عدل النبي صلى الله عليه وسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28425 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60031 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 819 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-03-2023, 02:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي عدل النبي صلى الله عليه وسلم

عدل النبي صلى الله عليه وسلم
محمد حامد موسى

إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم القصاص من نفسه:
قصة أسيد بن حضير:
عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال: ((كان أُسَيدُ بن حُضير رجلًا صالحًا، ضاحكًا مليحًا - أي: وكان في أسيد خفة ظل - فبينما هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث القوم ويضحكهم - أي: بينما هم في حال ضحكهم من مزاح أسيد - فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعودٍ - أي: ضربه النبي صلى الله عليه وسلم أسفل جنبه بعصًا كانت في يده، وكان ذلك على سبيل المزاح منه صلى الله عليه وسلم - فقال: أوجعتني، أصبرني - أي: مكِّنِّي من القِصاص من نفسك، كما ضربتني أضربك، وهذا هو الشرع الذي يُطبَّق على الأمير والرعية، وإنما قال أسيد ذلك طمعًا في الاقتراب من النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به - فقال: اصطبر، اقتص - أي: خذ حقك في القصاص واضربني - قال: يا رسول الله، إن عليك قميصًا، وليس عليَّ قميص - أي: يريد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكشف ثيابه عن موضع الضرب، كما كان الحال مع أسيد حين طعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتساوي في القصاص يقتضي المماثلة في كل شيء، فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه - قال: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه، فاحتضنه، ثم جعل يقبِّل كَشْحَه - أي: احتضن أسيد بن حضير رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وقبَّل ما ظهر من بطنه وجنبه فيما بين الضلوع إلى أسفلها من جهة الجنب - فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إنما أردت هذا يا رسول الله - أي: ما أردت القصاص منك يا رسول الله، ولكنني أردت أن أقبِّل جلدك وأحتضنك))[1].

قصة سواد بن غزية:
عن حبان بن واسع، عن أشياخ من قومه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قِدْحٌ - قطعة من الخشب تعرض قليلًا وتسوى - يُعدِّل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بني عدي بن النجار - الحليف: المتعاهد والمتعاقد على التعاضد والتساعد والاتفاق - قال: وهو مُسْتَنْتِلٌ - أي: خارج أو متقدم - من الصف، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه، وقال: استوِ يا سواد، فقال: يا رسول الله، أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقْدِني - أي اقتص لي من نفسك - قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استَقِدْ - أي: اقتص - قال: يا رسول الله، إنك طعنتني وليس عليَّ قميص، قال: فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: استقد، قال: فاعتنقه – احتضنه - وقبَّل بطنه، فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله، حضرني ما ترى - يعني من القتال - ولم آمَنِ القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير، وقاله له؛ أي وقال له: استوِ يا سواد))[2].

إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم القصاص من غيره:
عن أنس بن مالك، ((أن الربيع بنت النضر، عمته، لطمت جارية من الأنصار؛ فكسرت ثَنِيَّتها - الثنية مقدم الأسنان - فطلبوا إليها العفو فأبوا، فعرضوا الأَرْشَ - أي: دِيَة الجراحة أو الأطراف - فأبَوا، فأتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبَوا إلا القصاص، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر، عم أنس بن مالك، فقال: يا رسول الله، أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها - ليس معناه رد حكم النبي صلى الله عليه وسلم، بل المراد به الرغبة إلى مستحق القصاص أن يعفوَ، وإلى النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة إليهم في العفو، وإنما حلف ثقةً بهم ألَّا يحنثوه، أو ثقةً بفضل الله ولطفه ألَّا يحنثه، بل يلهمهم العفو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس، كتاب الله القصاص - أي حكم كتاب الله وجوب القصاص؛ وهو أن تكسر السن مقابل السن - فرضِيَ القوم - أي: أولياء المرأة المجني عليها - وقبِلوا الأرش، فعجب نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه؛ يعني: حلف يمينًا طمعًا في كرم الله تعالى، لأبره الله في قسمه، فصدقه وحقق رغبته))[3].

إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم بعضَ أصحابه العِوَضَ عن خطأ أحد عماله:
فعن عائشة؛ ((أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم بن حذيفة مُصدِّقًا - أي: أرسله صلى الله عليه وسلم لجمع الصدقات وأخذها - فَلَاجَّهُ - أي: نازعه وخاصمه - رجل في صدقته، فضربه أبو جهم، فشجَّه - أي: جرحه في رأسه - فأتَوا - أي: أهل الرجل الذي ضربه أبو جهم - النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: القود يا رسول الله - أي: يريدون القصاص لصاحبهم من أبي جهم - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لكم كذا وكذا - أي: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعوِّضهم بالمال على أن يعفوا - فلم يرضوا - أي: لم يوافقوا على عوض رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم؛ وذلك لأنهم استقلوا المال - فقال: لكم كذا وكذا - أي: زادهم النبي صلى الله عليه وسلم في العوض - فلم يرضوا، فقال: لكم كذا وكذا - أي: فزادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرة الثالثة - فرضوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني خاطب العشية على الناس - أي: إني سأخطب الناس في وقت العشاء - ومخبرهم برضاكم - أي: أنكم رضيتم بالعوض - فقالوا: نعم، فخطب رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء الليثيين - نسبةً إلى قبيلتهم - أتَوني يريدون القَود - أي: القصاص - فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا - أي: وافقوا على ما أعطيتهم من العوض - أرضيتم؟ قالوا: لا - أي: أنكروا ورفضوا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم - فهمَّ المهاجرون بهم - أي: أرادوا زجرهم وإيقاع التأديب عليهم؛ لإنكارهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفوا عنهم - أي: أمر المهاجرين أن يمتنعوا وينتهوا - فكفوا - أي: فاستجاب المهاجرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمره - ثم دعاهم فزادهم - أي: طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم إلى مجلسه وزادهم في العوض والمال - فقال: أرضيتم؟ فقالوا: نعم، قال: إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم، قالوا: نعم، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أرضيتم؟[4] قالوا: نعم[5])).

قصة المرأة المخزومية التي سرقت:
عن عائشة رضي الله عنها: ((أن قريشًا أهمَّهم - أي أحزنهم وأوقعهم في الهم - شأن المرأة المخزومية التي سرقت - واسمها فاطمة بنت الأسود - في غزوة الفتح - أي: يوم فتح مكة في العام الثامن من الهجرة - وكانت تستعير الحلي على ألسنة جاراتها - المعنى: أن تلك المرأة تأتي إلى بيوت الناس، فتستعير المتاع منهم، مدعيةً أن إحدى جاراتها أرسلتها، تستعير لها - فتجحده - أي: تنكر كونها استعارت ذلك المتاع - فباعته وأخذت ثمنه، فأُتيَ بها النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بقطع يدها، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - أي يشفع عنده فيها ألَّا تُقطَع إما عفوًا وإما بفداء - فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حِبُّ - بمعنى محبوب - رسول الله صلى الله عليه وسلم - والمعنى لا يجترئ عليه أحد لمهابته، لكن أسامة له عليه إدلال؛ فهو يجسر على ذلك - ففزع قومها - أي: التجؤوا وذهبوا - إلى أسامة بن زيد يستشفعونه - أي: يطلبون منه أن يشفع عند النبي صلى الله عليه وسلم ألَّا يقطع يدها - قال عروة: فلما كلمه أسامة فيها، تلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني: ظهر على وجهه علامات الغضب - فقال: أتكلمني في حد من حدود الله؟ أتشفع في حد من حدود الله؟ قال أسامة: استغفر لي يا رسول الله - يعني: ذنبَ تشفُّعي فيما لا علم لي به - فلما كان العشي - آخر النهار - قام رسول الله خطيبًا، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد: فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف - الذي له شأن في قومه بسبب مال أو نسب أو عشيرة - تركوه - لم يقيموا عليه الحد؛ لوجاهته وشرفه - وإذا سرق فيهم الضعيف - من ليس له عشيرة أو وجاهة في قومه - أقاموا عليه الحد))، وفي رواية: ((فعاذت - أي استجارت - بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - لأنها قريبتها، وكانت أم سلمة زوجةً لعمها، أبي سلمة - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها - إنما خص صلى الله عليه وسلم فاطمة ابنته بالذكر؛ لأنها أعز أهله عنده، ولأنه لم يبقَ من بناته حينئذٍ غيرها، فأراد المبالغة في إثبات إقامة الحد على كل مكلَّف، وترك المحاباة في ذلك، ولأن اسم السارقة وافق اسمها، فناسب أن يضرب المثل بها - ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها، فحسُنت توبتها - استقام حالها ولم تسرق ثانيةً - بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشة: فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أخبره بما جاءت تطلب فيقضيه لها صلى الله عليه وسلم))[6].

لم يمنعه صلى الله عليه وسلم تطاول المتقاضين عنده من العدل فيهم:

قصته صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي:
عن عائشة، قالت: ((ابتاع - أي: اشترى - رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب - هو الذي يسكن الصحراء من العرب، ويتصف أكثر الأعراب بالغلظة والجفاء - جَزُورًا - الواحد من الإبل ذكرًا كان أو أنثى - أو جزائر - والجزائر جمع جزور، والمعنى أن الراوي يشك في كونه بعيرًا أو أكثر - بوَسَقٍ - الوسق: وعاء يسع ستين صاعًا، والصاع: أربعة أمداد، والمد: مقدار ما يملأ الكفين المعتدلين من الطعام - من تمر الذَّخِرَة - قيل: صوابه: الذخيرة، وهو موضع ينسب إليه التمر الجيد - وتمر الذخرة: العجوة - أي: التمر الناضج الطري - فرجع به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فالتمس له التمر - أي: طلبه وبحث عنه؛ ليدفعه لمن اشترى منه الجمل - فلم يجده، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا عبدالله، إنا قد ابتعنا منك جزورًا - أو جزائر - بوسق من تمر الذخرة، فالتمسناه، فلم نجده - أي: طلبناه وبحثنا عنه فلم نجده - قال: فقال الأعرابي: وا غَدْراه - الغدر: هو نقض العهد وعدم الوفاء، وقد فهم الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم غدر به، ولم يُرِدْ أن يوفيه حقه، ولذلك أتى بصيغة الندبة، وهى نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه - قالت: فنهمه الناس - زجروه وصاحوا به - وقالوا: قاتلك الله، أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه - أي: اتركوه - فإن لصاحب الحق مقالًا - يريد بالمقال صولة الطلب، وقوة الحجة، ولكن مع رعاية الأدب المشروع، وهذا من كمال خُلقه، وجمال شيمه، وإنصافه، وقوة صبره على جفاة الأعراب مع القدرة على الانتقام - ثم عاد له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبدالله، إنا ابتعنا منك جزائرك ونحن نظن أن عندنا ما سمينا لك - أي: اشتريته منك وأنا أظن أن التمر موجود بالبيت - فالتمسناه، فلم نجده، فقال الأعرابي: وا غدراه، فنهمه الناس، وقالوا: قاتلك الله أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالًا، فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، أو ثلاثًا، فلما رآه لا يفقه عنه - أي: لم يفهم الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم يعتذر عما وقع - قال لرجل من أصحابه: اذهب إلى خويلة بنت حكيم بن أمية، فقل لها: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: إن كان عندك وسق من تمر الذخرة، فأسلفيناه حتى نؤديه إليك إن شاء الله - أي: نرد ونوفي لك دينك حين نتحصل عليه - فذهب إليها الرجل، ثم رجع الرجل، فقال: قالت: نعم، هو عندي، بأبي أنت يا رسول الله، فابعث من يقبضه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل: اذهب به، فأوفِه الذي له - أي: حقه من وسق التمر المتفق عليه - قال: فذهب به، فأوفاه الذي له، وأطعمه - أي: أعطاه زائدًا على حقه طعمةً له - قالت: فمر الأعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه، فقال: جزاك الله خيرًا، فقد أَوفَيتَ وأطْيَبتَ - أي: أعطيتني حقي تامًّا طيبًا برضاء وطيب قلب - قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة الْمُوفُون الْمُطِيبون - أي: الذين يدفعون ما عليهم تامًّا بسماح نفس، وطيب قلب من غير كراهة ولا غضب - إنه لا قُدِّست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع - أي: من غير أن يصيبه أذًى يقلقه ويزعجه))[7].

قصته صلى الله عليه وسلم مع الأنصاري:
عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما، أن الزبير كان يحدث: ((أنه خاصم رجلًا من الأنصار قد شهد بدرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شِراجٍ من الْحَرَّة التي يسقون بها النخل - هي مجاري الماء التي يسيل منها، والتي كانوا يسقون بها النخل في منطقة الحرة بالمدينة، وهي أرض بظاهر المدينة وخارجها بها حجارة سوداء - كانا يسقيان به كلاهما - كان الماء يمر بأرض الزبير رضي الله عنه قبل أرض الأنصاري، فيحبسه الزبير لإكمال سقيِ أرضه أولًا، ثم يرسله إلى أرض جاره - فقال الأنصاري: سرح الماء - أي أرسله وسيبه - يمر، فأبى عليه - أي: امتنع عليه ولم يسرح الماء بل سكره - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: اسقِ يا زبير، فأمره بالمعروف، ثم أرسِلْ إلى جارك - أي اسقِ شيئًا يسيرًا، دون قدر حقك، ثم أرسله إلى جارك - فغضب الأنصاري، فقال: يا رسول الله، أنْ كان ابن عمتك؟ - يقصد صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنها؛ أي: حكمت له لقرابتك منه - فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم - أي: تغير وجهه صلى الله عليه وسلم من الغضب؛ لانتهاك حرمات النبوة، وقبيح كلام هذا الرجل، وكان ذلك زلةً من الأنصاري رضي الله عنه - ثم قال: اسقِ، ثم احبس الماء حتى يبلغ الجَدْرَ - وهي الحواجز التي تحبس الماء، والمعنى: حتى تبلغ تمام الشرب - فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ حقه للزبير - استوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ حقه للزبير رضي الله عنه كاملًا بحيث لم يترك من حقه شيئًا - فقال الزبير: والله إن هذه الآية أنزلت في ذلك: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي سعة له وللأنصاري - برأي فيه مسامحة وتوسيع عليهما على سبيل الصلح والمجاملة، وهو أمره للزبير أن يسقي ويأخذ بأيسر ما يكفيه من الماء، ثم يرسله إلى جاره الأنصاري - فلما أحْفَظَ – أغضب - الأنصاري رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، استوعى للزبير حقه في صريح الحكم - أي بالحكم الخالص الذي لا تنازل فيه، مثلما كان في الحالة الأولى - قال لي ابن شهاب: فقدَّرت الأنصار[8] والناس قول النبي صلى الله عليه وسلم: اسقِ، ثم احبس حتى يرجع إلى الجدر، وكان ذلك إلى الكعبين))[9].

[1] رواه الحاكم (5262)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، ورواه أبو داود (5224)، وغيرهما، باختلاف في بعض ألفاظه، وكذا الألباني في صحيح أبي داود (5224)، قال: صحيح الإسناد، وانظر في شرحه مرقاة المفاتيح (7/ 2968).

[2] القصة رواها ابن هشام (1/ 626)، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، كما قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2835).

[3] رواه البخاري (2703، 4500، 4611)، ومسلم (1675)، وأبو داود (4595)، والنسائي (4757)، وابن ماجه (2649)، وأحمد (12302، 12704)، وانظر شرح النووي (11/ 163).

[4] لعله صلى الله عليه وسلم فعل هذا وأعلن ذلك على رؤوس الأشهاد؛ لكيلا تحدثهم أنفسهم بسوء بعد أن يأخذوا المال؛ لأن من الناس من يأخذ المال بدل القود، ثم بعد ذلك يكون في نفسه شيء فيعتدي بعد أخذ المال عوضًا عن الجناية التي حصلت له، أو أراد النبي صلى الله عليه وسلم تطييب خواطرهم، واستمالتها، وكان يعطيهم ذلك المبلغ من عنده فقصد أن يحصل منهم الرضا بذلك في الباطن والاستمرار عليه، والله أعلم؛ [انظر طرح التثريب (7/ 188)].

[5]. رواه أبو داود (4534)، والنسائي (4778)، وابن ماجه (2638)، وغيرهم، وقال الألباني: صحيح؛ [انظر صحيح سنن ابن ماجه (2638)، وانظر في شرحه مرشد ذوي الحجا (15/ 342-344)].

[6] القصة رواها البخاري (2648،3475،4304، 6788، 6800)، ومسلم (1688، 1689)، والنسائي (4888، 4890، 4891، 4898، 4902، 4903)، وأبو داود (4396)، وغيرهم، عن عائشة وابن عمر وعن جابر، والمثبت هنا من مجموع تلك الروايات؛ وانظر ذخيرة العقبى (36/ 395)، وفتح الباري (12/ 93، 94)، وفتح المنعم (6/ 568- 571).

[7] رواه أحمد (26312)، وابن ماجه (2426)، وقال شعيب الأرنؤوط ومحققو المسند: إسناده حسن، وانظر حاشية المسند (14/ 399، 400)، والفتح الرباني (15/ 24، 25)، كفاية الحاجة (2/ 80)، والقصة منهما جميعًا.

[8] قدره العلماء أن يرتفع الماء في الأرض كلها حتى يبتل كعب رجل الإنسان، فلصاحب الأرض الأولى التي تلي الماء أن يحبس الماء في الأرض إلى هذا الحد، ثم يرسله إلى جاره الذي وراءه، وكان الزبير صاحب الأرض الأولى فأدل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: اسقِ ثم أرسل الماء إلى جارك؛ أي اسقِ شيئًا يسيرًا دون قدر حقك، ثم أرسله إلى جارك إدلالًا على الزبير ولعلمه بأنه يرضى بذلك، ويؤثر الإحسان إلى جاره، فلما قال الجار ما قال، أمره أن يأخذ جميع حقه؛ [شرح مسلم للنووي (15/ 108)].

[9] رواه البخاري (2359، 2362، 2708، 4585)، ومسلم (2357)، وغيرهما، والقصة منهما جميعًا، وانظر شرح مسلم للنووي (15/ 107، 108)، وعمدة القاري (12/ 200، 201)، وذخيرة العقبى (39/ 312).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.77 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]