في الماء بركة وشفاء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28440 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60061 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 842 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم الطبي و آخر الإكتشافات العلمية و الطبية > الملتقى الطبي

الملتقى الطبي كل ما يتعلق بالطب المسند والتداوي بالأعشاب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-01-2023, 07:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي في الماء بركة وشفاء

في الماء بركة وشفاء
عبدالستار المرسومي


الماء خلقٌ من خلق الله تعالى، فيه إعجاز وبركة وشفاء، وضعَ الله تعالى فيه من الأسرار الكثيرة ما يُثير العجب، ولعل من أهم تلك الأسرار أنَّ الله تعالى جعله الأساس في خلق كل المخلوقات الحية؛ قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ﴾ [النور: 45].



جاء في أضواء البيان للشنقيطي رحمه الله قوله: "وقال بعض العلماء: هو الماء المعروف؛ لأن الحيوانات إما مخلوقة منه مباشرة؛ كبعض الحيوانات التي تتخلَّق من الماء، وإما غير مباشرة؛ لأن النُّطَف من الأغذية، والأغذية كُلُّها ناشئة عن الماء، وذلك في الحبوب والثمار ونحوها ظاهر، وكذلك هو في اللحوم والألبان والأسماك ونحوها؛ لأنه كله ناشئ بسبب الماء"[1].



والماء طاهر مبارك، ففي طهارته قال تعالى:


﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾ [الفرقان: 48].




﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ [الأنفال: 11].




وأما بركته فقد جاءت في قوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ [ق: 9].




وعموم الماء سواء كان مطرًا أو مياه أنهار أو مياه عيون هو ماء واحد، يتكوَّن من نفس المركبات، وله نفس الصفات والبركة بشكل عامٍّ، ما عدا أنه قد يحصل اختلاف يسير في نقاوته ونسب بعض العناصـر والأملاح فيه، باستثناء ماء زمزم فله خصوصية استثنائية معروفة، وأن مياه العيون تبقى لها خصوصية أيضًا؛ قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ﴾ [يس: 34]؛ لذلك عندما يصف الله تعالى الماء الذي يتلذَّذ به أهل الجنة، فيذكره إنه من العيون؛ قال تعالى: ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴾ [الرحمن: 66]، وقال تعالى: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [المطففين: 28]، وقال تعالى: ﴿ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ﴾ [الإنسان: 18].



والماء سائل، شديد السيلان، فمن المستحيل الحفاظ على الماء في كفِّ اليد مدة طويلة، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ [الرعد: 14]، وفسَّـرَ العلماء ﴿ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ﴾ [الرعد: 14] بالقابض الماء باليد، فإنه لا يحكم منه على شيء لكثرة سيولته، والعرب تضـرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلًا بالقابض الماء باليد؛ كقول الشاعر:

فأصْبَحْتُ مما كانَ بَيْني وبينَها *** مِنَ الوُّدِّ مثلَ قابضِ الماءِ باليدِ


وخلافًا للقاعدة العامة أيضًا، فإنه كلما ضغطت على الماء ازدادت سيولته؛ لهذا لا يمكن إنتاج الثلج بالضغط على الماء، ومن خصوصية الماء أنَّ ذِكرَ الماء كشفاء في القرآن الكريم جاء مع ماء العيون، وتحديدًا في شفاء نبي الله أيوب عليه السلام من مرضه، فقد دعا أيوب عليه السلام الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84]، قال البيضاوي في تفسيره: ((والضُّـرُّ بالضمِّ خاصٌّ بما في النفس كمرض وهزال))[2].



فكان ضرُّ أيوب عليه السلام هو المرض بالدرجة الأساس، فلما شعر أيوب عليه السلام بتفاقُم حالته الصحيَّة، وتردِّيها دعا ربَّه تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [ص: 41]، فجاءه الجواب من ربِّه تعالى بقوله تعالى: ﴿ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾ [ص: 42]، واركض؛ يعني: اضـرب الأرض برِجْلِك فنبعت عين ماء، فاغتسل منها أيوب عليه السلام، فبرئ ما بجسده وشرب، فبرئ ما بداخله وشفي، وهذا دليل على الشفاء بالماء.



قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره: "وجملة ﴿ اركض برِجلِك ﴾... إلخ مقولة لقول محذوف؛ أي: قلنا له: اركض برِجْلك، وذلك إيذان بأن هذا استجابة لدعائه.



والرَّكْض: الضرب في الأرض بالرِّجْل، فقوله: "بِرِجْلِكَ " زيادة في بيان معنى الفعل؛ مثل: ﴿ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ [الأنعام: 38]، وقد سمَّى الله تعالى ذلك استجابة في سورة الأنبياء؛ إذ قال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ﴾ [الأنبياء: 84]، وجملة ﴿ هَذَا مُغْتَسَلٌ ﴾ مقولة لقول محذوف دَلَّ عليه المقول الأول، وفي الكلام حَذْفٌ دلَّتْ عليه الإشارة، فالتقدير: فركض الأرض فنبع ماء، فقلنا له: ﴿ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾ [ص: 42]، فالإشارة إلى الماء؛ لأنه الذي يغتسل به ويشرب.



ووصْفُ الماء بذلك في سياق الثناء عليه مشيرًا إلى أن ذلك الماء فيه شفاؤه إذا اغتسل به، وشَرب منه؛ ليتناسب قول الله له مع ندائه ربَّه لظهور أن القول عقب النداء؛ هو قول استجابة الدعاء من المدعو، و"مغتسل" اسم مفعول من الفعل اغتسل؛ أي: مغتسل به، فهو على حذف حرف الجر وإيصال المغتسل القاصـر إلى المفعول؛ مثل قوله:

تَمرُّون الديارَ ولم تعُوجوا


ووصفه بـ "بارِد"؛ إيماء إلى أن به زوال ما بأيوب من الحُمَّى من القروح؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحُمَّى من فَيْح جهنَّمَ فأطفئوها بالماء))؛ أي: نافع شافٍ، وبالتنوين استُغني عن وصف "شـراب"؛ إذ من المعلوم أنَّ الماء شراب، فلولا إرادة التعظيم بالتنوين، لكان الإِخبار عن الماء بأنه شراب إخبارًا بأمر معلوم، ومرجع تعظيم "شـراب" إلى كونه عظيمًا لأيوب وهو شفاء ما به من مرض[3].



وقد أثبتت التجارب الحديثة أن الماء هو المكون المهم في تركيب مادة الخليَّة، وهي وحدة البناء في كلِّ كائن حي نباتًا كان أم حيوانًا، وأثبت علماء الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعُلات والتحوُّلات التي تتم داخل الأجسام الحية، فهو إما وسط أو عامل مساعد أو داخل في التفاعل أو ناتج عنه، وأثبت علم وظائف الأعضاء أن الماء ضروري لقيام كل عضو بوظائفه التي بدونها لا تتوافر له مظاهر الحياة ومقوماتها[4].



وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، قال: فحسـَر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبَه حتى أصابَه مِن المطر، فقلنا: يا رسول الله، لمَ صنعتَ هذا؟ قال: "لأنَّه حديثُ عَهْدٍ بِربِّه تعالى"[5].



قال الإمام النووي رحمه الله: "معناه: أن المطر رحمةٌ، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى؛ فيتبركُ بها".



وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الناس باستخدام الماء لعلاج الارتفاع في درجة حرارة الجسم (السخونة)، فهو يقول صلى الله عليه وسلم: ((الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوها بِالْمَاءِ))[6]، فارتفاع درجة حرارة الجسم مُؤشِّر على وجود المرض، ولا بُدَّ من خفض حرارة الجسم ليستمر الجسم بمقاومة الأمراض سواء كان سببها الفيروسات أو البكتيريا، وأفضل طريقة هي الكمادات الباردة أو استعمال الماء البارد، كما أن للماء فوائد علاجية لا تُعَدُّ ولا تُحصى، وحديثًا أصدرت جمعية مكافحة الأمراض اليابانية قائمة بتجارب أجرتها باستخدام نظرية العلاج بالماء، وأكدت نتائجها العلاج الشافي لعلاج العديد من الأمراض.



قال ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه الطب النبوي: "الماء مادة الحياة وسيد الشراب، وأحد أركان العالم؛ بل ركنه الأصلي... وهو بارد رطب، يقمع الحرارة، ويحفظ على البدن رطوباته، ويرد عليه بدل ما تحلل منه، ويُرقِّق الغذاء وينفذه في العروق... والماء وإن كان في الأصل باردًا رطبًا، فإن قوته تنتقل وتتغيَّر لأسباب عارضة توجب انفعالها، فإن الماء المكشوف للشمال المستور عن الجهات الأُخَر يكون باردًا، وفيه يبس مكتسب من ريح الشمال، وكذلك الحكم على سائر الجهات الأُخَر، والماء الذي ينبع من المعادن يكون على طبيعة ذلك المعدن، ويُؤثِّر في البَدَن تأثيره.



إنَّ "نقص كمية الماء في الجسم عن المستوى المطلوب يُؤدِّي إلى الصداع والأرق، وعُسْـر الهضم والإمساك، وإذا كان النقص كبيرًا، فإن عمل الجسم يختلُّ، ويضطرب نظامُه، ثم يبدأ الجسم بالجفاف حيث تجِفُّ خلاياه، وتظهر التجاعيد على الجلد نتيجة ذلك"[7].



الوضوء:

وقد جاء ذكر الوضوء في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6]، وتبدو أهمية الوضوء بارتباطه بالصلاة التي هي عماد الدين ونور اليقين، والوضوء تطهُّر مادي ومعنوي؛ لذلك أثنى الله على المتطهرين المتوضِّئين دائمًا بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].



ولقد اهتمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء، وحث المؤمنين عليه بقوَّة، وجعله نصف الإيمان بقوله صلى الله عليه وسلم: ((الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ))[8]، وعظَّم صلى الله عليه وسلم منزلة وسَمْت المستمر والمواظب على الوضوء، فقال: ((إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ))[9]، وكان صلى الله عليه وسلم يومًا قد توضَّأ وضوءه المعهود، فقال لمن حوله تشجيعًا لهم وتعظيمًا في أجر المتوضئ: ((مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[10]، كل هذه الخصوصية والاهتمام بالوضوء هي من أجل دفع الفرد على الوضوء المستمر لما له من أهمية من المناحي كافة كما أسلفنا، وخاصة الصحيَّة.



ماء زمزم:

وماء بئر زمزم خير ماء على وجه الأرض بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ ماءٍ على وجه الأرض، ماءُ زمزم فيه طعامٌ من الطُّعم، وشفاءٌ من السقم))[11]، وقد كان اعتماد ماء زمزم كشفاء ضمن شفاءات القرآن الكريم في هذا البحث لسببين:

الأول: أنه ماء؛ ولكنه ماءٌ خاصٌّ، له خصوصيته وبركته وتركيبته.



الثاني: أنه ذكر ضمنًا في القرآن الكريم وليس تصريحًا، وذلك في قصة إبراهيم عليه السلام وزوجه هاجر وولده إسماعيل عليهم السلام جميعًا؛ إذ قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].



فلقد جعل الله تعالى أفئدةً من الناس وهم قبيلة جُرْهم العربية تهوي إلى هاجر وإسماعيل عليهما السلام بسبب أن الله تعالى قد أنعم عليهما بعين ماء؛ هي زمزم، "فعن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُما، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: صَهٍ؛ تُرِيدُ نَفْسَها، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ: بِجَناحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ، وَتَقُولُ بِيَدِها هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِن الْمَاءِ فِي سِقَائِها وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ))[12].



وبماء زمزم غُسِل صدرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يُهيَّأ لرحلة المعراج إلى السماء بمعية جبريل عليه السلام، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: ((فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم))[13].



وماء زمزم ماءٌ مباركٌ، فقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ))[14]، وهي إضافة لبركتها فإنها شفاء، وقال بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زَمْزَمُ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ))[15].



وزيادة على كل ذلك من كون ماء زمزم مباركًا، وشفاءً من الأمراض، وطعامًا من الجوع، وأنه خير ماء على وجه الأرض؛ فإنه لما يُشـرب له، بمعنى أن الله تعالى يُحقِّق للعبد نيَّتَه التي يشرب من أجلها العبد ماء زمزم من غير الأشياء التي ذُكرتْ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ماءُ زمزم لما شُـرِبَ له))[16]، وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في حق ماء زمزم: ((ماء زمزم: سيِّدُ المياه، وأشرفُها وأجلُّهَا قدرًا، وأحبُّها إلى النفوس، وأغلاها ثمنًا، وأنَفَسُها عند الناس، وهو هَزْمَةُ[17] جبريلَ عليه السلام، وسُقْيَا الله إسماعيلَ عليه السلام، وثبت في "الصحيح" عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأبي ذَرٍّ، وقد أقام بين الكعبة وأستارِها أربعينَ ما بين يومٍ وليلةٍ، ليس له طعامٌ غيرُه؛ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إنها طَعَامُ طُعْمٍ))، وزاد غيرُ مسلم بإسناده: ((وشفاءُ سُقْمٍ)) [18].




[1] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن؛ محمد الأمين الشنقيطي، ج4، ص 142.

[2] تفسير البيضاوي؛ البيضاوي، ج4، ص104.

[3] التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور؛ ابن عاشور التونسي، ج23، ص165.

[4] العلاج بالماء قديمًا وحديثًا؛ ماهر حسن محمود، ص6.

[5] صحيح مسلم 2120.

[6] صحيح البخاري 3261.

[7] معجزة الماء والرقية الشرعية (بحث)، د. دسوقي أحمد محمد عبدالحليم، ص6.

[8] صحيح مسلم 556.

[9] صحيح البخاري 136.

[10] صحيح البخاري 159.

[11] المعجم الأوسط؛ للطبراني 3912.

[12] صحيح البخاري 3364.

[13] صحيح البخاري 349.

[14] صحيح مسلم 6513.

[15] مسند البزار 3929.

[16] سنن ابن ماجه 3062.

[17] جاء في فيض القدير شرح الجامع الصغير؛ للمناوي: "هَزْمة جبريل: بفتح الهاء، وسكون الزاي؛ أي: غمزته بعقب رجله؛ قال الزمخشري: من هزم في الأرض هزمة إذا شق شقة، والهزم بلغة اليمن باطن الأرض".

[18] الطب النبوي؛ ابن قيم الجوزية، ص 132-133.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.15 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]