07-04-2021, 02:35 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,971
الدولة :
|
|
زواج ذوي الاحتياجات الخاصة.. سعادةٌ تتحدَّى الإعاقة؟!
زواج ذوي الاحتياجات الخاصة.. سعادةٌ تتحدَّى الإعاقة؟!
رضا القاضي
"زواج المعاقين" - أو كما يسميهم البعض: ذوي الاحتياجات الخاصة- تظلُّ قضيةً تفرض نفسها بقوة على كثير من الأُسَرِ والمهتمين بهذه الفئة، التي ظلَّت حتى وقت قريب لا تجد من يتحدَّث عنها أو باسمها، الأمر الذي أثار جملةً من الأسئلة، منها: هل يتزوَّج المعاقون من معاقين مثلهم أم من أصحاء؟ وهل يستطيع المعاق ممارسة حياته الزوجية وتحمُّلَ مسئولياته كزوج وأب؟ وكيف ينظر المجتمع إلى اندماج هذا المعاق في كافَّة مناحي الحياة؟
أسئلة كثيرة حاولت "رسالة المرأة" الإجابة عليها من تجارب حقيقية، سواء تلك التي عاشها المعاقون أنفسهم مع الأصحاء، أو عاشها الأصحاء مع معاقين؛ فقصُّوا ملامحها الإيجابية والسلبية على حدٍّ سواء، وشَكَوا همومهم التي طالما نَدُر من يهتمُّ بها ويتناولها؛ في محاولة للوقوف بجانبهم، وإيصال صوتهم إلى العالم؛ للحصول على حقوقهم في الحياة.
حقٌ يجب الحصول عليه:
محمد سعيد (27) عاماً، معاق حركيًّا وأحد المتزوجين حديثاً، يقول لمراسل "رسالة المرأة" عند سؤاله عن مدى الصعوبات التي واجهها عن زواجه كونه معاقاً: لم أفكِّر أصلاً في بداية الأمر أنني يجب أنْ أتقدَّم إلى زوجة معاقة مثلي، حتى أحصل على هذا الحق، فلقد تقدَّمت إلى إحدى الفتيات من المدينة، إلا أنَّ الأمر لم يتمَّ؛ وكان السبب بعيداً تماماً عن كوني معاقاً.
وتابع: إلا أنني بعد أنْ تقدَّمت لأكثر من فتاة؛ وجدت أنَّ الأمر مختلف، فقد تحفَّظ آخرون على زواجي من بنتهم؛ كوني معاقاً (...)، هذه بقايا من ثقافة مجتمعٍ يجب أنْ تتغيَّر، فآلياتُ تَقَبًُّلِ المعاق يشوبها كثير من الضبابية، والأمر لا يتعلَّق بالريف أو الحضر، فهناك في الريف من يتقبَّله، وفي الحضر، وكذلك العكس.
وشدَّد سعيد "لرسالة المرأة" في لهجةٍ يشوبها الاستغراب: إنَّ للمعاق -خاصة إذا كانت إعاقته ليست كاملة- الحق في الزواج"، مُتسائلاً: فكيف إذا تزوَّج رجل سليم وصحيح، ثمَّ حدثت له حادثة أدَّت إلى إقعاده؛ فهل تتركه زوجته؟! واستدرك قائلاً: ربما تكون مشكلتنا نحن الشباب أقلَّ مما تواجهه الفتيات المعوقات، وإن كانت إعاقةً بسيطةً، فكل شابٍّ يُريد الزواج يبحث أولاً عن الجمال والشكل.
وهل تختلف برأيك الظروف إذا كانت الإعاقة ذهنية؟
سؤال أجاب عليه سعيد بقوله: من المؤكِّد أنْ تختلف الإعاقة البدنية عن الإعاقة الذهنية، فزواج المعاق ذهنيًّا يمكن أن يؤدِّي إلى كوارث.. فتخيَّلْ أنَّ الزوجين تشاجرا وأحدهم معاق ذهنيًّا، أو الإثنين معًا؛ محتمل أنْ يقتل أحدهما الآخر، أما إذا كانت تحت مراقبة الأسرة طوال الوقت، عندها سيتغيَّر الوضع مع صعوبته.
"التفاهم جعل الحياة بين ممكنة":
في أحيان أخرى ترفض أسرة المعاق زواج ابنهم أو ابنتهم من باب الإشفاق على الطرف الآخر، هذا ما أراد إيضاحه أحد المعاقين -فضَّل عدم الكشف عن اسمه- لـ"رسالة المرأة" بقوله: كان لي صديقٌ أراد أنْ يتزوج زميلته في الجامعة التي كانت تعاني من شللٍ تامٍّ في قدميها، وتسير على كرسي متحرِّك، إلا أنَّ أهلها رفضوا ذلك؛ كنوعٍ من الإشفاق عليه.
وأردف: أختي سليمةٌ وزوجها معاق، عندما تقدَّم إليها لم نفكِّر أصلاً في إعاقته، وفكَّرنا فقط في مدى تحمُّله المسؤولية كزوج، وكأن الذي تقدَّم إليها صحيح تماماً، هذا ما يجب أن يكونَ؛ ولذلك لم نسمع عنهما ولو لمرةٍ واحدةٍ أنهما تشاجرا على خلفيَّة عجزه عن مسؤولياته كرجل، ولا يزالان يعيشان حياةً في غاية الهدوء والطمأنينة؛ ذلك نتيجة هذا التفاهم والتعايش.. التفاهم الذي جعل الحياة بين أصحاب اللغات المختلفة وبين الإنسان والحيوان ممكنة، فكيف بين الإنسان والإنسان الآخر وإن كان معاقًا؟!
سأتزوجها وإن كانت عمياء:
أمَّا إسماعيل (26) عاماً، صحيح جسديًّا ويبحث عن شريكة حياته، يقول لمراسل "رسالة المرأة" عند سؤاله عن مدى إمكانية قبوله الزواج بمعاقة: أنا مثلاً لو أردت الزواج بفتاة وشعرت أنها فتاة إحلامي وشريكة حياتي المستقبلية؛ سأتزوجها وإن كانت عمياء!
"ولكن -يتابع إسماعيل- هل لو تعرضت للأمر حقيقة، هل أوافق؟ ربما تكون آرائي حالمة بعض الشيء؛ إلا أنها الحقيقة.
أمي! لماذا لا أتزوج؟"
"أمي! قد تَزَوَّجَ كل أصحابي في حيِّنا إلا أنا، فلماذا لا أتزوج؟" جملة يردِّدها مراراً الشاب محمود (32) عاماً -معاق ذهنيًّا- على أمه التي طالما بكت في كل مرة عند سؤال ابنها هذا، فتقول أمه لـ"رسالة المرأة" بتنهيدة أمٍّ حلُمت كثيراً بزواج فلذة كبدها: من ستقبل الزواج به؟! إنه مريض، فضلاً عن المسؤولية التي سيتحمَّلها بعد زواجه، لن نستطيع زواجه، فالله عز وجل يتولَّاه.
وتُكمل الأم المسنَّة: يجب أن نضع أنفسنا مكان أسرة الفتاة، فابني ليس مجنوناً، ولكنَّ إدراكه للأمور أقل.
ومن جهتهم اختلف خبراء النفس والاجتماع حول مدى أحقِّية المعاق أو ذوي الاحتياجات الخاصة في الزواج؛ سواء أكانت الإعاقة حركية أم ذهنية، فبينما رأى فريقٌ أنَّ الزواج يعود على المعاق من خلال زواجه بالنفع، إذ يجلب له نوعاً من السعادة والشعور بالحنان، رأى فريق آخر أنَّ الأمر في غاية الصعوبة، خاصَّةً إذا كان الطرف المعاق هو المرأة.
عاجزين عن حماية أنفسهم:
فمن جهتها تعترض د. نعمة عوض الله -مستشارة اجتماعية وتربوية- على زواج المعاقين؛ معلِّلة ذلك بأنهم غير قادرين على حماية أنفسهم، فكيف يستطيعون رعاية أسرةٍ وحمايتها، كما أنَّهم فاقدو الإدراك، والزواج مسئولية تحتاج إلى عقلٍ وإدراكٍ.
وأضافت في تصريحات إعلامية: حتى لو كان الزواج برعاية الأسرة، ويقوم الأب والأم بتزويجهم والعمل على رعايتهم، فإلى متى؟! فهل يمكن للأب والأم العيش معه مدى الحياة كي يُتابعه، وأيضًا إذا تزوج رجل سليم من امرأة معاقة، كيف تستطيع المعاقة حماية نفسها إذا وقعت ضحيَّة استغلال زوجها الصحيح بأي شكلٍ من الأشكال.
الزواج يجلب السعاة:
إلا أنَّ د. نادية عمر -أستاذة مساعدة في علم الاجتماع جامعة الإسكندرية- تختلف معها في الرأي، موضِّحة أنَّه قد يعود النفع على المعاق من خلال زواجه، حيث إنَّه قد يجلب نوعاً من أنواع السعادة والحنان، ويُشعرهم مع مرور الوقت أنهم في جوِّ الأسرة، وقد يُنتج عن هذه الزِيجة طفلٌ سليمٌ يُراعيهم في الكِبَر.
وشدَّدت د. نادية على أنَّ للأسرة دوراً يجب القيام به، وهو الرعاية والعناية المستمرة لهم، وتأهيلهم قبل الزواج، وتدريبهم بطريقه بسيطة على الأدوار التي ستطلَّب منهم في هذه الحياة الجديدة عليهم، وهذا أمرٌ سهلٌ على المعاق، فاستيعابه أفضل لأنه ليس مجنوناً، ولكن لديه نقصاً في الذكاء والقدرة على التكيُّف في الحياة والعمل؛ لذا فالتدريب سوف يُساعده كثيراً.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|