فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أعمال العمرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          كيف تكتسب عادة التشجيع للمراهق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          في حب النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الأخلاق والسلوك عند أهل السنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاستقامه على الطاعه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          هل الرجيم أثناء الحمل صحيح؟ماذا افعل اثناء الحمل اذا زاد وزنى ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          نشأة علم الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          فواصل للمواضيع . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 50 )           »          شرح حديث: فصلُّوا في مَرابِضِ الغنمِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 31-03-2024, 03:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ94 الى صــ95
(21)


صيام الصغير والكافر إذا اسلم
مسألة : قال : وإذا كان للغلام عشر سنين وأطاق الصيام أخذ به
يعني أنه يلزم الصيام يؤمر به ويضرب على تركه ليتمرن عليه ويتعود كما يلزم الصلاة ويؤمر بها وممن ذهب إلى أنه يؤمر بالصيام إذا أطاقه عطاء والحسن وابن سيرين والزهري و قتادة و الشافعي وقال الأوزاعي إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعا لا يخور فيهن ولا يضعف حمل صوم شهر رمضان وقال إسحاق :


إذا بلغ اثنتي عشرة أحب أن يكلف الصوم للعادة واعتباره بالعشرة أولى لأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بالضرب على الصلاة عندها واعتبار الصوم بالصلاة أحسن لقرب إحداهما من الأخرى واجتماعهما في أنهما عباداتان بدنيتان من أركان الإسلام إلا أن الصوم أشق فاعتبرت له الطاقة لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيقه
فصل : ولا يجب عليه الصوم حتى يبلغ قال أحمد في غلام احتلم صام ولم يترك والجارية إذا حاضت وهذا قول أكثر أهل العلم وذهب بعض أصحابنا إلى إيجابه على الغلام المطيق له إذا بلغ عشرا لما روى ابن جريج عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه قال : [ قال رسول الله صلى عليه وسلم إذا أطاق الغلام
صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان ] ولأنه عبادة بدنية أشبه الصلاة وقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بان يضرب على الصلاة من بلغ عشرا والمذهب الأول قال القاضي :

المذهب عندي رواية واحدة أن الصلاة والصوم لا تجب حتى يبلغ وما قاله أحمد فيمن ترك الصلاة يقضيها نحمله على الاستحباب وذلك لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ ] ولأنه عبادة بدنية فلم تجب على الصبي كالحج وحديثهم مرسل ثم نحمله على الاستحباب وسماه واجبا تأكيدا لاستحبابه كقوله عليه السلام : [ غسل الجمعة واجب على كل محتلم ]
فصل : إذا نوى الصبي الصوم من الليل فبلغ في أثناء النهار بالاحتلام أو السن فقال القاضي يتم صومه ولا قضاء عليه لأن نية صوم رمضان حصلت ليلا فيجزئه كالبالغ ولا يمتنع أن يكون أول الصوم نفلا وباقيه فرضا كما لو شرع في صوم يوم تطوعا ثم نذر إتمامه واختار أبو الخطاب أنه يلزمه القضاء لأنه عبادة بدنية بل
غ في أثنائها بعد مضي بعض أركانها فلزمته إعادتها كالصلاة والحج إذا بلغ بعد الوقوف وهذا لأنه ببلوغه يلزمه صوم جميعه والماضي قبل بلوغه نفل فلم يجز عن الفرض ولهذا لو نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم والناذر صائم لزمه القضاء فأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه فلا قضاء عليه وسواء كان قد صامه أو أفطره هذا قول عامة أهل العلم وقال الأوزاعي يقضيه إن كان افطره وهو مطيق لصيامه


ولنا أنه زمن مضى في حال صباه فلم يلزمه قضاء الصوم فيه كما لو بلغ بعد انسلاخ رمضان وإن بلغ الصبي وهو مفطر فهل يلزمه امساك ذلك اليوم وقضاؤه ؟ على روايتين
مسألة : قال : وإذا أسلم الكافر في شهر رمضان صام ما يستقبل من بقية شهره
أما صوم ما يستقبله من بقية شهره فلا خلاف فيه وأما قضاء ما مضى من الشهر قبل إسلامه فلا يجب وبهذا قال الشعبي و قتادة و مالك
و الأوزاعي و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي وقال عطاء عليه قضاؤه وعن الحسن كالمذهبين
ولنا أن ما مضى عبادة خرجت في حال كفره فلم يلزمه قضاؤه كالرمضان الماضي
فصل : فأما اليوم الذي أسلم فيه فإنه يلزمه امساكه ويقضيه هذا المنصوص عن أحمد وبه قال الماجشون و إسحاق وقال مالك و أبو ثور و ابن المنذر لا قضاء عليه لأنه لم يدرك من زمن العبادة ما يمكنه التلبس بها فيه فأشبه ما لو أسلم بعد خروج اليوم وقد روي ذلك عن أحمد
ولنا أنه أدرك جزءا من وقت العبادة فلزمته كما لو أدرك جز
ءا من وقت الصلاة

صيام المجنون عندما يفيق
فصل : فأما المجنون إذا أفاق في اثناء فعيه صم ما بقي من الأيام بغير خلاف وفي قضاء اليوم الذي أفاق فيه وإمساكه روايتان ولا يلزمه قضاء ما مضى وبهذا قال أبو ثور و الشافعي في الجديد وقال مالك : يقضي وإن مضى عليه سنون وعن أحمد مثله وهو قول الشافعي القديم لأنه معنى يزيل العقل فلم يمنع
وجوب الصوم كالإغماء وقال أبو حنيفة أن جن جميع الشهر فلا قضاء عليه وإن أفاق في اثنائه قضي ما مضى لأن المجنون لا ينافي الصوم بدليل ما لو جن في اثناء الصوم لم يفسد فإذا وجد في بعض الشهر وجب القضاء كالإغماء
ولنا أنه معنى يزيل التكليف فلم يجب القضاء في زمانه كالصغر والكفر ويخص أبا حنيفة بأنه معنى لو وجد في جميع الشهر اسقط القضاء فإذ
ا وجد في بعضه اسقطه كالصغر والكفر يفارق الإغماء في ذلك







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 01-04-2024, 01:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ95 الى صــ96
(22)


إثبات الهلال
مسألة : قال : وإذا رأى هلال شهر رمضان وحده صام
المشهور في المذهب أنه متى رأى الهلال واحد لزمه الصيام عدلا كان أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قبلت شهادته أو ردت وهذا قول مالك و الليث و الشافعي وأصحاب الرأي و ابن المنذر وقال عطاء و إسحاق لا يصوم وقد روى حنبل عن أحمد لا يصوم إلى في جماعة الناس وروي نحوه عن الحسن و ابن سيرين لأنه يوم محكوم به من شعبان فأشبه التاسع والعشرين
ولنا أنه تيقن أنه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به الحاكم وكونه محكوما به من شعبان ظاهر في حق غيره وأما في الباطن فهو يعلم أنه من رمضان فلزمه صيامه كالعدل


فصل : فإن أفطر ذلك اليوم بجماع فعليه الكفارة وقال أبو حنيفة لا تجب لأنها عقوبة فلا تجب بفعل مختلف فيه كالحد
ولنا أنه أفطر يوما من رمضان بجماع فوجبت به عليه الكفارة كما لو قبلت شهادته ولا نسلم أن الكفارة عقوبة ثم قياسهم ينتقض بوجوب الكفارة في السفر القصير مع وقوع الخلاف فيه
مسألة : قال : وإن كان عدلا صام الناس بقوله
المشهور عن أحمد أنه يقبل في هلال رمضان قول واحد عدل ويلزم الناس الصيام بقوله وهو قول عمر وعلي وابن عمر و ابن مبارك و الشافعي في الصحيح عنه وروي عن أحمد أنه قال : اثنين اعجب إلي قال أبو بكر : إن رآه وحده ثم قدم المصر صام الناس بقوله على ما روى في الحديث وإن كان الواحد في جماعة الناس فذكر أنه رآه دونهم لم يقبل إلا قول اثنين لأنهم يعاينون ما عاين وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لا يقبل إلا شهادة اثنين وهو قول مالك و الليث و الأوزاعي و إسحق لما
روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وسألتهم وانهم حدثوني [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين وإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا ] رواه النسائي ولأن هذه شهادة على رؤية الهلال فأشبهت الشهادة على هلال شوال وقال أبو حنيفة في الغيم كقولنا وفي الصحو لا يقبل إلا الاستفاضة لأنه لا يجوز أن تنظر الجماعة إلى مطلع الهلال وأبصارهم صحيحة والموانع مرتفعة فيراه واحد دون الباقين ولنا ما روى ابن عباس قال [ جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ؟ قال : نعم قال :


يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا ] رواه أبو داود و النسائي و الترمذي و [ روى ابن عمر قال : تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه ] رواه أبو داود ولأنه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقة المشاهدة فقبل من واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة ولأنه خبر ديني يشترك فيه المخبر والمخبر فقبل من واحد عدل كالرواية وخبرهم إنما يدل بمفهومه وخبرنا اشهر منه وهو بدل بمنطوقه فيجب تقديمه ويفارق الخبر عن هلال شوال فإنه خروج من العبادة وهذا دخول فيها وحديثهم في هلال شوال يخالف مسألتنا وما ذكره أبو بكر وأبو حنيفة لا يصح لأن يجوز انفراد الواحد به ما لطافة المرئي وبعده ويجوز أن تختلف معرفتهم بالمطلع ومواضع قصدهم وحدة نظرهم ولهذا لو حكم برؤيته حاكم بشهادة واحد جاز ولو شهد شاهدان وجب قبول شهادتهما ولو كان ممتنعا على ما قالوه لم يصح فيه حكم حاكم ولا يثبت بشهادة اثنين ومن منع ثبوته بشهادة اثنين رد عليه الخبر الأول وقياسه على سائر الحقوق وسائر الشهور ولو أن جماعة في محفل فشهد اثنان منهم على رجل منهم أنه طلق زوجته أو أعتق عبده قبلت شهادتهما دون من أنكر ولو أن اثنين من أهل الجمعة شهدا على الخطيب أه قال على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما لقبلت شهادتهما وكذلك لو شهدا عليه لفعل وإن كان غيرهما يشاركهما في سلامة السمع وصحة البصر كذا ههنا


فصل : وإن أخبره مخبز برؤية الهلال يثق بقوله لزمه الصوم وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم لأنه خبر بوقت العبادة يشترك فيه المخبر والمخبر أشبه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم والخبر عن دخول وقت الصلاة ذكر ذلك ابن عقيل ومقتضى هذا أنه يلزمه قبول الخبر وإن رده الحاكم عدالة من يعلم غيره عدالته
فصل : فإن كان المخبر امرأة فقياس المذهب قبول قولها وهو قول أبي حنيفة واحد الوجهين ولأصحاب الشافعي لأنه خبر ديني فأشبه الرواية والخبر عن القبلة ودخول وقت الصلاة ويحتمل أن لا تقبل لأنه شهادة برؤية الهلال فلم يقبل فيه قول امرأة كهلال شوال
مسألة : قال : ولا يفطر إلا بشهادة اثنين
وجملة ذلك أنه لا يقبل في هلال شوال إلا بشهادة اثنين عدلين في قول الفقهاء جميعهم إلا أبا ثور فإنه قال يقبل قول واحد لأنه طرفي شهر رمضان أشبه الأول ولأنه خبر يستوي فيه المخبر والمخبر أشبه الرواية واخبار الديانات
ولنا خبر عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وعن ابن عمر [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أجاز شهادة رجل واحد على رؤية الهلال وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين ] ولأنها شهادة على هلال لا يدخل بها في العبادة فلم تقبل فيه إلا شهادة اثنين كسائر الشهور وهذا يفارق الخبر لأن الخبر يقبل فيه قول المخبر مع وجود المخبر عنه وفلان عن فلان وهذا لا يقبل فيه ذلك فافترقا


فصل : ولا يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين ولا شهادة النساء المنفردات وإن كثرن وكذلك سائر الشهور لأنه مما يطلع عليه الرجال وليس بمال ولا يقصد به المال فأشبه القصاص وكان القياس يقتضي مثل ذلك في رمضان ولكن تركناه احتياطا للعبادة
فصل : وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما ولم يروا هلال شوال أفطروا وجها واحدا وإن صاموا بشهادة واحد فلم يروا الهلال ففيه وجهان

أحدهما : لا يفطرون لقول عليه السلام : [ وإن شهد اثنان فصوموا وأفطروا ] ولأنه فطر فلم يجز أن يستند إلى شهادة واحد كما لو شهد بهلال شوال
والثاني : يفطرون وهو منصوص الشافعي ويحكى عن أبي حنيفة لأن الصوم إذا وجب وجب الفطر لاستكمال العدة لا بالشهادة وقد يثبت تبعا ما لا يثبت أصلا بدليل أن النسب لا يثبت بشهادة النساء وتثبت بها الولادة فإذا ثبت الولادة ثبت النسب على وجه التبع للولادة كذا ههنا وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا وجها واحدا لان الصوم إنما كان على وجه الاحتياط فلا يجوز الخروج منه بمثل ذلك والله أعلم
مسألة : قال : ولا يفطر إذا رآه وحده
روي هذا عن مالك و الليث و الشافعي يحل له أن يأكل حيث لا يراه أحد لأنه يتيقنه من شوال فجاز له الأكل كما لو قامت به بينة


ولنا ما روى أبو رجاء عن أبي قلابة أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال وقد أصبح الناس صياما فأتيا عمر فذكرا ذلك له فقال لأحدهما أصائم أنت ؟ قال : بل مفطر قال ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال وقال للآخر قال أنا صائم قال ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأفطر والناس صيام فقال للذي أفطر لولا مكان هذا لأوجعت رأسك ثم نودي في الناس أن خرجوا أخرجه سعيد عن ابن عليه عن أيوب عن أبي رجاء وإنما أراد ضربه لإفطاره برؤيته ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ولا تواعده وقالت عائشة :

إنما يفطر يوم الفطر الإمام وجماعة المسلمين ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما فكان إجماعا ولأنه يوم محكوم به من شوال بخلاف مسألتنا وقولهم إنه يتيقن أنه من شوال قلنا لا يثبت اليقين لأنه يحتمل أن يكون الرائي خيل إليه كما روي أن رجلا في زمن عمر قال : لقد رأيت الهلال فقال له امسح عينك فمسحها ثم قال له تراه ؟ قال : لا قال لعل شعرة من حاجبك تقوست على عينك فظننتها هلالا أو ما هذا معناه
فصل : فإن رآه اثنان ولم يشهد عند الحاكم جاز لمن سمع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما ولكل واحد منهما الفطر بقولهما لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ وإذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا ] وإن شهدوا عند الحاكم فرد شهادتهما لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر بقولهما لأن رد الحاكم ههنا ليس بحكم منه وإنما هو توقف لعدم علمه فهو كالوقوف عن الحكم انتظارا للبينة ولهذا لو تثبت عدالتهما بعد ذلك حكم بها وإن لم يعرف أحدهما عدالة صاحبه لم يجز له الفطر إلا أن يحكم بذلك الحاكم لئلا يفطر برؤيته وحده





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 02-04-2024, 01:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ96 الى صــ103
(23)



صيام العاجز عن معرفة شهر رمضان
مسألة : قال : وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير فإن صام شهرا يريد به شهر رمضان فوافقه أو ما بعده أجزأه وإن وافق ما قبله لم يجزه
وجملته أن من كان محبوسا أو مطمورا أو في بعض النواحي النائية عن الأمصار لا يمكنه تعرف الأشهر بالخبر فاشتبهت عليه الأشهر فإنه يتحرى ويجتهد فإذا غلب على ظنه عن أمارة تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه ولا يخلو من أربعة أحوال
أحدها : أن لا ينكشف له الحال فإن صومه
صحيح ويجزئه لأنه أدى فرضه باجتهاده فأجزأه كما لو صلى في يوم الغيم بالاجتهاد


الثاني : أن ينكشف له أنه وافق الشهر أو ما بعده فإنه يجزئه في قول عامة الفقهاء وحكي عن الحسن بن صالح أنه لا يجزئه في هاتين الحالتين لأنه صامه على الشك فلم يجزئه كما لو صام يوم الشك فبان من رمضان وليس بصحيح لأنه أدى فرضه بالاجتهاد في محله فإذا أصاب أو لم يعلم الحال اجزأه كالقبلة إذا اشتبهت أو الصلاة في يوم الغيم إذا اشتبه وقتها وفارق يوم الشك فإنه ليس بمحل الاجتهاد فإن الشرع أمر بالصوم عند أمارة عينها فما لم توجد لم يجز الصوم
الحال الثالث : وافق قبل الشهر فلا يجزئه في قول عامة الفقهاء وقال بعض الشافعية يجزئه في أحد الوجهين كما لو اشتبه يوم عرفة فوقفوا قبله
ولنا أنه أتى بالعبادة قبل وقتها فلم يجزئه كالصلاة في يوم الغيم وأما الحج فلا نسلمه إلا فيما إذا أخطأ الناس كلهم لعظم المشقة عليهم وإن وقع ذلك لنفر منهم لم يجزئهم ولأن ذلك لا يؤمن مثله في القضاء بخلاف الصوم
الحال الرابع : أن يوافق بعضه رمضان دون
بعض فما وافق رمضان أو بعده اجزأه وما وافق قبله لم يجزئه
فصل : وإذا وافق صومه بعد الشهر اعتبر أن يكون ما صامه بعدة أيام شهره الذي فاته سواء وافق ما بين هلالين أو لم يوافق وسواء كان الشهران تامين أو ناقصين ولا يجزئه أقل من ذلك وقال القاضي : ظاهر كلام الخرقي أنه إذا وافق شهرا بين هلالين اجزأه سواء كان الشهران تامين أو ناقصين أو أحدهما تاما والآخر ناقصا وليس بصحيح فإن الله تعالى قال :


{ فعدة من أيام أخر } ولأنه فاته شهر رمضان فوجب أن يكون صيامه بعدة ما فاته كالمريض والمسافر وليس في كلام الخرقي تعرض لهذا التفصيل فلا يجوز حمل كلامه على ما يخالف الكتاب والصواب فإن قيل أليس إذا نذر صوم شهر يجزئه ما بين هلالين قلنا الإطلاق يحمل على ما تناوله الاسم والاسم يتناول ما بين الهلالين وههنا يجب قضاء ما ترك فيجب أن يراعي فيه عدة المتروك كما أن من الأيام سواء كان ما صامه بين هلالين أو من شهرين فإن دخل في صيامه يوم عيد لم يعتد به وإن وافق أيام التشريق فهل يعتد بها ؟ على روايتين بناء على صحة صومها عن الفرض
فصل : وأن لم يغلب على ظن الاسير دخو
ل رمضان فصام لم يجزئه وإن وافق الشهر لأنه صامه على الشك فلم يجزئه كما لو نوى ليلة الشك إن كان غدا من رمضان فهو فرضي وإن غلب على ظنه من غير امارة فقال القاضي عليه الصيام ويقضي إذا عرف الشهر كالذي خفيت عليه دلائل القلة ويصلي على حسب حالة ويعيد وذكر أبو بكر فيمن خفيت عليه دلائل القبلة هل يعيد ؟ على وجهين كذلك يخرج على قوله ههنا وظاهر كلام الخرقي أنه يتحرى فمتى غلب على ظنه دخول الشهر صح صومه وإن لم يبن على دليل لأنه ليس في وسعه معرفة الدليل ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقد ذكرنا مثل هذا في القبلة
فصل : وإذا صام تطوعا فوافق شهر رمضان لم يجزئه نص عليه أحمد وبه قال الشافعي وقال أصحاب الرأي يجزئه وهذا ينبني على تعيين النية لرمضان وقد مضى القول فيه

الأيام المحرم صيامها
مسألة : قال : ولا يصام يوما العيدين ولا أيام التشريق لا عن فرض ولا عن تطوع فإن قصد لصيامها كان عاصيا ولم يجزئه عن الفرض
أجمع أهل العلم على أن صوم يومي العيدين منهي عنه محرم في التطوع والنذر المطلق والقضاء والكفارة وذلك لما روى أبو عبيد مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فجاء فصلى ثم انصرف فخط
ب الناس فقال : إن هذين يومين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامهم يوم فطركم من صيامكم والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم وعن أبي هريرة [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن صيام يومين يوم فطر ويوم أضحى ] وعن أبي مثله متفق عليهما والنهي يقتضي فساد النهي عنه وتحريمه وأما صومهما ن النذر المعين ففيه خلاف نذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى
مسألة : قال : وفي أيام التشريق عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنه يصومها عن الفرض


وجملة ذلك أن أيام التشريق منهي عن صيامهم أيضا لما روى نبيشة الهذلي قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز و جل ] متفق عليه وروي [ عن عبد الله بن حذافة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم أيام منى أنادي : أيها الناس إنها أيام أكل وشرب وبعال ] إلا أنه من رواية الواقدي وهو ضعيف وعن عمرو بن العاص أنه قال : هذا الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر بإفطارها وينهى عن صيامها قال مالك وهي أيام التشريق رواه أبو داود ولا يحل صيامها تطوعا في قول أكثر أهل العلم وعن ابن الزبير أنه كان يصومها وروي نحو ذلك عن ابن عمر والأسود بن يزيد وعن أبي طلحة أنه كان لا يفطر إلا يومي العيدين

والظاهر أن هؤلاء لم يبلغهم نهي رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامها ولو بلغهم لم يعدوه إلى غيره وقد روى أبو مرة مولى أم هانئ أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما طعاما فقال كل فقال إني صائم فقال عمرو : كل فهذه الأيام التي كان رسول الله يأمر بإفطارها وينهى عن صيامها والظاهر أن عبد الله بن عمرو أفطر لما بلغه نهي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأما صومها للفرض روي عن ابن عمر وعائشة أنهما قالا لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن لم يجد الهد أي المتمتع إذا عدم الهدي وهو حديث صحيح رواه البخاري ويقاس عليه كل مفروض


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 03-04-2024, 01:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ103 الى صــ108
(24)


المكروه صيامها
فصل : ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يوافق ذلك صوما مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة ومن عادته صوم أول يوم من الشهر أو آخره أو يوم نصفه ونحو ذلك نص عليه أحمد في رواية الأثرم قال قيل لأبي عبد الله صيام يوم الجمعة فذكر حديث النهي أن يفرد ثم قال إلا أن يكون في صيام كان يصومه وأما أن يفرد فلا قال : قلت رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما فوقع فطره يوم الخميس وصومه يوم الجمعة وفطره يوم السبت فصام الجمعة مفردا فقال هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة إنما كره أن يتعمد الجمعة وقال أبو حنيفة ومالك لا يكره افراد الجمعة لأنه يوم فأشبه سائر الأيام


ولنا ما روى أبو هريرة قال : [ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لا يصومن أحكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده ] و [ قال محمد بن عباد سألت جابرا أنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صوم يوم الجمعة ؟ قال : نعم ] متفق عليهما و [ عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : اصمت أمس قالت : لا قال : اتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا قال : فأفطري ] رواه البخاري وفيه أحاديث سوى هذه وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحق أن تتبع وهذا الحديث يدل على أن المكروه أفراده لأن نهيه معلل بكونها لم تصم أمس ولا غدا
فصل : قال أصحابنا يكره افراد يوم السبت بالصوم لما روى عبد الله بن بسر عن النبي صلى الله عليه و سلم [ لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وروي أيضا عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه ] أخرجه أبو داود وقال اسم اخت عبد الله ابن بسر هجيمة أو جهيمة قال الاثرم : قال أبو عبد الله أما صيام يوم السبت يفترد به فقد جاء فيه حديث الصماء وكان يحيى بن سعيد يتقيه أي أن يحدثني به وسمعته من أبي عاصم والمكروه إفراده فإن صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة وجويرية وإن وافق صوما لإنسان لم يكره لما قدمناه وقال أصحابنا بالصيام دون غيرهما افراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصوم لأنهما يومان يعظمهما الكفارة فيكون تخصيهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمها فكره كيوم السبت وعلى قياس هذا كل عبد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم


فصل : ويكره إفراد رجب بالصوم قال أحمد وإن صامه رجل أفطر فيه يوما أو أياما بقدر ما لا يصومه كله ووجه ذلك ما روى أحمد بإسناده عن خرشة بن الحر قال : رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية وبإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا رأى الناس وما يعدون لرجب كرهه وقال : صوموا منه وأفطروا وعن ابن عباس نحوه وبإسناده عن أبي بكرة أنه دخل على أهله وعندهم سلال جدد وكيزان فقال ما هذا فقالوا رجب نصومه قال أجعلتم رجب رمضان فأكفأ السلال وكسر الكيزان قال أحمد : من كان يصوم السنة صامه وإلا فلا يصومه متواليا يفطر فيه ولا يشبه برمضان


فصل : وروى أبو قتادة قال : [ قيل يا رسول الله فكيف بمن صام الدهر ؟ قال : لا صام ولا أفطر أو لم يصم ولم يفطر ] قال الترمذي هذا حديث حسن وعن أبي موسى [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من صام الدهر ضيقت عليه جهنم ] قال الأثرم قيل لأبي عبد الله فسر مسدد قول أبي موسى من صام الدهر ضيقت عليه جهنم فلا يدخلها فضحك وقال من قال هذا ؟ فأين حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم كره ذلك وما فيه من الأحاديث ؟ قال أبو الخطاب إنما يكره إذا أدخل فيه يومي العيدين وأيام التشريق لأن أحمد قال إذا أفطر يومي العيدين وأيام التشريق رجوت أن لا يكون بذلك بأس وروي نحو هذا عن مالك وهو الشافعي لأن جماعة من الصحابة كانوا يسردون الصوم منهم أبو طلحة قيل أنه صام بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم أربعين سنة والذي يقوى عندي أن صوم الدهر مكروه وإن لم يصم هذه الأيام فإن صامها فقد فعل محرما وإنما كره صوم الدهر لما فيه من المشقة والضعف وشبه التبتل المنهي عنه بدليل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لعبد الله بن عمرو : إنك لتصوم الدهر تقوم الليل فقلت نعم قال إنك إذا فعلت ذلك هجمت له عينك ونقهت له النفس لا صام من صام الدهر صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله قلت فإني أطيق أكثر من ذلك قال : فصم صوم داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفرإذا لاقى ] وفي رواية [ وهو أفضل الصيام فقلت إني أطيق أفضل من ذلك قال : لا أفضل من ذلك ] رواه البخاري

إذا رؤي الهلال نهارا قبل الزوال
مسألة : قال : وإذا رؤي الهلال نهارا قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المقبلة
وجملة ذلك أن المشهور عن أحمد أن الهلال إذا رؤي نهارا قبل الزوال أو بعده وكان ذلك في آخر رمضان لم يفطروا برؤيته وهذا قول عمر وابن مسعود و ابن عمر
و أنس و الأوزاعي و مالك و الليث و الشافعي و إسحاق و أبي حنيفة وقال الثوري وأبو يوسف أن رؤي قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإن كان بعده فهو لليلة المقبلة وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه رواه سعيد لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ] وقد رأوه فيجب الصوم والفطر ولأن ما قبل الزوال أقرب إلى الماضية وحكي هذا رواية عن أحمد
ولنا ما روى أبو وائل قال جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين أن لأهلة بعضها أكبر من بعض فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس عشية ولأنه قول ابن مسعود وابن عباس ومن سمينا من الصحابة وخبرهم محمول على ما إذا رؤي عشية بدليل ما لو رؤي بعد الزوال ثم أن الخبر إنما يقضي الصوم والفطر من الغد بدليل ما لو رآه عشية فأما إن كانت الرؤية في أول رمضان فالصحيح أيضا أنه لليلة المقبلة وهو قول مالك و أبي حنيفة و الشافعي وعن أحمد رواية أخرى انه للماضية فيلزم قضاء ذلك اليوم وامساك ب
قيته احتياطا للعبادة والأول أصح لأن ما كان لليلة المقبلة في آخره فهو لها في أولها كما لو رؤي بعد العصر





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 04-04-2024, 12:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ109 الى صــ112
(25)


السحور وصيام وما يستحب للصائم
مسألة : قال : والاختيار تأخير السحور وتعجيل الفطر
الكلام في هذه المسألة في فصلين
أحدهما في السحور : والكلام فيه في ثلاثة أشياء
أحدها : في استحبابه ولا نعلم فيه بين العلماء خلافا وقد روى أنس [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال تسحروا فإن في السحور بركة ] متفق عليه وعن عمرو بن العاص قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكله السحر ] أخرجه مسلم و أبي داود و الترمذي وقال حديث حسن صحيح ورو الإمام أحمد بإسناده عن أبي سعيد قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم السحور بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين ]

الثاني في وقته : قال أحمد يعجبني تأخير السحور لما [ روى زيد بن ثابت قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قمنا إلى الصلاة قلت كم كان قدر ذلك ؟ قال خمسين آية ] متفق عليه و [ روى العرباض بن سارية قال دعاني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى السحور فقال : هلم إلى الغداء المبارك ] رواه أبو داود و النسائي سماه غداء لقرب وقته منه ولأن المقصود بالسحور التقوي على الصوم وما كان أقرب إلى الفجر كان أعون على الصوم قال أبو داود قال أبو عبد الله إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه وهذا قول ابن عباس و عطاء و الأوزاعي قال أحمد : يقول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : لا يمنعكم من سحوركم آذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق ]
وقال الترمذي : هذا حديث حسن وروى أبو قلابة قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يستحر يا غلام أخف الباب لا يفجأنا الصبح وقال رجل لابن عباس إني اتسحر فإذا شككت امسكت فقال ابن عباس كل ما شككت حتى لا تشك فأما الجماع فلا يستحب تأخيره لأنه ليس مما يتقوى به وفيه خطر وجوب الكفارة وحصول الفطر به
الثالث : فيما يستحر به وكل ما حصل من أكل أو شرب حصل به فضيلة السحور [ لقوله عليه السلام : ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ] وروى أبو هريرة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : نعم سحور المؤمن التمر ] رواه أبو داود
الفصل الثاني : في تعجيل الفطر وفيه أمور ثلاثة
احدها : في استحبابه وهو قول اكثر أهل العلم لما روى سهل بن سعد الساعدي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر ] متفق عليه وعن أبي عطية قال دخلت أنا ومسروق على عائشة فقال مسروق رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم احدهما يعجل الإفطاء ويعجل المغرب والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر المغرب قالت : من الذي يعجل الإفطار ويعجل المغرب ؟ قال عبد الله قالت : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع رواه مسلم وعن أبي هريرة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقول الله تعالى : أحب عبادي إلي أسرعهم فطرا ] قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب و [ قال أنس ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي حتى يفطر ولو على شربة من ماء ] رواه ابن عبد البر

الثاني فيما يفطر عليه : يستحب أن يفطر على رطبات فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن فعلى الماء لما روى أنس قال : [ كان رسول يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء ] رواه أبو داود و الاثرم و الترمذي وقال حديث حسن غريب وعن سليما بن عامر قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على الماء فإنه طهور ] أخرجه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن صحيح
الثالث في الوصال : وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكل ولا شرب وهو مكروه في قول أكثر أهل العلم وروي عن ابن الزبير أنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم
ولنا ما روى ابن عمر قال : [ واصل رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان فواصل الناس فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوصال فقالوا إنك تواصل قال : إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى ] متفق عليه وهذا يقتضي اختصاصه بذلك ومنع إلحاق غيره به وقوله : [ إني أطعم وأسقى ] يحتمل أنه يريد أنه يعان على الصيام ويغنيه الله تعالى عن الشراب والطعام بمنزلة من طعم وشرب ويحتمل أنه أراد إني أطعم حقيقة وأسقى حملا للفظ على حقيقته والأول أظهر لوجهين
أحدهما : أنه لو طعم وشرب حقيقة لم يكن مواصلا وقد أقرهم على قولهم إنك تواصل
والثاني : أنه قد روي أنه قال : [ إني أظل يطعمني ربي ويسقيني ] وهذا يقتضي أنه في النهار ولا يجوز الأكل في النهار له ولا لغيره إذا ثبت هذا فإن الوصال غير محرم وظاهر قول الشافعي أنه محرم تقريرا لظاهر النهي في التحريم

ولنا أنه ترك الأكل والشرب المباح فلم يكن محرما كما لو تركه في حال الفطر فإن قيل فصوم يوم العيد محرم مع كونه تركا للأكل والشرب المباح قلنا ما حرم ترك الأكل والشرب بنفسه وإنما حرم بنية الصوم ولهذا لو تركه من غير نية الصوم لم يكن محرما وأما النهي فإنما أتى به رحمة لهم ورفقا بهم لما فيه من المشقة عليهم كما نهى عبد الله بن عمرو عن صيام النهار وقيام الليل وعن قراءة القرآن في أقل من ثلاث قال عائشة : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوصال رحمة لهم وهذا لا يقتضي التحريم ولهذا لم يفهم منه أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم التحريم بدليل أنهم واصلوا بعده ولو فهموا منه التحريم لما استجازوا فعله قال أبو هريرة : [ نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوصال فلما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ويوما ثم رأوا الهلال فقال : لو تأخر لزدتكم ] كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا متفق عليه فإن واصل من سحر إلى سحر جاز لما روى أبو سعيد أنه [ سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر ] أخرجه البخاري وتعجيل الفطر أفضل لما قدمناه
فصل : ويستحب تفطير الصائم لما روى زيد بن خال الجهني [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : من فطر صائما كان له أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء ] قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح
فصل : روى ابن عباس قال : [ كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أفطر قال : اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبل منا إنك أنت السميع العليم ] وعن ابن عمر قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أفطر يقول : ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ] وإسناده حسن ذكرهما الدارقطني

ما يستحب صومه من الأيام
مسألة : قال : ومن صام شهر رمضان وأتبعه بست من شوال وإن فرقها فكأنما صام الدهر
وجملة ذلك أن صوم ستة أيام من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم روي ذلك عن كعب الأحبار والشعبي بن مهران وبه قال الشافعي وكرهه مالك وقال ما رأيت أحدا من أهل الفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وإن يلحق برمضان ما ليس منه
ولنا ما روى أبو أيوب قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر ] رواه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن وقال أحمد : هو من ثلاثة أوجه عن النبي صلى الله عليه و سلم وروي سعيد بإسناده عن ثوبان قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من صام رمضان شهر بعشرة أشهر وصام ستة أيام بعد الفطر وذلك تمام سنة ] يعني أن الحسنة بعشر أمثالها فالشهر بعشرة والستة بستين يوما فذلك اثنا عشر شهرا وهو سنة كاملة ولا يجري هذا مجرى التقديم لرمضان لأن يوم الفطر فاصل فإن قيل فلا دليل في هذا الضعف والتشبيه بالتبتل لولا ذلك لكان ذلك فضلا عظيما لاستغراقه الزمان بالعبادة والطاعة والمراد بالخبر التشبيه به في حصول العبادة به على وجه عري عن المشقة كما قال عليه السلام : [ من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كمن صام الدهر ] ذكر ذلك حثا على صيامها وبيان فضلها ولا خلاف في استحبابها ونهى عبد الله ابن عمرو عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث وقال : من قرأ { قل هو الله أحد } فكأنما قرأ ثلث القرآن أراد التشبيه بثلث القرآن في الفضل لا في كراهة الزيادة عليه إذا ثبت هذا فلا فرق بين كونها متتابعة أو مفرقة في أول الشهر أو في آخره لأن الحديث ورد بها مطلقا من غير تقييد فضيلتها لكونها تصير مع الشهر ستة وثلاثين يوما والحسنة بعشر أمثالها فيكون ذلك كثلاثمائة وستين يوما وهو السنة كلها فإذا وجد ذلك في كل سنة صار كصيام الدهر كله وهذا المعنى يحصل مع التفريق والله أعلم

مسألة : قال : وصيام عاشوراء كفارة سنة ويوم عرفة كفارة سنتين
وجملته أن صيام هذين اليومين مستحب لما روى أبو قتادة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : صيام عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ] وقال في صيام عاشوراء : [ إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ] أخرجه مسلم إذا ثبت هذا فإن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وهذا قول سعيد ابن المسيب والحسن لما روى ابن عباس قال : [ أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بصوم يوم عاشوراء العاشر من المحرم ] رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وروي عن ابن عباس أنه قال : التاسع وروي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم التاسع ] أخرجه مسلم بمعناه وروى عنه عطاء أنه قال صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود إذا ثبت هذا فإنه يستحب صوم التاسع والعاشر لذلك نص عليه أحمد وهو قول إسحاق قال أحمد : فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر
فصل : واختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا فذهب القاضي إلى أنه لم يكن واجبا وقال هذا قياس المذهب واستدل بشيئين
أحدهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر من لم يأكل بالصوم والنية في الليل شرط في الواجب
والثاني : أنه لم يأمر من أكل بالقضاء ويشهد لهذا ما روى معاوية قال [ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر ] وهو حديث صحيح وروي عن أحمد أنه كان مفروضا لما [ روت عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم صامه وأمر بصيامه فلما افترض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه ] وهو حديث صحيح وحديث معاوية محمول على أنه أراد ليس هو مكتوبا عليكم الآن وأما تصحيحه بنية من النهار وترك الأمر بقضائه فيحتمل أن نقول من لم يدرك اليوم بكماله لم يلزمه قضاؤه كما قلنا فيمن أسلم وبلغ في أثناء يوم من رمضان على أنه قد روى أبو داود [ أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقال : صمتم يومكم هذا ؟ قالوا : لا قال : فأتموا بقية يومكم واقضوه ]
فصل : فأما يوم عرفة فهو اليوم التاسع من ذي الحجة سمي بذلك لأن الوقوف بعرفة فيه وقيل سمي يوم عرفة لأن إبراهيم عليه السلام أري في المنام ليلة التروية أنه يؤمر بذبح ابنه فأصبح يومه يتروى هل هذا من الله أو حلم فسمي يوم التروية فلما كانت الليلة الثانية رآه أيضا فأصبح يوم عرفة فعرف أنه من الله فسمي يوم عرفة وهو يوم شريف عظيم وعيد كريم وفضلة كبير وقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أن صيامه يكفر سنتين

فصل : وأيام عشر ذي الحجة كلها شريفة مفضلة يضاعف العمل فيها ويستحب الاجتهاد في العبادة فيها لما روى ابن عباس قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ] وهو حديث حسن صحيح وعن أبي هريرة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما من أيام أحب إلى الله عز و جل أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر ] وهذا حديث غريب أخرجه الترمذي وروى أبو داود بإسناده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء ]
مسألة : قال : ولا يستحب لمن كان بعرفة أن يصوم ليتقوى على الدعاء
أكثر أهل العلم يستحبون الفطر يوم عرفة بعرفة وكانت عائشة وابن الزبير يصومانه وقال قتادة : لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء وقال عطاء أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف لأن كراهة صومه إنما هي معللة بالضعف عن الدعاء فإذا قوي عليه أو كان في الشتاء لم يضعف فتزول الكراهة
ولنا ما روى [ عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا بين يديها يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال بعضهم صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفات فشربه النبي صلى الله عليه و سلم ] متفق عليه و [ قال ابن عمر حججت مع النبي صلى الله عليه و سلم فلم يصمه يعني يوم عرفة ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وروى أبو داود بإسناده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة ولأن الصوم يضعفه ويمنعه الدعاء في هذا اليوم المعظم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه به فكان تركه أفضل

فصل : روي عن أبي هريرة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم ] رواه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن
وأفضل الصيام أن تصوم يوما وتفطر يوما لما [ روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : صم يوما وأفطر يوما فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام فقلت إني أطيق أفضل من ذلك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا أفضل من ذلك ] متفق عليه
فصل : وروى أبو داود بإسناده [ عن اسامة بن زيد أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يصوم يوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال : إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين والخميس ]




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 05-04-2024, 12:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ113 الى صــ117
(26)



أيام البيض
مسألة : قال : وأيام البيض التي حض رسول الله صلى الله عليه و سلم على صيامها هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر
وجملة ذلك أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب لا نعلم فيه خلافا وقد روى أبو هريرة قال : أوصاني خليلي بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وإن أوتر قبل أن أنام و [ عن عبد الله بن عمرو أن النبي ص
لى الله عليه و سلم قال له صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر ] متفق عليهما ويستحب أن يجعل هذه الثلاثة أيام البيض لما [ روى أبو ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أبا ذر إذا صمت من الشهر فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن
وروى النسائي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأعرابي : كل قال إني صائم قال : صوم ماذا ؟ قال : صوم ثلاثة أيام من الشهر قال : إن كنت صائما فعليك بالغر البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ] وعن ملحان القيسي قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة و
أربع عشرة وخمس وعشرة وقال هو كهيئة الدهر ] أخرجه أبو داود وسميت أيام البيض لابيضاض ليلها كله بالقمر والتقدير أيام الليالي البيض وقيل إن الله تاب على آدم فيه وبيض صحفيته ذكره أبو الحسن التميمي

على الصائم حفظ لسانه وتنزيه صومه عن الكذب والغيبة
فصل : ويجب على الصائم أن ينزه صومه عن الكذ
ب والغيبة والشتم قال أحمد : ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري ويصون صومه كانوا إذا صاموا قعدوا في المساجد وقالوا نحفظ صومنا ولا يغتاب أحدا ولا يعمل عملا يجرح به صومه و [ قال رسول الله صلى عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ] وقال أبو هريرة [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه ] متفق عليهما

ليلة القدر وفضلها وقتها وما كان يفعله رسول الله في العشر الأخير
فصل : ليلة القدر وهي ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة قال الله تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر } قيل معناه العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها القدر و [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ] متفق عليه وقيل إنما سميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ومصيبة وزرق وبركة يروى ذلك عن ابن عباس قال الله تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم } وسماها مباركة فقال تعالى
{ إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين } وهي ليلة القدر بدليل قوله سبحانه : إنا أنزلناه في ليلة القدر وقال تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } يروى أن جبريل نزل به من بيت العزة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل به على النبي صلى الله عليه و سلم نجوما في ثلاث وعشرين سنة وهي باقية لم ترفع لما [ روى أبو ذر قال : قلت يا رسول الله ليلة القدر رفعت مع الأنبياء أو هي باقية إلى يوم القيامة ؟ قال : باقية إلى يوم القيامة قلت في رمضان أو في غيره ؟ قال : في رمضان فقلت في العشر الأول أو الثاني أو الآخر ؟ فقال : في العشر الآخر ] واكثر أهل العلم على أنها في رمضان وكان ابن مسعود يقول من يقم الحول يصبها يشير إلى أنها في السنة كلها وفي كتاب الله تعالى ما يبين أنها في رمضان لأن الله أخبر أنه أنزل القرآن في ليلة القدر وأنه أنزله في رمضان فيجب أن تكون ليلة القدر في رمضان لئلا يتناقض الخبران ولأن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر أنها في رمضان في حديث أبي ذر وقال [ التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر ] متفق عليه وقال أبو كعب : والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان ولكنه كره أن يخبركم فتتكلوا إذا ثبت هذا فإنه يستحب طلبها في جميع ليالي رمضان وفي العشر الأواخر آكد وفي ليالي الوتر منه آكد وقال أحمد هي في العشر الأواخر في وتر من الليالي لا يخطئ إن شاء الله كذا روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :


اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين أو سبع بقين أو تسع بقين ] وروى سالم عن أبيه قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر ] متفق عليه وقالت عائشة : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر ] متفق عليه وقالت كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها وقال علي رضي الله عنه [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر ] وقالت عائشة : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجاوز في العشر الأواخر من رمضان ] وفي لفظ للبخاري : [ تحروا ليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من رمضان ] وكل هذه الأحاديث صحيحة
فصل : واختلف أهل العلم في ارجى هذه الليالي فقال أبي بن كعب وعبد الله بن عباس هي ليلة سبع وعشرين قال زر بن حبيش قلت لأبي بن كعب : أما علمت أبا المنذر أنها ليلة سبع وعشرين ؟ قال : بلى أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أنها ليلة صبيحتها تطلع الشمس ليس لها شعاع فعددنا وحفظنا والله لقد علم ابن مسعو
د أنها في رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين ولكنه كره أن يخبركم فتتكلوا قال الترمذي : هذا حديث صحيح وروى أبو ذر في حديث فيه طول [ أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يقم في رمضان حتى بقي سبع فقام بهم حتى مضى نحو من ثلث الليل ثم قام بهم في ليلة خمس وعشرين حتى مضى من شطر الليل حتى كانت ليلة سبع وعشرين فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس قال فقام بهم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح يعني السحور ]

متفق عليه وحكي عن ابن عباس أنه قال سورة القدر ثلاثون كلمة السابعة والعشرون منها : هي وروى أبو داود بإسناده عن معاوية عن النبي صلى الله عليه و سلم في ليلة القدر قال ليلة سبع وعشرين وقيل آكدها ليلة ثلاث وعشرين لأنه روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أن عبد الله بن أنس سأله فقال [ يا رسول الله إني أكون ببادية يقال لها الوطاة وإني بحمد الله أصلي بهم فمرني بليلة من هذا الشهر أنزلها في المسجد فأصليها فيه فقال : انزل ليلة ثلاثة وعشرين فصليها فيه وإن أحببت أن تستتم آخر هذا الشره فافعل وإن أحببت فكف ] فكان إذا صلى العصر دخل المسجد فلم يخرج إلا في حاجة حتى يصلي الصبح فإذا صلى الصبح كانت دابته ببات المسجد رواه أبو داود مختصرا وقيل آكدها ليلة أربع وعشرين لأنه روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ليلة القدر أول ليلة من السبع الأواخر ] وروي عن بعض الصحابة أنه قال لم نكن نعد عددكم هذا وإنما كما نعد من آخر الشهر يعني أن السابعة والعشرين هي أول ليلة من السبع الأواخر وروى أبو ذر قال : [ صمنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم شهر رمضان فلم يقم بنا حتى كانت ليلة سبع بقيت فقام بنا نحوا من ثلث الليل ثم لم يقم ليلة ست فلما كانت ليلة خمس قام بنا النبي صلى الله عليه و سلم نحوا من نصف الليل فقلنا يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة فقال : الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة فلما كانت ليلة ثلاث قام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح فقلت وما الفلاح ؟ قال السحور وأيقظ في تلك الليلة أهله ونساءه وبناته ] رواه سعيد وقيل آكدا ليلة إحدى وعشرين لما روى أبو سعيد [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : أريت ليلة القدر ثم انسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر وإني رأيت أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين قال : فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل فأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهته ] وفي حديث في صبيحة إحدى

وعشرين متفق عليه قال الترمذي : قد روي أنها ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ليلة خمس وعشرين وليلة سبعة وعشرين وليلة تسع وعشرين وآخر ليلة وقال أبو قلابة إنها تنتقل في ليالي العشر قال الشافعي : كان هذا عندي والله أعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يجب على نحو ما يسأل فعلى هذا كانت في السنة التي رأى أبو سعيد النبي صلى الله عليه و سلم يسجد في الماء والطين إحدى وعشرين وفي السنة التي أمر عبد الله بن أنيس ليلة ثلاث وعشرين وفي السنة التي رأى أبي ابن كعب علامتها ليلة سبع وعشرين وقد ترى علامتها في غير هذه الليالي قال بعض أهل العلم أبهم الله تعالى هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في طلبها ويجدوا في العبادة في الشهر كله طمعا في إدراكها كما أخفى ساعة الإجابة في ويم الجمعة ليكثروا من الدعاء في اليوم كله واخفى اسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ليجتهدوا في جميعها وأخفى الأجل وقيام الساعة ليجد الناس في العمل حذرا منها
فصل : فأما علامتها فالمشهور فيها ما ذكره أبي كعب [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الشمس تطلع من صبيحتها بيضاء لا شعاع لها ] وفي بعض الأحاديث بيضاء مثل الطست وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : بلجة سمحة لا حارة ولا باردة تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها ]
فصل : ويستحب أن يجتهد فيها في الدعاء فيها بما روي [ عن عائشة أنها قالت يا رسول إن وافقتها بم أدعو قال : قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ]

تم كتاب الصيام





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 06-04-2024, 12:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان




فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ122 الى صــ125
(27)


كتاب الاعتكاف
الاعتكاف في اللغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه برا كان أو غيره ومنه قوله تعالى { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } وقال : { يعكفون على أصنام لهم } قال الخليل : عكف يعكف ويعكف وهو في الشرع الإقامة في المسجد على صفة نذكرها وهو قربة وطاعة قال الله تعالى { وطهر بيتي للطائفين والقائمين } وقال : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه و سلم يعتكف العشر الأواخر متفق عليه وروى ابن ماجه في سننه ع
ن ابن عباس [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في المعتكف : هو يعكف الذنوب ويجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلها ] وهذا الحديث ضعيف وفي إسناده فرقد السنجي قال أبو داود قلت لأحمد رحمه الله تعرف في فضل الاعتكاف شيئا ؟ قال : لا إلا شيئا ضعيفا ولا نعلم العلماء خلافا في أنه مسنون

حكم الاعتكاف
مسألة : قال أبو القاسم رحمه الله : والاعتكاف سنة إلا أن يكون نذرا فيلزم الوفاء به
لا خلاف في هذه الجملة بحمد الله قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاع
تكاف نذرا فيجب عليه ومما يدل على أنه سنة فعل النبي صلى الله عليه و سلم ومداومته عليه تقريبا إلى الله تعالى وطلبا لثوابه واعتكاف أزواجه معه وبعده ويدل على أنه غير واجب أن أصحابه لم يعتكفوا ولا أمرهم النبي صلى الله عليه و سلم به إلا من أراده و [ قال عليه السلام : من أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر ] ولو كان واجبا لما علقه بالإرادة وأما إذا نذره فيلزمه لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ] رواه البخاري و [ عن عمر أنه قال يا رسول الله إني نذرت أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه و سلم أوف بنذرك ] رواه البخاري و مسلم
فصل : وإن نوى اعتكاف مدة لم تلزمه فإن شرع فيها فله اتمامها وله الخروج منها متى شاء وبهذا قال الشافعي وقال مالك تلزمه بالنية مع الدخول فيه فإن قطعه لزمه قضاؤه وقال ابن عبد البر لا يختلف في ذلك الفقهاء ويلزمه القضاء عند جميع العلماء قال وإن لم يدخل فيه فالقضاء مستحب ومن العلماء من أوجبه وأن لم يدخل فيه واحتج بما روي [ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها فأمرت ببنائها فضرب وسألت حفصة أن يستأذن لها رسول الله صلى الله عليه و سلم ففعلت فأمرت ببنائها فضرب فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببنائها فضرب قالت وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى الصبح دخل معتكفه فلما صلى الصبح انصرف فبصر بالأبنية فقال :


ما هذا ؟ فقالوا بناء عائشة وحفصة وزينب فقال رسول صلى الله عليه و سلم : البرأردتن ؟ ما أنا بمعتكف فرجع فلما أفطر اعتكف عشرا من شوال ] متفق عليه معناه ولأنه عبادة تتعلق بالمسجد فلزمت بالدخول فيها كالحج ولم يصنع ابن عبد البر شيئا وهذا ليس بإجماع ولا نعرف هذا القول عن أحد سواه وقد قال الشافعي : كل عمل لك أن لا تدخل فيه فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة ولم يقع بالإجماع لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة ولم يقع الإجماع على لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة وإذا كانت العبادات التي لها أصل في الوجوب أولى وقد انعقد الإجماع على أن الانسان لو نوى الصدقة بمال مقدر وشرع في الصدقة به فأخرج بعضه لم تلزمه الصدقة بباقية وهو نظير الاعتكاف لأنه غير مقدر بالشرع فأشبه الصدقة وما ذكره حجة عليه فإن النبي صلى الله عليه و سلم ترك الاعتكاف ولو كان واجبا لما تركه وأزواجه تركن الاعتكاف بعد نيته وضرب أبنيتهن له ولم يوجد عذر يمنع فعل الواجب ولا أمرن بالقضاء وقضاء النبي صلى الله عليه و سلم هل لم يكن واجبا عليه وإنما فعله تطوعا لأنه كان إذا عمل عملا أثبته وكان فعله لقضائه كفعله لأدائه على سبيل التطوع به لا على سبيل الإيجاب كما قضى السنة التي فاتته بعد الظهر وقبل الفجر فتركه له دليل على عدم الوجوب لتحريم ترك الواجب وفعله للقضاء لا يدل على الوجوب لأن قضاء السنن مشروع فإن قيل إنما جاز تركه ولم يؤمر تاركه من النساء بقضائه لتركهن إياه قبل الشروع قلنا فقد سقط الاحتجاج لاتفاقنا على أنه لا يلزم قبل شروعه فيه فلم يكن القضاء دليلا على الوجوب مع الاتفاق على انتفائه ولا يصح قياسه على الحج والعمرة لأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بعد كلفة عظمى ومشقة شديدة وإنفاق مال كثير ففي إبطالهما تضييع لما له وإبطال لأعماله الكثيرة وقد نهينا عن إضاعة المال وإبطال الأعمال وليس في ترك الاعتكاف بعد الشروع فيه مال يضيع ولا عمل يبطل فإن ما مضى من اعتكافه لا يبطل بترك اعتكاف المستقبل ولأن النسك يتعلق بالمسجد الحرام على الخصوص والاعتكاف بخلافه

الصوم في الاعتكاف
مسألة : قال : ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم
المشهور في المذهب أن الاعتكاف يصح بغير صوم روي ذلك عن علي وابن مسعود و سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز و الحسن و عطاء و طاوس و الشافعي و إسحاق وعن أحمد رواية أخرى أن الصوم شرط في الاعتكاف قال إذا اعتكف يجب عليه الصوم وروي عن عائشة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا اعتكاف إلا بصوم ] رواه الدارقطني وعن ابن عمر [ أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : اعتكف وصم ] روا
ه أبو داود ولأنه لبث في مكان مخصوص فلم يكن بمجرده قربة كالوقوف ولنا ما روى ابن عمر [ عن عمر أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أوف بنذرك ] رواه البخاري ولو كان الصوم شرطا لما صح اعتكاف الليل لأنه لا صيام فيه ولأنه عبادة تصح في الليل فلم يشترط له الصيام كالصلاة ولأنه عبادة تصح في الليل فأشبه سائر العبادات ولأن إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلا بالشرع ولم يصح فيه نص ولا إجماع قال سعيد : حدثنا عبد العزيز بن محمد بن أبي سهل قال كان على امرأة من أهلي اعتكاف فسألت عمر بن عبد العزيز فقال ليس عليها صيام إلا أن تجعله على نفسها فقال الزهري : لا اعتكاف إلا بصوم فقال له عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قال : لا قال فعن أبي بكر ؟ قال : لا قال فعن عمر ؟ قال : لا قال وأظنه قال فعن عثمان ؟ قال : لا خرجت من عنده فلقيت عطاء وطاوسا فسألتهما فقال طاوس : كان فلان لا يرى عليها صياما إلا أن تجعله على نفسها وأحاديثهم لا تصح أما حديثهم عن عمر فتفرد به ابن بديل وهو


ضعيف قال أبو بكر النيسابوري هذا حديث منكر والصحيح ما رويناه أخرجه البخاري والنسائي وغيرهما وحديث عائشة موقوف عليها ومن رفعه فقد وهم ولو صح فالمراد به الاستحباب فإن الصوم فيه أفضل وقياسهم ينقلب عليهم فإنه لبث في مكان مخصوص فلم يشترط له الصوم كالوقوف ثم نقول بموجبه فإنه لا يكون قربة بمجرده بل بالنية إذا ثبت هذا فإنه يستحب أن يصوم لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف وهو صائم ولأن المعتكف يستحب له التشاغل بالعبادات والقرب والصوم من أفضلها ويتفرغ به مما يشغله عن العبادات ويخرج به من الخلاف
فصل : إذا قلنا إن الصوم شرط لم يصح اعتكاف ليلة مفردة ولا بعض يوم ولا ليلة وبعض يوم لأن الصوم المشترط لا يصح في أقل من يوم يحتمل أن يصح في بعض اليوم إذا صام اليوم كله لأن الصوم المشروط وجد في زمن الاعتكاف ولا يعتبر وجود المشروط في زمن الشرط كله





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 07-04-2024, 01:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ125 الى صــ131
(28)



مكان الاعتكاف
مسألة : قال : ولا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه
يعني تقام الجماعة فيه وإنما اشترط ذلك لأن الجماعة واجبة واعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى أحد أمرين إما ترك الجماعة الواجبة وإما خروجه إليها فيتكرر ذلك منه كثيرا مع إمكان التحرز منه وذلك مناف للاعتكاف إذ هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة الله فيه ولا يصح ال
اعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكف رجلا لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا والأصل في ذلك قول الله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } فخصها بذلك فلو صح الاعتكاف في غيرها لم يختص تحريم المباشرة فيها فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقا وفي حديث عائشة قالت : [ إن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا ] وروى الدارقطني بإسناده عن الزهري عن عروة وسعيد بن المسيب عن عائشة في حديث وإن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الانسان ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة فذهب أبو عبد الله إلى أن كل مسجد تقام فيه الجماعة يجوز الاعتكاف فيه ولا يجوزه في غيره وروي عن حذيفة وعائشة والزهري ما يدل على هذا واعتكف أبو قلابة وسعيد بن جبير في مسجد حيهما وروي عائشة والزهري أنه لا يصح إلا في مساجد الجماعات وهو قول الشافعي إذا كان اعتكافه يتخلله جمعة لئلا يلتزم الخروج من معتكه لما يمكنه التحرز من الخروج إليه وروي عن حذيفة وسعيد بن المسيب لا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد نبي وحكي عن حذيفة أن الاعتكاف لا يصح إلا في أحد المساجد الثلاثة قال سعيد : حدثنا مغيرة عن إبراهيم قال : دخل حذيفة مسجد الكوفة فإذا هو بأبنية مضروبة


فسأل عنه فقيل قوم معتكفون فانطلق إلى ابن مسعود فقال : ألا تعجب من قوم يزعمون أنهم معتكفون بين دارك ودار الأشعري ؟ فقال عبد الله : فلعلهم أصابوا وأخطأت وحفظوا ونسيت فقال حذيفة : لقد علمت ما الاعتكاف إلا في ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال مالك : يصح الاعتكاف في كل مسجد لعموم قوله تعالى : وأنتم عاكفون في المسجد وهو قول الشافعي : إذا لم يكن اعتكافه يتخلله جخعة
ولنا قول عائشة : من السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة وقد قيل ن هذا من قول الزهري ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم كيفما كان وروى سعيد حدثنا هشيم أنبأنا جرير عن الضحاك عن حذيفة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كل مسجد له إمام ومؤذن فالاعتكاف فيه يصلح ] ولأن قوله تعالى : { وأنتم عاكفون في
المساجد } يقتضي إباحة الاعتكاف في كل مسجد إلا أنه يقيد بما تقام فيه الجماعة بالأخبار والمعنى الذي ذكرناه ففيما عداه يبقى على العموم وقول الشافعي في اشتراطه موضعا تقام فيه الجمعة لا يصح للأخبار ولأن الجمعة لا تكرر فلا يضر وجوب الخروج إليها كما لو اعتكفت المرأة مدة يتخللها أيام حيضها ولو كان الجامع تقام فيه الجمعة وحدها ولا يصلى فيه غيرها لم يجز الاعتكاف فيه ويصح عند مالك والشافعي ومبنى الخلاف على أن الجماعة واجبة عندنا فيلتزم الخروج من معتكفه إلهيا فيفسد اعتكافه وعندهم ليست واجبة
فصل : وإن كان اعتكافه مدة غير وقت الصلاة كليلة أو بعض يوم جا
ز في كل مسجد لعدم المانع وإن كانت تقام فيه بعض الزمان جاز الاعتكاف فيه في ذلك الزمان دون غيره وإن كان المعتكف ممن لا تلزمه الجماعة كالمريض والمعذور ومن هو في قرية لا يصلي فيها سواه جاز اعتكافه في كل مسجد لأنه لا تلزمه الجماعة فأشبه المرأة وإن اعتكف اثنان في مسجد لا تقام فيه جماعة فأقاما الجماعة فيه صح اعتكافهما لأنهما أقاما الجماعة فأشبه ما لو أقامها فيه غيرهما

اعتكاف المرأة والمريض
فصل : وللمرأة أن تعتكف في كل مسجد ولا يشترط إقامة الجماعة فيه لأنها غير واجبة عليها وبهذا قال الشافعي : وليس لها الاعتكاف في بيتها وقال أبو حنيفة و الثوري : لها الاعتكاف في مسجد بيتها وهو المكان الذي جعلته للصلاة منه واعتكافها فيه أفضل لأن صلاتها فيه أفضل وحكي عن أبي حنيفة أنها لا يصح اعتكافها في مسجد الجماعة [ لأن النبي صلى الله عليه و سلم ترك الاعتكاف في المسجد لما رأى أبنية زواجه فيه وقال : البر تردن ؟ ] ولأن مسجد بيتها موضع فضيلة صلاتها فكن موضع اعتكافها كالمسجد في حق الرجل
ولنا قوله تعالى : { وأنتم عاكفون في المساجد } والمراد به الم
واضع التي بنيت للصلاة فيها وموضع صلاتها في بيتها ليس بمسجد لأنه لم يبن للصلاة فيه وإن سمي مسجدا كان مجازا فلا يثبت له أحكام المساجد الحقيقية كقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ جعلت لي الأرض مسجدا ] ولأن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم استأذنه في الاعتكاف في المسجد فإذن لهن ولو لم يكن موضعا لاعتكافهن لما أذن فيه ولو كان الاعتكاف فلي غيره أفضل لدهن عليه ونبههن عليه ولأن الاعتكاف قربة يشترط لها المسجد في حق الرجل فيشترط في حق المرأة كالطواف وحديث عائشة حجة لنا لما ذكرنا وإنما كره اعتكافهن في تلك الحال حيث كثرت ابنيتهن لما رأى من منافستهن فكرهه منهن خشية عليهن من فساد نيتهن وسوء المقصد به ولذلك قال : [ البر تردن ] منكرا لذلك أي لم تفعلن ذلك تبررا ولذلك ترك الاعتكاف لظنه أنه تتنافس في الكون معه ولو كان للمعنى الذي ذكروه لأمرهن بالاعتكاف في بيوتهن ولم يأذن لهن في المسجد وأما الصلاة فلا يصح اعتبار الاعتكاف بها فإن صلاة الرجل في بيته أفضل ولا يصح اعتكافه فيه
فصل : ومن سقطت عنه الجماعة من الرجال كالمريض إذا أحب أن يعتكف في مسجد لا تقام فيه الجماعة ينبغي أن يجوز له ذلك لأن الجماعة ساقطة عن
ه فأشبه المرأة ويحتمل أن لا يجوز له ذلك لأنه من أهل الجماعة فأشبه من تجب عليه ولأنه إذا التزم الاعتكاف وكلفه نفسه فينبغي أن يجعله في مكان تصلى فيه الجماعة ولأن من التزم ما لا يلزمه لا يصح بدون شروطه كالمتطوع بالصوم والصلاة
فصل : وإذا اعتكفت المرأة في المسجد لها أن تستتر بشيء لأن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربن في المسجد ولأن المسجد يحضره الرجال وخير لهم وللنساء أن لا يرونهن ولا يرينهم وإذا ضربت بناء جعلته في مكان لا يصلي فيه الرجال لئلا تقطع صفوفهم ويضيق عليهم ولا بأس أن يستتر الرجل أيضا فإن النبي صلى الله عليه و سلم أمر ببنائه فضرب ولأنه أستر له وأخفى لعمله وروى ابن ماجة عن أبي سعيد [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس ] والله أ
علم

خروج المعتكف وما يحرم وفساد الاعتكاف وما يمتنع على المعتكف
مسألة : قال : ولا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان أو صلاة الجمعة
وجملة ذلك أن المعتكف ليس له الخروج من معتكفه إلا لما لا بد له منه قالت عائشة رضي الله عنها : السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد له منه رواه أبو داود وقالت أيضا : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ] متفق عليه ولا خلاف في أن له ا
لخروج لما لا بد له منه قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول ولأن هذا مما لا بد منه ولا يمكن فعله في المسجد فلو بطل الاعتكاف بخروجه إليه لم يصح لأحد الاعتكاف ولأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف وقد علمنا أنه كان يخرج لقضاء حاجته والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط وكنى بذلك عنهما لأن كل إنسان يحتاج إلى فعلهما وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به فله الخروج إليه إذا احتاج إليه وإن بغته القيء أن يخرج ليتقيأ خارج المسجد وكل ما لا بد له منه ولا يمكن فعله في المسجد فله الخروج إليه ولا يفسد اعتكافه وهو عليه ما لم يبطل وكذلك له الخروج إلى ما أوجبه الله تعالى عليه مثل من يعتكف في مسجد لا جمعة فيه فيحتاج إلى خروجه ليصلي الجمعة ويلزمه السعي إليها فله الخروج إليها ولا يبطل اعتكافه وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي : لا يعتكف في غير الجامع إذا كان اعتكافه يتخلله جمعة فإن نذر اعتكافا متتابعا فخرج منه لصلاة الجمعة بطل اعتكافه وعليه الاستئناف لأنه أمكنه فرضه بحيث لا يخرج منه فبطل بالخروج كالمكفر إذا ابتدأ صوم الشهرين المتتابعين في شعبان أو ذي الحجة
ولنا أنه خرج لواجب فلم يبطل كالمعتدة تخرج لقضاء العدة وكالخارج لانقاذ غريق أو إطفاء حريق أو أداء شهادة تعينت عليه ولأنه إذا نذر أياما فيها جمعة فكأنه استثنى الجمعة بلفظه ثم تبطل بما إذا نذرت المرأة أياما فيها عادة حيضها فإنه يصح مع إمكان فرضها في غيرها والأصل غير مسلم إذا ثبت هذا فإنه إذا خرج لواجب فهو على اعتكافه ما لم يطل لأنه خروج لما لا بد له منه أشبه الخروج
لحاجة الإنسان فإن كان خروجه لصلاة الجمعة فله أن يتعجل قال أحمد : أرجو أن له ذلك لأنه خروج جائز فجاز تعجيله كالخروج لحاجة الإنسان وإذا صلى الجمعة فإن أحب أن يعتكف في الجامع فله ذلك لأنه محل للاعتكاف والمكان لا يتعين للاعتكاف بنذره وتعيينه فمع عدم ذلك أولى وكذلك إن دخل في طريقه مسجدا فأتم اعتكافه فيه جاز لذلك وإن أحب الرجوع إلى معتكفه فله ذلك لأنه خرج من معتكفه فكان له الرجوع إليه كما لو خرج إلى غير الجمعة قال بعض أصحابنا : يستحب له الإسراع إلى معتكفه وقال أبو داود : قلت لأحمد يركع أعني المعتكف يوم الجمعة بعد الصلاة في المسجد ؟ قال : نعم بقدر ما كان يركع ويحتمل أن يكون الخيرة إليه في تعجيل الرجوع وتأخيره لأنه في مكان يصلح للاعتكاف فأشبه ما لو نوى الاعتكاف فيه فأما إن خرج ابتداء إلى مسجد آخر أول إلى الجامع من غير حاجة أو كان المسجد أبعد من موضع حاجته فمضى إليه لم يجز له ذلك لأنه خروج لغير حاجة أشبه ما لو خرج إلى غير المسجد فإن كان المسجدان متلاصقين يخرج من أحدهما فيصير في الآخر فله الانتقال من أحدهما إلى الآخر لأنهما واحد ينتقل من إحدى زاويته إلى الأخرى وإن كان يمشي بينهما في غيرهما لم يجز له الخروج وإن قرب لأنه خروج من المسجد لغير حاجة واجبة
فصل : وإذا خرج لما لا بد منه فليس عليه أن يستعجل في مشيه بل يمشي على عادته لأن عليه مشقة في إلزامه غير ذلك وليس له الإقامة بعد قضاء حاجته لأكل ولا لغيره وقال أبو عبد الله بن حامد : يجوز أن يأكل اليسير في بيته كاللقمة واللقمتين فأما جميع أكله فلا وقال القاضي : يتوجه أن له الأكل في بيته والخروج إليه ابتداء لأن الأكل في المسجد دناءة وترك للمروءة وقد يخفي جنس قوته عن الناس وقد يكون في المسجد غيره فيستحي أن الأكل دونه وإن أطعمه معه لم يكفهما


ولنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يدخل البيت إلى لحاجة الإنسان وهذا كناية عن الحدث ولأنه خروج لما له منه بد أو لبث في غير معتكفه لما له منه بد فأبطل الاعتكاف كمحادثة أهله وما ذكره القاضي ليس بعذر يبيح الإقامة ولا الخروج ولو ساغ ذلك ساغ الخروج للنوم وأشباهه
فصل : وإن خرج لحاجة الإنسان وبقرب المسجد سقاية أقرب من
منزله لا يحتشم من دخولها ويمكنه التنظيف فيها لم يكن له المضي إلى منزله لأن له من ذلك بد وإن كان يحتشم من دخولها أو فيه نقيصة عليه أو مخالفة لعادته أو لا يمكنه التنظيف فيها فله من الآخر يمكنه الوضوء في الأقرب بلا ضرر فليس له المضي إلى الأبعد وإن بذل له صديقه أو غيره الوضوء في منزله القريب لم يلزمه لما عليه من المشقة بترك المروءة والاحتشام من صاحبه قال المروذي : سألت أبا عبد اله عن الاعتكاف في المسجد الكبير أعجبت إليك أو مسجد الحي قال : المسجد الكبير وأرخص لي أن أعتكف في غيره قلت : فأين ترى أن أعتكف في هذا الجانب أو في ذاك الجانب ؟ قال : في ذاك الجانب هو أصلح من أجل السقاية قلت : فمن اعتكف في هذا الجانب ترى أن يخرج إلى الشط يتهيأ ؟ قال : إذا كان له حاجة لا بد له من ذلك قلت : يتوضأ الرجل في المسجد ؟ قال : لا يعجبني أن يتوضأ في المسجد
فصل : إذا خرج لما له منه بد بطل اعتكافه وإن قل وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن : لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم لأن اليسير معفو عنه بدليل أن صفية أتت النبي صلى الله عليه و سلم تزوره في معتكفه فلما قامت لتنقلب خرج معها ليقلها ولأن اليسير معفو عنه بدليل ما لو تأنى في مشيه
ولنا أنه خروج من معتكفه لغير حاجة فأبطله كما لو أقام أكثر من ن
صف يوم أما خروج النبي صلى الله عليه و سلم فيحتمل أنه لم يكن له بد لأنه كان ليلا فلم يأمن عليها ويحتمل أنه فعل ذلك لكون اعتكافه تطوعا له ترك جميعه فكان له ترك بعضه ولذلك تركه لما أراد نساؤه الاعتكاف معه وأما المشي فتختلف فيه طباع الناس وعليه في تغيير مشيه مشقة ولا كذلك هاهنا فإنه لا حاجة به إلى الخروج
مسألة : قال : ولا يعود مريضا ولا يشهد جنازة إلا أن يشترط ذلك
الكلام في هذه المسألة في فصلين :


أحدهما : في الخروج لعيادة المريض وشهود الجنازة مع عدم الاشتراط واختلفت الرواية عن أحمد في ذلك فروي عنه ليس له فعله وهو قول عطاء و عروة و مجاهد و الزهري و مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وروى عنه الاثرم و محمد بن الحكم أن له أن يعود المريض ويشهد الجنازة ويعود إلى معتكفه وهو قول علي رضي الله عنه به قال سعيد بن جبير و النخعي و الحسن لما روى عاصم بن ضمرة عن علي قال : إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة وليعد المريض وليحضر الجنازة وليأت أهله وليأمرهم بالحاجة وهو قائم رواه الإمام أحمد و الاثرم وقال أحمد : عاصم بن ضمرة عندي حجة قال أحمد : يشهد الجنازة ويعود المريض ولا يجلس ويقضي الحاجة ويعود إلى معتكفه وجه الأول ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ] متفق عليه وعنها رضي الله عنها أنها قالت : السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه وعنها قالت : [ كان النبي صلى الله عليه و سلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو فلا يعرج يسأل عنه ] رواهما أبو داود ولأن هذا ليس بواجب فلا يجوز ترك الاعتكاف الواجب من أجله كالمشي مع أخيه في حاجة ليقضيها له وإن تعينت عليه صلاة الجنازة وأمكنه فعلها في المسجد لم يجز الخروج إليها فإن لم يمكنه ذلك فله الخروج إليها وإن تعين عليه دفن الميت أو تغسيله جاز أن يخرج له لأن هذا واجب متعين فيقدم على الاعتكاف كصلاة الجمعة فأما إن كان الاعتكاف تطوعا وأحب الخروج منه لعيادة مريض أو شهود جنازة جاز لأن كل واحد منهما تطوع فلا يتحتم واحد منهما لكن الأفضل المقام على اعتكافه لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يعرج على المريض ولم يكن واجبا عليه فأما إن خرج لما لا بد منه فسأل عن المريض في طريقه ولم يعرج جاز لأن النبي صلى الله عليه و سلم فعل ذلك
الفصل الثاني : إذا اشتراط فعل ذلك في اعتكافه فله فعله واجبا كان الاعتكاف أو غير واجب وكذلك ما كان قربة كزيارة أهله أو رجل صالح أو عالم أو شهود جنازة وكذلك ما كان مباحا مما يحتاج إليه كالعشاء في منزله والمبيت فيه فله فعله قال الاثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن المعتكف يشترط أن يأكل في أهله فقال : إذا اشترط فنعم قيل له : وتجيز الشرط في الاعتكاف ؟ قال : نعم قلت له : فيبيت في أهله ؟ قال : إذا كان تطوعا جاز وممن أجاز أن يشترط العشاء في أهله الحسن و العلاء بن زياد و النخعي و قتادة ومنع منه أبو مجلز و مالك و الأوزاعي قال ما
لك : لا يكون في الاعتكاف شرط
ولنا أنه يجب بعقده فكان الشرط إليه فيه كالوقف ولأن الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي أقامه وإن قال : متى مرضت أو عرض لي عارض خرجت جاز شرطه


فصل : وإن شرط الوطء في اعتكافه أو الفرجة أو النزهة أو البيع للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد لم يجز لأن الله تعالى قال : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } فاشتراط ذلك اشتراط لمعصية الله تعالى والصناعة في المسجد منهي عنها في غير الاعتكاف ففي الاعتكاف أولى وسائر ما ذكرناه يشبه ذلك ولا حاجة إليه فإن احتاج إليه فلا يعتكف لأن ترك الاعتكاف أولى من فعل المنهي عنه قال أبو طالب : سألت أحمد عن المعتكف يعمل عمله من الخياط وغيره قال : ما يعجبني أن يعمل قلت : إن كن يحتاج قال : إن كان يحتاج لا يعتكف
فصل : إذا خرج لما له منه بد عامدا بطل اعتكافه إلا أ
ن يكون اشترط وإن خرج ناسيا فقال القاضي : لا يفسد اعتكافه لأنه فعل المنهي عنه ناسيا فلم تفسد العبادة كالأكل في الصوم وقال ابن عقيل : يفسد لأنه ترك للاعتكاف وهو لزوم للمسجد وترك الشيء عمده وسهوه سواء كترك النية في الصوم فإن أخرج بعض جسده لم يفسد إعتكافه عمدا كان أو سهوا ل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف إلى عائشة فتغسله وهي حائض ] متفق عليه
فصل : ويجوز للمعتكف صعود سطح المسجد لأنه من جملته ولهذا يمنع الجنب من البث فيه وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي ولا نعلم فيه مخالفا ويجوز أن يبيت فيه وظاهر كلام الخرقي أن رحبة المسجد ليست منه وليس للمعتكف الخروج
إليها لقوله في الحائض : يضرب لها خباء في الرحبة والحائض ممنوعة من المسجد وقد روي عن أحمد ما يدل على هذا وروى عنه المروذي أن المعتكف يخرج إلى رحبة المسجد هي من المسجد قال القاضي : إن كان عليها حائط وباب فهي كالمسجد لأنها معه وتابعة له وإن لم تكن محوطة لم يثبت لها حكم المسجد فكأنه جميع بين الروايتين وحملهما على اختلاف الحالين فإن خرج إلى منارة خارج المسجد للأذان بطل اعتكافه قال أبو الخطاب : ويحتمل أن لا يبطل لأن منارة المسجد كالمتصلة به
مسألة : قال : ومن وطئ فقد أفسد اعتكافه ولا قضاء عليه إلا أن يكون واجبا
وجملة ذلك أن الوطء في الاعتكاف محرم بالإجماع والأص
ل فيه قول الله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها } فإن وطئ في الفرج متعمدا أفسد اعتكافه بإجماع أهل العلم حكاه ابن المنذر عنهم ولأن الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها كالحج والصوم وإن كان ناسيا فكذلك عند إمامنا و أبي حنيفة و مالك وقال الشافعي : لا يفسد اعتكافه لأنها مباشرة لا تفسد الصوم فلم تفسد الاعتكاف كالمباشرة فيما دون الفرج


ولنا ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه في إفساده كالخروج من المسجد ولا يسلم أنها لا تفسد الصوم ولأن المباشرة دون الفرج لا تفسد الاعتكاف إلا إذا اقترن بها الإنزال إذا ثبت هذا فلا كفارة بالوطء في ظاهر المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وقول عطاء و النخعي وأهل المدينة ومالك وأهل العراق والثوري وأهل الشام والأوزاعي ونقل حنبل عن أحمد أن عليه كفارة وهو قول الحسن والزهري واختيار القاضي لأنه عبادة يفسدها الوطء لعينه فوجبت الكفارة بالوطء فيها كالحج وصوم رمضان
ولنا أنها عبادة لا تجب بأصل الشرع فلم تجب بإفسادها كفارة كالنوافل ولأنها عبادة لا تدخل المال في جيرانها فلم تجب الكفارة بإفسادها كالصلاة ولأن وجوب الكفارة إنما يثبت بالشرع ولم يرد الشرع بإيجابها فتبقى على الأصل وما ذكروه ينتقض بالصلاة وصوم غير رمضان والقياس على الحج لا يصح لأ
نه مباين لسائر العبادات ولهذا يمضي في فاسدة ويلزم بالشروع فيه ويجب بالوطء فيه بدونه بخلاف غيره ولأنه لو وجبت الكفارة ههنا بالقياس عليه للزم أن يكون بدنة لأن الحكم في الفرع يثبت على صفة الحكم في الأصل بعينه وأما القياس على الصوم فهو دال على نفي الكفارة لأن الصوم واردا في الفرع فيثبت فيه الحكم الثابت في الأصل بعينه وأما القياس على الصوم فهو دال على نفي الكفارة لأن الصوم كله لا يجب بالوطء فيه كفارة سوى رمضان والاعتكاف أشبه بغير رمضان لأنه نافلة لا يجب إلا بالنذر ثم لا يصح قياسه على رمضان أيضا لأن الوطء فيه إنما أوجب الكفارة لحرمة الزمان ولذلك يجب على كل من لزمه الإمساك وإن لم يفسد به صوما
واختلف موجبوا الكفارة فيها فقال القاضي : يجب كفارة الظهار وهو قول السحن والزهري وظاهر كلام أحمد في رواية حنبل فإنه روى عن الزهري أنه قال : من أصاب في اعتكافه فهو كهيئة المظاهر ثم قال عبد الله : إذا كان نهارا وجبت عليه الكفارة ويحتمل أن أبا عبد الله إنما أوجب عليه الكفارة إذا فعل ذلك في رمضان لأنه اعتبر ذلك في النهار لأجل الصوم ولو كان لمجرد الاعتكاف لما اختص الوجوب


بالنهار كما لم يختص الفساد به وحكي عن أبي بكر عليه كفارة يمين ولم أر هذا عن أبي بكر في كتاب الشافعي ولعل أبا بكر إنما أوجب عليه كفارة في موضع تضمن الإفساد الاخلال بالنذر فوجبت لمخالفة نذره وهي كفارة يمين فأما في غير ذلك فلا لأن الكفارة إنما تجب بنص أو إجماع أو قياس وليس هاهنا نص ولا إجماع ولا قياس فإن نظير الاعتكاف الصوم ولا يجب بإفساده كفارة إذا كان تطوعا ولا منذورا ما لم يتضمن الإخلال بنذره فيجب به كفارة يمين كذلك هذا
فصل : فأما المباشرة دون الفرج فإن كانت لغيره شهوة فلا بأس بها مث
ل أن تغسل رأسه أو تفيه أو تناوله شيئا [ لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدني رأسه إلى عائشة وهو معتكف فترجله ] وإن كانت على شهوة فهي محرمة لقول الله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } ولقول عائشة : السنة للمعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها رواه أبو داود ولأنه لا يأمن افضاءها إلى إفساد الاعتكاف وما أفضى إلى الحرام كان محراما فإن فعل فأنزل فسد اعتكافه وإن لم ينزل لم يفسد وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وقال في الآخر : يفسد في الحالين وهو قول مالك لأنها مباشرة محرمة فأفسدت الاعتكاف كما لو أنزل
ولنا أنها مباشرة لا تفسد صوما ولا حجا فلم تفس
د الاعتكاف كالمباشرة لغير شهوة وفارق التي أنزل بها لأنها تفسد الصوم ولا كفارة عليه إلا على رواية حنبل
فصل : وإن ارتد فسد اعتكافه لقوله تعالى : { لئن أشركت ليحبطن عملك } ولأنه خرج بالردة عن كونه م أهل الاعتكاف وإن شرب ما أسكره فسد اعتكافه لخروجه عن كونه من الله المسجد
فصل : وكل موضع فسد اعتكافه فإن كان تطوعا فلا قضاء عليه لأن التطوع لا يلزم بالشروع فيه في غير الحج والعمرة وإن كان نذرا نظرنا فإن كان نذ
ر أياما متتابعة فسد ما مضى من اعتكافه واستأنف لأن التتابع وصف في الاعتكاف وقد أمكنه الوفاء به فلزمه وإن كان نذر أياما معينه كالعشر الأواخر من شهر رمضان ففيه وجهان أحدهما يبطل ما مضى ويستأنفه لأنه نذر اعتكافه متتابعا فبطل بالخروج منه كما لو قيده بالتتابع بلفظه والثاني لا يبطل لأن ما مضى منه قد أدى العبادة فيه أداء صحيحا فلم يبطل بتركها في غيره كما لو أفطر في أثناء شهر رمضان والتتابع ههنا ضرورة التعيين والتعيين مصرح به وإذا كان لم يكن بد من الإخلال بأحدهما ففيما حصل ضرورة أولى ولأن وجوب التتابع من حيث الوقت لا من حيث النذر فالخروج في بعضه لا يبطل ما مضى منه كصوم رمضان إذا أفطر فيه فعلى هذا يقضي ما أفسد فيه فحسب وعليه الكفارة على الوجهين جميعا لأنه تارك لبعض ما نذره وأصل الوجهين فيمن نذر صوما معينا فأفطر في بعضه فإن فيه روايتين كالمذهبين اللذين ذكرناهما
فصل : إذا نذر اعتكاف أيام متتابعة بصوم فأفطر يوما أفسد تتابعه ووجب استئناف الاعتكاف لإخلاله بالاتيان بما نذره على صفته


مسألة : قال : وإذا وقعت فتنة خاف منها ترك اعتكافه فإذا أمن بنى على ما مضى إذا كان نذر أياما معلومة وقضى ما ترك وكفر كفارة يمين وكذلك في النفير إذا احتيج إليه
وجملته أنه إذا وقعت فتنة خاف منها على نفسه إن قعد في الم
سجد أو على ماله نهبا أو حريقا فله ترك الاعتكاف والخروج لأن هذا مما أباح الله تعالى لأجله ترك الواجب بأصل الشرع وهو الجمعة والجماعة فأولى أن يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه وكذلك إن تعذر عليه المقام في المسجد لمرض لا يمكنه المقام معه فيه كالقيام المتدارك أو سلس البول أو الإغماء أو لا يمكنه المقام إلا بمشقة شديدة مثل أن يحتاج إلى خدمة فراش فله الخروج وإن كان المرض خفيفا كالصدع ووجع الضرس ونحوه فليس له الخروج فإن خرج بطل اعتكافه وله الخروج إلى ما يتعين عليه الواجب مثل الخروج في النفير إذا عم أو حضر عدو يخافون كلبه واحتيج إلى خروج المعتكف لزمه الخروج لأنه واجب متعين فلزم الخروج إليه كالخروج إلى الجمعة إذا خرج ثم زال عذره نظرنا فإن كان تطوعا فهو مخير إن شاء رجع إلى معتكفه وإن شاء لم يرجع وإن كان واجبا رجع إلى معتكفه فبنى على ما مضى من اعتكافه ثم لا يخلو النذر من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون نذر اعتكافا في أيام غير متتابعة ولا معينة فهذا لا يلزمه قضاء بل يتم ما بقي عليه لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون متتابعا ولا كفارة عليه لأنه أتى بما نذر على وجهه فلا يلزمه كفارة كما لو لم يخرج
الثاني : نذر أياما معينة كشهر رمضان فعليه قضاء ما ترك وكفارة يمين بمنزلة تركه المنذور في وقته ويحتمل أن لا يلزمه كفارة على ما سنذكره إن
شاء الله
الثالث : نذر أياما متتابعة فهو مخير بين اللبناء والقضاء والتكفير وبين الابتداء ولا كفارة عليه لأنه يأتي بالمنذور على وجهه فلم يلزمه كفارة كما لو أتى به من غير أن يسبقه الاعتكاف الذي قطعه وذكر الخرقي مثل هذا في الصيام فقال : ومن نذر أن يصوم شهرا متتابعا ولم يسمه فمرض في بعضه فإذا عوفي بنى على ما مضى من صيامه وقضى ما ترك وكفر كفارة يمين وإن أحب أتى بشهر متتابع ولا كفارة عليه وقال أبو الخطاب فيمن ترك الصيام المنذور لعذر فعن أحمد فيه رواية أخرى أنه لا كفارة عليه وهو قول مالك و الشافعي وأبي عبيد : لأن المنذور كالمشروع ابتداء ولو أفطر في رمضان لعذر لم يلزمه شيء فكذلك ال
منذور وقال القاضي : إن خرج لواجب الجهاد تعين أو أداء شهادة واجبة فلا كفارة عليه لأنه خروج واجب لحق الله تعالى فلم يجب به شيء كالمرأة تخرج لحيضها أو نفاسها وحمل كلام الخرقي على أنه يبني على ما مضى دون إيجاب الكفارة وظاهر كلام الخرقي أن عليه الكفارة لأن النذر كاليمين ومن حلف على فعل شيء فحنث لزمته الكفارة سواء كان لعذر أو غيره وسواء كانت المخالفة واجبة أم لم يكن ويفارق صوم رمضان فإن الإخلال به والفطر فيه لغير عذر لا يوجب الكفارة ويفارق الحيض فإنه يتكرر ويظن وجوده في زمن النذر فيصير كالخروج لحاجة الإنسان وكالمستثنى بلفظه

مسألة : قال : والمعتكف لا يتجر ولا يتكسب بالصنعة
وجملته أن المعتكف لا يجوز له أن يبيع ولا يشتري إلا ما لا بد له منه قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : المعتكف لا يبيع ولا يشتري إلا ما لا بد له منه طعام أو نحو ذلك فأما التجارة والأخذ والعطاء فلا يجوز شيء من ذلك وقال الشافعي : لا بأس أن يبيع ويشتري ويخيط ويتحدث ما لم يكن مأثما
ولنا ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن البيع والشراء في المسجد ] رواه الترمذي وقال : حديث حسن ورأى عمران القصير رجلا يبيع في المسجد فقال : يا هذا إن هذا سوق الآخرة فإن أردت البيع فأخرج إلى سوف الدنيا وإذا منع من البيع والشراء في غير حال الاعتكاف ففيه أولى فأما الصنعة فظاهر كلام الخرقي أنه لا يجوز منها ما يكتسب له لأنه بمنزلة التجارة بالبيع والشراء ويجوز ما يعمله لنفسه كخياطة قميصه ونحوه وقد روى المروذي قال : سألت أبا عبد الله عن المعتكف : ترى له أن الخيط ؟ قال : لا ينبغي له أن يعتكف إذا كان يريد أن يفعل وقال القاضي : لا تجوز الخياطة في المسجد سواء كان محتاجا إليها أو لم يكن قل أو كثر لأن ذلك معيشة أو تشغل عن الاعتكاف فأشبه البيع والشراء فيه والأولى أن يباح له ما يحتاج إليه من ذلك إذا كان يسيرا مثل أن ينشق قميصه فيخيطه أو ينحل شيء يحتاج إلى ربط فيربطه لأن هذا يسير تدعو الحاجة إليه فجرى مجرى لبس قميصه وعمامته وخلعهما


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 08-04-2024, 01:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ132 الى صــ149
(29)



ويباح أو لا يباح للمعتكف
فصل : يستحب للمعتكف التشاغل بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ونحو ذلك من الطاعات المحضة ويجتنب ما لا يعينه من الأقوال والأفعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه وفي الحديث : [ من حسن إسلام
المرء تركه ما لا يعنيه ] ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره وعكسه الوطء ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره فإن [ صفية زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه و سلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه و سلم :

على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا : سبحان الله يا رسول الله فقال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ] أو قال : [ شيئا ] متفق عليه وقال علي رضي الله عنه : أيما رجل اعتكف فلا يساب ولا يرفث في الحديث ويأمر أهله بالحاجة أي وهو يمشي ولا يجلس عندهم رواه الإمام أحمد
فصل : فأما إقراء القرآن وتدريس العلم ودرسه ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث ونحو ذلك مما يتعدى نفعه فأكثر أصحابنا على أنه لا يستحب وهو ظاهر كلام أحمد وقال أبو الحسن الآمدي : في استحباب ذلك روايتان واختار أبو الخطاب أنه مستحب إذا قصد به طاعة الله تعالى لا المباهاة و
هذا مذهب الشافعي لأن ذلك أفضل العبادات ونفعه يتعادى فكان أولى من تركه كالصلاة واحتج أصحابنا بأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به ولأن الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد فلم يستحب فيها ذلك كالطواف وما ذكروه يبطل بعيادة المرضى وشهود الجنازة فعلى هذا القول فعله لهذه الأفعال أفضل من الاعتكاف قال المروذي : قلت لأبي عبد الله أن رجلا يقرئ في المسجد كان له ولغيره يقرئ أحب إلي وسئل أيما أحب إليك : الاعتكاف أو الخروج إلى عبادان ؟ قال : ليس يعدل الجهاد عندي شيء يعني أن الخروج إلى عبادان أفضل من الاعتكاف

الصيام عن الكلام
فصل : وليس من شريعة الإسلام الصمت عن الكلام وظاهر الأخبار تحريمه قال قيس بن مسلم : دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال : ما لها لا تتكلم ؟ قالوا : حجت مصمتة فقال لها : تكلمني فإن هذا لا يحل هذا من أعمال الجاهلية فتكلمت رواه البخاري وروى أبو داود بإسناده [ عن علي رضي الله عنه قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا صمات يوم إلى الليل ] وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن صوم الصمت ] فإن نذر ذلك في اعتكافه أو غيره
لم يلزمه الوفاء به وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر ولا نعلم فيه مخالفا لما روى ابن عباس قال : [ بينا النبي صلى الله عليه و سلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا : أبو اسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ] رواه البخاري ولأنه نذر فعل منهي عنه فلم يلزمه كنذر المباشرة في المسجد وإن أراد فعله لم يكن له ذلك سواء نذره أو لم ينذره وقال أبو ثور وابن المنذر : له فعله إذا كان أسلم ولنا النهي عنه وظاهره التحريم والأمر بالكلام ومقتضاه الوجوب وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه : إن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية وهذا صريح ولم يخالفه أحد من الصحابة فيما علمناه واتباع ذلك أولى

ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام
فصل : ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام لأنه استعمال له في غير ما هو له أشبه استعمال المصحف في التوسد ونحوه وقد جاء لا تناظروا بكتاب الله قيل : معناه لا تتكلم به عنه الشيء تراه كأن ترى رجلا قد جاء وقته فتقول : { ثم جئت على قدر يا موسى } أو نحوه ذكر أبو عبيد نحو هذا المعنى

في المباح اثناء الاعتكاف
مسألة : قال : ولا بأس أن يتزوج في المسجد ويشهد النكاح
وإنما كان كذلك لأن الاعتكاف عبادة لا تحرم الطيب فلم تحرم النكاح كالصوم ولأن النكاح طاعة وحضوره قربة ومدته لا تتطاول فيتشاغل به عن الاعتكاف فلم يكره فيه كتشميت العاطس
ورد السلام
فصل : ولا بأس أن يتنظف بأنواع التنظيف لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرجل رأسه وهو معتكف وله أن يتطيب ويلبس الرفيع من الثياب وليس ذلك بمستحب قال أحمد : لا يعجبني أن يتطيب وذلك لأن الاعتكاف عبادة تختص مكانا فكان ترك الطيب فيها مشروعا كالحج وليس ذلك بمحرم لأنه لا يحرم اللباس ولا النكاح فأشبه الصوم
فصل : ولا بأس أن يأكل المعتكف في المسجد ويضع سفرة يسقط عليها ما يقع منه كيلا يلوث المسجد ويغسل يده في الطست ليفرغ خارج المسجد ولا يجوز أن يخرج لغسل يده لأن من ذلك بدا وهل يكره تجديد الطهارة في المسجد ؟ فيه روايتان إحداهما لا يكره لأن أبا العالية قال : حدثني من كان يخدم النبي صلى الله عليه و سلم قال :
أما ما حفظت لكم منه أنه كان يتوضأ في المسجد وعن ابن عمر أنه قال : كان يتوضأ في المسجد الحرام على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم الرجال والنساء وعن ابن سيرين قال : كان أبو بكر وعمر والخلفاء يتوضأون في المسجد وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس و عطاء و طاوس و ابن جريج والأخرى يكره لأنه لا يسلم من أن يبصق في المسجد أو يتمخط والبصاق في المسجد خطيئة ويبل من المسجد مكانا يمنع المصلين من الصلاة فيه وإن خرج من المسجد للوضوء وكان تجديدا بطل لأنه خروج لما له منه بد وإن كان وضوءا من حدث لم يبطل لأن الحاجة داعية إليه سواء كان وقت الصلاة أو قبلها لأنه لا بد من الوضوء للمحدث وإنما يتقدم عن وقت الحاجة إليه لمصلحة وهو كونه على وضوء وربما يحتاج إلى صلاة النافلة به


فصل : إذا أراد أن يبول في المسجد في طست لم يبح له ذلك لأن المساجد لم تبن لهذا وهو مما يقبح ويفحش ويستخفى به فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله وإن أراد الفصد أو الحجامة فيه فكذلك ذكره القاضي لأنه اراقة نجاسة في المسجد فأشبه البول فيه وإن دعت إليه حاجة كبيرة خرج من المسجد ففعله وان استغنى عنه لم يكن له الخروج إليه كالمرض الذي يمكن احتماله ويكون تحتها شيء يقع فيه الدم [ قالت عائشة : اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي ] رواه البخاري والفرق بينهما أن المستحاضة لا يمكنها التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف بخلاف الفصد
مسألة : قال : والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة وتفعل كما فعل الذي خرج لفتنة
وجملته أن المعتكفة إذا توفي زوجها لزمها الخروج لقضاء العدة وبهذا قال الشافعي وقال ربيعة ومالك وابن المنذر : تمضي في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه لأن الاعتكاف المنذور واجب والاعتداد في البيت واجب فقد تعارض واجبان فيقدم أسبقهما
ولنا أن الاعتداد في بيت زوجها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في ح
ق الرجل ودليلهم ينتقض بالخروج إلى الجمعة وسائر الواجبات وظاهر كلام الخرقي أنها كالذي خرج لفتنة وأنها كالذي تبني وتقضي وتكفر وقال القاضي : لا كفارة عليها لأن خروجها واجب وقد مضى لقول فيه





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 09-04-2024, 12:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 142,069
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ149 الى صــ155
(30)



في اعتكاف المرأة
فصل : وليس للزوجة أن تعتكف إلا بإذن زوجها ولا للمملوك أن يعتكف إلا بإذن سيده لأن منافعها مملوكة لغيرهما والاعتكاف يفوتها ويمنع استيفاءها وليس بواجب عليهما بالشرع فكان لها المنع منه وأم الولد والمدبر كالقن في هذا لأن الملك باق فيهما فإن أذن السيد والزوج لهما ثم أراد إخراجهما منه بعد شروعهما فيه فلهما ذلك في التطوع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة في العبد كقولنا : وفي الزوجة ليس لزوجها إخراجها لأنها تملك بالتمليك فالإذن أسقط حقه من منافعها وأذن لها في
استيفائها فلم يكن له الرجوع فيها كما لو أذن لها في الحج فأحرمت به بخلاف العبد فإنه لا يملك بالتمليك وقال مالك : ليس له تحليلهما لأنهما عقدا على أنفسهما تمليك منافع كانا يملكانها لحق الله تعالى فلم يجز الرجوع فيهما كما لو أحرما بالحج بإذنهما


ولنا أن لهما المنع منه ابتداء فكان لهما المنع منه دواما كالعارية ويخالف الحج لأنه يلزم بالمشروع فيه بخلاف الاعتكاف على ما مضى من الخلاف فيه فإذا كان ما أذنا فيه منذورا لم يكن لهما تحليهما منه لأنه يتعين بالشروع فيه ويجب إتمامه فيصير كالحج إذا أحرما به فأما ان نذرا الاعتكاف فأراد السيد والزوج منعهما الدخول فيه نظرات فإن كان النذر بإذنهما وكان معينا لم يملكا منعهما منه لأنه وجب بإذنهما وإن كان بغير إذنهما فلهما منعهما منه لأن نذرهما تضمن تفويت حق غيرهما بغير إذنه فكان لصاحب الحق المنع منه وإن كان النذر المأذون فيه غير معين فهل لهما منعهما ؟ على وجهين أحدهما لهما ذلك منعهما لأن حقهما ثابت في كل زمن فكان تعيين زمن سقوطه إليهما كالدين والثاني ليس لهما ذلك لأنه وجب التزمه بإذنهما فأشبه المعين وأما المعتق بعضه فإن كان بينه وبين سيده مهايأة فله أن يعتكف في يومه بغير إذن سيده لأن منافعه غير مملوكة لسيده في هذا اليوم وحكمه في يوم سيده حكم القن فإن لم يكن بينهما مهايأة فلسيده منعه لأن له ملكا في منافعه في كل وقت
فصل : وأما المكاتب فليس لسيده منعه من واجب ولا تطوع لأنه لا يستحق منافعه وليس له إجباره على الكسل وإنما له دين في ذمته فهو كالحر المدين
مسألة : قال : وإذا حاضت المرأة خرجت من المسجد وضربت خباء في الرحبة



أما خروجها من المسجد فلا خلاف فيه لأن الحيض حدث يمنع اللبث في المسجد فهو كالجنابة وآكد منه وقد [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ] رواه أبو داود وإذا ثبت هذا فإن المسجد إن لم يكن له رحبة رجعت إلى بيتها فإذا طهرت رجعت فأتمت اعتكافها وقضت ما فاتها ولا كفارة عليها نص عليه أحمد لأنه خروج معتاد واجب أشبه الخروج للجمعة أو لما لا بد منه وإن كانت له رحبة خارجة من المسجد يمكن أن تضرب فيها خباءها فقال الخرقي :

تضرب خباءها فيها مدة حيضها وهو قول أبي قلابة وقال النخعي : تضرب فسطاطها في دارها فإذا طهرت قضت تلك الأيام وإن دخلت بيتا أو سقفا استأنفت وقال الزهري و عمرو بن دينار و ربيعة و مالك و الشافعي : ترجع إلى منزلها فإذا طهرت فلترجع لأنه وجب عليها الخروج من المسجد فلم يلزمها الإقامة في رحبته كالخارجة لعدة أو خوف فتنة



ووجه قول الخرقي ما روى المقدام بن شريح [ عن عائشة قالت : كن معتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن ] رواه أبو حفص بإسناده وفارق المعتدة فإن خروجها لتقيم في بيتها وتعتد فيه ولا يحصل ذلك مع الكون في الرحبة وكذلك الخائفة من الفتنة خروجها لتسلم من الفتنة فلا تقيم في موضع لا تحصل السلامة بالإقامة فيه والظاهر إن إقامتها في الرحبة مستحب وليس بواجب وإن لم يقيم في الرحبة ورجعت إلى منزلها أو غيره فلا شيء عليها لأنها خرجت بإذن الشرع ومتى طهرت رجعت إلى المسجد فقضت وبنت ولا كفارة عليها لا نعلم فه خلافا لأنه خروج لعذر معتاد أشبه الخروج لقضاء الحاجة وقول إبراهيم تحكم لا دليل عليه


فصل : فأما الاستحاضة فلا تمنع الاعتكاف لأنها لا تمنع الصلاة ولا الطواف وقد [ قالت عائشة : اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي ] أخرجه البخاري إذا ثبت هذا فإنها تتحفظ وتتلجم لئلا تلوث المسجد فإن لم يمكن صيانته منها خرجت من المسجد لأنه عذر وخروج لحفظ المسجد من نجاستها فأشبه الخروج لقضاء حاجة الإنسان
الخروج المباح في الاعتكاف ينقسم إلى أربعة أقسام
فصل : الخروج المباح في الاعتكاف والواجب ينقسم أربعة أقسام :
أحدها : ما لا يوجب قضاء ولا كفارة وهو الخروج لحاجة الإنسان وشبه مما لا بد منه
والثاني : ما يوجب قضاء بلا كفارة وهو الخروج للحيض
الثالث : ما يوجب قضاء وكفارة وهو الخروج لفتنة وشبهة مما يخرج لحاجة نفسه
الرابع : ما يوجب قضاء وفي الكفارة وجهان وهو الخروج الواجب كالخروج في النفير أو العدة ففي قول القاضي : لا كفارة عليه لأنه واجب لحق الله تعالى أشبه الخروج للحيض وظاهر كلام الخرقي وجوبها لأنه خروج غير معتاد فأوجب الكفارة كالخروج لفتنة

حساب المدة في الاعتكاف المنذور لمدة
مسألة : قال : ومن نذر أن يعتكف شهرا بعينه دخل المسجد قبل غروب الشمس
وهذا قول مالك والشافعي وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أحرى أنه يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر من أوله وهو قول الليث بن زفر ل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه ] متفق عليه ولأن الله تعالى قال : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ولا يلزم الصوم إلا من قبل طلوع الفجر ولأن الصوم شرط في الاعتكاف فلم يجز ابتداؤه قبل شرطه
ولنا أنه أنذر الشهر وأوله غروب الشمس ولها تحل الديون المعلقة به ويقع الطلاق والعتاق المعلقان به ووجب أن يدخل قبل الغروب ليستوفي جميع الشهر فإنه لا يمكن إلا بذلك وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم وأما الصوم فإن محله النهار فلا يدخل فيه شيء من الليل في أثنائه ولا ابتدائه إلا ما حصل ضرورة بخلاف الاعتكاف وأما الصوم فإن محله النهار فلا يدخل فيه شيء من الليل في أثنائه ولا ابتدائه إلا ما حصل ضرورة بخلاف الاعتكاف وأما الحديث فقال ابن عبد البر : لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به على أن الخبر إنما هو في التطوع فمتى شاء دخل وفي مسألتنا نذر شهرا فيلزمه اعتكاف شهر كامل ولا يحصل إلا أن يدخل فيه قبل غروب الشمس من أوله ويخرج بعد غروبها من آخره فأشبه ما لو نذر اعتكاف يوم فإنه يلزمه فيه قبل طلوع فجره ويخرج بعد غروب شمسه


فصل : وإن أحب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان تطوعا ففيه روايتان :
إحداهما : يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين لما روي عن أبي سعيد [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواسط من رمضان حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه قال : من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ] متفق عليه ولأن العشر بغر هاء عدد الليالي فإنها عدد المؤنث قال الله تعالى { وليال عشر } وأول الليالي العشر ليلة إحدى وعشرين
والرواية الثانية : يدخل بعد صلاة الصبح قال حنبل : قال أحمد أحب إل
ي أن يدخل قبل الليل ولكن حديث عائشة [ أن النبي كان يصلي الفجر ثم يدخل معتكفه ] وبهذا قال الأوزاعي و إسحاق : ووجهه ما روت عمرة عن عائشة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى الصبح دخل معتكفه ] متفق عليه وإن نذر اعتكاف العشر ففي وقت دخوله الروايتان جميعا
فصل : ومن اعتكف العشر الأواخر من رمضان استحب أن يبيت ليلة العيد في معتكفه نص عليه أحمد وروي عن النخعي و أبي مجلز و أبي بكر بن عبد الرحمن و المطلب بن حنطب و أبي قلابة أنهم كانوا يستحبون ذلك وروى الأثرم بإسناده عن أيوب عن أبي قلابة أنه كان يبيت في المسجد ليلة الفطر ثم يغدو كما هو إلى العيد وكان في اعتكافه لا يلقى له حصير ولا مصلي يجلس عليه كان يجلس كأنه بعض القوم قال : فأتيته في يوم الفطر فإذا في حجرة جويرية مزينة ما ظننتها إلا بعض بناته فإذا هي أمة له فأعتقها وغدا كما هو إلى العيد وقال إبراهيم : كانوا يحبون لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان أن يبيت ليلة الفطر في المسجد ثم يغدوا إلى المصلى من المسجد
فصل : وإذا نذر اعتكاف شهر لزمه شهر بالأهلة أو ثلاثون يوما وهل يلزمه التتابع على وجهين بناء على الروايتين في نذر الصوم
أحدهما : لا يلزمه وهو مذهب الشافعي لأنه معنى يصح ف
يه الفريق فلا يجب فيه التتابع بمطلق النذر كالصيام


والثاني : يلزمه التتابع وهو قول أبي حنيفة ومالك وقال القاضي : يلزمه التتابع قولا واحدا لأنه معنى يحصل في الليل والنهار فإذا أطلقه اقتضى التتابع كما لو حلف لا يكلم زيدا شهرا وكمدة الإيلاء والعنة والعدة وبهذا فارق الصيام فإن أتى بشهر بين هلالين أجزأه ذلك وإن كان ناقصا وإن اعتكف ثلاثين يوما من شهرين جاز وتدخل فيه الليالي لأن الشهر عبادة عنهما ولا يجزئه أقل من ذلك وإن قال : لله علي أن اعتكف أيام هذا الشهر أو ليالي هذا الشهر لزمه ما نذر ولم يدخل فيه غيره وكذلك إن قال شهرا في النهار أو في الليل
فصل : وإن قال لله علي أن أعتكف ثلاثين يوما فعلى قول القاضي يلزمه التتابع وقال أبو الخطاب : لا يلزمه لأن اللفظ يقتضي ما تناوله والأيام المطلقة توجد بدون التتابع فلا يلزمه كما لو قال لله علي أن أصوم ثلاثين يوما فعلى قول القاضي : يدخل فيه الليالي الداخلة في الأيام المنذورة كما لو نذر شهرا ومن لم يوجب التتابع لا يقتضي أن تدخل الليالي فيه إلا أن ينويه فإن نوى التتابع أو شرطه لزمه ودخل الليل فيه ويلزمه ما بين الأيام من الليالي وبه قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة : يلزمه من الليالي بعدد الأيام إذا كان على وجه الجمع والتثنية يدخل فيه م
ثله من الليالي والليالي تدخل معها الأيام بدليل قوله تعالى { آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } وقال في موضع آخر : { ثلاثة أيام إلا رمزا }


ولنا أن اليوم اسم لبياض النهار والتثنية والجمع تكرار للواحد وإنما تدخل الليالي تبعا لوجوب التتابع ضمنا وهذا يحصل بما بين الأيام خاصة فاكتفى به وأما الآية فإن الله تعالى نص على الليل في موضع النهار في موضع فصارا منصوصا عليهما فإن نذر اعتكاف يومين وليلة بينهما وإن نذر اعتكاف يومين مطلقا فعلى قول القاضي : هو كما لو نذرهما متتابعين لزمه يومان ليلتين لزمه اليوم الذي بينهما وعلى قول أبي الخطاب : لا يلزمه التتابع ولا ما بينهما إلا بلفظه أو نيته
فصل : وإن نذر اعتكاف يوم لم يجز تفريقه ويلزمه أن يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر ويخرج منه بعد غروب الشمس وقال مالك : يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من ليلة ذلك اليوم كقولنا في الشهر لأن الليل يتبع النهار بدليل ما لو كان متتابعا
ولنا أن الليلة ليست من اليوم وهي من الشهر قال الخليل : اليوم اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس وإنما دخل الليل في المتتابع ضمنا ولهذا خصصناه بما بين الأيام وإن نذر اعتكاف ليلة لزمه دخول معتكفه قبل غروب الشمس ويخرج منه بعد طلوع الفجر وليس له تفريق الاعتكاف وقال الشافعي : له تفريقه هذا ظاهر كلامه قياسا على تعريف الشهر


ولنا أن إطلاق اليوم يفهم منه التتابع فيلزمه كما لو قال متتابعا : وفارق الشهر كأنه اسم لما بين الهلالين واسم لثلاثين يوما واسم لغير ذلك واليوم لا يقع في الظاهر إلا على ما ذكرناه وإن قال في وسط النهار : لله علي أن أعتكف يوما من وقتي هذا لزمه الاعتكاف من ذلك الوقت إلى مثله ويدخل في الليل لأنه في خلال نذره فصار كما لو نذر يومين متتابعين وإنما لزمه بعض يومين لتعيينه ذلك بنذره فلعمنا أنه أراد ذلك ولم يرد يوما صحيحا
فصل : وإن نذر اعتكافا مطلقا لزمه ما يسمى به معتكفا ولو ساعة من ل
يل أو نهار إلا على قولنا بوجوب الصوم في الاعتكاف فيلزمه يوم كامل فأما اللحظة وما لا يسمى به معتكفا فلا يجزئه على الروايتين جميعا

فصل : ولا يتعين شيء من المساجد بنذره الاعتكاف فيه إلا المساجد الثلاثة وهي : المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه و سلم والمسجد الأقصى لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم [ لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ] متفق عليه ولو تعين لزمه المضي إليه واحتج إلى شد الرحال لقضاء نذره فيه ولأن الله تعالى لم يتعين لعبادته مكانا فلم يتعين غيره وإنما تعينت هذه المساجد الثلاثة للخبر الوارد فيها ولأن العبادة فيها أفضل فإذا عين ما فيه فضيلة لزمته كأنواع العبادة وبهذا قال الشافعي في صحيح قوليه وقال في الآخر : لا يتعين المسجد الأقصى ل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ] رواه مسلم وهذا يدل على التسوية فيما عدا هذين المسجدين لأن المسجد الأقصى لو فضلت الصلاة فيه على غيره للزم أحد أمرين : إما خروجه من عموم هذا الحديث وإما كون فضيلته بألف مختصا بالمسجد الأقصى



ولنا أنه من المساجد التي تشد الرحال إليها فتعين بالتعيين في النذر كمسجد النبي صلى الله عليه و سلم وما ذكروه لا يلزم فإنه إذا فضل الفاضل بألف فقد فضل بها أيضا
فصل : وإن نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لم يكن له الاعتكاف فيما سواه لأنه أفضلها ول [ أن عمر نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أوف بنذرك ] متفق عليه وإن نذر أن يعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه و سلم جاز له أن يعتكف في المسجد الحرام لأنه أفضل منه ولم يجز أن يعتكف في المسجد الأقصى لأن مسجد النبي صلى الله عليه و سلم أفضل منه وقال قوم : مسجد النبي صلى الله عليه و سلم أفضل من الحرام لأن النبي صلى الله عليه و سلم إنما دفن في خير البقاع وقد نقله الله تعالى
من مكة إلى المدينة فدل على أنها أفضل


ولنا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ] وروي في خبر [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة فيما سواه ] رواه ابن ماجة فيدخل في عمومه مسجد النبي صلى الله عليه و سلم فتكون الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سوى مسجد النبي صلى الله عليه و سلم فأما إن نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى جاز له أن يعتكف في المسجدين الآخرين لأنهما أفضل منه وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن رجال من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : [ أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم يوم الفتح والنبي صلى الله عليه و سلم في مجلس قريبا من المقام فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم وقال : يا نبي الله إني نذرت لئن فتح الله للنبي صلى الله عليه و سلم والمؤمنين مكة لأصلين في بيت المقدس وإني وجدت رجلا من أهل الشام ههنا في قريش مقبلا معي ومدبرا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ههنا فصل فقال الرجل قوله هذا ثلاث مرات كل ذلك يقول النبي صلى الله عليه و سلم ههنا فصل ثم قال الرابعة مقالته هذه فقال النبي صلى الله عليه و سلم اذهب فصل فيه فوالذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لقضي عنك ذلك كل صلاة في بيت المقدس ] ومتى نذر الاعتكاف في غير هذه المساجد فانهدام معتكفه ولم يمكن المقام فيه لزم اتمام الاعتكاف في غيره ولم يبطل اعتكافه


فصل : إذا نذر اعتكاف يوم يقدم فلان صح نذره فإن ذلك ممكن فإن قدم في بعض النهار لزمه اعتكاف الباقي منه ولم يلزمه قضاء ما فات قبل شرط الوجوب فلم يجب كما لو نذر اعتكاف زمن ماض لكن إذا قلنا شرط الإعتكاف الصوم لزمه قضاء يوم كامل لأنه لا يمكنه أن يأتي بالإعتكاف في الصوم فيما بقي من النار ولا قضاؤه متميزا مما قبله فلزمه يوم كامل ضرورة كما لو نذر صوم يوم يقدم فلان ويحتمل أن يجزئه اعتكاف ما بقي منه إذا كان صائما لأنه قد وجد اعتكاف مع الصوم وإن قدم ليلا لم يلزمه شيء لأن ما التزمه بالنذر لم يوجد فإن كان للناذر عذر يمنعه الإعتكاف عند قدوم فلان من حبس أو مرض قضى وكفر لفوات النذر في وقته ويقضي بقية اليوم فقط على حسب ما كان يلزم في الأداء في الرواية المنصورة وفي الأخرى يقضي يوما كاملا بناء على اشتراط الصوم في الإعتكاف


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 214.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 208.45 كيلو بايت... تم توفير 5.86 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]