الهدى والضلال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الاعتكاف والنقلة الإيجابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          قيمة العلماء في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          جُهْدُ اَلطَّاقَةِ فِي بِرِّ الْأُمِّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          اغتنموا يوم الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          صور من محن علماء المسلمين عبر التاريخ ..... يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2761 )           »          تأملات قرآنية وتدبرية .....يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2410 )           »          المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2266 )           »          مواعظ رمضانية... يوميا فى شهر رمضان المبارك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2933 )           »          الهمم الشبابية العالية والنفحات الإلهية والإيمانية في رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2792 )           »          أكلات رمضانية شهية بالصور والمقادير --- وصفات وأطباق رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 2007 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-01-2025, 10:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 2 ـ

الشيخ مجد مكي
إنَّ الله تعالى بحكمته خلق الخلق ومنحهم الإرادة الحرة؛ ليمتحنهم وليبتليهم، ودعاهم إلى الهدى، وهداهم إلى الحق.
وقد أوضح الله لعباده طريق الهدى، وحذَّرهم من سلوك طريق الضلال حتى يعرف الناس ما هو مطلوب منهم في رحلة امتحانهم في الحياة الدنيا، ولا يكون لهم عذر بالجهل.
قال الله تعالى:[إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى(12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالأُولَى(13) ]. {الليل}..
ولقد أودع الله عزَّ وجل في نفس الإنسان خصائصَ القدرة على إدراك الخير والشر، والهدى والضلال، والحق والباطل، فأرشده إلى طريق الهدى، ليكون بعد امتحانه إما شاكراً لله بالإيمان والإسلام والعبادة، وإما مبالغاً في الكفر وجحود نِعَم الله تعالى عليه.
قال تعالى في الإنسان:[إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا] {الإنسان:3}.
الهدى والضلال بمشيئة الله سبحانه:
إنَّ الهدى بيد الله تعالى، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ومشيئته سبحانه لا تنفكُّ عن حكمته.
وممَّا يؤكد أنَّ الهدى بيد الله تعالى، يهدي من يشاء، ويضل من يشاء بحكمته ، ما نرى ونسمع من ضلال بعض أبناء المسلمين وكفرهم بالله وإلحادِهم في دين الله، وقد ولدوا في بيوتٍ مسلمةٍ،وفي بلاد إسلامية، وأسماؤهم أسماءُ المسلمين، ثم ما نرى ونسمع من اهتداءِ كثيرٍ في بلاد الشرق والغرب، ممَّن نشؤوا بعيدين عن الإسلام، وفي بيئاتٍ كافرةٍ متحللة، ومجتمعاتِ إلحادٍ وانطلاق، وصدق الله عزَّ وجل: [وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] {يونس:25}. فهو سبحانه يهدي هداية توفيق ومعونة بمشيئته التي لا تفارق حكمته وعلمه بما في نفوس عباده من خيرٍ إلى دين الإسلام الموصل إلى دار السلام.
قال الله تعالى:[ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] {البقرة:213}.
فالله عزَّ وجل يختار من عباده لهذا الصِّراط المستقيم من يشاء ممَّن يعلم منهم الاستعداد للهدى، والاستقامة على الصِّراط.
ويقول سبحانه في سورة الأنعام:[ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] {الأنعام:39}. أي: مَنْ يشأ الله الحكم عليه بالضلال لأنه قد ضلَّ بإرادته، يحكم عليه بالضلال، و مَنْ يشأ الله الحكم له بالهداية، لأنه اهتدى بإرادته، يحكم الله له بالهداية، والسَّيْر في حياته على طريق مستقيم.
ويقول سبحانه في في سورة الأنعام:[قُلْ فَللهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ] {الأنعام:149}.
ويقول سبحانه في سورة النحل:[ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ].
فالله سبحانه لو شاء لسلبنا إراداتنا الحرَّة، وجعلنا مجبورين لا اختيار لنا، فنكون مهديين كالملائكة، ولكن ذلك يلغي حكمة ابتلائنا في الحياة الدنيا.
ويقول عزَّ وجل في سورة الكهف:[ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا] {الكهف:17}. ومعنى هذه الآية وأمثالها في كتاب الله: مَنْ يحكم الله له بالهداية، لأنه اهتدى، باختياره الحر، فهو المهتدي الذي يعتني الله به ويحميه، ويُثيبه ثواباً عظيماً يُرضيه، ومَنْ يحكم عليه بالضلالة، لأنه ضلَّ باختياره الحر، فلن تجد له في الوجود كلِّه ناصراً ينصره، فيحكم له بالهداية ويوفقه حتى يكون رشيداً في مسيرته في الحياة الدنيا.
وقد خاطب الله تعالى المؤمنين، حين حَرَصوا على هداية قوم فلم يهتدوا: [أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا] {النساء:88} ومعنى هذه الآية : أتريدون ـ أيها المؤمنون المنخدعون بالمنافقين المتخلِّفين عن الهجرة ـ بتقديم الأعذار لهم ، وتحسين الظنِّ بهم ، أن تنسبوهم إلى الهداية ، مع أن الله تعالى قد أثبت لهم الضلال ، ومكَّنكم من الحكم عليهم بذلك ، استدلالاً بأقوالهم وأفعالهم التي تكشف عن حقيقة كفرهم . ومن يحكم الله عليه بالضلالة حكماً مستنداً إلى علمه وحكمته وعدله فلن تجد له ـ أيها الراغبب في تبرئته ـ سبيلاً لتبرئته مما هو عليه من الكفر المحقق الذي ظهرت دلائله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-01-2025, 05:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 3 ـ

الشيخ مجد مكي


سنن الله في الهدى والضلال:
للهدى والضلال سننٌ فمن اهتدى بآيات الله فقد هداه الله وَفْق سنَّته، وهو المهتدي حقاً، ومن لم يأخذ بأسباب الهدى ضلَّ،وجاء ضلاله وَفْقَ سنة الله ولن تجد له هادياً...
وإنَّ الذي تَتَّجه فطرته إلى الهدى يجد في صدره انشراحاً له، والذي تَتَّجه فطرته إلى الضلال يجد في صدره ضيقاً وعسراً: [فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ] {الأنعام:125}.
فَمَنْ يُرد الله أن يهديّه هداية توفيق ومعونة، لأنه اتَّجهت إرادته الجازمة الصادقة إلى الإيمان، يفتح صدره ويوسِّعه، لتطبيق الإسلام في سلوكه، على مقدار قوَّة إيمانه، ومن يرد الله أن ييسِّر له سبل الضلال، لأنه كفر بإرادته الحرة بما يجب أن يؤمن به، يجعل صدره شديد الضيق لا يطيق الخضوع والطاعة لله، كحال من يصعد في طبقات الجوِّ العليا.
فالإنسان هو الذي يختار بإرادته الحرة سبيل الإيمان، أو يختار سبيل الكفر، فإن اختار سبيل الإيمان انشرح صدره لتطبيقات الإسلام، وإن اختار سبيل الكفر، انقبضت نفسه، وضاق صدره، وهذا من سنن الله وقوانينه في نفوس عباده.
فالله سبحانه يُضِلُّ مَنْ يبغي الضلال لنفسه، ويُعرض عن دلائل الهدى وموجبات الإيمان.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-01-2025, 06:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 4 ـ

الشيخ مجد مكي


استعداد الإنسان للهدى والضلال



إنَّ مشيئة الله عزَّ وجل تجري في هذا الإنسان، فقد خلق الله فيه استعداداً مزدوجاً للهدى والضلال مع إعطائه العقل المميز للضلال والهدى، ومع إرسال الرسل بالبيِّنات لإيقاظ الفطرة إذا تعطلَّت وهداية العقل إذا ضل...
وقضت حكمة الله تعالى أن يكون في الناس مؤمن وكافر، وطائع وعاص، ومهتدٍ وضال، وشقيٌ وسعيد.
قال الله تعالى:[وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] {السجدة:13}. فالله سبحانه لم يشأ أن يخلق الإنسان مجبوراً على الطاعة كما خَلَق الملائكة مهديين كما لا يختار أن يخلقَ النفوس مجبورةً على الضلالة ، ولكن تمَّت حكمته بأن يهبَ الأنفس الاختيار الحر ، والقدرةَ على الكسب ضمن دائرة التكليف ، وقد ثبت القول الصَّادر منه : لأملأنَّ جهنم من كفار الجن والإنس أجمعين الذين اختاروا طريق الضلالة..
ويستحقُّ أهل الجنة دخول الجنة لاختيارهم الإيمان والطاعة،ويستحقُّ أهل النار دخول النار لاختيارهم الكفر والعصيان...
روى البخاري (2969)،ومسلم (4781)عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، وهو الصادق المصدوق: ( إنَّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يُرسل الملك، فينفخ فيه الروح، ويُؤْمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها).
وفي رواية: قالوا: أفلا نَتَّكل على كتابنا وندع العمل ؟ قال: (اعملوا فَكُلٌّ مُيَسَّر لما خُلِق له، أما من كان من أهل السعادة فييسَّر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فييسَّر لعمل أهل الشقاوة). ثم قرأ: [فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى] {الليل:7} . فالله سبحانه يُهيِّئ مَنْ أنفق ماله في سبيل الله ، واتَّقى عذابَ الله ، وأيقنَ بالشريعة الحُسْنى ـ ويعطيه من المعونات والإمدادات بالقوى الجسديَّة والنفسيَّة ما يُهوِّن عليه سلوك الصراط المستقيم الذي يستحق به الأمور اليُسْرى ، في الحياة الدنيا والآخرة ، وينال الجزاء الأوفى في جنَّات النعيم.
فلا يسع المؤمن إلا أن يكون خائفاً من الله، راجياً في رحمته، وأن يسأل الله سبحانه وتعالى حُسْن الخاتمة، ويستعيذ بالله تعالى من سُوء الخاتمة وشرِّ العاقبة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-01-2025, 11:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 5 ـ

الشيخ مجد مكي


هداية الرسل والكتب
ومن رحمة الله بالإنسان أنه لم يَدَعه لاستعداد فطرته، فأعانه بالرسل والرسالات والآيات التي تضع له الموازين الثابتة، وتكشف له عن دلائل الهدى، وتجلو عنه غواشي الهوى، فيبصر الهدى في صورته الصحيحة، وبذلك يتَّضح له الطريق وضوحاً كاشفاً، فيتصرَّف حينئذ عن بصيرة وإدراك... فأنزل الله تعالى هذا القرآن على خاتم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليكون هدىً للناس، يعرفون به أوامر الله تعالى ونواهيَهُ، وشرائعَه وأحكامَهُ.
القرآن الكريم هُدىً:
قال الله تعالى: [ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ] {البقرة:2}.فالهدى حقيقته، والهدى طبيعته، والهدى كيانه... ولكن لمن يكون ذلك الكتاب هدىً ونوراً،ودليلاً ناصحاً مبنياً؟ للمتقين.. وإنما خصَّ الله تعالى المتقين بهدايته، وإن كان هدىً للخلق أجمعين، تشريفاً لهم، لأنهم آمنوا به، وصدَّقوا بما فيه.
وقال تعالى في القرآن الكريم أيضاً:[هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ] {آل عمران:138}.
وقال عزَّ وجل:[هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] {الجاثية:20}.
ويقول سبحانه:[ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ] {فصِّلت:44}.
وقال سبحانه على لسان الجنِّ لما سمعوا القرآن:[ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا(1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ (2) ]. {الجنّ}.. يهدي إلى الرُّشد بما ينشئه في القلب من إدراك ومعرفة، وهدى ونور، كما يهدي إلى الرشد بمنهجه التنظيمي للحياة، ويهدي إلى الرشد في عالم العبادة في حدود القصد والاعتدال، ويهدي إلى الرشد في علاقات الناس إنه الهدى الذي لا يقيد بزمان ولا مكان: [إِنَّ هَذَا القُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ] {الإسراء:9}.
الأنبياء دعاة هدى:
والأنبياء عليهم السلام دعاةُ هدىً، أنعم الله عليهم بالهداية، واصطفاهم من الناس قال الله تعالى على لسان رسله: [وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا] {إبراهيم:12}.
وقال سبحانه بعد ذكر طائفةٍ من رسله:[وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ] {الأنبياء:73}.
وقال تعالى في موسى وهارون عليهما السلام:[وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ] {الصَّفات:118}.
فالرسل صلوات الله عليهم وسلامه ـ لا ينشؤون الهدى في القلوب، وإنما يبلِّغون الرسالة.
قال الله سبحانه لموسى عليه السلام في دعوته لفرعون:[اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى(18) ]. {النَّازعات}..
وقال تعالى في إبراهيم عليه الصَّلاة والسلام يخاطب أباه:[يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا] {مريم:43}.
وقال الله عزَّ وجل لنبيَّنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:[ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] {الشُّورى:52}.
روى البخاري(6738) عن جابر رضي الله عنه قال: (جاءت ملائكة إلى النبيِّ صلى الله عليه و سلم وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم. وقال بعضهم: إنَّ العين نائمة، والقلبَ يقظان.
فقالوا: إنَّ لصاحبكم هذا مثلاً، فاضربوا له مثلاً، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال: بعضهم: إنَّ العين نائمة والقلب يقظان.
فقالوا: مَثَلُه كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدبة، وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار، وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة. فقالوا: أوِّلوها له يفقهها. فقال: بعضهم. إنه نائم. وقال بعضهم: إنَّ العين نائمة، والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعي محمد صلى الله عليه و سلم، فمن أطاع محمداً صلى الله عليه و سلم، فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً صلى الله عليه و سلم فقد عصى الله، ومحمد صلى الله عليه و سلم فَرْقٌ بين الناس) فهو صلى الله عليه وسلم فَرْقٌ بين الهدى والضلال ، والحق والباطل.
هداية الدلالة وهداية التوفيق:
وعلى هذا فإنَّ الهدى نوعان: هدى دلالة ودعوة وتنبيه، وهو الذي تقدر عليه الرسل وأتباعهم... وهدى تأييد وتوفيق، وهو الذي تفرَّد به سبحانه وتعالى.
***

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-01-2025, 11:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 6 ـ

الشيخ مجد مكي


أسباب الهداية
إنَّ للهدى سُنناً وأسباباً والهداية إلى صراط الله المستقيم هدفٌ ينشده كل مسلم، ولابدَّ من صدق العزيمة، والأخذ بالأسباب، والعوامل التي تحقق الهداية.
1 ـ ومن أعظم أسباب الهداية:الإيمان.
قال تعالى:[ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] {آل عمران:101}.
وقال سبحانه:[ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقًا] {الطَّلاق:11}. وأما الذين لم يؤمنوا بالله فلا يهديهم بكفرهم وإعراضهم عن الآيات المؤدية إلى الهدى. قال تعالى:[إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللهُ] {النحل:104}. فلا يحكم الله لهم بالهداية ، لأنهم أصرُّوا على كفرهم وجحودهم بآيات الله الكونيَّة والبيانية والإعجازية.
والذي يكفر بالله عزَّ وجل الذي تؤمن به الفطرة من أعماقها، ويكفر بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. الذي يكفر تكون فطرته قد بلغت من الفساد الذي لا يرجى معه هدى ولا يرتقب بعده مآب. يقول الله عزَّ وجل: [وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا] {النساء:136}.
2 ـ ومن أسباب الهداية: اتِّباع ما أمر الله تعالى به:
قال سبحانه: [يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(16)]. {المائدة}. فهو سبحانه يخرجهم من ظلمات الشبهات والتصوُّرات والشهوات... ويهديهم إلى صراطٍ مستقيم.. مستقيم مع فطرة النفس ومع فطرة الكون.. فالله الذي خلق الإنسان وفطرته،وخلق الكون وسننه.. هو الذي وضع للإنسان هذا المنهج، وهو الذي رضي للمؤمنين هذا الدين فبَدَهي أن يهديهم هذا الدين إلى الصراط المستقيم، حيث لا يهديهم منهج سواه، من صنع البشر الجهال العاجزين.
3 ـ ومن أسباب الهداية أيضاً: مجاهدة النفس في طاعة الله عزَّ وجل.
قال تعالى:[وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ] {العنكبوت:69}.
فالذين جاهدوا أنفسهم من أجل الله سبحانه بالصبر على الطاعات ومخالفة الهوى، وجاهدوا المشركين بالصبر على أذاهم، واتخاذ السبل للهجرة والفرار بدينهم، يوفقهم الله سبحانه إلى سُبل نجاتهم وسلامتهم من المشركين والمتجبِّرين، وييسِّر لهم طرق هجرة آمنة، معها تأمين رزقهم ومعاشهم، وإن الله سبحانه مع المحسنين الذين أحسنوا التَّصرُّف واتخذوا الشروط السببية الملائمة، وهو معهم سبحانه بنصره وتأييده ومعونته.
4 ـ سَعَة الصدر، وانشراحه بالإسلام:
قال تعالى:[فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ] {الأنعام:125}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية:{يشرَحْ صَدْره للإسلام}:يوسِّع قلبه للتوحيد والإيمان.
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ المؤمنين أكيس؟ قال: (أكثرُهم للموت ذكراً، وأحسنهم لما بعده استعداداً). رواه ابن ماجه (4249) من حديث ابن عمر.
وسُئل عن هذه الآية. قالوا: كيف يشرح الله صدره يا رسول الله ؟ قال: نورٌ يقذف فيه، فينشرح له وينفسح. قالوا: فهل لذلك من أمارة يُعرف بها؟ قال: (الإنابة إلى دار الخلود، والتَّجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله) قال العراقي: أخرجه الحاكم في (المستدرك) (7863)، والبيهقي في (الزهد) من حديث ابن مسعود.
وإذا كان التوحيد مفتاح الهداية، فإنَّ عمل الصَّالحات هي الأسنان لهذا المفتاح، فلنحرص على عمل الصالحات، والتقرُّب إلى الله بسائر الطاعات، ونصير بذلك منشرحي الصَّدر مُطمئني القلب.
ولنحذر أن تسيطر علينا الغفلة، أو أن تغرينا اللذة العاجلة، فتضيقُ بنا الحياة على سَعَتها، وتظلم الدنيا في أعينينا.

***


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29-01-2025, 12:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 7 ـ

الشيخ مجد مكي


الدعاء وأثره في الهداية
5 ـ ومن أسباب الهداية: الدعاء: فقد علَّم الله تعالى عباده أن يسألوه الهداية في قوله:[اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ] {الفاتحة:6}.
وذلك في كلَّ ركعة من ركعات الصلاة وفي غيرها من الأحوال.
وربَّ قائل يقول: كيف يسأل المؤمن الهداية في كلِّ وقت من صلاة وغيرها، وهو متَّصف بها؟
فالجواب: لأنَّ المؤمنَ مفتقرٌ إلى هداية ربِّه في كلِّ لحظةٍ وفي كل حال. فأرشده الله أن يسأله في كلِّ وقت أن يثبته على الهداية، فإن من شأن المؤمنين أن يسألوا الله تعالى دوام الهدى.
قال الله تعالى على لسان المؤمنين أولي الألباب:[رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ] {آل عمران:8}.والقلب المؤمن يُدرك قيمة هذا الاهتداء بعد الضلال، وقيمة الرؤية الواضحة بعد الظلام، وقيمة الاستقامة على الدرب بعد الحيرة، وقيمة التحرر من العبودية للعبيد بالعبودية لله عزَّ وجل، ومن ثم يشفق من العودة إلى الضلال،كما يشفق السائر في الدرب المستقيم المنير من أن يعود إلى التخبط في المنعرجات المظلمة، وكما يشفق من ذاق نداوة الظلال أن يعود إلى الهجير القائظ والشواظ... وفي بشاشة الإيمان حلاوة لا يدركها إلا من ذاق جفاف الإلحاد وشقاوته المريرة...
وفي طمأنينة الإيمان حلاوة لا يدركها إلا من ذاق شقوة الشرود والضلال... ومن ثَمَّ يتَّجه المؤمنون إلى ربهم بهذا الدعاء الخاشع:[رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا] {آل عمران:8}. وينادون رحمة الله التي أدركتهم بالهدى بعد الضلال،ووهبتهم هذا العطاء الذي لا يعدله عطاء:[ وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ] {آل عمران:8}. فهم يعرفون أنهم لا يقدرون على شيء إلا بفضل الله تعالى ورحمته، وأنهم لا يملكون قلوبهم فهي في يد الله تعالى، فيتّجهون إليه بالدعاء أن يثبتهم على الهدى، وألا يزيغ قلوبهم بعد الهدى، وأن يسبغ عليهم رحمته وفضله.
روى الترمذي(2066)، وابن ماجه (3824)، وأحمد (11664) عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَافُ عَلَيْنَا، وَقَدْ آمَنَّا بِكَ، وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ، فَقَالَ: (إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا) .
وروى أحمد (23463) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: دَعَوَاتٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُكْثِرُ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ قَلْبَ الْآدَمِيِّ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ).
ومتى استشعر القلب المؤمن وقع المشيئة على هذا النَّحو لم يكن أمامه إلا أن يلتصق بركن الله في حرارة، وأن يتشبَّث بحماه في إصرار، وأن يتَّجه إليه يناشدُه رحمتَه وفَضْلَه لاستبقاء الهدى الذي وهبه، والعطاءِ الذي أولاه.
فالدعاء سلاح المؤمن في الشَّدائد، فلا تَسْأم من الاستكثار من الدعاء، ولا تقل: دَعَوْتُ دَعَوْتُ ولم يستجب لي، فدعاؤك محفوظ، فإما أن يعطيكَ الله، ما دعوت، أو يصرف عنك من السُّوء مثله، أو يدَّخر لك دعوتك حين تلقاه، وأنت في أشدِّ الحاجة إليها:[وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ] {غافر:60}.
يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم) رواه مسلم (4674) من حديث أبي ذر.
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم كان لا يفْتُر من الدعاء، وهو المغفور له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر: فكان يدعو حين القيام لصلاة الليل: (اللهمَّ ربَّ جبريل وميكائيلَ واسرافيلَ، فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اللهم اهدني لما اختلف من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) رواه أحمد (23188) ، وأبو داود (653) ، والترمذي (3342) ، والنسائي (1607) من حديث عائشة رضي الله عنه .
***

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-01-2025, 01:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 8 ـ

الشيخ مجد مكي




من أسباب الهداية
6 ـ ومن أسباب الهداية: استدامة ذكر الله تعالى:
وذكر الله عاملٌ مهم لطمأنينة القلب وانشراح الصدر، يقول خالق هذا القلب والعالم بمكنوناته وأسراره:[ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ] {الرعد:28}. وعلى قدر ذكرنا لله يذكرنا الله:[فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ] {البقرة:152}.بل يذكرنا ا لله سبحانه: (من ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خيرٍ منه) رواه البخاري (7405) ، ومسلم (2675) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وحينما نتكاسل عن ذكر الله يسلِّط الله علينا الشياطين، فيكونوا قرناء لنا :[وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ] {الزُّخرف:36}.
فيا من تبحثون عن الهداية، وترغبون في الجنة إليكم هذه الوصيَّة من أبي الأنبياء إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم: (لقيتُ إبراهيم ليلةَ أُسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك منّي السلام، وأخبرهم أنَّ الجنة طيبةُ التربة، عذْبة الماء، وأنها قيعان ، وأنَّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر) رواه الترمذي (3384) وقال: حسن غريب.
7 ـ ومن أسباب الهداية: تلاوة كتاب الله تعالى بتدبُّر وتفكُّر خشوع:
[إِنَّ هَذَا القُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا] {الإسراء:9}.
وفي القرآن الشفاء والرحمة:[وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا] {الإسراء:82}.
وأثر القرآن واضحٌ مشهودٌ، مهما بلغت القلوب منه قسوتها، وهذا جُبير بن مطعم بن عدي قدم المدينة في وفد أسارى بدر، فسمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بسورة الطور، فلما بلغ هذه الآية:[أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ(35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ(36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ(37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ(38) ]. {الطُّور}.. كاد قلبه أن يطيررواه البخاري (4476).
ومثل ذلك في قصص بعض التائبين، ومنهم الفضيل بن عياض الذي كان يقطع الطريق، ويخوف المارين وينهب المسافرين، وكان ذات يوم يتسلق بيتاً فسمع قارئاً يقرأ:[أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ] {الحديد:16}. فتاب ورجع إلى الله.
8 ـ و من أسباب الهداية: رفقة الصَّالحين الأخيار:
فكم من ضال هداه الله على أيدي الصَّالحين الأخيار... و(المرءُ على دين خليله، فلينظر أحدكم مَنْ يخالل) رواه أحمد (7685) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومُجرَّد محبَّة الصَّالحين تورد المرء موارد الخير إنْ صدقت النية، فقد سُئل رسول الله عن الرجل: يحبُّ القوم ولما يلحق بهم، فقال صلى الله عليه وسلم : (المرء مع من أحب). رواه البخاري (5702) ، و مسلم (4779) من حديث ابن مسعود.
***


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-02-2025, 11:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 9 ـ

الشيخ مجد مكي




الأخذ بأسباب الهداية واجتناب موانعها



ينبغي أن تُطلب الهداية بالضراعة إلى الله بالدعاء والسؤال قولاً ، بالإنابة إلى الله عزَّ وجل، وسلوكِ طريق المهتدين عملاً. أما أن يُخلِدَ الإنسان إلى الهوى،ويقعد عن الطاعة، ويحيل على المقادير فلا يطلب الهداية ولا يتعاطى أسبابها.. فهذا شقاء وضلال..
والذي يفضح أمثال هؤلاء، أنهم لا يقعدون عن طلب الرزق، والسَّعي في أمورهم الدنيوية مع اعتقادهم أنَّ الله هو الرزاق، فكما يتعاطون الرزق فينبغي أن يتعاطوا أسباب الهداية والمغفرة ويَسْعَوا في الحصول عليها.
موانع الهداية:
مما يمنع من الهدى، ويحرم العبد منه، أوصاف ذميمة، جاء بيانها في آياتٍ كريمة، كالكفر، والظلم، والفسق، والكذب، واتِّباع الهوى.
يقول الله عزَّ وجل:[ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ] {الزُّمر:3}.
ويقول سبحانه:[إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا] {النساء:137}.
إنَّ الكفر الذي يسبق الإيمان يغفره الإيمان ويمحوه، فالذي لم يشهد النور معذور إذا هو أدلج في الظلام.. أما الكفر بعد الإيمان.. مرة، ومرة... فهو الكبيرة التي لا مغفرة لها ولا معذرة، لأنهم هم الذين أضاعوا السبيل من بعد ما عرفوه وسلكوه... وهم الذين اختاروا الضلال والغَواية بعدما هدوا إلى الهدى والنور.
ومما يمنع من الهدى: الظلم والفسق.
قال الله تعالى:[ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] {البقرة:258}.
ويقول سبحانه: [وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {المائدة:108}.
ومما يمنع عن الهدى : البخل والاستغناء بالمال عن طلب ثواب الله عزَّ وجل ، والتكذيب بالعقيدة الحُسنى . قال الله سبحانه : [وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى] {الليل:8-10} .
فمن بخل بالنفقة على الفقراء والمساكين وذوي الحاجات ، واستغنى بأمواله عن ربِّه عزَّ وجل ، وكذَّب بالشريعة الحُسْنى المفضَّلة بالحُسْن عن كلِّ ما سواها، فسيهيئة الله لاختيار الأسباب والوسائل المسخَّرة له ، حتى تنتهي حياته للأمور العسرى التي تُورث الخُسران في الدنيا والآخرة ، جزاءً له على استغنائه عن ربه ، وعدم إنفاق ماله في الخير ، و تكذيبه بالملَّة الحسنى
***

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 07-02-2025, 12:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدى والضلال

الهدى والضلال ـ 10 ـ

الشيخ مجد مكي


نعمة الهداية إلى الإيمان وأهمية الدعوة إليه







نِعَم الله تعالى على العباد كثيرة لا تحصى: [وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ] {النحل:18}.
وأجلُّ النِّعم وأعظمُها: نعمة الهداية إلى دين الله، والعمل بطاعة الله.
ولهذا قال الله تعالى في آيات الصوم:[ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {البقرة:185}.
وقال تعالى في آيات الحج:[ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ] {البقرة:198}.
وقال تعالى في الذبائح في الحج: [لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ] {الحج:37}.
ومن أعظم النِّعم التي ينعم الله بها على عباده: الإيمان، إنه أكبر من نعمة الوجود وسائر ما يتعلق بالوجود... إنها المنَّة التي تجعل للوجود الإنساني حقيقةً مميزةً، وتجعل له في نظام الكون دوراً أصيلاً عظيماً.
قال تعالى في بعض الأعراب الذين جاؤوا يمنِّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسلموا:[يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] {الحجرات:17}.
وهكذا لا يخطو المسلم في حياته خطوة، ولا يتحرك في ليله أو نهاره حركة، إلا وهو ينظر فيها إلى الله تعالى، ويجيش قلبه فيها بتقواه، ويتطلع فيها إلى وجهه ورضاه... فإذا الحياة كلُها هدى...
الدعوة إلى الهدى:
لقد اهتدى المسلمون الأوَّلون إلى دين الله، ودَعَوْا إليه، وحملوا لواءه فأنقذوا العالم، وأخرجوا الناس من الظلمات إلى النُّور، ومن عبادة الخلق إلى عبادة الخالق سبحانه...
وإنَّ العالم اليوم لينقصَهُ جيلٌ إسلاميٌّ، يحمل لواء الهدى، ويعمل بهدي الإسلام، ويدعو إليه بالقول والعمل... فالدعوة إلى الله تعالى وإلى سبيل الهدى، ديدن المؤمنين في كلِّ زمان ومكان.
روى مسلم (4831) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجورِ من تَبِعَه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً).
وروى البخاري(2724) ،ومسلم (4423) عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (فوالله لأنْ يهديَ اللهُ بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمُر النَّعم) ـ وهي الإبل الحمر من أشرف أموال العرب ـ.
التَّحذير من كتمان الهدى:
ولقد حذَّر الله تعالى من كتمان الهدى، ومن السكوت عن الحق، قال الله تعالى محذِّراً من كتمان الهدى والعلم:[إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ] {البقرة:159}.
روى أبو داود (3775)، والترمذي(2594) عن أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس؟ إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ] {المائدة:105}.وإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمَّهم بعذاب من عنده).
ضرورة الدعوة إلى الهدى:
ومما يؤكد على ضرورة الدعوة إلى الهدى أنَّ أهل الضلال يدعون إلى ضلالهم، ويحرصون على إضلال الناس.
يقول سبحانه في سورة الأنعام:[وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ] {الأنعام:116}.
ويقول عزَّ وجل:[وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ] {لقمان:6}.
ويقول سبحانه:[وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ] {آل عمران:69}.
والشيطانُ يدعو إلى ضلال: [إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ] {القصص:15}.[ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا] {النساء:60}.
ضلال الكفار:
والكفار هم أشدُّ الناس ضلالاً، لقد ضلُّوا عن هُدى الله، ضلُّوا فكراً وتصوراً واعتقاداً، وضلوا سلوكاً ومجتمعاً وأوضاعاً... ضلوا في الدنيا وضلوا في الآخرة... ضلوا ضلالاً لا يُرتجى معه هدى:[ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا] {النساء:116}.
وهؤلاء الكفار لم يفتحوا القلوب التي أعطوها ليفقهوا... ولم يفتحوا أعينهم ليبصروا آيات الله الكونية... ولم يفتحوا آذانهم ليسمعوا آيات الله المتلوة... لقد عطلوا هذه الأجهزة التي وهبها الله لهم ولم يستخدموها... ولقد عاشوا غافلين لا يتدبَّرون:[وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ] {الأعراف:179}.
مصير أهل الضلال:
والله سبحانه يُبيِّن لنا مصير أهل الضلال: [وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ(92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ(93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ(94) ]. {الواقعة}..وهؤلاء هم الذين يقول الله تعالى لهم: [ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ المُكَذِّبُونَ(51) لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ(52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا البُطُونَ(53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحَمِيمِ(54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهِيمِ(55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ(56) ]. {الواقعة}.
ويقول الله تعالى مخاطباً لهم: [أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ(105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ(106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ(107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ(108)] {المؤمنون}.
مصير أهل الهدى:
أما أهل الهدى فهم في جنَّات الفردوس خالدون مستقرون ناعمون:[وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ] {الأعراف:43}.
[إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ(10) ]. {يونس}..
دعاء:
[إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ] {آل عمران:193}.
[قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ] {الأعراف:23}.
[ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ] {المؤمنون:118}.
اللهمَّ اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شيء قدير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 125.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 120.40 كيلو بايت... تم توفير 5.31 كيلو بايت...بمعدل (4.22%)]