المعالجة النفسية بالإيمان - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 850058 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386243 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-09-2020, 03:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي المعالجة النفسية بالإيمان

المعالجة النفسية بالإيمان


رحيل بهيج







بدأت تظهر حديثًا اتجاهات بين بعض علماء النفس تنادي بأهمية الدين في علاج الأمراض النفسية، وترى أن في الإيمان بالله قوة خارقة تمدّ الإنسان المتدين بطاقة روحية تُعينه على تحمل مشاقّ الحياة، وتجنبه القلق الذي يتعرض له كثير من الناس في العصر الحديث حيث يسيطر الاهتمام الكبير بالحياة المادية، ويفتقر في الوقت نفسه إلى الغذاء الروحي، مما سبب الكثير من الضغط والتوتر لدى الإنسان المعاصر، وعرّضه للأمراض النفسية. وممن نادى بذلك عالم النفس الأمريكي وليم جيمس الذي قال: «إن أعظم علاج للقلق، ولا شك، هو الإيمان».


لهذا نجد الروح هي العنصر الذي يربط الإنسان بخالقه؛ فعندما ينسى الإنسان ربه تضعف هذه العلاقة ويحدث الاضطراب في فعاليته مما يؤدي إلى ظهور الكثير من المشاكل لديه. لهذا، عندما يتمّ تناول مشاكل الإنسان وعلاجها يجب الاهتمام بالجوانب الدينية الإيمانية، والأخلاقية، والروحية. فالإيمان بالله هو مبدأ أساسي يقوم عليه أي نظام علاجي في علم النفس من وجهة النظر الإسلامية.


إن كل إنسان، مهما كانت مهنته وعمره، معرّض في كل لحظة، وخاصة عندما يخلو بنفسه، لأفكار تخويفية لا يجد حلًّا جذريًا لها إلا بالإيمان. ولذلك فإن أكثر حالات العُصاب كالقلق بمظاهره النفسية والعضوية والخوف والوسوسة، أو أداء السلوك الجبري وعُصاب الشخصية، هي من استطبابات العلاج النفسي الإيماني.


فمعظم القُرَح المَعِدية لا ترجع إلى ما يأكله الناس كما يقال، وإنما إلى ما تأكله قلوبهم، ولا بدّ للمريض من علاج قلبه وأحقاده أولًا، وليكن لنا أُسوة بالأنبياء الذين كانوا يدعون لأعدائهم بالهداية. فإذا تطهّرت قلوبنا وصرنا مخلصين، فإننا نشقّ طريقنا نحو الشفاء.


وهنالك الكثير من الحالات النفسية التي يلعب الخوف والقلق دورًا هامًا فيها، فإذا عولج الخوف والقلق على أساس تدعيم إيمان الإنسان بالله فإن الصحة والشفاء يعودان إلى الإنسان بصورة سحرية في كثير من الحالات.


وأذكر هنا، على سبيل المثال، قصة ذلك الشاب المغربي المسلم الذي التقيتُه في فرنسا خلال فترة تدريبي في أحد مراكز العلاج النفسي، حيث جاء يروي معاناته النفسية ويخبر بأنه لم يعد لحياته أي معنى وأن جميع الأبواب موصدة أمامه، وأنه يفكر في الانتحار. كان ذلك الشاب قد انقطع كليًا عن الله منذ عشر سنوات، تراكمت خلالها الذنوب والمعاصي حتى كادت تقتله. احتار مدرِّبي ماذا يفعل أمام خطورة الموقف، أما أنا فلم يكن أمامي حينها سوى ذكر آية قرآنية كانت قد حضرت إلى ذاكرتي تلقائيًا ووقعتْ في نفسه وقْعًا شديدًا فأضاءت له الأمل من جديد: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. توجّه الشاب في اليوم التالي، وكان يومَ جمعة، إلى المسجد وصلّى في جماعة بعد غياب دام عشر سنين، وهناك التقى بعدد من الشبان الذين استمعوا له وتعاطفوا معه. في الأسبوع التالي، تأخر الشاب عن موعده بضع دقائق, مرت كساعات بالنسبة لمدرِّبي الذي كان قلقًا على حال الشاب. أما أنا، فكنتُ واثقة من أنه سيعود وقد تبخرت من رأسه كل أفكار الانتحار واليأس. وصل الشاب مبتسمًا وفوجئ الجميع بمظهره وتعابير وجهه التي انقلبت رأسًا على عِقَبِ... وكأنه شخص آخر. لا زلت أذكر العبارة التي قالها مدرِّبي بدهشة بالغة بعد انتهاء الجلسة: «معجزة، ماذا فعلتِ!!!». أجبتُه على الفور مبتسمة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20].


لقد أوصله إلى الطمأنينة (أي السعادة) سلوكه لطريق الإسلام الصحيح، فوجد بعد الممارسة أنه في الطريق الذي يسعد; يقول تعالى: ﴿ أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].


أثّر هذا الموقف في نفسي تأثيرًا عميقًا؛ لقد تعزّز يقيني بأن العلاج الحقيقي لأيِّ مرض نفسيّ لا بد أن يشمل الروح أيضًا، وأدركتُ أن من واجبي أن أطبِّق معلوماتي في علم النفس إلى جانب إيماني بالله وعلمي به. بهذه الطريقة وحدها أستطيع أن أقدِّم لمرضاي العلاج الكامل الذي يحتاجون إليه، علاجًا يتّسم بالبركة الحقيقية.


فمن الأسباب الرئيسة لما يسمى بالأمراض العُصابية:
الشعور بالإثم أو الخطيئة والحقد والخوف والقلق والكبت والتردد والشك والغَيْرة والحسد. ومما يؤسَف له أنّ كثيرًا ممن يشتغلون بالعلاج النفسيّ قد ينجحون في تقصّي أسباب الاضطراب النفسي الذي يسبِّب المرض، ولكنهم يفشلون في معالجة هذه الاضطرابات لأنهم لا يلجؤون في علاجها إلى بثّ الإيمان بالله في نفوس هؤلاء المرضى.


إنّ سلوك الإيمان الصحيح هو الذي يعطي السعادة الحقيقية الدائمة والأمل المشرق والمطمئن بحياة أخرى أفضل من هذه الحياة الزائلة. فالإيمان العلمي المنهجي اليقيني بالله، والتزام تعاليم كتابه وسُنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حلّ العقد النفسية الدفينة للعديد من مرضاي المتعَبين نفسيًا وأولها عُقدة الموت والخوف منه، وعُقَد النقص والتعالي وحب الجاه والمركز، وعُقَد هَمِّ الرزق وخوف المستقبل، وعُقْدة حب المال!!!


ومما تجدر ملاحظتُه أن العلاج يتدخل عادة بعد حدوث الإصابة بالمرض النفسي، أما الإيمان بالله إذا ما بُث في نفس الإنسان منذ الصغر، فإنه يُكسبه مناعة ووقاية من الإصابة بالأمراض النفسية. وقد وصف القرآن الكريم ما يُحدثه الإيمان من أمن وطمأنينة في نفس المؤمن بقوله: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]. وفي آية أخرى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].


إن للإيمان تأثيرًا عظيمًا في نفس الإنسان، فهو يزيد من ثقته بالله، ويزيد قدرته على الصبر وتحمل مشاق الحياة، ويبثّ الأمن والطمأنينة في النفس، ويبعث على راحة البال، ويغمر الإنسان بالشعور بالسعادة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-07-2022, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي الاضطرابات النفسية وعلاجها في القرآن الكريم

الاضطرابات النفسية وعلاجها في القرآن الكريم (2)


رحيل بهيج








أجمل تحية لك عزيزي القارئ مع وقفة جديدة في محطّة من محطّات "علم النّفس والقرآن". تحدّثنا في الحلقة السابقة عن اليأس والإحباط وكيف عالجهما القرآن، واليوم نواصل مشوارنا مع الحديث عن انفعال الغضب الذي يشكّل العارض المشترك في العديد من الاضطرابات النفسية. فما هو الغضب؟ وكيف يمكننا التحكّم به؟ وكيف تمّت معالجته في القرآن الكريم؟


عرّف ابن مسكويه الغضب فقال: "الغضب هو حركة النفس، يُحدث لها غليانُ دم القلب شهوةَ الانتقام". وعندما تشتدّ نار الغضب فإنّها تصمّ صاحبها عن كلّ موعظة ونصيحة. والغضب من الصفات التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلنا يعرف قصة ذلك الأعرابي الذي جاء ليأخذ النصيحة من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأمره ألاّ يغضب، فقال: زدني، قال: "لا تغضب". فقال: زدني. قال: "لا تغضب"...


تؤكّد الأبحاث أنّ الغضب هو السّبب الرئيس في الكثير من أمراض القلب وضغط الدم والتوتر النفسي والوزن الزائد وضعف المناعة. ولكن كيف يعالج العلماء هذه المشكلة التي يعاني منها كل إنسان تقريباً؟ إنّهم يؤكّدون على أهميّة التأمل والاسترخاء، وعلى أهمية الابتعاد عن مصدر الغضب والانفعالات، وبعض الباحثين يرى أنّ علاج الغضب يكون بالتدرّب على: عدم الغضب!


ولكنّني وجدتُ كتابَ الله تعالى قد سبق هؤلاء العلماء إلى الحديث عن علاج هذه المشكلة. فكلّ إنسان يغضب تتسارع دقّاتُ قلبه ويزداد ضغطُ الدم لديه، ولذلك يؤكّد القرآن على أهمية أن تجعل قلبك مرتاحاً ومطمئناً، ولذلك يقول تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].


الغضب الإيجابي!
تقول "دونا دوسون" المتخصصة في علم النفس: إن الغضبَ شيءٌ معقدٌ جداً. وسببه في أكثر الأحيان هو الخوف من الخسارة، أو الخوف من الإصابة، أو حتى الخوف من خيبة الأمل. إنّهم يعلّموننا أنّ الغضبَ عاطفةٌ سلبيةٌ، بينما هو في الواقع عاطفةٌ إيجابيةٌ ومفيدةٌ، ولكنّ الأمرَ يعتمد على الطريقة التي نعبّر بها عنه. فمن الأفضل أن نعبّرَ عن العواطف وألاّ نكبتها في أجسامنا وعقولنا.


كيف عالج النّبي - صلى الله عليه وسلم - غضب الأعرابي؟
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب إلاّ حين تُنتَهك حرمةٌ من حرمات الله، وهذا يضمن سلامةَ المجتمع وأمنه. ونذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء غاضباً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: يا محمّد أعطني ممّا أعطاك الله... فغضب أصحاب النبي غضباً شديداً وهمّوا بقتله، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "خلّوا بيني وبينه"، ثم أمر ذلك الأعرابي أن يأخذ ما يشاء من بيت المال، وعندها أدرك الأعرابي كرم محمّد -صلى الله عليه وسلم- وأنه ليس رجلاً عادياً بل هو نبيّ مُرسَل، فاعتذر للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأعلن إسلامه... وهنا تأمّلوا معي كيف استغلّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الموقف ليُعلّم أصحابه، انظروا إلى البرمجة الإيجابية في أسلوب خير البشر -صلى الله عليه وسلم-، يقول لهم: "لو تركتكم تقتلوه لمات كافراً". وما لبث هذا الأعرابي أن ذهب فجاء بقبيلته كلّها فأعلنت إسلامها!!!


الغضب والمغفرة:
يقول تعالى: ﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: 37]. فالمغفرة هي أفضل علاج للغضب، وأقول - عزيزي القارئ: هل فكَّرت يوماً أن تعالج انفعالاتك السلبية بأن تغفر لمن أساء إليك، وتعتبر أنّ الله سيرضى عنك ويعوّضك خيراً من الانتقام بالجنّة؟ وانظروا معي إلى هذا العلاج الرائع: ﴿ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ [الرعد: 22] [القصص: 54]! أليس ما جاء به القرآن قبل أربعة عشر قرناً هو ما ينادي به علماء النفس اليوم، وذلك عندما يقولون إنّ أفضل طريقة لعلاج الانفعالات والغضب أن تُفكّر بالجانب الإيجابي وتتسامح؟


آياتٌ كثيرةٌ تؤكّد هذه القاعدة، يقول تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]. انظروا كيف يريد الله منّا أن نحوّل المشاعر السلبية إلى مشاعر إيجابيّة، وكيف تتحوّل العداوة إلى صداقة! هذه هي قواعد علم النفس الحديث، ولكنّهم يُسَمّونها بأسماء حديثة مثل: كيف تكسب الأصدقاء، أو كيف تكسب ثقة الآخرين، أو كيف تتحكّم بالذات... وغير ذلك، وجميع ذلك جاء في كتاب الله تعالى.


العلاج بالصّبر:
لقد أعطانا القرآن الحل وهو الصبر. ولكن الصبر من أجل ماذا؟ ولمن نصبر؟ وما هي المكافأة التي سنحصل عليها؟ وهل تستحق منّا أن نكبت الغضب والانفعالات؟ يقول تعالى: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40]. فهل هناك أجمل من هذه العبارة: ﴿ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾! ماذا ستستفيد من غضبك؟ بالطبع لا شيء. ولكن البديل موجود، وهو الأجر من الله تعالى، هو سيعوضك عن كل شيء.


ولكن هل يكفي الصبر كعلاج ناجع؟ إذا ترافق الصّبر مع المغفرة سيكون العلاج فعّالاً جداً، ولذلك قال تعالى: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]. والرائع في هذه الآيات أنّ الله تعالى يُصوّر لنا النتيجة التي سنحصل عليها مُسبَقاً، مثلاً يقول تعالى: ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً ﴾ [الإنسان: 12]. وأجمل شيء أنّ الله سيكون معك عندما تصبر على من أساء إليك، يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]. هذه الآيات تصوّر لنا النتائج الإيجابيّة للصبر، وهو ما يؤكّده علماء النفس عندما يقولون إنّ أسرع طريقة لعلاج الغضب أن تتصوّر النتائج السلبية للغضب، وتتصوّر النتائج الإيجابية فيما لو تسامحتَ ولم تغضب، ولذلك قال تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النساء: 25]. أحِبّتي الكِرام، هذا ما جاء به القرآن الكريم قبل 14 قرناً.


في أيّامنا هذه تتضمّن برامج إضعاف الغضب الأهداف الآتية:
1- تعلَّم كيفية إسعاد نفسك.


2- تعلّم الاسترخاء.


3- تعلّم تجاهل وتهميش مثيرات الغضب التّافه، وذلك بتبديل الأفكار المثيرة للتوتر، وإعادة تأطير الموقف المتوتّر.


4- تعلّم التّعبير عن الغضب بأسلوب حضاري ومُؤدَّب، وبالتأكيد ليس بأسلوب عدواني.


في المقالة القادمة سنتحدّث إن شاء الله تعالى عن الخوف والاكتئاب... وفي رعاية الله أترككم حتى نلتقي في العدد القادم بإذن الله.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-08-2022, 02:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الاضطرابات النفسية وعلاجها في القرآن الكريم

الاضطرابات النفسية وعلاجها في القرآن الكريم (3)
رحيل بهيج





انفعال الخوف:
تحيّة طيبة قراءنا الأعزّاء، وأهلاً ومرحباً بكم في الجزء الثالث والأخير من محطّة «الاضطرابات النفسية في القرآن الكريم وعلاجها».


في الحلقة السابقة تناولنا موضوع الغضب وكيفية التحكّم به، وفي هذا العدد سنتحدّث عن الخوف الذي ما يزال الوسط الطبي يفتقر إلى تحديد واضح لأسبابه.


فما هو الخوف؟ وما هي أنواعه؟ وكيف يمكننا التخلّص منه؟


الخوف شعور فطريّ طبيعيّ، يتصاعد أحياناً ويخفت أحياناً أخرى، متأثّراً بتجربة الحياة اليومية والثقافة المكتسبة التي قد ترفع مستوى الخوف عند الكائن الحيّ إلى الحالة المَرَضيّة، مما يتطلّب تدخّلاً علاجياً طبّياً أو نفسيّاً، تماماً كانفعال الحب أو الغضب. وغالباً ما يترافق الخوف مع مشاعر أخرى، كالقلق والتوتر والحزن والإحباط وغيرها.


وسنكتفي في هذه العُجالة بتناول مصطلح الخوف في بعض آيات القرآن الكريم؛ فانفعال الخوف حالة من الاضطراب الحادّ الذي يشمل الفرد بكليّته، وقد وصفه القرآن الكريم بالزلزال الشديد وذلك في أقصى درجاته يوم القيامة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1 ، 2].


وتصاحب انفعال الخوف تغيّرات في الوظائف الفسيولوجية والكيميائية في الجسم، كارتفاع ضغط الدم ومعدّل الأدرنالين والسكّر، وتزايد ضربات القلب وتغيّر ملامح الوجه ونبرات الصوت. ويستجيب الإنسان لانفعال الخوف إمّا بالهرب من الموقف أو بمواجهته; يقول الله تعالى في وصف ذعر الكافرين: ﴿ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾ [الأنبياء: 12]، وذكر القرآن وصف خوف موسى من فرعون بالقول: ﴿ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ﴾ [الشعراء: 21]، كما قال: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 21].

أنواع الخوف:
خوف المنافقين من أن يطّلع أحد على نفاقهم: ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ﴾ [المنافقون: 4].


الخوف غير المُتَوَقَّع، مثل: خوف داود عليه السلام حينما فوجئ بالخصميْن أمامه وقد تَسَوّرا المحراب وهو في خلوته. وإذا كان الخوف شديداً ومفاجئا أُصيب الإنسان بحالة من الذهول، كما جاء في وصف يوم القيامة: ﴿ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾ [الأنبياء: 40].


خوف الإنسان من الإنسان، وهو خوف غير طبيعي: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44].


الخوف من الموت المرتبط بالخوف من الله: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 6 ، 7].


وخوْف الملحدين من الموت أكثر من خوف غيرهم؛ لاعتقادهم أنّه انحلال وفناء وعَدَم لهم، وجهلهم بالمصير الذي سينتهون إليه هو في الحقيقة مصدر رعب لهم يُخيفهم ويُفزعهم.


الخوف من الله تعالى: فقد فطر الله تعالى عباده على الخوف منه والإحساس بالعبوديّة له: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، وكان التّخويف من بطش الله وانتقامه وعذابه ينأى بالإنسان عن الضلال. ولهذا كان الخوف من الله عبادة، لأنه يحرّرنا من أنواع الخوف الأخرى... فكيف ذلك؟

علاج الخوف:
إنّ الإسلام لا يعارض الخوف، ولكنّه يهذّبه ويوجّهه ويحدّد انطلاقه؛ فالإسلام يزرع الشجاعة في نفوس الأفراد لاقتلاع عقدة الخوف. إنّ الإيمان بالله يجعلنا لا نخاف الفَقر: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الزخرف: 32]. ولا نخاف أحداً إلاّ الله لأنّه هو الذي يملك العطاء والمنع، فقد قال: «إذا سألتَ فاسأل الله وإذا استعنتَ فاستعن بالله» رواه الترمذي.


والذي يُعين على الخوف من الله: الإيمان الحقيقي به سبحانه، والاستقامة على طاعته وطاعة رسوله - صلى الله علية وسلم -، وهذا يؤدّي إلى تحقيق الأمن النّفسي، ما يغمر المؤمن بشعور الرجاء والتّسليم لله والطمأنينة لنيل عفوه ورضوانه عزّ وجلّ، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].


ولأنّ كثيراً من الناس فقَدوا الإيمان الحقيقيّ بالله والتسليم بقضائه وقدَره، باتوا عُرضة للخوف المَرَضيّ والقلق والاكتئاب الذي غدا مرض العصر، نراه متفشّياً بين الكبار والشّباب، ما يتطلّب علماً وتفقّهاً في الدّين الحنيف ووجود هُداة ودُعاة قدوة يدعون إلى الله على بصيرة، ما يُدخل الطمأنينة وحُسن الظنّ بالله في القلوب...


وبعد، فليس مثل حديث رسول الله - صلى الله علية وسلم - في وصيته لابن عباس - رضي الله عنهما - للوقاية من أي خوف مرَضي قد يهدّد صحّتنا النفسية: «... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك, وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك, رُفعت الأقلام وجفّت الصحف» رواه الترمذي.



في المرّة القادمة سنتحدّث - بإذن الله - عن أُسس المعالجة النفسية بواسطة الإيمان... فإلى أن نلتقي في العدد القادم أترككم في رعاية الله وحفظه.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 88.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 85.72 كيلو بايت... تم توفير 2.85 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]