#1
|
||||
|
||||
انتشله من الضياع
انتشله من الضياع أسامة طبش كانتِ الحياةُ دومًا بالنسبة إليه مشاقَّ ومصاعبَ، فقد تيتَّمَ منذُ صغرِه، وفقدَ والدَه الذي كان يحنُّ ويعطفُ عليه، حتى الآن تتراءى له صورةُ أبيه، تأتي إلى مخيلته في أقصى لحظاتِ ضعفِه، فتغرورقُ عيناه الحزينتانِ بالدموعِ. عاشَ وتربَّى في بيت أهلِ أمِّه؛ فأمُّه تزوَّجتْ بعد فترةٍ وجيزةٍ من وفاةِ والدِه، هذا الطفلُ المسكينُ عاشَ حياةً بائسةً، لم يتمتعْ بعطف الأبِ وحنوِّه، ولم تغدقْ عليه أمُّه من حنانِها. لم يوفَّقْ في دراستِه في بدايةِ الأمرِ، لقد ألقتِ المشاكلُ الأسريةُ أثقالَها عليه، صامتٌ في القسمِ، لا يَنبِسُ ببِنْتِ شَفَةٍ!إلى أن تقرَّبَ إليه معلمُه، وعَلِم ما به من حالٍ، وأحزانَه التي تؤلمُه. حاولَ بقدرِ الإمكانِ انتشالَه من ذلك المستنقعِ بالتشجيع والدفعِ إلى الأمام؛ لأول مرةٍ في حياتِه أحسَّ أن إنسانًا يعطفُ عليه!كان قريبًا منه، يسمعُ شكواه وما آلمَه من حالٍ. تبدَّلَ حالُ ذلك الطفلِ، وأصبحَ نشيطًا مبتهجًا يهتمُّ بشؤونِه، رغم صغرِ سنِّه إلا أنه اكتسبَ نضجَ الكبارِ، إنها المحنُ التي تصقُلُ الأطفالَ، فتجعلهم رجالًا، أصبح همُّه الوحيدُ هذه الدروسَ، وتتبع نصائح المعلم، دارتِ الدنيا فلعبَ معلمُه دورَ الأبِ والأمِّ والأسرةِ بالنسبة إليه، أنقَذَه من الضياعِ بعدما فرَّطتْ فيه والدتُه. هو صغيرُ السنِّ، وبريءٌ، ووجهُه كلُّه طفولةٌ، إلا أن عينيه تخونانِه، فتنطقانِ بأنه عانى ثم انتُشلَ من هذه المعاناةِ، لطفٌ ورحمةٌ من الرحمن أحاطتا به، فسعى لبناءِ مستقبلِه متسلحًا بالعلم والمعرفةِ والأخلاق الفاضلةِ. أما أمُّه، فلا قيمة لها؛ لقد ضيعَتِ الأمانةَ، وخانَتِ الرسالةَ، ولم تكنْ على قدرِ عظمِ مسؤوليةِ ابنِها.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |