سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         عقد مودة ورحمة بين زوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          16طريقة تجلب بها البركة لبيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ألا تشعرين بالحر ؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          المرأة عند الإغريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          القاضي الفارس الفرج بن كنانة وأسد بن الفرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مجموع الأثبات الحديثية لآل الكزبري الدمشقيين وسيرهم وإجازاتهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من مواعظ الإمام سفيان الثوري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أولادنا... هل نستوعبهم؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الشَّبَابُ وَرَمَضَان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          هل في الشر خير؟ دروس من قصة الإفك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 26-02-2023, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين




خلافته للنبي صلى الله عليه وسلم
- قال صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: (( ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً؛ فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)). رواه مسلم، والنسائي في الكبرى.
- وقال إبراهيم بن سعد الزهري: أخبرني أبي، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك؟
قال أبي: كأنها تعني الموت - قال: «فإن لم تجديني فأتي أبا بكر». رواه البخاري، ومسلم.
- وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني ابن المسيب، سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له ضعفه، ثم استحالت غرباً؛ فأخذها ابن الخطاب فلم أرَ عبقرياً من الناس ينزع نزع عمر، حتى ضرب الناس بعطن». رواه البخاري ومسلم.
- وقال وهب بن جرير، حدثنا صخر، عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا على بئر أنزع منها، جاءني أبو بكر، وعمر، فأخذ أبو بكر الدلو، فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر، فاستحالت في يده غرباً، فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه، فنزع حتى ضرب الناس بعطن».
قال وهب: " العطن: مبرك الإبل، يقول: حتى رويت الإبل فأناخت ". رواه البخاري.
- وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا الأشعث [بن عبد الملك الحمراني] عن الحسن، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «من رأى منكم رؤيا؟»
فقال رجل: (أنا، رأيت كأن ميزانا نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن عمر وأبو بكر، فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان، فرجح عمر ثم رفع الميزان، فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه أبو داوود والترمذي والنسائي في الكبرى والحاكم.
ورواه أبو داوود الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، وزاد فيه: (فاستاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء).
- قال هشام بن عروة: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها فذكر حديث السقيفة وفيه أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال: بايعوا عمر، أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال عمر: (بل نبايعك أنت، فأنت سيّدنا، وخيرُنا، وأحبّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس. رواه البخاري مطولاً، والترمذي وابن حبان مختصراً.
- وقال عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: (ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟! فأيّكم تطيب نفسُه أن يتقدَّم أبا بكر؟!).
قالوا: (نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر). رواه أحمد وابن أبي شيبة والنسائي.
- وقال محمد بن يزيد الواسطي: حدثنا إسماعيل بن خالد عن زر، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة بكلام قاله عمر، قال: (نشدتكم بالله! هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: (فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالوا: (كلنا لا تطيب نفسه، نستغفر الله). رواه ابن الأعرابي في معجمه.
- وقال أبو بكر بن عياش: أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن؛ لأن في القرآن في المهاجرين: {أولئك هم الصادقون}، فمن سماه الله صادقاً لم يكذب، هم سموه وقالوا: يا خليفة رسول الله.


خطبته حين تولَّى الخلافة
- قال محمد بن إسحاق: حدثني الزهري، حدثني أنس بن مالك قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة، وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر، وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: (أيها الناس! إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني كنت أرى أنَّ رسول الله سيدبر أمرنا - يقول: يكون آخرنا - وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم ; صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه. فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة، ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه، إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله). رواه ابن إسحاق في السيرة كما في البداية والنهاية لابن كثير.

- قال ابن كثير: ( وهذا إسناد صحيح؛ فقوله رضي الله عنه: "وليتكم ولست بخيركم" من باب الهضم والتواضع، فإنهم مجمعون على أنه أفضلهم وخيرهم رضي الله عنهم).
- وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الخطب والمواعظ: حدثنا علي بن هاشم عن هشام بن عروة عن أبيه قال: خطب أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد فإني وليت أمركم ولست بخيركم، ولكنه نزل القرآن، وسنّ النبي صلى الله عليه، وعلمنا فعلمنا، واعلمُنَّ أيها الناس أنَّ أكيس الكيس التقى - أو قال الهدى -، وأعجز العجز الفجور، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس! إنما أنا متبع ولست بمبتدع؛ فإن أنا أحسنتُ فأعينوني، وإن أنا زغت فقوّموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم).
- قال أبو عبيد: حدثنا علي بن هاشم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم أو غيره، عن أبي بكر نحو ذلك.
وروى نحوه ابن سعد في الطبقات قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا هشام بن عروة، قال عبيد الله: أظنه عن أبيه.
- وقال معمر بن راشد في جامعه، عن رجل، عن الحسن، أن أبا بكر الصديق خطب فقال: « أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت لمقامي هذا كارها، ولوددت لو من يكفيني فتظنون أني أعمل فيكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذاً لا أقوم لها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإنَّ لي شيطاناً يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني، لا أوثر في أشعاركم ولا أبشاركم، ألا فراعوني؛ فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني ».
قال الحسن: «خطبة والله ما خطب بها بعده». وهذا الأثر على انقطاعه فيه رجل مجهول.
- قال معمر: وحدثني بعض أهل المدينة، قال: خطبنا أبو بكر فقال: «يا أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن ضعفت فقوموني، وإن أحسنت فأعينوني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر، ولا ظهرت - أو قال: شاعت - الفاحشة في قوم إلا عممهم البلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله».








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 26-02-2023, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



بعض أخباره في خلافته
- قال خليفة بن خياط: (في سنة إحدى عشرة بويع أبو بكر بيعة العامة يوم الثلاثاء، من غد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
- وقال هشام الدستوائي: أخبرنا عطاء بن السائب قال: لما استُخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتّجر بها؛ فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح؛ فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله؟
قال: السوق.
قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟
قال: فمن أين أطعم عيالي؟
قالا له: انطلق حتى نفرض لك شيئاً؛ فانطلق معهما ففرضوا له كل يومٍ شطر شاة وماكسوه في الرأس والبطن.
فقال عمر: (إليَّ القضاء).
وقال أبو عبيدة: (وإليَّ الفيء).
قال عمر: (فلقد كان يأتي عليَّ الشهر ما يختصم إلي فيه اثنان). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال محارب بن دثار: (لما ولي أبو بكر ولى أبا عبيدة بيت المال وولى عمر القضاء فمكث سنة لا يختصم إليه أحد). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب العلل لأبيه.
- وقال عفان بن مسلم: أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: لما ولي أبو بكر قال أصحاب رسول الله: افرضوا لخليفة رسول الله ما يغنيه.
قالوا: نعم، بُرداه إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مثلهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف.
قال أبو بكر: (رضيت). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: لما ولي أبو بكر قال: (قد علم قومي أنَّ حرفتي لم تكن لتعجز عن مؤونة أهلي، وقد شغلت بأمر المسلمين، وسأحترف للمسلمين في مالهم، وسيأكل آل أبي بكر من هذا المال). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن زنجويه في الأموال.
- وقال أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر حين استخلف ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت مال المسلمين وقال: (قد كنت أتجر فيه، والتمس به؛ فلما وليتهم شغلوني). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: لما أستخلف أبو بكر جعلوا له ألفين؛ فقال: زيدوني فإنَّ لي عيالاً، وقد شغلتموني عن التجارة.
قال: فزادوه خمسمائة.
قال: (إما أن تكون ألفين فزادوه خمسمائة، أو كانت ألفين وخمسمائة؛ فزادوه خمسمائة). رواه ابن سعد.
- وقال عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر حين حضره الموت قال: (إني لا أعلم عند أبي بكر من هذا المال شيئاً غير هذه اللقحة، وغير هذا الغلام الصيقل، كان يعمل سيوف المسلمين ويخدمنا؛ فإذا متّ فادفعيه إلى عمر).
فلما دفعته إلى عمر قال: (رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده). رواه ابن سعد.




أعماله الجليلة في خلافته
كان لأبي بكر الصديق أعمال جليلة في خلافته؛ ومنها:
1. تسيير جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما
- قال أبو أسامة الكوفي: حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: (ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول في مرضه: «أنفذوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة».
قال: فسار حتى بلغ الجرف، فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس، فقالت: لا تعجل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل، فلم يبرح حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى أبي بكر، فقال: (إنّ رسول الله بعثني وأنا على غير حالكم هذه، وأنا أتخوّف أن تكفر العرب، فإن كفرت كانوا أوّل من يقاتل، وإن لم تكفر مضيت، فإن معي سروات الناس وخيارهم).
قال: فخطب أبو بكر الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (والله لأن تخطفني الطير أحبُّ إليَّ من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال: (فبعثه أبو بكر إلى أبنى، واستأذن لعمر أن يتركه عنده).
قال: (فأذن أسامة لعمر).
قال: (فساروا؛ فلما دنوا من الشام أصابتهم ضبابة شديدة، فسترهم الله بها حتى أغاروا، وأصابوا حاجتهم).
قال: (فقُدم بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبراً واحداً؛ فقالت الروم: ما بالى هؤلاء بموت صاحبهم أن أغاروا على أرضنا).
قال عروة: (فما رئي جيش كان أسلم من ذلك الجيش). رواه ابن سعد بأطول من هذا السياق.
- وروى عباد بن كثير عن أبي الزناد عن أبي الأعرج عن أبي هريرة في خبر طويل أنّ ذلك الجيش كان سبباً في تثبيت قبائل العرب التي مروا بها في طريقهم على الإسلام.

2. قتال المرتدين حتى دانت قبائل جزيرة العرب بالإسلام.
- قال ابن شهاب الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله)).
فقال: (والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة؛ فإنَّ الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه).
فقال عمر: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق». رواه البخاري ومسلم.
- وقال عبد الواحد بن أبي عون، عن القاسم بن محمد , عن عائشة , أنها كانت تقول: « توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال لهاضها، اشرأبّ النفاق بالمدينة، وارتدت العرب؛ فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وعنائها في الإسلام ».
وكانت تقول مع هذا: «ومن رأى عمر بن الخطاب عرف أنه خلق غناء للإسلام، كان والله أحوذياً نسيج وحده، قد أعدّ للأمور أقرانها» رواه ابن أبي شيبة، وأحمد في فضائل الصحابة، والطبراني في المعجم الأوسط.

3. تجييش الجيوش لفتح العراق والشام.

- قال محمد بن إسحاق: حدثني العلاء بن عبد الرحمن عن رجل من بني سهم عن ابن ماجدة السهمي أنه قال: (حجّ علينا أبو بكر في خلافته سنة ثنتي عشرة؛ فلما قفل أبو بكر من الحج جهز الجيوش الى الشام: عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة). رواه يعقوب بن سفيان كما في تاريخ دمشق لابن عساكر.
- وقال بكر بن يونس عن ابن إسحاق قال: (لما قفل أبو بكر عن الحج بعث عمرو بن العاص قبل فلسطين، ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة، وأمرهم أن يسلكوا على البلقاء). رواه خليفة بن خياط.

4. جمع القرآن بين اللوحين

وهو أوّل من جمع القرآن في مصحف واحد بعد أن استحر القتل بالقراء في وقعة اليمامة.
- قال إبراهيم بن سعد الزهري: حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة؛ فإذا عمر بن الخطاب عنده».
قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن.
قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!.
قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر.
قال زيد: قال أبو بكر: (إنك رجل شابّ عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتتبع القرآن فاجمعه).
فوالله لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن.
قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
قال: (هو والله خير).
(فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب، واللِّخافِ، وصدور الرجال). رواه البخاري في صحيحه.
- وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان الثوري، عن السدي، عن عبد خير قال: سمعت علياً يقول: «أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أوّل من جمع بين اللوحين» رواه ابن أبي داوود في كتاب "المصاحف"، والقطيعي في زياداته على فضائل الصحابة للإمام أحمد، وخيثمة بن سليمان.
ورواه الآجري في الشريعة، وأبو الفضل الزهري من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري به.
- قال ابن كثير رحمه الله: (وهذا من أحسنِ وأجلِّ وأعظمِ ما فعله الصديق رضي الله عنه).










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 26-02-2023, 11:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين


صفاته وشمائله
- قال عمر بن شبة: حدثني محمد بن يحيى، وهو أبو غسان المدني، حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن أبيه، عن عمر بن سعد، عن ابن شهاب قال: (كان أبو بكر الصديق أبيض لطيفاً جعداً، كأنما خرج من صدع حجر، مشرف الوركين، لا يثبت إزاره على وركيه). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه.
- وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن أبي جعفر الأنصاري، قال: «رأيت أبا بكر لكأنَّ رأسه ولحيته كأنهما جمر الغضى». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال وكيع، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن أبي جعفر الأنصاري قال: (رأيت أبا بكر في غزوة السلاسل كأن رأسه ولحيته جمر الغضا). رواه أبو القاسم البغوي.
- وقال علي بن الجعد: أخبرنا شعبة عن حميد عن أنس: (أن أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة.
- وقال أبو خيثمة: حدثنا جرير، عن حصين، عن المغيرة بن شبيل عن قيس بن أبي حازم قال: (رأيت أبا بكر كأن رأسه ولحيته ضرام عرفج). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة.

وفاته
- قال وهيب بن خالد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟
قالت: «في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة».
وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: «يوم الإثنين».
قال: فأي يوم هذا؟
قالت: «يوم الاثنين».
قال: (أرجو فيما بيني وبين الليل).
فنظر إلى ثوبٍ عليه، كان يمرض فيه به ردع من زعفران، فقال: (اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها).
قلت: إنَّ هذا خَلَق.
قال: (إنَّ الحي أحقّ بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة؛ فلم يتوفَّ حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح). رواه البخاري.
- وقال مجاهد بن وردان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كنت عند أبي بكر حين حضرته الوفاة فتمثلت بهذا البيت

من لا يزال دمعه مقنعا ... يوشك أن يكون مرة مدّفعا
فقال: يا بنية لا تقولي هكذا، ولكن قولي: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}.
ثم قال: في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقلت: في ثلاثة أثواب.
فقال: (كفنوني في ثوبي هذين واشتروا إليهما ثوباً جديداً؛ فإنَّ الحيَّ أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هي للمهلة). رواه ابن حبان في صحيحه، وجماعة من أهل الحديث واختلفوا في ضبط البيت، وهذا أشبه بالصواب.
- وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن عبد الله البهي مولى الزبير، عن عائشة، قالت: " لما حضر أبو بكر قلت كلمة من قول حاتم:


لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فقال: (لا تقولي هكذا يا بنية، ولكن قولي {وجاءت سكرة الموت بالحق، ذلك ما كنت منه تحيد}، انظروا ملاءتي هاتين، فإذا مت فاغسلوهما وكفنوني فيهما، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت). رواه ابن سعد، وأحمد في الزهد.
- وقال عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثني الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب أن أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر؛ فقال الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إنَّ فيها لسمّ سنة، وأنا وأنت نموت في يوم واحدٍ، قال: (فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحدٍ عند انقضاء السنة). رواه ابن سعد.
وهذا مرسل.
- قال ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: (عاش أبو بكر بعد أن استخلف سنتين وأشهراً). رواه البخاري في التاريخ الصغير.
- وقال الليث بن سعد: (توفي أبو بكر لليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة.
- وقال زياد البكائي عن محمد بن إسحاق قال: (كانت خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين يوما توفي في جمادى الأولى).
- وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «ما ترك أبو بكر ديناراً ولا درهماً ضرب الله سكته». رواه ابن سعد.

سنّه عند وفاته
- قال حكّام بن سلم الرازي: حدثنا عثمان بن زائدة، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك، قال: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وعمر وهو ابن ثلاث وستين». رواه مسلم.
- وقال عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي: حدثنا سلام أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، قال: كنت جالساً مع عبد الله بن عتبة، فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بعض القوم كان أبو بكر أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين».
قال: فقال رجلٌ من القوم يقال له عامر بن سعد: حدثنا جرير، قال: كنا قعوداً عند معاوية فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال معاوية: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين». رواه مسلم.
- وقال شعبة: سمعت عامر بن سعد [البجلي]، يقول: سمعت جرير بن عبد الله، يقول: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول وهو يخطب: ( توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي أبو بكر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي عمر وهو ابن ثلاث وستين).
قال معاوية:(وأنا اليوم في ثلاث وستين). رواه أحمد، وأبو داوود الطيالسي.
- وروى عبد الرزاق نحوه من طريق سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب.
- وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: سمعت سعيد بن المسيب يقول: قال: قبض رسول الله وهو ابن ثلاث وستين، واستكمل أبو بكر بخلافته سن رسول الله صلى الله عليه وسلم».رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن سعد، وأبو حفص الفلاس.
ولفظ بعضهم: (استكمل أبو بكر في خلافته سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة).
- وقال ابن سعد: (توفي رحمه الله وهو ابن ثلاث وستين سنة، مجمع على ذلك في الروايات كلها، استوفى سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر ولد بعد الفيل بثلاث سنين).
- قال أبو حفص الفلاس: (وليس في سنّ أبي بكر اختلاف أنه مات ابن ثلاث وستين، وأنه مات ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الأولى، سنة ثلاث عشرة، ودفن ليلا، وصلى عليه عمر بن الخطاب، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام).










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 26-02-2023, 11:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل
1: سيرة أبي بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي
رضي الله عنه.



وصيته
- قال إسماعيل بن أبي خالد عن زُبيد بن الحارث اليامي أن أبا بكر حين حضره الموت أرسل إلى عمر يستخلفه؛ فقال الناس: تستخلف علينا فظاً غليظاً، ولو قد ولينا كان أفظ وأغلظ؛ فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر.
قال أبو بكر: أبربي تخوفونني؟!
أقول: « اللهم استخلفت عليهم خير خلقك ».
ثم أرسل إلى عمر فقال:« إني موصيك بوصية إن أنت حفظتها: إنَّ لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم، وحُقَّ لميزانٍ لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفته عليهم، وحُقَّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً، وإن الله ذكر أهل الجنة بصالح ما عملوا، وأنه تجاوز عن سيئاتهم؛ فيقول القائل: ألا أبلغ هؤلاء، وذكر أهل النار بأسوإ ما عملوا، وأنه ردَّ عليهم صالح ما عملوا؛ فيقول قائل: أنا خير من هؤلاء، وذكر آية الرحمة وآية العذاب ليكون المؤمن راغباً وراهباً، لا يتمنى على الله غير الحق، ولا يلقي بيده إلى التهلكة؛ فإن أنت حفظت وصيتي لم يكن غائب أحبّ إليك من الموت، وإن أنت ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليك من الموت، ولن تعجزه ». رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابن شبة في تاريخ المدينة، وأبو داوود في الزهد، ورجال إسناده أئمة ثقات إلا أنّ فيه انقطاعاً لأنّ زبيداً لم يُدرك عمرَ بن الخطاب، وله شواهد ينجبر بها.
- وقال صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله! ماذا تقول لربك إذا قدمت عليه غداً وقد استخلفت علينا ابن الخطاب؟
فقال: « أجلسوني، أبالله ترهبوني؟! ».
أقول: « استخلفت عليهم خيرهم ». رواه ابن سعد.


رواة التفسير عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
روى عن أبي بكر مسائل التفسير جماعة من الصحابة والتابعين:
فمن الصحابة: حذيفة بن اليمان، ومعقل بن يسار المزني، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، والمسور بن مخرمة الزهري، وطارق بن شهاب البجلي.
ومن كبار التابعين الذين أدركوه وسمعوا منه: قيس بن أبي حازم البجلي، وسعيد بن نمران الناعطي.
ومن الذين اختلف في سماعهم منه: مسروق بن الأجدع الهمداني، والأسود بن هلال المحاربي، وأبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي.
ومن الذين أرسلوا عنه ولم يدركوه: سعيد بن المسيب، وعامر بن سعد البجلي، وأبو بكر بن أبي زهير الثقفي، وعامر بن شراحيل الشعبي، ومرة بن شراحيل الهمداني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والحارث بن يعقوب الأنصاري، وأبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي، ومجاهد بن جبر المكي، وعكرمة مولى ابن عباس؛ فهؤلاء روايتهم عنه مرسلة.

مما روي عنه في التفسير:
أ: قال سعيد بن نمران: قرأت عند أبي بكر الصديق: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، قلت: يا خليفة رسول الله، ما استقاموا، قال: استقاموا على ألا يشركوا) رواه سفيان الثوري وابن وهب.
ب: قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البجلي، عن أبي بكر الصديق: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: (النظر إلى وجه ربهم). رواه ابن جرير.
ج: قال قيس بن أبي حازم: سمعت أبا بكر الصديق، رضي الله عنه يقرأ هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه، والظالم فلم يأخذوا على يديه، فيوشك أن يعمهم الله منه بعقاب» رواه ابن جرير بهذا اللفظ.


المؤلفات في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفضائله
المؤلفات في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفضائله كثيرة، ومن أجودها:
1: دواوين السنة، وقد اشتملت على أحاديث وآثار كثيرة في فضائل أبي بكر ومناقبه وأخباره، وقد جمعت ما تيسّر منها.
2: كتب التاريخ المسندة، وقد أُفرد في عدد منها فصول مطوّلة في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
3: فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم، لأبي نعيم الأصبهاني(ت:430هـ).
4: فضائل أبي بكر الصديق، لأبي طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي العُشاري(ت:451هـ).
5: فضائل أبي بكر الصديق، لأبي بكر البيهقي(ت:458هـ)، ذكره في كتابه "شعب الإيمان".
6: منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين، لموفق الدين ابن قدامة المقدسي(ت:620هـ).
7: الرياض النضرة في مناقب العشرة، لمحبّ الدين الطبري(ت:694هـ)
8: فضل أبي بكر الصديق، لشيخ الإسلام ابن تيمية(ت:728هـ).
9: فضل الخلفاء الراشدين، لشيخ الإسلام ابن تيمية(ت:728هـ).
10: تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق، لأبي القاسم علي بن بلبان المقدسي(ت:739هـ).
11: الروض الأنيق في فضل الصديق، للحافظ جلال الدين السيوطي(ت:911هـ).
12: تحفة أهل التصديق ببعض فضائل أبي بكر الصديق، لعبد القادر بن جلال الدين المحلي(ت:1033هـ).
13: سيرة العتيق أبي بكر الصديق، للشيخ موسى بن راشد العازمي.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 02-03-2023, 08:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين

عبد العزيز الداخل


2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ)

العناصر:
اسمه ونسبه
مولده ونشأته
إسلامه
هجرته
جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم
إنفاقه في سبيل الله
طول صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم
خلافته
... رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في خلافته
... عهد أبي بكر إليه
... خطبته حين تولّى الخلافة
...تسميته أمير المؤمنين
... تسميته بالفاروق
أشهر أعماله في خلافته:
...فتح الفتوح
...
تمصير الأمصار، وتولية الولاة وتعيين القضاة،
...تدوين الدواوين، وفرض الأعطيات.
...بعث المعلّمين إلى الأمصار
...التأريخ بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم
...جمع الناس في قيام رمضان خلف إمام واحد
...إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب
...إقامة العدل، ومواساته رعيته بنفسه
مناقبه وفضائله
... بشارته بالجنّة
... أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به
...علمه وفقهه وتديّنه
... عبادته وهديه
... زهده وورعه
... محاسبته لنفسه
...إلهامه وتحديثه
... موافقته لبعض ما في القرآن قبل نزوله
...شدّته في أمر الله وهيبة الناس له
... فرار الشيطان منه
... خشيته ووقوفه عند آيات الله
... علمه بالقضاء
... فراسته
... كراماته
صفاته وشمائله
استفاضة ثناء الصحابة والأمة عليه
وفاته
... شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالشهادة
... سؤاله الشهادة
... رؤياه قبل استشهاده
... ما رؤي فيه قبل استشهاده
... خبر استشهاده
... وصاياه عند موته
... احتضاره
... تاريخ استشهاده
... سنّه عند وفاته
... غسله وتكفينه
مواعظه ووصاياه
رواة التفسير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
مما روي عنه في التفسير
المؤلفات في سيرته وفضائله




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 02-03-2023, 08:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين

عبد العزيز الداخل



2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ)





اسمه ونسبه
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي.
وأمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية.
وقيل: حنتمة بنت هشام، وهو خطأ.
- قال أبو بشر الدولابي: حدثني أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي قال: ثنا حجاج بن يوسف الرصافي قال: حدثني عبيد الله بن أبي زياد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال: «عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر».
- وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: (عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر).


مولده ونشأته
ولد عمر قبل الهجرة بأربعين سنة، وذلك أنه صحّ عن معاوية وأنس بن مالك وغيرهما أنه مات وله ثلاث وستون سنة؛ فيكون مولده بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة.
- قال محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه قال: أقبلنا مع عمر بن الخطاب قافلين من مكة حتى إذا كنّا بشعاب ضَجْنَان وقف الناس.
قال محمد: مكاناً كثير الشجر والأشب.
قال: فقال عمر: (لقد رأيتني في هذا المكان وأنا في إبل للخطاب، وكان فظاً غليظاً، أحتطب عليها مرة، وأختبط عليها أخرى، ثم أصبحت اليوم يضرب الناس بجنباتي، ليس فوقي أحد، قال: ثم مثل بهذا البيت:

لا شيء فيما ترى إلا بشاشته ... يبقى الإله ويودي المال والولد).
رواه ابن سعد.

- وقال محمد بن سعد: سألت أبا بكر بن محمد بن أبي مرة المكي، وكان عالماً بأمور مكة عن منزل عمر بن الخطاب الذي كان في الجاهلية بمكة، فقال: (كان ينزل في أصل الجبل الذي يقال له اليوم جبل عمر، وكان اسم الجبل في الجاهلية العاقر، فنسب إلى عمر بعد ذلك، وبه كانت منازل بني عدي بن كعب).

إسلامه
- قال خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت: سمعت نافعاً يذكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أعزّ الدين بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل بن هشام، أو عمر بن الخطاب)).
فكان أحبهما إليه عمر بن الخطاب). رواه الترمذي وابن حبان.
- وقال يونس بن بكير، عن النضر أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب» قال: فأصبح فغدا عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم).
رواه الترمذي وقال: (هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد تكلم بعضهم في النضر أبي عمر، وهو يروي مناكير).
- وقال ابن وهب: حدثني عمر بن محمد قال: أخبرني جدي زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: بينما هو في الدار خائفاً إذْ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلة حَبِرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟
قال: (زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت).
قال: لا سبيل إليك.
بعد أن قالها أمنت، فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا، قال: لا سبيل إليه؛ فكرَّ الناس. رواه البخاري.
- وقال سفيان بن عيينة: سمعته [أي: عمرو بن دينار] يقول: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبا عمر وأنا غلام، فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبا عمر فما ذاك، فأنا له جار.
قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه.
فقلت: من هذا؟
قالوا: (العاص بن وائل). رواه البخاري في صحيحه.
- وقال وهب بن جرير: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثنا نافع عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم تعلم قريش بإسلامه، فقال: أي أهل مكة أنشأ للحديث؟
فقالوا: جميل بن معمر الجمحي، فخرج إليه وأنا معه أتبع أثره، أعقل ما أرى وأسمع، فأتاه فقال: يا جميل! إني قد أسلمت.
قال: فوالله ما ردّ عليه كلمة حتى قام عامداً إلى المسجد؛ فنادى أندية قريش، فقال: يا معشر قريش! إنَّ ابن الخطاب قد صبأ.
فقال عمر: كذب، ولكني أسلمت وآمنت بالله، وصدقت رسوله؛ فثاوروه؛ فقاتلهم حتى ركدت الشمس على رؤوسهم، حتى فتر عمر وجلس، فقاموا على رأسه.
فقال عمر: افعلوا ما بدا لكم؛ فوالله لو كنا ثلاث مائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم؛ فبينما هم كذلك قيام عليه، إذ جاء رجل عليه حلة حرير وقميص قومسي، فقال: ما بالكم؟
فقالوا: إن ابن الخطاب قد صبأ!!
قال: فمه! امرؤ اختار ديناً لنفسه؛ أفتظنون أن بني عدي تسلم إليكم صاحبهم؟!
قال: فكأنما كانوا ثوباً انكشف عنه.
فقلت له بعد بالمدينة: يا أبت! من الرجل الذي ردَّ عنك القوم يومئذ؟
فقال: (يا بُني! ذاك العاص بن وائل). رواه ابن حبان.
- وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي: حدثنا قيس [هو ابن أبي حازم]، قال: قال عبد الله [بن مسعود]: «مازلنا أعزة منذ أسلم عمر». رواه البخاري.
ورواه ابن سعد في الطبقات من طريق محمد بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد به وزاد: «لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر؛ فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي».
- وقال مسعر بن كدام، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله بن مسعود: «كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة، لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر؛ فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا». رواه ابن سعد في الطبقات، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة.
- وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول: «والله لقد رأيتني، وإنَّ عمر لموثقي على الإسلام، قبل أن يسلم عمر، ولو أنَّ أحداً ارفضَّ للذي صنعتم بعثمان لكان». رواه البخاري في صحيحه.
وفي رواية في الصحيح: «لو رأيتني موثقي عمر على الإسلام، أنا وأخته، وما أَسْلَمَ، ولو أنَّ أحداً انقضَّ لما صنعتم بعثمان لكان محقوقا أن ينقضّ».

- وقال إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق قال: (فلما قدم عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، على قريش ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهم النجاشي بما يكرهون، أسلم عمر بن الخطاب، وكان رجلا ذا شكيمة، لا يرام ما وراء ظهره، امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة بن عبد المطلب، حتى غزا قريشا، فكان عبد الله بن مسعود يقول: ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه، وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه.
- وقال عبد الله بن إدريس الأودي، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، قال: «أسلم عمر بن الخطاب بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال الواقدي: أخبرنا محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: «أسلم عمر بعد أربعين رجلا وعشرة نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة». رواه ابن سعد.
- وقال أبو عبد الله الذهبي: (أسلم في السنة السادسة من النبوة، وله سبع وعشرون سنة).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 02-03-2023, 08:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين

عبد العزيز الداخل



2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ)



هجرته
هاجر عمر قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لهجرته شأن عند المسلمين، فقد تقدّم قول ابن مسعود رضي الله عنه: (كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً).
- قال شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: أول من قدم علينا مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم وكانا يقرئان الناس، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء، فرحهم به). رواه البخاري.
- وقال ابن إسحاق: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (لما اجتمعنا للهجرة اتّعدت أنا، وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، وقلنا: الميعاد بيننا التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها؛ فقد حُبس فليمض صاحباه، فأصبحتُ عنده أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام وفتن فافتتن، وقدمنا المدينة؛ فكنا نقول: ما الله بقابل من هؤلاء توبة، قوم عرفوا الله وآمنوا به، وصدقوا رسوله ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا، وكانوا يقولونه لأنفسهم، فأنزل الله عز وجل فيهم: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} إلى قوله: {مثوى للمتكبرين}.
قال عمر رضي الله عنه: فكتبتها بيدي كتاباً، ثم بعثت بها إلى هشام، فقال هشام بن العاص: فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى، فجعلت أصعّد بها وأصوب لأفهمها، فقلت: اللهم فهّمنيها، وفرقت أنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري بفلحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: (فقتل هشام شهيدا بأجنادين في ولاية أبي بكر رضي الله عنه). رواه البيهقي في دلائل النبوة.
وقد روي في شأن هجرته أخبار أخر في إسنادها ضعف.


جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم
شهد عمر جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له في كثير منها مواقف جليلة، فيها تثبيت للمؤمنين، وإغاظة للمشركين.
والحديث عن مواقفه في تلك المشاهد يطول به المقام، وهي مدوّنة في دواوين السنّة وكتب السيرة.


إنفاقه في سبيل الله عزّ وجلّ
كان عمر كثير الإنفاق في سبيل الله، سريع الاستجابة حين يدعو النبي صلى الله عليه وسلم للإنفاق في أمر تتعلق به مصلحة المسلمين، حتى إنه تصدّق مرة بنصف ماله ليسبق أبا بكر، لكنّه وجده قد سبقه.
- قال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمعت عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدّق؛ فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً.
قال: فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟»
قلت: مثله.
قال: فأتى أبو بكر بكلّ ما عنده.
فقال: «يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟»
فقال: (أبقيت لهم الله ورسوله).
فقلتلا أسابقك إلى شيء أبداً). رواه الدارمي، وأبو داوود، والترمذي.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 02-03-2023, 08:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين





سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين

عبد العزيز الداخل



2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ)





طول صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم
كان عمر من أخصّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطولهم له صحبة، وأعلمهم بسنّته، وأحواله، وما كان يعترضه في الدعوة إلى الإسلام، وأحوال أعدائه، ومكائدهم، وما كان يلقى منهم.
- قال عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: وضع عمر بن الخطاب على سريره، فتكنَّفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه، قبل أن يرفع، وأنا فيهم، قال فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت إليه فإذا هو علي، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنت لأرجو، أو لأظن، أن يجعلك الله معهما». رواه البخاري ومسلم.


خلافته
رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في خلافته
- وقال الزهري: أخبرني ابن المسيب، سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له ضعفه، ثم استحالت غرباً، فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر، حتى ضرب الناس بعطن» رواه البخاري، ومسلم.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «بينا أنا نائم أريت أني أنزع على حوضي أسقي الناس، فجاءني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليروحني، فنزع دلوين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، فجاء ابن الخطاب فأخذ منه، فلم أر نزع رجل قط أقوى منه، حتى تولى الناس، والحوض ملآن يتفجر». رواه مسلم.
- وقال موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «رأيت الناس مجتمعين في صعيد، فقام أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين، وفي بعض نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها عمر فاستحالت بيده غرباً، فلم أر عبقرياً في الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن». رواه البخاري.

عهد أبي بكر إليه بالخلافة
تولّى عمر الخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه باستخلاف منه، ولم يختلف في خلافته اثنان، وكان هو خير المسلمين بعد أبي بكر رضي الله عنهما.
- قال صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله! ماذا تقول لربك إذا قدمت عليه غدا وقد استخلفت علينا ابن الخطاب؟!
فقال: أجلسوني! أبالله ترهبوني؟!! أقول: (استخلفت عليهم خيرهم). رواه ابن سعد.

خطبته حين تولّى الخلافة
- قال عبد الله بن المبارك، عن جرير بن حازم، عن حميد بن هلال قال: حدثني من شهد وفاة أبي بكر رضي الله عنه قال: لما فرغ عمر رضي الله عنه من دفنه قام خطيباً مكانه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إن الله ابتلاني بكم وابتلاكم بي، وأبقاني فيكم بعد صاحبي، والله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يغيب عني فآلو فيه من أهل الخير والأمانة، فلئن أحسنوا لأحسنن إليهم، ولئن أساءوا لأنكلن بهم. فقال الرجل: فوالله ما زاد على الذي قال في ذلك المكان حتى فارق الدنيا). رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة.
ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أو غيره عن حميد به.

تسميته أمير المؤمنين
- قال محمد بن حرب الأبرش: حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري قال: «أوَّل من سمى عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين المغيرة بن شعبة رضي الله عنه». رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال: (أوّل من حيّا عمر رضي الله عنه بأمير المؤمنين المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، دخل عليه ذات يوم فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين!
فكأنّ عمر رضي الله عنه أنكر ذلك؛ فقال المغيرة: هم المؤمنون، وأنت أميرهم، فسكت عمر رضي الله عنه). رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة.
- وقال عبد الله بن صالح كاتب الليث: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن الزهري قال: قال عمر بن عبد العزيز لأبي بكر بن سليمان بن أبي حَثْمة: لأيّ شيء كان أبو بكر رضي الله عنه يكتب: مِن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر يكتب: من خليفة أبي بكر، ومَن أول من كتب: عبد الله أمير المؤمنين؟
فقال: حدثتني الشفاء وكانت من المهاجرات الأول أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عامل العراق أن يبعث إليه برجلين جلدين نبيلين يسألهما عن العراق وأهله، فبعث إليه لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم؛ فقدما المدينة فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثم دخلا؛ فوجدا عمرو بن العاص فيه؛ فقالا: استأذن لنا يا ابن العاص على أمير المؤمنين!
فقال عمرو: أنتما والله أصبتما اسمه، هو الأمير ونحن المؤمنون، فوثب عمرو فدخل على عمر رضي الله عنه فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين!
فقال عمر: يا ابن العاص! ما بدا لك في هذا الاسم؟! لتخرجن مما دخلت فيه!
قال: قدم لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد؛ فقالا: استأذن لنا أمير المؤمنين، فهما أصابا اسمك، فأنت الأمير ونحن المؤمنون قال: (فجرى الكتاب من ذلك اليوم). رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة.

تسميته بالفاروق
اشتهر تلقيب عمر بالفاروق، واختلف في أوّل من لقّبه بذلك، وروي في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنّها لا تصحّ.
- إسحاق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قال: سألت عمر: لأي شيء سميت الفاروق؟
قال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام، وخرجت بعده بثلاثة أيام، فذكر الخبر بطوله، وفيه: فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ الفاروق، وفرق الله بين الحق والباطل). رواه أبو نعيم في الحلية، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك الحديث.
- وقال أحمد بن محمد الأزرقي المكي: أخبرنا عبد الرحمن بن حسن، عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرق الله به بين الحق والباطل». رواه ابن سعد في الطبقات، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، وهو مرسل ضعيف الإسناد؛ فعبد الرحمن بن حسن الأزرقي مجهول الحال، وأيوب بن موسى المكي من طبقة صغار التابعين.
- وقال الواقدي: أخبرنا أبو حزرة يعقوب بن مجاهد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي عمرو ذكوان قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق؟
قالت: (النبي عليه السلام). رواه ابن سعد، وعمر بن شبة، لكن الواقدي متروك الحديث.
- وقال يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أوَّل من قال لعمر الفاروق، وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر من ذلك شيئاً، ولم يبلغنا أن ابن عمر قال ذلك إلا لعمر، كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه قال: وقد بلغنا أن عبد الله بن عمر كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أيد دينك بعمر بن الخطاب». رواه ابن سعد في الطبقات، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة.
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: وجدت في بعض الكتب يوم غزونا اليرموك: (أبو بكر الصديق أصبتم اسمه، عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه، عثمان ذو النورين أوتي كفلين من الرحمة لأنه يُقتل، أصبتم اسمه).
قال: (ثم يكون والي الأرض المقدسة وابنه).
قال عقبة: قلت لابن العاص: (سمهما كما سميت هؤلاء، قال: معاوية وابنه). رواه أحمد في فضائل الصحابة، ونعيم بن حماد في الفتن، وروي عن ابن سيرين من غير ما وجه.
مدّة خلافته


- قال ابن أبي أويس، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب: (ولي عشر سنين حجها كلها). رواه البخاري في التاريخ الكبير.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 02-03-2023, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين





سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين

عبد العزيز الداخل





2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ)

أشهر أعماله في خلافته
فتح الله لعمر البلدان، فولّى الولاة على الأمصار، وعيّن القضاء، وأقام الحسبة، وبعث المعلّمين، ودوّون الدواوين، وعرّف العرفاء، وفرض الأعطيات، وجمع الناس في قيام رمضان خلف إمام واحد، وأرّخ بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وأقام العدل حتى استيسر الناس، وعمّ الرخاء، واعتزّ المسلمون، وقويت دولة الإسلام.

1: فتح الفتوح
تولى عمر الخلافة وجيوش المسلمين في العراق والشام تقاتل أعظم دولتين في ذلك الزمان في وقت واحد؛ ففتح الله له البلدان واتّسعت دولة الإسلام:
ففي الشام: فتحت جيوشه دمشق، وحمص، وقنسرين، وبعض قرى فلسطين حتى حاصروا بيت المقدس، ثم فتحوها صلحاً على أن يقدم عمر فينفذ لهم الصلح ويكتب لهم، فقدم عمر، وأمضى الصلح، ودخل بيت المقدس، وصلى فيه في الموضع الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم إماماً بالأنبياء.
وأعمل الجيوش في بلدان الشام تفتحها مدينة بعد مدينة، وقرية بعد قرية، وجعل للشام أميرين: معاوية بن أبي سفيان ولاه بعد موت أخيه يزيد، وعياض بن غنم الفهري ولاه بعد موت أبي عبيدة بن الجراح؛ فأخذ معاوية ما يلي الساحل من قرى فلسطين فافتتح قيسارية وتسمّى قيصرية في أواخر سنة 18هـ، ثم أصعد شمالاً حتى بلغ أنطاكية.
وغزا عياض بن غنم الجزيرة، وهي ما بين نهري دجلة والفرات مما يلي الشام، ووافق أبا موسى الأشعري قد افتتح الرها وسميساط بجيش من أهل العراق؛ فاجتمعا على فتح ما بقي من أرض الجزيرة، وفتحوا نصيبين، والرقة، وسنجار، وحرّان، وآمد، وبقية ديار بكر حتى بلغوا ملطية.
والتقى حيش معاوية وجيش عياض في ملطية، واستكملوا بذلك فتح الشام في سنة 20هـ، وهي السنة التي مات فيها هرقل عظيم الروم.
وفي العراق: فتحوا الحيرة، والمدائن وفيها كان إيوان كسرى، ثم اختطوا الكوفة ثم البصرة، ثم فتحوا أصبهان، وتستر، والأهواز، وجلولاء، ونهاوند، والسوس، ونصيبين، وهمذان، وغيرها كثير حتى بلغت جيوش المسلمين في عهد عمر أقصى بلاد خراسان.
وفي سنة عشرين فتح عمرو بن العاص مصر، وبقي يفتح مدنها وقراها حتى فتح الإسكندرية الفتح الأول سنة اثنتين وعشرين للهجرة، وبعث الجيوش إلى طرابلس الغرب.

فتح بيت المقدس
- قال دحيم: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت أشياخنا يقولون: (إنَّ دمشق فتحت في سنة أربع عشرة، وإن عمر بن الخطاب قدم الشام سنة ست عشرة؛ فولاه الله فتحَ بيت المقدس على صلح، ثم قفل). رواه أبو زرعة الدمشقي كما في تاريخ ابن عساكر.
- وقال يزيد بن عبيدة السكوني: (فتحت بيت المقدس سنة ست عشرة، وفيها قدم عمر بن الخطاب الجابية).رواه أبو زرعة الدمشقي.

فتوح الشام ومصر:
- قال هشام بن عمار، عن الوليد عن الأوزاعي (أنّ أبا عبيدة فتح قنسرين وكورها سنة ست عشرة ثم أتى فلسطين فنزل إيليا فسألوه أن يصالحهم فصالحهم في سنة سبع عشرة على أن يقدم عمر رحمه الله فينفذ ذلك ويكتب لهم به). رواه البلاذري.
- وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني الليث بن سعد قال: (استخلف أمير المؤمنين عمر في رجب لسنة ثلاث عشرة، ثم كان فتح دمشق، ثم
كانت اليرموك لسنة خمس عشرة، ثم كانت الجابية والجسر لسنة ست عشرة، ثم كانت إيلياء وسرغ لسنة سبع عشرة، ثم كانت الرمادة وطاعون عمواس وغزوة عتبة بن سهيل من بني عامر بن لؤي سنة ثمان عشرة، ثم كانت جلولاء لسنة تسع عشرة، ثم كان فتح باب ليون أميرهم عمرو بن العاص، وقيسارية بالشام أميرهم عبد الله بن عمرو، وموت هرقل لسنة عشرين، ثم كانت نهاوند أميرهم النعمان بن مقرن المزني لسنة إحدى وعشرين، ثم كان فتح الإسكندرية الأولى أميرهم عمرو بن العاص وأذربيجان لسنة ثنتين وعشرين، وفرض العطاء، ثم كانت اصطخر الأولى وهمذان في ذي القعدة، ولم تفتح اصطخر، وغزوة عمرو بن العاص أطرابلس المغرب، وغزوة عمورية، أمير أهل مصر وهب بن عمير الجمحي، وأمير أهل الشام أبو الأعور سنة ثلاث وعشرين، ثم قتل عمر أمير المؤمنين بصدر الحاج). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن سعد: (وهو أول من فتح الفتوح، وهي الأرضون والكور التي فيها الخراج والفيء، فتح العراق كله، السواد والجبال وأذربيجان وكور البصرة وأرضها وكور الأهواز، وفارس، وكور الشام ما خلا أجنادين، فإنها فتحت في خلافة أبي بكر الصديق، رحمه الله، وفتح عمر كور الجزيرة والموصل ومصر والإسكندرية، وقتل، رحمه الله، وخيله على الري وقد فتحوا عامتها، وهو أول من مسح السواد وأرض الجبل، ووضع الخراج على الأرضين، والجزية على جماجم أهل الذمة فيما فتح من البلدان، فوضع على الغني ثمانية وأربعين درهماً، وعلى الوسط أربعة وعشرين درهماً، وعلى الفقير اثني عشر درهماً، وقال: «لا يعوز رجلاً منهم درهم في شهر» ، فبلغ خراج السواد والجبل على عهد عمر رحمه الله مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف واف، والواف درهم ودانقان ونصف).

2: تمصير الأمصار، وتولية الولاة وتعيين القضاة
بعدما فتح المسلمون المدائن سنة 16هـ، وكثرت جيوش المسلمين نزلوا المدائن فاجتووها ولم توافق أمزجتهم؛ فذُكر أنهم اشتكوا ذلك إلى عمر فقال: (إن العرب لا يصلحهم إلا ما يصلح إبلهم).
فارتادوا مكاناً يصلح لإبلهم فوقع اختيارهم على الكوفة، وكانت أرضاً سهلة حسنة التربة يخالط رملها حصباء، ولذلك كانت تسمى "خدّ العذراء" يجري عليها نهر الفرات، وفي وسطها جبل صغير يُسمّى "كوفان".
فخطّطت الكوفة أحياءً لكل قبيلة حيّ، ولها مسجد يسع مقاتلتهم، وكان أوّل أمير لها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، ثمّ بعد ذلك بأشهر خطّطت البصرة على نحو تخطيط الكوفة، وكان أوّل أمير لها عتبة بن غزوان المازني رضي الله عنه.
ولم يزل عمر يمصّر الأمصار، ويولّي الولاة، ويعيّن القضاء، ويعرّف العرفاء، ويقسم الفيء، ويبعث المعلمّين لتفقيه الناس في الدين، وتعليمهم القرآن؛ حتى صلحت شؤون الرعية، وانتظم أمرها.
- قال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثني الأشعث، عن الحسن (أن عمر بن الخطاب مصر الأمصار: المدينة، والبصرة، والكوفة، والبحرين، ومصر، والشام، والجزيرة). رواه ابن سعد.
- وقال ابن سعد: (وهو أوَّل من مصَّر الأمصار: الكوفة، والبصرة، والجزيرة، والشام، ومصر، والموصل، وأنزلها العرب، وخط الكوفة والبصرة خططا للقبائل).

3: تدوين الدواوين، وفرض الأعطيات
- قال غسان بن مضر الأزدي، عن سعيد بن يزيد الأزدي، عن أبي نضرة العبدي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «لما ولي عمر الخلافة فرض الفرائض، ودوَّن الدواوين، وعرَّف العرفاء» قال جابر: (فعرَّفني على أصحابي). رواه ابن أبي شيبة، وعبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، والبيهقي في السنن الكبرى.
- وقال يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنه قدم على عمر من البحرين، قال: فقدمت عليه فصليت معه العشاء، فلما رآني سلمت عليه فقال: «ما قدمت به؟»
قلت: قدمت بخمسمائة ألف.
قال: «أتدري ما تقول؟».
قال: قلت: قدمت بخمسمائة ألف.
قال: «ماذا تقول؟»
قال: قلت: مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، حتى عددتُ خمساً.
قال: «إنك ناعس! ارجع إلى بيتك فنم ثم اغد علي».
قال: فغدوت عليه؛ فقال: «ما جئت به؟».
قلت: بخمسمائة ألف.
قال: «طيب؟».
قلت: طيب، لا أعلم إلا ذاك.
قال: فقال للناس: «إنه قدم عليَّ مالٌ كثير؛ فإن شئتم أن نعدَّه لكم عدّا، وإن شئتم أن نكيله لكم كيلا».
فقال رجل: يا أمير المؤمنين! إني رأيت هؤلاء الأعاجم يدونون ديواناً، ويعطون الناس عليه.
قال: «فدوَّن الدواوين، وفرض للمهاجرين في خمسة آلاف خمسة آلاف، وللأنصار في أربعة آلاف أربعة آلاف، وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، في اثني عشر ألفا اثني عشر ألفا». رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وابن زنجويه في كتاب الأموال، والبيهقي في السنن الكبرى.
- وقال معمر، عن الزهري، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قال: لما أتي عمر بكنوز كسرى، قال له عبد الله بن الأرقم الزهري: ألا تجعلها في بيت المال حتى تقسمها؟
قال: «لا يظلها سقف حتى أمضيها»؛ فأمر بها؛ فوضعت في صرح المسجد، فباتوا يحرسونها، فلما أصبح أمر بها فكشف عنها، فرأى فيها من الحمراء والبيضاء ما يكاد يتلألأ منه البصر.
قال: فبكى عمر؛ فقال له عبد الرحمن بن عوف: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فوالله إن كان هذا ليوم شكر، ويوم سرور، ويوم فرح؛ فقال عمر: «كلا، إنَّ هذا لم يعطه قوم إلا ألقي بينهم العداوة والبغضاء».
ثم قال: « أنكيل لهم بالصاع أم نحثو؟ »
فقال علي: بل احثوا لهم، ثم دعا حسن بن علي أوَّل الناس فحثا له، ثم دعا حسيناً، ثم أعطى الناس، ودوَّن الدواوين، وفرض للمهاجرين لكل رجل منهم خمسة آلاف درهم في كل سنة، وللأنصار لكل رجل منهم أربعة آلاف درهم، وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لكل امرأة منهن اثني عشر ألف درهم، إلا صفية وجويرية، فرض لكل واحدة منهما ستة آلاف درهم). رواه معمر بن راشد في جامعه.
وسماع إبراهيم بن عبد الرحمن من عمر مختلف فيه، وقد أثبته يعقوب بن شيبة وغيره، وروي عنه أنه رأى تحريق بيت رويشد الثقفي زمان عمر.
- وقال وكيع بن الجراح: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: «فرض عمر لأهل بدر غريبهم ومولاهم في خمسة آلاف خمسة آلاف»، وقال: «لأفضلنَّهم على من سواهم». رواه ابن أبي شيبة.

4: بعث المعلّمين إلى الأمصار
كان عمر من أعلم الصحابة وأفقههم في دين الله، وكان جلساؤه القراء العلماء، وكان يبعث البعوث إلى الأمصار لتعليم القرآن؛ فبعث إلى العراق عشرة معلمين من علماء الصحابة، فيهم ابن مسعود، وعمار بن ياسر، وأبو موسى الأشعري، وقرظة بن كعب الخزرجي، ومجمّع بن جارية الأوسي، وعمران بن الحصين، وعبد الله بن مغفّل المزني، وغيرهم.
وبعث عبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء إلى الشام وأمرهم أن يبدؤا بحمص فيعلّموا فيها حتى يرضوا؛ ثم ينتقل معاذ إلى فلسطين، وأبو الدرداء إلى دمشق، ويبقى عبادة في حمص؛ ففعلوا ما أمرهم به، ونفع الله بهم خلقاً كثيراً.
وبعث معلمين إلى مكة والبحرين وعمان واليمن ومصر، والمدائن، وبقي في المدينة جماعة من علماء الصحابة يقرئون الناس القرآن ويفقّهونهم في الدين؛ فانتشر العلماء في بلدان الإسلام انتشاراً عظيماً مباركاً.
وهمّ عمر أن يكتب السنة، ورُوي أنه استخار في كتابتها شهراً لكنّه خشي أن يشتغل الناس بها عن القرآن.
وكان عمر رجلاً ملهماً محدَّثاً، وعدلاً حازماً، مهيب الجناب، وكان شديداً على من يتكلم في القرآن بغير علم، وقد اشتهر ضربه لصبيغ التميمي لما كان يتكلف المسائل في القرآن؛ حتى جعله عبرة لغيره، وانتفع صبيغ بهذا التأديب فقد عصمه الله به من فتنة الخوارج لما حدثت بعد؛ فإنه قيل له: ألا تخرج معهم.
قال: هيهات، نفعني الله بموعظة الرجل الصالح.
- وقال قبيصة بن عقبة: أخبرنا سفيان، عن معمر، عن الزهري قال: أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن، فاستخار الله شهراً، ثم أصبح وقد عزم له، فقال: «ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله». رواه ابن سعد.
- وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن حارثة بن مضرب العبدي قال: قرئ علينا كتاب عمر ههنا [يريد بالكوفة]: «إني بعثتُ إليكم عمارا أميراً، وبعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر فاسمعوا لهما وأطيعوا، وآثرتكم بابن أم عبد على نفسي، وجعلته على بيت مالكم». رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة في المصنف.
- وقال الحسن البصري: (كان عبد الله بن مغفل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر يفقهون الناس، وكان من نقباء أصحابه، وكان له سبعة أولاد). ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب.

همّه بكتابة السنن:
تقدّم في سيرة أبي بكر الصديق أن عمر بن الخطاب هو الذي أشار عليه بجمع القرآن في مصحف واحد، ثمّ لما ولي عمر الخلافة همّ بكتابة السنن وجمعها في كتاب واحد؛ فاستشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخار في ذلك شهراً ثمّ أصبح يوماً وقد عزم على ترك كتابتها.
- قال معمر عن الزهري، عن عروة، أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن، فاستشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق يستخير الله فيها شهراً، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال: «إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً، فأكبّوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً» رواه معمر بن راشد في جامعه، ومن طريقه البيهقي في المدخل إلى السنن، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال أبو اليمان الحكم بن نافع: أخبرني شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنن فاستشار فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه؛ فأشار عليه عامّتهم بذلك؛ فلبث عمرُ شهراً يستخير الله في ذلك، شاكّاً فيه، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له؛ فقال: «إني قد كنتُ ذكرتُ لكم من كتاب السنن ما قد علمتم، ثم تذكّرت فإذا أناسٌ من أهل الكتاب قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتباً فأكبّوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً» فترك كتاب السنن». رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم، وروى نحوه من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب به.
وعروة وإن لم يدرك السماع من عمر بن الخطاب إلا أن له عناية بالسير والأخبار وهو مقدّم فيها، مع قيام الاحتمال القوي بكونه سمع ذلك من بعض الصحابة الذين استشارهم عمر أو شهدوا ذلك الأمر، ويشهد له مرسل يحيى بن جعدة.
- وقال سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنة، ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب في الأمصار: (من كان عنده شيء من ذلك فليمْحُه). رواه أبو خيثمة في كتاب العلم، والخطيب البغدادي في تقييد العلم، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال عبد الله بن العلاء بن زبر: سألت القاسم يملي عليَّ أحاديث؛ فقال: إنّ الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب؛ فقام عمر على المنبر؛ فأنشد الناس أن يأتوه بها؛ فلما أتوه بها أمر بتحريقها، ثم قال: (مثناة كمثناة أهل الكتاب!!)
قال: (فمنعني القاسم يومئذ أن أكتب حديثاً). رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق.

حزمه في التعليم وتعظيمه القرآن والسنة:
كان عمر رضي الله عنه من أقرب الصحابة إلى إدراك مقاصد القرآن وفهم مراد الله تعالى، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، بما علّمه الله تعالى وفهّمه، وبما سدّده وألهمه، ورزقه من الخشية والاستقامة والقوّة في دين الله، فكان حازماً في التأديب على القول في التفسير بغير علم، وعلى السؤال عنه سؤال تنطّع وتكلّف، وقصّته مع صبيغ بن عسل التميمي معروفة مشتهرة، مروية من طرق متعددة:
- منها: ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد أنه قال: أُتى إلى عمر بن الخطاب، فقالوا: يا أمير المؤمنين! إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل القرآن.
فقال: اللهم أمكني منه.
قال: فبينا عمر ذات يوم جالس يغدّي الناس إذ جاءه وعليه ثياب وعمامة، فغداه، ثم إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين، {والذاريات ذروا فالحاملات وقرا}؟
قال عمر: أنت هو؟ فمال إليه وحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، ثم قال: احملوه حتى تقدموه بلاده، ثم ليقم خطيباً ثم ليقل: إنَّ صبيغاً ابتغى العلم فأخطأ، فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك، وكان سيد قومه.
- ومنها: ما أخرجه الدارمي من طريق يزيد بن حازم، عن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة؛ فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر رضي الله عنه وقد أعدَّ له عراجين النخل، فقال: من أنت؟
قال: أنا عبد الله صبيغ.
فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين، فضربه وقال: (أنا عبد الله عمر) فجعل له ضرباً حتى دمي رأسه.
فقال: (يا أمير المؤمنين! حسبك، قد ذهب الذي كنتُ أجد في رأسي).
وقد انتفع صُبيغ بهذا التأديب؛ وعصمه الله به من فتنة الخوارج التي حدثت في عهد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
- قال معمر بن راشد: خرجت الحرورية، فقيل لصبيغ: إنه قد خرج قوم يقولون كذا وكذا، قال: (هيهات قد نفعني الله بموعظة الرجل الصالح).
- وقال إبراهيم النخعي عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفات فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلبه؛ فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل.
فقال: ومن هو ويحك؟ قال: عبد الله بن مسعود. فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب، حتى عاد إلى حاله التي كان عليها). رواه أحمد.
وذلك أنّه خشي أن يتصدّى لذلك من ليس له بأهل؛ فلمّا علم أنّه ابن مسعود سكن جأشه؛ لأن ابن مسعود كان من المعلّمين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- وقال مجالد عن الشعبي عن قرظة بن كعب الأنصاري رضي الله عنه قال: بعثني عمر رضي الله عنه إلى أهل الكوفة في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والأنصار فمشى معنا حتى بلغ مكانا قد سماه ثم قال: (هل تدرون لم مشيت معكم؟)
قالوا: لحقّ صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق الأنصار.
قال: (لا، ولكن مشيت معكم لحديث أردت أن أحدّثكموه؛ فأردت أن تحفظوه لممشاي معكم، إنكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم دويّ كدويّ النحل؛ فإذا رأوكم مدُّوا إليكم أعناقهم، وقالوا: أصحاب محمد؛ فأقلّوا الحديثَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا شريككم). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة من طريق عبيد الله بن عمر القواريري: أخبرنا حماد بن زيد عن مجالد به، ورواه ابن قانع من طريق شعبة عن بيان عن الشعبي، عن قرظة بن كعب قال: شيَّع عمرُ الأنصارَ وقال: «إنكم تأتون أرضا أو قوما ألسنتهم بالقرآن، فلا تصدوهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم؛ فلم أحدّث بشيء بعد، ولقد سمعت كما سمع أصحابي»
- وقال عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كنت بالبحرين، فسألونى عما قذف البحر.
قال: فأفتيتهم أن يأكلوا؛ فلما قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكرت ذلك له، فقال لي: بم أفتيتهم؟
قال: قلت: أفتيتهم أن يأكلوا؟
قال: لو أفتيتهم بغير ذلك لعلوتك بالدرة!
قال: ثم قال [عمر]: إن الله تعالى قال في كتابه:"أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم"، فصيده، ما صيد منه وطعامه، ما قذف). رواه ابن جرير.
وكان الصحابة والتابعون رضي الله عنهم يعرفون لعمر علمه وحزمه وعدله، فكانوا يتعلمون منه، ويحبّونه ، ويهابونه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 02-03-2023, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين





سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين

عبد العزيز الداخل





2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ)


5: التأريخ بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم
رُوي في نشأة التاريخ الهجري آثار يعضد بعضها بعضاً، وتجتمع على أنّ أوّل من أرّخ التأريخ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن عمر استشار الصحابة في ذلك، وأما ما روي من أنّ أوّل من أرّخ الكتب يعلى بن أمية رضي الله عنه؛ فذلك في تأريخ ما كان يبعث به من الرسائل، ولم يوقف على أنّه كان يؤرّخ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان يعلى بن أميّة من ولاة عمر في اليمن.
- قال مجالد بن سعيد، عن الشعبي قال: كتب أبو موسى إلى عمر: إنه يأتينا كتب ما نعرف تأريخها فأرخ؛ فاستشار أصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: أرخ لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: أرخ لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال عمر: «أرخ لمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّ مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين الحق والباطل؛ فأرخ». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال عبد العزيز بن محمد الدراوردي: أخبرني عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: (جمع عمر رضي الله عنه المهاجرين والأنصار).
فقال: متى نكتب التاريخ؟
فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: منذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الشرك، يعني يوم هاجر؛ فكتب ذلك عمر رضي الله عنه). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة واللفظ له، والحاكم في المستدرك.
- وقال محمد بن عمر الواقدي: حدثنا ابن أبي سبرة، عن عثمان بن عبد الله بن رافع، عن ابن المسيب قال: (أوّل من كتب التاريخ عمر لسنتين ونصف من خلافته، فكتب لست عشرة من الهجرة بمشورة من علي بن أبي طالب). رواه حنبل بن إسحاق كما في مسند الفاروق لابن كثير، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق، لكن الواقدي متروك الحديث.
- وقال وهب بن جرير: حدثنا قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين قال: كان عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه عامل جاء من اليمن؛ فقال لعمر رضي الله عنه: أما تؤرخون؟ تكتبون: في سنة كذا وكذا من شهر كذا وكذا؟
فأراد عمر رضي الله عنه والناس أن يكتبوا من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قالوا: من عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أرادوا أن يكون ذلك من عند الهجرة.
ثم قالوا: من أي شهر؟ فأرادوه أن يكون من رمضان، ثم بدا لهم فقالوا: من المحرم). رواه عمر بن شبة.
- وقال خالد بن حيان الرقي: حدثنا فرات بن سليمان، عن ميمون بن مهران قال: وقع إلى عمر رضي الله تعالى عنه صكٌّ محلّه في شعبان؛ فقال عمر: أي شعبان؟ هذا الذي مضى أو الذي هو آت أو الذي نحن فيه؟
ثم جمع أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال لهم: ضعوا للناس شيئاً يعرفونه؛ فقال قائل: اكتبوا على تاريخ الروم؛ فقيل: إنه يطول، وإنهم يكتبون من عدد ذي القرنين.
وقال قائل: اكتبوا على تاريخ فارس؛ فقيل: إنَّ الفرسَ كلَّما قام ملك طرح ما كان قبله.
قال: (فاجتمع رأيهم أن ينظروا كم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فوجدوه أقام بها عشر سنين؛ فكتب التاريخ على هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن عساكر.
وميمون بن مهران لم يدرك عمر.
- وقال عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد قال: (ما عدّوا من مبعث رسول الله صلى الله عليه، ولا من وفاته، ولا عدّوا إلا من مقدمه المدينة). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- قال روح بن عبادة: حدثنا زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينارٍ قال: (إنَّ أوَّل من أرخ الكتب يعلى بن أمية باليمن، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في ربيع الأول، وإن الناس أرخوا لأوَّل السنة).رواه الحاكم في المستدرك، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
وهذا محمول على ما تقدّم من أنّه كان يؤرّخ كتبه على تأريخ لم ينقل لنا، ثم إن التأريخ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر به عمر بعد استشارة الصحابة رضي الله عنهم، وجرى العمل عليه إلى اليوم؛ فيرجى لعمر بن الخطاب بذلك أجرٌ في كلّ ما كان في تاريخه نفع عام أو خاص لكل مسلم؛ لأنه هو الذي سنّ التأريخ للمسلمين.

6: جمع الناس في قيام رمضان خلف إمام واحد
صلى النبي صلى الله عليه وسلم قيام رمضان ليلتين أو ثلاث ليال ثم انقطع عنهم خشية أن يفرض عليهم، فكان الناس في بقية زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر، وصدر خلافة عمر يقومون الليل فرادى وجماعات متفرّقة ، يصلي الرجل والرجلان والثلاثة والجماعة اليسيرة.
فلما كان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جمعهم في جماعة واحدة؛ وأمر أبيّ بن كعب وتميماً الداري بإمامتهم، وجعل للنساء جماعة وجعل على إمامتهن سليمان بن أبي حثمة، وكان رجلاً أعمى.
وبعث عبد الله بن السائب المخزومي إلى مكة ليؤمّ الناس في قيام رمضان في المسجد الحرام، ويعلّمهم القرآن، ويفقّههم في الدين؛ وهو من طبقة صغار الصحابة رضي الله عنهم، وكان قارئاً حسن القراءة، قرأ على أبيّ بن كعب؛ فكان يصلي بهم خلف المقام، وبقي على إمامتهم حتى توفي زمن ابن الزبير.
- قال ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب، في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل ويصلي بصلاته الرهط.
فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل؛ فجمعهم على أبيّ بن كعب.
قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم؛ فقال: (نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون). يعني آخر الليل.
قال: (وكان الناس يقومون أوله). رواه مالك في الموطأ.
- وقال حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة، أن عمر رضي الله عنه دخل المسجد ليلة في رمضان والناس قد اجتمعوا، فقيل: اجتمعوا للصلاة؛ فقال: بدعة، ونعمت البدعة، ثم قال لأبيٍّ رضي الله عنه: (صلّ بالرجال في هذه الناحية) وقال لسليمان بن أبي حثمة: (صلّ بالنساء في هذه الناحية). رواه ابن شبّة في تاريخ المدينة.
- وقال محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد؛ أنه قال: أمر عمرُ بن الخطاب أبيَّ بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة.
قال: (وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر).رواه مالك في الموطأ وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، والبيهقي في السنن الكبرى.
ورواه عبد الرزاق في المصنف من طريق داوود بن قيس وغيره [هكذا] عن محمد بن يوسف به لكنه قال ( على إحدى وعشرين ركعة ).
- وقال سفيان الثوري عن هشام بن عروة، عن أبيه أن سليمان بن أبي حثمة كان يؤم النساء في عهد عمر في شهر رمضان). رواه ابن سعد.
- وقال ابن سعد: (كان رجلاً على عهد عمر بن الخطاب، وأمره عمر أن يؤم النساء).
- وقال معمر عن أيوب عن محمد بن سيرين قال كان أبيّ يقوم للناس على عهد عمر في رمضان، فإذا كان النصف جهر بالقنوت بعد الركعة، فإذا تمّت عشرون ليلة انصرف إلى أهله، وقام للناس أبو حليمة معاذ القارئ، وجهر بالقنوت في العشر الأواخر حتى كانوا مما يسمعونه يقول: اللهم قحط المطر، فيقولون: آمين، فيقول: ما أسرع ما تقولون آمين، دعوني حتى أدعو). رواه عبد الرزاق.
- قال ابن سعد: (وهو أوّل من سنَّ قيام شهر رمضان، وجمع الناس على ذلك، وكتب به إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة، وجعل للناس بالمدينة قارئين: قارئاً يصلي بالرجال، وقارئاً يصلي بالنساء).

7: إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب
كان من أجلّ أعمال عمر بن الخطاب رضي الله عنها التي كان سبباً في حفظ الدين، وعزّته، وكبت المنافقين، إجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب؛ فقطع بذلك دابرهم، وأمن الناس مكرهم ودسائسهم، وتسلل المنافقين إليهم ليكيدوا الإسلام وأهله؛ فكان في خروجهم عافية عظيمة للمسلمين.
وكان عمر قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم عزمه على إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلما كانت خلافته قام عمر بما عزم عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: أخبرني عمر بن الخطاب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً». رواه أحمد، ومسلم، وأبو داوود، والترمذي، وغيرهم.
- وقال ابن جريج أيضاً: حدثني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بها، على أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نقركم بها على ذلك ما شئنا».
قال: (فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء). رواه مسلم.
- وقال ابن إسحاق: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، قال: خرجت أنا والزبير والمقداد بن الأسود إلى أموالنا بخيبر نتعاهدها، فلما قدمناها تفرقنا في أموالنا، قال: فعُدي عليَّ تحت الليل، وأنا نائم على فراشي، ففُدعت يداي من مرفقيّ، فلما أصبحت استصرخ عليَّ صاحباي، فأتياني، فسألاني عمن صنع هذا بك؟
قلت: لا أدري.
قال: فأصلحا من يديّ، ثم قدموا بي على عمر؛ فقال: (هذا عمل يهود).
ثم قام في الناس خطيباً، فقال: (أيها الناس! إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامَلَ يهودَ خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا، وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما بلغكم، مع عَدْوَتهم على الأنصاريّ قبله، لا نشكّ أنهم أصحابهم، ليس لنا هناك عدو غيرهم، فمن كان له مال بخيبر فليلحق به فإني مخرج يهود).
قال: (فأخرجهم). رواه أحمد في المسند.
- وقال مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لما فدع أهل خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيباً، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: «نقركم ما أقركم الله» وإنّ عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فلما أجمع عمر على ذلك أتاه أحد بني أبي الحقيق، فقال: يا أمير المؤمنين! أتخرجنا وقد أقرنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعاملنا على الأموال وشرط ذلك لنا.
فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة؟!»
فقال: كانت هذه هزيلة من أبي القاسم!
قال: (كذبت يا عدو الله).
قال: (فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالاً وإبلاً وعروضاً من أقتاب وحبال وغير ذلك). رواه البخاري.
- وقال حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلَ أهل خيبر حتى أجلاهم إلى قصرهم؛ فغلب على الأرض والزرع والنخل؛ فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة وهي السلاح، ويخرجون منها، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون للقيام عليها؛ فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر على أنَّ لهم الشطر من كل زرع ونخل ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غالوا في المسلمين وغشوهم، ورموا ابن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه؛ فقال عمر رضي الله عنه: (من كان له سهم من خيبر فليخرص حتى يقسمها بينهم).
فقال رئيسهم: لا تخرجنا، ودعنا نكون فيها كما أقرّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال عمر لرئيسهم: أتراه سقط عني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لك: ((كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يوماً، ثم يوماً، ثم يوماً). رواه أبو جعفر الطحاوي.
- وقال وكيع: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد قال: كان أهل نجران قد بلغوا أربعين ألفاً.
قال: وكان عمر يخافهم أن يميلوا على المسلمين؛ فتحاسدوا بينهم.
قال: فأتوا عمر؛ فقالوا: (إنا قد تحاسدنا بيننا فأجلنا).
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتب لهم كتاباً أن لا يجلوا.
قال: (فاغتنمها عمر فأجلاهم؛ فندموا فأتوه فقالوا أقلنا؛ فأبى أن يقيلهم؛ فلما قدم عليّ أتوه؛ فقالوا: إنا نسألك بخطّ يمينك وشفاعتك عند نبيك إلا أقلتنا؛ فأبى وقال: (ويحكم! إنَّ عمر كان رشيد الأمر).
قال سالم: (فكانوا يرون أن علياً لو كان طاعنا على عمر في شيء من أمره طعن عليه في أهل نجران). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والفاكهي في أخبار مكة.
- وقال ابن سعد: (وهو أخرج اليهود من الحجاز وأجلاهم من جزيرة العرب إلى الشام، وأخرج أهل نجران، وأنزلهم ناحية الكوفة).

8: إقامة العدل، ومواساة رعيّته بنفسه
من أشهر صفات عمر رضي الله عنه عدله الذي عرف به، حتى ضرب به المثل في العدل؛ فكان حريصاً على إعطاء كلّ ذي حقّ حقَّه، وكان يواسي رعيّته بنفسه، ويتفقد أحوالهم، ويعس في الليل بنفسه، ويقوم على مصالحهم، وينشر العلم، ويبعث البعوث للجهاد والتعليم والصدقات؛ حتى فتح الله عليه البلدان، وانتشر العلم، واستيسر الناس، وكان لا يحابي أحداً من أهل بيته ولا من قرابته ولا يستأثر لنفسه ولا لهم شيئاً دون المسلمين.
- قال إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما أنا أمشي مع عمر رضي الله عنه ذات يوم وهو يضرب وحشي قدمه بالدرة، تنفس تنفسة ظننت أنها قد قضّت أضلاعه، فقلت: سبحان الله! وما أخرج هذا منك يا أمير المؤمنين إلا أمر عظيم!
قال: (ويحك يا ابن عباس! والله ما أدري كيف أصنع بأمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟).
قلت: والله إنك بحمد الله لقادر على أن تصنع ذاك منها في البقية.
قال: (إنه والله يا ابن عباس ما يصلح لهذا الأمر إلا القوي في غير عنف، اللين في غير ضعف، الجواد في غير سرف، الممسك في غير بخل).
يقول ابن عباس: «والله ما أعرفه غير عمر». رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة.
- وقال حماد بن سلمة، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن الربيع بن زياد الحارثي أنه وفد إلى عمر بن الخطاب فأعجبته هيئته ونحوه، فشكا عمر طعاماً غليظاً أكله، فقال الربيع: يا أمير المؤمنين! إنَّ أحق الناس بطعام لين، ومركب لين، وملبس لين لأنت.
فرفع عمر جريدة معه فضرب بها رأسه، وقال: (أما والله ما أراك أردت بها الله، وما أردت بها إلا مقاربتي، إن كنت لأحسب أن فيك، ويحك هل تدري ما مثلي ومثل هؤلاء؟
قال: وما مثلك ومثلهم؟
قال: (مثل قوم سافروا فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منهم، فقالوا له: أنفق علينا، فهل يحل له أن يستأثر منها بشيء؟)
قال: لا يا أمير المؤمنين.
قال: فكذلك مثلي ومثلهم.
ثم قال عمر: « إني لم أستعمل عليكم عمالي ليضربوا أبشاركم، وليشتموا أعراضكم، ويأخذوا أموالكم، ولكني استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم، وسنة نبيكم، فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علي، ليرفعها إلي حتى أقصّه منه».
فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين! أرأيتَ إن أدّب أميرٌ رجلاً من رعيته، أتقصّه منه؟
فقال عمر: « وما لي لا أقصّه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه؟!». رواه ابن سعد في الطبقات، وروى عمر بن شبة بعضه في تاريخ المدينة.
- وقال حماد بن سلمة: أخبرنا حميد، عن أنس بن مالك أن الهرمزان رأى عمر بن الخطاب مضطجعاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «هذا والله الملك الهنيء». رواه ابن سعد.
- وقال عبيد الله بن عمر العمري، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: تقرقرَ بطن عمر بن الخطاب، وكان يأكل الزيت عام الرمادة، وكان حرم عليه السمن، فنقر بطنه بإصبعه قال: « تَقَرْقَرْ تَقَرْقُرَكَ، إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس». رواه ابن سعد.
- وقال محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: أصاب الناس عام سنة، فغلا فيها السمن، وكان عمر يأكله، فلما قل قال: «لا آكله حتى يأكله الناس».
فكان يأكل الزيت، فقال: «يا أسلم، اكسر عني حره بالنار» ، فكنت أطبخه له فيأكله؛ فيتقرقر بطنه عنه؛ فيقول: «تقرقر، لا والله لا تأكله حتى يأكله الناس». رواه ابن سعد.
- وقال الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: قال عمر رضي الله عنه: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتنة؟
قال: قلت: أنا أحفظه كما قال.
قال: إنك عليه لجريء! فكيف؟
قال: قلت: (فتنة الرجل في أهله، وولده، وجاره، تكفرها الصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر).
قال: ليس هذه أريد، ولكني أريد التي تموج كموج البحر.
قال: قلت: ليس عليك بها يا أمير المؤمنين بأس، بينك وبينها باب مغلق.
قال: فيكسر الباب أو يفتح؟
قال: قلت: لا بل يكسر.
قال: فإنه إذا كسر لم يغلق أبداً.
قال: قلت: أجل.
فهبنا أن نسأله من الباب؛ فقلنا لمسروق: سله، قال: فسأله، فقال: عمر رضي الله عنه.
قال: قلنا: فعلم عمر من تعني؟
قال: (نعم، كما أنَّ دون غدٍ ليلة، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط). رواه البخاري في صحيحه.
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (عدل عمر كان أتمَّ من عدل مَن وَلي بعده، وعلمه كان أتمَّ من علم من ولي بعده، وأما التفاوت بين سيرة عمر وسيرة من ولي بعده؛ فأمر قد عرفته العامة والخاصة؛ فإنها أعمال ظاهرة، وسيرة بيّنة، يظهر لعمر فيها من حسن النية، وقصد العدل، وعدم الغرض، وقمع الهوى ما لا يظهر من غيره).



تتمة:
- قال ابن سعد: (ووضع عمر في طريق السبل ما بين مكة والمدينة ما يصلح من ينقطع به ويحمل من ماء إلى ماء، وهدم عمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيه، وأدخل دار العباس بن عبد المطلب فيما زاد، ووسعه وبناه لما كثر الناس بالمدينة).
- وقال: (واستعمل عمر على الحج بالناس أوَّل سنة استخلف وهي سنة ثلاث عشرة عبد الرحمن بن عوف فحج بالناس تلك السنة، ثم لم يزل عمر بن الخطاب يحج بالناس في كل سنة خلافته كلها، فحج بهم عشر سنين ولاء، وحج بأزواج النبي عليه السلام في آخر حجة حجها بالناس سنة ثلاث وعشرين، واعتمر عمر في خلافته ثلاث مرات، عمرة في رجب سنة سبع عشرة، وعمرة في رجب سنة إحدى وعشرين، وعمرة في رجب سنة اثنتين وعشرين، وهو أخَّر المقام إلى موضعه اليوم، وكان ملصقاً بالبيت).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 221.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 214.99 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]