فجر آبق في أروقة البلدة العتيقة - رواية (الفصل الثالث) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدور الحضاري للوقف الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          آفاق التنمية والتطوير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 3892 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6965 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6433 )           »          الأخ الكبير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 202 )           »          الحفاظ على النفس والصحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          شرح النووي لحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          نظرية التأخر الحضاري في البلاد المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاستعلائية في الشخصية اليهودية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2021, 03:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي فجر آبق في أروقة البلدة العتيقة - رواية (الفصل الثالث)

فجر آبق في أروقة البلدة العتيقة - رواية (الفصل الثالث)
د. زهرة وهيب خدرج




الفصل الثالث - مشاكسات ومشاكل لا تنتهي



عالم الطفولة عالم جميل رائع، باذخ في الطهر والنقاء والعفوية، هو عالم الأحلام الوردية الكبيرة التي يتخلى عنها أغلب الكبار ويقدمونها قربان على باب معبد يسميه الناس مستحيلاً، وما أجمل وأروع مشاكسة الأطفال وحيلهم والحجج التي يقدّمونها للتهرب من شيء ما أو لتبرير شيء أقدموا على فِعله. والأطفال هم أمل الأمة وبارقة الفجر الذي سيبزغ حاملاً في طياته كل المعاني الجميلة وواعداً بضوء النهار ووضوح الحق وارتفاعه إلى كبد السماء، فإن ضل الفجر الطريق الآن إلى القدس ودمشق، وصنعاء وبغداد والقاهرة، وطرابلس، فليس معنى ذلك أن الظلام سيبقى إلى ما لا نهاية، فهذه ليست من سنن الله... إنما هو اختبار وتمحيص، وسيأتي الفجر ويعم الضوء رغماً عن أنف كل ظالمٍ طاغٍ.

غرفة جاد أصغر من غرفة والديه بكثير وتقع للشرق منها، الجهة الشمالية منها تحوي مقعداً واسعاً، يُفرد ليلاً ليصبح سريراً ينام عليه، ويطوى نهاراً ليعود مقعداً للجلوس، وهناك خزانة خشبية واسعة يستخدم جزء منها لحفظ الملابس داخلها، أما الجزء الآخر منها فمخصص للكتب، ويوجد بها أيضاً طاولة خشبية صغيرة يذاكر عليها دروسه.

جاد، جاااد، جاااااد، أين أنت يا حبيبي؟؟؟ بالله عليك، إن كنت تسمعني أن تُريني نفسك.

خبأ نفسه جيداً، وتركها تجهد نفسها في البحث عنه وهي تتحدث إلى نفسها:
لماذا يفعل هذا الصبي الشقي بي ذلك... والله لا أعلم، هو لا يفوت أي فرصة لإخافتي عليه... شقاوته تجاوزت كل الحدود، فهو ينوب عن عشرة من الأولاد في المشاكسة... يا إلهي... أكاد أفقد عقلي بسببه!.

أه ها... أخيراً وجدك! ماذا تفعل في خزانة الملابس؟؟؟؟ ألم تسمعني أناديك؟؟
بلى سمعتك، لكني كنت ألعب لعبة الاختباء يا أمي.

لعبة الاختباء؟!! قلبي ينفطر قلقاً عليك وأنت تلعب لعبة الاختباء؟؟!! الساعة تجاوزت الرابعة مساءً ولا يزال لديك الكثير من الواجبات المدرسية عليك إنجازها، هيا انهض من هنا.

سحبته إلى الأعلى وساعدته على النهوض خارج خزانة الملابس.

أمي، أنت لم تسمحي لي بالخروج اليوم ككل يوم للعب مع أصدقائي، وأنا لا أستطيع البقاء حبيساً هكذا في المنزل!

حبيساً! ما هذه الكلمة؟ أتسمي البقاء في المنزل حتى الانتهاء من أداء الواجبات المدرسية حبساً؟ وهل نسيت أن اليوم هو السبت وأن جنود وشرطة الصهاينة يكثرون في أروقة البلدة القديمة، ويعترضون طريق المارة؟ هل نسيت ذلك؟ أم تريد أن تدخل معهم في مشاكل نحن في غنىً عنها؟

ذهب لغرفته مرغماً، وأقفل بابها على نفسه، وجلس مرة أخرى إلى كتبه يكتب واجباته المدرسية... وبعد مضي بعض الوقت أخذ يحدث نفسه:
آه... ما هذه المشكلة المعقدة التي لا حل لها... فأنا أملُّ بسرعة عندما أجلس إلى كتبي المدرسية، وتتوقف قدرتي على التركيز والفهم والحفظ بعد فترة وجيزة من البدء... وأشعر حينها أنه أصبح لزاماً علي القيام ببعض التغيير لأستعيد قدراتي اللازمة لمتابعة الدراسة... وهو ما لا تتقبله أمي...

اتخذ قراراً سريعاً في نفسه، وقال: لا ضير إن تسللت إلى بيت الخالة أم خليل، فأمي لن تسمح لي بالخروج على أية حال إن علمت بالأمر... وهناك، آكل بعض الحلوى وأستمتع بسماع قصة جديدة، ثم أعود لدروسي وواجباتي بعد ذلك بهمة ونشاط.

وأكد لنفسه بأنه لن يتأخر...
الخالة أم خليل تعيش وحيدة في زاوية المغاربة، في بيت صغير جداً، قريب من بيت عادل العلمي "أبو جاد"، بعد استشهاد بكرها خليل، وأَسْرِ ماجد والحكم عليه بالمؤبد، وزواج وحيدتها نادية وسفرها برفقة زوجها إلى إيطاليا حيث يقيم ويدرس.

ترحب أم خليل جداً بزيارات جاد لها، فهي تحب مشاكساته وبراءته جداً، كما تجد متعة بالإجابة عن أسئلته الكثيرة التي لا تنتهي... وفي كل مرة يزورها فيها تقدم له الحلويات اللذيذة التي تصنعها بنفسها وتعطيه الألعاب التي تصنعها من الصوف، والخشب خصيصاً لأجله، وتروي له أيضاً الحكايات التراثية الكثيرة التي يستمتع جداً بسماعها مثل قصة "نص نصيص"، و "الشاطر حسن والغولة"، وغيرها.

طرق الباب ودخل باحة البيت متوجهاً إلى الزاوية التي تجلس الخالة دائماً فيها تنسج الصوف، جلس إلى الطاولة مقابلها بعد التحية وطلب منها حكاية، قدمت له بعض "القُطِّين" (التين المجفف)، وسألته إن كان قد سمع سابقاً بالمثل القائل: كيف أعاودك وهذ اثر فأسك؟ أجابها بأنه لم يسمع به من قبل...

فبدأت تروي القصة قائلة:
"كان ياما كان، في سالف العصر والزمان، لدغت أفعى رجل بدوي يرعى الغنم... علم أخاه بما جرى له، فقرر أن يبحث عن تلك الأفعى وينتقم منها بأن يحطم رأسها بفأسه... وفعلاً بعد بحث طويل وجدها... ورفع فأسه ليطحن رأسها، وقبل أن يهوي به عليها، قالت له: توقف، ما رأيك أن نعقد صفقة؟ أجاب البدوي: صفقة ماذا؟ قالت الأفعى: ماذا سينفعك إن قتلتني؟ هل سيعود أخوك مرة أخرى؟ أجاب البدوي: لا لن يعود، قالت الأفعى: إذن ما رأيك في أن أعطيك كل يوم قطعة ذهبية على أن لا تتعرض لي بأذى؟.

وافق البدوي... وأخذت الأفعى تترك له قطعة ذهبية كل يوم في ذلك المكان... تبدل حال الرجل وأصبح غنياً... ولكنه أخذ يسمع ممن حوله كلاماً أثر في نفسه... فقد أصبحوا ينعتونه بالجبان الذي أنساه المال والغنى الثأر لأخيه من تلك الأفعى التي لا زالت تسرح وتمرح أمام مرأى الجميع... فما كان منه ذات يوم إلا أن أخذ فأسه وانطلق باحثاً عن عنها وأهوى بفأسه على رأسها... إلا أنها هربت دون أن يتمكن من قتلها... وتوقفت عن إرسال قطع الذهب له، كسابق عهدها... ذهب لجحرها ذات يوم وناداها وأعطاها الأمان على نفسها، وطلب منها العودة للصفقة السابقة... رفضت الأفعى قائلة: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟ وذهب قولها مثلاً".

قصة جميلة يا خالتي... ولكن، هل تتكلم الأفعى؟
ضحكت أم خليل كثيراً، وقهقهت بصوت مرتفع، وأجابت: الأفعى لا تتكلم، ولكن هذه قصة رمزية يوجد الكثير مثلها في تراثنا العربي هدفها أن نتعلم منها، و أن لا نصدق من ينقض العهد ويعود لطلبه مرة أخرى، ولا نتعامل معه، لأن مصلحته تقتضي العودة للعهد في ذلك الوقت، ولكن يجب أن لا ننسى أنه إن تغيرت الظروف فسيعود لنقضه مرة أخرى...

أكل ما تبقى من القطِّين على عجل وأخبرها بأنه يجب أن يعود للبيت بسرعة قبل أن تفتقده والدته وتعاقبه على خروجه بدون استئذان....

خرج من بيتها مسرعاً، فإذا برجال الشرطة يملؤون المكان كعادتهم في مثل هذا الوقت من أيام السبت، تسلل بجانب الجدار حتى لا يشاهدوه ويعترضوا طريقه كما يفعلون دائماً... هو لا يشعر بالخوف منهم، بل يحسب نفسه مقبلاً على مغامرة جديدة يجد فيها بعض المتعة...

عندما شاهده أحدهم متسللاً بمحاذاة الجدار، صرخ به قائلا:
" توقف، مكانك!"
لم يطع الأمر كعادته... بل ركض باتجاه المنزل، إلا أن جنديين أسرعا خلفه علهما يمسكان به، وبما أنه أسرع منهما، لم يفلحا في الوصول لهدفهما، فرح لذلك جداً فلعبة القط والفأر لعبة ممتعةٌ جداً عندما يلعبها مع هؤلاء الأغبياء المدججين بالسلاح... وظن أنه تفوق عليهم هذه المرة أيضاً، إلا أن سعادته تبخرت وتحولت إلى ذعر حقيقي حين اصطدم بشرطي اعترض طريقه دون أن ينتبه لقدومه لأنه انشغل بالنظر إلى الخلف لمتابعة الشرطيين الذين لحقا به.

أمسك الشرطي بكتفه بقوة شديدة شعر معها كأن أضلاعه تتحطم، وصرخ به بعربيته الثقيلة قائلاً:
" ماذا تفعل هنا؟! ولماذا لم تطع الأوامر؟ ها؟! ".

حاول سحب نفسه من قبضته، ونظر إليه بحدة قائلاً:
" هذا ليس من شأنك، أنا حر أذهب أينما أشاء!"
استشاط الشرطي غضباً فأمسك بكلتا كتفي جاد قائلاً: أنت لست حراً هنا، ارحل عن هذه البلدة إلى أي مكان آخر تشاء وافعل ما بدا لك... أما هنا، فأنت تطيع أوامرنا فقط... ورفعه عن الأرض بعنف ثم قذف به بعنف أشد أرضاً، بدأ رجال الشرطة الآخرون يضحكون ويسخرون منه وهو ملقًى على الأرض!

شعر بألم شديد يدق مؤخرة رأسه، وشعور قاسي بالإهانة عصف بكيانه، فأقسم أن ينتقم... تناول حجراً عن الأرض وبسرعةٍ وغفلةٍ منهم قذفه موجهاً إياه لرأس الشرطي الذي ألقاه أرضاً فأدماه... أخذ الشرطي يصرخ ألماً، فما كان من باقي الرجال إلا أن اندفعوا تجاه جاد وأوسعوه ضرباً ما بين ركلٍ ولكمٍ وضرب بأعقاب البنادق أحس بالدم يسيل من وجهه ويديه ورجليه... ثم لم يعد يعي ما يدور حوله...

سمعت ميساء العلمي الجلبة الشديدة في الخارج، داخلتها أفكار مختلفة حول مصدرها وسببها، حاولت أن لا تلقي لها بالاً، وتذكرت أن جاد يدرس في غرفته، دعت الله له بالتوفيق... وأخذت تقول: استودعتك الله الذي لا تغيب ودائعه.

أثارها الفضول لتنظر من نافذة الرواق السماوي التي تطل على الطريق الخلفية، أصابتها صدمة عنيفة عندما رأت وحيدها جاد ملقىً على الأرض مدميَّ الوجه مغشياً عليه يتجمع الجيران حوله...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.59 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]