الإيمان والحياة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 124 )           »          شرح حديث: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 97 )           »          شرح حديث جابر:إن من أحبكم إلي ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          حكم هجر أهل البدع وترك مجالستهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 107 )           »          وبشر المؤمنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 92 )           »          حديث: إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          ابن جبرين يحدثنا عن الموت وقبض الروح! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 85 )           »          أهمية تحقيق الأمن الغذائي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 109 )           »          القدوات وعمق التأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4592 - عددالزوار : 1298795 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 04:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,176
الدولة : Egypt
افتراضي الإيمان والحياة

الإيمان والحياة (1)

منداه بابان


للحياة أكثرُ من وجهٍ تُقابِل به الإنسانَ وهو سائر في دربها الرحب الطويل، فلا يزال في تقلُّبٍ بين ضيقها وسَعَتِها، وبؤسها ونعيمها، وهو ينشد في كلِّ خطوة من خُطاه ضالةً من آماله وأمنياته، التي خيَّل إليه الوهمُ إمكانَ اجتماعها واطِّرادها في ظروفٍ دائبةِ التحوُّلِ كظروف الحياة العاجلة، وهو في كل يوم يطلب جديدًا من المقتنيات والمعايش والأصدقاء؛ فرارًا من سآمة القديم، وانجذابًا إلى متعة الجديد:


لِكُلِّ جَدِيدٍ لَذَّةٌ غَيْرَ أَنَّنِي ♦♦♦ وَجَدْتُ جَدِيدَ المَوْتِ غَيْرَ لَذِيذِ


ثم إذا صار الجديد قديمًا، رمى به خلفَ ظهرِه، واستأنف البحثَ؛ ليَجِدَ في صدفةٍ نادرة هذه المرةَ ما كان يصبو إليه؛ لكنه لا يقع من نفسه الموقعَ الذي كان يتخيَّله، ولا يرسو مركبُ شوقِه على ساحل الوصال، ولا تنطفئ نارُ جواه، بشربة هواه:


أُعَانِقُهَا وَالنَّفْسُ بَعْدُ مَشُوقَةٌ
إِلَيْهَا وَهَلْ بَعْدِ العِنَاقِ تَدَانِ




وَأَلْثَمُ فَاهَا كَيْ تَزُولَ صَبَابَتِي
فَيَزْدَادُ مَا أَلْقَى مِنَ الهَيَمَانِ




هذه صورة بسيطة لإخفاق الإنسان، وقصورِ تفكيره، إذا اعتمد على نفسه، وانحبس بين جدران حسِّه، وهناك صورة مركَّبة، تبدو عندما يرسم صورةَ الحياة التي يهدف إلى تفيُّؤ ظلِّها، والثَّواء في كنفها، فيحلِّيها بأبهى الزينات، ويجمع في دائرتها كل ما رآه أو سمعهطول حياته من الطُّرَف والمستحسنات، ثم يعزل عنها كلَّ ما يمكن أن يقارنها من المزعجات والمنغِّصات، فهو يجمع من مشتهيات النفس ووسائل راحتها، ما لم يجتمع في الحقيقة إلا في خياله الحالم عبر مشاهدات طويلة، ويفرق بين ما أثبتت اجتماعَه حقائقُ الحياة، القاضية بدوام امتزاج البأساء بالضراء، والمحبوب بالمكروه، واستحالة افتراقهما طويلاً في هذه الدار.

ألا ما أبعدَ الشُّقةَ بين الواقع والخيال! وما أضيعَ الإنسانَ إذا انقطع عن ربِّه ولهث وراء أهوائه لا يلوي على شيء! وهذه هي حال الكثرة الكاثرة من قطيع البشر الشارد عن هدى الله؛ لا يعرف غير الحياة الحاضرة، يَصلى سمومَها، ويعاني همومها؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7، 8].

ولا ينتبه من سُكْره، ولا يثوب إلى رُشْده، إلا مَن هبَّتْ على قلبِه أنسامُ التوفيق، وأنارت الهدايةُ أمامه الطريق، فوجد من آثار النبوة الصحيحة ما يبني في نفسه إيمانًا جديدًا، ومعرفةً طارفة، وشعورًا بحياة أخرى فيها ما يريد، وخيرٌ مما يريد.

هذه هي الفائدة الأولى من فوائد الإيمان بالغيب على الإنسان وعلى الحياة، ذلك الإنسان الذي كان بالأمس زائغَ النظرات، متصاعِدَ الزفرات، مضطربَ التفكير، مستوحشَ الضمير، لا يأنس بوجد، حتى يبأس لفقد، ولا يأوي إلى ظِلال، حتى يتيه في ضلال، أصبح اليوم خلقًا آخر، تحوَّلت مقاييس الأشياء في نظره، وثوى في شعوره إحساسٌ هائل بالغيب يحطِّم أوهامَه الدنيوية، ويصغر في عينيه ما كان كبيرًا بالأمس، وهنا ينسجم مع حقائق الفطرة وطبائع الأشياء، وتعمر الأعمالُ الصالحة حياتَه، ويصير تناولُه للأشياء عن وعيٍ وشعور دقيقين، وتصبح عاداتُه عباداتٍ، وعباداتُه سعاداتٍ، ويغدو مقتصرًا على ما هو محتاج إليه من أمور دُنياه، معرضًا عما سواه، فيطيب عيشه إذ ذاك، وتطمئن نفسه، ويأوي إلى ركن شديد؛ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً... ﴾ الآية [النحل: 97].

فالإيمان هو الإكسير الذي يَقلِب الحياةَ المليئة بالتناقض والتنغيص والحرمان، إلى جنةٍ عاجلة، وروضةٍ زاهرة؛ ولكن الإيمان الذي يُنشئ هذا الواقعَ الضخم ليس هو إيمانَ الذهن أو اللسان الذي يتكون في قاعات الدرس والتلقين؛ ولكنه إيمانُ القلب والروح، إيمان المراقبة والذِّكر، إيمان التفاني والحب.

أعظمُ الأشياء في الوجود قيمةً، وأعزُّها وجودًا: إرثُ الأنبياء الكرام، ومفتاح دار السلام، فلنعمل على التحلِّي به بدوام اليقظة والمراقبة، ولنخرج من إطار الغفلة، ولننطرح على عتبات الفضل والكرم.



غُفْرَانَكَ اللَّهُ مِنْ جَهْلٍ بُلِيتُ بِهِ
فَمَنْ أَفَادَ وُجُودِي كَيْفَ أَنْسَاهُ؟!




فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا أَمَّلْتُ مِنْ كَرَمٍ
فَأَنْتَ أَكْرَمُ مَنْ أَمَّلْتُ رُحْمَاهُ






والسلام عليكم ورحمة الله.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.38 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]