#791
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير قوله تعالى: (إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين) ثم قال تعالى: ( إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ )[الأنعام:134]، (إن ما) والواعد والموعد واحد ألا وهو الله عز وجل، يوعد ويعد على لسان رسوله وفي كتابه وكتبه، إن ما توعدونه من البعث والجزاء والحساب ثم بالنعيم المقيم أو بالعذاب الأليم والله لآت كما تأتي الآن صلاة العشاء، فمن ينقض خبراً كهذا؟إن ما توعدونه في كتبنا وعلى ألسنة رسلنا من البعث الآخر والجزاء إما بالنعيم المقيم أو بالعذاب الأليم، إما بالخلد في دار السلام أو بالخلد في دار البوار لآت، ومن يقول: لا؟ الذي يقول: لا نقول له: قل لغدٍ لا يأتي! اضبط هذا الليل إلى الأبد، والغد يأتي رغم أنوف البشرية، إذاً: فما وعد الله به وأوعد آت لا محالة. ويطلق الإيعاد على العذاب، والوعد على الخير، والكل صالح أيضاً، وعبر هنا بـ(ما توعدون)، وعدهم يعدهم بالخير وبالشر. (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ )[الأنعام:134]، والله ما نحن بمعجزين لله، أيعجز الله عن أن يميتنا؟ هل عجز عن أن يوجدنا؟ أوجدنا وقدر على إيجادنا، وسيميتنا وهو قادر على أن يميتنا، إذاً: من يمنع أن يميتنا رغم أنوفنا؟! هكذا نعقل ونفهم لنحاسب ونجزى، ( إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ )[الأنعام:134] والله ( بِمُعْجِزِينَ 9[الأنعام:134]، نعجز من يقول للشيء: كن فيكون؟! من رفع هذه السموات الطباق وبسط هذه الأرض؟ من كوكب هذه الكواكب؟ من أوجد الحياة والموت؟ أهذا يعجزه أن يردنا مرة ثانية؟ لا والله العظيم. (وَمَا أَنْتُمْ )[الأنعام:134] يا بني البشر.. يا بني آدم ( بِمُعْجِزِينَ )[الأنعام:134]، لا سيما الكافرين من الناس والجاحدين والمشركين والظالمين، فلهم هذا التقرير: ( إِنَّ مَا تُوعَدُونَ )[الأنعام:134] من عذاب الله للأشقياء، ومن رحمة الله للسعداء ( لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ )[الأنعام:134] الله عز وجل على أن لا يأتي بما وعد وبما أوعد. تفسير قوله تعالى: (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل ...) ثم قال تعالى: ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )[الأنعام:135]، قل يا رسولنا والمبلغ عنا لأولئك العادلين بنا غيرنا، والمشركين بنا سوانا، للمنكرين الجزاء والبعث الآخر، قل لهم: ( اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ )[الأنعام:135]، على وجودكم على داركم مركزكم وحياتكم، اعملوا وأنا عامل، ( إِنِّي عَامِلٌ )[الأنعام:135]، هكذا يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قل لهم: يا قومي! والنداء بلفظ (يا قوم) يرقق القوم، لو قال: قل: يا أعداء الله اعملوا، قل: يا أهل النار اعملوا، قل: يا أهل الشرك والباطل، فلن يجدوا في نفوسهم ما يستميلهم إلى أن يصغوا ويسمعوا، سيفرون ويهربون، لكن النداء بالقومية معقول ومقبول، ويؤثر على النفس. يقول: (يا قوم)! وهل يريد الرجل لقومه الهلاك؟ هل يريد لهم الأذى والشر؟ الجواب: لا والله، هذه فطرة البشر. (يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ )[الأنعام:135]، مراكزكم وما أنتم عليه تدافعون عنه من الشرك والباطل، ( اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ )[الأنعام:135]، أي: إني أنا عامل أيضاً على نشر دعوة الحق والوقوف إلى جانبها ودعوة الناس إليها، وسوف ترون من ينتصر أنا أم أنتم، ومن انتصر؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن انكسر وانهزم؟ المشركون، وتاهوا في متاهات عذاب الله. معنى قوله تعالى: (فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون) ثم قال تعالى: ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )[الأنعام:135]، ماذا؟ ( مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ )[الأنعام:135]، من هو الذي تكون له عاقبة الدار الآخرة بالجنة دار النعيم أو بالنار دار البوار والعذاب الأليم، قل لهم: ( يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )[الأنعام:135] في يوم من الأيام من تكون له عاقبة الدار، أي: دار النعيم، الجنة عاقبة من؟ عاقبة المتقين، ليست عاقبة المشركين والفاجرين، وسوف يعلمون هذا -والله- كما نعلم الآن أننا موجودون في المسجد.ثم ختم الآية بقوله تعالى: ( إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )[الأنعام:135]، إذاً: عرفنا أن عاقبة الدار تكون للموحدين المؤمنين العابدين، ولن تكون أبداً للمشركين والكافرين الظالمين؛ لأن مالك الدار يدخل فيها من يحب إدخالهم، ويبعد عنها من يكره إدخالهم فيها، إذاً: الملك ملكه، والجنة والنار هو بانيهما وموجدهما، إذاً: فسوف يدخل أولياءه الجنة دار النعيم ويدخل أعداءه النار دار البوار والجحيم. (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )[الأنعام:135]، متى هذا؟ يوم القيامة. ( مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ 9[الأنعام:135]، من هم؟ المؤمنون الموحدون العابدون لربهم المطيعون أصحاب الأرواح الزكية والنفوس الطاهرة الصافية، هم الذين يدخلهم الجنة، وأما أهل الظلم والشر والشرك والفساد فمصيرهم دار الشقاء والبوار. قراءة في كتاب أيسر التفاسير معنى الآيات نسمعكم الآيات من الكتاب:قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم: [ معنى الآيات: بعد تلك الدعوة إلى عبادة الله تعالى وتوحيده فيها، وبيان جزاء من قام بها ومن ضيعها في الدار الآخرة، بعد ذلك خاطب الرب تبارك وتعالى رسوله] أي: محمداً صلى الله عليه وسلم [قائلاً له: ( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ )[الأنعام:133]، أي: ربك الذي أمر عباده بطاعته ونهاهم عن معصيته هو الغني عنهم وليس في حاجة إليهم، بل هم الفقراء إليه المحتاجون إلى فضله، ورحمته قد شملتهم أولهم وآخرهم ولم تضق عن أحد منهم؛ ليعلم أولئك العادلون بربهم الأصنام والأوثان، ليعلموا أنه تعالى قادر على إذهابهم بإهلاكهم بالمرة، والإتيان بقوم آخرين أطوع لله تعالى منهم، وأكثر استجابة له منهم: ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ )[الأنعام:133]، وليعلموا أن ما يوعدونه من البعث والحساب والجزاء لآت لا محالة، وما أنتم بمعجزين الله تعالى ولا فائتيه بحال، ولذا سوف يجزي كلاً بعمله خيراً كان أو شراً، وهو على ذلك قدير. هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى والثانية. أما الآية الثالثة فقد تضمنت أمر الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين من قومه -وهم كفار قريش بمكة: ( اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ )[الأنعام:135]، أي: ما دمتم مصرين على الكفر والشرك، ( إِنِّي عَامِلٌ 9[الأنعام:135] على مكانتي. ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ )[الأنعام:135] دار الدنيا -وهي الجنة دار السلام- أنا أم أنتم؟ مع العلم أن الظالمين لا يفلحون بالنجاة من النار ودخول الجنة، ولا شك أنكم أنتم الظالمون بكفركم بالله تعالى وشرككم به]. هداية الآيات هداية الآيات المستنبطة منها:[ من هداية الآيات: أولاً: تقرير غنى الله تعالى المطلق عن سائر خلقه]، ولا أظن أحداً يشك في هذا، غنى الله المطلق عن سائر خلقه لا الملائكة ولا الجن ولا الإنس ولا غيرهم، إذ كان الله ولم يكن شيء غيره، فغناه ذاتي، فالآية قررت هذا المعنى حيث قال تعالى: ( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ )[الأنعام:133]. [ ثانياً: بيان قدرة الله تعالى على إذهاب الخلق كلهم والإتيان بآخرين غيرهم ]. والله إنه على ذلك لقادر، ودليل ذلك: كل مائة سنة تأتي بشرية أخرى، فأين تذهب الأخرى؟ كيف جاءت وكيف ذهبت؟ إذاً: [ بيان قدرة الله تعالى على إذهاب الخلق كلهم والإتيان بآخرين من غيرهم ]، دل على هذا قوله تعالى: ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ )[الأنعام:133]. [ ثالثاً: صدق وعد الله تعالى وعدم تخلفه ]؛ لأنه قال: ( إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ )[الأنعام:134]، كل ما وعدنا الله به من النعيم آت، كلما وعد الله به أهل الجحيم آت. [ رابعاً: تهديد المشركين بالعذاب إن هم أصروا على الشرك والكفر، والذي دل عليه قوله تعالى: ( اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ )[الأنعام:135] ]، هذا السياق تهديد أم لا؟ اعملوا واصلوا كفركم وشرككم، وأنا عامل، وسوف تعلمون لمن النصر، والعاقبة لمن تكون، تكون لأولياء الله لا لأعدائه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
__________________
|
#792
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
|