قول القلب وعمله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4839 - عددالزوار : 1723412 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4405 - عددالزوار : 1141144 )           »          قاعدة الحياة في القرآن: كيف يحدد عملك مصيرك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 109 )           »          “غربة الإسلام” في عصر التقنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 104 )           »          نحو مجتمع معلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 117 )           »          طريقك إلى الجنة يبدأ بمحبة الخير للغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 114 )           »          لا بأس طهور إن شاء الله: أثر زيارة المريض في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          خطورة الابتعاد عن المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 116 )           »          هل يجب على الزوجة خدمة أهل زوجها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          الحكمة من عدة الأرملة أو المطلقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-04-2025, 12:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 150,455
الدولة : Egypt
افتراضي قول القلب وعمله

قولُ القلب وعملُهُ

إبراهيم الدميجي



بالله أبدأ، وبه أستعين، وعليه أتوكل، وإياه أحمَدُ، وإليه أتوجُّه، فنعم المولى، ونعم الرب، ونعم الإله، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدَّخرها ليوم لُقياه، له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم في المبدأ والمنتهى، وإليه ربنا المنتهى.


اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وعليك الثناء الحسن كله؛ أوله وآخره، علانيته وسرُّه، أحقُّ من ذُكر، وأحق من شُكر، وأحق من حُمد، وأحق من عُبد، عز وجل، وتقدس وتعالى عن النظير، وعن النِّدِّ، وعن الشريك، اللهم لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، خلقتنا ولم نكُ شيئًا، ورزقتنا من غير حولٍ منا ولا قوة، وجعلتنا من خير أمة، وخصصتنا بأعظم نبيٍّ، وأنزلت إلينا خيرَ كتاب، وهديتنا للإسلام والإيمان، اللهم قد عجزنا عن إحصاء نِعمك فكيف بشكرها؟! فلك الحمد والشكر.


وأشهد أن محمدًا عبدُالله ورسوله، وخيرتُه من خلقه، وصفوته من أوليائه، له المقام المحمود، واللواء المعقود، والحوض المورود، والوسيلة العالية، الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فهدى به من الضلالة، وأنقذ به من الهلكة، وبصَّر به من العمى، وفتح به أعْيُنًا عُمْيًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلْفًا، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.


اللهم إني أشهد أنه قد بلغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وعبَدك حتى أتاه اليقين، اللهم فاجْزِهِ عنا خير ما جزيت نبيًّا عن أمته، اللهم واملأ قلوبنا من محبته، وارزقنا اتباع سنته، والثبات على شِرعته، والموت على مِلته، والثبات عند السؤال على حُجته، والحشر تحت لوائه وفي زمرته، والرِّيَّ من حوضه، وأسعِدنا بشفاعته، وأدخِلنا معه أعلى الجنة برحمتك ومنتك، وكرمك وجودك، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا كريم يا وهَّاب، يا رازَّق يا رزاق، يا ربنا يا ألله!


أخي في الله، إن أعظم الأعضاء خطرًا وأشدها أهميةً، وأنفعها إن صلح، وأضرها إن فسد، هو القلب؛ ففي الحديث المتفق على صحته[1] عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألَا إن في الجسد مضغةً، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألَا وهي القلب))، فحقيقٌ بكل ناصح لنفسه، بصيرٍ بغاية خلقه، مريد لحسن معاده وحشره، أن يُوليَ هذه المُضغة غايةَ الأهمية، وأن يحرسها ويراقبها، ويُغذيها وينقيها؛ حتى تصفوَ وتزكو، وتكون مضغة مُرضِيَة؛ فهي محل نظر الرب تعالى، ومنها وإليها مبدأ ومنتهى العقائد والأعمال، فالسعيد من كان قلبه سليمًا مؤمنًا خالصًا، لذا، فلما كان لهذا القلب من أهمية وخطر؛ أحببت أن أجلو لنفسي ولإخوتي بعض أقواله وأعماله، عسى أن يصحَّ القلب بعد السُّقم، ويتوب بعد اللَّمم، وإلى الله المشتكى، وهو المستعان والمستغاث والمستعاذ، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.


وسميت هذه الموسوعة: (تعظيم علَّام الغيوب بتوضيح أعمال القلوب)، كتبت فيها عن أعمال القلب، وأدخلت فيه بعض أقواله؛ كاليقين والثقة بالله، لأهميتها في صلاحه، وتأثيره المباشر على أعماله، إضافة إلى بعض ثمرات تلك الأقوال والأعمال القلبية؛ كالحياة والسَّكينة والطمأنينة، ولأن الكتاب ضخم وصفحاته بالألوف؛ فقد اخترت - بعد استخارة ربي تبارك وتعالى - أن أجعل أبوابه كتبًا مستقلة مشيِّدة لتفاصيل مبانيه، جامعةً لشوارد معانيه، سائلًا ربي السدادَ والتوفيق، والهدى والإخلاص، إنه خير مسؤول، وهو حسبي ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على محمد، وآله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فقد تقدم الكلام على معنى القلب وحدِّه والمراد به، أما الآن فإلى بيان قوله وعمله.


اعلم - رحمني الله تعالى وإياك - أن أهل السنة والجماعة يُدخلون الأعمال في مسمَّى الإيمان، وهذا بإجماعهم[2] وهو الحق الذي لا مِرية فيه.


ويجعلون القسمة رباعية، فيقولون: إن الإيمان قول القلب وعمله، وقول اللسان، وعمل الجوارح.


قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "فإذا كان القلب صالحًا بما فيه من الإيمان علمًا وعملًا قلبيًّا، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل، باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تبع للباطن لازم له، متى صلح صلح الظاهر، وإذا فسد فسد، ولهذا قال مَن قال من الصحابة عن المصلي العابث: لو خشع قلبُ هذا، لَخشعت جوارحه..."[3].


إذًا؛ فالقول قولان، والعمل عملان، فالقول الأول: قول القلب؛ وهو إقراره وتصديقه بالله تعالى وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقَدَر.


والقول الثاني: هو قول اللسان؛ أي: نطقه، كالشهادتين.


وأما العملان: فعمل القلب؛ كالمحبة والرجاء، والخوف والتوكل، ونحو ذلك، وفرقُها عن قول القلب أن قول القلب فيه سكون وقرار، أما الأعمال ففيها حركة وانبعاث، والله أعلم.


والعمل الثاني: هو أعمال الجوارح؛ كالصلاة والحج والجهاد، ونحوها.


فالإيمان يشمل هذا كله يزيد بزيادتها، وينقص بنقصانها، وهي شُعَب وأجزاء؛ منها ما يزول الإيمان بزوالها كالإيمان بالله وملائكته، أو الشهادتين مع القدرة عليهما، أو محبة الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو جنس العمل.


ومنها ما لا يزول الإيمان بزوالها، لكن ينقص ويضعُف؛ كإماطة الأذى عن الطريق.


قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "فإن الإيمان أصله الإيمان الذي في القلب، ولا بد فيه من شيئين: تصديق بالقلب وإقراره ومعرفته، ويُقال لهذا: قول القلب؛ قال الجُنيد بن محمد: التوحيد: قول القلب، والتوكل: عمل القلب، فلا بد فيه قول القلب وعمله، ثم قول البدن وعمله، ولا بد فيه من عمل القلب؛ مثل: حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وخشية الله، وحب ما يحبه الله ورسوله، وبغض ما يُبغضه الله ورسوله، وإخلاص العمل لله وحده، وتوكُّل القلب على الله وحده، وغير ذلك من أعمال القلوب التي أوجبها الله ورسوله، وجعلها من الإيمان.


ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفةٌ وإرادة، سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((ألَا وإن في الجسد مُضغة، إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد؛ أَلَا وهي القلب))[4] [5].


وقال رحمه الله تعالى: "والدين القائم بالقلب من الإيمان علمًا وحالًا هو الأصل، والأعمال الظاهرة هي الفروع، وهي كمال الإيمان.


فالدين أول ما يُبنى من أصوله ويكمل من فروعه، كما أنزل الله بمكةَ أصوله من التوحيد والأمثال التي هي المقاييس العقلية، والقصص والوعد والوعيد، ثم أنزل بالمدينة لمَّا صار له قوة فروعه الظاهرة من الجمعة والجماعة... فأصوله تُمِدُّ فروعه وتُثبتها، وفروعه تكمل أصوله وتحفظها، فإذا وقع نقصٌ ظاهر فإنما يقع ابتداء من جهة فروعه؛ لهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((أول ما تفقدون من دينكم الأمانةُ، وآخره الصلاة))[6] ، ورُوِيَ عنه أنه قال: ((أول ما يُرفع الحكم بالأمانة))[7] ، والحكم هو عمل الأمراء وولاة الأمور..."[8].


ولا يعني هذا أن القلب هو المحرك الوحيد للجوارح، بل قد يكون العكس، فأعمال الجوارح لها أثر مباشر في صلاح القلب وفساده؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله: "والعمل له أثر في القلب من نفع وضر وصلاح قبل أثره في الخارج، فصلاحها عدل لها، وفسادها ظلم لها.


قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت: 46]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء: 7].


قال بعض السلف: "إن للحسنة لنورًا في القلب، وقوة في البدن، وضياءً في الوجه، وسَعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة لَظلمة في القلب، وسوادًا في الوجه، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق"[9].



[1] البخاري (52)، ومسلم (1599).

[2] وقد شذَّ عن ذلك بعض الأكابر، ولكن شذوذه مردود مسبوق بالإجماع المنعقد قبله.

[3] الإيمان الكبير من مجموع الفتاوى (7/ 187).

[4] متفق عليه، وسبق تخريجه (ص6).

[5] مجموع الفتاوى (7/ 186).

[6] الخرائطي في مكارم الأخلاق (ص28)، والضياء في المختارة (1/ 495)، وصححه الألباني بشواهده الكثيرة في الصحيحة (4/ 319).

[7] أحمد (5/ 251)، وذكره الوادعي في الصحيح المسند (490).

[8] مجموع الفتاوى (10/ 365).

[9] مجموع الفتاوى (10/ 98).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.18 كيلو بايت... تم توفير 1.62 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]