|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاطمئنان النفسي في القرآن الكريم دكتور عبد الكريم وهبة علم النفس الكلينكي عضو الهيئة الدولية a. p. A. U. S. A. من عادة المريض إذا وضع نفسه بين يدي طبيبه أن يسأله في لهفة وتوسل: هل سأشفى يا دكتور؟! فيجب وهو يبتسم: بكل تأكيد، إن الشفاء آت لا ريب فيه .. وهي قاعدة بين الأطباء، بها يسيطرون على العوامل الخفية والطاقات المستترة في الإنسان التي تقوم بعلاجه بجانب مبضع الطبيب. (( وهذه الطاقات المودعة )) التي تقوم تلقائيا بعلاج أربابها حتى اليوم ولو لم يذهبوا إلى الأطباء، ولم يأخذوا بأسباب الشفاء أصبحت معروفة مكشوفة، ومفتاحها التفاؤل والاطمئنان النفسي، وهما خلتان طالما دعا إليهما القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة. وقد أثبت الطب النفسي، وجود قوة (( ممانعة )) في الإنسان تقوم بمهمة الوقاية قبل حدوث المرض، ومهمة العلاج بعد حدوث المرض، ممانعة مادية تتجلى في كرات الدم البيضاء، وممانعة معنوية تتجلى في الاطمئنان النفسي. وفي ذلك يقول بعض الباحثين في الطب، مثل الطبيب الأمريكي (( فيرانك كيربو )) : إن الطبيب بدوائه لا يشفي أحدا، فالشفاء بيد المرض نفسه إن آمن إيمانا مطلقا بذلك. أرى كثيرا من المرضى، يتلهفون على عيادات الأطباء، فلا يجدون البرء كما يريدون، فيذهبون إلى الدجاجلة والنصابين، ثم إلى أضرحة الأولياء، طائفين ناذرين مستصرخين، فإذا صادفت (( القوة الممانعة )) الذاتية علاجها النهائي ضد تيار المرض، نسبوا ذلك إلى ما اتجهوا إليه، وما هو إلا أن المرض أخذ دوره حتى أتت اللحظة المناسبة لهبوطه، إيذانا بالشفاء وتلعب هواجس الأحلام دورها. وفقدان الممانعة في الإنسان - وهي خير ما يركن إليها إذا أراد أن يعيش سعيدا مرتاح النفس، ترواغه الأمراض كي تجلو صدأه، ولكنها لا تشقيه، ولا تئسه من رحمة الله. وهذه القوة ثمرة سلوك سوي وحياة سوية، وهيهات أن يأخذ الإنسان هذين الركنين بعيدا عما رسم القرآن الكريم، فقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذا بقوله: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} [سورة طه] ، وفي آية أخرى في سور النحل يقرر القرآن الكريم هذا الاطمئنان النفسي بالإيمان والعمل الصالح في قوله تعالى: {من آمن بالله وعمل صالحا فلنحينه حياة طيبة} . ومعنى التعلق بالله سبحانه وتعالى؛ الإيمان والعمل الصالح والذكر، هو الأخذ بأسباب السعادة، التي بها صل الإنسان إلى اطمئنان النفس في الحياة الدنيا، والأوبة إلى الله في العالم الآخر للدخول ضمن أوليائه في جنته، كما يقول سبحانه: {يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي} [سورة الفجر] . ويعرف علماء النفس هذه القوة الذاتية، بأنها ثمرة سلوك سوي يقوم به المرء مع عقل متزن، وضبط الانفعالات الخاطئة. وما على الطبيب النفسي إلا مجرد التوجيه فقط، وتقوية الروح المعنوية التي من شأنها أن تلهب (( إكزيمات )) المقاومة النفسية، والدافع الذاتي، فتوقف (( تيار الهدم )) للعقل الإنساني. انظر إلى علاج القرآن الكريم، وتقريره هذه الحقيقة حتى لا يصطدم المؤمن بما يشل مقوماته، قوله تعالى في سورة البقرة: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} ، فهل هناك رضاء نفسي؟ أجل أثرا من مخاطبة الودود عباه المؤمنين بهذه الآيات الكريمة؟! وفي آية أخرى، يقرر القرآن الكريم مقومات الاتزان النفسي، وسلوك القوة الذاتية الممانعة في الإنسان بما يعجز علم النفس الحديث مهما بلغت شأو أبحاثه وتنقيبه ومعامله وتحليله ومؤلفاته، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضهاالسماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. أولئك جزآؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} [131 - 136] . ألا ترى معي مبلغ هذا الإعجاز البلاغي في الاطمئنان النفسي. إن القرآن الكريم يدعوك إلى حياة سعيدة في الدنيا والآخرة، ولن تكون هذه السعادة إلا إذا بعدت عن أسباب السخط، ففي الحديث الشريف: (( من أصبح وهو ساخط على الدنيا فكأنما أصبح يحارب الله تعالى )) . وإن السخط كما أنه مدعاة الدخول في غضب الله سبحانه وتعالى وحربه، فهو لن يجدي شيئا لدى الساخط، كما يقول مؤلف كتاب (( العقل والمرض )) : إن المرض هو ما ينشأ عن سلبية نفسية منشؤها السخط، وانعدام الأمن في النفس، والسلوك الحيوي الشاذ. وإلى اللقاء.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |