ولهذا إن شئت اعتدت زوجتك بالأطهار أو بالحيض، سبحان الله العظيم! فكلام الله حمال الوجوه كما قال علي رضي الله عنه. حرمة كتمان المطلقة ما في رحمها من حيض أو حمل إذاً: اسمعوا الآية: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] ثلاثة حيض، ثلاثة أطهار، الكل صالح، وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] حرام على المؤمنة المطلقة أن تجحد الحيضة الحمل في بطنها، وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ [البقرة:228] أي: يجحدن مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] قد تكتم الحيض أم لا؟ قد تقول: حضت أربع مرات، أنا أريد أن أراجعها فقالت: انتهت العدة؛ حضت ثلاث مرات، حتى تتخلص منه، ما تعطيه فرصة، فجائز أن تكتم هذا أم لا؟ أو ما حاضت وأراد أن يراجعها فتقول: حضت أربع حيضات أو ثلاثاً. أو يكون في بطنها جنين ابن شهرين أو ثلاثة فتطلق فتجحده وتقول: ما عندها حمل، وإنها قد اعتدت بالحيض، وتتزوج وتنسب الولد إلى غير أبيه! قد تكون على اتفاق مع رجل فاسق.فقوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] من الحيض والحمل، حرام أن تكتم عدد الحيضات، أو تكتم الحمل وهو في بطنها.واللطيفة هي في قوله تعالى: إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:228] لأن هذا غيب لا يعلمه إلا الله، تستطيع أن تقول: أنا حضت أربع مرات، ومن يعرف؟! الطبيب ما له شأن في هذا، قد تقول: ما عندي حمل، ومن يدري؟ لكن الله تعالى يدري، فمن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر لا تكتم وتجحد هذا الحق لصالحها وهواها، فهذه موعظة ربانية: إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر. فقوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ [البقرة:228] أي: للمطلقات أَنْ يَكْتُمْنَ [البقرة:228] أي: يجحدن ما في بطونهن، إما الحيض فتدعي أنها حاضت ثلاثاً، أو تدعي أنها ما حاضت، أو ما في بطنها من حمل شعرت به، وتنقله إلى زوج آخر والعياذ بالله! معنى قوله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً) ![]() وقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] بقيد إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228] الله أكبر! والبعولة: جمع بعل، أزواجهن أحق بردهن وإرجاعهن في العدة، وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] أي: في ذلك الزمن زمن الطلاق، وكلمة (أحق) معناه: أن لها هي حقاً أيضاً، لكن هو حقه أعظم، فإذا كانت مظلومة حيث أساء إليها ودمرها وأشقاها في حياتها فإنها تريد ألا ترجع إليه، وتطالب بعدم الرجعة؛ لأن لها حقاً، لكن حقه هو مقدم على حقها.فقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ [البقرة:228] بماذا؟ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] الانتظار بالحيض أو الأطهار، والقيد العجيب: إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228]، أما أن تردها فقط لتعذبها فحرام هذا، أو تريد هي أن ترجع إليك أيضاً لتكيد لك وتمكر بك فحرام هذا، لا بد عند الرجعة أن يكون الزوج يريد الخير، وهي تريد الخير أيضاً لها ولزوجها، فلا إله إلا الله! وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228]، أما إن أرادوا الأذى والضرر لبعضهم فلا يحل، لا ترجع إليه ولا ترد إليه. معنى قوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) ثم قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، أي: للزوج على زوجته حق بالمعروف، وللزوجة على زوجها حق بالمعروف، من أبرز ذلك: أنك تحب من زوجتك أن تتزين لك أم لا؟ فهي أيضاً تحب أن تتزين لها، فتزين أنت لها، لا أن تكون أشعث أغبر وتريد أن تكون هي كالحور العين، فأنت اغتسل وتنظف وتطيب والبس ثوباً نظيفاً وكن ذا رائحته طيبة كما تحب منها أن تفعل ذلك. وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، تحب أن تقول لك: يا سيد! كيف أصبحت؟ فقل لها: يا سيدة! كيف أصبحت؟ تريد أن توقظك للصلاة، فأيقظها هي أيضاً للصلاة، المعروف الذي تحبه منها أعطها مثله أنت أيضاً، بالعدالة: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، والمعروف: ضد المنكر، ما أذن الله فيه وأباحه من الخير هو المعروف. معنى قوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) وأخيراً تختم الآية بقوله تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، فالذي يطالب بالمساواة بين المرأة والرجل كافر لم يبق له حظ في الإسلام، كيف؟! الله يقول: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] سامية وعالية، أليس هو الذي يحميها؟ أليس الذي هو يكسوها؟ أليس الذي يداويها؟ أليس الذي يطعمها ويسقيها؟ وهي ماذا قدمت؟ ارتفعت درجته أم لا؟ أليس هو الذي يجاهد وهي في البيت؟ أليس هو الذي يحضر الجمعة والجماعة وهي في بيتها؟ درجة ظاهرة كالشمس. وفي نفس الخَلق والخُلق أيضاً، فخَلق الرجل الفحل أقوى من خلق المرأة، قل للمرأة: ارفعي قنطاراً على رأسك أو على كتفيك فستتحطم في الأرض، والفحل يرفع القنطار، قل لها: امشي خمسين كيلو على رجليك فستعجز في الطريق، والفحل يمشي مائة كيلو، ففرق بينهما في الذات.فالذي يقول: المساواة ديوث، يهودي أو نصراني، وسبحان الله! قرأنا سورة التحريم من الطفولة منذ سبعين سنة وزيادة، ونحن نسمع قول الله عز وجل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا [التحريم:10] الآية، فما فكرنا ولا وقع في نفوسنا شيء حتى صلى إمام المسجد الشيخ إبراهيم صلاة الصبح، فلما قال: كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ [التحريم:10] اندهشت؛ فهل قال: (تحت) أم (فوق)؟ هل تحت عبدين أو مساويتين لهما؟ فمن ثم صرخنا وقلنا: الذي يطالب بمساواة المرأة مع الرجل كافر؛ كذب الله عز وجل ورد قانونه وشرعه من أجل الهوى وتقليد الملاحدة والذين لا دين لهم ولا عقول. فالله تعالى يقول: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، فمن أعطاهم إياها؟ الله ربهم ورب النساء، ما أخذوها بالقوة. معنى قوله تعالى: (والله عزيز حكيم) ![]() واسمع ختام الآية: وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:228]، طأطئ رأسك يا عبد الله، فالله تعالى الواهب هذا الخير عَزِيزٌ [البقرة:228] لا يغالب ولا يُغلب أبداً، فانتبه، حَكِيمٌ [البقرة:228] في تشريعه، والله! لا يخطئ، ولن يخرج من تشريعه أبداً سوى الصلاح والخير والرحمة والهدى، هذا ما هو تشريع أحمق أو جاهل، بل تشريع حكيم يضع كل شيء في موضعه.وقد قلنا ونقول آلاف المرات: أعطونا قضية من قضايا الإسلام ثبتت بالكتاب والسنة، ثم اجمع علماء البشر كلهم بفلاسفتهم لينقضوها، والله! ما تنقض، أقسم بالله! ما تنقض على مرور الزمان، فقد نزلت الآيات منذ ألف وأربعمائة سنة، وانتظر أربعة آلاف سنة، فوالله! ما ينقض كمالها ولا مراد الله منها، فقولوا: آمنا بالله. تربص العدو بالمسلمين وسعيه في إبعادهم عن القرآن هذا هو القرآن العظيم، هذا القرآن تعليم تشريع سياسة آداب أخلاق، فلم يقرؤه المسلمون على الموتى؟ لأنهم ماتوا، هذا القرآن هل يقرأ على الموتى؟ لا يجوز، هذا عبث، هذا كتاب هداية وتعليم تقرؤه على ميت! هل الميت يقوم يصلي ويتوب؟! عق أمه هل يقوم يقبل رأسها؟! انتهى أمره، فماذا تقرأ عليه أنت؟! من مكر بالمسلمين هذه المكرة؟الثالوث الأسود، هل تدرون أن هذا الثالوث مكون من ثلاث طوام أو عفاريت؟ أولهم: اليهود، ثانيهم: المجوس، ثالثهم: النصارى، اجتمعوا وأنتم ما تعرفون عنهم، نحلف لكم بالله، والله العظيم! لهم الذين ضربوا هذه الأمة وأنزلوها من علياء سمائها إلى الحضيض من الأرض، وما زالوا متعاونين إلى اليوم، نظروا بعد حروب خاضوها أنهم يفشلون، وبعد مكر وكيد ومؤامرات ما استطاعوا أن يفلحوا، فبحثوا عن السر، ما سر هذه العصمة والقوة التي لا تقهر؟ قالوا: السر هو القرآن، ووالله! لقد صدقوا؛ القرآن روح ولا حياة بدون الروح، أما سمعت الله تعالى يقول: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52] ين أو مساويتين َبْدَيْنِ ُم، يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ [غافر:15]، فالقرآن روح.كانت هذه الأمة في ديارها ميتة فأحياها الله بالقرآن فعزت وكملت وسادت وطهرت، فقالوا: إذاً: هيا نسلب القرآن منها لتموت، فعملوا في مؤتمرات سرية على إسقاط كلمة (قل) فما استطاعوا، القرآن يحفظه النساء والرجال في البادية والحاضرة، كيف نسقط منه كلمة؟ فعجزوا.فقالوا: نحتال عليهم ونبعد القرآن من بينهم ونحوله إلى الموتى. ونجحوا، فمن إندونيسيا إلى موريتانيا قبل هذه الإفاقة الجديدة منذ خمسين سنة إذا مررت بزقاق أو شارع ضيق وسمعت القرآن يقرأ فاعلم أن الميت هناك، على طول الخط، حتى إن نقابة في بلد إسلامي كانت مختصة بهذه، تقول: يا سيد! توفي الوالد اليوم فنريد عشرة من طلبة القرآن، فيقول: من فئة المائة ليرة أو الخمسين؟ إذا كان فقيراً فمن فئة خمسين، والغني من فئة المائة! وأبعدت هذه الأمة عن القرآن بعداً كاملاً، لا يدرّس ولا يجتمع عليه، وحولوه إلى الموتى في المقابر وفي البيوت، وقبل هذه الدولة المباركة كان في الروضة يجتمع القراء يقرءون ختمة على سيدي فلان بألف ريال للواحد!وقالوا: القرآن تفسيره صوابه خطأ وخطؤه كفر، فألجموا العلماء وما أصبح من يقول: قال الله، إياك أن تقول: قال الله؛ فالقرآن فيه الناسخ والمنسوخ، وفيه الخاص والعام فلا تتكلم، فألجموا العالم الإسلامي بحيث لا يقول الرجل مستشهداً بأمر أو نهي: قال الله أبداً، ومن أراد أن يقف على هذه فعند أصحاب الفقه المالكي في حاشية الحطاب على خليل سيجدها، قالوا: التفسير صوابه خطأ، إن فسرت القرآن وأصبت فأنت مخطئ، وإن أخطأت كفرت، إذاً: من يقول قال الله؟! من يقدم على هذا؟!وأخيراً: نجحوا، وما الدليل؟ أما استعمرتنا هولندا في إندونيسيا ونحن مائة مليون؟ أما استعمرت ممالك الهند العظيمة الطويلة بريطانيا؟ والشرق الأوسط شمال أفريقيا أما استعمرته بريطانيا وفرنسا وإيطاليا؟ كيف تم هذا؟ بعدما قتلونا وسلبوا الروح، فإنا لله وإنا إليه راجعون! هل من إفاقة؟من منكم إذا فرغ من العمل مع إخوانه في المصنع في الدائرة وتوضئوا وأرادوا أن يصلوا يقول لأخيه: أسمعني شيئاً من القرآن؟ لا أحد، أو يجلس في المسجد ينتظر الصلاة فيمر به المؤمن فيقول له: أنت تحسن القرآن؟ قال: نعم، قال: من فضلك اقرأ علي شيئاً من القرآن؛ فنسمع ونبكي؟ لا أحد.ما زالت تلك الصفعة قائمة، كل ما في الأمر أنه أصبح يوجد من يفسر القرآن لا أقل ولا أكثر، يقول: قال الله وقال رسوله. ![]() ملخص لما جاء في تفسير الآية أعيد تلاوة الآية وننتقل إلى غيرها، فاسمع: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، ثلاثة أطهار أو ثلاث حيض، كله صالح بإذن الله، وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] من حيض أو ولد؛ إذ الخالق هو الله، هل هناك من يخلق الجنين غير الله؟! إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:228]، فالذي لا يؤمن بالله ولقائه شر الخليقة؛ لأن تأوي إلى ثعبان وتتوسده وتنام فقد تسلم منه، وإن أنت نمت إلى جنب رجل لا يؤمن بالله ولقائه فلا تسلم منه، إذا احتاج إلى دمك فإنه يمتصه، إلى عينك فإنه يفقؤها، أما عن نزع ساعتك من يدك أو نقودك من جيبك فلا تسل، فالذي لا يؤمن بالله ولقائه هبط وأصبح شر الخليقة وإن كان أبيض أو ما كان، واسمعوا قول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6]، من أخبر بهذا الخبر؟ الله تعالى. ومن أعلم من الله؟ لا أحد، فشر الخليقة هم الكفار والمشركون. وقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228]، من طلق امرأته وما زالت في عدتها هل هناك من هو أحق بها منه؟ لا أحد، لا يحل خطبتها حتى بالإشارة.وقوله تعالى: إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228]، إذا كنت تريد أن تردها فيجب أن تكون على نية وعزم صادق أنك تردها لتسعد معك وتسعد بها، لا أن تشقيها بالأذى والسب والشتم والتعذيب، وهي كذلك إذا أرادت أن ترجع وطالبت بالرجوع فيجب أن تكون تريد الإصلاح والخير لزوجها وأولادها، هذا شأن المؤمنين والمؤمنات إن أرادوا إصلاحاً.وقوله: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، لهن على أزواجهن مثل الذي للأزواج عليهن، عدالة، وقد بينا مظاهرها، منها: أنك تحب أن تتجمل لك، فتجمل أنت لها. وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، من رفعهم هذه الدرجة؟ مولاهم خالقهم. وَاللَّهُ عَزِيزٌ [البقرة:228]، فخافوا ارهبوا لا تخرجوا عن طاعته وتتمردوا على قوانينيه؛ فإنه قادر على أن يشقي ويعذب، وكم فعل. حَكِيمٌ [البقرة:228] في كل ما يضع، والله! ما أباح شيئاً إلا لفائدة، ولا حرّم شيئاً إلا لنقصان وخسران، احلف بالله مليون مرة! ما فرض الله فريضة إلا لصالح الإنسان، ولا حرم حراماً إلا لصالح الإنسان في كل جزئيات الحياة. وقفة مع قوله تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ...) ثم قال تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، كم طلقة يطلق الفحل امرأته؟ طلقتان فقط، يطلقها المرة الأولى ثم يراجعها فهذه طلقها، ثم يطلقها الثانية ويراجعها فهذه طلقتان، وفي الأخيرة الفصل، حتى إن أحد الأصحاب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: الله يقول: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229]، فأين الطلقة الثالثة؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، هي الطلقة الثالثة، في الطلقة الأولى يراجعها قبل نهاية العدة وله ذلك، راجعها وعاش معها شهراً أو سنين وطلقها طلقة ثانية، فإنه يراجعها، ثم إذا راجعها وعاش معها ينتبه إن هو طلقها لا تحل له أبداً حتى تنكح زوجاً غيره.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. ![]()
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
••• جميع المشاركات والآراء المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع ••• |
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |