رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله - الصفحة 22 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #211  
قديم 09-03-2022, 06:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر رمضانية__الشيخ / محمد إبراهيم الحمد

بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ
الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ
(21)
لَيلَةُ القَدْرِ

االحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرة ُالخيرِ، شريفةُ القدرِ، عميمةُ الفضلِ، متنوِّعةُ البركات.
فمن بركاتها
أنها أفضل من ألف شهر، قال الله _عز وجل_:

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:3) .

أي أفضل من ثلاث وثمانين سنة، وأربعة أشهر.




ومن بركاتها
أن القرآن العظيم أنزل فيها قال _عز وجل_:

(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3) .

ومن بركاتها
أن من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه،
كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
هذه بعضُ بركاتِ تلك الليلة،

وهي غيض من فيض من البركات التي خصَّ الله بها هذه الأمة،

فهي أمةٌ مباركةٌ، وكتابُها كتابٌ مباركٌ، ونبيها نبيٌّ مبارك.
والبركات التي أفاضها الله على هذه الأمة ببركة نبيها لا تعد ولا تحصى.
ومن ذلك أنه قد بورك لهذه الأمة في بكورها، وبورك لها في أعمالها، وعلومها؛
فهي خير الأمم، وأكرمها على الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدَّ وأسدَّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعافَ ما يناله غيرهم في قرون وأجيال)



وقال في موضع آخر:
(فهدى الله الناس ببركة نبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من البيِّنات والهدى هدايةً جلَّت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفة العارفين، حتى حصل لأمته -المؤمنين عموماً، ولأهل العلم منهم خصوصاً- من العلم النافع، والعمل الصالح، والأخلاق العظيمة، والسنن المستقيمة ما لو جُمِعَتْ حكمةُ سائرِ الأمم علماً وعملاً، الخالصةُ من كلِّ شوبٍ إلى الحكمة التي بعث بها _ لتَفَاوَتا تَفَاوُتاً يمنع معرفةَ قَدْرِ النسبة بينهما؛ فلله الحمد كما يحب ربنا ويرضى، ودلائل هذا وشواهده ليس هذا موضعها) انتهى كلامه.



والدرس المستفاد _معاشر الصائمين_ من هذا المعنى أن نتعرَّض لتلك النفحات،
وأن نلتمس تلك البركات، وذلك بالإيمان، والعمل الصالح، والإخلاص،
واتباع السنَّة، واحتساب الأجر، والبعد عن المعاصي.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #212  
قديم 09-03-2022, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر رمضانية__الشيخ / محمد إبراهيم الحمد

بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ
الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ

(22)



سِرْ الإعتِكافِ ومَقصُودَه وآدَابه





الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر _رضي الله عنهما_ قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان).

ففي هذا الحديث دليلٌ على مشروعية الاعتكافِ، وهو لزومُ مسجدٍ على وجهِ القربةِ من شخص مخصوص بصفة مخصوصة.

والاعتكافُ ليس بواجب، وإنما هو نافلةٌ من النوافل.

قال ابنُ القيم رحمه الله مبيناً المقصود من الاعتكاف : (وشرع لهم الاعتكافُ الذي مقصودهُ وروحهُ عكوفُ القلبِ على الله _تعالى_ وجَمْعِيَّتُهُ عليه، والخلوةُ به عن الاشتغال بالخلق، والاشتغَالُ به وحده سبحانه؛ بحيث يصير ذكرُه، وحبُّه، والإقبالُ عليه في محلِّ هموم القلب، وخطراتهِ؛ فيستولي عليه بدلَها، ويصير الهمُّ كلُّه به، والخطراتُ كلُّها بذكره، والتفكرُ في تحصيل مراضيه، وما يُقرِّب منه؛ فيصير أُنْسُهُ بالله بدلاً عن أنسه بالخلق؛ فَيُعِدُّهُ بذلك لأُنسه به يومَ الوحشةِ في القبور حين لا أنيسَ لَه، ولا ما يَفْرَحُ به سواه؛ فهذا مقصودُ الاعتكافِ الأعظم) انتهى كلامه _ رحمه الله_.
آداب الاعتكاف:
وهذه جملةٌ من الآداب يحسن بالمعتكفين مراعاتُها، والأخذُ بها؛ ليكون اعتكافُهم كاملاً مقبولاً بإذن الله.

أولاً: استحضارُ النيَّةِ الصالحةِ، واحتسابُ الأجر على الله_عز وجل_.
ثانياً: استشعارُ الحكمةِ من الاعتكاف، وهي الانقطاع للعبادة، وجَمْعِيَّةُ القلب على الله _عز وجل_.

ثالثاً: ألا يخرج المعتكفُ إلاَّ لحاجته التي لا بد منها.

رابعاً: المحافظةُ على أعمال اليوم والليلة من سنن وأذكار مطلقة ومقيَّدة، كالسنن الرواتب، وسنَّة الضحى، وصلاة القيام، وسنَّة الوضوء، وأذكار طرفي النهار، وأذكار أدبار الصلوات، وإجابة المؤذن، ونحو ذلك من الأمور التي يحسن بالمعتكف ألا يفوته شيء منها.
خامساً: الحرصُ على الاستِيقاظ من النوم قبل الصلاة بوقتٍ كاف، سواء كانت فريضة، أو قياماً؛ لأجل أن يتهيأ المعتكف للصلاة، ويأتِيَها بسكينة ووقار، وخشوع.



سادساً: الإكثار من النوافل عموماً، والانتقالُ من نوع إلى نوع آخر من العبادة؛ لأجل ألا يدبَّ الفتور والملل إلى المعتكف؛ فَيُمْضِيَ وقته بالصلاة تارة، وبقراءة القرآن تارة، وبالتسبيح تارة، وبالتهليل تارة، وبالتحميد تارة، وبالتكبير تارة، وبالدعاء تارة، وبالاستغفار تارة، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تارة ،وبـ: لا حول ولا قوة إلا بالله تارة، وبالتدبُّر تارة، وبالتفكُّر تارة، وهكذا....

سابعاً: اصطحاب بعض كتب أهل العلم، وخصوصاً التفسير؛ حتى يستعانَ به على تدبُّر القرآن.

ثامناً: الإقلال من الطعام، والكلام، والمنام؛ فذلك أدعى لرقَّة القلب، وخشوع النفس، وحفظ الوقت، والبعد عن الإثم.

تاسعاً: الحرص على الطهارة طيلة وقت الاعتكاف.



عاشراً: يحسن بالمعتكفين أن يتواصوا بالحق، وبالصبر، وبالنصيحة، والتذكير، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، والإيقاظ من النوم، وأن يَقْبَل بعضُهم من بعض.


وبالجملة فليحرص المعتكف على تطبيق السنَّة، والحرص على كل قربة، والبعد عن كل ما يفسد اعتكافه، أو ينقص ثوابه.
ملحوظات حول الاعتكاف:

أولاً: كثرةُ الزياراتِ وإطالتُها من قبل بعض الناس لبعض المعتكفين، وينتجُ عن ذلك كثرةُ حديثٍ، وإضاعةُ أوقات.

ثانياً: كثرةُ الاتِّصالات والمراسلات عبرَ الجوال بلا حاجة.

ثالثاً: المبالغةُ في إحضار الأطعمة؛ وذلك يفضي إلى ثِقَلِ العبادة، وإيذاءِ المصلين برائحة الطعام؛ فالأولى للمعتكف أن يقتصد في ذلك.
رابعاً: كثرةُ النومِ، والتثاقلُ عند الإيقاظ، والإساءةُ لمن يوقِظُ من قبل بعض المعتكفين، بدلاً من شكره، والدعاء له.

خامساً: إضاعةُ الفرصِ؛ فبعضُ المعتكفين لا يبالي بما يفوته من الخير، فتراه لا يتحرى أوقات إجابة الدعَاء، ولا يحرص على اغتنام الأوقات، بل ربما فاته


بسبب النوم أو التكاسل بعضُ الركعاتِ أو الصلوات.
سادساً: أن بعض الناس يشجع أولاده الصغار على الاعتكاف، وهذا أمرٌ حسن، ولكنْ قد يكون الأولادُ غيرَ متأدبين بأدب الاعتكاف، فيحصل منهم أذية، وإزعاج، وجلبةٌ وكثرةُ مزاح وكلام، وخروج من المسجد، ونحو ذلك.


فإذا كان الأمر كذلك فبيوتهم أولى لهم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #213  
قديم 09-03-2022, 06:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات على صيام الصالحين

نظرات على صيام الصالحين

سادات الصائمين
(13 - 39)
الشيخ سيد حسين العفاني





(32) صوم ابن جريح:


الإمام الحافظ شيخ الحرم أبو الوليد عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج القرشي.

قال عطاء بن أبي رباح: سيِّدُ شباب أهل الحجاز ابنُ جريج[69].

قال عبدالرزاق: ما رأيتُ أحسن صلاة من ابن جريج[70].

وقال: كنتُ إذا رأيت ابنَ جريج أُعْلِمْت أنه يخشى الله[71].

قال أبو عاصم النبيل: كان ابن جريج من العباد؛ كان يصوم الدهر سوى ثلاثة أيام من الشهر[72].

(33) صوم عبدالله بن عون:


ابن أرطبان سيد القرآن في زمانه، الإمام القدوة، الحافظ، عالم البصرة، الحافظ للسانه، الضابط لأركانه.

عن خارجة بن مصعب قال: صحبت عبدالله، يعني: ابن عون، أربعًا وعشرين سنة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة[73].

قال الذهبي: كان ابن عون عديم النظر في وقته زهدًا وصلاحًا.

قال ابن المبارك: ما رأيت مصليًا مثل ابن عون، وما رأيت[74] أحدًا ممن ذكر لي إلا كان إذا رأيت دون ما ذكر لي إلا ابن عون وحيوة بن شريح[75].

قال بكار بن محمد: كان ابن عون يصوم يومًا ويفطر يومًا[76].

قال الأوزاعي: إذا مات ابن عون والثوري استوى الناس، وقال: لو خيِّرت لهذه الأمة مَن ينظر لها ما اخترت إلا الثوري وابن عون.

(34) صوم داود بن أبي هند:


أبو بكر، الإمام الحافظ الثقة مفتي أهل البصرة[77].

قال حماد بن زيد: ما رأيت أحدًا أفقه من داود.

قال ابن جريج: ما رأيت مثل داود بن أبي هند، إن كان ليفرع العلم فرعًا.قال الفلاس: سَمِعْت ابن أبي عون يقول: صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله – وكان خزازًا – يحمل معه غذاءه فيتصدق به في الطريق[78].

قال ابن الجوزي: يظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت، ويظن أهله أنه قد أكل في السوق[79].




وَمُسْتَفْسِرٍ عَنْ سِرِّ يَومِي رَدَدْتُهُ فَأصبَحَ فِي يَوْمِي بِغَيْرِ يَقِينِ
يَقُولُونَ خَبِّرْنَا فَأنْتَ أمِينُهَا وَمَا أنَا إنْ خَبَّرْتُهُمْ بأمِينِ






قال محمد بن أبي عَدِي: أقبَل عليْنَا داود، فقال: يا فتيان، أخبركم، لعل بعضكم أن ينتفع به، كنت وأنا غلام أختلف إلى السوق، فإذا انقلبت إلى البيت جعلت على نفسي أن أذكر الله إلى مكان كذا وكذا، فإذا بلغت إلى ذلك المكان جعلت على نفسي أن أذكر الله كذا وكذا، حتى أتي المنزل[80]، رحمك الله، يا إمام، صِيَام مع صدقة مع ذكر مع علم وفقه وحديث، حُزْت الخير أجمعه.




يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #214  
قديم 09-03-2022, 06:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات على صيام الصالحين

نظرات على صيام الصالحين

سادات الصائمين
(13 - 39)
الشيخ سيد حسين العفاني



(35) صوم ابن أبي ذئب:


الإمام شيخ الإسلام أبو الحارث محمد بن عبدالرحمن بن أبي ذئب القرشي.

قال أحمد: كان يشبه بسعيد بن المسيب، فقيل لأحمد خلف مثله قال: لا، ثم قال: كان أفضل من مالك، إلا أن مالكًا - رحمه الله - أشد تنقية للرجال منه – كان يصلي الليل أجمع، ويجتهد في العبادة، ولو قيل له: إن القيامة تقوم غدًا ما كان فيه مزيد من الاجتهاد.

قال أخوه: كان أخي يصوم يومًا ويفطر يومًا، ثم سرد الصوم، وكان شديد الحال، يتعشَّى الخبز والزيت[81].

قال أحمد بن حنبل: إن ابن أبي ذئب ثقة قد دخل على أبي جعفر المنصور فلم يَهَبْه أن قال له الحق وقال: الظلم ببابك فاشٍ، وأبو جعفر أبو جعفر.

(36) صوم شعبة الخير أبي بسطام:


سيد المحدثين كما قال سليمان بن المغيرة[82] - الضخم الذي يحدث عن الضخامالإمام المشهور والعلم المنثور، شعبة بن الحجاج، الإمام أمير المؤمنين في الحديث، كان الثوري يقول: أستاذنا شعبة.

وقال حمزة بن زياد عن شعبة: كان قد يبس جلده على عظمه من العبادة[83].

وقال أبو بكر البكراوي: ما رأيت أعبد لله من شعبة؛ لقد عبدالله حتى جف جلده على عظمه من العبادة[84].

وقال عمر بن هارون: كان شعبة يصوم الدهر كله لا يُرَى عليه.

قال أبو قطن: كانت ثياب شعبة لونها لون التراب، وكان كثير الصلاة كثير الصيام سخي النفس.

قال شعبة: كل من سَمِعْت منه حدثنا فأنا له عبد.

قال يحيى بن معين: شعبة إمام المتقين.

وقال ابن مهدي: ما رأيت أحدًا أكثر تقشُّفًا من شُعبَة.

قال عبدالسلام بن مطهر: ما رأيت أمعن في العبادة من شعبة[85].




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #215  
قديم 09-03-2022, 06:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات على صيام الصالحين

نظرات على صيام الصالحين

سادات الصائمين
(13 - 39)
الشيخ سيد حسين العفاني




(37) صوم غندر:
الحافظ المجود أبو عبدالله محمد بن جعفر الهندي، لزم شعبة عشرين سنة.

قال يحيى بن معين: أخرج غندر إلينا ذات يوم جرابًا فيه كتب، فقال: اجتهدوا أن تخرجوا فيه خطأ قال: فما وجدنا فيه شيئًا، وكان يصوم يومًا، ويفطر يومًا منذ خمسين سنة[86].

قال ابن مهدي: كنَّا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة.

وقال غندر: أثبت في شعبة مني.

(38) صوم معروف الكرخي:

الملهوف إلى المعروف، عن الفاني مصروف، وبالباقي مشغوف، وبالتحف محفوف وللُّطَف مألوف، الكرخي أبو محفوظ معروف[87] علم الزُّهاد، بركة العصر أبو محفوظ البغدادي[88].

قال ابن حنبل: وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف؟

قال ابن عبيد لإسماعيل بن شداد ما فعل ذلك الحبر الذي منكم ببغداد؟ قلنا: من هو؟ قال: أبو محفوظ معروف، قلنا: من هو؟ قال: أبو محفوظ معروف قلنا: بخير، قال: لا يزال أهل تلك المدينة بخير ما بقي فيهم[89].

سئل: كيف تَصُوم؟ فغالط السائل وقال: صوم نبينا - صلى الله عليه وسلم - كان كذا وكذا وصوم داود كذا وكذا، فألح عليه فقال: أصبح دهري صائمًا، فمن دعاني أكلت، ولم أقل: إني صائم[90].

قال عبيد بن محمد الوراق: مر معروف - وهو صائم - بسقاء يقول - رحمه الله -: من شرب فشرب رجاء الرحمة[91].

وكان - رحمه الله - يقول: إن صليت بكم هذه الصلاة لا أصلي بكم ثانية، نعوذ بالله من طول الأمل؛ فإنه يمنع خير العمل[92].

وكان يقول إذا أراد الله بعبد شرًّا أغلق عنه باب العمل، وفتح عليه باب الجدل[93].

وعنه قال: ما أكثر الصالحين وما أقل الصادقين.

(39) صوم أحمد بن حرب:

الإمام القدوة شيخ نيسابور أبو عبدالله النيسابوري، كان من كبار الفقهاء والعباد[94]، من صحَّت بدايته صحَّت نهايته أجسام ذللت منذ الصغر لخدمة سيدها ومولاها.

قال زكريا بن حرب: ابتدأ أخي بالصوم، وهو في الكتاب، فلما راهق، حجَّ مع أخيه الحسين بن حرب، فأقاما بالكوفة للطلب، وبالبصرة وبغداد، ثم أقبل على العبادة لا يفتُر، وأخذ في المواعظ والتذكير، وحث على العبادة، وأقبلوا على مجلسه[95].

هكذا صوم منذ الصغر مثلما كان ابن حنبل يحيى الليل، وهو غلام.

قال محمد بن يحيى: مرَّ أحمد بن حرب بصبيان يلعبون، فقال أحدهم: أفسِحوا فإن هذا أحمد بن حرب الذي نام الليل فقبض على لحيته، وقال الصبيان: يهابونك وأنت تنام فأحيا الليل بعد ذلك حتى مات[96].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] "حلية الأولياء" (2/122).
[2] البيت من الشعر.
[3] يتصلق: يتقلب ويتلوى على جنبه.
[4] "سير أعلام النبلاء" (4/10).
[5] "الحلية" (2/127).
[6] "الحلية" (2/88).
[7] "الحلية" (2/87).
[8] "الحلية" (2/88).
[9] "سير أعلام النبلاء" (4/19).
[10] "سير أعلام النبلاء" (4/50).
[11] "حلية الأولياء" (2/103)، و"سير أعلام النبلاء" (4/51).
[12] "الاعتصام" للشاطبي (1/399).
[13] "حلية الأولياء" (2/103، 104)، و"سير أعلام النبلاء" (4/52).
[14] "سير أعلام النبلاء" (4/52).
[15] "سير أعلام النبلاء" (4/53).
[16] "حلية الأولياء" (2/104).
[17] "حلية الأولياء" (2/104).
[18] "حلية الأولياء" (2/95).
[19] "سير أعلام النبلاء" (4/67 – 68).
[20] "الاعتصام" (1/400).
[21] "سير أعلام النبلاء" (4/66).
[22] "سير أعلام النبلاء" (4/66، 68).
[23] "حلية الأولياء" (2/242).
[24] "الحلية" (2/242).
[25] "الحلية" (2/243).
[26] "الحلية" (2/245).
[27] "الحلية" (2/244).
[28] "السير" (4/203).
[29] "الحلية" (2/245 – 246)، و"سير أعلام النبلاء" (203 – 204).
[30] "سير أعلام النبلاء" (4/221)، وقال الذهبي إسناده ثابت.
[31] "طبقات ابن سعد" (5/207 – 208).
[32] "السير" (4/417 – 418).
[33] "الحلية" (2/176).
[34] "السير" (4/425).
[35] "طبقات ابن سعد" (5/180)، و"الزهد"، لأحمد (371)، "صفة الصفوة" (2/88).
[36] "صفة الصفوة" (2/88).
[37] "سير أعلام النبلاء" (4/430).
[38] "الحلية" (2/178).
[39] "السير" (4/448)، ابن سعد (5/173).
[40] "الحلية" (4/221).
[41] "الحلية" (4/223).
[42] "الحلية" (2/147)، "السير" (4/585).
[43] "السير" (4/585).
[44] "السير" (4/574).
[45] "السير" (4/575)، ابن سعد (7/163).
[46] ابن سعد (7/261).
[47] "السير" (4/575).
[48] "السير" (4/578)، و"الزهد"، لأحمد (269).
[49] "الحسن البصري" لابن الجوزي (ص13، 14).
[50] "الحسن البصري"، لابن الجوزي (ص 19).
[51] الفعل منه نَوِكَ - بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع - والمصدر: نَوكًا نواكًا، حمق، والأنْوَكُ: الأحْمَق، والجمع: نَوْكَى، ونوك، "الحسن" لابن الجوزي (ص20، 21).
[52] "السير" (4/608).
[53] "السير" (4/609).
[54] ابن سعد (7/196)، و"السير" (4/609).
[55] "الزهد" (307)، و"السير" (615).
[56] "السير" (5/12).
[57] "سير أعلام النبلاء" (5/62 – 63).
[58] "السير" (5/63 – 64).
[59] "سير أعلام النبلاء" (5/404 – 406)، "حلية الأولياء" (5/124)، "مختصر قيام الليل" (28).
[60] "السير" (5/406).
[61] "السير" (5/405).
[62] "سير أعلام النبلاء" (6/195).
[63] "حلية الأولياء" (3/228)، "السير" (6/197).
[64] "الحلية" (3/28).
[65] "السير" (6/198).
[66] "السير" (6/200).
[67] "الحلية" (3/231)، و"السير" (6/196).
[68] "سير أعلام النبلاء" (5/342).
[69] "السير" (6/328).
[70] "السير" (6/330).
[71] "السير" (6/332).
[72] "السير" (6/333).
[73] "الحلية" (3/37).
[74] "الحلية" (3/38).
[75] "سير أعلام النبلاء" (6/367 – 368).
[76] "السِّيَر" (366)، و "الحلية" (3/40).
[77] "سير أعلام النبلاء" (6/376 – 377) واسم أبي هند دينار بن عذافر.
[78] "السير" (6/378).
[79] "المدهش" (435).
[80] "السير" (6/377 – 378).
[81] "السير" (7/141).
[82] "الحلية" (7/153).
[83] "الحلية" (7/144).
[84] "الحلية" (7/144).
[85] "السير" (7/226).
[86] "السير" (9/99 – 100).
[87] "سير أعلام النبلاء" (9/39).
[88] "تاريخ بغداد" (13/200) و"طبقات الحنابلة" (1/382).
[89] "الحلية" (8/366)، و"تاريخ بغداد" (13/201)، و"سير أعلام النبلاء" (9/340).
[90] "السِّير" (9/341)، "تاريخ بغداد" (13/252).
[91] "الحلية" (8/365)، و"السير" (9/342).
[92] "الحلية" (8/361).
[93] "الحليَة" (8/3061)، و"السير" (6/340).
[94] "السير" (11/32 – 33).
[95] "السير" (11/33).
[96] "السير" (11/33).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #216  
قديم 11-03-2022, 04:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر رمضانية__الشيخ / محمد إبراهيم الحمد

بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ



الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ

(23)



رَمَضَانْ شَهر الدُعَاء



الحمد لله مجيب الدعوات وكاشف الكربات، والصلاة والسلام على أزكى البريات، أما بعد:



فإن شأنَ الدعاءِ عظيم، ونفْعَهُ عميم، ومكانتَه عاليةٌ في الدين، فما استُجْلِبت النعمُ بمثله ولا استُدْفِعت النِّقَمُ بمثله، ذلك أنه يتضمَّن توحيد الله، وإفراده بالعبادة دون من سواه، وهذا رأس الأمر، وأصل الدين.

وإن شهرَ رمضانَ لفرصةٌ سانحة، ومناسبة كريمة مباركة يتقرَّب فيها العبد إلى ربه بسائر القربات، وعلى رأسها الدعاء؛ ذلكم أن مواطن الدعاء، ومظانَّ الإجابة تكثر في هذا الشهر؛ فلا غَرْوَ أن يُكْثِر المسلمون فيه من الدعاء.

ولعل هذا هو السر في ختم آيات الصيام بالحثّ على الدعاء، حيث يقـول ربنـا_عز وجل_:

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186) .

وإليكم _معاشر الصائمين_ هذه الوقفات اليسيرة مع مفهوم الدعاء، وفضله.
أيها الصائمون:
الدعاء هو أن يطلبَ الداعي ما ينفعُه وما يكشف ضُرَّه؛ وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمةُ العبوديةِ، واستشعارُ الذلةِ البشرية، وفيه معنى الثناءِ على الله _عز وجل_ وإضافةِ الجود والكرم إليه.
أما فضائلُ الدعاءِ، وثمراتُه، وأسرارُه
فلا تكاد تحصر



فالدعاءُ طاعةٌ لله، وامتثال لأمره، قال الله _عز وجل_: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(غافر: من الآية60).



والدعاء عبادة، قال النبي صلى الله عليه وسلمالدعاء هو العبادة) .

رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه ابن ماجة، وصححه الألباني.



والدعاء سلامة من الكبر: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) .



والدعاءُ أكرمُ شيءٍ على الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس شيءٌ أكرم على الله _عز وجل_ من الدعـاء).

رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وابن ماجة، والترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

والدعاء سبب لدفع غضب الله، قال النبي صلى الله عليه وسلممن لم يسألِ اللهَ يَغْضَبْ عليه).
أخرجه أحمدُ، والترمذيُّ، وابن ماجةَ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني.
والدعاء سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور، ولقد أحسن من قال:
وإني لأدعو اللهَ والأمرُ ضيّقٌ *** عليَّ فما ينفك أن يتفرّجا

وربَّ فتىً ضاقتْ عليه وجوهُهُ *** أصاب له في دعوة الله مَخْرَجا
والدعاء دليل على التوكُّل على الله، فسرُّ التوكلِ وحقيقتُه هو اعتمادُ القلبِ على الله، وفعلُ الأسباب المأذون بها، وأعظمُ ما يتجلَّى هذا المعنى حالَ الدعاء؛ ذلك أن الداعيَ مستعينٌ بالله، مفوضٌ أمرَهُ إليه وحده.

والدعاء وسيلة لكِبَرِ النفس، وعلو الهمة؛ ذلك أن الداعيَ يأوي إلى ركن شديدٍ ينـزل به حاجاتِه، ويستعين به في كافّة أموره؛ وبهذا يتخلص مـن أَسْر الخلق، ورقِّهم، ومنَّتِهِم، ويقطعُ الطمعَ عما في أيديهم، وهذا هو عين عِزِّهِ، وفلاحِه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وكلّما قوي طمع العبد في فضل الله، ورحمته، لقضاء حاجته ودفع ضرورته؛ قويت عبوديتُه له، وحريته مما سواه؛ فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديتَه له فَيأْسُهُ منه يوجب غنى قلبه)ا_هـ.


والدعاء سلامة من العجز، ودليل على الكَياسة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعجز الناس من عجز من الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام). رواه ابن حبان، وصححه الألباني.
ومن فضائل الدعاء:
أن ثمرته مضمونة _بإذن الله_ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كفّ عنه من سوء مثلَه؛ ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم).
رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مؤمنٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لله يسأله مسألةً إلا أعطاه الله إياها، إما عجّلها له في الدنيا، وإما ذخرها له في الآخرة، ما لم يعجل).

قالوا: يا رسول الله وما عَجَلَتُه؟ قال: (يقـول: دعوت ودعوت ولا أراه يُستجاب لي).

أخرجه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.

ففي الحديثين السابقين وما في معناهما؛ دليل على أن دعاء المسلم لا يُهمل، بل يُعطى ما سأله إما مُعجلاً، وإما مُؤجلاً.

قال ابن حجر رحمه الله: (كلُّ داعٍ يُستجاب له، لكن تتنوع الإجابة؛ فتارةً تقع بعين ما دعا به، وتارةً بعِوَضِه). ا_هـ.
قال بعضهم في وصف دعوة:

وربَّ ظلومٍ قد كُفِيتُ بحربهِ *** فَأَوقعَه المقدورُ أيَّ وقوعِ

فَما كان ليْ الإسلامُ إلا تَعَبُّداً *** وأدعـيةً لا تُتَّقى بدروعِ
وحسبك أن ينجو الظلومُ وَخَلْفَهُ *** سهامُ دعاءٍ من قِسِيِّ ركوعِ
مُرَيَّشةً بالهدب من كل ساهرٍ *** ومنهلةً أطرافها بدموعِ
ويقول:
أتهزأُ بالدعاء وتزدريه *** وما تدري بما صنع الدعاءُ

سهامُ الليلِ لا تخطي ولكن *** لها أَمَدٌ وللأمدِ انقضاءُ
شروطِ الدعاءِ :


أيها الصائمون الكرام:
للدعاء شروطٌ عديدةٌ لابد من توافرها؛ كي يكون الدعاء مستجاباً مقبولاً عند الله.

فمن أهم تلك الشروط:
أن يكون الداعي عالماً بأن الله وحده هو القادر على إجابة الدعاء، وألا يدعو إلا الله وحده؛ لأن دعاء غير الله شرك، وأن يتوسّل إلى الله بأحد أنواع التوسُّل المشروعة كالتوسُّل إلى الله باسم من أسمائه، أو صفة من صفاته، أو أن يتوسَّل بصالح الأعمال، أو بدعاء رجل صالح حيٍّ حاضر قادر.

ومن شروط الدعاء:
تجنبُ الاستعجال، والدعاءُ بالخير، وحسنُ الظنِّ بالله، وحضورُ القلب، وإطابةُ المأكل، وتجنُّبُ الاعتداءِ، هذه هي شروط الدعاء على سبيل الإيجاز.
آداب الدعاء:
وهناك آداب يحسن توافرها:

كي يكون الدعاء كاملاً، ومنها الثناءُ على الله قبل الدعـاء، والصلاة ُعلى النبي صلى الله عليه وسلم والإقرارُ بالذنب، والاعترافُ بالخطيئة، والتضرعُ، والخشوعُ، والرغبةُ، والرهبةُ، والجزمُ في الدعاءِ، والعزمُ في المسألة، والإلحاحُ بالدعاء، والدعاءُ في كل الأحوال، والدعاءُ ثلاثاً، واستقبالُ القبلة، ورفعُ الأيدي، والسواكُ، والوضوءُ، واختيارُ الاسم المناسبِ أو الصفةِ المناسبةِ كأن يقول: يا رحمن ارحمني، برحمتك أستغيث.

ومن آداب الدعاء:
خفضُ الصوتِ، وأن يتخيَّر الداعي جوامعَ الدعاء، ومحاسنَ الكلامِ، وأن يتجنَّب التكلُّفَ، والسَجْعَ، وأن يبدأ الداعي بنفسه، وأن يدعو لإخوانه المسلمين.
هذه بعض آداب الدعاء على سبيل الإجمال، والأدلة على ذلك مبسوطة في الكتاب والسنة، والمجال لا يتَّسع للتفصيل؛ فالإتيان بشروط الدعاء وآدابه من أعظم الأسباب الجالبة لإجابة الدعاء.
ومن الأسباب _أيضاً_:
الإخلاص لله حالَ الدعاء،وقُوة ُالرجاء،وشدَّةُ التحرّي، وانتظارُ الفَرَجِ، والتوبةُ، وردُّ المظالمِ، والسلامةُ من الغفلة، وكثرةُ الأعمالِ الصالحةِ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهيُ عن المنكر، والتقرُّبُ إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، وبِرُّ الوالدين، واغتنامُ الفُرصِ، وذلك بتحري أوقات الإجابة، واغتنامُ الأحوال، والأوضاع، والأماكن التي هي مظانُّ إجابة الدعاء.


مسألة تأَخّر الإجابة، والحِكَم من وراء ذلك:
أيها الصائمون الكرام: إن من البلاء على المؤمن أن يدعو فلا يُجاب؛ فيكرَّر الدعاء، ويلحَّ فيه، وتطولَ المدة فلا يرى أثراً للإجابة.
ومن هنا يجد الشيطان فرصته؛ فيبدأ بالوسوسة للمؤمن، وإيقاعه في الاعتراض على حكم الله، وإساءته الظن به _عز وجل_.

فعلى من وقعت له تلك الحال ألا يلتفت إلى ما يلقيه الشيطان؛ ذلك أن تأخر الإجابة مع المبالغة في الدعاء يحمل في طيّاته حِكَماً باهرةً، وأسراراً بديعةً، وفوائدَ جمةً، لو تدبرها الداعي لما دار في خَلَدِه تضجُّر من تأخر الإجابة.

ومن تلك الحِكَم والأسرار والفوائد التي يحسن بالداعي أن يتدبرها، ويجمل به أن يستحضرها ما يلي:

أولاً:

أن تأخر الإجابة من البلاء، كما أن سرعة الإجابة من البلاء _أيضاً_ قـال _عز وجل_:

( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)(الأنبياء: من الآية35).

فالابتلاء بالخير يحتاجُ إلى شكر، والابتلاءُ بالشر يحتاج إلى صبر؛ فإياك أن تستطيل البلاء، وَتَضْجَرَ من كثرة الدعاء؛ فإنك ممتحنٌ بالبلاء متعبَّدٌ بالصبر والدعاء؛ فلا تيأسنّ من رَوْح الله وإن طال البلاء.
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (أصبحت ومالي سرورٌ إلا في انتظارِ مواقعِ القدرِ، إن تكنِ السراءُ، فعندي الشكرُ، وإن تكن الضراءُ فعندي الصبرُ).

ثانياً:
من حكم تأخر إجابة الدعاء: أن يستحضر الإنسان أن الله هو مالك الملك، فله التصرُّف المطلق، بالعطاء والمنع؛ فلا رادّ لفضله، ولا مُعقّب لحكمه، ولا اعتراض على عطائه ومنعه، إن أعطى فبفضل،وإن منع فبعدل؛ فلا حقّ _إذاً_ للمخلوق المربوب على الخالق الرب_عز وجل_.

ثالثاً:
أن الله _عز وجل_ له الحكمة البالغة؛ فلا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، وقد يرى الإنسان أن في ذلك الشيء مصلحةً ظاهرةً؛ ولكن الحكمةَ لا تقتضيه، فقد يخفى في الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر ويُقْصَد بها المصلحة، فلعل هذا من ذاك،بل أعظم؛ فقد يكون تأخرُ الإجابة، أو منعُها هو عينَ المصلحةِ.

رابعاً:
قد يكون في تحقُّق المطلوب زيادةٌ في الشر، فربما تحقق للداعي مطلوبُه، وأجيب له سؤلُه؛ فكان ذلك سبباً في زيادةِ إثمٍ، أو تأخيرٍ عن مرتبةٍ، أو كان ذلك حاملا ً على الأشَر والبَطر، فكان التأخير أو المنع أصلح.
وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الغزو؛ فهتف به هاتف: إنك إن غزوت أُسرت، وإن أُسرت تنصّرت.
قال ابن القيم رحمه الله: (فقضاؤه لعبده المؤمن عطاءٌ، وإن كان في صورة المنع، ونِعْمَةٌ وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية، وإن كان في صورة بلية.

وَلَكنْ لجهل العبدِ، وظلمِه لا يَعُدُّ العطاءَ والنعمةَ والعافيةَ إلا ما التذّ به في العاجل، وكان ملائماً لطبعه.

ولو رزق من المعرفة حظاً وافراً؛ لعد المنعَ نعمةً والبلاءَ رَحمةً، وتلذّذ بالبلاء أكثرَ من لذته بالعافية، وتلذّذ بالفقر أكثرَ من لذته بالغنى، وكان في حال الِقلّةِ أعظمَ شكراً من حال الكثرة. )ا_هـ.

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: (ولهذا من لطف الله _عز وجل_ لعبده أنه ربما طمحت نفسُه لسبب من الأسباب الدنيوية التي يظُن بها إدراكَ بُغْيتِهِ، فيعلـم أنها تضرّه، وتصدّه عما ينفعه؛ فيحول بينه وبينها، فيظل العبد كارهاً، ولم يَدْرِ أن ربه قد لَطَفَ به؛حيث أبقى له الأمر النافع، وصرف عنه الأمر الضار).

خامساً:
الدخول في زمرة المحبوبين لله _عز وجل_ فالذين يدعون ربهم، ويُبْتَلَون بتأخر الإجابة عنهم _يدخلون في زمرة المحبوبين المشرَّفين بمحبة الله؛ فهو _عز وجل_ إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، قال النبي صلى الله عليه وسلمإن عِظمَ الجزاءِ مع عِظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السَّخطْ) أخرجه الترمذي وابن ماجة، وحسنه الترمذي والألباني.
سادساً:
أن اختيارَ اللهِ للعبد خيرٌ من اختيار العبد لنفسه، وهذا سر بديع يحسن بالعبد أن يتفطَّن له حال دعائه لربه؛ فهذا يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويُفْرِغُ قَلْبَهُ من التقديرات، والتدبيرات التي يصعد منها في عَقَبَة، وينـزل في أخرى.

وإذا فوّض العبد أمره إلى ربه،ورضي بما يختاره له_أمدّه الله بالقوة، والعزيمة، والصبـر،وصرف عنه الآفات التي هي عرضةُ اختيارِ العبدِ لنفسه، وأراه من حسن العاقبة ما لم يكن ليصلَ إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه.



سابعاً:
أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والعكس بالعكس؛ بل إن عامةَ مصالحِ النفوس في مكروهاتها، كما أن عامَّةَ مضارِّها وأسباب هلكتها في محبوباتها قال _عز وجل_: ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)(النساء: من الآية19).

قال سفيان بن عيينة رحمه الله: (ما يكرهُ العبدُ خيرٌ له مما يحب؛ لأن ما يكرهه يُهَيِّجُه للدعاء، وما يحبه يلهيه).

ثامناً:
أن تأخر الإجابة سببٌ لِتَفَقُّدِ العبد لنفسه؛ فقد يكون امتناعُ الإجابة أو تأخرها لآفة في الداعي؛ فربما كان في مطعومه شبهةٌ، أو كان في قلبه وقتَ الدعاء غفلةٌ، أو كان متلبساً بذنوب مانعةٍ؛ وبهذا ينبعث إلى المحاسبة، والتوبة، ولو عُجِّلَت له الإجابةُ لفاتته هذه الفائدة.

تاسعاً:
قد تكون الدعوةُ مستجابةً دون علم الداعي؛ لأن ثمرة الدعاء مضمونة _بإذن الله_ قال النبي صلى الله عليه وسلمما من مسلم يدعو، ليس بإثم ولا بقطيعة رحم؛ إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها) قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذاً نكثر؟ قال: (الله أكثر) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.

إذا تقرر هذا؛ فكيف يستبطئ الداعي الإجابة طالما أن الثمرةَ مضمونةٌ، ولماذا لا يحسنُ العبدُ ظنَّه بربه ويقول: لعله استُجِيب لي، وآتاني ربي إحدى هذه الثلاثِ من حيثُ لا أعلم؟!.

عاشراً:
التمتُّع بطول المناجاة، فكلما تأخرت الإجابة طالت المناجاة، وحصلت اللذة، وزاد القرب، ولو عجلت الإجابة لربما فاتت تلك الثمرة.

قال سفيان الثوري رحمه الله: (لقد أنعم الله على عبد في حاجة أكثرَ من تضرعه إليه فيها).

حاديَ عَشَرَ:
تكميلُ مراتب العبودية؛ فالله _عز وجل_ يحب أولياءه، ويريد أن يكمل لهم مراتب العبودية؛ فيبتليهم بأنواع من البلاء، ومنها تأخر إجابة الدعاء؛ كي يترقّوا في مدارج الكمال، ومراتب العبودية.

ومن تلك العبوديات العظيمة التي تحصل من جرّاء تأخر إجابة الدعاء_انتظار الفرج، وقوة ُالرجاء، وحصولُ الاضطرار،والافتقارُ إلى الله، والانكسارُ بين يدي جبار السماوات والأرض، ومجاهدةُ الشيطان ومراغمُته.
أيها الصائمون:
هذه بعض الوقفات اليسيرة مع مفهوم الدعاء، وفضله، وثمراتُه، وأسرارُه ،وبعض الحكمِ والأسرار والفوائدِ المتلمَّسةِ من جرّاء تأخر إجابة الدعاء؛ فحريٌّ بالعبد أن يكثر من دعاء الله، وبعد ذلك يدعُ التقديراتِ، والتدبيراتِ للعليم الحكيم.



اللهم يسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، واقرن بالعافية غدوَّنا وآصالنا، اللهم انصر المجاهدين، وفرِّج هم المهمومين، ونفِّسْ كربَ المكروبين من المسلمين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.


وصلِّ اللهم وسلّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #217  
قديم 11-03-2022, 04:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر رمضانية__الشيخ / محمد إبراهيم الحمد

بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ

الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ

(24)

رَمَضَانْ شَهر الذِكْر






الحمد لله الذي أمر بذكره، ووعد الذاكرين بثوابه وجزيل فضله، والصلاة والسلام على إمام الذاكرين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن رمضانَ موسمُ الخيرات، وميدان التنافس في القربات.

وإن ذكر الله _عز وجل_ لمن أعظم ما يُتقرب به، وأجلِّ ما يسابق ويتنافس عليه؛ إذ هو المقصود الأعظم في مشروعية العبادات؛ فما شرعت الصلاة إلا لإقامة ذكر الله (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)(طـه: من الآية14).

ولا شُرِعَ الطوافُ بالبيت العتيق، ولا رميُ الجمار، ولا السعي بين الصفا والمروة، إلا لإقامة ذكر الله _عز وجل_ وهكذا بقية الأعمال الصالحة.

ونصوص الشرع متضافرةٌ متظاهرةٌ على فضل الذكر، وعموم نفعه، والثناء على أهله، والحث على الإكثار منه.

قال_تبارك وتعالى_يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الأحزاب:41 -42) .

وقال: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ )(آل عمران: من الآية191).

وقال: ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(الجمعة: من الآية10).

وقال: ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(الأحزاب: من الآية35).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(مما هو كالإجماع بين العلماء بالله، وأمره أن ملازمة ذكر الله دائماً هو أفضل ما شغل به العبدُ نفْسَه في الجملة.
وعلى ذلك دلَّ حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم (سبق المفَرِّدون).

قالوا: يا رسول الله! ومن المفردون؟
قال: (الذاكرون الله كثيراً والذاكرات).


وفيما رواه أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟)

قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: (ذِكرُ الله).
والدلائل القرآنية، والإيمانية بصراً، وخبراً، ونظراً على ذلك كثيرة.

وأقل ذلك أن يلزم الإنسانُ الأذكارَ المأثورةَ عن معلم الخير، وإمام المتقين صلى الله عليه وسلم، كالأذكار المؤقتة في أول النهار، وآخره، وعند أخذ المضجع، وعند الاستيقاظ في المنام، وأدبار الصلوات، ودخول المنزل، والمسجد، والخلاء، والخروج من ذلك، وعند المطر، والرعد وغير ذلك.

وقد صنفت له الكتب المسمَّاة بعمل اليوم والليلة.

ثم ملازمة الذكر مطلقاً، وأفضلهلا إله إلا الله).

وقد تعرض أحوال يكون بقية الذكر مثل: (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله أفضل منه) انتهى كلامه رحمه الله.
معاشر الصائمين:

فوائد الذكر لا تكاد تحصى لكثرتها، وتنوع بركتها، وإليكم نبذةً عن تلكم الفوائد على سبيل الإجمال.

الذكر يرضي الرحمنَ، ويطرد الشيطانَ، ويزيل الهمَّ والغم، ويجلب البسطَ والسرور.



والذكر يجلب الرزق، ويحيي القلب، ويورث محبةَ الله للعبد، ومحبة العبد لله، ومراقَبَتهُ _عز وجل_ ومعرفتَه، والرجوعَ إليه، والقربَ منه.

والذكر يَحُطُّ السيئاتِ، وينفع صاحبَه عند الشدائد، ويزيل الوحشةَ ما بين العبد وربه.

ومن فوائد الذكر أنه يؤمِّن من الحسرة يوم القيامة، وأن فيه شُغْلاً عن الغيبة، والنميمة، والفحش من القول، وأنَّه مع البكاء من خشية الله سببٌ لإظلال الله للعبد يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
معاشر الصائمين:
الذكر أمانٌ من النفاق، أمانٌ من نسيان الله.

ومن فوائده أنه غراس الجنة، وأنه أيسر العبادات، وأقلُّها مشقَّة، ومع ذلك فهو يعدل عتق الرقاب، ويُرَتَّبُ عليه من الجزاء ما لا يرتب على غيره.

والذكر يغني القلب، ويسدُّ حاجته، ويجمعُ على القلب ما تفرق من إراداته وعزومه، ويفرق عليه ما اجتمع من الهموم والغموم والأحزان، والأنكاد، والحسرات.

ويفرق عليه _أيضاً_ ما اجتمع على حربه من شياطين الإنس والجن.

والذكر يقرِّب من الآخرة، ويباعد من الدنيا، ويعطي الذاكرَ قوةً، حتى إنه لَيفعلُ مع الذكر ما لا يُظن فعلُه بدون الذكر.


ومن فوائده أنه رأس الشكر؛ فما شكر الله من لم يذكره، وأن أكرم الخلق على الله من لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله.

وبالذِّكر تَسْهُل الصعاب، وتَخِفُ المشاق، وتُيَسَّر الأمور، وتذوب قسوة القلب، وتُسْتَجْلَب بركة الوقت.

والذكر يوجب صلاةَ الله، وملائكتِه، ومباهاةَ الله _عز وجل_ بالذاكرين ملائكتَه.

وللذكر تأثير عجيب في حصول الأمن، ودفع الخوف، ورفعه؛ فليس للخائف الذي اشتدّ خوفه أنفعُ من الذكر.



ثم إن الجبال والقفار تباهي وتبشر بمن يذكر الله عليها.



ودوام الذكر في الطريق، والبيت، والحضر والسفر، والبقاع_تكثير لشهود العبد يوم القيامة.

وللذكر من بين الأعمال لذَّة لا تُعَادِلُها لذَّة.

وبالجملة فإن ثمرات الذكر وفوائده، تحصل بكثرته، وباستحضار ما يقال فيه، وبالمداومة على الأذكار المطلقة، والمقيدة، وبالحذر من الابتداع فيه، ومخالفة المشروع.


معاشر الصائمين:
هناك أذكارٌ مطلقةٌ عظيمةٌ، وقد جاء في فضلها نصوصٌ كثيرة.

وأعظم هذه الأذكار: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر).

وقد جاء في فضلها أحاديث كثيرة، منها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر_أحب إلي مما طلعت عليه الشمس).

ومن الأذكار العظيمة (لا حول ولا قوة إلا بالله).

ومعناها: لا تحوُّل للعبد من حال إلى حال، ولا قوّة له على ذلك إلا بالله.

وقد جاء في فضلها أحاديثُ كثيرةٌ، منها ما جاء في سنن الترمذي عن عبد الله بن عمرو _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما على الأرض أحدٌ يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كُفِّرتْ خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر).

قال الترمذي: (وهذا حديث حسن غريب).

وجاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا موسى، أو يا عبد الله بن قيس! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنَّة).

قلت: بلى.

قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (لا حول ولا قوة إلا بالله تُحمل بها الأثقال، وتُكابد الأهوال، ويُنال رفيعُ الأحوال).

وقال ابن القيم رحمه الله: (وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يذكر أثراً في هذا الباب، ويقول: إن الملائكة لما أمروا بحمل العرش قالوا: يا ربنا! كيف نحمل عرشَك وعليه عظمتُك وجلالك؟

فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فلما قالوها حملوه).
وقال ابن القيم_أيضاً_: (وهذه الكلمة _يعني لا حول ولا قوة إلا بالله_ لها تأثيرٌ عجيبٌ في معاناة الأشغال الصعبة، وتَحَّملِ المشاقِّ، والدخولِ على الملوك، ومَنْ يُخاف، وركوب الأهوال، ولها _أيضاً_ تأثيرٌ في دفع الفقر).

قال: (وكان حبيبُ بنُ مسلمةَ يَستَحب إذا لقيَ عدواً، أو ناهض حصناً، أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنه ناهض يوماً حصناً للروم فانهزم، فقالها المسلمون، وكبروا، فانهدم الحصن).
معاشر الصائمين:
ومن الأذكار المطلقة العظيمة (سبحان الله وبحمده).

ولقد جاء في فضلها أحاديثُ كثيرةٌ، منها ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر).

ومن الأذكار العظيمة _كذلك_سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).

فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قالكلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).

ومن الأذكار العظيمة الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ورد في فضلهما آثارٌ كثيرةٌ، وألف في ذلك كتبٌ عديدةٌ، والمقام لا يتَّسع للتفصيل.
معاشر الصائمين:
الناس في الذكر على أربع طبقات، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إحداها: الذكر بالقلب، واللسان، وهو المأمور به.

الثاني: الذكر بالقلب فقط، فإن كان مع عجز اللسان فحسنٌ، وإن كان مع قدرته فتركٌ للأفضل.

الثالث: الذكر باللسان فقط، وهو كون اللسان رطباً بذكر الله، ويقول الله_تعالى_ في الحديث القدسيأنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه).

الرابع: عدم الأمرين، وهو حال الأخسرين).
أيها الصائمون:
للذكر مفهومٌ خاصٌ، وهو ما مضى الحديث عنه، وله مفهوم عامٌ شاملٌ، وهو كل ما تكلَّم به اللسان، وتصوَّره القلب، مما يقرب إلى الله، من تعلُّم علمٍ، وتعليمه، وأمرٍ بالمعروف، ونهيٍ عن المنكر _فهو ذكرٌ لله.

ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع بعد أداء الفرائض، أو جلس مجلساً يتفقه أو يفقه فيه الفقهَ الذي سماه الله ورسوله فقهاً، فهذا _أيضاً_ من ذكر الله.

وكذلك من قام بقلبه محبّةُ الله، وخوفُه، ورجاؤه،ونحو ذلك فهو من ذكر الله.



كما يدخل في الذكر تلاوةُ القرآن،والدعاءُ،والصلاةُ، وإفشاءُ السلام، وإصلاحُ ذات البين، ومخاطبة الناس بالحسنى.

ويدخل في ذلك الصدقةُ، ونشرُ الكتب، والدعوةُ إلى الله، فكلُّ ذلك وغيره، داخلٌ في عموم مفهوم الذكر.

اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #218  
قديم 11-03-2022, 04:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات على صيام الصالحين

نظرات على صيام الصالحين

سادات الصائمين
(40)
الشيخ سيد حسين العفاني






(40) صوم أحمد بن حنبل إمام أهل السنة:




معلِّم الخير كما حكى يحيى بن معين، وقال: والله ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد، وعلى طريقة أحمد.

قال ابن المديني: أحمد بن حنبل سيدنا.

وقال: اتخذ أحمد بن حنبل إمامًا فيما بيني وبين الله.

وقال: إن الله - عز وجل - أعزَّ هذا الدين برجلين لا ثالث لها أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة.

وقال أبو عبدي القاسم بن سلامك: أحمد بن حنبل إمامنا إني لأتزين بذكره.

وقال إسحاق بن راهويه: لولا أحمدُ بن حنبل، وبَذْلُ نفسه - لمَّا بذلَهَا - لَذَهَبَ الإسلام.

وقال بشر بن الحارث: إن هذا الرجل قام اليوم بأمرٍ عَجَز عنه الخلق أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء، إن أحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه، ومن فوقه، ومن تحته، وعن يمينه، وعن شماله، إن أحمد بن حنبل طار بحفظها وغنائها في الإسلام.

وقال أبو ثور: كنت إذا رأيت أحمد بن حنبل خيل إليكم أن الشرعية لوح بين عينيه.

"قال إبراهيم بن هانئ - وكان أبو عبدالله حيث تَوارَى من السلطان توارى عنده - فحكى أنه لم يرد أحد أقوى عل الزهد والعبادة وجهد النفس من أبي عبدالله أحمد بن حنبل، قال: كان يصوم النهار ويعجل الإفطار، ثم يصلي بعد العشاء الآخرة ركعات، ثم ينام نومة خفيفة، ثم يقوم فيتطهر ولا يزال يصلي حتى يطلع الفجر، ثم يوتر بركعة، وكان هذا دأبه طول مقامه عندي، ما رأيته فتر ليلة واحدة، وكنت لا أقوى معه على العبادة، وما رأيته مفطرًا إلا يومًا واحدًا أفطر واحتجم"[1].

* وبعد خروج الإمام أحمد إلى العسكر بعد انقضاء ما اتهم به "قال أبو بكر المروزي: قال: قال لي أحمد بن حنبل، ونحن بالعسكر: لي اليوم ثمان منذ لم آكل شيئًا، ولم أشرب إلا أقل من ربع سويق، فربما شربه، وربَّما ترك بعضه، وكان إذا ورد عليه أمر يُهمُّه لم يَطعَم ولم يُفطِر إلا على شربة ماء.

قال صالح بن أحمد: جعل أبي يواصل الصوم؛ يُفطِر في كل ثلاث على تمر شهرين، فمكث بذلك خمسة عشر يومًا، يفطر في كل ثلاث، ثم جعل بعد ذلك يفطر ليلة وليلة، لا يفطر إلا على رغيف.

وكان إذا جيء بالمائدة توضع في الدهليز؛ لكي لا يراها، فيأكل من حضر، وكان إذا أجهده الحر تلقى له خرقة فيضعها على صدره[2].

قال أبو بكر المروزي: أنبهني أبو عبدالله ذات ليلة، وكان قد واصل، فإذا هو قاعد فقال: هو ذا يُدارُ بي من الجوع فأطعمني شيئًا فجئته بأقل من رغيف، فأكل، ثم قال: لولا أني أخاف العَوْن على نفسي ما أكلت، وكان يقوم من فراشه إلى المخرَج، فيقعد يستريح من الضعف من الجوع، حتى إن كنت لأبل له الخرقة، فيلقيها على وجهه لترجع إليه نفسه.

وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: مكث أبي بالعسكر عند الخليفة ستة عشر يومًا، ما ذاق شيئًا إلا مقدار ربع سويق، في كل ليلة كان يشرب شربة ماء، وفي كل ثلاث يستف حفنة من السويق، فرجع إلى البيت، ولم ترجع إليه نفسه إلا بعد ستة أشهر، ورأيت مآقيه قد دخلا في حدقتيه.

وقال أبو بكر المروزي: كان أبو عبدالله بالعسكر يقول: انظر هل تجد لي ماء الباقلاء؟ فكنت ربما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح، ومنذ دخلنا العسكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبيخًا ولا دسمًا[3].

قال أبو بكر المروزي: قال لي أبو عبدالله، ونحن بالعسكر: ألا تعجب! كان قُوتِي فيما مضى أرغفة؛ وقد ذهبت عني شهوة الطعام فما أشتهيه، قد كنت في السجن آكل، وذلك عندي زيادة في إيماني، وهذه نقصان، وقال لنا يومًا، ونحن بالعسكر: لي اليوم ثمان لم آكل شيئًا ولم أشرب إلا أقل من ربع سويق، وكان يمكث ثلاثًا لا يطعم وأنا معه، فإذا كان الليلة الرابعة أضع بين يديه قدر نصف ربع سويق، فربما شربه، وربما ترك بعضه.

وكلم في أمره في الحمل على نفسه فقيل له: لو أمرت بقدر تطبخ لك ليرجع إليك نفسك فقال: الطبيخ طعام المطمئنِّين، مكث أبو ذر ثلاثين يومًا ما له طعام إلا ماء زمزم، وهذا إبراهيم التيمي كان يمكث في السجن كذا وكذا لا يأكل، وهذا ابن الزبير كان يمكث سبعًا[4].

كتب المتوكِّل أن يحمل أحمد إليه، فحمل إليه، فلمَّا قدم أحمد أمر أن يفرغ له قصر، ويبسط له فيه، ويجري عل مائدته كل يوم كذا وكذا، وأراد أن يسمع ولده الحديث، فأبى أحمد، ولم يجلس على بساطه، ولم ينظر إلى مائدته وكان صائمًا، فإذا كان عند الإفطار أمر رفيقه الذي معه أن يشتري له ماء الباقلاء فيفطر عليه، فبقي أيامًا على هذه الحال، وكان علي بن الجهم من أهل السنة حسن الرأي في أحمد، فكلم أمير المؤمنين، فيه، وقال: هنا رجل زاهد لا ينتفع به، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن له؟ ففعل ورجع أحمد إلى منزله"[5].



ــــــــــــــــــــــــــــــــ


[1] "مناقب الإمام أحمد" (359).


[2] "مناقب الإمام أحمد" (449، 450).


[3] "مناقب الإمام أحمد" (454، 455).


[4] "المناقب" (456).



[5] "المناقب" (457، 458).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #219  
قديم 11-03-2022, 04:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات على صيام الصالحين

نظرات على صيام الصالحين

سادات الصائمين
(65-41)
الشيخ سيد حسين العفاني





(41) صوم إبراهيم بن هانئ النيسابوري:













الإمام العلم أبو إسحاق النيسابوري.

قال الخطيب: "كان أحد الأبدال"[1].

قال الإمام أحمد: "إن يكن أحد ممن يعرف من الأبدال فإبراهيم بن هانئ".

وقال: إن كان ببغداد رجل من الأبدال فأبو إسحاق النيسابوري[2].

قال إسحاق ابن إبراهيم بن هانئ: كان أحمد بن حنبل مختفيًا هاهنا عندنا في الدار، فقال لي أحمد بن حنبل: لست أطيق ما يطيق أبوك – يعني من العبادة -.

ولو لم يكن هذا الإمام الجبل من الفضل إلا ما قاله إمام أهل السنة فيه لكفاه فخرًا إلى يوم أن يرث الأرض ومن عليها.

هذا الإمام الصوام الذي مات وهو صَائِم.

قال أبو بكر النيسابوري: حضرت إبراهيم بن هانئ عند وفاته، فجعل يقول لابن إسحاق: يا أبا إسحاق، ارفع الستر، قال: يا أبتِ، الستر مرفوع، قال: أنا عطشان، فجاءه بماء، قال: غابت الشمس؟ قال: لا، قال: فرده، ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون، ثم خرجت روحه.

وفي "صفة الصفوة": فدعا ابنه إسحاق، فقال: هل غربت الشمس؟ قال: لا، ثم قال: يا أبت رخص لك في الإفطار في الفرض وأنت متطوع، قال: أمهل، ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون، ثم خرجت نفسه"[3].

رحمك الله، يا أبا إسحاق، فقد كنت نسيجًا وحدك في صومك وعبادتك.

(42) صوم أحمد بن سليمان أبو بكر النجاد:




من كبار علماء الحنابلة في جمع العلم والزهد، وكانت له حلقة بجامع المنصور، يفتِي قبل الصلاة، ويملي الحديث بعدها.

وصنف كتاب "الخلاف" نحو مائتي جزء، وقد سمع من أبي داود السجستاني وغيره.

وكان يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة على رغيف[4].






يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #220  
قديم 11-03-2022, 05:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات على صيام الصالحين

نظرات على صيام الصالحين

سادات الصائمين
(65-41)
الشيخ سيد حسين العفاني



(43) صوم بقي بن مخلد:


الإمام القدوة، شيخ الإسلام الحافظ، صاحب "التفسير" و"المسند" الذين لا نظير لهما، تلميذ الإمام أحمد.

قال عنْه الذَّهَبِي: كان إمامًا مجتهدًا صالحًا، ربانيًّا صادقًا مخلصًا، رأسًا في العلم والعمل، عديم المثل، منقطِع القرين، يفتِي بالأثر، ولا يقلد أحدًا.

قد ظهرت له إجابات الدعوة في غير ماشي[5].

قال عنه أبو عبدالملك أحمد بن محمد بن عبدالبر: "كان فاضلاً تقيًّا صوامًا قوامًا متبتِّلاً، منقطع القرين في عصره، منفردًا عن النظير في عَصرِه"[6].

ذكر أبو عبيدة صاحب القبلة قال: "كان بقي يختم القرآن كل ليلة ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار مئة ركعة، ويصوم الدهر، وكان كثير الجهاد، فاضلاً، يذكر عنه أنه رباط اثنتين وسبعين غزوة"[7].

قال عند حفيده عبدالرحمن: "كان جدِّي قد قسم أيامه على أعمال البِرِّ، فكان إذا صلى الصبح قرأ حِزبه من القرآن في المصحف، سدس القرآن وكان أيضًا يختم القرآن في الصلاة في كل يوم وليلة، ويخرج كل ليلة في الثلث الأخير إلى مسجده، فيختم قرب انصداع الفجر، وكان يصلي بعد حزبه من المصحف صلاة طويلة جدًّا، ثم ينقلب إلى داره – وقد اجتمع في مسجده الطلبة – فيجدد الوضوء ويخرج إليهم، فإذا انقضت الدول، صار إلى صومعة المسجد، فيصلي إلى الظهر، ثم يكون هو المبتدئ بالأذان، ثم يهبط، ثم يسمع إلى العصر، ويصلي ويسمع، وربما خرج في بقيَّة النهار، فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر، فإذا غربت الشمس أتى مسجده ثم يصلي، ويرجع إلى بيته فيفطر، وكان يسرد الصوم إلا يوم الجمعة، ويخرج إلى المسجد، فيخرج إليه جيرانه، فيتكلَّم مَعَهم في دينهم ودنياهم، ثم يصلي العشاء، ويدخل بيته فيحدث أهله، ثم ينام نومَة قد أخذتها نفسه، ثم يقوم، هذا إلى أن توفي"[8].

(44) صوم المنبجي:


الإمام المحدِّث، القدوة العابد، أبو بكر عمر بن سعيد الطائي المنبجي، قال عنه ابن حبان: "كان قد صام النهار، وقام الليل ثمانين سنة، غازيًا مرابطًا رحمه الله"[9].


كَذَاكَ الْفَخْرُ يَا هِمَمَ الرِّجَالِ تَعَالَي فَانْظُرِي كَيْفَ التَّعَالِي


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 36 ( الأعضاء 0 والزوار 36)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 206.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 200.83 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]