أنواع الوفاء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أسئلة بيانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 84 )           »          نذر الخواص.. ونذر العوام!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          من هو عمران؟ البيت الرسالي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الطريق طويل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أجلُّ النِّعَم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          هل سيشفع لك الصيام والقرآن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          غزة رمز للعزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 493 )           »          حقوق العباد لا تسقط بالتقادم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826536 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-05-2021, 04:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,355
الدولة : Egypt
افتراضي أنواع الوفاء

أنواع الوفاء (2)









كتبه/ حسن حسونة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد تكلمنا في مقالانا السابق عن الوفاء وأهميته، وأنه خلق دعت له الشرائع واتفقت عليه كلمة الأنبياء، بل هو وصف لازم لمقام النبوة والرسالة، وهو وصف لأهل الفردوس من الجنان، ونأتي إلى أنواع الوفاء.

?- الوفاء مع الله.

?- الوفاء مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

?- الوفاء مع دين الإسلام.

?- الوفاء مع سائر الناس.

فالنوع الأول: مع الله؛ فقد أسبغ الله عليك نعمه الظاهرة والباطنة، وأحسن إليك في خلقك ورزقك، وعافاك، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (إبراهيم:34)؛ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!

عهود بينك وبين الله تحتاج الوفاء:

العبودية والتذلل والإخبات له، فقد أخذ عليك العهود في ذلك عهد وميثاق الظهر، وذلك حينما كنا في صلب أبينا آدم -عليه السلام-: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) (الأعراف:172)، وفطر الناس على معرفته وعبوديته (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) (الروم:30)، فما مِن مولود إلا يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما جاء في الصحيحين.

ثم بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين ليذكروا الناس بالعهد الأول، فمَن صدق الرسل وعبد الله فقد وفى بعهد الله وميثاقه، ومَن حاد عن الإيمان والعبودية فقد أخلف العهد مع الله في عبوديته، فالصلاة عهد، والزكاة والصيام والحج، وأصناف العبادة الظاهرة والباطنة عهد مع الله واجب الوفاء؛ بذل النفس والمال بجنة عرضها السماوات والأرض، عهد في صفقة غالية واجب الوفاء، فالعقد رهيب، والمشتري هو الله، والبائع هو المؤمن، والمبيع النفس والمال، والثمن جنة عرضها السماوات والأرض، والطريق إلى ذلك الجهاد في سبيل الله، والنهاية إما النصر أو الشهادة، ومَن أوفى بعهده من الله؟ الإجابة: لا أحد أوفى مِن الله، ومَن يغامر في هذه الصفقة هم (التائبون العابدون الحامدون السائحون، الراكعون الساجدون، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، والحافظون لحدود الله)، هم مَن يقبلون على مثل هذه الصفقة؛ لأنهم علموا أن الدنيا لا تساوي شيئًا في ميزان الآخرة (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:64).

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كل ما أحل الله وما حرم الله، وما فرض الله في القرآن عهد لابد مِن الوفاء به".

فالالتزام بالدين وما جاء فيه عهد بين العباد وربهم لابد الوفاء به، فلا يسوف العبد ولا يؤخر حتى لا يكن خائنًا للأمانة، وقد قام أنبياء الله -عليهم الصلاة والسلام- بحسن الوفاء مع الله -جل جلاله- وتقدمت أسماؤه، واصطفى الله مِن غيرهم مَن يقومون بذلك بعدهم في كل عصر ومصر، وأمثلة الصحابة كثيرة؛ فأبو بكر الصديق لما استخلف -رضي الله عنه- بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وارتد مَن ارتد مِن قبائل العرب، ومنع أناسٌ الزكاة وادَّعى آخرون النبوة وتابعهم ناس على ذلك؛ قام أبو بكر لمحاربة الجميع وفاءً لله في دينه، فراجعوه في مانعي الزكاة، فقال: "والله لاقاتلن مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة"، وقال كلمته: "أينقص دين الله وأنا حي!"؛ موقف ما يدل إلا على شدة الوفاء من الصديق لربه -عز وجل-.

الصحابي الجليل أنس بن النضر عم خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنس بن مالك، تغيب ذلك الصحابي عن غزوة بدر، فقال: "أول موقف بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين أعدائه أتغيب عنه، لئن أراني الله موقفًا آخر ليرين ما أصنع"؛ وضع العهد وبقي الوفاء، وجاءت غزوة "أُحد" وانكشف الناس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحضر ذلك الصحابي، وتذكر عهده مع الله، وفي المعركة أشيع خبر مقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- فالتقى ذلك العملاق بعملاق آخر هو سعد بن معاذ سيد الأوس، فقال: "يا سعد إلى أين؟ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد قُتل، فقال له ابن النضر: يا سعد، ارجع فقاتل عما قاتل عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

فدخل ساحة المعركة والحال كما وصف الله: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) (آل عمران:152)، فالقتل على أشده والمشركون متغطرسون؛ لأنهم قرب بهم المنال وما يطلبون، فدخل صاحب العهد ليوفي ما عاهد الله عليه، فدخل كالليث ولم يبالِ، فطعن بضع وثمانين طعنة بين ضربة سيف وطعنة رمح، وما عرفته إلا أخته الربيع بنت النضر مِن بنانه -أي: أصابعه-؛ ضاعت معالمه كلها، وفي شأنه وفي أمثاله أنزل الله -تعالى-: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) (الأحزاب:23)، وحينما حكى سعد بن معاذ قصته، قال: "والله ما استطعت ما فعل أنس بن النضر".

وأمثلة كثيرة في حياة الصحب الكرام في وفاىهم مع الله -عز وجل-، فمَن وَفَّي مع سعدٍ في الدارين؛ في الدنيا بالسعادة والتوفيق، وفي الآخرة بالفوز بدار كرامته، ولذة النظر إلى وجهه الكريم -سبحانه وتعالى-.

ونستكمل أنواع الوفاء في المقال القادم -بإذن الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-08-2021, 12:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,355
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أنواع الوفاء

أنواع الوفاء (3)




كتبه/ حسن حسونة



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الوفاء مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

مِن المعرف لدينا جميعًا أن الخير الذي نحن فيه سببه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فله في رقبة كل مسلم ومسلمة دين لابد الوفاء به؛ إذ بسببه أخرجنا الله من غيابات الشرك والظلم إلى نور التوحيد والعدل ببعثته -عليه الصلاة والسلام-، أخرجنا الله من طرق الغواية والإضلال التي وضعها إبليس لإضلال الناس التي توصلهم إلى النار إلى صراط الله المستقيم الموصِّل إلى جنة الله، وقد بيَّن لنا هذا السبيل: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108)، وقال الله عن ذلك السبيل: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (الفاتحة:6-7).

فعهده علينا عظيم، ودينه عندنا كبير، ويكون الوفاء به بمحبته وإجلاله وتعظيمه، والحذر كل الحذر من مناكبة سبيله وطريقه؛ لأن طريقه هو الموصِّل إلى النجاة، سبيله هو السبيل الذي يصل مِن خلاله العبد إلى الله.

قيل لبعضهم: ادَّعى قوم أنهم سيصلون إلى الله، ولكن عن غير طريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال: نعم، سيصلون، ولكن إلى سقر؛ لأن الله أغلق الطُّرق إليه إلا عن طريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (آل عمران:31)، فهي آية المحنة؛ لأنه ادَّعى أناس محبة الله، فابتلاهم الله بها، فقس على قدر اتباعك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله، وأخلاقه وسلوكه، وعبادته على قدر محبتك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ولماذا لا تحبه، وكل شيء يحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ البشر والحجر، والنحل، والجن، والملائكة؛ لا يبغضه إلا منافق أو كافر مفارق للرسالة، ومارق عن أصول الديانة.

وقد حَذَّر رب العزة -سبحانه- من تقديم محبة أمر من أمور الدنيا على محبة الله ورسوله، فقال: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة:24)، ولا شك أنه وعيد شديد على مَن قَدَّم محبة هذه الأمور بأن شغلته عن الغاية التي من أجلها خُلق.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يؤكد قاعدة المحبة في حديثه: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (متفق عليه)، حتى مِن نفسه التي بين جنبيه، فقد قال عمر -رضي الله عنه- في ذات يوم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الآنَ يَا عُمَرُ) (رواه البخاري).

ومِن الوفاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اتباع سنته واقتفاء أثره، والعض عليها بالنواجذ، فقد كان مِن الصحابة مَن يتحرى الأماكن التي كان يصلي فيها، وبعضهم يضع قدمه في المكان الذي يضع فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وابن عمر يتحري أركان الكعبة التي كان يمسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا فعل أحدهم أمرًا فسأله مَن بحضرته: لماذا فعلت؟ يقول: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله. فحتى في المباحات في الطعام والشراب، لما رأى أنس حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للدباء قال: "فما زالت هذه طعمتي"، -والدباء هو القرع-. ونتعجب في أيامنا من البعض ممَّن يلمزون سنته، ويهمزون المقتدين به -عليه الصلاة والسلام-، وما ذاك إلا لفرط جهلهم بدين الله!

ومن الوفاء له: الدفاع عنه وعن دينه، وعن سنته وأحاديثه، وما جاء به في مقابلة الشرذمة المتعالمين، أتباع المستشرقين والعلمانيين والليبراليين، الذين يكيدون للإسلام، ولرسول الإسلام، فقد كان السلف -رحمهم الله تعالى- عندهم غيرة في ذلك، فها هو الرجل الأعمى كانت عنده أم ولد وله منها ولدان كاللؤلؤتين، وكانت تسب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتطعن فيه فينهاها الرجل فلا تنتهِ، حينها التمس الرجل فرصة للتخلص منها وقتلها، وأهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمها لسبها له.

حتى مَن يعارض سنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قولًا مِن قوله، يشدد عليه كما وقع بين عبد الله بن عمر وابنه بلال، فقد حدث ابن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحديث: (لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّه) (متفق عليه)، فقال ابنه بلال: "والله لنمنعهن، إذًا يتخذنه دغلًا"، فأقبل والده عليه فسبه سبًّا منكرًا، وقال: "أقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقول: والله لنمنعهن"، ثم قاطعه ولم يكلمه.

ومن الوفاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: توقيره وتعظيمه، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر، قال -تعالى-: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) (النور:54)، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر:7).

فلا يعبد الله إلا عن طريقه، فإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة حتى نرد حوضه، ونشرب منه شربة لا نظمأ بعدها أبدًا، فإنه ثبت أن هناك مَن يبعد عن حوضه وتطردهم الملائكة؛ لأنهم غيَّروا وأحدثوا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن الوفاء له: أن لا يفتر اللسان، ولا يمل مِن الصلاة والسلام عليه؛ فإن الله أمر بأمرٍ به بدأ، وثنَّى بملاىكته، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (الأحزاب:56)، فإنه مَن صلَّى عليه صلاة، صلَّى الله عليه بها عشرًا، ويستحب أن يكثر من ذلك في ليلة الجمعة ويومها كما جاء في الخبر.

ولننظر لبعض النماذج مِن الوفاء مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فها هو سعد بن الربيع بعد غزوة أُحد، يكون في آخر رمق، ويخبر بسؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه فيقول: "أنا بخير حال، بلِّغ رسول الله مني السلام، وقل له: جزاك الله عنا خيرًا، وبلغ قومي الأنصار: أنه لا عذر لكم عند الله إذا وصل لرسول الله ما يكره، وفيكم عين تطرف"، ثم توفي -رضي الله عنه-.

وهذا عروة بن مسعود وافد كفار قريش قبل صلح الحديبية إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما انتهى من مهمته رجع إلى قريش ناقلًا مدى وفاء هؤلاء القوم برسولهم، فقال وأجاد: "لقد وفدت على الملوك في ملكهم: النجاشي، وهرقل، وكسرى؛ فما رأيت أحدًا يعظِّم أحدًا، كما رأيت أصحاب محمد يعظمون محمدًا"، فكان هذا منهم وفاءً وإجلالًا، وتعظيمًا، وحبًّا وإكرامًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فهكذا يكون الوفاء بالعهد؛ ففتش عن حالك أين أنت مِن ذلك؟! فإن وجدتَ الخير؛ فاحمد الله، وازدد، وإن رأيت تقصيرًا؛ فاجبر هذا التقصير وقوِّمه وسدده تكن لك العقبى في الدارين، والفوز في الحالين.

فإن الرجل لما كنز محبة الله ورسوله عُدَّة له يلقى بها الله، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ) (متفق عليه)، (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) (النساء:69).


فاللهم اجمعنا معهم يا رب العالمين.

ومِن الوفاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الوفاء بأصحابه وآل بيته، وهذا موضوعنا القادم -بإذن الله-.

أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.70 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.39%)]