أثر بث التسجيل الأول للمصحف المرتل
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
لقد ترك التسجيل الأول للمصحف المرتل أثرًا عظيمًا وبليغًا في نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وذلك بعد ذيوع خبر تسجيله وانتشاره عبر الأسطوانات المسجلة، وبدء بثِّه عبر الإذاعات، وكان ذلك بمثابة إشارة بدء الانطلاق، ودخول مرحلة جديدة يشهدها العالم الإسلامي، يتمكَّن من خلالها المسلمون في أقطار الدنيا من سماع كلام ربهم المنزل على نبيهم صلى الله عليه وسلم، يسمعونه بأكمله من إمام أئمة الأداء، ممن شهد له علماء العصر من أئمة علم القراءات بالإتقان، يسمعونه من فاتحته لخاتمته مرتلًا ومجودًا ومحبرًا بصوت من أحسن الأصوات وأعذبها جمالًا وبهاءً وأداءً له بإجلال ووقار وتخشُّع، صحيحًا سليمًا خاليًا من اللحن، مماثلًا لما انتهى إليه أمر المصاحف العثمانية التي أجمع عليها الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وأجمعت عليها الأمة قاطبةً، وتلقَّتها بالقبول والفرح والرضا؛ كما قال ربنا: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].
وهذا العمل العظيم والإنجاز الكبير الذي وَصَّلَ للمسلمين كتاب ربهم - القرآن العظيم - صوتًا مسموعًا، كما كتب في المصاحف العثمانية في أول أمره، يُعد نعمة من أجلِّ نِعم الله على عباده، كما أنه يُعد بحقٍّ مَفخرة من أعظم وأجل مفاخر أمة الاسلام في هذا العصر.