|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
لماذا يقدر الله حصول الشر؟ (زلزال تركيا وسوريا - 6 فبراير 2023 م)
لماذا يقدر الله حصول الشر؟ (زلزال تركيا وسوريا - 6 فبراير 2023 م) نجلاء جبروني كثیرًا ما يطرحُ هذا السؤالُ نفسَه على عقولِ بعضِ الناس؛ لماذا يُقدِّر اللهُ حصولَ الشَّرِّ: جرائم القتل، انتشار الظلم، وقوع الحوادث، كثرة الزلازل؟ أليسَ اللهُ بقادرٍ على منْعِ ذلك؟ اللهُ عز وجل هو خالقُ هذا الكون ومدبِّرُ أمرِه، يُدَبِّرُ ما شاء كيفما شاء، لا يَحدثُ شيءٌ في هذا الكون إلا بأمرِ الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، والإيمان بالقَدَر من أركان الإيمان ((وتُؤْمِن بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ))[1]، واللهُ قدَّرَ وجودَ الخيرِ والشَّرِّ لحكمة؛ والحكمة: هي وضْعُ الشيءِ في موضعِه الموافقِ للغاياتِ المحمودةِ منه، فهو الحكيمُ سبحانَه؛ حكيمٌ في خلقِه وفي أمْرِه وشرعِه. فمِن حكمة الله تعالى في تقدير هذه الكوارث والمصائب: • أنها تخويفٌ للعباد ليتوبوا ويُراجِعوا أنفسَهم وأحوالَهم مع الله ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]. • وأنَّ هذه الكوارث والحوادث إنَّما تحصل بسبب الذنوب والمعاصي ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، ولمَّا "تزلزلت الأرض على عهد عمر رضي الله عنه، فقال: "يا أيها الناس، ما كانت هذه الزلزلة إلا عن شيء أحدثتموه، والذي نفسي بيده إن عادت لا أساكنكم فيها أبدًا"[2]. فالواجب عند حصول هذه الزلازل والكوارث الرجوع إلى الله بالتوبة والإكثار من الاستغفار والدعاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم(فإذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ))[3]. • وبهذه البلايا والمِحَن يستخرج اللهُ عز وجل من قلوبِ عبادِه أنواعًا وأنواعًا من العبودية: من الصبر والرِّضا، والتوكُّل على الله، والافتقار إليه، والانكسار بين يديه، وحسن الظن به، والدعاء والاحتساب، والحمد والشكر، والتوبة والإنابة، والخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، والاستعانة به والاستغاثة، وغير ذلك من أنواع العبادة. • تأتي المصائبُ فتوقظ الغافلَ من غفلتِه، وتُنَبِّه الغارقَ في شهوتِه: (ويحك! ارْجِعْ إلى ربِّك، تُبْ إلى مولاك، قبل أن يعمَّ الجميعَ الهلاك ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]. • تظهرُ وقتَ الشدائدِ عقيدةُ الولاء والبراء ومعاني الموالاة والمواساة والتراحم والتكافل بين المؤمنين، ((أوثقُ عُرَى الإيمانِ: الموالاةُ في اللهِ، والمُعاداةُ في اللهِ، والحبُّ في اللهِ، والبُغْضُ في اللهِ عزَّ وجلَّ))[4]، ((مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى))[5]. فسبحانه، خَلَقَ الشر، ولكن لا يفعل الشر، فتقديرُ اللهِ عز وجل كلُّه خير وإن بدا في نظر البعض شرًّا، ((لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ))[6]. فسبحان مَنْ خَلَقَ فسوَّى، وقدَّرَ فهَدَى، قدَّرَ أن تكون هذه الحياة دار بلاء؛ اختبارًا وامتحانًا، ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35]. والمؤمنُ بين هذا وذاك في خير؛ يجمعُ بين الشكر عند النعمة والصبر عند المصيبة، ((عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له))[7]. [1] صحيح مسلم (8). [2] رواه ابن أبي شيبة في المصنف (2 /473)، والبيهقي في سننه (3 /342)، وإسناده صحيح. [3] صحيح البخاري (1059). [4] صحيح الجامع (2539). [5] صحيح مسلم (2586). [6] صحيح مسلم (771). [7] صحيح مسلم (2999).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |