رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 390986 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856449 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 08-06-2021, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل

ولو مضينا نتتبَّع هذا الجانب الاجتماعيَّ من الرؤيا الإسلاميَّة في شعر "محمود حسن إسماعيل"، لوجَدْنا العديد من الشواهد والأمثلة، ولكن المدهش حقًّا أن كلَّ قصيدة من القصائد التي ظهرَتْ فيها الرُّؤيا الإسلامية في شعر الشاعر تجد فيها الجوانب المختلفة للرُّؤيا الإسلاميَّة؛ سواء كانت عقَدِيَّة، أو اجتماعيَّة، أو وِجْدانية، أو تاريخية، كما تجدها جميعًا متداخلة في القصيدة الواحدة، يقول في قصيدته عن "بغداد" باعتبارها رمزًا من رموز التاريخ الإسلاميِّ العريق:مِنْ هَا هُنَا وَالنُّورُ لَمْ
يغْفلْ سَنَاهُ أَبَدَا
وَرَايَةُ الإِسْلاَمِ لَمْ
يَتْرُكْ ضُحَاهَا أَحَدَا
وَكَيْفَ وَالسَّمَاءُ خَطْ
طَتْ فَوْقَهَا مُحَمَّدَا
مُحَرِّرَ الإِنْسَانِ دَا
هِي الرِّقِّ وَالْهَوَانِ عَنْ جَبِينِهِ
بِثَوْرَةٍ شَبَّتْ عَلَى
تَكَالُبِ الأَغْلاَلِ فِي يَمِينِهِ
فَذَوَّبَتْ قُيُودَهُ
بِصَيْحَةِ القُرْآنِ
وَأَضْرَمَتْ وَقُودَهُ
فِي جَبْهَةِ الطُّغْيَانِ
وَحَرَّرَتْ وُجُودَهُ
مِنْ قَبْضَةِ الأَوْثَانِ
وَحَرَّرَتْ سُجُودَهُ
إِلاَّ إِلَى الرَّحْمَنِ [16]

ففي هذا المقطع من هذه القصيدة "بغداد" نجد البُعْد التاريخي ممتزِجًا بالبعد العقائدي:وَرَايَةُ الإِسْلاَمِ لَمْ
يَتْرُكْ ضُحَاهَا أَحَدَا
وَكَيْفَ وَالسَّمَاءُ خَطْ
طَتْ فَوْقَهَا مُحَمَّدَا [17]

ثم يمزج هذين البُعدين بالبعد الاجتماعيِّ الذي جاء الإسلام لِيُقيمه على ميزانه العادل: ï´؟ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ï´¾ [الحجرات: 13]، فيقول الشَّاعر:مُحَرِّرَ الإِنْسَانِ دَا
هِي الرِّقِّ وَالْهَوَانِ عَنْ جَبِينِهِ

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 08-06-2021, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل

ونراه كذلك لا يغفل أنَّ هذا كله من خلال المنهج القرآنيِّ الذي لا يجعل العبوديَّة إلا لله وحده، ولا يجعل السُّجود إلا له وحده، فلا يخضع لطغيانٍ بشَرِي، أو مادِّي، أو معنوي:فَذَوَّبَتْ قُيُودَهُ
بِصَيْحَةِ القُرْآنِ
وَأَضْرَمَتْ وَقُودَهُ
فِي جَبْهَةِ الطُّغْيَانِ

وَحَرَّرَتْ وُجُودَهُ
مِنْ قَبْضَةِ الأَوْثَانِ
وَحَرَّرَتْ سُجُودَهُ
إِلاَّ إِلَى الرَّحْمَنِ [18]

هذه هي طبيعة الرُّؤيا الإسلامية، تتجلَّى واضحةً في هذه الشواهد من شعر "محمود حسن إسماعيل"، وكما نرى فقد امتزجَت الجوانب المختلفة للرُّؤيا الإسلامية عند الشاعر، وتَماسكت في نسيجٍ واحد متفرِّد، يؤكِّده أن الإسلام منهجٌ شامل لهذه الجوانب جميعًا؛ فالعقيدة والجوانب الاجتماعيَّة والوجدانية والتشريعيَّة، كلها تأتي متجاورة في هذا المنهج، ولقد عبَّر الشاعر في شعره عن هذه الحقيقة.ولعلَّ هذه الرؤيا الشعرية الإسلاميَّة الشفيفة تتَّضِح بشكلٍ بارز في وجدانيات الشاعر الإسلاميَّة، وهذا ما سيَدْعونا إلى الحديث عن هذا الجانب الوجدانيِّ في هذه الرؤيا الشعرية.[1] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 99.[2] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص:101.[3] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 109.[4] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 109.[5] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 110.[6] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 111.[7] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 112.[8] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 163.[9] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 137.[10] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 138.[11] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 139.[12] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 140.[13] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 141.[14] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 149.[15] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 85 - 86.[16] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 56.[17] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 57.[18] "لا بد": محمود حسن إسماعيل، ص: 57.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 08-06-2021, 03:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل

رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل (3 - 3)



أ. طاهر العتباني



الجانب الوجداني





لا شك أن شاعرًا بهذه السعة في الرؤيا الإسلامية التي تمتد إلى كثير من شعره - حتى يرى الدكتور "علي عشري زايد" أنها أبرز الأبعاد في ديوانه "لا بد" - لا شك أنه شاعرٌ ذو وجدان متوقِّد ومتوفِّز، وهذا واضحٌ في تجارب الشَّاعر حين يتحدَّث عن كثيرٍ من المعاني الوجدانيَّة التي تتعلَّق بجوانب مشاعر النَّفس المُسْلِمة التي تستمدُّ من المفردات ذات الطَّابع الإسلامي، ومن خلال استعمال مفردات النُّور والصلاة والدُّعاء والخشوع والإشراق وغيرها من المفردات التي توحي بهذه الوجدانيَّة العالية.



وتتَّضِح هذه الوجدانيَّة العالية في ديوانه الرائع الذي أسماه "موسيقا من السِّر"، حيث يتناول مجموعةً من المعاني يتحدَّث عنها في هذا الديوان بشكلٍ تجريدي، لا يُعْطِي اهتمامًا للأحداث وما على شاكلتها من المَحسوسات والمادِّيات، بل إنَّ عناوين قصائد هذا الديوان توحي بتلك السِّمة الوجدانيَّة، ومن هذه العناوين: موسيقا من الإيمان، موسيقا من الزَّمن، موسيقا من الخُلود، موسيقا من التَّاريخ، موسيقا من الشُّهداء، موسيقا من الرُّوح، موسيقا من العِلم، وغيرها من القصائد التي وقَفها على هذه المعاني المجرَّدة.



وهو في قصيدة "موسيقا من التاريخ" يصوِّر لنا تلك الوجدانيَّة فيقول:

طَوَّاف

أَلْفَانِ وَسَبْعَةُ آلاَفٍ وَأَنَا طَوَّافْ

رُوحِي مِجْدَافْ

قَلْبِي مِجْدَافْ

فِي البَحْرِ الغَارِقِ فِي الأَسْدَافْ[1]



انظر كيف يصوِّر هذا الطَّواف الوجداني بذِهْنه عبر قرون التَّاريخ، متأمِّلاً أحداثه، وفي قصيدته "موسيقا من الرُّوح" تحسُّ هذا الجانب الوجدانيَّ العميق، حينما يطرح قضيَّة الروح والعقل والمادة على هذا النَّحو:



وَتَحَيَّرَتْ بِدَمِي الطُّيُورُ فَمَرَّةً

تَئِدُ الطَّرِيقَ وَمَرَّةً تَسْتَعْجِلُ




الزَّهْرُ مَاتَ فَهَلْ بِسِرِّكَ قُدْرَةٌ

تَدَعُ الرَّحِيقَ بِجَوْفِهِ يَتَهَلَّلُ




وَالعِطْرُ مَاتَ فَهَلْ بِسِرِّكَ قُدْرَةٌ

تُحْيِيهِ مِنْ رَوْضِ البِلَى يَتَسَلَّلُ




وَالرَّوْضُ إِنْ خَرَسَتْ جَمِيعُ طُيُورِهِ

أَلَدَيْكَ لِلأَغْصَانِ نَايٌ يَهْدِلُ[2]








إنَّه مع إتيانه بالحُجَّة الدامغة التي تستَنِد إلى واقع الحياة البشريَّة، وواقع العقل إلاَّ أنه يتخيَّر لها الأمثلة من هذه العوالم الوجدانيَّة المُوحية؛ عالم الرَّحيقِ والعطور، والأزهار والطُّيور.



وهذه قصيدة "لا بدَّ" التي افتتح بها ديوان "لا بد" تُجرِّد ذلك المعنى - الإصرار والتَّصميم على بلوغ الأهداف - فلا يصوِّره إلاَّ في ذلك الشكل الوجداني المُوحي.



إنَّه مع استعمال صورٍ من واقع الحياة والطبيعة من حوله يَكاد يُنْطِق هذه الصُّور، ويكاد يُحرِّكها معه وهو يرسم صورة الإصرار صورة وجدانيَّة، تجد مضامينها فيما حوله:

لاَ بُدَّ أَنْ نَسِيرْ

وَنَقْطِفَ الظِّلاَلَ مِنْ مَحَاجِرِ الْهَجِيرْ

وَنَلْقُطَ الْحَبَّةَ مِنْ مَنَاقِرِ النُّسُورْ

وَنَبْذُرَ الرَّبِيعَ فِي مَخَالِبِ الصُّخُورْ

وَنَنْشبُ الْمَشِيئَةْ

واَليَقَظَة الْجَرِيئَةْ

فِي كُلِّ سَاكِنٍ يَغُطُّ فِي الْمُحَالْ

وَيَسْتَرِدُّ مَوْتهُ تَجَدُّد الزَّوَالْ

وَيَخْتَفِي هُرُوبُهُ فِي تَوْهَةِ الْخَيَالْ[3]
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 08-06-2021, 03:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل

ثم يُعادل بين هذه الصُّوَر الحسِّية التي يرسمها بخياله المبتكَر، كصورةٍ للإصرار، وبَيْن ما يقابله من معانٍ حسِّية وجدانيَّة، يستشعرها كلُّ من له إرادةٌ وعزم وإِصْرار:

دُرُوبُنَا مُضِيئَةْ

بِالشُّعَلِ الْخَبِيئَةْ

تُلْهِبُ فِي أَعْمَاقِنَا تَحَرُّكَ العُبُورْ

وَتَحْرِقُ الرُّوحَ عَلَى أَشْوَاقِنَا بُخُورْ

وَتَضْرِمُ التَّغْيِيرَ فِي أَعْتَى الْجُذُورْ[4]



إنَّه التغيير في أعماق هذه النَّفْس التي لا بدَّ لها من أن تتغيَّر لتستطيع التغيير والبناء المُثْمِر؛ تحقيقًا لِسُنَّة الله - عزَّ وجلَّ - في هذا التغيير: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].



ومن هذا نَجِد انتفاضة الشَّاعر في كلِّ من يمثِّل هذا القعود والخمول، والدَّعَة المُفْضِية إلى الموت:

لاَ بُدَّ هَذِي الأَوْجُهُ البَلِيدَةُ الرِّوَاءْ

ذَاتُ السُّكُوتِ الْمَيْتِ فِي انْتِفَاضَةِ الْمَسَاءْ

ذَاتُ الوُقُوفِ العَبْدِ فِي تَحَرُّكِ الفَضَاءْ

ذَاتُ الصَّدَى الْمَعْقُوفِ بِالْهَمْسَةِ لِلنِّدَاءْ

ذَاتُ السُّهُومِ الْحَاقِدِ النَّظْرَةِ لِلضِّيَاءْ

ذَاتُ الوُجُودِ القَابِعِ الْمُخْضَلِّ بِالْمَضَاءْ[5]



إنَّه في هذه الأبيات يصوِّر حالةَ الرُّكون والتثاقل المُميت الذي تتوقَّف معه مسيرةُ الحياة، ويتوقَّف معها نشاطُ الإنسان الخلاَّق.

وها هو يهلِّل فرحًا بنتيجة هذا الإصرار والعَزْم:

فَلْتَمْضِ لِلضِّفَافِ نَارُ زَحْفِنَا الرَّهِيبْ



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 08-06-2021, 03:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل

وَلْتَنْبُتِ الظِّلاَلُ حَيْثُ يَفْهَقُ اللَّهِيبْ

فَلَيْسَ فِي طَرِيقِنَا إِيمَاءَةٌ تَؤُوبْ

وَلَيْسَ إِلاَّ السَّيْرَ وَالْمَضَاءَ وَالْهُبُوبْ

وَنَشْوَةَ العُبُورْ

فِي دَرْبِنَا الكَبِيرْ

لاَ بُدَّ أَنْ نَسِيرْ

لاَ بُدَّ أَنْ نَسِيرْ[6]



وأخيرًا: لا يفوتنا - قبل أن نُنْهِي هذه الدراسة - أن ننبِّه على قيمة الصُّورة الشعريَّة، وعناصرها المركَّبة، فنقول:

إنَّ مِن أخصِّ ما يتميَّز به الشاعر "محمود حسن إسماعيل" القدرةَ الواسعة على التَّصوير والخيال، فصُوَره الشعرية قد جعلَت في شعره بعضًا من الصُّعوبة والغموض، كما جعلت في شعره متعةً بالغة، وإبداعًا يقف أمامَه بإعجابٍ كلُّ متذوِّق للشعر؛ وذلك لتعبيره عن معانيه المُجرَّدة بصورةِ المَحسوس، ويعبِّر عن الفكرة بصوره المَحسوسة المبدعة الجديدة من خيال الشَّاعر:

لِتُشْرِقَ الزُّهُورُ فِي مَخَاضِرِ الْحُقُولْ

وَيَلْعَقَ الظَّلاَمَ مِنْ بَيَادِرِ الأُفُولْ

وَيَهْدِرُ الضِّيَاءُ فِي مَرَافِئِ الوُصُولْ

وَتَسْمَعُ الضِّفَافُ ظِلَّ كَرْمِهَا يَقُولْ

مَدَّ الرَّبِيعُ كَأْسَهُ لِزَحْفِنَا الطَّوِيلْ

بِالنُّورِ وَالعُطُورْ

وَفَرْحَةِ العُبُورْ[7]
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 08-06-2021, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل

لقد بدأ هذه اللَّوحة بِرَسم صورة للزُّهور حين تَطْلع، فيجعل طلوعها ونُموَّها إشراقًا، وما دام قد جاء ذِكْرُ الإشراق فهناك الظَّلام وهناك الضياء، ثم يَرْسم صورة حسنة لكلٍّ من الضياء والظلام، يصوِّر من خلالهما الأثرَ النفسيَّ لكلٍّ منهما، فالظلام: "يَلْعَقُ مِنْ بَيَادِرِ الأُفُولْ".

والضياء: "يَهْدِرُ فِي مَرَافِئ الوُصُولْ".



ومِن صورة المرافئ الأخيرة التي يرسمها الشَّاعر مجموعةٌ من العناصر يبدو فيها عالَمان كبيران هما:

عالَم البحر وعناصره: المرافئ، والوصول والزحف والضِّفاف، العبور، الهدير.

وعالَم النَّبات وعناصره في هذه الصُّور: الزُّهور، الحقول، الأُفول، الكَرْم، العطور.



ثم يَجيءُ الضِّياء والنُّور، والرَّبيع والظلام؛ لتشكل الجو النَّفسي الموحي بالعزمة في هذا التشكيل البديع؛ فبينما "يلعق الظَّلام من بيادر الأُفول" ليصوِّر الحالة النفسيَّة للهَزِيمة التي تحيق بالظَّلام يأتي بـ "الضِّياء يَهْدِر في مرافئ الوصول"، و"ظل الكرم وهو يهتف فتسمعه الضِّفاف"، و"الرَّبيع وهو يمدُّ كأسه للزحف الطويل"، تأتي كلُّ هذه الصُّور؛ لتعبِّر عن الانتصار النِّهائي، ولفرحته "فرحة العبور".



وهذه الصُّور المتشابكة لا تجد لها نظيرًا يُحاكيها في جيل "محمود حسن إسماعيل" من الشُّعراء، وهي - مع تشابُكِها - تجد بينها نوعًا من التناغم، يُعْطي القارئ نوعًا من التَّوافق بينها جميعًا، فلا تحسُّ مع كثرتِها باستغلاق المعني وغموضه، وإن كانت في حاجةٍ إلى بعض التأمُّل والقراءة المتأنِّية؛ لتتعرف على ما يريد الشاعر، وتحس بما يريد أن يعبِّر عنه في نفس الوقت الذي تأخذك فيه الصُّورة بحلاوتها وجدَّتِها وتفرُّدِها.



على أنَّ هذا المذهب في نَسْج الصُّورة الشِّعرية والخياليَّة في شعر "محمود حسن إسماعيل" يعدُّ لونًا من الصورة الشعريَّة، بدأه قبله من شعراء العربية "أبو تَمَّام" الذي أُولع بِمثل هذه الصُّور الطريفة؛ يقول "أبو تمام" في ممدوحه:



يَنَالُ بِالرِّفْقِ مَا يَعْيَا الرِّجَالُ بِهِ

كَالْمَوْتِ مُسْتَعْجِلاً يَأْتِي عَلَى مَهَلِ








فهذه الصُّورة تحس فيها أثر الصَّنعة الشِّعرية المُفْرطة في التركيب "كالموت مستعجلاً يأتي علي مهل"، ومن شعر "محمود حسن إسماعيل" تقرأ:



وَاللَّيْلُ شَابَ فَمَدَّ لِحْيَةَ نَاسِكٍ

صَنَعَ الشِّتَاءُ الثَّلْجَ مِنْ شَعَرَاتِهَا








ففي هذه الصُّورة نجد اللَّيل قد ابيضَّ حتَّى شاب، وليس أي شيب، بل شيب ناسكٍ مُلتحٍ، ثم جعل الشتاء يصنع الثلج الأبيض من هذه اللِّحية البيضاء، وهكذا نجد الإغراق في التركيب، وهو تركيبٌ يذكِّرنا بصورة متشابهه لأبي تمام يقول فيها :



غَادَرْتَ فِيهَا بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى

يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ








ثم وهو يرسم صورةً لحياة الجاهليَّة قبل بعثة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يستغرق في رسم صورة هذه الجاهليَّة من خلال عددٍ من الصُّور المتشابكة لإنسان هذه الجاهليَّة:



يَرِقُّ لِلظَّالِمِ مِنْ دُمُوعِ

عِطْرُ خَرِيفٍ رَاغَ فِي الرَّبِيعِ




وَيَلْثَمُ الأَطْوَاقَ فِي السُّجُودِ

كَأَنَّهَا تَمَائِمُ الوُجُودِ




يُهِيلُ لِلنَّارِ خَفَايَا ذَاتِهِ

لِتَسْكُبَ الطُّهْرَ عَلَى حَيَاتِهِ




وَيَرْتَمِي كَغَفْلَةِ الْخَطِيئَةْ

عَلَى صفَاةِ الصَّنَمِ الرَّدِيئَةْ




وَيَذْبَحُ الرُّوحَ لَهَا قُرْبَانَا

يَسْتَلُّ مِنْ رَمَادِهِ الأَمَانَا




وَيَغْرَقُ النَّجْمُ عَلَى عُيُونِهِ

لَحْنًا يَصُبُّ اللَّيْلَ فِي يَقِينِهِ




إِنْ مَرَّ فِي خَيَالِهِ جَبَّارُ

عَلَى شَظَايَا طَيْفِهِ يَنْهَارُ




مَدَّ النِّفَاقُ تَحْتَهُ رِوَاقَا

وَأَسْكَرَ الشُّعُورَ وَالأَحْدَاقَا[8]








هذه الصور المتلاحقة وما بعدها في قصيدة "حادي التغيُّر" تصوِّر جوانب عدَّة من هذه الحياة الجاهلية التي يفتقد فيها الإنسانُ منهجًا من السَّماء يهتدي به، ورسولاً يأخذ بيده إلى المنهج.



ولكن انظر إلى تشابُكِ هذه الصور وهي ترسم صورة نفسيةً لحال إنسان هذه الجاهليَّة المُعذَّب الموزع الذي يفتقد حرِّيته، ويفتقد معها كلَّ إحساس بالوجود من حوله.



إنَّه - لِمَا هو فيه من جهلٍ وخوف وذعر وظلم - يرسم في مخيلته إلَهًا يعبده، فلا يجد سوى إلهٍ من الطِّين:



أَبْلَى شفَافَ نَفْسِهِ وَجَاءَا

لَيْلاً يُرِيقُ لَيْلَهُ تُفَاءَا

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 08-06-2021, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل

يَبْنِي مِنَ الطِّينِ عَلَى هَبَائِهِ

آلِهَةً خَرْسَاءَ فِي فَضَائِهِ




يُزْجِي لَهَا الصَّلاَةَ وَالتَّعَبُّدَا

وَيُوزِعُ الرُّوحَ لَهَا أَنْ تَسْجُدَا




يَفْهَقُ فِي ضَلاَلِهِ لِلصَّنَمِ

وَيَسْتَجِيرُ بِضُحَاهُ الْمُظْلِمِ




وَيَغْرِسُ التَّوْبَةَ فِي تُرَابِهِ

أُخْتُ عَمَاءٍ سَاخَ فِي ضَبَابِهِ




وَالشَّمْسُ فِي إِحْسَاسِهِ وَالقَمَرُ

مَعَابِدٌ غنى هَوَاهَا الوَتَرُ[9]







والحقُّ أني لم أقرأ شِعرًا يصوِّر الجوانب النَّفيسة لإنسان الجاهليَّة قبل بعثة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مثلما وجدتُ في هذه الأبيات بهذه الصُّور المتلاحقة، التي ترسم الضَّلال والحيرة التي يعيشها إنسانُ الجاهلية في كلِّ زمان ومكان.



وختامًا لهذا البحث نقول:

إن "محمود حسن إسماعيل" شاعرٌ لَم يُقْرَأ بعدُ كما يجب أن يُقرأ، وإنَّ قارئ الأدب بحاجةٍ بالفعل إلى أن يُعايش تجربته الثريَّة والغزيرة؛ وذلك أن تجرِبَته الشِّعرية الفنِّية الواسعة، ورؤيته الإسلاميَّة التي تتمثَّل في كثرة شعره بحاجةٍ إلى من يقف أمامها؛ مُلِمًّا بعناصرها، مستقصيًا لما تُبْرِزه من قيم أدبيَّة وجمالية، وما تعطيه من قيم استقاها الشاعِرُ من الإسلام العظيم.





[1] "موسيقا من السر": محمود حسن إسماعيل، ص: 45.




[2] "موسيقا من السر": محمود حسن إسماعيل، ص: 63.




[3] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 7.




[4] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 8.




[5] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 9.




[6] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 9.




[7] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 10.




[8] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 32.




[9] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 33.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 115.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 110.54 كيلو بايت... تم توفير 4.70 كيلو بايت...بمعدل (4.08%)]