كلمات في الوسطية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 369 - عددالزوار : 67556 )           »          منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 259 - عددالزوار : 86812 )           »          الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالعلوم الشرعية: رؤية أكاديمية متقدمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          قريش تكتفي بما تحقق لها في أحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 51 )           »          صحابة منسيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 61 )           »          اليسع وذو الكفل عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          مفهوم الاستشراق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          هل يجوز لنا أن ننظم بديلا هو كالاستثناء الخارج عن الأصل ونحث عليه ونطوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-01-2025, 05:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 146,672
الدولة : Egypt
افتراضي كلمات في الوسطية

كلمات في الوسطية ـ 1 ـ

الشيخ : مجد مكي
هذه كلماتٌ كتبتها في فترات زمنية تتصل بالوسطية ، ومنها خطبة قديمة ، خطبتها في جامع السلام بحلب ، و استفدت فيها من كتاب شيخنا مجدِّد الوسطية العلامة يوسف القرضاوي: (الخصائص العامة للإسلام)، ومنها ما استفدته مما كتبه شيخنا العلامة المفسِّر عبد الرحمن حبنكة الميداني رحمه الله تعالى في كتابه (بصائر للمسلم المعاصر)، وقد وجدت هذه الأوراق ، التي جدّد طباعتها وأحياها أخي الكريم طارق عبد الحميد قباوة، فقمت بمراجعة ما طبع منها ، وجعلتها في عدَّة حلقات ، وأسأل المولى سبحانه أن ينفع بها.
ـ 1 ـ
معاني الوسطية
خصائص الوسطية
من خصائص الإسلام أنه دين وسط ، ومن صفة هذه الأمة أنها أمة وسط.
يقول الله تعالى مخاطباً أمة الإسلام :[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا] {البقرة:143} .
ولقد كان من حكمة الله تعالى أن اختار الوسطية شعاراً مميّزاً لهذه الأمة التي هي آخر الأمم ، ولهذه الرسالة التي ختم الله بها الرسالات ، وبعث بها خاتم أنبيائه رسولاً للناس جميعاً ، ورحمة للعالمين.
فقد يجوز في رسالة مرحلية محدودةٍ الزمن أن تعالج بعض التطرف بتطرفٍ مثله ، فإذا كان هناك غلوٌّ في النزعة المادية ، قوبلت بغلو معاكس في النزعة الروحية ، كما نرى ذلك في الديانة اليهودية والمسيحية ، فإذا أدت الدعوة المرحلية دورها الموقوت ، وحدَّت من الغلو ولو بغلوٍّ مثله : كان لابد من العودة إلى الحد الوسط ، وإلى الصراط السوي ... وهذا ما جاءت به رسالة الإسلام .
إن الوسطية تميزُ منهج الإسلام ، وأمة الإسلام ، وتجعلها أهلاً للسيادة والخلود...
الوسطية هي العدل:
ومن معاني الوسطية التي وصفت بها الأمة المسلمة في الآية الكريمة : العدل.
وتفسير الآية بالعدل مرويٌّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى الإمام أحمد (10646)، والبخاري (3091) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسَّر الوسط هنا : بالعدل.
والعدل : توسط بين أطرافٍ متنازعة دون مَيْل أو تحيُّز إلى أحدها بحيث يُعطى كلٌّ منها حقه دون بخسٍ ولا شطط.
الوسطية هي الاستقامة:
ومن معاني الوسطية أيضاً : الاستقامة ، استقامة المنهج ، والبعد عن الميل والانحراف : فالصِّراط المستقيم هو الطريق السوي الواقع وسط الطرق الجائرة الزائفة عن السبيل.
ومن هنا علَّم الإسلامُ المسلمَ أن يسأل الله الهدايةَ للصراط المستقيم في كل يوم ما لا يقل عن سبع عشرة مرة ، هي عدد ركعات الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة ... وذلك حين يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته فيقول داعياً ربه[اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ(6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ(7) ]. {الفاتحة}. .
وقد مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم للمغضوب عليهم باليهود ، وبالضالِّين بالنصارى ، الذين يمثِّلون الإفراط والتفريط ، والغلو والتقصير في كثير من الأمور والقضايا واليهود قتلوا الأنبياء ، والنصارى ألهوهم ، واليهود أسرفوا في التحريم ، والنصارى أسرفوا في الإباحة ، واليهود تطرفوا في الجانب المادي ، والنصارى تطرفوا في إلغائه .
فالإسلام يعلم المسلم أن يحذر من تطرف كلا الفريقين، وأن يلتزم المنهج الوسط ، والصِّراط المستقيم ، الذي سار عليه من رضي الله عنهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
الوسطية مركز القوة:
ومن معاني الوسطية أيضاً : أنها دليل القوة ، فالوسط هو مركز القوة ، ألا تَرَوْنَ الشباب الذي يمثِّل مرحلة القوة وسطاً بين ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة!! والشمس في وسط النهار أقوى منها في أول النهار وآخره؟!!.
وإذا كان للوسطية كلُّ هذه المزايا ، فلا غرابة أن تتجلَّى واضحةً في كل جوانب الإسلام.
فالإسلام وسط في الاعتقاد والتصوُّر .. وسط في التعبُّد والتنسك... وسط في الأخلاق والآداب ... وسط في التشريع والنظام.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-01-2025, 05:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 146,672
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كلمات في الوسطية

كلمات في الوسطية ـ 2 ـ

الشيخ : مجد مكي


وسطية الإسلام في الاعتقاد
أ ـ فهو وسط في الاعتقاد بين الذين يسرفون في الاعتقاد، فيصدقون بكل شيء، ويؤمنون بغير برهان ... وبين الذين ينكرون ما وراء الحس، ولا يستمعون لصوت الفطرة ، ولا نداء العقل..
فالإسلام يدعو إلى الاعتقاد والإيمان ، بما قام عليه الدليل القطعي ، والبرهانُ اليقيني. وشعاره دائماً:[ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] {البقرة:111} .
ب ـ وهو وسط في الاعتقاد بين الملاحدةِ الذين لا يؤمنون بإله ، خانقين صوت الفطرة في صدورهم، متحدِّين منطق العقل في رؤوسهم ، وبين الذين يعدِّدون الآلهة حتى عبدوا الفئران والأبقار وألَّهوا الأوثان والأحجار .
فالإسلام يدعو إلى الإيمان بإله واحدٍ لا شريك له ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد، وما عداه من المخلوقات لا تملك ضراً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، فعبادتها شرك وضلال مبين:[وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ] {الأحقاف:5} .
جـ ـ والإسلام وسط في الاعتقاد بين الذين يعتبرون الكون هو الوجود وما عداه مما لا تراه العين ولا تلمسه اليد خرافة ووهم . وبين الذين يعتبرون الكون وهماً لا حقيقة له ، وسراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماءً..
فالإسلام يعتبر وجودَ الكون حقيقةً لا ريب فيها ، ويَعْبُر من هذه الحقيقة إلى حقيقة أكبر منها وهي : مَنْ كوَّنه ودبَّر أمره ، وهو الله تعالى :[إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ(190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ (191) ]. {آل عمران}. .
دـ وعقيدة الإسلام وسط بين الذين يؤلِّهون الأنبياء وبين الذين كذَّبوهم واتهموهم وصبُّوا عليهم كؤوس العذاب .
فالأنبياء بَشَرٌ منَّ الله عليهم بالوحي ، وأيدهم بالمعجزات:[قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ] {إبراهيم:11} .
هـ وعقيدة الإسلام وسط بين الذين يؤلّهون الإنسان ، ويضفون عليهم من خصائص الربوبية ، يفعل ما يشاء وما يريد ، وبين الذين جعلوه أسير جبريةٍ اقتصادية ، أو اجتماعية.
فالإنسان في نظر الإسلام مخلوق مكلف مسؤول قادر على تغيير ما حوله بتغيير ما بنفسه :[ إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ] {الرعد:11} .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-01-2025, 05:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 146,672
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كلمات في الوسطية

كلمات في الوسطية ـ 3 ـ

الشيخ : مجد مكي




وسطية الإسلام في العبادة
والإسلام وسط في عبادته وشعائره بين الأديان التي ألفت جانب العبادة ، وبين الأديان والنَّحل التي طلبت من أتباعها التفرُّغ للعبادة والانقطاع عن الحياة كالرهبانية النصرانية.
إنَّ الإسلام يكلِّف المسلم أداء شعائر محدودةً في اليوم كالصلاة ، أو في السنة كالصوم ، أو في العمر مرة كالحج ، ليظل المسلم دائماً موصولاً بالله ، غير مقطوعٍ عن رضاه ، ثم ينطلق الإنسان بعد ذلك ساعياً منتجاً ، يمشي في مناكب الأرض ، ويأكل من رزق الله. ومن هنا جاءت الآيات الآمرة بصلاة الجمعة:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(10) ]. {الجمعة}. .
فهذا هو شأن المسلم : بيعٌ وعمل قبل الصلاة ، ثم سعيٌ إلى ذكر الله وإلى الصلاة ، ثم انتشارٌ في الأرض وابتغاء للرزق من جديد بعد انقضاء الصلاة ، مع عدم الغفلة عن ذكر الله كثيراً في كل حال فهو أساس النجاح والفلاح.
وسطية الإسلام في التشريع :
والإسلام وسط كذلك في تشريعه فهو وَسَطٌ في التحليل والتحريم بين المسيحية التي أسرفت في الإباحة وبين اليهودية التي أسرفت في التحريم مما حرَّمه إسرائيل على نفسه ، ومما حرَّمه الله على اليهود جزاء بغيهم وظلمهم كما قال تعالى: [فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا(160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا(161) ]. {النساء}. .
فالإسلامُ قد أحلَّ وحرّم ، ولكن لم يجعل التَّحليل والتحريم من حقِّ بشر ، بل من حقِّ الله وحده ، ولم يحرم إلا الخبيث ، كما لم يحل إلا الطيب النافع ، ولهذا كان من أوصاف رسولنا صلى الله عليه وسلم عند أهل الكتاب أنه :[ يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ] {الأعراف:157} .
وسطية الإسلام في شؤون الأسرة:
والتشريع الإسلامي وسط في شؤون الأسرة ، كما هو وسط في شؤونه كلها ، وسط بين الذين شرعوا تعدد الزوجات ، بغير عدد ولا قيد ، وبين الذين أنكروه ورفضوه ولو اقتضته المصلحة وفرضته الضرورة .
وهو وسط في الطلاق ، بين الذين حرَّموا الطلاق لأي سبب كان ، ولو استحالت الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق ، كالكاثوليك ، وقريبٌ منهم الذين حرموه إلا لعلةِ الزنى أو الخيانة ، الزوجية كالأرثوذكس، وبين الذين أرخوا العنان في أمر الطلاق ، فلم يقيدوه بقيد أو شرط ، وبذلك سهل هدم الحياة الزوجية بأوهى سبب .
***

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-01-2025, 06:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 146,672
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كلمات في الوسطية

كلمات في الوسطية ـ 4 ـ

الشيخ : مجد مكي


التوازن بين الدين والدنيا


من أبرز مظاهر الوسطية والتوازن في رسالة الإسلام : التوازن بين الدين والدنيا وبين الروحية والمادية.
فالإسلام وسط في النظرة إلى الحياة الدنيا بين الذين اعتبروا هذه الدنيا هي كل شيء : هي البداية والنهاية :[وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ] {الأنعام:29} . وهذه النزعة المادية جديرةٌ بأن تولِّد الترف والطغيان والغرور والاستكبار ، والتكالب على متاع الدنيا.
فهذا صاحب الجنتين يفخر على صاحبه منتفخاً بثروته مختالاً بجنته ، قائلاً [لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا(34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا(35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا(36) ]. {الكهف}. .
فأرسل الله على جنته حُسْباناً من السماء ، وصواعق محسوبة مقدَّرة جزاء كفره، فأصبحت صعيداً زلقاً ، لا يجفُّ ترابها ، ولا ينبت مرعاها ، ولا تثبت القدم عليها ، وأصبح ماؤها غائراً في أعماق الأرض.
وهذا فرعون الذي قال :[ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ] {الزُّخرف:51} . وغير هؤلاء من الأمم التي أترفت في الحياة فقتلها الترف ، ودمَّرها التحلل ، وحقَّ عليها كلمة العذاب ، وحرمت نصر الله وعونه: [حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ(64) لَا تَجْأَرُوا اليَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ(65) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ(66) ]. {المؤمنون}.
[وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ(11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ(12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ(13) ]. {الأنبياء}. .
وفي الطرف المقابل وجد آخرون نظروا إلى الدنيا نظرة احتقار وعداوةٍ ، فحرَّموا على أنفسهم طيِّباتِ الدنيا وزينتها ، ولم يقوموا بعمارتها ، واكتشاف ما أودع الله فيها.
وبين هاتين النزعتين قام الإسلام ، يدعو إلى التوسط والتوازن والاعتدال ، فصحَّح مفهوم الناس عن حقيقة الإنسان ، وعن حقيقة الحياة.
حقيقة الإنسان:
فالإنسانُ مخلوقٌ مزدوج الطبيعة ، يقوم كيانه على قبضة من طين الأرض ، ونفخة من روح الله ، وقد أشار القرآن إلى هذه الطبيعة المزدوجة في خلق آدم أبي البشر، فقال تعالى [إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ(71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ(72) ]. {ص}. وأشار القرآن إلى هذه الطبيعة أيضاً في خلق ذريِّة آدم حيث قال :[وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ(7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ(8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ(9) ]. {السجدة}.
ومن حكمته سبحانه: أن خلق الإنسان على هذه الطبيعة ، فهو بعنصره الطيني قادرٌ على أن يسعى في الأرض ، ويمشي في مناكبها ، ويكشف عن مكنوناتها ، ويعمل على تعميرها ، ويُسخِّر قواها ـ بإذن الله ـ لمنفعته، وهو بعنصره الروحي مهيأ للتحليق في أُفق أعلى ، والتطلع إلى عالم أرقى ، وإلى حياة هي خيرٌ وأبقى.
وبهذا يُسخِّر المادة ولا تُسخِّره، ويستخدم ما على الأرض من خيراتٍ وثروات دون أن تستخدمه ونستعبده.
حقيقة الحياة الدنيا:
والحياة ليست سجناً عُوقب الإنسان به ، ولا عبئاً فُرض عليه ، إنما هي نعمة يجب أن تُشكر ، ورسالة يجب أن تؤدَّى ، ومزرعة لحياة هي خير وأبقى ، والقرآن الكريم يدعو إلى العمل للحياة ، والاستمتاع بطيباتها بجوار الحثِّ على الاستعداد للآخرة ، والتزوُّد ليوم الحساب ، يقول سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ(87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ(88) ]. {المائدة} .
ويقول تعالى :[هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ] {الملك:15} .
ويقول عزَّ وجل :[وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ] {القصص:77} .
ويقول سبحانه: [يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ(31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ]. {الأعراف}.
ويذكر القرآن أنَّ السعادة والحياة الطيبة في الدنيا من مثوبة الله لعباده المؤمنين، فيقول :[فَآَتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآَخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ] {آل عمران:148} .
ويُعلِّم المؤمنين هذا الدعاء الجامع بين الحياتين وحَسَنتي الدارين :[ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] {البقرة:201} .
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل من طيبات هذه الحياة ، ولكن لم يجعلها شغل نفسه ، ومحور تفكيره ، وكان من دعائه فيما يرويه الترمذي(3424) عن ابن عمر : «اللهمَّ لا تجعل الدنيا أكبر همِّنا ، ولا مبلغ علمنا».
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم أيضاً فيما يرويه مسلم(4897):« اللهمَّ أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير ، واجعل الموت راحةً لي من كل شر».
وكان صلى الله عليه وسلم حريصاً على توجيه أصحابه إلى التوازن بين دينهم ودنياهم ، ولما رأى في بعض أصحابه إفراطاً في التعبُّد على حساب جسمه وأهله قال له : « إنَّ لبدنك عليك حقاً ، وإن لزورك ـ لضيوفك ـ عليك حقاً ، وإنَّ لزوجك عليك حقاً ، فأعط كلّ ذي حق حقه»رواه البخاري (1838)من حديث عبد الله بن عمرو.
وقال للجماعة الذين التزم أحدُهم أن يصوم فلا يُفطر ، والتزم الثاني أن يقوم فلا ينام ، والتزم الثالث أن يعتزل النساء فلا يتزوج أبداً:« أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له ، ولكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني»رواه البخاري (4675)، ومسلم (2487) من حديث أنس بن مالك.
وهكذا تعلَّم الصحابة : أن يوازنوا بين مطالب دنياهم وآخرتهم ، وأن يعملوا للدنيا ويعملوا للآخرة ، ولم يشعروا بالوحدة والانسجام والامتزاج ، كانوا يعتقدون أنهم في عبادتهم ومساجدهم ليسوا مقطوعين عن الدنيا ، كما أنهم في مزارعهم ومتاجرهم غير بعيدين عن الدين فأعمالهم عبادة إذا التزمت فيها حدود الله عز وجل وصحت فيها النية.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-01-2025, 11:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 146,672
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كلمات في الوسطية

كلمات في الوسطية ـ 5 ـ

الشيخ : مجد مكي


التوازن بين الفردية والجماعية
من أبرز مظاهر الوسطية في الإسلام : الوسطية بين الفردية والجماعية في صورةٍ متَّزنة رائعة ... تتوازن فيها حرية الفرد ومصلحة الجماعة ، وتتكافأ فيها الحقوق والواجبات بالقسطاس المستقيم، ولقد تخبَّطت الفلسفات والمذاهب في القديم والحديث في قضية الفرد والمجتمع ، والعلاقة بينهما.
وفي عالمنا اليوم يقوم صراع ضخم بين المذهب الفردي والمذهب الجماعيّ ، فالرأسمالية تقوم على تقديس الفرديَّة ، والشيوعيَّة تقوم على الحطِّ من قيمة الفرد واعتبار المجتمع هو الغاية ، فالفردُ هناك ليس له حق التملك إلا في بعض الأمتعة والمنقولات ، وليس له حق المعارضة ، ولا حق التوجيه لسياسة بلده وأمته ، وإذا حدثته نفسه بالنقد العلني أو الخفي فإنَّ السجون والمنافي وحبال المشانق له بالمرصاد!!
ذلك هو شأن فلسفات البشر ومذاهب البشر ، فماذا كان موقف الإسلام؟ لقد كان موقفه فريداً ، لم يَمل مع هؤلاء ولا هؤلاء، ولم يتطرف إلى اليمين ولا إلى اليسار ، فالفرديَّة جزءٌ أصيل في كيان الإنسان ... ومع هذا نرى فيه نزعة فطرية إلى الاجتماع بغيره ، والنظام الصالح هو الذي يراعي هذين الجانبين : الفردية والجماعية .
ولا يطغى أحدهما على الآخر ، ولقد جاء الإسلام نظاماً وسطاً عدلاً ، لا يظلم الفرد لحساب المجتمع ، ولا يحيف على المجتمع من أجل الفرد.
المسؤولية الفردية:
ومن هنا قرَّر الإسلام المسؤوليَّة الفردية وأكَّدها تأكيداً بليغاً، فقال سبحانه :[كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ] {المدَّثر:38} . [لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ] {البقرة:286} . [وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى] {الإسراء:15} .
1 ـ قرَّر الإسلام أيضاً حرمة الدم : فحفظ للفرد (حياة الحياة)، وأعلن القرآن الكريم :[ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا] {المائدة:32} .
2 ـ وقرَّر حرمة العرض: فصان للفرد(حق الكرامة)، فلا يجوز أن يهان في حضوره أو غيبته:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ] {الحجرات:11} . [وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا] {الحجرات:12} .
3 ـ قرر حرمة المال : فصان للفرد (حق التملك) قال النبي صلى الله عليه وسلم :«إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا» رواه مسلم (2137) عن من حديث جابر.
4 ـ وقرَّر حرمة البيت: فصان للفرد (حق الاستقلال الشخصي) قال تعالى :[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا] {النور:27} . [وَلَا تَجَسَّسُوا] {الحجرات:12} .
ـ وقرَّر للفرد حرية الاعتقاد، وحرية النقد ،وحرية الرأي والفكر.
تقييد الحقوق والحريات الفردية:
ومع هذه الحقوق والحريات التي منحها الإسلام للفرد، فقد قيَّدها بقيود لتكون في حدود مصلحة الجماعة، فالحياة التي صانها الإسلام للفرد، إذا اقتضى أن يبذلها في سبيل الله لحماية المجتمع المسلم، وجب عليه أن يقدِّمها، وكذلك إذا اعتدى على حق نفس أخرى كقاتل العمد ، أو خرج على دينه وفارق الجماعة كالمرتد .
وحق التملك مقيَّد بأن يأخذ المال من حلال ، وينفقه في حلال ، ولا يبخل ، فملكية الفرد للمال مقيدة بحدود الله ، وحقوق المجتمع... والحريات والحقوق مقيدةٌ برعاية أخلاق المجتمع وعقائده فليس معنى حرية الاعتقاد أو الرأي إباحة الطعن على الإسلام ، وإذاعةُ الكفر بالله ورسوله وكتابه ، ونشر الخلاعة والفجور ، فإن حرية الإفساد لا يقرها عقل ولا شرع.
مسؤولية الفرد عن الجماعة:
ومع المسؤولية الفردية التي أكدها الإسلام ، نراه قد أكد مسؤولية الفرد عن الجماعة كما في الحديث الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» رواه البخاري (844)ومسلم (3408)، فكلُّ رجل على ثغرة من ثغور الإسلام، والنصيحة لكافة المسلمين ركنٌ ركين في هذا الدين، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
وليس لمسلم أن يعتزل الحياة والناس، ويقول : نفسي نفسي !! ويدع نار الفساد تلتهم الأخضر واليابس من حوله ، فإنَّ هذه النار إذا تُركت وشأنها لم تلبث أن تحرقه هو ، وتحرق كل ما يحرص عليه ، ولهذا يقول تعالى :[وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ] {الأنفال:25} .
وفي الحديث الذي رواه أبو داود (3775)،والترمذي(2094) :«إنَّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده». وبهذا كله أقام الإسلام التوازن بين الفردية والجماعية في حياة الإنسان، وهذه هي الوسطية التي اختصَّ بها الإسلام.
إن هذه الوسطية في كل جوانب الإسلام : في الاعتقاد ، والتصور ، وفي التعبد والتنسُّك ، وفي الأخلاق والسلوك ، وفي التشريع والنظام ، إن هذه الوسطيَّة بين الروحية والمادية ، والفردية والجماعية ، وما شابهها ، بلا وَكْس ولا شطط ، ولا غلو ولا تقصير ، ولا طغيان ولا إخسار ، إنَّ هذه الوسطية أكبر من أن يقدر عليها إنسان بعقله المحدود ، وعلمه القاصر ، فضلاً عن تأثير ميوله ونزعاته عليه من حيث يشعر أو لا يشعر.
ولهذا لا يخلو منهج أو نظام يصنعه البشر من الإفراط أو التفريط ، كما يدل على ذلك استقراء الواقع وقراءة التاريخ.
إنَّ القادر على إعطاء كلِّ شيء في الوجود حقَّه بحساب وميزان هو الله الذي خلق كل شيء فقدَّره تقديراً ، وأحاط بكل شيء خبراً وأحصى كل شيء عدداً ، ووسع كل شيء رحمة وعلماً . وصدق الله عزَّ وجل :[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا] {البقرة:143} .
***

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28-01-2025, 11:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 146,672
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كلمات في الوسطية

كلمات في الوسطية ـ 6 ـ

الشيخ : مجد مكي


الأحكام التشريعية هي حدود الله تعالى :
إنّ الأحكامَ التشريعيَّة الدينية حقائق ذات حدود ربانية، غايتها امتحان الطاعة لله والرسول، فلا يجوز النقص فيها، ولا الزيادة عليها.
والأحكام التَّشريعية منها محرَّمات دينية، وهي أمور واضحات لا يجوز انتهاكها، ومنها فرائض دينية لا يجوز تضييعها.
عن أبي ثعلبة الخُشَني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ الله فرض فرائض فلا تُضيِّعوها، وحدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وحرَّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها)، أورده الإمام النووي في الأربعين وقال: حديث حسن رواه الدار قطني وغيره.
وقد وصف القرآن الكريم أحكام الشريعة بأنها حدود الله تعالى.
قال في سورة البقرة بعد بيان أحكام جناية القتل، والوصية، وأحكام الصيام والاعتكاف: [تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ] {البقرة:187}.
وفي نفس السورة بعد بيان عدد من الأحكام: [تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] {البقرة:229}.
وفي أول سورة الطلاق: [وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ] {الطَّلاق:1}.
وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين الذين يلازمون المحافظة على حدود الله وبشرهم بالجنة فقال عزَّ وجل في شأنهم: [التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآَمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ] {التوبة:112} .
المحافظة على حدود الله عزَّ وجل :
فالمحافظة على حدود الله بعدم الاقتراب منها بالبعد عن مزالق الخطر، وهو مستوى الورع والكمال الإيماني:[ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا] {البقرة:187}.
وبعدم تجاوزها، ومن دخل الحدَّ تجازوه، لأنه لا يدخل فيه إلا بأن يمسَّ منطقة الحرام: [وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ] {الطَّلاق:1}. والنهي عن تجاوز حدود الله نهيٌّ تحريميٌّ.
تعدي حدود الله بالتحريم والتحليل:
ومن تعدِّي حدود الله: تحريم ما أحلَّ الله أو تحليل ما حرَّم الله، أو إيجاب ما لم يوجبه الله، أو استباحة ترك ما أوجبه الله.
فالتَّحليل والتَّحريم بغير دليل شرعيّ، افتراءٌ على الله، وكذبٌ عليه:[وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ] {النحل:116} .
استباحة فعل ما حرَّم الله:
والتفريط في الأحكام التشريعية باستباحة فعل ما حرَّم الله، والتلاعب بدلالات النصوص للتخفيف من الحكم الشرعي اتِّباعاً للأهواء والشهوات، أو إرضاءً لأهواء ذوي النفوذ أو الجاه أو المال... كتحليل الربا، وإباحة بعض المسكرات، أو كتهوين أمر أكل أموال الناس بالباطل، أو تهوين أنواع الظلم والاحتكارات والغبن الفاحش تأثُّراً بمنهج الرأسمالية...
من التفريط في الأحكام التشريعية: إنزال مرتبة المحرَّمات الكبائر إلى مستوى المحرَّمات الصغائر، وإنزال المحرَّمات الصغائر إلى مستوى المكروهات، وإنزال مرتبة الفرائض إلى مستوى الواجبات العادية...
ومن التفريط في الأحكام التشريعيَّة: تتبُّع الآراء الاجتهادية الضعيفة التي تخالف جمهور علماء المسلمين.
الحقائق الشرعيَّة بين التفريط والغلو:
إنَّ الحقائق الشرعية، حلالها وحرامها، وواجبها ومندوبها ومكروهها، ذوات حدود:
فالنقص عن هذه الحدود: تفريط، والزيادة عن هذه الحدود: غلو، والانحراف عنها في العمل: معصية، والتغيير في هذه الحدود الدينية، أو إدخال مفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان: ابتداع وتحريف، وتشريع بما لم يأذن به الله.
من صور التفريط والغلو:
أ ـ الإسراف في الأكل والشرب غُلوٌّ يجلب الداء، وقد يقتل، والإسراف في الجوع والعطش تفريط قد يوقع في السَّقم الشنيع وقد يقتل.
والاعتدال هنا ذو مراتب: عليا ـ وسطى ـ ودنيا.
فالعليا هو قوله صلى الله عليه وسلم: «بحسب ابن آدم لُقيمات يُقمْنَ صُلْبَه».
والوسطى: ما زاد على لُقيمات التي يقمن صلبه حتى المرتبة الدنيا.
والدنيا هي التي بيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: « فإن كان لامحالة، فَثُلُثٌ لطعامه، وثُلُثٌ لشرابه، وثُلُثٌ لنَفَسه» رواه الترمذي (2302) عن المقدام بن معدي كرب ، وقال : حسن صحيح.
ب ـ الإسراف في الكدِّ والعمل من دون راحةٍ غلوٌّ مسقم أو مُهلك، والإسراف في الراحة والكسل وترك العمل تفريط بحقِّ الجسم، مُضْنٍ ضار، قد يهلك صاحبه.
والوسط النافع هو: الاعتدال من غير إسراف في بذل الجهد، ولا إسراف في الإخلاد إلى الراحة وترك العمل.
والاعتدال هنا ذو مراتب: أدناها: مرتبة العمل الواجب، وأوسطها: مرتبة العمل المبرور الزائد على الواجب، وأعلاها: مرتبة الإحسان في العمل، وهو العمل الكامل الذي لا لهو فيه ولا لعب، مع أخذ الواجب من الراحة والترويح عن النفس.
ج ـ الإسراف في الحبِّ والكره غلوٌّ ضارٌّ، قد يُهلك صاحبه، والإسراف في ضبط العاطفة تفريط قد يوقع صاحبه في جفاف العاطفة، فالأنانية الشنيعة، فالكراهية الكئيبة، والبغض المقيت الضار، فالوحشية التي تبغض كلَّ شيء، وتخشى من كلِّ شيء.
والوسط هو: الاعتدال من غير إسراف في الحب ولا إسراف في ضبط العاطفة كما قال صلى الله عليه وسلم: «أَحْبِبْ حبيبك هَوْناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هَوْناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما» رواه الترمذي (1920) وضعفه وصحَّح وقفه على عليٍّ رضي الله عنه .
والاعتدال هنا ذو مراتب، أدناها: مرتبة الحب الواجب، وأوسطها: مرتبة الحب المبرور، وأعلاها: كمال الحب في الحب في الله. وما هو دون المرتبة الدنيا: تفريط، وما هو بعد المرتبة العليا: منحدر الغلو.
فالحقائق لها ضمن حدودها ومقاديرها مراتب دنيا ووسطى وعليا.
فالنزول عن هذه المراتب تفريط، وتجاوز هذه الحقائق غلو.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-01-2025, 12:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 146,672
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كلمات في الوسطية

كلمات في الوسطية ـ 7 ـ

الشيخ : مجد مكي


حقائق ضيقة الحدود والمقادير
يوجد قسم من الحقائق تضيق مساحة حدودها ومقاديرها ، فلا نكاد نجد لها مراتب أو درجات ، حتى يبدو لنا أنها قوالب لا تحتمل المخالفة بأقلَّ المقادير وأدناها ، فهي لا تنطبق إلا على ما يماثلها ، فما نقص عن حدودها من أيِّ جانب من جوانبها كان تفريطاً ، وما زاد عن حدودها ومقاديرها من أيِّ جانب من جوانبها كان غلواً.
أ ـ فالخوذة إن نقصت عن دائرة رأس صاحبها لم تصلح، إذ لا يدخل الرأس فيها، لسبب التفريط في حقِّ الرأس ومقدار دائرته، وإن زادت على دائرة الرأس لم تصلح، إذ لا تثبت على الرأس، بسبب الغلو في توسيع دائرتها.
ب ـ المسامير اللولبية في الآلات الدقيقة، التي جعلت فيها ثقوب لولبية ذات حدود ومقادير شديدة التركيز، لا تصلح ما لم تكن على وَفْق حدود ثقوبها ومقاديرها تماماً.
فإن زادت لم تدخل، وإن نقصت دخلت، ولكنها لم تؤد وظيفة الربط والإمساك المطلوب.
ج ـ مفاتيح الأقفال كذلك لا تقبل الزيادة ولا النقص.
د ـ نواتج الأعمال الحسابية لها قوالب مطابقة لها تماماً لا تقبل زيادة ولا نقصاً.
هـ ـ صكوك العقود التي أمر الله بكتابتها، يجب أن تكون مطابقةً مطابقة كاملة ما تمَّ العقد عليه... قال تعالى : [وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا] {البقرة:282} . [فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا] {البقرة:282} .
التفريط في الدين:
فالتفريط في الدين يكون بالتقليص والنقص من مساحة حقوق الدين، بسبب عدم الاهتمام بحدود الله تعالى، وعدم القيام بما أمر الله، وضعف الإيمان الذي يرجع إلى تناقصه درجة الصفر، وإلى غيبوبته عن التصور العامل المؤثر.
والتفريط في الدين: اتِّباعٌ للهوى، وإيثارٌ للشهوات، وحبٌّ للعاجلة، وترك للآخرة، وقد يصل إلى درجة الفجور، وهو الانطلاق الوقح في المعاصي والآثام دون أيِّ كابحٍ ضابط.
أسباب الغلو في الدين:
والغلوُّ في الدين يكون بتجاوز حدود الله، توسُّعاً في مساحة الدين المحدَّدة بهذه الحدود.
والغلُّو في الدين يكون بسبب المبالغة في الاندفاع القوي دون بصيرة، ويرافق في ذلك الاندفاع حركة هوجاء، يكون منها قفز أرعن، واضطراب في الرؤية، وفساد في تصوِّر الحقيقة...
وقد يكون بسبب سوء فهم حقيقة الدين، وجنوح الفكر عن الرؤية الصحيحة.
وقد يكون بسبب الحرص على احتلال مراكز الاحترام والتقديس عند العامة.
وبسبب الحرص على منافع دنيوية مالية، وبعض الغلاة مندسُّون لإفساد مفاهيم الدين.
فالغلو في الدين خروجٌ عن حدوده، بسبب سوء التصور له، أو من الكيد للدين والمكر به...
وهناك تفريط وغلو في العقائد والمفاهيم الدينية الأساسية.
وتفريط وغلو في الأحكام التشريعية.
وتفريط وغلو في السلوك الديني.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
***
وينظر كتاب (بصائر للمسلم المعاصر) لشيخنا الميداني.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 114.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 110.42 كيلو بايت... تم توفير 4.39 كيلو بايت...بمعدل (3.82%)]