28-07-2021, 02:01 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة :
|
|
معلم الخير
معلم الخير
أحمد سعد مريسن المطرفي
باسمه سبحانه أبتدِئ، وأحمده على كل بداية ونهاية، وأصلِّي وأسلِّم على رسولِه خير بداية للنور والهداية.
عندما طرقَت مسامعي هذه الكلمة، احترتُ وعجزتُ، وأصابني الذُّهول؛ تُرى ماذا سأكتب بشأن هذا الموضوع؟! هل سينطلق الحِبر أو سيجِف؟! هل سأرفعُ قلمي أو سأرخيه؟! لكنني قرَّرتُ أن أكتب عن معلم الخير؛ فهو أهلٌ لأن يكتب عنه.
كيف لا، وهو من يدعو له الكلُّ، ويحبُّه الكل، ويفرح به الكل؟! حيث يقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكتَه وأهلَ السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في جوف البحر - ليُصلُّون على معلِّم الناس الخير)).
فلهذا اكتب يا قلمي وسطِّر؛ لتملأ الدنيا ذكرًا له، وهل تطيق إباءً؟ واللهُ عز وجلَّ يصلي عليه، إنَّ هذا لشرفٌ عظيم حظي به معلِّمُ الخير، وإن الشاعر ليقول:
قمْ للمعلِّمِ وفِّه التَّبجيلا
كاد المعلمُ أن يكون رسولا
وإن على عاتق المعلِّم مسؤوليةً عظيمة، وأمانة جسيمة يجدر به أداؤها بأكمل وجه، وإنَّ أمرها هينٌ لمن أخلص لله فيها وفي أدائها واجتهد في ذلك خير الاجتهاد، وقبل ذلك توفيق الله له وتسديده.
والمعلّم شمعةٌ تنير الدروبَ، وتزيل الظلام، وهو يحترق من أجل ذلك احتراقًا، فهذا حال المعلم؛ لا يهدأ له بال، ولا يهنأ له جسد براحةٍ حتى يوقِن أن الكل قد تعلَّم وقد وصل العلم إلى سائر العالَم، ومن المقولات في المعلم: "المعلِّم شمعة تحترق لتضيء للآخرين".
وللمعلم على المتعلم حقوقٌ جمَّة باتت مدفونةً في عصر كثُرَ فيه قليلو المعرفة والإحاطة بفضل المعلم، فأصبح المعلِّم كأنه لم يعمل شيئًا للمتعلِّم، غير أن هناك من يعرف حقَّ المعلم؛ فترى منه الاحترامَ والتقدير لمعلِّمه، ذاكرًا لجميله وفضلِه، عارفًا بواجباته نحوه، لا يذكره إلا بخير، فهذا الكل يقدّره؛ وما ذاك إلاَّ لاعترافه بحقِّ منْ له حقٌّ عليه.
ومما قيل: "من علَّمني حرفًا صرت له عبدًا"، وقيل: "وراء كل أمَّة عظيمة تربية عظيمة، ووراء كلِّ تربية عظيمة معلِّم ناجح".
ولكي ينجح المعلِّم لا بد له من أساليبَ يتّبعها في تعليم طلاَّبه، ومما ينجحه أيضًا قدرته على امتلاك من يعلِّم، فمن استطاع أن يمتلك حبَّ الناس له، استطاع أن يُديرهم ويوحي إليهم بما يشاء، وما أجملَ أن يكون الشخص ناجحًا! وما أجملَ أن يكون محبوبًا ليصل إلى النجاح!
ومهما اختلفَت أساليبُ التعليم من بلدٍ إلى بلد، ومن مدرسةٍ إلى مدرسة، ومن معهدٍ إلى معهد، ومن جامعةٍ إلى جامعة - تبقى الرسالةُ والغاية واحدة، ومهما تغيَّر العصرُ فهي واحدة، هدفها المنشود: رفع الجهل وظلامه، والارتقاء نحو عالَم جميل، الكلُّ متعلم فيه، ولكن لا بدَّ للمتعلم أن يَعْلم أن للمعلِّم عليه حقوقًا فيلتزمَ بها، ولا يفرِّط فيها، وكذلك على المعلِّم واجبات عليه تأديتها؛ ليصلوا بذلك - بسفينة النجاح والعلا والتميُّز - إلى تحقيق هدفهم الذي سعوا إليه واجتمعوا له بكلِّ إصرار وعزيمة وهمّة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|