الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 850025 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386212 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-06-2021, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية

الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية
مصطفى صلاح محمد




المقدمة


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.




وبعدُ:

فقد تعددت المؤلَّفات التي اهتمَّتْ بعرض سِيرة السيِّدة عائشة - رضي الله عنها - إجمالاً أو تفصيلاً[1]، وتعدَّدَت أخرى في عرضِ جانبٍ واحدٍ من حياتِها - رضي الله عنها -[2] فأُفْرِدت بعضُ تلك المؤلَّفات في فقهها - رضي الله عنها - وأخرى في علمها بالتفسير، وأخرى في مكانتِها في الحديث... إلى غير ذلك.



ولَم أجد خلال بحثي مؤلّفًا عُنِيَ بالجانب الأدبيِّ والبلاغي في حياتها - رضي الله عنها - رغم أنَّها اشتهَرَت بين الصحابةِ والتابعين بالبلاغةِ العالية، والبيانِ الواضح، وليسَ أدلَّ على ذلك من قولِ الأحنفِ بنِ قيسٍ - رضي الله عنه -: "سمعتُ خطبةَ أبي بكرٍ الصِّديق، وعمرَ بنِ الخطاب، وعثمانَ بنِ عفان، وعليِّ بن أبي طالب، والخلفاءِ من بعدهم، فما سمعتُ الكلامَ مِن فَمِ مخلوقٍ أفخمَ ولا أحسنَ منه مِن فِي - أيْ: فَمِ - عائشةَ - رضي الله عنها -".



فلمَّا كانت تلك مَنْزلتَها حتى بين الصحابةِ أنفسِهم، وهم أربابُ الكَلِمِ وأصحابُ البيان؛ رأيتُ أن تنفردَ لذلك دراسةٌ مستقلَّة.



وهدفي في تلك الدِّراسة أن أجمعَ بعضًا من ذلك التُّراث اللُّغوي والبلاغي الكبير؛ من بين خطبةٍ عَصْماء، وقولٍ مأثور، وحكمةٍ سيَّارة، ولمحةٍ برَّاقة.



واللهَ أسألُ أن أقدِّمَ من خلالها إيضاحًا ولو يسيرًا لذلك الجانب العظيم من حياةِ إحدى أهمِّ الشخصيَّات النسائيَّة على مرِّ العصور؛ أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها وأرضاها.



أسأل الله أن يوفِّقنا إلى ما فيه مرضاته.



فصل


بعضُ سيرة أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -:

هي: "الصدِّيقة بنت الصدِّيق، العتيقة بنت العتيق، حبيبةُ الحبيب، وأليفةُ القريبِ، سيِّدِ المرسلين محمَّدٍ، المُبَرَّأة من العيوب، المعرَّاة من ارتياب القلوب؛ عائشة أمُّ المؤمنين - رضي الله تعالى عنها - كانت للدُّنيا قاليةً، وعن سرورها لاهية، وعلى فَقْدِ أليفها باكية"[3].



وُلِدت - رضي الله عنها - بعد البعثة بأربع سنوات؛ لتتفتَّح عيناها على نور الرسالة، وتنشأ تحت كنف خير الناس بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أبي بكر - رضي الله عنه - وتتنسَّم نفحات الهداية الأولى.



تزوَّجت - رضي الله عنها - النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا في شهر شوَّال، وهي ابنة ستِّ سنوات، ودخل بها في شوَّال من السنة الثانية للهجرة وهي بنت تسع سنوات، فعنها - رضي الله عنها - قالت: "تزوَّجني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لستِّ سنين، وبنَى بي وأنا بنت تسع سنين"؛ متَّفقٌ عليه.



وكانت - رضي الله عنها -:

"امرأة بيضاء جميلة، ومِن ثَمَّ يُقالُ لها: الحُمَيْراء، ولم يتزوَّج النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِكرًا غيرَها، ولا أحبَّ امرأةً حُبَّها، ولا أعلمُ في أمَّةِ محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل ولا في النِّساءِ مُطلقًا، امرأةً أعظمَ منها، وذهبَ بعضُ العلماء إلى أنَّها أفضلُ من أبيها، وهذا مردودٌ، وقد جعلَ الله لكلِّ شيءٍ قدرًا؛ بل نشهدُ أنَّها زوجةُ نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الدنيا والآخرة، فهل فوقَ ذلك فخرٌ[4]؟".



"ولقد جُبِلَت السيِّدة عائشة - رضي الله عنها - على الطاعة والإيمان منذ إشراقِ نور الإسلام في أمِّ القرى مكَّة المكرَّمة؛ فهي إحدى بنات الصَّحابة اللاتي وُلِدنَ في الإسلام، وكانت تقول عن أبوَيْها: (لَم أعقِل أبويَّ إلا وهما يدينان الدِّين)، ولئن كان للقدوةِ منبرًا ونبراسًا، فإنِّي لا أجدُ من يستحقُّه مثل الصدِّيقة بنت الصدِّيق - رضي الله عنها"[5].



كان لها - رضي الله عنها - مكانةٌ خاصَّة في قلب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان يُظهر ذلك الحبَّ ولا يخفيه، حتى إنَّ عمرَو بن العاص - رضي الله عنه - وهو ممن أسلم سنة ثمانٍ من الهجرة، سأل النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أيُّ الناس أحبُّ إليك يا رسول الله؟ قال: ((عائشة))، قال: فمِن الرِّجال؟ قال: ((أبوها))؛ متَّفق عليه.



"كان حَسْب عائشة - رضي الله عنها - أن تكون بنتَ أبي بكر؛ ليُنْزِلَها زوجُها - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قلبِه في أعزِّ مكان، لكنَّها كانت إلى جانب هذه البنوَّة، ذاتَ لطفٍ آسِر، وذكاءٍ لمَّاح، وصِبا غَضٍّ نَضِير[6].



ولها من الفضائل ما تضيق دونَه هذه المقدِّمة المختصَرة، لكن حسبها أنَّه نزل في براءتها قرآنٌ يُتلَى إلى يوم القيامة، ويكفيها فضلاً أنَّها زوجة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الدنيا والآخرة، وأنها أحبُّ نسائه، وأنه مات في دارها، ودُفن فيها، وأنه مات بين سَحْرِها ونَحْرها، وأنَّها ابنة أبي بكرٍ الذي لم تطلع الشمس على أفضلَ منه بعد الأنبياء، ثاني اثنين إذْ هما في الغار.



عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كَمُل من الرِّجال كثير، ولم يكمل من النساء إلاَّ آسية امرأة فرعون، ومريم، وفضل عائشة على النِّساء كفضل الثَّريد على الطعام))؛ صحيح.



ومن فضائلها أنَّها من أفقه نساء هذه الأمَّة، وأنَّها صاحبة معرفةٍ بأنساب العرب، وأنَّها العابدة والزاهدة، والشَّاعرة والطبيبة.



"إن أخصَّ ما يبهر طالبَ العلم في سيرة أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - هو عِلمٌ زاخر كالبحر بُعْدَ غَوْر، وتلاطُمَ أمواج، وسَعَة آفاق، واختلافَ ألوان، فما شاء امرؤٌ مِن تمكُّنٍ في فقه، أو حديث، أو تفسير، أو علم بشريعة، أو آداب، أو شعر، أو أخبار، أو أنساب، أو مفاخر، أو طب، أو تاريخ - إلاَّ هو واجدٌ منه ما يَدْهشه عند تلك العبقرية الفذَّة، ولن يقضي عجبًا من اضْطِلاعها بكلِّ ذلك وهي لم تتجاوز بعدُ الثامنة عشرة من عمرها.



ومن هنا نوقن أنَّ حياة أمِّ المؤمنين بَنَتْ مجدًا باذخًا لتاريخ المرأة العلميِّ في الإسلام، بل إن عبقريَّتها وحدها كفيلةٌ بملء تاريخٍ كامل، فلا نجد في عبقريَّات الرجال والنِّساء في تواريخ الأمم ما يداني مكانةَ أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -"[7].





توُفِّيَت - رضي الله عنها - ليلة الثلاثاء، السابع عشر من رمضان من السنة السابعة، أو الثامنة، أو التاسعة والخمسين للهجرة، صلَّى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوِتْر، ونزل في قبرها خمسةٌ: عبدالله وعروةُ ابنا الزُّبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر، والقاسمُ وعبدالله ابنا أخيها محمَّد بن أبي بكر، وعبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر، وكان عمرها يومئذٍ سبعًا وستِّين سنة - رضي الله عنها.



فصل


المكانة الأدبيَّة العالية للسيدة عائشة - رضي الله عنها - وثناء الصَّحابة والتابعين وعلماءِ الأمَّة على فصاحتها وبلاغتها:

بلغَتْ أمُّ المؤمنين عائشة من الفصاحة والبيان مبلغًا عظيمًا؛ مِمَّا دفعَ كبار الصحابة إلى الثَّناء عليها، والإعجاب بفصاحتِها وبلاغتِها العالية، فها هو سيِّدنا معاويةُ - رضي الله عنه - يقول: "والله ما سمعتُ قطُّ أبلغَ من عائشة - رضي الله عنها -".



وقال المقداد بن الأسود - رضي الله عنه -: ما كنتُ أعلم أحدًا من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعلمَ بشِعر ولا فَريضةٍ من عائشةَ - رضي الله عنها -".



وعندما قيل لعروة بن الزُّبير: "ما أرواك![8]"، فقال: "ما روايتي في رواية عائشة؟ ما كان يَنْزل بها شيءٌ إلا أنشدَتْ فيه شعرًا".



وقال موسى بن طلحة - وهو أحد تلامذتها -: "ما رأيتُ أحدًا أفصحَ من عائشة - رضي الله عنها -".



وكان الشَّعبيُّ يَذْكرها، فيتعجَّبُ من فقهها وعلمها، ثمَّ يقول: ما ظنُّكم بأدب النبوَّة؟!



وكانت تقول - رضي الله عنها - عن نفسِها: "الشِّعر منه حسَنٌ ومنه قبيح، خُذْ بالحسن، ودَع القبيح، ولقد رويتُ من شعر كعب بن مالكٍ أشعارًا، منها القصيدة فيها أربعون بيتًا، ودون ذلك".



وفي تفسير الألوسي المعروف بروح المعاني: يستدلُّ المصنِّفُ على صحَّة قراءةٍ قرآنيَّة، بفصاحة السيِّدة عائشة - رضي الله عنها - وبلاغتها، وذلك في تفسير قولِه تعالى: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾ [البقرة: 283]، فقال:

"ومنه قراءة ابن مُحَيصن "اتُّمِن"، ونقل الصَّاغاني أن القول بجوازِه مذهبُ الكوفيِّين، ووَرَد مثلُه في كلام أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وهي من الفُصَحاء المشهود لهم، ففي البخاريِّ عنها - رضي الله عنها -: "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يأمرني، فأتَّزِر..."




قال ابن عبدالبرِّ: "كانت وحيدةَ عصرِها في ثلاثة علوم: علم الفقه، وعلم الطِّب، وعلم الشِّعر".



فصل


شدَّة حرصِها على استقامة اللِّسان، وغضبِها من اللحن


وهي - رضي الله عنها - لشدَّة اهتمامِها باستقامة اللسان وقوَّة البيان، ولأنَّها - كما هو دأبُ أهلِ زمانِها - تجد في تعثُّرِ اللُّغة على لسان المتكلم منقصةً، تخلُّ بالوَقار، وتطعن في الهيبة؛ فقد عُرِفَ منها أنَّها تغضبُ أشدَّ الغضب، إذا سمعت أحدًا يلحنُ في كلامه، فهي لا تتورَّع عن زجره، ولا تتردَّد في تأنيبه، فيَبلغ بها الضيق باللَّحن حدَّ الأذى، فلا تحتمله نفسُها، ولا تتقبَّله ذائقتُها، وهذا موقفٌ لا يُتيحُه لها إلاَّ مَنْزلة رفيعة في الفصاحة، وإلاَّ مكانة مرموقة فوق عرش اللُّغة والذرابة[9].



فمن ذلك أنَّ ابن أبي عَتِيق قال:

تحدَّثت أنا والقاسم عند عائشة - رضي الله عنها - حديثًا، وكان القاسم رجلاً لَحَّانة، وكان لأمِّ ولَد، فقالت له عائشة: ما لك لا تَحَدَّثُ كما يتحدَّث ابنُ أخي هذا؟ أما إنِّي قد علمتُ من أين أتيت، هذا أدَّبَتْه أمُّه، وأنت أدَّبتك أمُّك، قال: فغضب القاسم، وأضَبَّ عليها، فلما رأى مائدة عائشة قد أُتِي بها قام، قالت: أين؟ قال: أُصلِّي، قالت: اجلس، قال: إني أصلي، قالت: اجلس غُدَرُ! إنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((لا صلاةَ بحضرة الطَّعام، ولا هو يُدافِعُه الأخبثان)).



قلتُ: ماذا كانت ستقول - رضي الله عنها - إذا سمِعَت مَن يلحن في زمنِنا هذا من الخُطَباء والأئمَّة مِمَّن يَعتلُون قممَ المنابر، ويتصدَّرون بوجوههمُ المجامعَ والمحافل؟! بل حتى صارَ اللحن هو القاعدة، والشّاذُّ من يستقيمُ لسانُه!



فصل


نماذج من أقوالها المبثوثة هنا وهناك في كتب التَّراجم والتاريخ، وقد عنونتُ لكلِّ قول، وزدتُ عليه ما رأيتُه مناسبًا


1 - الكرَم واللُّؤم:

قالت عائشةُ - رضي الله عنها -: كلُّ كرمٍ دونه لُؤْم، فاللُّؤم أولى به، وكلُّ لُؤْم دونه كرم، فالكرم أولى به.



تريدُ أنَّ أَوْلى الأمورِ بالإنسانِ خِصَالُ نفسِه، فإنْ كانَ كريمًا وآباؤُه لئامٌ، لم يضرَّهُ ذلك، وإن كان لئيمًا وآباؤُه كرامٌ، لم ينفعْه ذلك.



2 - آية في الثقلاء:

قالت عائشةُ أمُّ المؤمنين - رضي الله عنها -: نزلتْ آيةٌ في الثُّقلاء: ﴿ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾ [الأحزاب: 53].



قيل لجالينوس: بِمَ صار الرجلُ الثقيلُ أثقلَ من الحِمْل الثقيل؟ فقال: لأنَّ الرجلَ الثقيل إنما ثقلُه على القَلْب دون الجَوارح، والحِمْل الثَّقيل يَسْتَعِين فيه المرء بالجَوَارح.



3 - قبل أن تحفظ الآيات:

قالت - رضي الله تعالى عنها -: كانت تَنْزل علينا الآيةُ في عَهْد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فنَحْفظ حلالَها وحَرَامها، وأَمْرها وزَجْرها، قبل أن نَحْفظها.



قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن أقوام يقرؤون ولا يفهمون فيعملون: ((سيكون في أمَّتي قومٌ يقرؤون القرآن لا يُجاوز تَراقِيَهم، يَمْرقون من الدِّين كما يَمْرُقُ السهمُ من الرميَّة، هم شرُّ الخَلْقِ والخَلِيقة)).



وقال: ((إنَّ الزَّبانية لأَسْرع إلى فُسَّاق حَمَلة القرآن منهم إلى عَبَدَة الأوْثان؛ فيَشْكون إلى ربِّهم، فيقول: ليس مَن عَلِم كمَن لم يَعْلم)).



وقال الحسَنُ: حَمَلةُ القرآنِ ثلاثةُ نَفَرٍ:

رجلٌ اتخذه بضاعةً يَنْقُله من مِصْرٍ إلى مِصْر؛ يَطْلُبُ به ما عندَ الناس.



ورجلٌ حَفِظ حُروفه، وضيَّع حُدُوده، واستدَرَّ به الوُلاة، واستطال به على أهل بلده، وقد كثُر هذا الضَّرب في حَملة القرآن - لا كَثَّرَهم الله - عزَّ وجلَّ.



ورجُل قرأ القرآن، فوضع دواءه على داءِ قَلبه، فسَهِر ليلَته، وهَمَلت عَيْناه، وتَسَرْبل الخُشوعَ، وارتدى الوَقار، واستَشعر الحُزن، ووالله لَهذا الضَّربُ من حمَلة القُرآن أقلُّ من الكِبْريت الأحمر، بهم يَسْقي الله الغَيْث، ويُنْزِّل النَّصر، ويَدْفع البَلاء.



4 - القرآن والخشوع:

ذكرَ في "روحِ المعاني": أنَّه قِيلَ لها - رضي الله عنها -: إنَّ قومًا إذا سمعوا القرآن صعقوا، فقالت: القرآن أكرم من أن يسرق منه عقول الرِّجال، ولكنه كما قال الله تعالى: ﴿ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 23].



وكثيرًا ما يكون لضعف تحمُّل الوارد، وبعض المتصنِّعين يفعله رياء.



وعن ابن سيرين أنَّه سئل عمَّن يسمع القرآن فيصعق، فقال: ميعاد ما بيننا وبينهم أن يجلسوا على حائطٍ فيُقرأ عليهم القرآن من أوَّله إلى آخره، فإن صُعِقوا، فهو كما قالوا!



5 - المنازعة والصِّياح:

قالت - رضي الله عنها - في يوم الجمل، وسَمِعَتْ منازعةَ أصحابِها وكثرةَ صياحِهِم: المنازعةُ في الحربِ خوَرٌ، والصِّيَاحُ فيها فشلٌ، وما برأييخَرَجْتُ مع هؤلاء.



6 - من يعمل بِمَساخط الله:

كتبت عائشةُ إلى معاويةَ:

أمَّا بعدُ، فإنَّه مَنْ يعملْ بمسَاخِطِ الله؛ يَصِرْ حامدُه مِنَ النَّاسِ ذامًّا له، والسلام.



وقالت - رضي الله عنها -: من أسخطَ النَّاسَ برضى الله، كفاه النَّاسَ، ومن أرضى النّاسَ بسخط الله، وكَلَه الله إلى النَّاس.



7 - الإحسان:

عن عائشةَ - رضي الله تعالى عنها - قالت: جُبِلَتِ القلوبُ على حُبِّ مَنْ أحسنَ إليها، وبُغْضِ من أساءَ إليها.



8 - أفضل العبادة:

قالت - رضي الله عنها -: إنَّكم لتغفلون عن أفضلِ العبادةِ: التَّواضع.



9 - مكارم الأخلاق:

قالت - رضي الله عنها -: "مَكارمُ الأخلاقِ عشرة: صِدْق الحديث، وصدق البأس في سبيل الله، وإعطاء السَّائل، ومكافأة الصَّنيع، وصلة الرَّحم، وأداء الأمانة، والتذمُّم للجار، وقِرى الضيف، والتذمُّم للصاحب، ورأس ذلك الحياء".



التذمُّم: حفظ الذِّمَام والحُرمة والعهد.



10 - الكفّ عن الذنوب:

قالت: مَن سرَّهُ أن يسبق الدَّائبَ المجتهد، فلْيكفَّ نفسَه عن الذُّنوب[10].

وقالت: أقِلُّوا من الذنوب؛ فإنَّكم لن تلقوا الله - عزَّ وجلَّ - بشيءٍ أفضل من قلَّةِ الذنوب.



يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-06-2021, 03:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية



11 - الجبن والفرار:

قالت: إنَّ لله خلقًا قلوبُهم كقلوب الطَّير، كلما خفقَت الرِّيح خفقَتْ معها، فأفٍّ للجُبناء! أفٍّ للجبناء!



12 - مِن وصاياها للنِّساء:

قالت: "يا معشر النِّساء، اتقين الله ربَّكُنَّ، وبالِغْنَ في الوضوء، وأقِمْن صلاتكنَّ، وآتين زكاتكنَّ طيبةً بها نفسُكنَّ، وأطِعْن أزواجكنَّ فيما أحببتُنَّ أو كرهتنَّ".

وقالت: "خليفة الله على المرأة زوجُها، فإذا رضي عنها زوجُها، رضِيَ الله عنها، وإذا سخط عليها زوجها، سخط الله عليها وملائكتُه؛ لأنَّها تَحْمل زوجها على ما لا يحلُّ لها".

وقالت: "مِن حقِّ الزوج على المرأة: أن تَلْزمَ فراشَه، وتتجنَّبَ سخطَه، وتتبَّع مرضاته، وتوفِّر كَسْبَه، ولا تعصِي له أمرًا، وتحفظه في نفسِها، ولا تخونه في فرجِها، وإذا فعلت ذلك كانت في الجنَّة".



13 - نصيحة:

"يا بَنِيَّ، لا تطلبوا ما عند الله مِن عند غير الله بما يسخط الله".



14 - البلاغة منذ الصِّغر:

قالت - رضي الله عنها -: "رَوُّوا أولادَكم الشِّعر، تعذُبْ ألسنتُهم".

وكانت تقول - رضي الله عنها -: "الشِّعر منه حسَن ومنه قبيح، خذ بالحسن ودَع القبيح، ولقد رويتُ من شعر كعب بن مالك أشعارًا، منها القصيدة فيها أربعون بيتًا، ودون ذلك".

وقالت - رضي الله عنها -: "ترَوَّوْا شِعْر حُجَيَّة بن المُضَرّبِ[11]؛ فإِنه يُعين على البِرِّ".



وقال حجيَّةُ بن المضرب في أبياتٍ له:



إِذَا كُنْتَ سَآَّلاً عَنِ المَجْدِ وَالعُلا

وَأَيْنَ العَطَاءُ الجَزْلُ وَالنَّائِلُ الغَمْرُ




فَنَقِّبْ عَنِ الأُمْلُوكِ، وَاهْتِفْ بِيَعْفُرٍ

وَعِشْ جَارَ ظِلٍّ لاَ يُغَالِبُهُ الدَّهْرُ




أُولَئِكَ قَوْمٌ شَيَّدَ اللهُ فَخْرَهُمْ

فَمَا فَوْقَهُ فَخْرٌ، وَإِنْ عَظُمَ الفَخْرُ




أُنَاسٌ إِذَا مَا الدَّهْرُ أَظْلَمَ وَجْهُهُ

فَأَيْدِيهِمُ بِيضٌ وَأَوْجُهُهُمْ زُهْرُ








أَضَاءَتْ لَهُمْ أَحْسَابُهُمْ فَتَضَاءَلَتْ

لِنُورِهِمُ الشَّمْسُ المُنِيرَةُ وَالبَدْرُ




ولَوْ لاَمَسَ الصَّخْرَ الأَصَمَّ أَكُفُّهُمْ

أَفَاضَ ينَابِيعَ النَّدَى ذَلِكَ الصَّخْرُ




وَلَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ البَسِيطَةِ مِثْلُهُمْ

لِمُخْتَبِطٍ عَافٍ لَمَا عُرِفَ الفَقْرُ




شَكَرْتُ لَكُمْ آلاَءَكُمْ وَبَلاَءَكُمْ

وَمَا ضَاعَ مَعْرُوفٌ يُكَافِئُهُ شُكْرُ








قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في عمرِو بن الأهتَم لمَّا أعجبه كلامُه: ((إنَّ مِن البيان لَسِحْرًا)).



وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ من الشِّعر لَحِكْمة)).



وقال عمرُ بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: "أفضلُ صِناعات الرَّجل الأبياتُ من الشِّعر، يُقدِّمها في حاجاته؛ يَستعطف بها قلبَ الكريم، ويستميل بها قلب اللَّئيم".



وقال عبدُالملك بن مروان لِمُؤدِّب ولده: "رَوِّهم الشِّعر؛ يَمْجدوا ويَنْجدوا"، وبعث زيادٌ بولده إلى معاوية، فكاشَفَه عن فنونٍ من العِلم، فوجده عالِمًا بكلِّ ما سأله عنه، ثم استنشده الشِّعر، فقال: "لم أَرْوِ منه شيئًا"، فكتب معاويةُ إلى زياد: "ما منَعك أن تُرَوِّيه الشِّعر؟ فوالله إنْ كان العاقُّ لَيَرْويه فَيبَرُّ، وإن كان البخيل لَيَرْويه فيسخُو، وإن كان الجبان لَيَرْويه فيُقاتِل".



15 - السجع المتكلَّف:

قالت - رضي الله عنها - للسَّائب: "إيَّاك والسَّجْع؛ فإنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه كانوا لا يسجعون".



والمقصود بالسجع المنهيِّ عنه هو السجعُ المذمومُ المُتكلَّف، الصادِرُ من نحوِ الكُهَّان وبعضِ المتحذلقين.



وهذا بخلاف السَّجع الجميل الذي تجده في السُّنَّة النبويَّة؛ مثال ذلك قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - داعيًا: ((اللهم إنِّي أعوذُ بك من علمٍ لا ينفع، وقلبٍ لا يخشع، ونفسٍ لا تَشْبع، ودعاءٍ لا يُسمَع، ومِن هؤلاءِ الأربع)).



16 - مالُ اليتيم:

قالت: "مالُ اليتيم عُرة، لا أُدخله في مالي، ولا أَخلِطُه به".



17 - النكاح رِقٌّ:

قالت عائشة: النِّكاح رِق، فلْيَنظر أحدُكم عند من يُرِقُّ كريمتَه.

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أوصيكم بالنِّساء؛ فإنهنَّ عندكم عَوانٍ))؛ يعني أسيرات.



18 - في مدح الفاروق:

كانت عائشةُ - رضي الله عنها - إذا ذُكِر عمر قالت: "كان والله أحوزيًّا نسيجَ وحدِه، وقد أعدَّ للأمور أقرانَها".

وقالت عنه: "إنّه بخع الأرضَ، فقاءَت أكلَها".

وقال المغيرة بن شعبة: "ما رأيت أحدًا هو أحزمُ من عمر، كانَ والله لهُ فضلٌ يمنعه أن يَخْدَع، وعقلٌ يمنعه أن يُخْدَع".

وقال عمر عن نفسه: "لست بخِبٍّ، والخِبُّ لا يخدعني".



19 - عن وفاته - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

وقالت عائشة: "تُوفِّي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بين سَحْري ونَحري، فلو نَزل بالجِبال الرَّاسيات ما نَزل بِأَبِي لهدَّها؛ اشرأبَّ النِّفاق، وارتدَّت العرب، فوالله ما اختلَفوا في لفظةٍ إلاَّ طار أبي بحظِّها وغنائها في الإسلام".



20 - الرضا عن النفس:

قالَ رجلٌ لعائشة - رضي الله عنها -‏:‏ يا أمَّ المؤمنين، متى أعلم أنِّي مسيء‏؟‏ قالَت‏:‏ "إذا علمتَ أنَّك محسن"‏.‏



21 - عن الزهد:

ورأت مرَّةً رجلاً متماوِتًا، فقالت: "ما هذا؟"، فقالوا: زاهد، قالت: "قد كان عمرُ بن الخطاب زاهدًا، وكان إذا قال أسمَعَ، وإذا مشى أسرَع، وإذا ضرب في ذات الله أوجَع".

ورأى عمرُ رجلاً متماوتًا، فقال: "لا تُمِتْ علينا ديننَا، أماتك الله تعالى".

ورأى رجلاً مُطَأطئًا رأسَه، فقال: "ارفع رأسَك؛ فإنَّ الإسلام ليسَ بمريض".



22 - نصيحة:

عن عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - أنَّ عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنْ لِما لم تَرْجُ أرجى منك لما ترجو؛ فإنَّ موسى بن عمران خرج يقتبس نارًا، فرجع بالنبوَّة".



وقال الشاعر:



كُنْ لِمَا لاَ تَرْجُو مِنَ الأَمْرِ أَرْجَى

مِنْكَ يَوْمًا لِمَا لَهُ أَنْتَ رَاجِي




إِنَّ مُوسَى مَضَى لِيَقْبِسَ نَارًا

مِنْ ضِيَاءٍ رَآهُ وَاللَّيْلُ دَاجِي




فَأَتَى أَهْلَهُ وَقَدْ كَلَّمَ اللَّ

هَ وَنَاجَاهُ وَهْوَ خَيْرُ مُنَاجِي




وَكَذَا الأَمْرُ رُبَّمَا ضَاقَ بِالْمَرْ

ءِ فَيَتْلُوهُ سُرْعَةُ الإنْفِرَاجِ








23 - الأجر والنَّصَب:

قالت - رضي الله عنها -: "إنَّما أجرُك على قدرِ نصَبِك".



فصل


نماذج لبعض خُطَبِها العصماء - رضي الله عنها - مع شرح غريب الكلمات




1 - خطبة السيّدة عائشة - رضي الله عنها - والتي قالتها في أبيها الصِّدِّيق - رضي الله عنه -:

بلغَ أمَّ المؤمنين - السيدة عائشةَ - رضي الله عنها - أنَّ قَوْمًا يَنالون من أبيها، فأرسلتْ إلى أَزْفَلَةٍ من الناس، فلمَّا حضروا، أسدلَتْ ستارَها، وعلَتْ وِسادَها، ثم قالتْ:

"أبي، وما أَبِيه، أبي واللهِ لا تَعْطُوه الأيدي، ذاكَ طَوْدٌ مُنِيفٌ، وظلٌّ مديدٌ، هَيهاتَ، بَعُدَت الظُّنون! أنجَحَ واللهِ إذْ أَكْدَيْتُم، وسَبق إذْ وَنَيْتُم سَبْقَ الجوادِ إذا استولَى على الأَمَد، فتى قُريشٍ ناشِئًا، وكَهفُها كَهْلاً، يَرِيشُ مُملِقَها، ويرأَبُ شَعْبَها، ويَلُمُّ شَعْثَها، ثمَّ استَشْرى في دِينه، فما بَرِحَتْ شَكيمتُه في ذاتِ الله، حتَّى اتَّخَذ بفِنائه مَسجِدًا، يُحْيِي فيه ما أماتَ المُبْطِلون، كان واللهِ غَزيرَ الدَّمعة، وَقِيذَ الجَوانِحِ، شَجِيَّ النَّشِيجِ،فَأَقْصَفَتْ عليهِ نسوانُ أهْلِ مكَّةَ ووِلْدانُهم، يسخَرون مِنه، ويستَهْزِئون به؛ ﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [البقرة: 15]، وأَكْبَرَتْ ذلكَ رِجالاتُ قُرَيْشٍ، فحَنَتْ قِسِيَّها، وفَوَّقَتْ سِهامَها، وامْتَثلَتْه غرَضًا، فَمَا فَلُّوا لَه صَفاةً، ولا قَصَفوا له قَناة، ومضى على سِيسائِه، حتى إذا ضَرب الدِّينُ بجِرانه، ورَسَتْ أطوادُه، ودَخل النَّاسُ فيه أَفْواجًا، ومِنْ كُلِّ فرقةٍ أرسالاً وأَشياعًا، اختارَ الله لنبيِّهِ ما عِندَه، فَلمَّـا قَبض اللهُ نبيَّه، اضْطرَب حَبْلُ الدِّينِ، ومَرَج عَهْدُه، وماج أهْله، وبغِيَ الغوائل، ونصبت الحبائل، وظنَّتْ رجالٌ أنْ قد أكثب نهزها، ولاتَ حين الذي يظنُّون، وأنَّى والصِّديق بين أظْهُرهم؟ فقام حاسرًا مشمِّرًا، فرفع حاشيتَيْه، وجمع قَطْرَيْه، ولَمَّ شعْثه بطبِّه، وأقامأوَدَه بثِقافه، حتى امْذَقر النِّفاق بِوَطْئه، فلمَّاانْتاش الدِّين فنعشه، وأراحَ الحقَّ على أهْلِه، وقرَّرالرؤوس على كواهلها، وحقن الدِّماء في أهَبِها، حضرَتْهمنيَّتُه، فسدَّ ثُلْمته بِنَظيره في المَعْدلة، وشقيقه فيالسِّيرة والمَرْحمة؛ ذاك ابن الخطَّاب، لله دَرُّ أمٍّ حفلَتْله، ودرَّتْ عليه، وأوْحدَتْ به، ففتح الكَفَرةَودنَّخها، وشرد الشِّرْك شذرَ مذر، وبخعَ الأرْضفنخَعها، حتى قاءَتْ أُكلها، ولفظَتْ خَبيئها، ترْأمه ويصدُّ عَنْها، وتَصدَّى له ويَأْباها، ثم ظعن عنْها على ذلك، فأَروني ما تَرتَؤون، وأيَّ يوْمَيْ أبي تَنْقمون؟ أيوم مقامه إذْ عدَل فيكم، أم يوم ظعْنِه إذْ نظر لَكم؟

أقول قَوْلي هذا، وأستَغْفر الله لي ولكم".



ثم أقبلَتْ على الناس بِوَجْهها، فقالتْ: "أَنْشدكم الله؛ هل أنكَرتُم مماقلتُ شيئًا؟" قالوا: "اللَّهم لا".



معاني بعض المفردات:

اختصرتهُا من شرحِ أبي بكر بنِ الأنباريِ - رحمَه الله -:



المفردة

المعنى

المفردة

المعنى

الأَزفَلة

الجماعة

الطَّود

الجبل

أَكْدَيْتُم

خِبتم

وَنَيتم

فَتَرتُم وضَعُفتم

الأمد

الغاية

يَريشُ

يعطي ويفضِّل

المُملق

الفقير

يَرأَبُ

يجمع ويلأم

الشعبُ

المتفرق

استشرى

احتدَّ وانكمش

فما بَرِحَت

فما زالت

الشكيمة

الأنَفة والحمية

الوقيذ

العليل

الشَّجِي

الحزين

النشيج

صوت البكاء

أقصَفَت

انثَنَت

وامتثلت

مثلته ونصبته

الغَرَض

ما يُقصد في الرمي

فَلُّوا

كسروا

الصَّفاة

الصخرة الملساء

على سِيسائِه

على شِدَّته

الجِران

الصَّدر

ورَسَت

ثبتت

مَرَجَ

اختلط

ماج أهله

اضطربوا وتنازعوا

بَغِي الغوائل

طُلِبَت له البلايا التي تُضعفه

أَكثَب

اقترب

نهزَها

الاختلاس للشيء

لات حين الذي يظنون

ليست الساعة حين ظَفرهم

رفع حاشيتيه وجمع قَطْريه

بحزم في الأمور وجِدٍّ، وتأهَّب وتشمَّرَ لنُصرة الدِّين، والقطر: الناحية

الطِّب

الدواء

الأَوَد

العِوَج

الثِّقاف

تقويم الرماح وغيرها

امذَقرَّ

تفرّق

انتاش الدين

أزال عنه ما يُخاف عليه

نَعَشَه

رفَعَه

أراح الحق على أهله

أعاد الزكاة التي منعتها العرب

قرّر الرؤوس على كواهلها

أيْ: وقى المسلمين القتل

حقن الدماء على أهبّها

أي رفع القتال عن المسلمين

لله درّ أمّ حفلت به

جمَعت اللبن لرضاعه، والشاة المُحَفَّلَة: التي يُجمع لبنها في ضَرعها

أوحدت به

جاءت به منفردًا لا نظير له

ففتح الكفرة

غنم بلاد الكفّار

دنَّخها

أذلَّها وصغَّرها

بخع الأرض

شقَّها

نخعها

استقصى عليها

قاءت أكلها

جُبي خَرَاجها، وأخرجت خيراتها وثمراتها

ترأمه

تعطف عليه

تصدَّى له

تَعْرِضُ له







2 - خطبتها بعد وفاة أبيها:

لما قُبِضَ أبو بكر ودُفن، قامت على قبره، وقالت:

"نضَّر الله يا أبَتِ وجهك، وشكر لك صالح سعْيِك، فلقد كنت للدُّنيا مذلاًّ بإدبارك عنها، وللآخرة معزًّا بإقبالك عليها، ولئن كان أعظمَ المصائب بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - رُزْؤك، وأكبر الأحداث بعده فَقْدك؛ فإنَّ كتاب الله - عزَّ وجلَّ - ليَعِدُنا بالصَّبر عنك حُسْن العوض منك، وأنا مُتَنجِّزةٌ من الله موعودَه فيك بالصبر عليك، ومُستعينته بكثرة الاستِغْفار لك، فسلام الله عليك، توديع غير قاليةٍ لحياتك، ولا زاريةٍ على القَضاء فيك".



متنجِّزةٌ: أيْ: سائلةٌ إنجازَهُ موعودَه - عزَّ وجلَّ - في الصبرِ على البلاء.

غير قالية، ولا زارية: غير مبغِضة، ولا عائبة.


يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-06-2021, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية

الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية
مصطفى صلاح محمد




3 - وذَكَرَت مرّةً أباها فاستغفرت، ثُمَّ قالت:
إنَّ أبي كان غَمْرًا شاهِدُه، غَمْرًا غَيْبُه، غمرًا صَمْته، إلاَّ عن مفروضٍ ذَلَّلهُ عند الحقِّ، إذا نزل به يتمخَّج الأمرَ هُوَيْناه، ويَرِيع إلى قُصَيْراه، إن استُفْزِز أسْجَح، وإن تعزّز عليه طامَن، طيارٌ بفِناء المُعْضلة، بطيءٌ عن مُماراة الجليس، منْشئٌ لمحاسن قومه، موقورُ السَّمعِ عن الأذَاة.

يا طولَ حُزني وشجاي! لَمْ أَلْعُ على مثكولٍ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَوْعي على أبي، طامَنَ المصائب رُزْؤه، وكنتُ بعد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا رُزْء أحْفِلُه؛ وعاء الوحي، وكافل رضاء الرب، وأمين ربِّ العالَمين، وشفيع مَن قال: لا إله إلاَّ الله، ثم أنشأَتْ تقول:
إِنَّ مَاءَ الجُفُونِ يَنْزَحُهُ الهَمْ
مُ وَتَبْقَى الهُمُومُ وَالأَحْزَانُ

لَيْسَ يَأْسُو جَوَى المَرَازِئِ مَاءٌ
سَفَحَتْهُ الشُّؤُونُ وَالأَجْفَانُ



معاني بعض المفردات:
الكلمة
المعنى
الغَمْر
هو الكريم الواسع الخلق
شاهِدُه
حاضره
تصفُ أباهَا بالكرم والتَّسامح في علانيته وسرِّه، ونطقه وصمتِه، إلاَّ عن أمر مفروض، فإن الحقَّ لا تَسامُحَ فيه.
تمخّج الماء
حرَّكه
هُوَينا الأمر
سهله
يريع
يرجع
قُصَيراه
غايته
جاء في لسان العرب: يقال: قَصْرُك وقُصارُك وقَصارُك وقُصَيْراكَ وقُصارَاكَ أَن تفعل كذا؛ أَيْ: جُهْدُك وغايتُك، وآخرُ أَمرك، وما اقْتَصَرْتَ عليه.
تريد أنه يأخذ الأمور بالرِّفق حتى تبلغ غايتها.
استُفْزِز
أي: لغصب أو لنحوه
أسجح
أي: سهل
ومنه المثل: ملَكتَ فأسجِحْ، ويُروى "إن استُغْزِر أسجح"، وحينئذٍ يكون معنى أسجح: سمح.
وإن تعزز عليه طَامَنَ
أي: إنَّه إن غولب في المخاطبة سكَن
تريد من ذلك كله أنَّه سَمْح الخلق، لا يغضب إلا للحقِّ؛ أيْ: حقِّ الدِّين.
طيار بفناء المعضلة
تريد أنَّه سريعٌ في تدبير معضلات الأمور
المماراة
الشك، أو مجاراة الإنسان جليسه بالباطل أو نحو ذلك
موقور السمع عن الأذاة
الموقور هو الذاهب السَّمع
تعني: أنَّه يتصامم عن سماع الأذيَّة
الشجا
قهر الحزن
لم أَلْعُ على مثكولٍ بعد رسول الله لوعي على أبي
أيْ: إنها لم تجزع على حبيبٍ مفقود بعد النبي جزعها على أبي بكر
طَامَنَ المصائبَ رزؤُه
أيْ: أنساها هذا الرُّزءُ؛ لعِظَمه، فأي مصيبة بعده جلل
لا رُزْءَ أحْفِلُه
أي: تهتمُّ أو تبالي به.
قال في "لسان العرب": والحَفْل المُبَالاة، يُقال: ما أَحْفِل بفلان؛ أَي: ما أُبالي به.
إنَّ مَاءَ الجُفُونِ يَنْزَحُهُ الهمُّ
أي: يُفْنِيهِ الهمُّ؛ "كناية عن كثرة البكاء".
قال في لسان العرب: نَزَحَ البئرَ يَنْزِحُها ويَنْزَحُها نَزْحًا وأَنْزَحها: إِذا استقى ما فيها حتى يَنْفَدَ، وقيل: حتى يَقِلَّ ماؤُها
لَيسَ يَأْسُو جوى المرازئ ماءٌ
يَأْسُو: يداوي، جوي: الحزن، المرازئ: من مات خيارُ قومه.
سَفَحَتْهُ الشؤونُ والأجْفَانُ
سفحته: صبَّتْه، الشؤون: مجرى الدموع.



4 - خطبتها في البصرة - رضي الله عنها - وهي ساعية في الطلب بدم عثمان - رضي الله عنه -:
قالت - رضي الله عنها -:
"إنَّ لي عليكم حرمةَ الأمومة وحقَّ الموعظة، لا يتَّهمني إلا من عصى ربَّه، قُبِض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سحري ونحري، وأنا إحدى نسائه في الجنَّة، ادَّخرني ربِّي له، وحصَّنني من كلِّ بضعٍ، وبي مُيِّز مؤمِنُكم من منافقكم، وبي أرخصَ الله لكم في صعيد الأبواء - وفي نسخة: "ثم أبي ثاني اثنين، الله ثالثهما" - وأبي رابعُ أربعةٍ من المسلمين، وأوَّل من سُمِّي صدِّيقًا، قُبِض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنه راضٍ، وقد طوقه وهف الإمامة، ثم اضطرب حبل الدِّين، فأخذ أبي بِطَرفيه، ورتق لكم أثناءه؛ فوقذ النِّفاق، وأغاض نبع الرِّدة، وأطفأ ما حشت يهود، وأنتم يومئذٍ جحظٌ، تنظرون العَدْوة، وتستمعون الصيحة، فرأب الثأي، وأوذم العطلة، وامتاح من المَهْواة، واجتهر دُفُنَ الرَّواء، ثم انتظمت طاعتكم بحبله، فولَّى أمركم رجلاً شديدًا في ذات الله - عزَّ وجلَّ - مذعنًا إذا ركن إليه، بعيد ما بين اللاَّبتين، عُرَكَةً للأذاة بجنبه، فقبضه الله، واطئًاعلى هامة النِّفاق، مُذْكيًا نار الحرب للمشركين، يقظان اللَّيل في نصرة الإسلام، صفوحًا عن الجاهلين، خِشَاش المَرْآة والمخبر، فسلك مسلك السابقيه، تبرَّأتُ إلى الله من خَطْبٍ جمعَ شملَ الفتنة، ومَزَّقَ ما جَمَع القرآن، أنا نَصْبُ المسألة عن مسيري هذا؛ لم أجرِّد إثمًا أَدَّرِعه، ولم أدلس فتنةً أوطئكموها، أقول قولي هذا صادقًا وعدلاً، واعتذارًا وتعذيرًا، وأسأل الله أن يصلِّي على محمدٍ وآله، عبده ورسوله، وأن يَخْلُفه في أمته بأفضل خلافة المرسلين، وأنِّي أقبلتُ لدم الإمام المظلوم، المركوبةِ منه الفِقَرُ الأربع: حرمة الإسلام، وحرمة الخلافة، وحرمة الصُّحبة، وحرمة الشَّهر الحرام، فمن ردَّنا عن ذلك بحقٍّ قبلناه، ومن خالفنا قتلناه، وربما ظهر الظَّالم على المظلوم، والعاقبة للمتقين.

معاني بعض المفردات:
الكلمة
المعنى
حرمة الأمومة
لأنَّها من أمَّهات المؤمنين - رضي الله عنها - قال الله تعالى: ï´؟ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ï´¾ [الأحزاب: 6].
لا يَتَّهِمُني إلا من عَصَى ربَّه
تريد: ï´؟ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ï´¾ [النور: 17].
بين سحري ونحري
السَّحْر: الرِّئة، النَّحر: أعلى الصدر، تريد أنَّه مات - صلَّى الله عليه وسلَّم - محضونًا بين يديها وصدرها.
وحَصَّنَنِي من كلِّ بُضْع
أيْ: من كل نكاح، وكان تزوَّجَها بِكْرًا من بين نسائه - صلَّى الله عليه وسلَّم -
وبي مُيِّزَ مُؤْمِنُكُمْ مِنْ مُنَافِقِكُمْ
تعني حادثةَ الإفك، والتي ميَّزَت المنافقين بعد أن أنزل الله براءَتها في القرآن الكريم.
أرخص
أجاز
الصعيد
التراب
الأبواء
المفازة
تُريد أنَّها كانت سببًا في رخصة التيمم، وسيأتي مُفصَّلاً في باب فضائلها - رضي الله عنها.
وقدْ طوَّقَهُ وَهْفَ الإمامة
أي: ثقلها، والقيام بها.
ورَتَقَ لكم أثناءَه
في "لسان العرب": وربَّقَ، وأثناءَه ما انثنى منه.
تريد أنَّه لما اضطرب الأمر يوم الرِّدّة، أحاط به من جوانبه وضمَّه، وكانت فتنةً، فأخمدها أبو بكر بحزمه وعزمه - رضي الله عنه.
فَوَقَذَ النِّفاقَ
أي: كسرَه ودمَغَه
أغاضَ نَبْعَ الرِّدَّةِ
أَي: أَذْهَب ما نَبَع منها وظَهر، ولافى فورتها في أصلها.
حَشَّت يهود
ويُروى ما تحشُّ يهود، أي: ما أوقدت من نيران الفتنة والحرب.
جُحَّظٌ، تنظرونَ العَدوة وتستمعون الصيحة
تريد أنّهم كانوا في جهدٍ وبلاء، اجحظت عيونُهم؛ أيْ: برزت، وهم ينظرون الوثبة عليهم، ويسمعون للتصايح إليهم وقد أُسْقِط في يدهم.
فَرَأَبَ الثَّأْي
الثَّأْي هو الفساد، تريد: أنّه أصلَحَ الفساد.
وأوذَم العَطِلَة
العَطِلَة: هي الدلو المُعطَّلة عن الاستقاء؛ لانقطاع وذمِها؛ أي: سُيورها، وأوْذَمَها: أي شدَّها وأصلَحَها.
وهو مَثَلٌ لِفعْله في الإِسلام بعد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أَي: إنه ردَّ الأُمور إِلى نِظامها، وقَوَّى أَمْرَ الإِسلام بعد ارتداد الناس، وأَوْهى أَمرَ الرِّدَّة، حتى استقام له الناس.
وامْتَاحَ من المَهْوَاة
امتاح: أي استقى، المهواة: البئر العَمِيقَة، أرادت أَنه تحَمَّل ما لم يَتحَمَّل غيره.
واجْتَهَرَ دُفُنَ الرَّواءِ
الاجْتِهارُ: الاستخراج، الدُّفُن: جمع دَفين، وهو الشيء المدفون، الرَّواء: الماء الكثير، وقيل: العَذْب الذي فيه للوارِدين رِيٌّ، يقال: جَهَرْتُ البئرَ واجْتَهَرْتها إِذا كَسَحْتها إِذا كانت مُنْدَفِنَةً، ويُروى: "اجتحى دفينَ الداء"؛ أي: استأصَلَه.
هذا مثلٌ ضربَتْه عائشة - رضي الله عنها - لإِحكامه الأَمر بعد انتشاره، شبَّهتْه برجلٍ أَتى على آبار مندفنة، وقد اندفن ماؤُها، فنَزحها وكسحها، وأَخرج ما فيها من الدفن حتَّى نبع الماء.
مُذْعِنًا إذا رُكِنَ إليه
المُذعن هو المسرع في الطاعة؛ أيْ: إنَّه لا يألو إذا طُلِبَ أو استُعِينَ به.
بَعِيد ما بين اللابتين
تُريد أنّه واسع الصدر، فاستعارت له اللاَّبة، كما يُقال: رحب الفناء، واسع الجناب، واللابة هي نوع من أنواع الأرض.
عُرَكَة للأذاة بجَنْبه
أي: يحتمله.
مُذكيًا
مُوقدًا
خِشَاش المَرْآة والمَخْبَر
تريد أَنه لطيف الجسم والمعنى
فسلكَ مَسْلَكَ السابقيه
أي: الذين سبقوه في النظر في أمر المسلمين.
أَنَا نَصْبُ المَسْأَلَةِ عَنْ مَسِيرِي هَذَا
تقول: إنَّها عُرضة أن تسأل عن مسيرها هذا.
لم أجرِّد إثمًا
أدّرعُهُ
أي: أنتزعه.
أي: أجعلُه درعًا
تريد أنّها لم تتلبَّسْ بإثم
تعذيرًا
أي: تقصيرًا
المََرْكُوبَة مِنْهُ الفِقَرُ الأَرْبَعُ
الفِقَر: جمع فِقْرة، وفَقرَة وفَقارَة، وهي: واحدةُ فَقَارِ الظَّهْرِ، وتُجمَعُ أيضًا على: فِقْرات، وفِقَرات، وفِقِرات.
قال في "لسان العرب": يُقال: أَفقرَ البعيرَ يُفْقِرُه إِفقارًا إِذا أَعارَه، مأْخوذٌ من ركوب فَقارِ الظهر، وهو خَرَزَاتُه، الواحدة فَقارَة.
أرَادَتْ أنّهم انتهكوا فيه أربعَ حرم.
حرمة الشهر الحرام
وهو: شهرُ ذي الحجَّة - من الأشهر الحرم - الذي قُتِلَ فيه عثمانُ - رضي الله عنه وأرضاه.
وربما ظهر الظالم على المظلوم
أي: إنّه قد يكون له الغلبة في بادئ الأمر، لكنَّ العاقبةَ في الآخرة للمتقين.


5 - نصيحة أمِّ سلمة لعائشة - رضي الله عنها - حين هَمَّت للخروج للطلب بدمِ عثمان، ورد السيدة عائشة عليها:
قال هارون: عن العتبيِّ عن أبيه قال: قالت أمُّ سلمة (وفي نسخةٍ كتبَتْ إليها أمُّ سلمة) - رحمة الله عليها - لعائشة لما هَمَّت بالخروج إلى الجمل: يا عائشة، إنَّك سدَّةٌ بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أمَّتِه، حجابك مضروبٌ على حرمته، وقد جمع القرآن ذيلك، فلا تَنْدَحيه، وسَكَّن الله من عُقَيراك فلا تُصْحِريها، الله من وراء هذه الأمَّة.

قد علم رسولُ الله مكانَكِ، لو أراد أن يعهد فيك عَهِد، بل قد نهاك عن الفُرْطَة في البلاد، ما كنت قائلةً لو أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عارضَكِ بأطراف الفلوات ناصَّةً قَلُوصَك من منهلٍ إلى منهل، إنَّ بعين الله مثواك، وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - تعرضين، ولو أمرت بدخول الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - هاتكةً حجابًا جعله الله عليَّ، فاجعليه سترك، وقاعة البيت قبرك، حتى تلقيه وهو عنك راضٍ.

الكلمة
المعنى
سدّة
أَيْ: باب؛ فمتى أُصيب ذلك الباب بشيء، فقد دخل على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حريمه وحَوْزته واستُبيحَ ما حَماه، فلا تكوني أَنت سببَ ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك، فتُحْوِجي الناس إِلى أَن يفعلوا مثلك.
حجابك مضروب على حرمته
تريد الحجاب الخاصَّ بأزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال تعالى: ï´؟ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ï´¾ [الأحزاب: 53]، الضمير عائدٌ إلى أزواج النبيِّ خاصة، دون غيرهنَّ من النساء.
وقدْ جمعَ القرآنُ ذيْلَكِ فلا تَنْدَحِيه
أَي: لا تُوَسِّعِيه ولا تُفَرِّقيه بالخروج إِلى البصرة، أرادت قولَه تعالى: ï´؟ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ï´¾ [الأحزاب: 33]، وهذه الآية في سياق الأمر لنساء النبيِّ خاصَّة أيضًا.
سَكَّنَ الله عُقَيْراكِ فلا تُصْحِريها
أَي أَسكَنَكِ الله بَيْتَك وعقارَك وسَتَرَكِ فيه، فلا تُبْرِزيه.
قال الزمخشري: كأَنَّها تصغير العَقْرى على فَعْلى؛ مِن عَقرَ: إِذا بقي مكانَه، لا يتقدَّم ولا يتأَخَّر؛ فزعًا أَو أَسَفًا أَو خجلاً، وأَصله من عَقَرْتُ به: إِذا أَطَلْتَ حَبْسَه، كأَنَّك عَقَرْت راحلته، فبقي لا يقدر على البَراحِ، وأَرادت بها نفسها؛ أَي: سكِّني نفْسَك التي حقُّها أَن تلزم مكانها، ولا تَبْرُز إِلى الصحراء، من قوله تعالى: ï´؟ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ï´¾ [الأحزاب: 33].
الفُرْطة
أي: الخروج والتقدُّم.
عارَضَكِ - الفلوات
استقبلك - جمع فلاة، وهي المفازة، أو الصَّحراء الواسعة.
نَاصَّةً
قال في "لسان العرب": النَّصُّ: التحريك حتى تستخرج من الناقة أَقصَى سيرها؛ والنَّصُّ والنَّصِيصُ: السير الشديد والحثُّ.
قَلُوصَكِ
في "لسان العرب": القلوص: أولُ ما يُرْكَب من إِناث الإِبل إِلى أَن تثْني، فإِذا أثنت، فهي ناقةٌ، وربما سمَّوا الناقة الطويلةَ القوائمِ قَلُوصًا، وقد تُسَمَّى قَلُوصًا ساعَةَ توضَع، والجمعُ من كل ذلك قَلائِص وقِلاص وقُلُص.
ناصَّة قلوصك: أيْ: رافعة لها في السير.
المنهل
المَشْرَبُ، والشُّرْبُ، والموضعُ الذي فيه المَشْرَبُ، والمَنْزِلُ يكونُ بالمَفازَةِ؛ "القاموس المحيط".
وقال في "لسان العرب": المَنْهَل: المَوْرِد وهو عين ماءٍ تَرِدُه الإِبِل في المَراعي، وتسمّى المَنازل التي في المَفاوِز على طريق السُّفَّار مَناهِل؛ لأَن فيها ماءً.


فقالت عائشة: يا أمَّ سلمة، ما أقبلَنِي لِمَوعظتك! وأعرفَني بِنُصحك! ليس الأمر كما تقولين، ما أنا بِمُعبِرة بعد تعود، ولنعم المطلع مطلعًا أصلحتُ فيه بين فئتين متناجزتين، (وفي نسخةٍ يُروى بعد ذلك: فإنْ أقمْ، ففي غير حرجٍ، وإن أخرج، ففي إصلاحٍ بين فئتين من المسلمين متناجزتين)، والله المستعان.

معاني بعض الكلمات:
الكلمة
المعنى
بِمُعبِرة بَعْد تعود
هكذا وردَتْ، تريد: أنَّها ليست براجعة عمَّا عزمَتْ عليه.
متناجزتين
المناجزة: المقاتلة، كالتَّناجز؛ "القاموس المحيط".


6 - كلامها لأبيها وهو مريض - رضي الله عنهما -:
عن عائشةَ - رضي الله عنها - أنَّها دخلَتْ على أبيها في مرضه الذي مات فيه، فقالت: يا أبت، اعهَدْ إلى حامَّتِك، وأنفذ رأيك في سامَّتِك، وانقُلْ من دار جهازِك إلى دار مُقامِك؛ إنَّك محضورٌ، متَّصلٌ بقلبي لوعتك، وأرى تخاذُلَ أطرافك، وامتِقاع لونك، وإلى الله تعزيتي عنك، ولدَيْه ثوابُ حزني عليك، أَرْقَأ فلا أَرْقَى، وأبلُّ فلا أَنْقى.

قال: فرفع رأسه إليها، فقال: يا أُمَّه، هذا يومُ يُجلَّى لي عن غطائي، وأعاين جزائي؛ إنْ فرحٌ فدائمٌ، وإن ترحٌ فمقيمٌ، إنِّي اضْطَلعت بإمامة هؤلاء القوم حين كان النُّكوص إضاعةً، وكان الخَطْو تفريطًا، فشهيدي الله ما كان بقلبي إلاَّ إياه، تبلَّغتُ بِصَحْفتهم، وتعلَّلت بِدرَّة لِقْحتِهم، وأقمت صَلاي معهم في إدامتهم، لا مختالاً أشرًا، ومكاثرًا بطرًا، لم أَعْدُ سدَّ الجَوْعة، ووَرْي العورة، وإقامة القَوام، حاضري الله مِن طوًى ممعضٍ تهفو منه الأحشاء، وتُجَبُّ له المِعَا، واضطُرِرت إلى ذاك اضطرار البرض إلى المَعْتِب (وروي المَعِيف) الآجن، فإذا أنا متُّ فردِّي إليهم صحفتهم ولقْحتهم، وعَبدهم ورَحاهم، ودِثارة ما فوقي اتقيتُ بها أذى البرد، ووِثارة ما تحتي اتقيت به نِزَّ الأرض كان حَشْوُها قطع السَّعف.

قال: ودخل عليه عمر بن الخطاب، فقال: يا خليفة رسول الله، كلَّفتَ القوم بعدك تعبًا، وولَّيتَهم نصَبًا، فهيهات من يشقُّ غبارك! فكيفباللَّحاق بك؟

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-06-2021, 03:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية

الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية
مصطفى صلاح محمد




معاني بعض الكلمات:
الكلمة
المعنى
عهد فلانٌ إلى فلان عهدًا
ألقى إليه العهدَ وأوصاهُ بحفظِه.
حَامَّتك:
العامَّةُ، وهي أيضًا خاصَّةُ الرجل من أهله وولده، يُقال: كيف الحامَّةُ والعامَّة؟ يقال: هؤلاء حامَّتُه؛ أي: أَقرِباؤه، (ج) حوام.
سَامَّتكَ
الخاصة من الناس؛ لتداخُلِهم في بواطن الأمور، (ج) سوامُّ، ويُروى: اعْهَدْ إلى عامتك، وأنفذ رأيك في خاصتك.
وَانْقُلْ مِنْ دَارِ جَهَازِكَ إِلَى دَارِ مُقَامِكَ
أي: من دنياك إلى آخرتك.
مَحْضُور
المحضور: من حضرَتْه المنيَّة.
مُتَّصِلٌ بِقَلْبِي لَوْعَتُكَ
اللوعة: حرقة الحزن.
تَخَاذُلَ أَطْرَافِكَ
كناية عن ضعفها.
وامتقاع لونك
امْتُقِعَ لونُه: إِذا تغيَّر من حُزْنٍ أَو فزعٍ.
ويُروى: انتقاع لونك.
أَرْقَأُ فَلا أَرْقَى
أَسْكُنُ فَلا أَسْكُنُ، أرقأ الدمعَ ونحوَه: سَكَّنَه.
الأصل: أرقأ فلا أرقأ، ثم سُهِّلَتِ الهمزةُ الأخيرة حتى تتحقَّق المُشاكَلة.
فالجذر من الإرقاء: التسكين، وليس من الرُّقية.
وَأَبلُّ فَلا أَنْقَى
أيْ: أرْتَشِفُ الماءَ فلا أَرْوَى؛ وذلك من مضض حزنها ولوعتها عليه.
وأَنْقى العُودُ: جرى فيه الماء وابْتَلَّ.
فَقَالَ: يَا أُمَّه
هذا من الاستعمال المجازي؛ فالعرب تُجري على البنت النِّداء بالأمِّ؛ تكريمًا لها، ومنه عبارة: "البنت أمُّ أبيها"؛ دليلاً على شفقتها ورحمتها، وقد يكون من باب أنَّها ابنته وأمُّ المؤمنين؛ فهو يخاطبها على هذه النِّسبة.
اضْطَلَعتُ
اضْطَلَعَ: افتَعَلَ من الضَّلاعةِ، وهي القوةُ.
يُقال: اضطَلَعَ بحمله؛ أَي قَوِيَ عليه، ونَهَضَ به.
إِنْ فَرَحٌ، فَدَائِمٌ
على تقدير: إن كان فرحٌ، فهو دائمٌ.
النُّكُوصُ
الإجحامُ عن الشيء.
ويقال: نَكَصَ على عقيبه يَنْكُص ويَنْكِصُ؛ أيْ: رجع.
تَبَلَّغْتُ
التبلُّغ: الاكتفاء بأيسر ما يلزم، ولي في هذا بلاغٌ؛ أي: كِفاية.
بِصَحْفَتِهِمْ
وَتَعَلَّلْتُ
الصَّحْفة: قصعة الطعام.
التعلُّل كالتبلُّغ، وهو الاكتفاء بالقليل، وتَعَلَّل به؛ أَي: تَلَهَّى به وتَجَزَّأَ، وعَلَّلتِ المرأَةُ صَبِيَّها بشيء من المَرَق ونحوه؛ ليَجْزأَ به عن اللَّبن.
بِدَرَّةِ لِقْحَتِهِمْ
اللِّقحة: الناقة، ودرَّتها: ما يدرُّ من لبنها.
وَأَقَمْتُ صَلاَيَ
الصَّلا: وسط الظهر، وإقامة صَلاه كنايةٌ عن استقامته.
وَوَرْيَ العَوْرَةِ
وَرْي العورة؛ أي: سترها.
ومراده من كلِّ ذلك أنه اجتزأ واقتصر على أقلِّ ما يكفي لِقُوته، غير متأنِّق ولا مستكثر.
طوى مُمْعِضٍ
الطوى: الجوع، مَعِضَ من الأمر: شَقَّ عليه وأوجَعه.
تَهْفُو مِنْهُ الأَحْشَاءُ
تَضْعُفُ.
وَتُجَبُّ لَهُ المِعَا
المعا: واحد الأمعاء، وهي المصارين، تُجَب؛ أي: تنقطع.
البرض
البرض: الفقير، بُرِضَ: نَفِد مَا كَانَ عِنْدَه لكثرة عطائه.
الْمعتبِ الآجِنِ
الرديء المتغير طعمه ولونه ورائحته من طعامٍ وماء.
نِزَّ الأَرْضِ
النَّزُّ والنِّزُّ: ما يتحلَّب في الأرض من الماء، وهو كناية عن البرد.
السَّعفِ
السعف: سعف النخل.
مَنْ يَشُقُّ غُبَارَكَ؟
من يجري معك في ميدانك؟ طَلَب فلانًا فما شَقَّ غُبَارَه؛ أَي: لم يُدْرِكه.


7 - وقالت عائشةُ يومَ الحكَمين: رحمك الله يا أبتِ، فلئن أقاموا الدُّنيا لقد أقمتَ الدِّين حين وَهِيَ شعْبُه، وتفاقم صَدْعُه، ورجفت جوانبُه، انقبضتَ عمَّا إليه أصغَوْا، وشمَّرت فيما عنه وَنَوا، وأَصغَرتَ من دنياك ما أعظموا، ورَغِبت بدينك عمَّا أغفلوا، أطالوا عِنان الأمل، واقتعدتَ مَطِيَّ الحذر؛ فلم تَهْتضم دينك، ولم تنس غدك؛ ففاز عند المُساهمة قدحُك، وخفَّ مما استوزروا ظهرُك.

معاني بعض الكلمات:
الكلمة
المعنى
يَوْمَ الحَكَمَيْنِ
بين عليٍّ ومعاوية - رضي الله عنهما - في الحرب التي كانت بينهما، فقد حكَّموا أبا موسى الأشعري وعمرو بنَ العاص.
وَهِيَ شَعْبُهُ، وتَفَاقَمَ صَدْعُهُ
أي: ضَعُفَ واتَّسَعَ خَرْقُه
ورَجَفَتْ جَوَانِبُهُ
أي: اضطربت.
انْقَبَضْتَ
انقبَضَ عن الأمر وتقبّض، إذا اشمأَزَّ؛ "مقاييس اللُّغة".
وانْقَبَضَ عن الأمر: تَأَخَّرَ وتَرَاجَعَ.
أصْغَوْا
أيْ: مالوا، قال الله تعالى: ï´؟ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ï´¾} [الأنعام: 113]؛ أَي ولِتَمِيل.
شمّرت
شمّرَ: أي خفَّ وأسرَعَ.
ونَوا
أي: قَصَّروا، وفرَّطوا.
قال في "لسان العرب": الوَنا الضَّعْفُ والفُتور والكَلالُ والإِعْياء.
تقول مادحةً له: إنّك تأخَّرتَ عمّا إليه مالُوا وصَنَعُوا، وأسْرَعْتَ فيما عنه ضَعُفُوا وفَرَّطُوا.
واقْتَعَدْتَ
أي: حَبَسْتَ.
مَطِيَّ
جمع مَطِيَّة، وهي: الناقة التي يُركب مَطاها؛ أَي ظهرها.
فَلَمْ تَهْتَضِمْ دِينَكَ
أي: لم تنقصْ منه أو تَنْتَقِصْ.
أو من الهَضْمِ وهو: الظلم، قال في "لسان العرب":
وهَضَمَه يَهْضِمُه هَضْمًا واهْتَضَمه وتهَضَّمَه: ظَلمه وغصَبه وقهرَه، والاسم الهَضِيمةُ.
قِدْحُك
القِدحُ - بكسر القاف وتسكين الدَّال -: السَّهم الذي كانوا يَسْتَقْسِمون، أَو الذي يُرْمى به عن القوس؛ "لسان العرب".
والقَدَحُ - بفتح القافِ والدّال -: المِغرَفة؛ "الصحاح في اللغة".
وفي "لسان العرب": القَدَحُ من الآنية، بالتحريك: واحد الأَقداحِ التي للشُّرب، معروف؛ قال أَبو عبيد: يُرْوِي الرجلين، وليس لذلك وقت؛ وقيل: هو اسم يَجْمَعُ صغارها وكبارها، والجمع أَقْداح، ومُتَّخِذُها: قَدَّاحٌ، وصِناعَتُه: القِداحةُ.
فَفازَ عِنْدَ المُسَاهَمَةِ قِدحُكَ
أي: فازَ سهمُه عند المساهمة، وهي: المراهنة والمسابقة.
تَكْني بذلك عن سبقِه في ميدان العمل لصالح الدين والدنيا؛ حتى فاقَ فضلُه عن غيرِه.


8 - خطبتها لما بلغها مقتل عثمان:
لما قُتِل عثمان أقبلَتْ عائشة، فقالت: أقُتِل أمير المؤمنين؟ قالوا: نعم، قالت: فرحمه الله، وغفر له، أمَا والله لقد كنتم إلى تشييد (ويُروى: إلى تسديد) الحقِّ وتأييدِه، وإعزاز الإسلام وتأكيدِه، أحوجَ منكم إلى ما نهضْتُم إليه من طاعة مَن خالف عليه، ولكن كلَّما زادكم الله نعمةً في دينكم، ازددتُم تثاقلاً في نصرته؛ طمعًا في دنياكم، أما والله لهَدْم النِّعمة أيسَرُ من بِنائها، وما الزِّيادة إليكم بالشُّكر بأسرعَ مِن زوال النِّعمة عنكم بالكفر، وايم الله لئن كان فَنِي أُكْلُه، واخترَمه أجَلُه، لقد كان عند رسول الله كذِراع البِكْر الأزهَر، ولئن كانت الإبل أكلَت أوبارها، إنه لصِهر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولقد عهدتُ الناس يَرهبون في تشديدٍ، ثم قُدِح حبُّ الدنيا في القلوب، ونبذ العدل (ويروى: العَهد) وراء الظُّهور، ولئن كان بَرَك عليه الدهرُ بِزَوره، وأناخ عليه بِكَلكلِه، إنَّها لنوائب تَتْرى، تلعب بأهلها وهي جادةٌ، وتجدُّ بهم وهي لاعبةٌ، ولعَمْري لو أنَّ أيديكم - ويروى: أيديهم - تَقرع صفاته، لوجدتُموه عند تلظِّي الحرب متجرِّدًا، ولسيوف النصر متقلدًا، ولكنها فتنةٌ قدحَت فيها أيدي الظَّالمين، أما والله لقد حاط الإسلامَ وأكَّده، وعضَّدَ الدِّين وأيَّده، ولقد هدم الله به صياصِيَ الكفر، وقطع به دابر المشركين، ووقَمَ به أركان الضَّلالة؛ فلله المصيبة به ما أفجعَها! والفجيعة به ما أوجعها! صدَع الله بمقتلِه صَفاة الدِّين، وثَلَمت مصيبتُه ذروةَ الإسلام بعده، وجعَل لخير الأمَّة عهده.

قال: وعليٌّ - عليه السلام - جالسٌ في القوم، فلمَّا قضَت كلامها، قام وهو يقول: أرسل الله على قتَلتِه شهابًا ثاقبًا، وعذابًا واصبًا.

معاني بعض الكلمات:
الكلمة
المعنى
مِنْ زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْكُمْ بِالْكُفْرِ
كُفْرُ النِّعْمَةِ: سَتْرُها، أو عدم تصريفها في الوجوه المشروعة.
وَايْمُ اللهِ
ايم الله: للقسم، والتقدير: يمين الله قسَمي، ومثله: أَمَا ويمين الله.
فَنِيَ أُكْلُهُ
الأُكْل: الرِّزق، وإِنه لعَظيم الأُكْل في الدنيا؛ أَي: عظيم الرزق.
ومنه قيل للميت: انقطع أُكْله، والأُكْل: الحظُّ من الدنيا كأَنه يُؤْكَل.
وَاخْتَرَمَهُ أَجَلُهُ
اخْتُرِمَ فلانٌ عَنَّا: مات وذهب؛ أي: قطعته منيته.
البكر
البكر: الفتِيُّ من الإبل، ويُروى البكرة، والأزهر: الأقوى.
وَلَئِنْ كَانَتِ الإِبِلُ أَكَلَتْ أَوْبَارَهَا
أكلت الإبلُ أوبارها: مثَلٌ يضرب لوقوعِ أشنع وأبعد ما يرتكبه المعتدي؛ تريد أنه وإن كان حصل ما حصل فإنه هُو هو عثمان، صِهْر الرسول، لا ينكر فضله، ولا يذهب دمه هدرًا.
تَجِدُّ بِهِمْ وَهِيَ لاَعِبَةٌ
الجِدُّ: نقيض الهزلِ، تقول منه: جَدَّ في الأمر يَجِدُّ جِدًّا.
بِزَوْرِهِ
بثقله.
وَأَنَاخَ عَلَيْهِ بِكَلْكَلِهِ
الكلكَل: وسط الصدر، والجملة كناية عن الضغط الثقيل.
عِنْدَ تَلَظِّي الحَرْبِ مُتَجَرِّدًا
مجتهدًا متفرغًا.
صَيَاصِي
جمع صيصة، وهي: الحصون
والوَقْمُ كسرُ الرَّجُلِ وتذليله، يُقال: وَقَمَ اللهُ العدوَّ، إذا أذلَّه.
وَثَلَمَتْ مُصِيبَتُهُ

وَعَذَابًا وَاصِبًا
العذاب الواصِب؛ أَي: الدائم الثابت، وقيل: الموجع.


فصل
نماذج ممّا قالته أو تمثّلت به من الأمثال - رضي الله عنها -:
1 - بحمد الله لا بحمدك:
هذا من كلام عائشة - رضي الله عنها - حين بشَّرَها الرسول بِنُزول براءتها في القرآن الكريم.
يُضربُ لمن يَمُنُّ بما لا أثَرَ له فيه.
والباء في "بحمد الله" من صلة الإقرار؛ أيْ: أقرُّ بالحمد في هذا لله - عزَّ وجلَّ.

2 - حدثٌ مِن فيك كحدثٍ من فرجك:
يعني أن الكلام القبيح مثل الحدث، تمثَّل به ابنُ عبَّاس وعائشة - رضي الله عنها.

3 - فَتَل في ذرْوَته:
أي: خادعَه حتى أزاله عن رأيه، قال أبو عبيد: ويُروى عن ابن الزبير أنَّه حين سأل عائشة أمَّ المؤمنين الخروجَ إلى البصرة، أبَتْ عليه، فما زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أجابته.
الغاربُ: مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه، أَراد: أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ.

4 - بَقِّ نعليك، وابذل قدميك - لا جديد لمن لا خلق له:
أي: احمِلْ على نفسك في استبقاء مالك؛ لئلاَّ يَرى الناس به خلَّة، فتهون عليهم، ومنه قولهم: "لا جديد لمن لا خلق له".
يُروى عن عائشةَ أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها - وقد كانت وهبت مالاً كثيرًا، ثم أمرت بثوبٍ لها أنْ يُرقَّع، وتمثَّلَت بهذا المثل عند ذلك.

رُمِيَ بِرَسَنِ فُلانٍ عَلى غَارِبِه: إذا خُلِّي وما يريد.

5 - وهذا المثل يُروى عن عائشة أمِّ المؤمنين أنَّها قالته ليَزِيدَ بنِ الأَصَمِّ الهلالي، ابن أخت ميمونة - زوج النبيِّ -: "ذهبَتْ والله ميمونة، ورُمِيَ بِرَسَنِك على غاربِك".
أَي: خُلِّيَ سَبِيلُك، فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد؛ تَشْبيهًا بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه، ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى.

6 - ويُروى في سبب قولِها ذلك أو قريبًا منه ليزيد، أنَّه وابن أخيه وولدًا لطلحة، قد وقعوا على حائط "بستان"، فأصابوا منه، فبلغَها ذلك - رضي الله عنها - فأقبلَتْ على ابن أخيها تلومه، ثُمَّ وعظَتْ يزيدَ موعظةً بليغةً، ثمَّ قالت: أما علمت أنَّ الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيِّك، ذهبَتْ والله ميمونة، ورُمي بحبلِكَ على قاربك، أمَا أنها كانت من أتقانا وأوصلنا للرَّحم.

ومنه قولهم:
خَلاَ لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِري

7 - مَلَكْتَ فأَسْجِحْ:
قالته عائشة - رضوان الله عليها - لعليِّ بن أبي طالب يوم الجَمَل حين ظَهر على الناس، فَدَنا من هَوْدجها، وكَلَّمَها فأجابْته: مَلَكت فأسْجِح، "أيْ: ظَفِرت فأحْسن"، فجهَّزَها بأحسن الجهاز، وبعث معها أربعين امرأة - وقال بعضُهم: سبعين - حتى قَدِمت المدينة.

ومنه قولهم: إذا ارجحنَّ شاصِيًا فارْفَعْ يَدًا؛ أي: إذا رأيْته قد خَضَع واستكان، فاكفُف عنه، والشاصي: هو "الرَّافع رِجلَه".

8 - قَدْ بَلَغَ مِنْهُ البُلَغين:
أي: الدَّاهية، قَالت عائشةُ لعليٍّ - رضي الله عنهما - يوم الجمل حين أخذت‏:‏ قد بلغت منا البُلَغِينَ، ويُراد بالجمع على هذه الصِّيغة الدَّوَاهي العظام، وأصله من البلوغ؛ أيْ: داهية بلغت النِّهايةَ في الشر‏.‏

فصل

نماذج لما تمثّلت به من الشعر - رضي الله عنها - وهو يُبرِزُ حافظتَها النادرة، وبديهتها الحاضرة - رضي الله عنها -:

كانت تَقول - رضي الله عنها -: "الشِّعر منه حسَنٌ ومنه قبيح، خُذْ بالحسَن، ودع القبيح، ولقد روَيتُ من شعر كعب بن مالك أشعارًا منها القصيدة فيها أربعون بيتًا، ودون ذلك".
ونظرًا إلى هذا الذَّوق العالي الرفيع للشِّعر لدى عائشة؛ كان الشُّعراء يعرضون عليها قصائدَهم، وهذا حسَّان بن ثابت الذي كان مُعلِّمَ الشُّعراء في الأنصار دون منازع، رغم سخط عائشة عليه لكونِه خاض في الإفك، كان يدخل عليها ويُنشدُها شعرًا، وكانت - رضي الله عنها - تكرَهُ أن يُسَبَّ عندَها، بل كانت تمدحُه وتذكرُه بالخير.

وهذه نماذج لبعض المواقف التي تمثَّلَت فيها ببديهتها الحاضرة أبياتًا من الشعر:
مدح الشَّاعر الجاهلي أبو كبير الهذلي[12] ابنَه تأبَّط شرًّا بقصيدةٍ فيها البيتان التاليان كما وردا في "ديوان الحماسة":




غُبَّر حيضة؛ أيْ: بقايا حيضة، المغيل: من الغِيلة - بكسر الغين - وهو أن تُغشى المرأة وهي تُرضع، معناه: أنَّها حملَتْ به وهي طاهرة ليس بها بقيَّة حيض، ووضعَتْه ولا داء به استصحبه من بطنها، ولم ترضعه أمُّه غيلاً.

أسِرَّة وجهه: أي خطوط جبهته، العارض من السَّحاب: ما يعرض في جانب السماء، والمتهلِّل المتلألئ بالبَرْق؛ يقول: إذا نظرت في وجهه رأيت أسارير وجهه تُشْرق إشراق السحاب المتهلِّل بالبرق.

فمدحَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بهذين البيتين، وقالت[14]: "لو رآك أبو كبيرٍ الهذلي، لعلم أنَّك أحقُّ بشعره"، قالت: فقام النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقبَّل بين عينَيَّ، وقال: ((جزاكِ الله يا عائشة خيرًا، ما سُرِرْتِ منِّي كسروري منك)).

وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - في صفته - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالت: تَبْرُقُ أَسارِيرُ وجهه.

ولَمَّا تُوفِّيَ عبدالرحمن بن أبي بكر الصدِّيق - رضي الله عنهما - حُمل إلى مكَّة، فدُفنَ فيها، ولم تحضره عائشة - رضي الله عنها - فلمَّا قدمت المدينة، أتَتْ قبره وقالت: يا أخي، لو كنتُ شهدتُ وفاتَك لم أزُر قبرك، ثم تمثَّلَتْ:
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً
مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا

فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا
لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا [15]




كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كثيرًا ما يقول لي: ((ما فعلَتْ أبياتُك؟)) فأقول: أي أبيات؛ فإنها كثيرة؟ قال: ((في الشُّكر))، قلت: نعَم، فذكر الثلاثة الأبيات، يعني[16]:
ارْفَعْ ضَعِيفَكَ لاَ يَحِرْ بِكَ ضَعْفُهُ
يَوْمًا فَتُدْرِكَهُ العَوَاقِبُ قَدْ نَمَا

يَجْزِيكَ أَوْ يُثْنِي عَلَيْكَ وَإِنَّ مَنْ
أَثْنَى عَلَيْكَ بِمَا صَنَعْتَ كَمَنْ جَزَى

إِنَّ الكَرِيمَ إِذَا أَرَدْتَ وِصَالَهُ
لَمْ تُلْفِ رَثًّا حَبْلَهُ وَاهِي القُوَى



فقال: ((نعم يا عائشة، إذا حشرَ الله الخلائقَ يوم القيامة قال لعبدٍ مِن عبيده: اصطنَع فلانٌ عبدٌ من عبادي عندك معروفًا، فهل شكرتَه؟ فيقول: علمتُ يا ربِّ أنَّ ذلك منك فشكرتُك، فيقول: لَم تشكرني إذا لم تشكر مَن أجريتُ ذلك على يديه))[17].

وكانت عائشة - رضي الله عنها - تتمثَّل بهذين البيتين:
إِذَا مَا الدَّهْرُ جَرَّ عَلَى أُنَاسٍ
حَوَادِثَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَا

فَقُلْ لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا
سَيَلْقَى الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا



وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنَّها قالت: "رحم الله لبيدًا كان يقول:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ
وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ[18] كَجِلْدِ الأَجْرَبِ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29-06-2021, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية


فكيف لو أبصر زمانَنا هذا؟!".

قال عروة: ونحن نقول: رحم الله عائشة، فكيف لو أدركَتْ زماننا هذا؟!

وقالت لَمَّا حضرَتْ أباها الوفاةُ مُتمثِّلةً:
لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الفَتَى
إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ



فقال لها: لا تقولي هكذا يا بُنيَّة، ولكن قولي: ï´؟ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ï´¾ [ق: 19].

وأنشدَت مرَّة أخرى فوق رأسِه وهو يَقضي:
وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ
رَبِيعُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ


فقال - رضي الله عنه -: "ذاك رسول الله".

ومما ترويه لنا من شعرِ حسَّان:
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اهْجُوا قُرَيْشًا؛ فإنَّه أشَدُّ عليها مِن رَشْقٍ بالنَّبْل)).

فأرسل إلى ابنِ رواحة، فقال: ((اهْجُهم))، فهجاهم، فلم يَرْض.

فأرسل إلى كعبِ بن مالكٍ، ثم أرسل إلى حسَّان بن ثابتٍ، فلما دخل عليه قال حسَّان: قد آنَ لكم أن تُرسلوا إلى هذا الأسد الضارب بِذنَبِه[19]، ثم أدلَعَ[20] لسانَه، فجعل يحرِّكه، فقال: والذي بعثَك بالحقِّ لأَفْرِيَنَّهم بلساني فرْيَ الأديم[21]، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((لا تعجل؛ فإنَّ أبا بكرٍ أعلَمُ قريشٍ بأنسابِها، وإنَّ لي فيهم نسبًا، حتَّى يُلخِّص لك نسبي))، فأتاه حسَّان، ثم رجع، فقال: يا رسول الله، قد لَخَّصَ لي نسبك، والذي بعثك بالحقِّ لأسُلَّنَّك منهم كما تُسَلُّ الشعرة من العجين.

قالت عائشة: فسمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لحسان: ((إنَّ روح القدس لا يزال يؤيِّدُك ما نافَحْتَ عن الله ورسوله)).

وقالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - يقول: ((هجاهم حسان فشفى واشتفى))، قال حسان:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فأَجَبْتُ عنهُ
وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ [22]

أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ
فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ [23]

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا تَقِيًّا
رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الوَفَاءُ

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي
لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا
تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ

يُبَارِينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ
عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ

تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ
تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ

فَإِنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنَا
وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ

وَإِلاَّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ
يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ

وَقَالَ اللهُ: قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا
يَقُولُ الحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29-06-2021, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية

وَقَالَ اللهُ: قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا
هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ

لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ
سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ الله مِنْكُمْ
وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ

وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا
وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ

[24][25][26][27][28][29][30]
[31][32][33][34]
ومن خبرِ حجيَّة بن المُضرِّب، وضربِها المثلَ به في البِرِّ:
كانَ القاسمُ بن محمد بن أبي بكرٍ يحدِّثُ، قال: لما قَتَلَ معاويةُ بنُ حديجٍ الكِنْديُّ وعمرُو بنُ العاصِ أبي - يعني محمدَ بنَ أبي بكرٍ - بمِصرَ، جاءَ عمِّي عبدُالرَّحمن بنُ أبي بكرٍ، فاحتمَلَني وأختًا لي من مصر، فقدمَ بنا المدينة، فبعثتْ إلينا عائشةُ، فاحتَمَلَتْنا من مَنْزلِ عبدِالرَّحْمَن إليها، فما رأيتُ والدةً قطُّ ولا والدًا أبرَّ منها، فلمْ نَزَلْ في حِجْرِها حتى إذا كانَ ذاتَ يومٍ وقد تَرَعْرَعْنا، ألبسَتْنا ثيابًا بيضاءَ، ثم أجلَسَتْ كلَّ واحدٍ منا على فخذِها، ثم بعثَتْ إلى عمِّي عبدِالرَّحمن، فلمَّا دَخَلَ عليها، تكلَّمتْ، فحَمِدَت الله - عزَّ وجلَّ - وأثنَتْ عليه، فما رأيتُ متكلمًا ولا متكلِّمةً قبلها ولا بعدَها أبلغَ منها، ثم قالت:
يا أخي، إنِّي لم أزَلْ أراك مُعْرِضًا عنِّي منذ قبضتُ هذين الصبيَّين منك، ووالله ما قبضتُهما تطاولاً عليك، ولا تهمةً لكَ فيهما، ولا لشيءٍ تكرهُهُ، ولكنَّك كنتَ رجلاً ذا نساء، وكانا صبِيَّين لا يكفيانِ من أنفسِهِما شيئًا، فخشيتُ أن يَرى نساؤك منهما ما يتقذَّرون به من قبيحِ أمرِ الصِّبيان، فكنتُ ألطفَ لذلك وأحقَّ بولايتِه، فقد قوِيا على أنفسِهما وشبَّا، وعرفَا ما يأتيان، فها هما هذان فَضُمَّهُما إليك، وكُنْ لهما كحُجَيّة بنِ المضرّب أخِي كِنْدة، فإنه كان له أخٌ يقال له: مَعدان، فماتَ وترك أُصَيبية صغارًا في حِجْرِ أخيه، فكانَ أبرَّ الناسِ بهم، وأعطفَهُم عليهم، وكانَ يُؤْثِرهم على صبيانِه، فمكثَ بذلك ما شاءَ الله، ثم إنه عرض له سفرٌ لم يجدْ بُدًّا من الخروجِ فيه، فخرج وأوصى بهم امرأتَه، وكانت إحدى بناتِ عمِّه، وكان يُقال لها: زينب، فقال: اصنعي ببني أخي ما كنت أصنعُ بهم، ثم مضى لوجهه أشهرًا، ثم رجع وقد ساءت حالُ الصِّبيان وتغيَّرت، فقال لامرأته: ويلك! ما لي أرى بني معدان مهازيل، وأرى بنِيَّ سِمانًا؟ قالت: قد كنت أواسي بينهم، ولكنهم كانوا يعبثون ويلعبون، فخلا بالصِّبيان، فقال: كيف كانت زينبُ لكم؟ قالوا: سيئةً، ما كانتْ تعطينا من القوت إلا ملءَ هذا القدح من لبنٍ - وأَرَوْهُ قدحًا صغيرًا - فغضب على امرأته غضبًا شديدًا، وترَكَها، حتى إذا أراحَ عليه راعِيَا إبلِه قالَ لهما: اذهبا، فأنتمَا وإبلكُما لبني مَعْدَانَ، فغضبَتْ مِنْ ذلك زينبُ وهجرَتْه، وضربَتْ بينه وبينها حِجَابًا، فقالَ: واللهِ لا تذوقين منها صبوحًا ولا غبوقًا أبدًا.

وفي رواية:
قالت عائشةُ لأخيها عبدالرحمن بن أبي بكرٍ: إنِّي أظنُّك قد وجدتَ في نفسك من توليتي عليك أمرَ ولدَيْ أخيك، ولم يكن ذلك لشيءٍ تكرهه، إنما كرهتُ أن يلي نساؤك منهما قبيحَ أمر الصِّبيان، وقد قويا على أنفسهما، فضُمَّهما إليك، وكُن لهما كما كان حجيَّةُ بن المضرِّب؛ فإنَّه غزا غزاةً، وخلف ابني أخيه عند أهله، فرجع وقد هزلا وقشفا، فسألهما عن حالهِما، فأرياه قعبًا مشعبًا، وقالا: كانت تقوتنا في هذا، فأرسل إلى عشيرته، فقال: أُشهدكم أنَّ غنمي وإبلي ورقيقي لابْنَيْ أخي، فغضبت امرأته، وضربت بينه وبينها حجابًا، وجعلَتْ تكتحل مرةً، وتنتحب مرَّةً، فأنشأ يقول، وقال في ذلك شِعْرَه في امرأته حين عرف سوء معاملتها لصغار أخيه:
لَجِجْنَا وَلَجَّتْ هَذِهِ فِي التَّغَضُّبِ = وَلَطِّ الْحِجَابِ دُونَنَا وَالتَّنَقُّبِ[35]
وَخَطَّتْ بِعُودَيْ إِثْمَدٍ جَفْنَ عَيْنِهَا = لِتَقْتُلَنِي وَشَدَّ مَا حُبُّ زَيْنَبِ
تَلُومُ عَلَى مَالٍ شَفَانِي مَكَانُهُ = إِلَيْكِ فَلُومِي مَا بَدَا لَكِ وَاغْضَبِي[36]
وَكَانَ اليَتَامَى لاَ يَسُدُّ سُغُوبَهُمْ = هَدَايَا لَهُمْ فِي كُلِّ قَعْبٍ مُشَعَّبِ[37]
فَقُلْتُ لِعَبْدَيْنَا أَرِيحَا عَلَيْهِمَا = سَأَجْعَلُ بَيْتِي بَيْتَ آخَرَ مُعْزِبِ[38]
رَحِمْتُ بَنِي مَعْدَانَ إِذْ قَلَّ مَالُهُمْ = وَحُقَّ لَهُمْ مِنِّي وَرَبِّ المُحَصَّبِ[39]
أُحَابِي بِهِ مَنْ لَوْ أَتَيْتُ لِمَالِهِ = حَرِيبًا لآسَانِي عَلَى كُلِّ مَرْكَبِ[40]
أَخِي وَالَّذِي إِنْ أَدْعُهُ لِعَظِيمَةٍ = يُجِبْنِي وَإِنْ أَغْضَبْ إِلَى السَّيْفِ يَغْضَبِ[41]
فَقُلْتُ خُذُوهَا دُونَكُمْ إِنَّ عَمَّكُمْ = هُوَ اليَوْمَ أَوْلَى مِنْكُمُ بِالتَّكَسُّبِ


وروى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها -:
أنَّ أبا بكرٍ تزوَّج امرأةً من كلبٍ[42] يُقال لها: أمُّ بكرٍ، فلما هاجر أبو بكرٍ طلَّقَها، فتزوَّجها ابنُ عمِّها هذا الشاعر[43] الذي قال هذه القصيدة، رثى[44] كفَّار قريشٍ:
وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ
مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ

وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ
مِنَ القَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الكِرَامِ

تُحَيِّينَا السَّلامَةَ أُمُّ بَكْرٍ
وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلامِ؟!

يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا
وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ؟



القَلِيب: هي البئر التي حُفِرَت، ولم تُبْنَ جدرانها، الشِّيزى: شجر تُتَّخذُ منه أواني الخشب.
السَّنام: من الأرض وسطُها؛ "القاموس المحيط".
القَيْنَات: جمع قينة، وهي المغنِّية، الشَّربُ: جمع شارب، وهم الذين يجتمعون للشراب.
أصداء: جمع صدًى، وهو ذكرُ البومِ، وقيل: المرادُ ما كان يزعمُهُ أهلُ الجاهليَّة من أنَّ روحَ الإنسانِ تصيرُ طائرًا يُقَالُ له: الصَّدَى.
هام: جمع هامة، وهي جمجمةُ الرأس، وقيل: المرادُ ما كانوا يزعمونه من أنَّ القتيل إذا لم يؤخذ بثأرِه صارَتْ روحُه هامةً في قبرِه؛ أي: طائرًا، تقول: اسقوني اسقوني، فإذا أخذ بثأره طارت.

وروى الطبرانِيُّ وغيره عن عائشة - رضي الله عنها -:
أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سمع ناسًا يغنُّون في عرسٍ وهُمْ يقولون:
وَأَهْدَى لَهَا أَكْبُشًا
تَبَحْبَحْنَ فِي الْمِرْبَدِ

وَحِبُّكِ فِي النَّادِي
وَيَعْلَمُ مَا فِي غَدِ


تبحبح: قال في "لسان العرب": "والتَّبَحْبُح: التمكُّن في الحلول والمُقامِ".
والمعنى: أَي: متمكِّنة في المِربَد؛ وهو الموضع الذي تُحبَسُ فيه.

وفي رواية:
وَزَوْجُكِ فِي النَّادِي
ويَعْلَمُ مَا فِي غَدِ


قالت: فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يعلم ما في غدٍ إلاَّ الله سبحانه)).

ورَوى البخاريُّ عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّها: زَفَّت امرأةً إلى رجلٍ من الأنصار، فقال نبِيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا عائشة، ما كان معكم لَهْوٌ؟ فإنَّ الأَنْصار يُعْجبهم اللهوُ)).
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-06-2021, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجانب الأدبي من حياة السيدة عائشة - دراسة أدبية

وفي روايةٍ عند الطبرانيِّ بلفظ: فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فهل بعثتم معها جاريةً تضرب بالدفِّ وتغنِّي؟)) قلتُ: تقول ماذا؟ قال: ((تقول:
أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ
فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ

وَلَوْلاَ الذَّهَبُ الأَحْمَ
رُ مَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ

وَلَوْلاَ الْحِنْطَةُ السَّمْرَا
ءُ مَا سَمِنَتْ عَذَارِيكُمْ))



وروى ابنُ ماجَهْ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مرَّ بِبَعْض المدينة، فإذا هو بجوارٍ يَضْرِبْن بدفِّهن، ويتغنَّيْن، ويَقُلْن:
نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ
يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ


فقالَ النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يَعْلم الله إنِّي لأُحِبُّكن)).

وروى الترمذيُّ في "الشمائل المحمدية":
عن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: قيل لها: هَلْ كان النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتمثَّل بشيْءٍ من الشِّعْر؟ قالتْ: كان يتمثَّل بشِعْر ابْن رواحة، ويتمثَّل ويقول:
وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

ومعنى كلام عائشة - رضي الله عنها -: كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتمثَّل بشعرٍ لعبدالله ابن رواحة، ويتمثَّل كثيرًا بهذا الشطر من بيت طرفة بن العبد، وهو قوله:
سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً
وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ



وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يردِّد أبياتًا من الشِّعر في بعض المواقف:
روى البخاريُّ عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "لَمَّا كان يوم الأحزاب، وخنْدَقَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأيتُه ينقل من تراب الخندق، حتى وارى عنِّي الغبارُ جِلْدةَ بطنِه - وكان كثيرَ الشَّعرِ - فسمعْتُه يَرْتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التُّراب، يقول:
اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا

إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا


قالَ: ثُم يَمُدُّ صوتَه بِآخِرها".

هذا ما تيسَّر جمْعُه مع التقصير والتَّفريط، أسأل الله أن يتقبَّل منا صالح الأعمال.


[1] وهي كثيرة، فمنها: كتاب "عائشة - رضي الله عنها - مُعلِّمة الرجال والأجيال" لمحمد علي قطب، وكتاب "السيدة عائشة أمُّ المؤمنين وعالمة نساء الإسلام" لعبدالحميد محمود طهماز، وكتاب "سيرة السيدة عائشة أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -" للشيخ السيد سليمان الندوي، وكتاب "حياة عائشة أمّ المؤمنين - رضي الله عنها -" لمحمود شلبي ، وكتاب "حبيبة الحبيب أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -" لصالح بن محمد العَطَا، وكتاب "الصدِّيقة بنت الصدِّيق" لعبّاس محمود العقّاد؛ على ما فيه من مُغالطات، وكتاب "موسوعة أم المؤمنين عائشة" للدكتور عبدالمنعم الحفني، وغير ذلك كثير.

[2] ففي الفقه مثلاً كتاب: "موسوعة فقه عائشة أمّ المؤمنين" لسعيد فايز الدخيل، وفي التفسير: كتاب "مرويات أمّ المؤمنين عائشة في التفسير" للدكتور سُعود بن عبدالله الفنيسان، وكتاب "تفسير أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -" للدكتور عبدالله أبو السعود بدر، وفي الحديث: كتاب "السيّدة عائشة - رضي الله عنها - وتوثيقها للسنَّة" لجيهان رفعت فوزي، بالإضافة إلى المسانيد العديدة التي جمعَت مرويَّاتها في الحديث، مثل "مسند عائشة" لابن أبي داود أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث السِّجستاني، و"مسند عائشة" للإمام السيوطي، وكذلك للإمام ابن حجر العسقلاني، والكتب التي صُنِّفت في حصر استدراكاتها على الصحابة، كـ"الإجابة لإيراد ما استدركَتْه عائشة على الصحابة" للزركشي، وكـ"عين الإصابة" للسيوطي... وغير ذلك.

[3] "حِلْية الأولياء" أبو نعيم الأصبهاني.

[4] الإمام الذهبي.

[5] "السيدة عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنهما"؛ د. خالد بن محمد الحافظ العِلمي ص157.

[6] "نساء النبي"؛ د. عائشة عبدالرحمن ص74.

[7] "سيرة السيّدة عائشة أمّ المؤمنين - رضي الله عنها -" العلامة: السيِّد سليمان الندوي ص 9.

[8] تعجّب لكثرة روايته للشعر، قال ابن أبي الزناد: "ما رأيت أحدًا أروى للشعر من عروة".

[9] قال ابن عباس: حدَّثَتنا عائشة، د. فهد العرابي الحارثي.

[10] ضعيف جدًّا "الألباني".

[11] هو حُجَيَّة بنالمضرّبالكندي، أحدُ بني معاويةَ بن عامر بن عوف بن سلمة بن شكامة بن شبيب بن أشرسَ السكوني ( يُكنى أبا حوط)، شاعر جاهلي، وكان حليفًا في بني أبي ربيعة بن ذُهل بن شيبان، نصرانيّ، أدرك الجاهلية والإسلام، وقيل لأبيه: المضرّب؛ لأنه ضُرِب بسيف عدَّة ضرباتٍ فما أحاك فيه. وكان فارسًا مقدمًا، وهو القائل:
إِنْ كَانَ مَا بُلِّغْتَ عَنِّي فَلاَمَنِي = صَدِيقِي وَشَلَّتْ مِنْ يَدَيَّ الأَنَامِلُ
وَكَفَّنْتُ نَفْسِي مُنْذِرًا فِي رِدَائِهِ = وَصَادَفَ حَوْطًا مِنْ أَعَادِيَّ قَاتِلُ
وكان له أخوانِ: المنذر بن المضرب، ومعدان بن المضرب، فمَات معدان، وتَرَك أولادًا، فأُغِير عليهم، فأُخِذت إبلُهم، وحطمتْهم السَّنة، فرأى حُجيَّة جاريتَه، ومعها قَعْب من لَبَن، فقال: أين تذهبين؟ قالتْ: إلى أولادِ أخيك اليتامى، فأخذ القَعْب مِن يَدِها فأراقه، فلمَّا أراح راعيه عليه إبلَه، قال لعبديه: أريحا هذه الإبلَ إلى أولادِ أخي، فأُريحتْ عن آخرِها إليهم، فغَضِبَت امرأةُ حجيَّة من ذلك غضبًا شديدًا، فقال القصيدةَ التي مطلعها:
لَجَجْنَا وَلَجَّتْ هَذِهِ فِي التَّغَضُّبِ = وَلَطِّ الْحِجَابِ دُونَنَا وَالتَّنَقُّبِ
وستأتي معنا قريبًا في باب ما تمثَّلَت به من الشِّعْر - رضي الله عنها.

[12] هو أبو كبير الهذلي عامر بن الحليس الهذلي، أبو كبير بن السهلي الهذلي، شاعر فَحْل، من شعراء الحماسة، قيل: أدرك الإسلام وأسلمَ، وله خبَرٌ مع النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويُروى أنه تزوج أم تأبط شرًّا، وكان غلامًا صغيرًا، وله معه خبر طريف وردَ في "خزانة الأدب".

[13] في "لسان العرب": الغَيْلُ: اللبن الذي ترضِعه المرأَة ولدَها وهي تؤْتَى؛ عن ثعلب؛ قالت أُمُّ تأَبَّط شرًّا تُؤَبِّنُه بعد موته: ولا أَرضعْته غَيْلاً، وقيل: الغَيْل أَن تُرضِع المرأَة ولدَها على حَبَل، واسم ذلك اللبن: الغَيْل أَيضًا، وأَغالَتِ المرأَة ولدَها، فهي مُغِيلٌ، وأَغْيَلَتْه فهي مُغْيِل: سقَتْه الغَيْل الذي هو لبن المأْتِيَّة أَو لبن الحبلى.

[14] قالت عائشة - رضي الله عنها -: كنت قاعدةً أغزل والنبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخصف نعله، فجعل جبينُه يعرق، وجعل عرَقُه يتولَّد نورًا، فبُهِتُّ، فنظر إليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((ما لك يا عائشة بُهِت؟))، قلت: جعل جبينُك يعرق، وجعل عرقك يتولد نورًا، ولو رآك أبو كبير الهذليُّ لعلم أنَّك أحقُّ بشعره، قال: ((وما يقول أبو كبير؟)) قالت..."؛ الحديث.
ذكره المزيُّ في "تهذيب الكمال" وقال: من غرائب حديث معمر بن المثنَّى.
وقال الذهبيُّ في "المهذَّب": منكر، لا يُعرَف إلا بهذا الإسناد.

[15] توفي عبدالرحمن بن أبي بكر بحبشي [قال ابن جريج: الحبشي على اثني عشر ميلاً من مكة]، قال: فحُمِل إلى مكَّة، فدُفِن، فلما قدمت عائشة أتَتْ قبر عبدالرحمن بن أبي بكر، فقالت:
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً = مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ نَتَصَدَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا = لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا
ثم قالت: والله لو حضرتُك ما دفنتك إلاَّ حيث مِتَّ، ولو شهدتُك ما زرتك.
ذكره الألبانيُّ في "إرواء الغليل"، وقال: رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، ولولا أنَّ ابن جريج مدلِّس، وقد عنعنَه، لحكمتُ عليه بالصِّحة.

[16] الأبيات لزهير بن جناب.

[17] ضعيف الإسناد.

[18] قال في "خزانة الأدب": والخَلْف - بسكون اللام -: النَّسل الطَّالح؛ وبفتح اللام: النَّسل الصالح.

[19] يريدُ حسَّانُ نفسَه، حيثُ شبَّهَ نفسَه بالأسد الذي إذا غضب ضربَ بذنَبِه جنبَيْه، وقد غضب حسَّان، فجعل يضرب بلسانِه في فمِه.

[20] أيْ: أخرجَ لسانَه عن الشفتين.

[21] أيْ: لأُمزِّقنَّ أعراضَهم، وأجعلَها كالجِلد الممزَّق.

[22] يقصد أبا سفيان بنَ الحارث؛ ابنَ عمِّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأخاه في الرضاعة، وكان قد هجا الرسولَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل إسلامه، لكنَّه أسلمَ بعد ذلك، واعتذرَ له عمَّا بدَرَ منه.
يقول له: إنَّك هجوتَ النبيَّ محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولكنَّني لم أسكت على هذا الهجاء، فدافعتُ عنه منتظرًا الثواب والجزاءَ من عند الله.

[23] يخاطب الشاعرُ أبا سفيان مستنكرًا ما قام به من هجاء النبيِّ قائلاً له: كيف تهجوه، ولستَ من مكانته؟ فأنت تمثِّل الشرَّ، والرسولُ الكريم يمثِّل الخير؟

[24] وورد أنَّه قال:
هَجَوْتَ مُبَارَكًا بَرًّا حَنِيفًا = أَمِينَ اللهِ شِيمَتُهُ الوَفَاءُ

[25] المقصود بعرضي: أي: نفسي، وهذا مما احتجَّ به ابن قُتيبة لمذهبه أنَّ عِرْض الإنسان هو نفسه، لا أسلافه؛ لأنَّه ذكَر عرضه وأسلافه بالعطف، وقال غيره: عِرْض الرجل أموره كلُّها التي يُحمَد بها ويذمُّ من نفسه، وأسلافه، وكل ما لحقه نقص يعيبه؛ "شرح صحيح مسلم".
يقول: وقد جعلت من نفسي وأهلي وكل ما أعتز به وقاية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم - ومدافعًا عنه، وفيه تظهر محبّتُه العظيمة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

[26] ثكلتُ: الثَّكلُ فقدُ الولد، وبُنيَّتي تصغير بنت، ورُويَ بكسرِ الباء؛ أي: نَفْسي، وفي رواية: عَدِمنَا خيلَنا إن لم تَروها.
تثير النَّقعَ: النَّقع هو الغُبار، فهي تثير الغبار وتُهيِّجُه، كنفَيْ كداء: أي جانِبَيْ كداء، وكداء: ثنيَّة على باب مكَّة، وقوله: ثكلتُ بنيتي، أو عدمنا خيلنا، من باب قولك: لا حملتْني رجلي إن لم تسر إليك، أو لا نفعَني مالي إنْ لم أُنفِقْه عليك.

[27] يبارين؛ أي: يضاهين ويجارين، الأعِنَّة: جمع عِنان وهو اللِّجام، قال البرقوقي في شرحه للديوان: أي إنَّها تُجاري الأعنَّة في اللِّين وسرعة الانقياد، قال: ويجوز أن يكون المعنى كما قال صاحب "اللسان": يعارضها في الجذب لقوَّة نفوسها، وقوة رؤوسها، وعلك حدائدها، وفي رواية: يُبارين الأسنَّة - وهي الرماح - ومعناه: أنَّهنَّ يضاهين قوامَها واعتدالَها، وقال البرقوقي: مباراتها الأسنَّة أن يُضْجِع الفارسُ رمْحَه، فيركض الفرس ليسبق السِّنان، مصعِدات: أي مُقبلات إليكم ومتوجِّهات، الأسل: وهي الرِّماح، الظِّماء: أي العِطَاش، فكأنَّها متعطِّشة لدماء الأعداء، قال البرقوقي: من قولهم: أنا ظمآن للقائك.

[28] تظل جيادنا متمطِّرات؛ أيْ: تظلُّ خيولنا مُسْرِعات يسبق بعضها بعضًا، تُلطِّمهنّ: اللَّطم هو الضرب بكفِّ اليد المفتوحة، والخمر: جمع خمار، وهو ما تغطِّي المرأة به شَعرَها، قال البرقوقيُّ: يقول: تبعثهم الخيل، فتنبعث النِّساء يضربن الخيل بِخُمرهن؛ لتردَّها، وكأنَّ سيِّدنا حسان - رضي الله عنه - أوحي إليه بهذا وتكلَّم به عن ظهر الغيب؛ فقد روَوْا أنَّ نساء مكَّة يوم فتحها ظلَلْن يضربن وجوهَ الخيل لِيرددْنَها.

[29] يقول: إن لم تتعرَّضوا لنا حين تغزوكم خيلُنا، وأخليتم لنا الطريق، قصدنا البيت الحرام، وزُرْناه واعتمرنا (من أداء العمرة)، وتم الفتح، وانكشف الغطاء عمَّا وعد الله به نبيَّه - صلوات الله وتسليماته عليه - من فتح مكة، قال ابن هشام: إنه كان قبل الفتح في عمرة الحديبية حين صُدَّ عن البيت.

[30] وأمَّا إذا لم تعرضوا عنَّا ونصَبْتم لنا حربًا، فاستعِدَّوا لحربٍ مضمون لنا فيها النصر.

[31] (يسرت جندًا)؛ أي: هيَّأتهم وأرصدتهم، (عرضتها اللقاء)؛ أي: مقصودها ومطلوبها، قال البرقوقيُّ: العرضة من قولهم: بعير عرضةٌ للسفر؛ أي: قَوِي عليه، وفلان عرضة للشر؛ أي: قوي عليه، يريد أنَّ الأنصار أقوياء على القتال، همتها ودَيدنُها لقاء القروم الصناديد.

[32] لنا: يعني: معشر الأنصار، وقوله: "من معَدٍّ": يريد قريشًا؛ لأنَّهم عدنانيُّون.

[33] يسخر من كفار قريش؛ لأنَّه يرى أنْ لا وزن لهم ولا قيمة، ومدحهم للنبيِّ أو هجاؤهم له لا يغيِّر شيئًا.

[34] ليس له كِفاء؛ أي: ليس له مماثلٌ ولا مقاوِم.

[35] لج: من اللجاجة وهي: التمادي في الشَّر والخصومة، والتغضُّب: أن يغضب شيئًا بعد شيء، واللطُّ: الستر، والتنقُّب: شد النِّقاب، والمعنى: تماديت أنا وهذه المرأة في الخصومة والتغضُّبِ، حتَّى أدى ذلك إلى ستر الحجاب بيننا وشدِّ النِّقاب.

[36] شفاني مكانه: معناه: أذهب ما في قلبي من الحزن، وأبرأ ما في صدري من داء الكمد؛ حيث وضعتُه موضعه، وواسيت به بني أخي، وإليك؛ أي: تنحي، والمعنى أنَّها تلومُني على بذل مالٍ وضعتُه في موضعه، فقلت لها: تنحَّي عنِّي، وافعلي ما شئت من اللَّوم والغضب.

[37] سغوبهم؛ أيْ: جوعهم، يُقالُ: سَغِبَ الرجلُ يَسْغَبُ، وسَغَبَ يَسْغُبُ سَغْبًا وسَغَبًا وسَغابةً وسُغُوبًا ومَسْغَبةً: جاعَ، والقَعْب: القدح من الخشب، والمشعب: المجبور في مواضع منه، المعنى رأيتُ اليتامى لا يسدُّ جوعَهم الهدايا التي ترسل إليهم في كلِّ قدح مجبورٍ.

[38] أريحا عليهم؛ أيْ: رُدَّا الإبلَ عليهم رواحًا، ومثل آخر؛ أي: مثل بيتٍ آخرَ، والمعزب: الخالي من الإبل، والمعنى: لما رأيتُ اليتامى على هذا الحال، عطفتُ عليهم، فأمرتُ عبديَّ أن يردَّا عليهم الإبل في الرواح؛ ليأخذوها، فسأجعل بيتي مثل البيت الذي لا إبل فيه.

[39] المحصَّب: قال في "لسان العرب": والمُحصَّب موضع رَمْيِ الجِمار بِمِنًى، وقيل: هو الشِّعْبُ الذي مَخْرَجُه إِلى الأَبْطَحِ، بين مكة ومِنى، يُنامُ فيه ساعة من الليل، ثم يُخرج إِلى مكة، سُمِّيا بذلك للحَصى الذي فيهما، يقول: لما قلَّ مالُ بني أخي رحمتُهم، وذلك حقٌّ واجب عليَّ.

[40] يريد بهذا أن يبيِّن وجه تفضيل بني أخيه بالمال دون أولاده، والحريب: المسلوب، وآساه: سواه بنفسه.

[41] معني البيتين: كيف أبخل عليهم وأنا أُحابي بهم مَن لو كان حيًّا وأتيتُه مسلوبًا، لسوَّاني بنفسه، وأعانني ما استطاع؛ هو أخي، ومن إذا ناديتُه لنازلةٍ لم يَقْعد عن نُصرتي، وإن غضبت غضبًا يؤدِّي إلى اشتعال نار الحرب، حارَب مَن يحاربني.

[42] اسم قبيلة.

[43] هو أبو بكرٍ شدَّاد بن الأسود.

[44] بكاهم وعدَّد محاسِنَهم، ونظم فيهم شعرًا قبل إسلامه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 219.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 214.52 كيلو بايت... تم توفير 4.69 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]