خطبة عيد الفطر 1438هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-05-2022, 05:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد الفطر 1438هـ

خطبة عيد الفطر 1438هـ
د. أحمد بن حمد البوعلي

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
اللهُ أَكبَرُ مَا أَحلَى النِّدَاءَ بها
كَأَنَّهُ الرِّيُّ في الأَروَاحِ يَنتَشِرُ


الحمد لله الذي خلقنا فسوَّانا، ومَنَّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكل بلاء حسن أبلانا، ومن كل ما سألناه أعطانا، وبلغنا رمضان وعافانا ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185]، وأصلي وأسلم على رسول الهدى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أيها الأحبة، بدموع الفِراق نبثُّ المشاعر والآلام والأحزان، لما نجده من فقد لذة الطاعة، وحلاوة الإيمان، هكذا حال الدنيا اجتماع وافتراق، ومَنْ منا لا تؤلمه لحظات الفراق ودموع العناق؟!

رمضان، أيها الحبيب، كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا؟! بفضل ربنا كنت عونًا لنا، ونحن بين قارئ وصائم، ومُنفِق وقائم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع.

رمضان فيك المساجد تعمر، والآيات تذكر، والقلوب تجبر، والذنوب تُغفر، كنت للمتقين روضةً وأنسًا، وللغافلين قيدًا وحبسًا، كيف ترحل عنا وقد ألفناك وأحببناك؟!

رمضان ألا تسمع لأنين العاشقين وآهات المحبين؟!
يسلينا ما نرجوه من الله وهو الكريم والجواد العظيم أن يتقبل منا جميعًا، ويجعلنا ممن قامه وصامه إيمانًا واحتسابًا.

أخرج الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، ﴿ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60]، أهو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال: ((لا يا بنت الصديق؛ ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدَّق وهو يخاف الله عز وجل))، وفي رواية الترمذي، وابن أبي حاتم: ((وهم يخافون ألا يُتقبل منهم))[1].

إن هذا العيد فرصة حقيقية للفرحة الشرعية، ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58].

كل يوم يمرُّ بغير معصية لله فهو فرحة لك، العيد العودة للدين، العيد فسحة، ((حتى تعلم يهود أن في ديننا فسحة))[2].

أعيادنا والحمد لله عبادة؛ أعيادنا تكبير وصلاة وصدقة مستحبة، ففي هذا اليوم خطب النبي صلى الله عليه وسلم العيد، وجاء النساء، وقال صلى الله عليه وسلم: ((تصدقن))، فبسط بلال ثوبه، ثم قال: هلم لكن فداء أبي وأمي، فجعلن يلقين الحلي في ثوب بلال، ويقول: هذا يوم الصدقات[3].

أيها المسلمون، افرحوا هذا اليوم، وحق لكم أن تفرحوا ورسولكم صلى الله عليه وسلم قال: ((لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)) [4]، ففرحنا اليوم بما وفقنا الله من إكمال صيام الشهر، وغدًا نفرح الفرح الأكبر برضا الرحمن؛ عندما ندخل من باب الريَّان الذي لا يدخله إلا الصائمون المؤمنون.

أيها الكرام، اعطفوا على الفقراء والمساكين، ووسعوا عليهم وعلى أبنائكم وأهليكم أجمعين؛ ولكن من غير تبذير ولا إسراف، ولا تقتير ولا إسفاف ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

أيها المسلمون، لا يعرفُ فضائل الأمن إلا من اكتوَى بنارِ الخوف والرُّعب، والفوضَى والتشريد والغُربة، اسأَلوا القُرى من حولِكم، اسألوا الغريبَ عن وطنه، واسألوا المُشرَّد عن أهلِه، واسألوا اللاجِئ عند الآخرين، وشاهِدوا بعين الشُّكر والبصيرة ما تنقلُه إليكم وسائلُ الإعلام نقلًا حيًّا مُباشِرًا.

عالمٌ حولكم تجتاحُه فتنٌ وحروبٌ، ومجاعاتٌ وقلاقِل، يُحيطُ بهم الخوفُ والجوعُ، واليأسُ والقلق، سلبٌ ونهبٌ، في فوضَى عارِمة، وغابة مُوحِشة، دماءٌ تُراق، ورِقابٌ إلى الموت تُساق، في أعمالٍ نكراء، وفتنٍ عمياء، حفِظَهم الله ورحمهم، وأعادَ إليهم أمنَهم، واستقرارَهم، وبلادنا المحروسة تعيش في أمن وأمان، ومحبة وسلام بفضل الله، ولقد كان الأمنُ أوَّلَ دعوةٍ دعا بها خليلُ الرحمن إبراهيم عليه السلام؛ حيث قال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [البقرة: 126].

وبلادنا مستهدفة من الأعداء من صفويِّين حاقدين، ومنافقين مندسِّين، وخوارج أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، ((فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا))[5]، وما حصل في رمضان من الإرهابيين، وبالقرب من بيت الله وحرمه الآمن لهو شرٌّ مستطير، وفكر عقيم.

إنّ المجتمعَ كلَّه يجِب أن يرتفعَ صوته، وأن تتوحَّد كلمته وجهوده من أجلِ حماية البلادِ والعباد من القَتل والاستباحةِ والتّدبير الأسود، فالضرر والهلاكُ لن يستثنيَ أحدًا، إنَّ المسؤوليةَ على الجميع، وليس على أجهزةِ الأمنِ وحدَها، وهي أجهزةٌ موفَّقة منصورة بإذن الله ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43].

ما يُؤكد وبقوةٍ- لا سيَّما للأجيال الناشِئة- عدم الإصغاء لدُعاة الفتنة، وخفافيش الظلام، ومُثيري الشَّغَب والفَوضَى، ومُروِّجي الأفكار الضالَّة، ومن أسلَموا قيادهم، وجعلُوا من أنفسهم أدوات في أيدي أعدائهم، لا سيَّما عبر شبكات البثِّ المعلوماتيِّ، ووسائل التواصل الاجتماعيِّ.

إن من أظهر مظاهر الإيمان في بلادنا: تطبيق شريعة الله، والمُحافظة على مقاصِدها، وإقامة حُدودها، والتزام نهج السلف الصالح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر.

ومن عوامل الاستقرار واستِتباب الأمن- يا عباد الله- لزوم السمع والطاعة في غير معصية الله، وفي حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فبايَعناه، فقال فيما أخذَ علينا: ((السمع والطاعة في منشَطنا ومكرَهنا، وعُسْرِنا ويُسْرِنا، وأثرة علينا، وألا نُنازِع الأمرَ أهلَه))، وقال: (إلا أن ترَوا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه بُرهان)[6].

إن خُلُق المواساة يدل على أصالة مَعْدنِ مَن تحلّى به، وكرَم نفسه، ودماثة خلقه، وسُمُوِّ هِمَّته، ورجاحة عقله؛ بل هو من أخلاق المؤمنين، وجميل صفات المحسنين.

بالمواساة تُبنى المعارف، وتتوطد العلاقات، وتتعمق الأُخوة، وتزداد المحبة، وتستمر المودَّة والأُلْفة، ويُحفَظ الجميل، ويَعظُم الوفاء، وبالمواساة يندحِر وَحْرُ الصدر، ويُحسَن الظن، ويُقبَل العُذر، وتقال العثرات، وتُلتَمَس الأعذار.

إن تهيئة كافة مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية والثقافية، هي الكفيل برؤية قيم حياة حضارية ونبيلة، قيم حياة تتغلب فيها الرحمة على الحقد، والبذل على الشح، والعطاء على البخل، والتسامح والتعايش على الثأر والانتقام، والعمل على الكسل، والرسالية على الأنانية والشخصانية.

لذلك وجب على الجميع كلٌّ في موقعه تهيئة الحياة ومجالاتها، إن التهيئة الحقيقية الصادقة والبناءة هي التي توجد ذلك الإنسان الذي توجه إليه خطاب القرآن بالعمارة والاستخلاف والإحسان، ذلك الإنسان الذي تعلوه مسحة الرحمة، وتسكنه روح السماحة، وتُظلِّله سحب العطاء، ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الأعراف: 10].

الخطبة الثانية
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

عباد الله، طاعةُ الله شرف، والوقوفُ بين يدَي الله نعمة، واغتِنامُ مواسِم الخيرات مِنَّة، وإن من لُطفِ الله ورحمته أن عوَّض بقِصَر الأعمار ما تُدرَكُ به أعمارُ المُعمَّرين بمئات السنين، وذلك بمُضاعفَة الأجور؛ لشرف الزمان، والمكان، ومواسِم الطاعات، جعلكم الله ممن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا!

أيها الأخوة الكرام، العيد من معناه أنه يوم الأطفال يفيض عليهم بالمرح والسعادة، ويوم الفقراء يلقاهم الأغنياء باليُسْر والسعة، ويوم الأرحام يجمعها على البر والتقوى، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاوُر، والتعاضد والتآخي، ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصل الحب، ودواعي القرب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها، فتجتمع بعد افتراق، وتتصافى بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض.

التمسوا الأجر في صلة الأرحام، والصدقة على الفقراء، والتوسعة على العيال، وإشاعة الفرح، وإدخال السرور على قلب كل مسلم ومسلمة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بفقهه ودرجاته.

العيد يوم التزاوُر والتسامح والعفو، يوم التراحم والتعاطف، يوم النفوس الكريمة، تتناسى أضغانها، وتتصافى من أحقادها، تتقارب القلوب، وتتصافح الأيدي، وتعلو الأرواح وتسمو، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ))[7].

تذكروا أن الله في آيات الصيام قال: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ ﴾؛ يعني: ستر وغطاء، ﴿ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ تعفها، مثلما الثوب يحمي صاحبه من الحر والبرد، ويستر عورته، أنت تسترها وتعفها، وهي كذلك تسترك وتعفك، تذكروا العلاقات الزوجية جيدًا، اصطلحوا أيها الأزواج والزوجات، تآلفًا وتطاوعًا، ولا تختلفا، أشيعا الودَّ بينكما، وأظهرا الحب عند أبنائكما.

أيُّها الأخواتُ الكريماتُ، لا أظنُّ دينًا من الأديانِ، أو شعبًا من الشعوب احتفى بالمرأةِ أمًّا وزوجةً وبنتًا كهذا الدينِ القويمِ.

يا فتاةَ الإسلامِ، كوني كما أرادَكِ اللهُ، وكما أرادَ لكِ رسولُ اللهِ، لا كما يريده دعاةُ الفتنةِ، وسعاة التبرُّجِ والاختلاطِ، فأنتِ فينا مُربِّيةُ الأجيالِ، وصانعةُ الرجالِ، وغارسةُ الفضائلِ وكريمِ الخصالِ، وبانيةُ الأممِ والأمجادِ.

واحذروا الغش في بيعكم وشرائكم، ومقاولاتكم، وسائر أعمالكم، فإن الغش ظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، ومن غش المسلمين فليس منهم، وإياكم والفجور في الخصومات والتساهل بالأيمان والشهادات.

واحذروا أخذ الرشوة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، فإنها من كبائر الذنوب، وهي أخبث المكاسب الموجبة لغضب الله ولعنته وناره، وهي سحت ومحق، تدمر المجتمعات، وتقضي على الفضائل والحسنات.

عبادَ اللهِ، في بلدِنا هذا أبدعَ أبناؤُهُ وأهل الإحسان في أيامِ هذا الشهرِ الكريمِ عبرَ إقامةِ أعمالٍ خيريةٍ، ومشاريعَ نوعيةٍ، وبرامجَ تطوعيةٍ، جهود كبيرة، وأعمال جليلة يراها الجميعُ، فأطعمُوا الجائعَ، وأحسنُوا للفقيرِ، وفطَّرُوا الصائمَ، وعلَّموا الجاهلَ، واعتنَوا بكتابِ اللهِ جلَّ وعلا، بارك الله فيهم، وأخلف عليهم، ونفع بهم.

لا يخلو أحد من معصية، ولولا ستر الله علينا ما سُرَّ أحد، ولا هنئت معيشته بسبب سيئاته؛ ولكن أملنا في سعة رحمة الله، ونلجأ إلى باب التوبة والاستغفار؛ ولكن من فقه المسلم أنه إذا أساء ووقع في المعصية أن يتبعها بالحسنة، قال صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن))[8].

أيُّها المسلمونَ، اتقوا اللهَ في أبنائِكمْ وقرّةِ عيونِكمْ، فإنَّهم أمانةٌ في أعناقِكمْ، مرُوهمْ بالمحافظةِ على الصلواتِ، وحضورِ الجُمَعِ والجماعاتِ، رغِّبوهمْ ورهبوهُمْ، وشجِّعوهُمْ بالحوافزِ والجوائزِ، نشِّئوهمْ على حبِّ الآخرةِ، وكونوا لهمْ قدوةً صالحةً، ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

إنَّ التفريطَ في أمرِ الصلاةِ منْ أعظمِ أسبابِ البلاءِ والشقاءِ، ضَنكٌ دنيويٌّ، وعذابٌ برزخيٌّ، وعِقابٌ أخروي، ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].

لنربي الأبناء على كبير المعاني، وصحيح المعتقد، ولتعلموا أن تربيتك لولدك تكون بقدوتك له؛ ليتربى الأبناء على الحلال والحرام والأخلاق والرحمة، فو الله الذي لا إله غيره، ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالرحمة؛ ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، ولا يصلح شيء من التوجيه والتربية، ولا يفلح إلا بالرحمة، ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: "قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: ((مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ))"[9].

لا تنسوا أيها الآباء أنكم تشكلون الحِضْن الطبيعي للأولاد؛ فأنتم أول جبهة يفتحون عليها عيونهم، وفي ظلكم يتلقون كل شيء يُصلِح أحوالهم أو يُفسِدها، فكونوا في مستوى الحضانة، واحملوا عن أبنائكم أفكارًا إيجابية؛ لأنهم الذين تستمر معهم الحياة، وهم الذين يحملون مشعل هذه الأمة في المستقبل. علموهم مواجهة التحديات، وإحسان التصرف مع زمنهم، فلكل زمن رجاله وخصوصياته، واجعلوا من الرسول الأمين- سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام- القدوة المثلى في ذلك، وامتثلوا سير الصحابة الأبرار في تنشئة الأبناء، واعملوا بوصاياهم، فهذا الإمام علي رضي الله عنه قال: "لا تعلموا أبناءكم على عاداتكم؛ فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم"، خذوا تغيراتهم الجسمية والنفسية بعين الاعتبار.

ثم أعلموا أن نبيكم صلى الله عليه وسلم ندبكم لصيام ستة أيام من شوال ((من صام رمضان، ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر))[10].

تقبل الله طاعتكم، ورزقكم جناته، والعتق من نيرانه.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

[1] أخرجه الترمذي (3175)، وابن ماجه (4198)، وأحمد (25705).

[2] صحيح سنن النسائي للألباني (1595)، وقال: صحيح.

[3]أخرجه البخاري (961)، ومسلم (885).

[4] أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151).

[5] أخرجه الترمذي (2188)، وابن ماجه (168) واللفظ له.

[6] أخرجه البخاري: (7055).

[7] أخرجه البخاري: 5984، ومسلم: 2556 عن جبير بن مطعم رضي الله عنه.

[8] صحيح الترمذي للألباني (1987)، وقال: حديث حسن.

[9]أخرجه البخاري (5997)، ومسلم (2318).

[10] أخرجه مسلم (1164)، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.23 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]