أبواب الجنة

[ابوالوليد المسلم]

أبواب الجنة


بوبدر لا تفوته فريضة في المسجد -في غير رمضان- أما في رمضان فربما مكث في المسجد أكثر مما يمكث في بيته في النهار.
- دعني أبشرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
- هات.. فوالله إن أحدنا بحاجة لما يعينه على دينه.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للمساجد أوتادا: الملائكة جلساؤهم إن غابوا يفتقدونهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم». السلسلة الصحيحة «الألباني: حسن صحيح».
ما كدت أنتهي من الحديث حتى قال:
- اللهم اجعلني منهم ولا تحبط عملي بما تعلم من حالي.. (وتابع): كنت أريد أن أسألك عن حديث أبواب الجنة.
- الذي قرأناه بالأمس؟!
- نعم.. هل هي ثمانية أم أكثر؟!
- بتتبع الأحاديث نرى الأدلة على أنها ثمانية هي الأقوى.. ومن زاد عن هذا العدد لم يأت بدليل صحيح.. فالذي جاء في البخاري ومسلم: «فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد نودي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام نودي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة».. هذه أربعة، وجاء في حديث قيس بن سعد بن عبادة مرفوعا بلفظ: «ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله» أخرجه الترمذي (صححه الألباني).. وكذلك جاء في حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم : «الأب أوسط أبواب الجنة...» وكذلك «الأم» فبر الوالدين أوسط أبواب الجنة.. فهذه ستة أبواب.
وهناك «الباب الأيمن».. وهذا يدخل منه من لا حساب عليه... كما في الحديث المتفق عليه.. «يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب».
قاطعني:
- هؤلاء هم السبعون ألفا الذين ورد ذكرهم في حديث عكاشة بن محصن؟
- نعم... ولكنهم أكثر من سبعين ألفا... كما في حديث أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
فهذه سبعة أبواب... والباب الثامن لمن لم يتميز بعبادة معينة... وكان في عامة الناس وكذلك من يخرج من النار بعد العذاب... والله أعلم.
- سمعت حديثا أن هناك «باب التوبة»؟
- هذا الحديث ورد في الطبراني وصححه الألباني: «قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك... قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم فدعا.. فأتاه جبريل فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أصبح الصفا ذهبا فمن كفر بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين... وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة.. قال: بل باب التوبة والرحمة..» وهذا الحديث لم يذكر «باب التوبة» على أنه من أبواب الجنة وإنما هو من المجاز.. أي إن الله يمهلهم لعلهم يتوبون فيرحمهم... ولا يعاجلهم بالعقوبة.. وذلك أن «باب التوبة».. لا يغلق حتى يغرغر الإنسان أو تطلع الشمس من مغربها.. والله أعلم.
- وماذا عن باب «الكاظمين الغيظ»؟!
- لم أجد فيه حديثا.
- هكذا نكون وصلنا إلى أن الأبواب الثمانية هي: «باب من لا حساب عليه»، «باب الجهاد»، «باب الصلاة»، «باب الريان»، «باب الصدقة»، «باب الذكر»، «باب بر الوالدين»، الباب العام.
- نعم وهناك تعليق جميل على حديث أبواب الجنة.. وذلك أن معظم الناس يتميز بعبادة أو خصلة خير معينة... فمن تفضل الله عليه بشيء من ذلك يجب أن يستغله ويكثر منه... مثلا من سهل الله عليه الصيام... ينبغي أن يكثر من صيام الاثنين والخميس وأيام البيض وغيرها.. حتى يكون من أهل الصيام فيدعى من باب الريان.. أقول: الغالب أن العبد ربما يتميز بشيء واحد، وقليل هم الذين يتميزون بأكثر من خصلة.. وجاء هذا الحديث في بيان فضل أبي بكر الصديق حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم : «بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة.. فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم.. وأرجو أن تكون منهم» متفق عليه.


اعداد: د. أمير الحداد