الشاعر كاظم عبدالله العبودي .. الوفاء والانتماء ( دراسة نقدية ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3963 - عددالزوار : 400942 )           »          حديث: «جئتكم بالذبح» بين تشنيع الملاحدة واستغلال المتطرفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          القائد قدوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          وظائف عبادية في رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          المصلى المدرسي وأثره في حياة الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          الأجيال المتعاقبة صراع وعقوق، أم حوار وتعاون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الجيل المثالي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          زوّجوني وإلا سأنفجر!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          مكانة المرأة ، ودورها في المجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          لا تغضب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-08-2022, 05:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,473
الدولة : Egypt
افتراضي الشاعر كاظم عبدالله العبودي .. الوفاء والانتماء ( دراسة نقدية )

الشاعر كاظم عبدالله العبودي .. الوفاء والانتماء ( دراسة نقدية )
علي محمد سلمان العبيدي






مقدمة:
(الصدق - الصبر - الوفاء - الانتماء للأرض والأصل)، كلمات وعبارات لها معانٍ عميقة وصدًى واسع في نفوس الناس، وكل الأوساط العلمية والثقافية، لها أثر واضح في تفسير معاني الحياة وترجمة دقيقة لقيمة وجود الإنسان، وإجابة صريحة لكل الأسئلة التي تدور في فلك التضحية والعطاء، في قيم ومبادئ إنسان وهب نفسه لأصله وأرضه ومجتمعه ووطنه.

وهب نفسه وما كان لينتظر هبة أو مكافئة أو منصبا ولا حتى كلمة شكر.

إنسانٌ عاش المعاناة والألم والجَوْر وقسوة الظروف وحده، أنيسه الصبر، وسلاحه الإيمان، شعاره الصدق، طابعه الوفاء، هدفه العلم والثقافة وإحياء التراث الأصيل وبناء المستقبل.

هذا ما دفعني للكتابة عن شخصية الشاعر "كاظم عبدالله العبودي"، هذا الشاعر الذي عاش زمنًا غير قصير ظروفًا قاسية، وتحمَّل ضروبًا من الألم، وألونًا شتى من المعاناة، بسبب قسوة الظروف السياسية والاجتماعية، والتي تفاعل معها بكل إيجابية وعقلانية، عَبْر حياته المليئة بالمصائب، والمفاجآت، والضغط النفسي الهائل، الذي كان يتعرَّض له عبر مسيرة مُضْنية حمل همومها وقسوتها وحده؛ حيث لا أنيس يملأ وحدته، ولا مُعِين يحمل عنه بعض الثقل الهائل الذي أضناه وأثقل كاهله.

كان هذا الشاعر يخرجُ من ليل مُدْلَهمٍ داجٍ ليستبشر بصباح جميل نديٍّ، فإذا به يواجه المُزْن الرعدية ببرقها الذي يذهَبُ بالأبصار، وريحها العاصف، وعوارضها الراعبة، وما أن تنكشِفَ عنه حتى يجد نفسه في لُجَّة بحر هائج متلاطم الأمواج، فيبقى يصارع ويصارع، وما أن ينجو بزَوْرَقه نحو الساحل ليحط رِجْله على بر الأمان، تواجهه العواصف الهوجاء، كان يصبح ويمسي وهو ضجيع الهموم، ورفيق المصاعب وعاديات الزمن.

لكن بقي هذا الرجل الأصيل واقفًا بوجه كل هذه المحن ثابتَ الجنان برباطة جأشه، قوي الشكيمة في مواجهة كل المصاعب، صابرًا محتسبًا مجاهدًا، ولسان حاله يقول: هكذا تُصنَع الرجال بالثبات وصدق المواقف، والإيمان بالمبادئ والمُثُل، وبقوة التمسك بالأرض وشدة الانتماء للوطن، وعدم التنازل عن القيم النبيلة قيم الشرف والكرامة، التي يتحلى بها الإنسان العربي الأصيل، الذي يهَبُ نفسه وروحه وجسده لأرضه ولانتمائه، ولتمسكه بعقيدته وفكره، ودفاعه عن الحرية والتخلص من العبودية، واضعًا نُصب عينيه هدفًا ساميًا يرسم به طريقا نيِّرًا لمستقبل أبناء وطنه وأرضه ومجتمعه، ولكل إنسان من الورى يَرُومُ تحقيق أهداف سامية في الثقافة والعلم والأدب.

إن كل المتغيِّرات التي مرَّت عليه صقلت شخصيته، وكل إرهاصات الزمن جعلت منه سبيكة عجيبة غنية بالقيم والمثل، وخزينة مليئة بالأخلاق العالية والمبادئ المستقيمة، وحديقة غنَّاء تعجُّ بعبق الزهور، وروحًا مفعمة بالإحساس والمشاعر النبيلة، التي تمثل الإنسان الأصيل الذي يحمل في طيات فكره فلسفة الإيثار والدفاع عن مبادئه وقيمه الأصيلة، المعبرة عن روح العصر، والمستمدة من تاريخه الطويل وخزين أمته العريق.

ذلك الإنسان النبيل الذي نأى بنفسه النقية وروحه الصافية بعيدًا عن الأنانية، وكل ما يعكر صفو فكره وعقله وقيمه التي يؤمن بها، وما هي إلا شعار وعنوان أبناء مجتمعه وأمته ذات المزايا الأخلاقية العظيمة الضاربة في عمق التاريخ الحافل بالأمجاد.

إن الظروف الصعبة وقسوة الزمن لم تَفُتَّ في عضده، بل بالعكس زادته صلابة، ومنحته قوة إلى قوته، وأعطته الإمكانيات والقدرات البنَّاءة ليلعب دورًا رئيسيًّا وفاعلاً في حياة مجتمعه، وإعمال فكره وعقله لتطويع عقول الناس وأفكارهم ومعتقداتهم، وتكريس جهدهم في الثبات على المُثُل والقيم والأصالة، وبدفعهم وتوجيه طاقاتهم نحو تجديد الأفكار والأساليب التي من شأنِها إحياء الماضي بروح عصرية جديدة تتماشى مع المتغيرات الحديثة، وتسير بركب التطور الحضاري والثقافي، وفي مختلف ميادين العلم والمعرفة، مع المحافظة على خزين التراث الذي يستمد منه أفكاره وفلسفته، وعدم تغيير قالبه الذي انطلق منه.

ومجمل هذه الظروف والمتغيرات التي سبق ذكرها، والتي عاشها هذا الشاعر وخرج منها بهذه الشخصية الرصينة، كانت حافزًا قويًّا يدفعني كل مرة وأنا أتنَزَّهُ في حدائق شعره، وأسرح بفكري مع جميل تعابيره ورقة أحاسيسه، وأقطف من أزهار دواوينه، أحس بقيمة الثبات وقدرة الإبداع التي حَدَتْ بي لدراسة شخصية هذا الشاعر الرصينة القوية الثابتة، ذات المعدن الأصيل، والتي صهرتها عاديات الزمن وقسوة الظروف، لتُخرجِها إلى الدنيا بهذا القالب الجميل المتجدد، الذي يحمل بريق الماضي بعطر الحاضر الذي يعطي أملاً متجددًا لكل مَن يريد أن يرتقي بالمبادئ والمُثُل والقيم إلى أعلى المستويات.

إن هذا الشاعر هو ثمرةٌ طيِّبة لشجرة طيبة باسقة وارفة الظلال، ألا هي شجرة الأدب العربي الأصيل، المعبرة عن عقله المفكِّر وشعوره الجميل وإحساسه المرهف، والذي اتخذَ من الأدب مَشعلاً نيرًا ليعبِّر عمَّا في نفسه من مشاعر، وما يجول بخاطره من أفكار، وما تحمل روحه من أحاسيس مفعمة بالحب والحنان والصدق والإخلاص والوفاء، والتي تنبذ وترفض كل ما هو دنيء وقبيح من صفات الأنانية واللؤم والحرص على كتمان العلم والمعرفة وعدم إفشائهما، وكل ما يحمل من جوًى وألَمٍ وأحزان ليترجمَها إلى كلام رائع رفيع المستوى، عميق المعنى، خارق في المغزى، يُصوِّر به الحقيقة الناصعة، ويُبلوِرُ الأفكار، ويُظهِرُ العواطف والأحاسيس بنسقٍ موسيقيٍّ رنَّان يطربُ السامعين في مزايا التعبير عن نفسه التوَّاقة للفضيلة والوفاء، لتظهر خزين مواهبها في التأثير الفاعل، وتفصح عن خواصِّها الرصينة بجمال الأسلوب ودقة التعبير، والقدرة على تصريف الكلمات والإبداع في صناعة هيكل القصائد، والتواصل مع الدنيا وعجائبها والحياة وتأثيرها.

ينهضُ به لسانه الشاعري بوظيفة التهذيب، الذي تنتهي عنده جهوده ورغباته في توصيل الفكرة المؤثِّرة القوية الصادقة، التي تصل إلى الألباب وتتفاعل معها بقوة تأثيرها وسمو قيمتها، لتُحرِّك الأحاسيس والمشاعر، والتي هي بدورها تُحرِّك الحياة إلى أرفع مستويات الأخلاق والمثل العليا، وينقل ذلك كلَّه إلى الناس الذين يعيشون معه، والذين سيُولَدون ويعيشون في قابل الأيام.

إن تجرِبةَ هذا الشاعر وخبرته في الحياة أعطته قيمةً عليا وصفات مثلى، لها تأثيرها الفاعل في أدبه وشعره، استدعت نقله بصورة الملائمة لكل حالة وأثر، لتضع بصمتها على أحاسيس القارئ، وتخلق شعورًا مشتركًا بينه وبين قُرَّائه وسامِعيه على طول الخط الذي رسمه، فخلَقَت هذه الصفة حالةً عجيبة من الالتصاق والتماسك الروحي والمعنوي بينه وبين القارئ؛ لأنه أدرك معنى الحياة والهدف الذي يعيش من أجلِه الإنسان، كذلك فسر كل معاني السمو والخلود وفهِم كُنْه العالم وكُنْه ما يدور حوله، وعرَف كيف يجب أن تكون النهاية، وكيف هي خاتمة الإنسان المحتومة.

عندما تتأمَّل شعرَه تجدُه يضجُّ بكل هذه المعاني العميقة الصادقة التي يُعبِّر عنها بأسلوب بارع وعميق يُضفِي عليه عبارات الصدق والوفاء الجميلة.

إن هذا العقل النافذ والتفاعل النفسي النقيَّ، نستطيع أن نستعرضه من خلال الصور الحسية الجميلة والاستعارات اللفظية الرنَّانة التي أنتجتها خبرةٌ طويلة وتجرِبةُ ظروفٍ قاسية، نقلها للمتلقِّي بأبهى صورة حسية، وأحسن طريقة معبرة عن كل ما يدور في دواخله، وعن كل ما يتفاعل معه من مؤثرات الحياة.

إن هذا الشاعر نهض وحدَه بأعباءِ ثقافته وأدبه؛ لكي يصل بها إلى قلوب سامعيه، متوسلاً ببلاغته المعهودة، وداعيًا إليهم ببراعة استهلال القصائد ومختلف الوسائل والأساليب، من أجل زرع بذور الثقافة والفلسفة والعلم، بصدق العاطفة، وقابلية الإقناع، ونفوذ البصيرة، وصدق المشاعر، ورقَّة العواطف التي تستندُ إلى حقيقة الحياة التي تُضفِي على النفوس يقظةَ الفكر وسموِّ الخيال.

إن أفكار الشاعر وطموحه قادَه ويقودُه إلى أكثر مما يتصوَّر الفرد العادي، فهو شمعة تحترق لتنير الظلام أمام الآخرين؛ لكي يبصروا نور الحقيقة بعين الثقافة والمعرفة والأصالة، المتمثلة في الأدب العربي العظيم، الذي يحمل في طياته خزينَ وكنوزَ أمَّة بَنَت تراثها الثمين على مرِّ القرون.

فإن شخصية كهذا خرَجَت من بين حطام الزمن القاسي وكومة ركام الماضي المرير، لتلملم الجراح، وتدوس على الآلام، وتمحو آثاره الموجعة، وتُلغِي قهره ببسمة الصبر والمصابرة وترويح النفس بأمل قادم أكيد - تستحقُّ وقفة تقدير؛ لأنها أدهشت الجميع بثباتها القوي ورسوخ الأصالة وعظم المبادئ التي ينطوي عليها جسده.

إن شعره ودواوينه ما هي إلا صرخة الأعماق ودواخل النفس البشرية لما يعانيه المجتمع، هي صرخة في عالم الحقيقة لتصحيح مسارات حادَت عن جادَّة الصواب، وأقدام زلت عن طريق الأجداد، من أجل هدف أسمى للحياة الحرة، ومن أجل ترسيخ الثوابت الفكرية العظيمة في حياة المجتمع، هي بعث روح جديدة، وبث فكر عظيم خلاَّق، إنها دعوة تجديد شاملة لتبقى خالدة على مر الزمن.

حريٌّ بنا أن نُقدِّم لهذه الشخصية كل حب وتقدير وتبجيل واحترام، وقليل ما نقدمه لشخص شاعر حمل هموم الناس والمجتمع والأهل والأصدقاء.

حريٌّ بنا أن نُكرِمه ونبجِّله بكل عبارات التكريم والتقدير، ونتخذ منه قدوة لنا نقتدي بفكره، ونبراسًا نستضيء بمبادئه وقِيَمه التي يحملُها في صدره، وأن نتمثَّل بخلقه في وفائه ومحبته لمجتمعه ولأصدقائه وخاصَّته، وما يحملُه قلبُه من حب وتسامح وتواضع وودٍّ لكل الناس، وهذا شأن الأدباء الشرفاء الشجعان الثابتين على المواقف الصادقة والأخلاق العالية وصفات الكرم الطيبة.

على السريع:
كاظم عبدالله عودة العبودي/ شاعر وكاتب:
من مواليد قضاء الرفاعي (الذي اتخذ الشاعر من اسمه لقبًا لفترة من الزمن)، عام 1943 م محافظة ذي قار (الناصرية).
أكمل الدراسة الابتدائية والمتوسطة في الرفاعي منتقلاً إلى الناصرية لإكمال الإعدادية.
تخرَّج من معهد الصحة العالي في بغداد عام 1965 م.
تنقَّل وظيفيًّا بين الرمادي والحلة وبغداد؛ حيث الإقامة حاليًّا.
متزوج وله ثلاثة أولاد (طبيبانِ وموظف)، وثلاث بنات (طبيبة ومهندستان).
عضو اتحاد أدباء وكتاب العراق، ويمارس نشاطه الأدبي من خلاله.
من كُتَّاب وشعراء جريدة (الزمان) البغدادية حاليًّا.

الجوانب الأدبية:
مارَس كتابة الشعر، أو بالأحرى بدأ مع الشعر منذ كان طالبًا في الإعدادية.

أولى قصائدِه كانت عمودية، مُشجِّعه الأول على كتابة الشعر كان أستاذ اللغة العربية في إعدادية الناصرية (عبدالرحمن عبدالأمير) بعد اطِّلاعه على كتاباته البكر.

قبل الشعر فُتحت له نوافذ القراءة متطلعًا، وبنهم شديد إلى قراءة القصة والرواية؛ حيث إنه كان يغادر مقاعد الدرس صوب المكتبة العامة في مدينة الناصرية، مفضلاً قراءة نجيب محفوظ، ويوسف السباعي، ومحمد عبدالحليم عبدالله بشغف كبير.

شجَّعه على القراءة العامَّة أستاذ اللغة الإنجليزية وصديق عائلته الأستاذ (مهدي السيد حسين الياسري)، مطلع العقد السادس من القرن المنصرم؛ حيث موجةُ الكتابات الوجودية التي غزت الأسواق والعقول، فانصرف - شأنُه شأنُ أقرانِه - إلى قراءة مؤلفات سارتر، وكامو، وكولن ولسون، وفرانسوا ساغان، وسيمون دي بوفوار.

قرأ قصص الكتاب الأوروبيين كثيرًا؛ ومنهم (خارج الموجة الوجودية) فلوبير وسومرست موم وستيفان زفالج، بوشكين، دستويفسكي، تشيخوف، تشارلس ديكنز، وغيرهم.

حاول كتابة القصة القصيرة والرواية أيضًا، وربما قبل أو بالتزامن مع القصيدة.

اقترب من شاعر الناصرية الكبير (قيس لفته مراد)، لكنه لم ينسجم مع أفكاره وآرائه.

كان شديد الإعجاب بالشاعر الرائد الرائع - حسب تعبيره - بدر شاكر السيَّاب، ثم سليمان العيسى، ولم يكن على توافق مع نازك الملائكة، ولا عبدالوهاب البياتي، ومن هنا بدأت كتابة قصائد الشعر الحر على نسق ما كان يكتبُه هؤلاء الرواد للشعر الحر، الذي يدعونه الآن (شعر التفعيلة)، وما زال يمارس كتابته بالإضافة لشعر العمود.

ما زال يجد متعة في قراءةِ القصة والرواية، ولكن ليس على حساب قراءة الشعر أو نظمه.

في الحلة وخلال أواخر الستينيَّات شكل هو ومجموعة من مبدعي المدينة (ندوة عشتار الأدبية)، ذكر منهم حامد الهيتي، وعدنان العوادي، وعبدالرحمن أطيمش، وكانت لهم بعض الأماسي والأنشطة الأخرى.

عند انتقاله إلى بغداد قدَّمه الكاتب الكبير الأستاذ (محسن جاسم الموسوي) إلى الوسط الأدبي، وتعرف من خلال عَلاقته به بالكثير من المبدعين في هذا الوسط، يتذكر منهم الكاتب القدير (جمعة اللامي)، والكاتب والشاعر (رزاق إبراهيم حسن)، وآخرين.

كان يكتب الشعر دون عناية بمعرفة الأوزان، أو حتى قراءة علم العروض، فقد كان منكرًا لتحويل الشعر كإبداع إلى علمٍ يُدرَس أو يُدرَّس، فقد كان يكتبه على السليقة كما يقولون، ثم اطَّلع في مرحلة متأخرة على (الخليل وعروضه).

أكبر وأعظم المؤثرين فيه وعليه، هو أكبر وأعظم شعراء العربية منذ نبوغه حتى اليوم، سلطان القوافي، ومالئ الدنيا، وشاغل الناس، شاعر الحكمة (أبو الطيب المتنبي) وبلا منازع.

من المعاصرين يهوَى قراءة - على سبيل المثال لا الحصر - عبدالرزاق عبدالواحد، محمد حسين آل ياسين، وليد الصراف، عارف الساعدي، سامي الياسري، غزاي درع، وآخرين.

يتأثر كثيرًا بسماع وقراءة عمود الشعر ثم التفعيلة، وتؤثر فيه قصائد نثرية لشعراء قصيدة النثر؛ مثل إبراهيم الخياط، عمر السراي، مروان عادل، وغيرهم.

يُؤمِن الشاعر بتعايش كل أنواع الإبداع، ولكن لا على حساب أنواع أخرى، مرددًا مقولة: دع ألف وردة تتفتَّح.

يهتم الشاعر بالأصالة، ويعود إلى الجذور كثيرًا، ولا يرغب بقطعها مطلقًا، فمهما بلغت بنا الحداثة، فإنه يلحُّ على العودة إلى النبع الأول والاغتراف منه دون اغتراب عنه، ولا بأس أن نستقي من شتى الينابيع، ولكن:
نقِّل فؤادك حيث شئتَ من الهوى
ما الحبُّ إلا للحبيب الأوَّلِ

كم منزلٍ في الأرض يسكُنه الفتى
وحنينُه أبدًا لأول منزلِ

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-08-2022, 05:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,473
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الشاعر كاظم عبدالله العبودي .. الوفاء والانتماء ( دراسة نقدية )

أعمال الشاعر ونشاطاته الأدبية:
طبعت له المجاميع الشعرية التالية:
وعيون الهواشم أغلى؛ مطبعة نحلة/ بغداد.
إكرامًا لعيون ليلى؛ مؤسسة مصر - مرتضى/ بغداد.
رؤى غادة كانت زهراء؛ مؤسسة مصر - مرتضى/ بغداد.
كتابات على الضفاف - مكتبة عدنان/ بغداد.

والمخطوطات التالية (مجاميع شعرية أيضًا):
يقول الخريف - قيد الطبع.
بغداد قلبي - قيد الطبع (قصائد مختارة).
دنيا الضباب - بواكير كتاباته الشعرية - مخطوط.

نُشرت له أول قصيدة في جريدة (المستقبل) البغدادية عام 1962م، وكان صاحب الجريدة الصحفي (رسمي العامل)، كما نُشرت بعض قصائده في جريدة (الأنباء الجديدة) البغدادية عام 1964م، وفي جريدة (كل شيء) للصحفي (عبدالمنعم الجادر) عام 1968م، وبعض الصحف العراقية أواخر التسعينيات أيضًا.

حرَّر مساهمًا مع الكاتب (جمعة اللامي) الصفحة الأدبية (فكر معاصر) في جريدة (الراصد) البغدادية عام 1972/1973م.

وما زال يواصل نشاطاتِه الأدبية في نظم الشعر، والحضور المتواصل والفاعل في الندوات والمؤتمرات المستمرة التي يرعاها اتحاد الأدباء العراقيين في العاصمة بغداد الحبيبة، وهذا الحضور له طعمه وأثره، من خلال ما يُقدِّمه الشاعر من إنجازات أدبية، والملاحظات أو التوجيهات من خلال الحوارات التي تدور في الساحة الأدبية العراقية، وهؤلاء لأدباء لهم الأثر البنَّاء واليد الطولى في إثراء الساحة الأدبية، بالحوارات والنقاشات والنقد، ومتابعة كل الأحداث والمتغيرات التي تدور في البلد، ليس على المستوى الأدبي فحسب، إنما على كافة المستويات والأصعدة السياسية والاجتماعية والأخلاقية والدينية؛ لأنهم هم الطبقة المثقَّفة التي تضم المفكرين والباحثين والعلماء، الذين يعون ما يدور حولهم من أحداث وسِجالات فكرية وعقدية وفلسفية، فهم يقومون بعرض كل هذه الأفكار والنتاجات، وما تفرزه الساحة العامة من أحداث، ويضعونها على طاولة النقاش، فيدرسونها ويخرجون منها بالنتائج المفيدة التي تعبر عن آراء قيِّمة يستفيد منها المجتمع على اختلاف طبقاته واتجاهاته في مختلف الميادين.

حوار هادئ:
س- أثر الشعر الجاهلي في نفس الشاعر؟
ج- الشعر الجاهلي هو الأساس، وهو المدرسة الأم لكل مَن يروم أن يكون شاعرًا، وخصوصًا (شعراء العمودي)، لكن عند قراءة الشعر الجاهلي وبرغم المتعة، فالمعاناة من المفردة الوحشية تبقى قائمة.

س- أكثر شعراء الجاهلي تأثيرًا في نفس الشاعر؟
ج- امرؤ القيس، فهو أبو الشعر الجاهلي، لِمَا كان له من تعدُّد الأغراض والوصف الجميل، إلى غير ذلك من المزايا، له سحره الذي أُحلِّق معه في عالم الخيال.

س- أكثر شعراء العصر الإسلامي تأثيرًا في نفس الشاعر؟
ج- المتنبي بلا منازع، يليه البحتري وأبو تمام، البحتري في شعره ميل إلى الرقة والعذوبة والغزل، أما المتنبي كتب ما هو أكبر وأعظم، فهو شاعر يتفجَّر فروسيةً وحكمة، وكذلك أبو تمام وقصيدته البائية لها أثرها، ثم أردف قائلاً: "أنا مع تجديد أبي تمام"؛ لأنني كنت قد سألته عن التجديد.

س- أثر الشعراء العراقيين الثلاثة (الزهاوي، الرصافي، الجواهري) في نفس الشاعر؟
ج- الجواهري أكثر تأثيرًا من الآخرين، وأنا لا أميل للشعر الفلسفي.

س- موقف الشاعر من التجديد في الشعر أقصد (الشعر الحر)، وعندما نقول الشعر الحر، فهذا يعني (بدر شاكر السياب، نازك الملائكة، عبدالوهاب البياتي)؟
ج- بدر شاكر السياب الأكثر تأثيرًا وأكثر إعجابًا به من بين رواد الشعر الحر أميل إليه كثيرًا، وقليل الميل إلى نازك الملائكة وعبدالوهاب البياتي.

س- أين تضع الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد من شعراء العراق والوطن العربي؟
ج- عبدالرزاق عبدالواحد من كبار الشعراء العرب، وهو شاعر مؤثِّر في الساحة الأدبية، وأنا شديد الاحترام لشعره.

س- رأي الشاعر بنتاج الشعراء (محمد جميل شلش، محمد بحر العلوم، كمال الحديثي، شفيق الكمالي)؟
ج- قرأت لمحمد جميل شلش وللشعراء المذكورين جميعًا، ولكني أعطي لشلش ميزة أكثر من البقية، مع تقديري واحترامي لهم ولنتاجهم الأدبي.

س- أثر شعراء لبنان في نفس الشاعر وتحديدًا (إيليا أبو ماضي، ميخائيل نعيمة، بشارة الخوري)؟
ج- أدباء مبدعون.

القدرة على التناول (تعدد الأغراض):
إن القدرة على تناول أي غرض من أغراض الشعر بنفس الإبداع وبنفس المستوى، تدل بوضوح على مقدرة كبيرة وخلفية ثقافية متينة، وتعتبر مقياسًا مهمًّا من مقاييس الشعر التي تميز الشاعر بإمكانياته وقدراته، وتضعه في المقدمة وتُبرِز مستواه، وتوضِّح كيف استخدم أدواته وحرَّك عقله وأيقظ فكره؛ لكي يظهَرَ بهذه الصفة الجميلة والمقدرة العالية على التنويع الشاعر؛ من مدح، ورثاء، وغزل، ووصف، وأسى، إلى غير ذلك، وهذه هي حرفة ومهارة الشاعر الذي يريد أن يصل بها إلى المستوى الذي يُميِّزه كشاعر كبير.

قال الجاحظ: "(تناسب الألفاظ مع الأغراض)، ولكلِّ ضربٍ من الحديث ضَرْبٌ من اللفظ، ولكلِّ نوعٍ من المعاني نوعٌ من الأسماء"؛ انتهى.

قيل لبعض الحذاق بصناعة الشعر: "لقد طار اسمك واشتهر، فقال: لأنني أقللت الحز، وطبقت المفصل، وأصبت مقاتل الكلام، وقرطست نكت الأغراض بحسن الفواتح والخواتم، ولطف الخروج إلى المدح والهجاء"، وقد صدق؛ لأن حسن الافتتاح داعية الانشراح، ومطية النجاح، ولطافة الخروج إلى المديح، سبب ارتياح الممدوح، وخاتمة الكلام أبقى في السمع، وألصق بالنفس، لقرب العهد بها، فإن حسُنت حسُن، وإن قبُحت قبُح، والأعمال بخواتيمها؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ انتهى.

وهذه الصفة التي وصل بها الشاعر (كاظم عبدالله) إلى مستواه المتألق الذي نراه هي سهلة بيدِه، طائعة له عندما يطلبُها فكره وخياله يُوجِّهها أينما يُريدُ دونما عصيان، فصارت جوادَه الذي يمتطيه، وعبده الطائع الذي ينفذ إرادته، وهذا ظاهر في دواوينه وأشعاره، فهو ينتقل من غرض لآخر دون عناء أو كلفة، وبنفس الإجادة وبنفس المستوى، وهذا ما يلمسه القارئ بوضوح.

قال في الرثاء:
أمسكتُ قلبي أن يجري على قلمي
وخِلْتُ أن يَراعِي أغمست بدمي

لكنه كان دمعًا عزَّ عن كبرٍ
قبل الفراق، وذلَّ اليوم من ألَمِ

أضحى مدادًا وقرطاسي الشغافُ وما
خط الزمانُ على قلبي سوى سقمِ


وقال في المديح:
وليس ما كان خلقًا فيك مكتسبًا
لكنه الطبعُ موروثٌ ومؤتلفُ

حتى صدعت بأمرِ الله منطلقًا
تدعو إلى السلم والإحسان مَن عزفوا


وقال في الغزل:
أنسيت قصائدَ زاحَمْنَ الليل على شَعركِ
مذ كان الليلُ يزاحم شَعركِ
حتى بعث البدرُ إليه الشوق رسائلْ
لما أولعتُ لكِ الشِّعر ورمش العين
وبقايا القلبِ مشاعلْ
فضفرت لي الليل وشوق البدرِ ولهفةَ عشقٍ
بثتهُ جفونكِ عند الفجرِ.. جدائلْ

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-08-2022, 05:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,473
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الشاعر كاظم عبدالله العبودي .. الوفاء والانتماء ( دراسة نقدية )

الدلالة والنظام الدلالي في شعره:
لقد تناول الشاعر الدلالة الزمانية والمكانية في أدبه، مراعيًا وظائف النحو في وضع الكلمات في جملها، بما يتناسب والوضع الذي يستلزم الإعلام عن الموضوع الذي من أجله وضعت الكلمة، لتبين المعنى وبها يكتمل الترابط.

كذلك يلاحظ مَن ينعم النظر في العديد من المواضع من شعره الاصطلاحات الدلالية؛ مثل (بيت الصلاة)، الذي عَنْوَن به لقصيدته التي شارك بها في مسابقة القدس الدولية.

فمن (يبوس) الذين انثال وابلُهم
دفقًا على قفرِها حتى ارتوى المحلُ

إلى يبوس التي أرسَوا قواعدَها
حصنًا يلوذُ به واعٍ ومنذهلُ

هي الأوابدُ ما زالت وما درَسَت
تكبُو وتنهضُ في أفيائها الدُّوَلُ

هي الشواهدُ لم تُنكَر ملامحُها
مهما تغيَّر لون أو بلَت حُلَلُ

وهي السلام الذي من (سالمٍ) ملكت
أغصانُه فاحتواها أَيْكُها الخَضِلُ

إن شرعت للريٍّ ليلاً معارجُها
وأوقدت شُهبًا في أَفْقِها الرُّسلُ

أو زل بعضٌ بها فانشق هيكلُها
نصفينِ وازَّلزلت من هولِ ما فعَلُوا

طُوبَى لها حيث مكتوبٌ لتربتِها
(بيت الصلاة) فلا إثمٌ ولا زللُ


في هذه الأبيات استلهم الشاعر دلالاته اللُّغوية والزمانية والمكانية من مصادر عديدة؛ من بينها القرآن الكريم، والكتاب المقدس بعهدَيْه القديم والجديد، وكتب التاريخ، وما تجود به ذاكرته.

فإن (يبوس) وردت في بيتين من القصيدة، وكل واحدة منهما لها دلالة معينة، (فيبوس) الأولى تعني القوم، (ويبوس) الثانية تعني المدينة؛ أي مدينة القدس، كواحد من قديم أسمائها، وإن (بيت الصلاة) هي القدس، كما دعها السيد المسيح - عليه السلام - وهذه وردت في الإصحاح الواحد والعشرين من إنجيل متى.

براعة الاستهلال:
وهو أن يبتدئ الشاعر بما يدل على الغرض، وهنا تبرزُ إمكانية الشاعر وبراعته في اجتذاب المتلقي ولفتِ انتباههِ إلى ما يريد أن يقول، وشدِّه إلى الاستماع بجميل الألفاظ وبلاغة العبارة وسلاسة المدخل وحسن المطلع.

قال ابن الأثير: "الألفاظ تجري من السمعِ مجرى الأشخاص من البصر، فالألفاظ الجزلةُ تتخيَّل كأشخاص عليها مهابة ووقار، والألفاظ الرقيقة تتخيَّل كأشخاص ذوي دماثة ولين أخلاق، ولطافة مزاج"؛ انتهى.

إن الاستهلال أحسن شيءٍ في صناعة الشعر؛ إذ هو الطليعة الدالة إلى ما بعدها، المتنزلة من القصيدة منزلة الوجه الحسن والغرَّة، تزيد النفس ابتهاجًا ونشاطًا لتلقي ما بعدها، وهذا الحسن والجمال يُغطِّي على كثير من الخلل الواقع بعدها.

قال ابن رشيق في العمدة:
"قيل لبعض الحذَّاق بصناعة الشعر: لقد طار اسمك واشتهر، فقال: (لأنني أقللت الحز، وطبقت المفصل، وأصبت مقاتل الكلام، وقرطست نكت الأغراض بحسن الفواتح والخواتم ولطف الخروج إلى المدح والهجاء)، وقد صدق؛ لأن حسن الافتتاح داعية الانشراح، ومطية النجاح، ولطافة الخروج إلى المديح، سبب ارتياح الممدوح، وخاتمة الكلام أبقى في السمع، وألصق بالنفس؛ لقرب العهد بها؛ فإن حسنت حسن، وإن قبحت قبح، والأعمال بخواتيمها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم".

وبعد، فإن الشعر قفلٌ أولُه مفتاحه، وينبغي للشاعر أن يُجوِّد ابتداءَ شعره، فإنه أول ما يقرعُ السمع، وبه يستدلُّ على ما عنده من أول وهلة، وليجتنب (ألا) و(خليلي) و(قد)، فلا يستكثر منها في ابتدائه، فإنها من علامات الضعف والتكلان، إلا للقدماء الذين جرَوْا على عرق، وعملوا على شاكلة، وليجعله حلوًا سهلاً، وفخمًا جزلاً، فقد اختار الناس كثيرًا من الابتداءات، أذكر منها ههنا ما أمكن ليستدل به؛ نحو قول امرئ القيس:
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل ........

وهو عندهم أفضل ابتداءٍ صنعه شاعر؛ لأنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى، وذكر الحبيب والمنزل في مصراع واحد، وقوله:
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي ........

ومثله قول القطامي، واسمه عمير بن شييم التغلبي:
إنَّا مُحيُّوك فاسلم أيها الطلل ........

وكقول النابغة:
كلِيني لهمٍّ يا أميمةُ ناصبِ
وليلٍ أقاسيه بطيء الكواكبِ


وغير ذلك كثير"؛ انتهى.

ففي مطلع قصيدة (تظل حياً) يشدك قول الشاعر بأسلوب مؤثر وحزين، وهو يصف مدادَ قلمه الذي يكتب به هذه القصيدة، هو من دمه لهول ما أصابه من فقد الأحبة، فيقول:
أمسكتُ قلبي أن يجري على قلمي
وخِلتُ أن يراعي أغمست بدمي


وفي مطلع قصيدة (وما بعثناك إلا رحمة للعالمين) يشدُّ المتلقِّيَ بطريقة السؤال والاستفهام عن الحقائق، فيقول:
أريدُ أسأل مَن قالوا فما نصفوا
إن كان يسمعُ هذا اليوم منتصفُ


وفي قصيدة (حديث آخر) يشدك قول الشاعر حين يستهل القصيدة ببراعته المعهودة، فيقول:
تصيحُ:
أضاعوني
أصيخ لك السمع
رغم المسافات.

ومن مميزات الشاعر التي أعطت شعره مساحة واسعة في الانتشار في الوسط الأدبي، أحاول أن أذكرها على عجالة، والتي سيتم تناولها بالتفصيل مستقبلاً؛ هي:
الاستقلالية الفكرية.
التصوير الفني.
الإجادة - الاستيعاب - الاستيفاء.
المحافظة على المستوى.
إمكانية الاجتذاب الفكري.
التفوق والانتشار والشعبية.
الخيال النابع من الواقع.
المصداقية في العذابات والألم.

والتصوير الصادق لقسوة أحكام العالم.

تطوير ملكة الرؤيا في التعبير:
رؤية الذات من الجانب الثقافي والفلسفي.
الفكر الجدلي السياسي وعمق التفكير .
الوصف - الانكسار والحزن.
التمسك بالأرض والانتماء الاعتزاز بالتراث.
القدرة على قراءة الواقع التاريخي.
النظرة الاجتماعية الواضحة في البنية الإنثربولوجية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 90.13 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]