خطبة عيد الفطر 1439 هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216098 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7830 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 54 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859630 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393968 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 86 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-05-2022, 05:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد الفطر 1439 هـ

خطبة عيد الفطر 1439 هـ
د. أحمد بن حمد البوعلي

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.
الله أكبر ما أحلى النداء بها
كأنه الري في الأرواح ينتشرُ




الحمد لله حمدًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
أيها المسلمون:
إن حسن الظن بالله مطلب شرعي، وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن ينبه أمته لتلك القضية؛ فقال قبل موته بثلاثة أيام: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله))[1].

من الناس من أيقن بالآخرة، وعمل لأجل تلك الساعة الحاسمة، ساعة اللقاء والحساب: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 46]، ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 19، 20].

ومنهم من أحسن الظن في قدرته وعطائه؛ كزكريا عليه السلام، وقد انقطعت الأسباب، وأُغلقت سبل الإنجاب، لكنه مع ذلك دعا وأحسن الظن، يحدوه الأمل؛ فقال: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 4].

ومنهم من أحسن الظن بأمره وشرعه، فامتثل ورضخ؛ كقول إسماعيل عليه السلام لأبيه حين أبلغه برؤيا ذبحه: ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]، وكذلك فعلت أم إسماعيل السيدة هاجر حين أبلغها نبي الله إبراهيم أن تركها مع وليدها في ذلك الوادي المقفر إنما هو أمر من الله، فكان ظنها الجميل يتصدر قولها: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا[2].

ومنهم من أحسن الظن بنصره وتمكينه؛ كمثل الصالحين الذين رافقوا طالوت: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].

ومنهم من أحسن الظن في بلائه وامتحانه؛ كأيوب سلام الله عليه؛ حين قال في تمام الضير وشدة الابتلاء: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83].

ونحن يجب أن نحسن الظن في الله بأن يغفر لنا خطايانا، ويقبل صيامنا وقيامنا، وصالح أعمالنا.

أتممنا شهرنا، وأدركنا عيدنا، وتراصت صفوفنا، وحضرنا لشهود الصلاة والدعاء والخير، في أمن وأمان، وعافية في الأبدان، وسكينة واطمئنان، فلله الحمد على ما وفق إليه، وله الشكر على ما أعان عليه، له الحمد على الصيام، والقيام، وله الحمد على البذل والإحسان، وله الحمد على الذكر والقرآن، ﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43].

أيها المسلمون:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن للدين إقبالًا وإدبارًا، وأنه يأتي على الناس زمان يعودون فيه كما كانوا في صدر الإسلام غرباء مستضعفين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء))[3].

وهذا الاستضعاف جزئي، فإن المسلمين أقوياء غالبون بما معهم من الحق، وقوة الحجة، ووضوح المحجة.

كما أن الاستضعاف ليس دائمًا، وإنما هو وقتي، يمر بالأمة نتيجة لتقصيرها، إما في جانب الدين ورعايته، أو في جانب الدنيا وإعداد القوة فيها، ويأتي الاستضعاف لها إحياء لضميرها الذي يكون قد انشغل، أو لكسر غطرستها التي دبت فيها، حتى إذا غيَّر المسلمون ذلك من أنفسهم، تغيرت أحوالهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

ونصر الله لهذه الأمة متحقق وعدًا وصدقًا: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173].

كثير من الناس يدعي الوسطية، ولا يعني بها سوى التساهل والترخص، وترك العزيمة في الأمر، واختيار ما يتماشى مع رغبات العوام، وهذا خداع؛ قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [البقرة: 143]؛ أي: عدولًا.

فالتدين المغشوش هو الذي يقدم المصلحة الدنيوية على المصلحة الأخروية، والمصلحة الشخصية على المصلحة العامة من غير مبرر شرعي، وهو الذي يصلح ظاهره لأجل الناس ويقبح باطنه، وهو التدين الذي يبدو صاحبه قديسًا أو ملاكًا أمام الخلق، ويصبح إبليسيًّا أمام الخالق.

فالواجب على كل شخص أن يتقي الله تعالى، وأن يكون هدفه ورأس ماله الحقيقي إخلاص العبادة لله تعالى؛ وأن يكون شعاره: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وأن يكون أمينًا ناصحًا.

أيها الإخوة، ابتليت الأمة بالمنافقين والمرتزقة جمعتهم الأهواء والشهوات والعمالة لهدم كيان الأمة، وتحطيم مقدراتها، ومحاربة المخلصين من أبنائها، فقد وقفوا سدًّا منيعًا في وجه أي نهضة حقيقية للأمة، وحالوا بينها وبين دينها وعقيدتها التي هي مصدر عزتها ومنبع قوتها.

المنافقون ليست ظاهرة منبتة؛ فهي ظاهرة ممتدة عبر التاريخ منذ خلق الله بني البشر، وقد حذرنا منهم القرآن، فهم يبغضون دين الله ويحاربون شريعته؛ يوالون أعداء الله، ونصرتهم ومظاهرتهم على المؤمنين، استهزاؤهم بالله ورسوله ودينه ورموز الإسلام والمسلمين: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].

أيها المسلمون:
نحن في هذا البلد الطيب المبارك نعيش في ظلال ولاية مسلمة، تحكم فينا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقوم على عقيدة السلف الصالح، فلها علينا حق عظيم أن نقف معها بكل ما أوتينا من قوة في السراء والضراء، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، فإن الأعداء والمتربصين، ودعاة الفتن كثير، فلنكن على حذر من الجماعات والحزبيات والأيديولوجيات المقيتة، أو تكريس النعرات الطائفية والمناطقية والقبلية في المجتمع المسلم، وهذا من أخطر ما يهدد أمنه واستقراره.

علينا لزوم جماعة المسلمين، لزوم السمع والطاعة لولي الأمر؛ لأن أهل السنة أهل ألفة واجتماع، وأما الخروج والشذوذ على الجماعة، ونزع اليد من الطاعة والتمرد على ولاة الأمور إنما هو منهج الخوارج، ولنتقِ الله - أيها الناس - في أجيالنا ونتعظ بغيرنا، ونحمد الله على ما من به علينا من نعمة الأمن والأمان.

أيها المسلمون:
لقد غدا قطاع العمل الخيري المؤسسي مشبعًا بكل المقومات التي تجعله مؤهلًا ليمارس وظائف جديدة، ومهام أكثر تأثيرًا، وهي وظائف ومهام تتماشى مع طبيعته، وتتسق مع أهدافه الإنسانية، وهذا، يساعده على الانطلاق، لحماية المسلمين في العالم، فلقطاع العمل الخيري قدرات متعددة، وسمعة مميزة وأثر واضح، تجعله مؤهلًا وكفيلًا بمكافحة تلك السموم التي حقنتها الأعداء في جسد الأمة.

إن لغة "الإحسان" هي اللغة الجديرة بكسر جدار العداوات، والكفيلة بجبر كسور التواصل وتعتني برتق الفجوات التي تحدثها عوالم السياسة بين أنظمة الدول.

بل هو من يعين على صنع مسارات المستقبل الفكري للمجتمعات الإسلامية.

ثبتت في السيرة النبوية مواقف وحوارات مع المخالفين حول المحكمات، وكانت الدعوة الإسلامية تقيم الحجة، وتوضح قواعد الإسلام، وتلتزم الأخلاق في التعامل مع المخالفين بالحكمة والموعظة الحسنة.

وهذا كله لا ينافي البراءة من مناهجهم الفاسدة، والحذر منهم، وتحذير المسلمين منهم.

كما لا تضاد بين التعامل مع المخالفين بالحسنى، فالواجب إقامة حقوقهم وحفظها في حالات السلم والحرب؛ قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

وقد نجح النبي في صلى الله عليه وسلم في حواره مع كثير من زعماء المشركين في مكة والمدينة، ونجاح حواره مع وفد النصارى الذين قدموا إلى المدينة، رجع النصارى إلى نجران أخذوا في الدخول في الإسلام مقتنعين به، معظمين الله سبحانه بالوحدانية وترك الإشراك به، ومعظمين أمره، ومتبعين رسوله، وكذلك الحوار مع أهل الأهواء، وقد ثبتت محاورة الصحابي الجليل عبدالله بن عباس مع الخوارج أصحاب الغلو في الفكر والتكفير والقتال، وذلك بأسلوب مقنع، كشف به الشُّبَهَ، ونصح لهم بطريقة حوارية عن طريق السؤال والجواب، ونحن في حاجة إلى فتح القلوب والحوار مع أهلينا وأزواجنا وأبنائنا، وفي أعمالنا ومجتمعنا، وهذا من باب أولى لتزداد المحبة والألفة، ويسود الخير في المجتمع.

لم تمضِ على وفاته صلى الله عليه وسلم لحظات قلائل حتى اشتعلت الفتنة تحت كل ذرة في الجزيرة العربية، وارتد أكثر الناس حتى قيل لم يعبد الله عز وجل على الأرض إلا في ثلاثة مساجد؛ مسجد المدينة، ومسجد مكة، ومسجد عبدالقيس في الأحساء في "جواثا"، وفوق ذلك اشتعلت فتنة مانعي الزكاة.

وقد ذهب كثير من الصحابة إلى أن خطورة الوضع تستوجب عدة إجراءات؛ أهمها:
مداهنة مانعي الزكاة والاستعانة بهم على حرب المرتدين حتى يزول خطرهم، ثم ينظر في أمرهم لاحقًا وإرجاء حرب الروم؛ لأنهم عدو بعيد، والاحتفاظ بجيش أسامة بالمدينة للدفاع عنها ضد خطر الإبادة المحدق بالمسلمين، ولكن الصديق رضي الله عنه قد أبى هذه القرارات التي رآها أكابر المسلمين، وعلى رأسهم الفاروق، واتخذ القرارات التالية:
عقد أحد عشر لواءً لحرب المرتدين.
أنفذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه لحرب الروم.
رفض مشورة المسلمين بعزل أسامة رضي الله عنه عن إمارة الجيش.

النتيجة: انتصر الصديق رضي الله عنه في مئات المعارك التي خاضها في وقت واحد، ولم تتوقف المعارك على كل الجبهات خلال عامين تقريبًا انتصر فيهما بفضل ربه سبحانه وتعالى على المرتدين، ومانعي الزكاة، والروم، وكل محاربيه، فلم ينهزم الصديق رضي الله عنه في غزوة، ولم ينكسر له سيف، ولم تَلِنْ له قناة.

سر كل هذه الانتصارات غير البشرية التي انفرد بها الصديق رضي الله عنه من بين حكام البشرية قاطبة.

((والله لو منعوني عقالًا - أي: حبلًا - كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه))[4]، مع استقامة الصديق على المنهج الإلهي؛ كما رسمه النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه حذو القذة بالقذة.

بذله قصارى جهده، واستنفاده وسعه، واستفراغه كل طاقته، وأخذه بكل الأسباب المادية المتاحة له.

وإننا - أيها الإخوة - نخوض حربًا في أكثر من جهة مع الحوثيين، أذناب الفرس في حرب عقيدة، يريدون من خلالها تحقيق ثورتهم المزعومة، والسيطرة على العرب والعجم، وتضيق الخناق على بلاد الحرمين، ووالله إنها صعبة المنال ما دام يقود الأمة ملك حازم، ومنهج عادل، يطبق شرع الله، ومعه شعب مؤمن بربه، وفيٌّ لدينه وقيادته، وجنود عيونهم ساهرة، لهم منا الود والدعاء، والحب والعطاء، نسأل الله أن ينصر جنودنا بنصره.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبعهم بإحسان، وسلم تسليمًا.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أما بعد:
فإن الحفاظ على هوية الأمة المسلمة وقيمها وأخلاقها، ليس مسؤولية الحكومات وحدها ولا مسؤولية الولاة، ولا هو مسؤولية العلماء وحدهم ولا الخطباء ولا الدعاة، ولكنه مسؤولية مجتمع بأسره، وحمل منوط بجميع أبنائه، والمجتمع المسلم يجب أن يكون منفردًا ببناء قيمه، وأن يستمدها من دينه ومن بيئته وتاريخه ومقدراته، فأمتنا هي خير الأمم وأفضلها، ومصدر خيريتها هو التزامها بالدين وتعاليمه وقيمه؛ قال سبحانه: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

إن الأمة اليوم تستحضـر - وهي تعاتب أو تغاضب - أن العلماء الربانيين هم الرعاة الحقيقيون والجديرون، وجعلهم بمنزلة الموقعين عن رب العالمين؛ قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، فلا عجب أن يرجع الناس إليهم في الملمات، وأن يصدروا عن فتاويهم في المهمات!

وإن العلماء إنما هم جزء من أمتهم، غير أنهم أقدر الناس على تشخيص الخلل، ومعرفة موطن الداء، ووصف الدواء، تارة بالإفتاء، وتارة أخرى بالقدوة والاهتداء.

ولذا من واجبنا القرب منهم ومناصحتهم ومحبتهم والإفادة منهم واحترامهم.

الإنسان الصالح هو الأمل المنشود من التربية الإسلامية على اختلاف عملياتها ومساراتها.

والقوة تعد مظهرًا من مظاهر الصلاح في الإنسان، أعني القوة التي ذكرها الله تعالى في كتابه على لسان أخت مدين: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، وهي هنا تمثل جانب القدرات والإمكانات الجسدية والعقلية والمهارات العملية، الذي يجعل الإنسان قادرًا على إتقان عمله وتجويده وتحسينه، بينما تمثل الأمانة جانب القيم والضمير والوجدان الذي يوجه هذه القوة في الاتجاه الصحيح، ويجعل منها شيئًا مرضيًا مقبولًا في السماء وفي الأرض.

أيتها الأخوات:
عليك - أيها الزوج - أن تعلم أن رباط الزوجية رباط وثيق، فهو رباط مصاحبة لا ينقطع بالمـوت؛ يقول الله: ﴿ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ﴾ [عبس: 36]، إنه عقد صحبة لا عقد رق وولاء، وحين يرى أحد الطرفين من الآخر ما يسوؤه، فليتذكر محاسنه وجوانب الكمال فيه؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يفرك مؤمنًا مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر))[5].

عباد الله: ما أجمل الطاعة بعد الطاعة! فصوموا ست شوال؛ شكرًا لله وتزودًا من الخير؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر))[6].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

[1] أخرجه مسلم (2877)، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه.

[2] أخرجه البخاري3364) عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.

[3] أخرجه مسلم: (145) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[4] أخرجه البخاري (1399)، ومسلم (20).

[5] أخرجه مسلم: (1469) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[6] أخرجه مسلم: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.92 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]