خطبة عيد الفطر لعام 1443 هـ (المواظبة على الأعمال الصالحة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-04-2022, 05:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد الفطر لعام 1443 هـ (المواظبة على الأعمال الصالحة)

خطبة عيد الفطر لعام 1443 هـ (المواظبة على الأعمال الصالحة)
الشيخ صلاح نجيب الدق




الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

الوصية بتقوى الله تعالى:
أيها المسلمون الكرام، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله سبحانه وتعالى في السِّرِّ والعلانية، فإنها وصيَّة الله للأوَّلين والآخِرِين.
قال اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ (النساء: 131).

وقال سُبْحَانهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ( آل عمران:102).

وقال جَلَّ شأنه: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ (البقرة: 197).

وقال تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ (الحشر: 18).

أعياد المسلمين:
الأعياد في الإسلام ثلاثة: عيد الفطر ويأتي عقب انقضاء صوم شهر رمضان، وعيد الأضحى في ختام عشر ذي الحجة، وهذان العيدان يَتَكَرَّرَانِ كل عام، وهناك عيد ثالث يأتي في نهاية كل أسبوع، وهو يوم الجمعة.

حكمة مشروعية عيد الفطر:
المسلمون أدَّوْا فريضة مِن فرائض الإسلام وهي الصيام، فجعل لهم اللهُ عز وجل يوم عيد يفرحون فيه ويفعلون من السرور واللعب المباح ما يكون فيه إظهار لهذا العيد، وشكر لله عز وجل لهذه النعمة، فيفرحون لأنهم تخلصوا بالصوم من الذنوب والمعاصي التي ارتكبوها؛ لأن مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ولذا جعل الله تعالى عيد الفطر ليفرح المسلم بنعمة مغفرة الذنوب ورفع الدرجات وزيادة الحسنات بعد هذا الموسم من الطاعات؛ (شرح زاد المستنقع لابن عثيمين ـ جـ5 ـ صـ211: صـ212).

المحافظة على الصلاة في المساجد:
المسلمُ الذي اعتاد على أداء الصلوات في المساجد ينبغي عليه أن يستمر على ذلك، وليعلَم أنها باب عظيم مِن أبواب الحسنات؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ (البقرة:238).

رَوَى مسلمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً؛ (مسلم ـ حديث:650).

أحبابي الكرام، تذكَّروا أن خطواتكم إلى المساجد لأداء الصلوات المفروضة حسنات لكم يوم القيامة، فحافظوا على هذا الباب العظيم مِن أبواب الحسنات.

رَوَى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً؛ (مسلم ـ حديث 666).


تلاوة القرآن والعمل به:
أخي الكريم، يا مَن اعتادَ على تلاوة القرآن وحفظَ بعضًا منه في رمضان، لا تحرم نفسك مِن هذا الباب العظيم من أبواب الحسنات، فاحرص على تلاوة القرآن كلَّ يومٍ، واعلم أن تلاوة القرآن والعمل به هي التجارة الرَّابحة.

قال تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ (فاطر30:29).

رَوَى الترمذيُّ عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2327).

ينبغي علينا أن نقرأ القرآن بتدبرٍ مع تطبيق أحكامه في حياتنا، ولنعلم جميعًا أن القرآن يشفع لمن قرأه وعمل به يوم القيامة.

رَوَى مسلم عَن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ؛ (مسلم ـ حديث 804).

الدعاء هو العبادة:
يا مَن اعتادَ على الدعاء عند الإفطار وعند السجود، وفي ثلث الليل الآخر، اعْلَمْ أن الدعاء من أوَّل أسباب قضاء الحاجات، فاحرِص عليه، وتذكر قول الله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ (غافر: 60)، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ (البقرة:186).

رَوَى أبو داود عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ؛ (حديث صحيح) ( صحيح أبى داود ـ للألباني ـ حديث1312).

ويُشترطُ لإجابة الدعاء أن يكون المأكل والمشرب حلال، وألا يدعو المسلم بإثم أو قطيعة رحم مع وجوب إظهار الذل والخضوع، والحاجة إلى الله تعالى، وعلى المسلم ألا يستبطئ الإجابة، ولإجابة الدعاء ثلاثة أحوال: إما أن يستجيب اللهُ تعالى لصاحبها في الحال، أو يرفع عنه مِن البلاء مثلها، وإما أن يَدَّخِرَ له ثواب الدعاء ليوم القيامة.

بر الوالدين وصلة الأرحام:
إذا كانت الأرحام موصلة في رمضان، فيجب على المسلم أن يَصِلها بعد رمضان، فإن رب رمضان هو رب باقي الشهور، فبر الوالدين وصلة الأرحام وصية ربانية.

قال تَعَالَى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقِيبًا ﴾ (النساء: 1).

قال تَعَالَى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ (النساء:36).

صلة الأرحام باب عظيم من أبواب سعة الرزق:
روى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ؛ (البخاري حديث 5986 / مسلم حديث 2557).

رَوَى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ؛ (مسلم ـ حديث:2555).

حسن رعاية الأسرة:
إخوة الإسلام أبناؤكم أمانة في أعناقكم، وأنتم مسؤولون عنهم يوم القيامة، فأحسِنوا تربيتهم، وحصِّنوهم بتعاليم القرآن الكريم، والتمسك بسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وعلِّموهم المحافظة على الصلاة جماعة في المساجد وجنِّبوهم رَفقاءَ السوء، وحذِّروهم من تقليد غير المسلمين في ملابسهم وأقوالهم وأفعالهم، ومعتقداتهم الباطلة، لتنشأ أجيال تعرف حَقَّ ربِّها وحق رسولها وحق المجتمع الذي نعيش فيه.

رَوَى البخاري عَنْ عبدالله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ؛ (البخاري حديث:2554).

صوم النوافل:
أخي الكريم، يا من صمت رمضان وشعرت بلذته، لا تحرم نفسك مِن صوم التطوع، فإن له فضلًا عظيمًا؛ رَوَى مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ؛ (مسلم حديث 1164).


رَوَى البخاري عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ؛ (البخاري حديث 1904).

فلا تنسَ أخي الكريم صوم ستة أيام مِن شهر شوال، وصوم الاثنين والخميس، والأيَّام البيض مِن كل شهر عربي وهي الثالث والرابع والخامس عشر، والعشر مِن ذي الحجَّة، ويوم عاشوراء، ولا يكلف اللهُ تَعَالى نفسًا إلا وُسْعَهَا.

قيام الليل:
الصلاةُ صِلَةٌ بين العبد وربه، فيا مَن اعتاد على صلاة التراويح وأحييت العشر الأواخر مِن رمضان لتدرك فضل ليلة القدر، لا تحرِم نفسَك مِن ركعات تقومها لله تعالى في جوف الليل خاصةً في ثلث الليل الأخير من كل ليلة وقيام الليل من صفات عباد الرحمن؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ (الفرقان:64).

وقال تَعَالَى: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ (السجدة:16).

روى الترمذي عن عبدالله بن سلام رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني ـ حديث 2019).

مواساة الفقراء والمحتاجين:
أيُّها المسلم الكريم، يا مَن اعتاد على الجود والكرم في رمضان، استمرَّ في مسيرة العطاء والبذل في وجوه الخير المختلفة بعد رمضان، وتذكَّر أن سنابل الخير لا تموت أبدًا، فلا تنس الفقراء واليتامى.

قال تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ (سـبأ: 39).

وقال سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ (المزمل: 20).

رَوَى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ؛ (البخاري 5453).

وتذكَّر أن اللهَ تعالى يخلف عليك هذا المال في الصحة والأموال والأولاد.

رَوَى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ؛ (البخاري حديث: 2446 مسلم حديث 2585).

رَوَى الشيخانِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى؛ (البخاري حديث: 6011/ مسلم حديث 2586).

رَوَى الشيخانِ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ (البخاري حديث 2442 / مسلم حديث 2580).

المحافظة على تهذيب الأخلاق:
يجبُ على المسلم أن يكون دائمًا حَسَنَ الخلُق، فإن حُسْنَ الخلق له منزلة عظيمة عند الله وعند الناس.

رَوَى الترمذيُّ عن أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني ـ حديث: 1628).

رَوَى الترمذيُّ عن عَليٍّ بنِ أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ (حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني ـ حديث: 1616).

التحذير مِن المعاصي:
حَذَّرَنا اللهُ تعالى مِن المعاصي في كثير من آيات القرآن الكريم.
(1) قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ (المائدة:90).

(2) قال جَلَّ شأنه: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ (طه:126:124).

(3) قال جَلَّ شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ (الحجرات:12).

وحَذَّرَنا نبينا محمد، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،من خطورة المعاصي في كثير من أحاديثه الشريفة.

(4) رَوَى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ؛ ( مسلم ـ كتاب البرـ حديث 32 ).

(5) رَوَى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ (البخاري حديث:2449).

التمسك بالسنة:
أيها المسلمون الكرام، أوصي نفسي وإياكم بإتباع سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأقوال والأفعال كل قدر استطاعته.

قال تَعَالَى: ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ (البقرة:286).

أمَرَنا اللهُ بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال سبحانه: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ (النساء:65).

وقال سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ (الحشر: 7)، وحذَّرنا سبحانه من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم عمدًا؛ قال تَعَالَى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (النور: 63).

حب الصحابة من الإيمان:
الله ضمن حفظ هذا الدين، وجعل لذلك أسبابًا، ومن أعظم هذه الأسباب أنه اختار أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه، فنقلوا إليه الكتاب والسُّنَّة، وكانوا أهلًا لتزكية الله لهم؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ (لأنفال:74).

قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ (التوبة:100).

اعلموا إخوة الإسلام أن مَن طعنَ في الصحابة فقد طعنَ في القرآن وفي السُّنَّة جملة وتفصيلًا؛ لأنَّ الصحابة هم الذين نقلوا إلينا ذلك، والطعن في الناقل يترتب عليه الطعن في المنقول، فعلينا أن نعتقدَ بأن الصحابة أفضل البشر بعد الأنبياء والمرسلين، وقد زَكَّاهم النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كثير مِن أحاديثه الشريفة.

روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ؛ (البخاري حديث 3651).

رَوَى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ؛ ( البخاري: حديث 3673).

زيارة القبور يوم العيد:
إن الله تعالى جعل لنا يوم العيد للفرح والسرور، ولكن الشيطان لنا بالمرصاد، فهو يحاول بشتى السُّبُل أن يخرجنا مِن هذه السعادة، فيذكرنا ببدعة زيارة المقابر يوم العيد، وأن هذا مِن باب صلة الموتى، فيتحول الفرح إلى حزن، ألا فليعلم الجميع أن زيارة المقابر يوم العيد خاصة مِن الأمور المبتدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي العيد في المصلى خارج المدينة، وكانت المقابر في طريقه، فلم يثبت أنه قام بزيارتها في ذلك اليوم، فهل نحن أرحمُ بالأموات مِن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟!

قال تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ (التوبة:128).

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.89 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]