الرجاء والخوف - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الاعتكاف والنقلة الإيجابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          قيمة العلماء في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          جُهْدُ اَلطَّاقَةِ فِي بِرِّ الْأُمِّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          اغتنموا يوم الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          صور من محن علماء المسلمين عبر التاريخ ..... يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2782 )           »          تأملات قرآنية وتدبرية .....يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2445 )           »          المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2288 )           »          مواعظ رمضانية... يوميا فى شهر رمضان المبارك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2953 )           »          الهمم الشبابية العالية والنفحات الإلهية والإيمانية في رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2823 )           »          أكلات رمضانية شهية بالصور والمقادير --- وصفات وأطباق رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2042 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 12-02-2025, 05:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف

الرجاء والخوف ـ 12 ـ


الله تعالى يغفر لمن يشاء بأيِّ سبب شاء



الشيخ : مجد مكي
فالله تعالى يغفر لمن يشاء بأيِّ سبب شاء ، فإنَّه القدير على كل شيء ، وقد يعذِّب من يشاء بأيِّ سبب شاء، ظاهر أو خفي، كبير في نظر الناس أو صغير، ولكن عنده فهو كبير، فقد يعذب به مع أنَّ صاحبه له أعمال صالحة، وأقوال طيبة، ولكن فعل ذنباً هو عند الله كبير، وإن كان في نظر الناس صغيراً.
قال الله تعالى: [للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] {البقرة:284}.
عذاب القبر للنمَّامين والمغتابين والذين لا يتنزهون من البول:
روى البخاري (218)، ومسلم (292)، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين، فقال: «إنهما لَيُعذَّّبان وما يُعذَّبان في كبير، بلى إنه كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يَسًتَتَر من بوله».
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما يُعذَّبان في كبير) أي: في نظر الناس. وفي رواية: (يمشي بالغيبة) كما عند الإمام أحمد(20373).
عذاب امرأة لأجل هرة حبستها:
وروى البخاري (3318) وغيره، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«دخلت امرأةٌ النَّارَ في هرَّةٍ ـ أي: لأجل هرة ـ ربطتها ـ أي: حبستها ـ فلم تُطعمها، ولم تدعها تأكل من خَشَاش الأرض ـ هوام الأرض وحشراتها ـ».
فهذه المرأةُ أنها كانت مؤدِّية حقوق العبادات، وليس لها ارتكاب للمخالفات، وإنما عُذِّبت بسبب حبسها الهرَّة، فإذا كانت هذه المرأة عذَّبت بإيذائها الحيوان وهو الهرة، وأنت تعلم أن الإنسان أكرم على الله تعالى من الحيوان، فإيَّاك أن تؤذي إنساناً، وإن كنت طائعاً عابداً.
فالرحمة الرحمة بالإنسان، والرحمة الرحمة بالحيوان، فإنَّ ذلك موجب الإيمان، وليس من باب الامتنان. (التقرب إلى الله ) للشيخ عبد الله سراج الدين ص205ـ211.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 12-02-2025, 05:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف

الرجاء والخوف ـ 13 ـ


حسن الظن بالله تعالى




بقلم الشيخ : مجد مكي
ـ13 ـ
حُسْن الظّن بالله تعالى
يجب على المسلم أن يكون حَسَن الظنِّ بالله تعالى في أمور دينه ودنياه، وأمور أوُلاه وأخْراه، ولا يجوز لمسلم أن يُسيءَ الظنَّ بالله تعالى، فإن ذلك من صفات المنافقين والكافرين كما ذكر الله تعالى عنهم.
قال تعالى:[وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمُشْرِكِينَ وَالمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا] {الفتح:6}.
وقال تعالى مخاطباً المنافقين:[بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا] {الفتح:12}.
روى البخاري (7405)، ومسلم (2675)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عزَّ وجل: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني».
وروى أحمد (7956)، وأبو داود (4993)، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «حُسْنُ الظنِّ من حُسن العبادة».
وعن جابر أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام:«لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يُحسن الظنَّ بالله عزَّ وجل» أخرجه مسلم (2877) وغيره.
روى أحمد (16016)، وابن حبان (641) أنَّ واثلة بن الأسقع الصحابي دخل إلى يزيد بن الأسود يعوده، فأقبل واثلة حتى جلس، فأخذ يزيد بكفيّ واثلة فجعلهما على وجهه. فقال له واثلة: كيف ظنُّك بالله تعالى ؟ فقال: ظنيِّ بالله تعالى والله حسن. فقال واثلة: فأبشر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عزَّ وجل: أنا عند ظن عبدي بي، إنْ ظنَّ خيراً فله، وإن ظنَّ شراً فله».
اللهمَّ إنا نسألك حُسْن الظن بك، وصِدْق التوكل عليك.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 24-02-2025, 02:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف

الرجاء والخوف ـ 14 ـ



بقلم الشيخ : مجد مكي



الرسول صلى الله عليه وسلم سيِّد الراجين:
كان صلى الله عليه وسلم سيِّد الراجين، كيف لا وهو أعلم الناس بالله تعالى وأخشاهم له، وقد شَهِدَ الله سبحانه له بهذا الخُلق، فقال سبحانه:[وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا] {الإسراء:28}.
وقد جعل الله طريق الرجاء بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم:[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا] {الأحزاب:21}.
فمن كان يرجو الله واليوم الآخر فعليه أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصدق رجاؤه.

حثُّه صلى الله عليه وسلم أمته على الرجاء:
ـ روى مسلم (2749) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون، فيغفر لهم».
ـ وروى مسلم (2755) عن أبي هريرة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم المؤمنُ ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنَّته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنَّته أحد».

رجاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته:
1 ـ ومن ذلك: رجاؤه أن يكون صاحب الوسيلة في الجنَّة، وهي المنزلة التي لا ينبغي أن تكون لأحد سواه.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذِّن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ، فإنه من صلَّى عليَّ مرةً صلَّى الله عليه بها عشراً، ثم سَلُوا الله عزَّ وجل لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة» رواه مسلم (384).

2 ـ ومنها: رجاؤه أن تكون أمته أكثر الأمم:
قال صلى الله عليه وسلم: (ما من الأنبياء إلا وأُعطي من الآيات ما على مثله آمن عليه البشر، وإنَّما كان الذي أُوتيت وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة» أخرجه البخاري (4981)، ومسلم (152) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

3 ـ ومنها رجاؤه لأمته أن تكون نصف أهل الجنة:
روى البخاري (6642)، ومسلم (221)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ فقالوا: نعم.
أترضون أن تكونوا ثُلث أهل الجنة ؟ فقالوا: نعم.
والذي نفسُ محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أنَّ الجنَّة لا يدخلها إلا نفسٌ مؤمنة، وما أنتم وأهل الشِّرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود).
والله عزَّ وجل هو المأمول أن يُحقِّق رجاءه ويُؤْتَيه سُؤْله، كما وعده ربُّه سبحانه:
[وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى] {الضُّحى:5}.
ومع ذلك، فقد كان صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى الله عزَّ وجل لتحقيق ما يؤمِّله ويرجوه، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلمرحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين). أخرجه أحمد (20430)، وأبو داود (5090)، من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه.
***


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 24-02-2025, 03:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف

الرجاء والخوف ـ 15 ـ


الخوف من الله عزَّ وجل



الشيخ : مجد مكي
لقد ذكر الله تعالى في القرآن كثيراً من الآيات، فيها تخويف العباد، وتذكيرهم، وترهيبهم لأجل أن ينهضوا إلى الجدِّ والعمل، ولا يخلدوا إلى الخمول والكسل.
وآيات التخويف المقصود منها حصول الخوف في نفس القارئ والسامع، وليست هي من باب التوهُّم والتخيل، ولذلك نبَّه الله تعالى عباده إلى أن يخافوا مما خوَّفهم الله تعالى، آخذين بالجدِّ، ولا يتخذوا آيات الله تعالى هزواً.
قال الله تعالى:[ قُلْ إِنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ] {الزُّمر:15-16}.
أي: فامتثلوا أوامر الله تعالى، واجتنبوا ما نهى، خوفاً من عذابه وعقابه.
فتخويف الله تعالى عباده يوجب عليهم أن يتَّقوه، فإنَّ تقواه ـ أي: امتثال أوامره واجتناب مناهيه ـ في ذلك وقاية لهم من المخاوف، وأمان لهم من المتالف.
وقد نعى سبحانه على أئمة مشركي مكة بالمخوِّفات من البأساء والضرَّاء، فقال: [وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا] {الإسراء:60}. أي: تجاوزاً للحدّ في كفرهم وتمرُّداً عظيماً. فعدم الخوف من تخويف الله تعالى ليس من شأن المؤمن.
من آيات التخويف:
وقد اختلف العلماء في أشد الآيات تخويفاً والحق أنها كلها أشدُّ:
1 ـ فقال بعضهم: أشدُّ الآيات تخويفاً قوله تعالى:[سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ] {الرَّحمن:31}.والثقلان تثنية ثَقَل، والمراد بهما: الإنس والجن، وسمّوا بذلك لأنهما سُكان الأرض، والقائمون على ظهرها من ذوي العقل، وقد حمِّلوا التكاليف الشرعية، بخلاف بقية الحيوانات فليست مكلفة.
والمعنى: سنقصد لسؤالكم ومحاسبتكم، وفَصْل القضاء بينكم، ومجازاتكم بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا يا معشر الإنس والجن، فَخُذوا حِذْرَكُم، وأعدُّوا عدَّتكم لذلك اليوم.
2 ـ وقال بعضهم: أشدُّ الآيات تخويفاً قوله تعالى:[لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا] {النساء:123}.
الأماني: جمع أمنية، وهي: الصورة الحاصلة في النفس التي يقدرها المتمني ويتصورَّها، من قولهم: منى له الماني أي: قدَّر له المقدِّر، ومنه المنيَّة: فإنها آجال مقدَّرة.
فقد يتمنَّى المتمنِّي ماله حقيقةٌ في الخارج، وقد يُطلق التمنِّي على تصوير ما لا حقيقة له، ومن هنا يعبَّر عن الكذب أحياناً، ومنه قول سيدنا عثمان رضي الله عنه: (ولا تمنَّيتُ منذ أسلمت).
ومعنى الآية: ليس الإيمان وما وعد الله تعالى به من الثواب والجنة ـ حاصلاً لكم بمجرَّد أمانيكم أيها المسلمون، ولا أماني اليهود والنصارى قبلكم، وإنما يحصل ذلك بالسَّعي والجِد والاجتهاد، وامتثال أوامر الله تعالى، واجتناب ما نهى عنه.
أخرج ابن أبي شيبة (36359) عن الحسن رضي الله عنه أنه قال: (ليس الإيمان بالتَّمنِّي، ولكن ما وَقَر في القلب، وَصَدَّقه العمل، إنَّ قوماً ألهتهم أمانيّ المغفرة حتى خَرَجوا من الدنيا و لا حَسَنةَ لهم، وقالوا: نُحسِّن الظن بالله تعالى ـ وكذبوا، ولو حسَّنوا الظن بالله تعالى لأحسنوا العمل).
روى ابن أبي شيبة (10908) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: [مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ] {النساء:123}. شقَّ ذلك على ا لمسلمين، وبلغت منهم ما شاء الله تعالى، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: (سدِّدوا وقاربوا، فإنَّ في كلِّ ما أصاب المسلم كفَّارة، حتى الشوكة يشاكها، والنكبة ينكبها).
فبالمصيبة الصغيرة والكبيرة يكفِّر الله السيَّئات.
وروى ابن مردويه وابن جرير وسعيد بن منصور وأبو نُعيم عن مسروق، قال أبو بكر رضي الله عنه: (يا رسول الله ما أشدَّ هذه الآية: [مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ] {النساء:123} ؟!. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا له ـ للمسلم ـ جزاء ).
وروى الترمذي (3039) وغيره، عن أبي بكر الصِّديِّق رضي الله عنه قال: (كنت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: [مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا بكر: الا أُقرئك آية نزلت عليَّ؟)، فقلت: بلى يا رسول الله، فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصاماً في ظهري حتى تمطيت لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما لك يا أبا بكر؟)
قلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، وأيُّنا لم يعمل سوءاً وإنا لمجزيون بكلِّ سوء عملناه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فتُجْزَون بذلك في الدنيا، حتى تَلْقَوا الله وليس عليكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة).
فالهموم والمصائب والأمراض تكفِّر السِّيئات، وترفع الدرجات، كما دلَّ على ذلك ما رواه مسلم(2572) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت لها بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة).
اللهمَّ إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
من آيات التخويف:
3 ـ وقال سفيان بن عُيينة: أخوفُ آية: [قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ] {المائدة:68}.
وأراد بذلك سفيان رحمه الله تعالى: أنَّ هذه الآية وإن كانت مُوَجَّهة الخطاب لأهل الكتاب، ولكن فيها تسميعَ لهذه الأمة المحمديَّة كما قيل: (إيَّاكَ أعني واسمعي يا جارة)، فقد جَرَت عادة الله تعالى في القرآن أن لا يُجابِهَ هذه الأمة المحمدية بتعنيف، أو توبيخ، أو ذكر المساوئ، ولكن يذكر مساوئ من قبلهم، وتعنيف من قبلهم تسميعاً لهم، وكأنه سبحانه يحذِّرهم من تلك المساوئ.
والمعنى:لستم على شيءٍ عند الله تعالى ما لم تعملوا بكتاب الله تعالى ـ أي: القرآن الكريم ـ عملاً حقاً، متمسكين به، وعملاً بما أنزل الله تعالى على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ أي: ما لم يعملوا بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
اللهم وفَّقنا للعمل بكتابك، وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، واجعلنا على شيء كبير مقبول عندك ـ آمين.
4 ـ وقال بعضهم: أرجى آية:[فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ] {الزَّلزلة:7}. وأخوف آية:[وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ] {الزَّلزلة:8} . والمعنى: من يعمل مقدار ذرَّة شراً من عمل قلبيٍّ أو نفسيٍّ أو جسديٍّ يكتسبه بإرادته في الحياة الدنيا، يَرَ كتاب أعماله مسجَّلاً بالصورة والصوت والخواطر والنيَّات، وينال عقاب عمله الذي عمله في الدنيا.
5 ـ وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين قال: لم يكن عندهم شيء أخوف من هذه الآية:[وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللهِ وَبِاليَوْمِ الآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ] {البقرة:8}.
6 ـ وقال أبو جُحَيفة: أخوفُ آية في القرآن: [وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ] {آل عمران:131}.
ونظير هذه الآية قوله تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ] {التَّحريم:6}.
7 ـ وأشدُّ آية على الكفار قوله تعالى:[فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا] {النَّبأ:30}.
وقوله تعالى:[إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا] {النساء:56}.
أخرج ابن أبي شيبة (35288) وابن المنذر وغيرهما عن الحسن رضي الله عنه في هذه الآية أنه قال: (بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين مرة، كلما أنضجتهم وأكلت لحومهم، قيل لهم: عودوا فعادوا) أهـ.
وروى مسلم (2851)، والترمذي (2578) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ضِرسُ الكافر مثل أُحُد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث) أي: ثلاث ليال.
اللهم أنعمت علينا بنعمة الإيمان فأتمَّها بفضلك علينا، وعافنا واعف عنا يا أرحم الراحمين.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 24-02-2025, 03:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف



الرجاء والخوف ـ 17 ـ



الشيخ مجد مكي
8 ـ ومن الآيات الكريمة التي يخوف الله تعالى بها عباده قوله سبحانه: [وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ] {إبراهيم:5}.
وقوله تعالى:[قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] {الجاثية:14}.
ففي الآية الأولى يُذكِّرهم بأيام الله تعالى التي مرَّت عليهم في الدنيا، وتمرُّ عليهم، وهي أيام نعمائه، وأيام بلائه، وأيام منحه، وأيام محنه، وأيام السرَّاء، وأيام الضراء، وأن يقابلوا النَّعماء والسرَّاء والرخاء بالشكر، ويقابلوا البلاء والضراء والشدائد بالصبر ليعظم لهم الأجر، ولذا قال الله تعالى:[ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ] {إبراهيم:5}.
ففي أيام الله العظمى آياتٌ دالات على أن الله عزَّ وجل يُمْهل المجرمين ثم ينتقم منهم، ويأخذهم أخْذَ عزيزٍ مُقتدر، وأنه يجازي أولياءه المؤمنين بالعز والنصر والتمكين في الأرض، ويمدهم بخيرات كثيرات ونعم جليلات، ينتفع من دلالات هذه الآيات الهاديات كلُّ كثير الصبر على طاعة الله، كثير الشكر بالعمل الصالح لأنْعُم الله تعالى عليه.
ومن لم يقابل النِّعم الإلهية والآلاء بالشكر لله تعالى فسوف يلقى الحساب الشديد، ومن لم يتلقَّ الشدائد بالصبر فسوف يلقى ما هو أشد.
وأما الآية الثانية: فقد أمر الله تعالى المؤمنين حين كانوا في مكة المكرمة قبل الهجرة، وكانوا يلقون من المشركين أذىً كثيراً، وظلماً كبيراً، فقد أمر الله تعالى المؤمنين أن لا يقابلوهم، بل أن يعفوا ويصفحوا عنهم، حتى يأتي الله بأمره، فلما هاجروا إلى المدينة نزل في السنة الثانية قوله تعالى:[أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ] {الحج:39}.
فقوله تعالى:[قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ] {الجاثية:14}. أي: لا يتوقَّعون مجيء أيام الله الجزائيَّة ووقائعه بأعدائه، ولا يؤمنون بأيام لقاء الله تعالى، وأيام حسابه وسؤاله، فهم لا يخافونها ولا يحسبون لها حساباً.
فالمراد بأيام الله تعالى في هذه الآية: أيام عقابه الجزائي بأعدائه، ويوم لقائه، ويوم جمعه لهم، ويوم العرض عليه، ويوم حسابه،ويوم سؤاله، ويوم جزائه، و أيام وعده ووعيده، وقد خوَّف الله سبحانه عباده من يوم القيامة، وهو يوم الوعيد، والتغابن، والحساب، والسؤال، والجزاء.
قال الله تعالى:[وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الوَعِيدِ] {ق:20}.
وقال سبحانه وتعالى:[وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ] {البقرة:281}.
وقال تعالى:[يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ] {التغابن:9}. ويوم التغابن ـ على وزن تَفَاعُل ـ يدلُّ على وقوع الغَبْن بين طرفين غَبَنَ كلٌّ منهما صاحبه، وهو يوم التَّناسي والذهول الذي يحصل بين الناس يوم القيامة من شدَّة الهول. يقال: غَبِن فلان الشيء غَبَناً ـ بفتح الباء ـ أي: نسيه أو أغفله أو جهله. كما قال سبحانه:[يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ] {الحج:2}.
ووصف الله سبحانه هذا اليوم في آيات كثيرة أخرى ، ومنها قوله سبحانه: [يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ] {غافر:16}.
وقال تعالى:[رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ] {إبراهيم:41}.
وقال تعالى:[يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ] {الحاقَّة:18}.
وقال تعالى:[وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ] {القصص:65}.
وقال تعالى:[يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ] {آل عمران:30}.
وقال تعالى:[يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ ـ أي: جزاؤهم ـ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ] {النور:25}.
الإيمان يوجب الخوف من الله سبحانه ومن عذابه وحسابه ومقامه
الخوف: الفزع. وفي الاصطلاح: توقع مكروه ، أو فوت محبوب. أو هو: اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف.
وقد بيَّن الله سبحانه أنَّ الإيمان به سبحانه يوجب على المؤمنين أن يخافوه سبحانه وتعالى، ويخافوا عقابه، وحسابه، و مقامه.
فهم يخافونه عزَّ وجل، قال الله تعالى:[ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] {آل عمران:175}.
وهم يخافون عذابه، قال الله تعالى: [وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ] {المعارج:27ـ28}.
وهم يخافون حسابه، قال الله تعالى:[وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ] {الرعد:21}.
وهم يخافون مقامه، قال تعالى:[وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى] {النَّازعات:40ـ41}.
ووصف الله تعالى السابقين من المقرَّبين بالخوف من مقامه، فقال:[وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ] {الرَّحمن:46}. وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ( ) ، ومسلم (180) أنهما: (جنتان من فضَّة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم ، وبين أن ينظروا إلى ربهم عزَّ وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه سبحانه في جنات عدن ) وهؤلاء هم السَّابقون الذين أعد الله لهم جنتين من ذهب، ثم قال تعالى في أصحاب اليمين:[وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ] {الرَّحمن:62} . وهم الذين أعد الله لهم جنتين من فضة.
وقال تعالى:[مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الخُلُودِ] {ق:33ـ34} فلما خافوه في الدنيا أمَّنهم وسلَّمهم يوم القيامة.
روى ابن حبان في صحيحه (640)، والبيهقي في الشعب (777) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزَّ وجل أنه قال:«وعزَّتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أمنين، إذا خافني في الدنيا أمَّنتُه يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة».
الخوف يحمل المؤمن على الطاعة:
والخوفْ من الله تعالى يحمل الإنسانَ على امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فمن خافَ عذابَ الله تعالى وغضبه وعقابه، أسرعَ إلى ما فيه طاعته سبحانه ومثوبته ورضاه.
وأما دعوى الخوف مع البقاء والإصرار على الذنوب والمعاصي فذلك أمر بعيد.
وإلى ذلك أشار النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ونبَّه إلى وجوب الأخذ بالحذر قبل الوقوع في الخطر.
روى الترمذي (2450) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا وإنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنة».
يعني أن المسافر إذا أمسى وهو في الصحراء، وخاف البَيَات فإنَّه يُدلج ـ يسير في أول الليل حتى يصل إلى مأَْمنه ـ ومن أدلج بلغ المنزل، وهكذا المسافر إلى الآخرة والسائر إلى الله تعالى ـ وعلى قدر الخوف من الله تعالى يكون المانع عن المعاصي.
روى البخاري (620)، ومسلم (1712) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله...) وذكر منهم: (ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال: إني أخاف الله) (التقرُّب إلى الله تعالى) للشيخ عبد الله سراج الدين ص 152ـ157.
***








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 27-02-2025, 05:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف

الرجاء والخوف ـ 19ـ




الشيخ مجد مكي


خوف النبي صلى الله عليه وسلم من ربه وخوفه على أمته:
إذا كان الخوف من الله تعالى ناشيء عن العلم بعظمته فإن أعرف الناس بالله وبعظمته وجلاله ، هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخبر بذلك عن نفسه ، فقال فيما روته عائشة رضي الله عنها: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله إني لأعلمهم بالله ، وأشدهم له خشية ) رواه البخاري (5636) ، ومسلم (2356).
وفي رواية قال: (أما إني لأتقاكم لله ، وأخشاكم له) رواه مسلم (1863) من حديث عائشة رضي الله عنها أيضاً.
وقد وصفه الله تعالى بالخوف منه سبحانه ، فقال: [قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الفَوْزُ المُبِينُ] {الأنعام:15- 16}. وقد وردت الشواهد الكثيرة من الأحاديث الشريفة في شدة خوفه من ربه:

خوفه صلى الله عليه وسلم من ربه:
1 ـ قال صلى الله عليه وسلم (يا أمة محمد ، والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً، ولضحتكم قليلاً) أخرجه البخاري(6141)، ومسلم (1499) من حديث عائشة رضي الله عنها.
وهذا الحديث يُفسِّر لنا حاله صلى الله عليه وسلم من آيات ربه، وحاله في عبادته.
كحديث عائشة رضي الله عنها الذي قالت فيه: (ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لَهَواتِهِ ـ وهي اللحمة الحمراء في سقف أقصى الفم ـ إنما كان يتبسَّم ، قالت: وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف ذلك في وجهه ، فقالت: يا رسول الله ، أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عَرفت في وجهك الكراهية؟ قالت: فقال يا عائشة: ما يؤمِّنني أن يكون فيه عذاب ، قد عُذِّب قوم بالريح ، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: [قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا] {الأحقاف:24} . رواه البخاري(4454)، ومسلم (1497).
وكحديث عبد الله بن الشَّخِّير رضي الله عنه ، قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلِّي ولجوفه أزيزٌ ـ أي حركة واهتياج وحدَّة ـ كأزيز المِرْجَل ـ أي كغليان القِدْر ـ ، من البكاء) رواه أحمد (15722) ، والنسائي (1199)..
وفي رواية: (كأزيز الرحى ـ الحجر التي يطحن عليها الدقيق ـ من البكاء) رواه أبو داود(769) والترمذي في الشمائل (305).
ومن هذين الحديثين يُعلم مبلغه صلى الله عليه وسلم من الخوف من الله عزَّ وجل ، ويُستدل من ذلك على عظيم معرفته بالمولى جلَّ جلاله ، حيث كان يخاف ذلك الخوف ، مع أنه سبحانه قد أمَّن جنابه ، وأعلى منزلته عنده ، حيث اصْطَفاه لختم رسالاته ، ولأفضل شرائعه حتى صار لربه خليلاً.
خوفه على أمته صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم يخاف على أمته فتنة الدنيا ، وفتنة الذنوب والشِّقاق ، رحمةً منه بأمته صلى الله عليه وسلم ، كما أفادت ذلك أحاديثه الكثيرة ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:
1 ـ (إنِّي واللهِ ما أخافُ عليكم أن تُشركوا بعدي ، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ـ يعني الدنيا ) أخرجه البخاري (1258)، ومسلم (4248) من حديث عقبة بن عامر.
ويقول: (فواللهِ ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تُبْسَطَ عليكم الدنيا، فتنافسوها كما تَنَافسوها ـ أي: الأمم السابقة ـ فَتُهلِكَكَم كما أهلكتهم) رواه البخاري(3712)، ومسلم (5261) من حديث عمرو بن عوف.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أكثر ما أخاف ما يُخْرِجُ اللهُ لكم من زهرة الدنيا). قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله؟ قال: (بركات الأرض ) أخرجه البخاري(1372) ، و مسلم (1743) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
الأسباب الموجبة للخوف من الله تعالى:
إنَّ الأسباب التي توجب على المؤمن الخوف من الله تعالى كثيرة، منها:
1 ـ خوف المؤمن من المعاصي وارتكاب ما نهى الله عنه.
2 ـ خوف المؤمن من الصغائر ومحقَّرات الأعمال.
3 ـ خوف المؤمن من الرياء في عمله، أو قوله، أو حاله.
4 ـ خوف المؤمن من النفاق على نفسه.
5 ـ خوف المؤمن أن يكون مقصِّراً في عهده مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وسلم.
6 ـ خوف المؤمن عدم قَبول عمله.
7 ـ الخوف من زَيْغ القلب عن الهدي المستقيم.
8 ـ خوف المؤمن سُوء العاقبة والخاتمة.
9 ـ خوف المؤمن من مناقشته في الحساب.
10 ـ خوف المؤمن من موقف السؤال.
11 ـ خوف المؤمن من مقام ربِّ العالمين.
الأول: خوف المؤمن من المعاصي وارتكاب الذنوب:
وقد خوّف الله عباده من العذاب عليها، فقال تعالى مخاطباً نبيَّه صلى الله عليه وسلم:[قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ] {الأنعام:15}.
وقال سبحانه: [إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ] {يونس:15}. وهذا وإن كان أمراً من الله تعالى أن يقول ذلك ، فهو تقرير لحقيقة حاله صلى الله عليه وسلم ، ووصف له بتلك الصفة الإيمانية.
فكان صلى الله عليه وسلم يخاف على نفسه من المعصية ، وقد عصمه الله تعالى ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وأخبر سبحانه أنه ليس من شأن المؤمن أن يُصرَّ على المعاصي والمخالفات، بل يتباعد عنها، وإذا وقع في شيء منها فإنه يبادر إلى التوبة فيتوب الله تعالى عليه. قال تعالى:[وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ] {آل عمران:135}.
وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن عذاب المسلمين من أهل المعاصي الذين أحاطت بهم ذنوبهم، ولم تشملهم المغفرة، فإنهم دخلوا جهنم حتى صاروا فحماً:
روى مسلم (185) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أهلُ النَّار الذين هم أهلها (يعني الكفار) فإنهم لا يموتون ولا يَحْيَونَ، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم ـ وهم العصاة من المسلمين ـ فأماتتهم إماتةً حتى إذا كانوا فحماً أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائرـ أي: جماعات ـ فبثُّوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم من الماء، فينبتون نبات الحبة في حميل السَّيل».
فهذا يدلُّ على أنَّ العصاة المسلمين يُعذَّبون بذنوبهم، وأنَّ النار تحرق لحومهم ويتألمون حتى يصيروا فحماً.
***








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 27-02-2025, 05:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف

الرجاء والخوف ـ 21 ـ





الشيخ مجد مكي
ـ 21 ـ
إنَّ من أعظم الأسباب الموجبة للخوف من الله تعالى: خوف المؤمن من المعاصي وارتكاب ما نهى الله عنه. وقد ذكر الله تعالى عقوبات الكثير من كبائر الذنوب.
كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواع العذاب للعصاة ومرتكبي الكبائر الذين لم يتوبُوا منها، ومن ذلك:
عذاب المرابين وآكلي المال الحرام: «كلُّ لحم نَبَتَ من سُحْت، فالنار أوْلى به» رواه أحمد (14441)، والترمذي (614) بنحوه من حديث كعب بن عجرة.
وروى الإمام أحمد (8640) في حديث المعراج أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«فأتيتُ على قوم بطونهم كالبيوت ـ أي: كبيرة ـ فيها الحيَّات ترى خارج بطونهم. قلت: مَن هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أَكَلة الربا».
عذاب الزناة: قال صلى الله عليه وسلم في الزُّناة: «إنَّ الزُّناةَ تشتعل وجوههم ناراً » رواه الطبراني عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه.
وقال صلى الله عليه وسلم:« إنَّ الإيمان سربالٌ يُسَربله الله مَنْ يشاء، فإذا زنى العبد نَزَعَ الله منه سِربال الإيمان، فإن تاب رُدَّ عليه» رواه البيهقي (5366) في الشُّعب عن أبي هريرة رضي الله عنه.
عذاب شارب الخمر: قال صلى الله عليه وسلم: «مدمنُ الخمر إن مات ـ أي: ولم يتب ـ لَقِيَ اللهَ كعابد وثن» رواه أحمد (2453) عن ابن عباس، ورواه ابن ماجه (3375) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
الخوف من عذاب المعاصي ووجوب المبادرة إلى التوبة:
فعلى المؤمن أن يخاف من عذاب المعاصي، ويبادر إلى التوبة، فإذا لم يفعل يكون قد ظلم نفسه، قال تعالى:[ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] {الحجرات:11}.
وروى الطبراني في الكبير (5485) عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: لما فَرَغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حُنين، نزلنا قَفْراً من الأرض ليس فيها شيء، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اجمعوا، من وجد شيئاً فليأت به، ومن وجد عظماً أو سِناً فَلْيأت به» قال سهل: فما كان إلا ساعة حتى جعلناه ـ أي: المكان ـ ركاماً ـ أي: كومة كبيرة مجتمعةـ.
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم أتَرَون هذا ؟ فكذلك تجمع الذنوب على الرجل منكم، كما جمعتم هذا، فَلْيتَّق اللهَ رَجُلٌ، فلا يُذنب صغيرةً ولا كبيرةً، فإنها مُحصَاةٌ عليه».
قال الله تعالى:[وَوُضِعَ الكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا] {الكهف:49}.
الثاني: الخوف من الإصرار على الصغائر والمُحقَّرات من الذنوب:
فإنَّ الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرةً، وتفتك بصاحبها، وتعمل به ما تعمله الكبيرة.
روى أحمد (22808)، والطبراني في الكبير (5872) عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إيَّاكم ومُحقَّرات الذنوب فإنَّما مثل مُحقَّرات الذنوب كَمَثَل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعود ـ أي: بعود من الحطب ليوقدوا ناراً ـ حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإنَّ مُحقَّرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه».
وروى الدارمي (2726) عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا عائشة إيَّاك ومحقَّرات الذنوب، فإنَّ لها من الله طالباً»، وفي رواية ابن ماجه (4243): «إياك ومُحقَّرات الأعمال».
ورحم الله القائل:
خَلِّ الذنوبَ صغيرَها وكبيرهَا ذاكَ التُّقى
واصْنَع كماشٍ فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى
لا تَحْقِرنَّ صغيرة إنَّ الجبال من الحصى
فواحدة الحصى لا تشكِّل تلاً ولا جبلاً، ولكن إذا كَثُرت صارت تلاً، وإذا تراكمت شكَّلت جبلاً، وواحدة من عيدان الحطب لا يخبز خبراً، ولا ينضج طبخاً، ولكن إذا اجتمعت العيدان إلى بعضها وأوقدت أشعلت ناراً عظيمة، كما بيَّن ذلك صلى الله عليه وسلم








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 27-02-2025, 06:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجاء والخوف

الرجاء والخوف ـ 22 ـ



الشيخ : مجد مكي

الثالث: خوف المؤمن من الرياء والسُّمعة في قوله أو عمله أو حاله:
لقد كان السَّلف الصالح رضي الله عنهم يخافون على أنفسهم الرياء والسمعة في أعمالهم وأقوالهم. وسبب هذا الخوف هو الوعيد الشديد الذي جاء في المرائين والمسمِّعين.
أما الرياء: فهو أن يعمل العمل الحسن، ويُري الناسَ أنه عمله يريدُ به وَجْهَ الله تعالى والدار الآخرة، ولكنه في قرارة نفسه ونية قلبه، يبتغي عَرَضَ الدنيا، وأن يراه الناس، فهو في الحقيقة يعمل لأجل الناس ولا يعمل لله تعالى.
وأما السمعة: فهو أن يعمل العمل لأجل أن يسمع من الناس ثناءً عليه، ومدحاً له، ولولا ذلك ما عمل الحسن، فهو لا يريد التقُّرب إلى الله تعالى، ولا رضى الله تعالى.
قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ] {البقرة:264}.
فالمتصدِّق إذا منَّ على الذي تصدَّق عليه أو آذاه بالكلام كقوله: لولا أني أعطيتك لهلكت، وأنا الذي أعطيتك وتفضَّلت عليك... فهذا يبطل ثوابه، كالرياء فإنه يبطل ثواب العمل الصالح.
روى البخاري (6499)، عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ سَمَّع، سمَّعَ الله به، ومن رَاء يُراء اللهُ به» ورواه مسلم (2986) من حديث ابن عباس.
قال الإمام المنذري: (سمَّع ـ بتشديد الميم ـ ومعناه: مَنْ أظهر عمله للناس رياءً، أظهر الله نيَّته الفاسدة في عمله يوم القيامة على رؤوس الأشهاد). اهـ.
وروى الطبراني في الكبير (237) عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء إلا سمَّع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة».
والمراؤون بأعمالهم يُكذِّبهم الله تعالى يومَ القيامة، وتكذِّبهم الملائكة ويفتضحون في يوم القيامة.
روى مسلم (1905) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إنَّ أول من يُقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استُشهدت. قال الله تعالى:كَذَبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فَسُحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها ؟ قال تعلَّمت العلم، وعلَّمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلَّمت العلم، ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فَسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
ورجل وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأُتي به للحساب فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها ؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت. ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على وجهه، ثم ألقي في النار».








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 118.77 كيلو بايت... تم توفير 4.89 كيلو بايت...بمعدل (3.95%)]