|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() موازنة بين شريعة الله وقوانين الناس بقلم الأستاذ / عبد الرحيم عرنوس مقدمة: لا غرو أن تكون (( مجلة التوحيد )) مرآة جماعة أنصار السنة المحمدية جسر بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، رائدها في ذلك كتاب الله وسنة خاتم الرسل واضعة نصب عينيها قوله عليه الصلاة والسلام: (( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها )) . على أمل أن يأتي اليوم الذي تعود فيه الأمة الإسلامية - إلى سابق عهدها - إيمانا وقوة، وعزة وسطوة، يرهبها أهل البغي والإلحاد، تتضاءل أمامها قوى الظلم والعدوان في هذا العالم بما فيها تلك الفئة التي كتب الله عليها الذلة والمسكنة، والتي استأسدت عندما غرق عامة المسلمين واكتسحهم طوفان الحضارة الزائفة والمدنية الفاجرة فنسوا الله وهجروا كتابه فحق عليهم قول الله تعالى: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون} . وعمدتنا في هذا الحديث كتاب الله وسنة خاتم الرسل عليه أفضل الصلاة والسلام، وأقوال وأفعال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم وبالله العون والتوفيق. ويناسب هذا المقام أن نورد بعض الأصول التي ترتبط بالموضوع ارتباطا وثيقا لازمة له لزوم المقدمات للنتائج وترتكز على الركائز التالية: أولا - أن الله سبحانه وتعالى جعل لك داء دواء - يعترض الإنسانية والإنسان في مختلف المراحل وكيف لا وهو خالقه وبارئه لقوله عز وجل: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ، وأن هذا الدواء الإلهي لا بديل له بدواء آخر مهما برع نطس الأطباء وأحكم الحكماء من البشر في وصفه. ثانيا: - أن الهدف من التنزيل والرسالة المحمدة - في مداهما القريب والبعيد عن تكوين اللبنة الصالحة السليمة التي يتكون منها المجتمع وهو - الإنسان - لتحريره من العبودية في أي صورة من صورها وتحت أي مسمى لها، لينطلق بلا قيد إلا ما أمر الله به وما نهى عنه - وفي حدود ذلك لا رقيب عليه سوى إيمانه وضميره - بعد الله سبحانه وتعالى - ولا توجد أي رقابة مهما قويت أو اشتدت من صنع البشر تستطيع أن تؤدي إلى ذات النتائج التي تقوم بها الرقابة الذاتية للشخص المسلم حقا والمؤمن صدقا. ثالثا - منذ أن تم البلاغ واكتمل التنزيل أصبح الإسلام بناء متكاملا لا قصور فيه ولا تقصير ولا خلل ولا اختلال، وحدة متماسكة مترابطة، ولا حجة للناس بعد ذلك - وعلى هذا فإن أي لبنة في المجتمع من الفرد إلى الأسرة فما فوقها لا تملك إلا أن تطبقه ككل وبصورته التي نزل بها - وأصبح فرض على المسلم أن يلتزم به، ليس التزاما جزئيا بأعمال بعضه وإهمال البعض الآخر، وإما وجب عليه الالتزام بكامل أحكامه - قرآنا وحديثا صحيحا يكمل كل منهما الآخر في تجانس رائع وتوازن دقيق. رابعا - لم يقتصر الإسلام على الاهتمام بجانب دون آخر - بخلاف الشرائع السابقة أو المذاهب المستحدثة - بل عم شموله كل جوانب الإنسان والبشرية والمجتمع ونظم الجوانب الروحية والمادية، عقيدة وشريعة وعبادة ومعاملات وتصرفات وبين لكل حدود لا يتعداها - وكان المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام صورة نموذجية مثالية - عندما جعل القرآن والحديث دستوره، ومهما أوتي أولو البراعة في الوصف أو ذوو الخيال عفما هم بمستطيعين أن يصفوا الصورة التي كان عليها المجتمع في ذلك الوقت، ويكفينا انبهارا عندما نستحضر شذرات من عدل عمر بن الخطاب، أو حكمة أبو بكر الصديق رضي الله عنهما وأرضاهما، أو انتصار بضع مئات من المؤمنين الذين عاهدوا الله، على جحافل أعتى الجيوش والقضاء على امبراطوريتين، فارس والروم. وليس عجيبا أن تكون تلك الثمار نتيجة للتمسك بدين الله وتطبيقه التزاما بقوله جل شأنه: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ، وهكذا نصروا الله فنصرهم الله تحقيقا لوعده سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} . خامسا: إن الإسلام خاتم الرسالات، جب ما قبله من شرائع وأيدان حجة على الناس كافة من يوم أن نزل على سيد الخلق وخاتم الرسل إلى يوم الدين، وقد قطع الله سبحانه وتعالى في ذلك بقوله: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} .. كما هيأ الله سبحانه وتعالى قلوب المؤمنين لذلك فاتبعوه وعزروه ونصروه واتبعوا هداه - أولئك هم المفلحون - وصرف قلوب الكافرين والمعاندين عن اتباعه فاستحقوا الذلة والمهانة والمسكنة والفقر في الدنيا وفي الآخرة عذاب شديد: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى. قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} .. وإذا انتقلنا إلى المقابلة بين الإسلام وغيره من العقائد أو الشرائع أو النظم والمذاهب نجد أنها لا تخرج عن ثلاث: أولها: شرائع وديانات سماوية سابقة على الإسلام وقد جبها بنزوله. ثانيها: عقائد أو شرائع إما بدائية وثنية، والتي تعتنقها بعض القبائل في أفريقيا وغيرها أو ديانات منسوبة إلى بعض منشئيها كالبوذية وغيرها. ثالثها: مذاهب ونظم تتفاوت ما بين التهاويم الفلسفية إلى المادية المجردة، وتلك لا يمكن حصرها، وتختلف من مسمى لآخر حسبما تشكلها الأهواء والأغراض. والصنفان الآخران تجمعهما سمات وأسس مشتركة يمكن توضيحها فيما يلي: الأساس الأول: أنهما جميعا من وضع البشر وبعضها منسوب لواضعها والبعض الآخر مجهول الانتساب. الأساس الثاني - جميع هذه العقائد والنظم تتصف بالمآخذ والضعف وتعبر تعبيرا حقيقيا عن ضعف البشر وقصور إدراكه كلما تعمق فيها خرج بنتيجة واحدة هي الحكم بعدم صلاحيتها نظاما وعقيدة وعملا وتطبيقا - ومن منا لم يصله طرف من العلم عن بعض الدول التي تسود فيه صور من هذه العقائد أو النظم، ومن منا لا يعلم ما في هذه الدول من شقاء وإباحية، وما فيها من حقد وبغضاء ومن إلحاء وكفر انتهى بها إلى انحلال في الأخلاق وانهيار للأسرة وشقوة في الحياة يضيق بها الصدر ويزيد في تعاسة النفس. الأساس الثالث - بعض هذه العقائد والمذاهب يلقى ثله على الجانب الروحي للبشر دون ما نظر إلى جوانب الإنسان الأخرى. ويصل بهذا الاهتمام والتركيز إلى ملتهات الفلسفة ورفاهة العقل المشتب وتضرب به في بيداء لا يعرف أولها من آخرها حتى تنتهي بالعقل إلى الغاية المبتغاة من هذا المذهب أو ذاك - إلحادا كان أو كفرا؟ ينتهي بالإنسان إلى البلادة في مواجهة ظروف الحياة باسم الزهد وإلى الجمود باسم القناعة. أما الشق الآخر من هذه العقائد والمذاهب فقد تحدد الهدف منه وهو سلب الإنسان خصيصته الأولى - العقل - أو بالأقل إلغاءه رغم الله أن كرم الإنسان أعظم تكريم ورفعه إلى أعلى منزلة، بل سخر له ما في السماوات والأرض تكريما له وللنعمة التي أنعم بها عليه، وهي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |