مواقف للسلف الصالح في تدبر القرآن الكريم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 17 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 49 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 22 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 730 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-03-2023, 07:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي مواقف للسلف الصالح في تدبر القرآن الكريم

مواقف للسلف الصالح في تدبر القرآن الكريم
د. أنس محمد الغنام

القرآن الكريم هو أهم شيء في حياة المسلم؛ لأن مدار سعادته في الدنيا والآخرة مرهونة به وقائمة عليه، فالقرآن الكريم يشتمل على العقائد التي يجب عليه الإيمان بها، والعبادات المفروضة التي عليه أن يؤديها، والأخلاق التي لا بد له من التخلق بها، والسير على رسومها، والقصص والمواعظ التي عليه أن يفهم مراميها ويتَّعِظ بها.

من أجل ذلك كله كان على كل مسلم أن يهتمَّ بهذا القرآن الكريم، يهتم به عملًا وسلوكًا، ويعتني به تلاوةً وتدبُّرًا، ويداوم عليه تأمُّلًا وتفكُّرًا.

فالقرآن الكريم لم ينزله الحق سبحانه وتعالى لكي نقرأه في مآتمنا، أو نفتتح به مجالسنا، أو نُزيِّن به أعراسنا ومحافلنا، أو نتخذه أداةً للإثراء والكسب، ثم بعد ذلك يكون مصيره الهجر والإهمال، والترك والإبعاد، وإنما أنزله الله سبحانه وتعالى؛ ليكون منهجَ حياةٍ، وطريقَ عملٍ، وسبيلَ نجاةٍ، ولكي نشعر بقيمة هذا القرآن العظيم، ويكون له الأثر الكبير في حياتنا وسلوكنا، لا بد من العناية بتدبُّره، والوقوف عند آياته نستجلي معانيها، ونفهم مراميها، ونسبر أغوارها، ونكشف أسرارها.

ولبيان قيمة هذا التدبُّر، ومدى أثره في حياة المسلم، نجد أن الحق سبحانه وتعالى جعل الغاية الأساسية من وراء إنزال هذا القرآن الكريم، هو تدبُّره، فقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29] كما نعى على الذين أغلقوا قلوبهم دون فهمه، وأرخوا الحجب عليها دون تفكُّره، وجعلوا عليها أقفالًا من الجحود والاستكبار، وأغلفة من التكذيب والإنكار، فقال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].

والتدبُّر المقصود ليس هو مجرد فهم معاني القرآن الكريم، ومعرفة تفسيره، فهذا قد يعرفه غير المسلم الذي يفهم معاني القرآن الكريم حتى يُشكِّك المسلمين فيه، ويتخذ من فهمه وسيلة لإثارة الشبهات حوله، وزعزة إيمان المسلم به، كما أن معرفة معاني القرآن الكريم قد تقع لبعض عصاة المسلمين الذين لايخشون الله، ولا يرقبون لقاه، ولا يطبقون ما فهموه من القرآن الكريم في حياتهم، أو يترجمونه في سلوكهم.

وإنما التدبُّر المقصود هو الفهم العميق لآيات القرآن الكريم، هذا الفهم الذي يترك أثرًا عميقًا في قلب وجوارح من يقرؤه ويتلوه، وهذا الأثر يظهر في صورة قشعريرة في الجلد، ورجفة في الجوارح، ووجل في القلب، ودمعة في العين، كما قال تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 23]، وقوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].

ولا يقتصر أثر هذا التدبر على الانفعالات التي تظهر على الجسد فقط، وإنما يمتد هذا الأثر حتى ينطبع على سلوك المسلم في حياته كلها، فيصبغه كله بآداب القرآن وتوجيهات القرآن وأخلاق القرآن، وخير ما يُمثِّل ذلك قول السيد عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان خُلُقُه القُرآنَ)؛ [مسند أحمد: 25813].

هذا هو التدبُّر الذي قصده الله عز وجل، التدبُّر الذي يخلق الإنسان خلقًا جديدًا، وينشؤه نشأة أخرى، ويكون الإنسان فيها مع القرآن كالمرآة النقيَّة الصافية التي تنعكس عليها حقائقه وهداياته وأخلاقه.

وحتى نصل إلى هذا المستوى العالي من التدبُّر لا بد من تقوية العزائم، وشحذ الهمم، والتماس القدوة في سلفنا الصالح، وذلك بأن نتعرف على أحوالهم مع القرآن الكريم، وكيف كانوا يتدبَّرونه، ويقفون عند حدوده، ويلتزمون أوامره، ويجتنبون نواهيه، نتعرف على تجاوبهم معه، وتفاعلهم مع آيته، فهذا له أكبر الأثر في دفعنا دفعًا إلى تدبُّر هذا القرآن الكريم، وفهمه حق الفهم، حتى يثمر فينا الثمرة التي أثمرها فيهم، فكانوا بها سادة الدنيا علمًا وعملًا، وهديًا وسلوكًا.

وأول ما نبدأ به من مواقف سلفنا الصالح في تدبُّر القرآن الكريم، وكيف كانوا يتفاعلون مع آياته هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1- عن عبدالله بن مسعود، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ عليَّ))، قلت: يا رسول الله، أأقرأ عليك، وعليك أُنزِل، قال: ((نعم))، فقرأتُ سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن))، فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان؛ [البخاري: 5050].

2- عن عبدالله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم: تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾ [إبراهيم: 36] الآية، وقال عيسى عليه السلام: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فرفع يديه وقال: ((اللهُمَّ أُمَّتي أُمَّتي))، وبكى، فقال الله عز وجل: ((يا جبريل، اذهب إلى محمد، وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟))، فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال، وهو أعلم، فقال الله: ((يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك، ولا نسوءك ))؛ [مسلم: 202].

3- عن مطرف، عن أبيه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي وفي صدره أزيز كأزيز الرَّحَى من البكاء صلى الله عليه وسلم»؛ [أبو داود: 904، صحَّحه الألباني].

4- عن ابن عباس، قال: قال أبو بكر: يا رسول الله، قد شبت، قال: «شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعَمَّ يتساءلون، وإذا الشمس كورت»؛ [الترمذي: 3297، صحَّحه الألباني].

5- عن عائشة أنَّ أبا بكر الصديق رضي الله عنهما "ابتنى مسجدًا بفناء داره وكان يُصلِّي فيه، ويقرأ القرآن فتقف عليه نساء المشركين، وأبناؤهم وهم يتعجَّبون منه، وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلًا بكَّاءً لا يملك دمْعَه حين يقرأ القرآن"؛ [البخاري: 476].

6- عن الحسن، قال: كان عمر بن الخطاب "يمُرُّ بالآية في ورده فتخنقه، فيبكي حتى يسقط، ويلزم بيته اليوم واليومين حتى يعاد يحسبونه مريضًا"؛ [شعب الإيمان للبيهقي: 3/ 414].

7- عبدالله بن شداد بن الهاد يقول: "سمعت نشيج عمر بن الخطاب وأنا في آخر الصفوف في صلاة الصبح يقرأ من سورة يوسف" قال: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86] [شعب الإيمان للبيهقي: 3/ 414].

8- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القُرَّاء أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولًا كانوا أو شبَّانًا»، فقال عيينة لابن أخيه: يا بن أخي، هل لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: «فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر»، فلما دخل عليه قال: هي يا بن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هَمَّ أن يُوقِع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، «والله ما جاوَزَها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافًا عند كتاب الله»؛ [البخاري: 4642].

9- عن ابن أبي مليكة: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل، قام شطر الليل، فسأله أيوب: كيف كانت قراءته؟ قال: قرأ: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ق: 19]، فجعل يرتل، ويكثر في ذلك النشيج؛ أي: البكاء الشديد؛ [سير أعلام النبلاء: 3/ 324].

10- عبدالله بن عمر أعتق جاريته التي يُقال لها رميثة، وقال: إني سمعت الله عز وجل يقول في كتابه: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وإني والله إن كنت لأحبُّك في الدنيا، اذهبي فأنت حرة لوجه الله عز وجل؛ [حلية الأولياء: 1/ 295].

11- عن قزعة، قال: رأيت على ابن عمر ثيابًا خشنة، أو خشبة، فقلت له: يا أبا عبدالرحمن، إني أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أراه عليك، فإن عليك ثيابًا خشنة، أو خشبة، فقال: أرنيه حتى أنظر إليه، قال: فلمسه بيده، وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن، قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أن أكون مختالًا فخورًا، والله لا يحب كل مختال فخور؛ [حلية الأولياء: 1/ 302].

12- كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحا، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخله ويشرب من ماء فيه طيب، فلمَّا أنزلت: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله تعالى يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وإنَّ أحبَّ أموالي إلى بيرحا، وإنها صدقة لله أرجو بَرَّها وذخرها عند الله، فضعها حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ بخ! ذلك مال رابح - مرتين - وقد سمعت ما قلت وأنا أرى أن تجعله في الأقربين))، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها بين أقاربه وبني عمِّه؛ [البخاري: 1461].

13- عن أنس رضي الله عنه أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنَّ لفلان نخلةً، وأنا أقيم حائطي بها، فأمره أن يُعطيني إيَّاها حتى أقيم بها حائطي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعْطِها إيَّاه بنخلة في الجنة))، فأبى فأتى أبو الدحداح الرجل، فقال: بعني نخلتك بحائطي، ففعل، فأتى أبو الدحداح فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعت النخلة بحائطي، فاجعلها له وقد أعطيتكها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كم من عذق رداح لأبي الدحداح مرارًا))، فأتى أبو الدحداح امرأته، فقال: يا أم الدحداح، اخرجي من الحائط فقد بِعْتُه بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع؛ [الطبراني في المعجم الكبير: 763].

14- كان ثابت "يقرأ ويلك ﴿ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ﴾ [الكهف: 37] وهو يُصلِّي صلاة الليل ينتحب ويُردِّدُها"؛ [شعب الإيمان: 3/ 417].

15- سمعت بشر بن الحكم النيسابوري، يقول: "كانت امرأة الفضيل تقول: لا تقرءوا عند ابني القرآن" قال بشر: "وكان إذا قُرئ عنده القرآن غُشِي عليه" قال بشر: وكان ابن الفضيل لا يقدر على قراءة القرآن، فقال لأبيه: "يا أبتِ ادع الله لعلي أستطيع أن أختم القرآن مرة واحدة"؛ [شعب الإيمان: 3/ 417].

16- سكبت جارية لعلي بن الحسين عليه ماء ليتوضَّأ فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجَّه، فرفع رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله يقول: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾ [آل عمران: 134]، فقال: قد كظمت غيظي، قالت: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 134]، فقال: عفا الله عنك، فقالت: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، قال: أنت حُرَّةٌ لوجه الله تعالى؛ [البداية والنهاية: 9/ 107].

17- عن محمد بن المنكدر أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي، إذ استبكى، فكثر بكاؤه، حتى فزع له أهله، وسألوه؟ فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم، فجاء إليه، فقال: ما الذي أبكاك؟ قال: مرَّتْ بي آية، قال: وما هي؟ قال: ﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾ [الزمر: 47]، فبكى أبو حازم معه، فاشتَدَّ بكاؤهما، وروى: عفيف بن سالم، عن عكرمة بن إبراهيم، عن ابن المنكدر: أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع؟! قال: أخشى آية من كتاب الله: ﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾ [الزمر: 47]، فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب؛ [سير أعلام النبلاء: 5/ 355].

18- عبيدالله بن وهب، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، يقول: "لأن أقرأ في ليلة حتى أُصبِح إذا زلزلت الأرض زلزالها والقارعة لا أزيد عليهما، وأتردَّد فيهما، وأتفكَّر أحَبُّ إليَّ من أن أهدر القرآن هدرًا، أو قال: أنثره نثرًا"؛ [حلية الأولياء: 3/ 214].

19- الحارث بن سعيد، قال: كُنَّا عند مالك بن دينار وعندنا قارئ يقرأ: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1]، فجعل مالك ينتفض وأهل المجلس يبكون ويصرخون حتى انتهى إلى هذه الآية: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8] قال: فجعل مالك، والله، يبكي ويشهق حتى غشي عليه، فحمل بين القوم صريعًا؛ [صفة الصفوة: 2/ 165].

20– أتي الحسن بكوز من الماء ليفطر عليه، فلمَّا أدناه من فيه بكي، وقال: ذكرت أمنية أهل النار ﴿ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 50] وذكرت ما أجيبوا ﴿ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]؛ [صلاح الأمة في علوِّ الهمة: 4/ 197].

21- محمد بن ناجية، قال: صليت خلف الفضيل، فقرأ: ﴿ الْحَاقَّةُ ﴾ [الحاقة: 1] في الصبح، فلما بلغ إلى قوله: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴾ [الحاقة: 30] غلبه البكاء، فسقط ابنه عليٌّ مغشيًّا عليه؛ [سير أعلام النبلاء: 8/ 444].

22- عن حفص بن حميد قال لي زياد بن جرير: اقرأ عليَّ، فقرأتُ عليه ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ﴾ [الشرح: 1-3]، فقال: يا بن أم زياد، أُنقِض ظهرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يبكي كما يبكي الصبي؛ [صلاح الأُمَّة في علوِّ الهِمَّة: 4/ 217].

23- وقرئ عند يحيى البكَّاء ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 30]، فصاح صيحةً مكث منها مريضًا أربعة أشهر يعاد من أطراف البصرة؛ [إحياء علوم الدين: 4/ 184].

هذه المواقف هي غيض من فيض تدلُّ على المستوى العالي من التدبُّر الذي وصل إليه أسلافُنا الصالحون، وتدل على أن القرآن الكريم كان يسري في عروقهم، ويجري في دمائهم، ويمتزج بكيانهم كله، حتى عاشوا به، وتجلَّى أثره في جميع شؤون حياتهم، ولم يبْقَ لنا إلَّا أن نحْذُوَ حذوَهم، وننتهج نهجَهم، حتى نصل إلى ما وصلوا إليه من حُسْن الفَهْم، وكمال التدبُّر، وعمق التفكُّر، وبهذا نحصل سعادة الدنيا، وكرامة الآخرة.

والحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.85 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]