فقه المدعو في العصر الحاضر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60056 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 827 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-07-2021, 07:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي فقه المدعو في العصر الحاضر

فقه المدعو في العصر الحاضر
مبارك بن حمد الحامد الشريف



المتأمِّل في حال الناس في الواقع المعاصر يجد أنهم قد تشعَّبت مذاهبهم، وتنوَّعت معتقداتهم، واختلَفتْ أفكارهم، وتعدَّدت مِلَلُهم ونِحَلُهم، وأصبحت القوانين الوضعية، والمبادئ الأرضية، والمذاهب البشرية هي التي تُسيِّر حياة كثير منهم، فابتعدوا عن منهج الله الحقِّ الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم، وارتضاه لعباده.

والداعية المعاصر بحاجة إلى معرفة ما عليه الناس في هذا الزمن من المعتقدات الباطلة، والأفكار المنحرفة، وما يسلكونه من سبل في بثِّ سمومهم، ونشر ضلالهم، فهناك الحركات الباطنية المناوئة للإسلام كالبهائية[1] والقاديانية[2]، وهناك غلاة الصوفية كالبريلوية[3]، وهناك الحركات اليهودية كالماسونية[4] والصهيونية[5]، وهناك منظمات تدَّعي أنها مسيحية وهي في الحقيقة واقعة تحت سيطرة اليهود، ويعملون لحسابهم مثل منظمة شهود يهوه[6]، وهنـاك العلمــانــيـة[7] والاستشراق[8] والتغريب[9]، وهناك المذاهب الفلسفية والمدارس الأدبية كالوجـوديــة[10] والإلحاد[11] والوضـعــية[12] والذرائعية[13] والحداثة[14] والبنيوية[15]، وغيرها من المذاهب والأفكار والنظريات المنحرفة.

كما أن الداعية في هذا العصر بحاجة إلى معرفة طبائع المدعوِّين وأصنافهم وخصائصهم، وحاجة كلٍّ منهم؛ فعامة الناس يختلفون عن العلماء والكبراء، وأهل المعاصي والشهوات يختلفون عن أهل البدع والأهواء والضلالات، والدعاة إلى باطلهم يختلفون عن السذج والدهماء والأتباع، والمشركون من أهل الكتاب يختلفون عن غيرهم من أهل الشرك والإلحاد، إلى غير ذلك مما يتعلق بموضوع فقه المدعوِّ ومعرفة حاله وواقعه.

وابن كثير رحمه الله - كما مر معنا في الحديث عن منهجه في الدعوة إلى الله باعتبار المدعو - قد تطرق لهذا الأمر بكل عناية واهتمام، وسنحاول في هذا المبحث أن نستخلص أهمَّ الجوانب التي يمكن أن يستفيد منها الداعية في هذا العصر من منهج ابن كثير الدعوي فيما يتعلق بفقه المدعو، وذلك حسب النقاط التالية:
1- الدعاة إلى الله في هذا العصر مأمورون بدعوة الناس جميعًا؛ لأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة لجميع الناس، وهذا ما بيَّنه ابن كثير رحمه الله ورسمه من خلال منهجه الدعوي، وهو الذي يتأكد على الدعاة فعلُه، والاستفادة منه في دعوتهم للناس في هذا العصر، فأشار رحمه الله أن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله الكريم: "ألا يخص بالإنذار أحدًا، بل يساوي بين الشريف والضعيف، والفقير والغني، والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار، ثم الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، له الحكمة والحُجة"[16].

2- ذكر ابن كثير رحمه الله من خلال منهجه الدعوي أصناف المدعوين، فمنهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات بإذن الله، وعرَّف كلَّ صنف من هذه الأصناف، كما ذكرنا ذلك عند الحديث عن منهج ابن كثير في دعوة الناس، فالدعاة إلى الله في هذا العصر يمكن أن يستفيدوا في موضوع فقه المدعوين ومعرفة أحوالهم من هذا التصنيف ومن هذا المنهج في دعوة عامة الناس من المسلمين؛ فالسابقُ بالخيرات يُرغب ويُحث ويشجَّع على الازدياد من الخير والطاعة والمسابقة في فعل الخيرات، والمقتصدُ يُدعى إلى الثبات على الحق، وتجنُّبِ المعاصي والآثام، والترقِّي في درجات الخير، والظالمُ لنفسه يُحذر من المعاصي، ويُحَثُّ على التوبة والإنابة من كل الذنوب، كما يستفيد الدعاة أيضًا من منهج ابن كثير في مراعاة أحوال المدعوين كل حسب ما يناسبه ويحتاجه؛ فهناك المحب للخير ولكنه جاهل، فإذا عُلِّم وبُيِّن له الحق اتبَعَه والتزَم به، وهناك من هو غافل فيحتاج إلى نصح وتذكير، فهو مؤمن والذكرى تنفع المؤمنين، وهناك معاند، وهناك من لديه شبهات وشكوك، وغير ذلك من الحالات والأحوال التي يكون عليها المدعوون، مما يجب على الدعاة مراعاته والتفطن له؛ حتى يكون لدعوتهم أثرٌ ونجاح بإذن الله.

3- من أصناف المدعوين الذين اعتنى ابن كثير بهم، وحرَص على دعوتهم وتوجيههم: المرأةُ والشباب والأطفال، وقد ذكرنا ذلك مفصلًا عند الحديث عن شمول دعوة ابن كثير للمرأة، ودعوته لعامة الناس، مما يتعين على الدعاة إلى الله في هذا العصر أن يستفيدوا من منهج ابن كثير الدعوي في ذلك؛ فمثلًا فيما يتعلق بالمرأة نجد أن ابن كثير رحمه الله حذَّرها من الاختلاط المحرَّم بين الرجال والنساء، وأشار رحمه الله إلى أنه من أعظم أسباب الفتنة والفساد، فيقول عند ترجمته للشيخ خضر الكردي في وفَيَات سنة 676هـ: "ولكنه لما خالَط الناس افتتن ببعض بنات الأمراء... وكنَّ لا يحتجبن منه، فوقع في الفتنة، وهذا في الغالب واقع في مخالطة الناس، فلا يسلم المخالط لهم من الفتنة، ولا سيما مخالطة النساء مع ترك الاحتجاب، فلا يَسلَم العبد ألبتة منهن"[17]؛ لذلك فالدعاة بحاجة إلى الاستفادة من منهج ابن كثير الدعوي في هذا الجانب خاصة وهم يعيشون في هذا العصر الذي كثُر فيه الدعوة إلى الاختلاط في كثير من الدول الإسلامية، "حتى أصبحت هذه الظاهرة الاجتماعية ظاهرة مألوفة، فالاختلاط بين الرجال والنساء نراه في المدارس والجامعات والمنتديات، ونراه كذلك في المكاتب والمؤسسات والدوائر الحكومية في معظم البلاد الإسلامية، بل أصبح تذكير المسلمين بالعودة إلى الفصل بين الجنسين دعوة إلى التخلف والتزمُّت والرجعية"[18].

وكذلك الشباب؛ فقد مر معنا أن الشباب عند ابن كثير يختلفون عن غيرهم من أصناف المدعوين في سرعة الاستجابة للدعوة، وتقبُّل الخير منهم، كما وصفهم بأنهم "أقبَلُ للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ... ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله شبابًا"[19]، فمطلوب من الدعاة إلى الله في هذا العصر أن يستفيدوا من منهج ابن كثير رحمه الله في نظرته للشباب، وأهمية دعوتهم والعناية بهم، فيحرص الدعاة على معاملتهم بلطف، وأن يوجهوا عن بُعدٍ؛ كأن يرشدوا إلى قراءة الكتب والمجَّلات الجاذبة ذات المادة الخفيفة التي لا يملها، والتي تتماشى مع المنهج الإسلامي العام، والتي تركز على أصول الإسلام العامة، ثم يتدرج معهم، وكذلك يوجه إلى المواقع الجيدة الإسلامية التي في شبكات المعلومات الدولية " internet "، وتوضع له في جهاز الحاسوب المواد التي لا تنافي الخلُقَ الإسلامي الرفيع، وأن يربط بالأصدقاء الصالحين، والجمعيات الإسلامية الخيرية، والمراكز الصيفية في العطلات؛ حتى يشغل فراغه، وينمِّي قدراته الذهنية والعقلية والبدنية، وكل البرامج التي تستوعب الشباب، وتكون هادفة وذات فائدة ترتبط بها[20].

4- مما يستفيده الدعاة إلى الله في هذا العصر من منهج ابن كثير الدعوي فيما يتعلق بفقه المدعو: منهجُه في دعوة العلماء والأمراء، فابن كثير رحمه الله حرَص على إبراز مكانة العلماء، وبيان فضلهم ومنزلتهم، والدور المناط بهم من نشر العلم وتعلمه، وبيان الحق والدعوة إليه وعدم مخالفته، كما حذَّرهم من اتِّباع سبل الضلال، وأوصاهم بتقوى الله وخشيته، ونحو ذلك مما ذكرناه مفصلًا عند الحديث عن منهج ابن كثير في دعوة العلماء، وكذلك منهجه رحمه الله في دعوة الأمراء والولاة، حيث أشار إلى أهمية وجودهم، وضرورة تعيين الإمام ونصبه، والحاجة إليه، ووجوب طاعته في المعروف، وعدم الخروج على الأئمة، والحرص على معاونتهم، وبذل النصيحة لهم، والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق، وغير ذلك من الأمور التي أشار إليها ابن كثير في دعوة الولاة، والتي سبق أن ذكرناها، والذي يتعين على الدعاة في هذا العصر أن يستفيدوا من منهج ابن كثير في دعوة الولاة وطريقة معاملتهم؛ حتى تكون دعوتهم إلى الله على هدى وبصيرة، وعلى المنهج الذي سار عليه السلف الصالح، وحتى لا تضيع جهودهم سدى، وكذلك بالنسبة للعلماء فعليهم أن يستفيدوا من منهج ابن كثير في الالتفاف حول العلماء، والحرص على التلقي عنهم، وتوقيرهم واحترامهم والذود عنهم، وإحسان الظن بهم، والأخذ بتوجيهاتهم ومشورتهم، والرجوع إليهم والصدور عن رأيهم خصوصًا أيام الفتن، والتعامل معهم بكل أدب واحترام، والحذر من القدح فيهم وتخطئتهم بغير بيِّنة وعلم، وإن ما نراه اليوم من وقوع بعض الشباب وبعض الدعاة في مخالفات شرعية واجتهادات خاطئة، قد يكون من أهم أسبابها البعدُ عن أهل العلم والعلماء والاستهانة بهم، وغمطهم حقوقهم، والتشنيع عليهم، وعدم الثقة بهم، وإن كان واقع بعض العلماء في بعض البلدان الإسلامية هو أنهم يعيشون بعيدًا عن حياة الناس وواقعهم، فإنه بحمد الله هناك علماء كثيرون لهم اهتمام بحياة الناس وقضاياهم، كما أن لهم جهودًا مشكورة في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك لهم جهود في التوجيه والإرشاد والتعليم والأخذ بأيدي الناس إلى ما فيه سعادتُهم في الدنيا والآخرة.


5- من الجوانب التي يمكن أن يستفيدها الداعية المعاصر من منهج ابن كثير الدعوي فيما يتعلق بفقه المدعو: اهتمام الإمام ابن كثير بدعوة أهل البدع والمنكرات وأهل النفاق، وحرصه على بيان ضلالهم، وكشف زيفهم وانحرافهم، وردُّه على طوائفهم وفِرَقِهم، وتنبيه الأمَّة إلى أن ما هم عليه مخالفٌ لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك عاقَبَهم الله بالذلِّ والصَّغار في الحياة الدنيا، وجعلهم في ضلال عن الحق؛ بسبب ما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء والأحكام، إلى غير ذلك مما ذكرناه سابقًا عند الحديث عن منهج ابن كثير في دعوة أهل البدع والمنكرات وأهل النفاق، فالدعاة إلى الله في هذا العصر مطالبون بالسعي إلى محاربة البدع والأهواء، وتصحيح الخلل العقدي الذي يعيشه كثيرٌ من الناس في المجتمعات الإسلامية.

وإن ما يقوم به كثير من الدعاة إلى الله - في هذا العصر - من اهتمام بتشخيص وعلاج مظاهر الانحراف والفساد الأخلاقي لدى المسلمين، هو جهد يشكرون عليه، وخَصلة تُحمَد لهم، بل هو من الواجبات المتعينة على كل داعية ومصلح أن يقوم بها كلٌّ بحسَبِه، ولكنهم لا يُعذرون حين يذهلون ذهولًا أعمى عن الخلل الأعظ،م والخطر الأكبر، ذلك الخلل الذي لا شك أنه هو السبب الأول للانحراف الخلقي، والفساد الاجتماعي، والفوضى والجهل والتخلف، وسائر المفاسد، ذلك الخلل الحاصل في اعتقاد كثير من المسلمين في شتى بلاد الإسلام علمًا وعملًا، والمتمثل في الوقوع في المعتقدات الضالة، والأعمال الشركية والبدعية، مما لا يتسع المجال لبسطه، فصلاح حال المسلمين وإخراجُهم مما هم عليه من جهل وفساد وانحراف وتخلُّف - مرتبطٌ قبل كل شيء بصلاح عقيدتهم، واستقامتهم على دين الله، وعبادته وحده دون سواه، وتقواه سبحانه وطاعته، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو منهج الرسل، ومنهج القرآن والسنة، ومنهج المصلِحين المهتدين[21].

وأما أهل النفاق، فقد بيَّن ابن كثير رحمه الله صفاتِهم وعداءهم للمؤمنين، وأنهم يتربصون بهم الدوائر؛ فلذلك نهى الله سبحانه أن يتخذهم المؤمنون بطانة، إلى غير ذلك مما ذكرناه مفصلًا عند الحديث عن منهج ابن كثير في دعوة أهل النفاق، مما يتعين على الدعاة في هذا العصر أن يستفيدوا من منهج ابن كثير الدعوي في دعوة أهل النفاق والتعامل معهم، فلا يغترُّوا بظاهر أعمالهم وينخدعوا بها، بل يجب عليهم الحذر منهم؛ لأنهم العدو الذي يجب الاحتراز منه، وأخذ الحيطة والحذر منه، "فالذين ينطقون بالشهادتين ومع ذلك يفضِّلون حكم غير الله على حكم الله، وأخلاقيات الأعداء على أخلاقيات الإسلام، مدَّعين أن ذلك هو التطور الحضاري، فماذا نسمي هؤلاء؟ أليس هو شرَّ أنواع النفاق... والمنافقون من قبلهم كانوا يشكِّكون في التكاليف التي جاء بها الشرع، فلا يؤدون الصلاة إلا وهم كسالى رِئاءَ الناس، وعندما يخلو بنفسه يتخلص من كل التكاليف، وهو في الظاهر ينطق بالشهادتين، ما الفرق بين هؤلاء وبين من ينطق بالشهادتين الآن ثم هو تحت شعار الحرية ينادي بحرية المرأة في جسدها....... ولا يؤدي الفرائض ولا يلتزم بها؟ أليس هو شر أنواع النفاق يظهر من جديد؟ هذه مظاهر النفاق في العصر الحديث، الذي أصبح من الواجب على الدعاة أن يعدوا العدة لمقاومتها، وينبِّهوا الناس إلى خطرها"[22].

6- ومما يستفيده الدعاة إلى الله في هذا العصر من منهج ابن كثير الدعوي فيما يتعلق بفقه المدعو، ومنهجه في دعوة غير المسلمين من أهل الكتاب والمشركين، فابن كثير رحمه الله اعتنى بموضوع الشرك وبيان آثاره وأضراره في الدنيا والآخرة، كما أوضح رحمه الله موقف المشركين والكفار في الصدِّ عن الخير وعداء أهله، وإنفاق أموالهم في سبيل ذلك؛ ولذلك حذَّر رحمه الله من خطر موالاة المؤمنين للكفار، ومن الآثار المترتبة على ذلك، كما حذَّر من التشبه بهم واتباع طرائقهم، إضافة إلى جهوده في دعوتهم إلى الإسلام، ومجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن إلا الذين ظلَموا منهم، ودعوة جميع الكفار إلى الله وتوحيده وعبادته من خلال تفهُّم القرآن، والرجوع إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعرفة حياته وأخلاقه، وصدقه وأمانته، ونحو ذلك من الجوانب الدعوية في منهج ابن كثير في دعوة غير المسلمين، والتي يتعين على الدعاة في هذا العصر أن يستفيدوا منها؛ فمثلًا في دعوة أهل الكتاب يحسُن بالدعاة إلى الله في هذا العصر أن يستفيدوا من منهج ابن كثير في دعوة أهل الكتاب وحوارهم ومجادلتهم بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وذلك من خلال ما عندهم من الحقِّ في كتبهم المقدسة عن الإسلام، والبشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن جانب آخر كشف وتوضيح ما دخل في هذه الكتب من التحريف والتبديل والتناقض، ومقارنة ذلك بالقرآن وأنه كلام الله المنزَّل على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا الأسلوب الذي كان يستخدمه الداعية الإسلامي أحمد ديدات رحمه الله، وقد أثَّر هذا الأسلوب في دعوة النصارى لا سيما القساوسة منهم ورجال الدين، وقد أسلَمَ عدد منهم بسبب ذلك، وهذا بلا شك يحتاج إلى وجود فريق من الدعاة المسلمين بحيث تكون لهم عناية وتخصص بمعرفة أسفار أهل الكتاب وأناجيلهم وكتبهم المقدسة، كما هو الحال عند ابن كثير رحمه الله، حتى إن بعض كبار رجال الدين عندهم في زمانه يسألونه عن بعض القضايا والمسائل في دينهم، كما فعل البَتْرَكُ بشارة، الذي قال عنه ابن كثير: إنه "يفهم بعض الشيء، ولكن حاصله أنه حمار من أكفر الكفار"[23].

[1] البهائية: حركة نبعت من المذهب الشيعي سنة 1260هـ تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي؛ بهدف إفساد العقيدة الإسلامية، وتفكيك وحدة المسلمين، وصرفهم عن قضاياهم الأساسية، ويعتقد البهائيون أن الباب هو الذي خلق كلَّ شيء بكلمته، وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جميع الأشياء، ويقولون بالحلول والاتحاد والتناسخ، ويؤولون القرآن تأويلات باطنية ليتوافق مع مذهبهم (انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، من مطبوعات الندوة العالمية للشباب الإسلامي ص 409، 412، الطبعة الرابعة 1420هـ).

[2] القاديانية: حركة نشأت سنة 1900م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية؛ بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم، وعن فريضة الجهاد بشكل خاص؛ حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام، ويعتقد القاديانيون أن النبوة لم تُختم بمحمد صلى الله عليه وسلم، بل هي جارية والله أرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعًا، ويعتقدون أن كتابهم منزَّل واسمه الكتاب المبين، وهو غير القرآن الكريم (انظر الموسوعة الميسرة ص 416 - 417، مرجع سابق).

[3] البريلوية: وهي فرقة صوفيَّة نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية في مدينة بريلي في ولاية اترابرديش بالهند أيام الاستعمار البريطاني، وقد اشتهرت بمحبة وتقديس الأنبياء والأولياء بعامة، والنبي صلى الله عليه وسلم بخاصة، ويعتقد أبناء هذه الطائفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لديه قدرة يتحكم بها في الكون، يقول أمجد علي: "إن النبي صلى الله عليه وسلم نائب مطلق لله سبحانه وتعالى، وإن العالم كله تحت تصرفاته فيفعل ما يشاء، يعطي ما يشاء لمن يشاء، ويأخذ ما يشاء، وليس هناك أحد مصرف لحكمه في العالمين، سيد الآدميين، ومن لم يجعله مالكًا له حرم من حلاوة السنة" (انظر: الموسوعة الميسرة ص 298 - 299، مرجع سابق).

[4] الماسونية: معناها البناؤون الأحرار، وهي منظمة يهودية سريَّة هدامة إرهابية غامضة، محكَمة التنظيم، تهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم، وتدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد، وتتستر تحت شعارات خداعة "حرية - إخاء - مساواة - إنسانية"، وقد عرَّفها المستشرق الهولندي دوزي بأنها "جمهور كبير من مذاهب مختلفة، يعملون لغاية واحدة، وهي إعادة الهيكل؛ إذ هو رمز إسرائيل" (انظر الموسوعة الميسرة ص 510، مرجع سابق).

[5] الصهيونية: حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم كلَّه، واشتقت الصهيونية من اسم "جبل صهيون" في القدس؛ إذ ابتنى داود قصره بعد انتقاله من حيرون الخليل إلى بيت المقدس في القرن العاشر قبل الميلاد، وهذا الاسم يرمز إلى مملكة داود، وإعادة تشييد هيكل سليمان من جديد بحيث تكون القدس عاصمة لها، وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل، الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والمعاصر الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم (انظر الموسوعة الميسرة ص 518، مرجع سابق).

[6] شهود يهوه: منظمة عالمية دينية وسياسية تقوم على سرية التنظيم وعلنية الفكرة، ظهرت في أمريكا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتدَّعي أنها مسيحية، والواقع يؤكد أنها واقعة تحت سيطرة اليهود وتعمل لحسابهم، وهي تعرف باسم "جمعية العالم الجديد" إلى جانب "شهود يهوه" الذي عُرفت به ابتداء من 1931م، وقد اعترف بها رسميًّا في أمريكا قبل ظهورها بهذا الاسم، وذلك سنة 1884م، وأتباع هذه المنظمة يعملون على إشاعة الفوضى الخلقية، والتحلُّل من جميع الفضائل الإنسانية التي حثت عليها التعاليم الدينية (انظر الموسوعة الميسرة ص 648، مرجع سابق).

[7] العلمانية secularism وترجمتها الصحيحة اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدًا عن الدين، وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم science، وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر، وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر، وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر، أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة (علمانية)؛ لأنها أقل من كلمة (لا دينية)، ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع (انظر الموسوعة الميسرة ص 679، مرجع سابق).

[8] الاستشراق orientaism تعبير يدل على الاتجاه نحو الشرق، ويطلق على كل ما يبحث في أمور الشرقيين وثقافتهم وتاريخهم، ويقصد بذلك التيار الفكري الذي يمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي، والتي تشمل حضارته وأديانه ولغاته وثقافته، وهناك أهداف وراء الاستشراق، منها التشكيك في صحة القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم، والنيل من اللغة العربية، وهناك هدف إستراتيجي ديني، وهو تشويه الإسلام عند الأوروبيين؛ وذلك حتى لا يقبلوه ويدخلوا فيه (الموسوعة الميسرة ص 687، 691، مرجع سابق).

[9] التغريب: وهو تيار فكري كبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، يرمي إلى صنع حياة الأمم بعامة والمسلمين بخاصة بالأسلوب الغربي؛ وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة، وخصائصهم المتفردة، وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية (انظر الموسوعة الميسرة ص 698، مرجع سابق).

[10] الوجودية: اتجاه فلسفي يغلو في قيمة الإنسان ويبالغ في التأكيد على تفرُّده، وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار، ولا يحتاج إلى موجِّه، وهي فلسفة عن الذات أكثر منها فلسفة عن الموضوع، وهم يكفرون بالله ورسله وكتبه، وبكل الغيبيات، وكلِّ ما جاءت به الأديان، ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل (انظر الموسوعة الميسرة ص 818، مرجع سابق).

[11] الإلحاد: هو مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية، أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى، فيدَّعي الملحدون بأن الكون وُجد بلا خالق، وأن المادة أزلية أبدية وهي الخالق والمخلوق في الوقت نفسه، ومما لا شك فيه أن كثيرًا من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة، جسَّدتْها الشيوعية المنهارة، والعلمانية المخادعة (انظر الموسوعة الميسرة ص 803، مرجع سابق).

[12] الوضعية: مذهب فلسفي ملحد، يرى أن المعرفة اليقينية هي معرفة الظواهر التي تقوم على الوقائع التجريبية، ولا سيما تلك التي يتيحها العلم التجريبي، وينطوي المذهب على أنكار وجود معرفة تتجاوز التجربة الحسية، ولا سيما فيما يتعلق بما وراء المادة وأسباب وجودها (انظر الموسوعة الميسرة ص 811، مرجع سابق).

[13] الذرائعية أو البراجماتية: مذهب فلسفي اجتماعي يقول بأن الحقيقة توجد في جملة التجربة الإنسانية، لا في الفكر النظري البعيد عن الواقع، وأن المعرفة آلة أو وظيفة في خدمة مطالب الحياة، وأن صدق قضية ما هو في كونها مفيدة للناس، وأن الفكر في طبيعته غائي، وقد أصبحت الذرائعية طابعًا مميزًا للسياسة الأمريكية وفلسفة الأعمال الأمريكية كذلك؛ لأنها تجعل الفائدة العملية معيارًا للتقدم، بغض النظر عن المحتوى الفكري أو الأخلاقي أو العقائدي (انظر الموسوعة الميسرة ص 832، مرجع سابق).

[14] الحداثة: مذهب فكري أدبي علماني، بُني على أفكار وعقائد غربية خالصة؛ مثل: الماركسية والوجودية والفرويودية والدارونية، وأفاد من المذاهب الفلسفية والأدبية التي سبقت؛ مثل: السريالية والرمزية وغيرها.
وتهدف الحداثة إلى إلغاء مصادر الدين، وما صدر عنها من عقيدة وشريعة، وتحطيم كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، بحجة أنها قديمة وموروثة؛ لتبني الحياة على الإباحية والفوضى والغموض وعدم المنطق والغرائز الحيوانية، وذلك باسم الحرية والنفاذ إلى أعماق الحياة (الموسوعة الميسرة ص 867 مرجع سابق).

[15] البنيوية: منهج فكري وأداة للتحليل، تقوم على فكرة الملكية أو المجموع المنتظم، اهتمَّت بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، وإن كانت قد اشتهرت في مجال علم اللغة والنقد الأدبي، ويمكن تصنيفها ضمن مناهج النقد المادي الملحدة (الموسوعة الميسرة ص 897 مرجع سابق).

[16] انظر تفسير القرآن العظيم 4/555 عند تفسير الآية: ﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ﴾ [عبس: 5 - 10].

[17] البداية والنهاية 17/538.

[18] قلاع المسلمين مهددة من داخلها وخارجها، محمد عبدالقادر هنادي ص67، طبعت مكتبة الطالب الجامعي مكة ط1، 1408هـ.

[19] انظر تفسير القرآن العظيم 3/96.

[20] انظر محمد زين الهادي، الدعوة الإسلامية الشمول والاستيعاب، ص137، مرجع سابق.

[21] انظر ناصر العقل، مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها، طبعة دار الوطن، الطبعة الأولى 1412هـ.

[22] المعوقون للدعوة الإسلامية في عهد النبوة وموقف الإسلام منهم، للدكتورة سميرة جمجوم ص 360 طبعة دار المجتمع للنشر والتوزيع بجدة، الطبعة الأولى، 1407هـ.

[23] البداية والنهاية 18/716 وللاستزادة انظر التفسير 3/154 عند تفسير الآية: 34 من سورة مريم.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.38 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]