خطبة عيد الفطر 1443 هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847666 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384656 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59469 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 591 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          إلى كل فتاة.. رمضان بوابة للمبادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          أســـرار الصـــوم ودرجات الصائمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-05-2022, 09:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد الفطر 1443 هـ

خطبة عيد الفطر 1443 هـ
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ، اللهُ أكبرُ لهُ تَعنُو الجِبَاهُ، اللهُ أكبرُ بِذِكرِهِ تَحلُو الحَيَاةُ، اللهُ أَكبَرُ أَحلَى مَا رُطِّبَت بِهِ الشَّفَاهُ، اللهُ أَكبَرُ وَالحَمدُ للهِ لا نَعبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، اللهُ أَكبَرُ وَلَهُ الشُّكرُ لا نَرجُو سِوَاهُ، اللهُ أَكبَرُ عَلَيهِ تَوَكَّلنَا وَإِلَيهِ أَنَبنَا وَإِلَيهِ المَصِيرُ.

أَمَّا بَعدُ؛ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُمَّةَ الإِسلامِ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 102 - 105] اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَمسِ كُنَّا في رَمَضَانَ، وَاليَومَ نَحنُ في عِيدِ الفِطرِ، وَكِلاهُمَا يَومَانِ مِن أَيَّامِ اللهِ وَنَحنُ عِبَادُ اللهِ، وَللهِ في كُلِّ مِنهُمَا عَلَينَا أَعمَالٌ وَوَظَائِفُ، مَا بَينَ وَاجِبٍ مَتبُوعٍ وَمُحَرَّمٍ مَمنُوعٍ، وَمُستَحَبٍّ وَمُبَاحٍ وَمَكرُوهٍ ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13] وَإِنَّهُ كُلَّمَا امتَلأَ قَلبُ العَبدِ إِيمَانًا بِرَبِّهِ وَتَعظِيمًا لِشَرعِهِ، وَوُقُوفًا عِندَ حُدُودِهِ وَامتِثَالاً لأَمرِهِ وَاجتنابًا لِنَهيِهِ، كَانَ ذَلِكَ هُوَ حَظَّهُ مِنَ الانتِفَاعِ بِالعِبَادَاتِ، وَغَايَةَ مَا يَستَفِيدُهُ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَكُلَّمَا كَانَ يَخبِطُ في حَيَاتِهِ خَبطَ عَشوَاءَ، فَلا يَأتي مِنَ الأَمرِ إِلاَّ مَا اشتَهَتهُ نَفسُهُ، وَلا يَذَرُ مِنَ المَنهِيِّ عَنهُ إِلاَّ مَا لم يَكُنْ لَهَا فِيهِ حَاجَةٌ، وَلا يَفِي لِذِي حَقٍّ مِن عِبَادِ اللهِ بِحَقِّهِ، وَلا يَضَعُ أَمرًا مِن أُمُورِ الشَّرعِ في نِصَابِهِ، فَتِلكَ هِيَ مَسَاحَةُ نَقصِ الإِيمَانِ لَدَيهِ، وَعَلامَةُ عَدَمِ انتِفَاعِهِ بِأَعمَالِهِ الَّتي ظَاهِرُهَا الصَّلاحُ، إِذْ إِنَّ مِنَ المُتَقَرِّرِ شَرعًا وَعَقلاً، وَالتَّجرِبَةُ تُؤَيِّدُهُ وَتُؤَكِّدُهُ، أَنَّ لِلعِبَادَةِ الخَالِصَةِ لِوَجهِ اللهِ عَلَى مُرَادِ اللهِ، أَثَرًا حَمِيدًا عَلَى صَاحِبِهَا في سُلُوكِهِ وَتَعَامُلِهِ وَخُلُقِهِ وَأَدَبِهِ، فَلا تَكَادُ تَجِدُ مُحَافِظًا عَلَى صَلاتِهِ حَيثُ يُنَادَى بِهَا، حَافِظًا لِصِيَامِهِ مُؤَدِّيًا لِزَكَاةِ مَالِهِ، إِلاَّ وَهُوَ صَادِقٌ في قَولِهِ وَافٍ بِوَعدِهِ، بَاقٍ عَلَى عَهدِهِ حَافِظٌ لِوِدِّهِ، بَارٌّ لِوَالِدَيهِ وَاصِلٌ لِرَحِمِهِ، مُكرِمٌ لِجَارِهِ وَضَيفِهِ وَصَدِيقِهِ، لَيِّنُ التَّعَامُلِ سَهلُ الخَلِيقَةِ، مَرضِيُّ السَّيرَةِ مَحمُودُ الطَّرِيقَةِ، نَاصِحٌ في أَخذِهِ وَعَطَائِهِ، هَيِّنٌ في قَضَائِهِ وَاقتِضَائِهِ، سَمحٌ في بَيعِهِ وَشِرَائِهِ، فَحَذَارِ حَذَارِ عِبَادَ اللهِ وَقَد وَدَّعنَا رَمَضَانَ، أَن يَكُونَ يَومُ العِيدِ هُوَ آخِرَ العَهدِ بِأَثَرِ الشَّهرِ الحَمِيدِ، لَقَد صُمنَا عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالأَبضَاعِ في رَمَضَانَ طَاعَةً للهِ، وَتَجَنَّبنَاهَا امتِثَالاً لأَمرِهِ، وَتَرَكنَاهَا وُقُوفًا عِندَ حُدُودِهِ، فَلْيَكُنْ هَذَا هُوَ شَأنَنَا في سَائِرِ زَمَانِنَا، وَلْيَكُنْ هُوَ دَيدَنَنَا عَامَّةَ أَيَّامِنَا، لِنَصُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ مِن دِمَاءِ النَّاسِ وَأَموَالِهِم وَأَعرَاضِهِم في كُلِّ حِينٍ، وَلْنَحفَظْ لأَصحَابِ الحُقُوقِ حُقُوقَهُم في كُلِّ حَالٍ، وَلْنَعلَمْ أَنَّ رَبَّ الشُّهُورِ وَاحِدٌ، وَهُوَ لأَعمَالِنَا رَقِيبٌ مُشَاهِدٌ، وَالكِرَامُ الكَاتِبُونَ مَعَنَا عَلَى الدَّوَامِ، يَحفَظُونَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ، وَالحَيَاةُ رِحلَةٌ قَصِيرَةٌ مَحدُودَةٌ، وَالأَيَّامُ فِيهَا قَلِيلَةٌ مَعدُودَةٌ، وَنَحنُ عَن هَذِهِ الدُّنيَا رَاحِلُونَ، وَعَلَى اللهِ عَمَّا قَرِيبٍ قَادِمُونَ، وَبَينَ يَدَيهِ مَوقُوفُونَ، وَعَلَى مَا عَمِلنَاهُ مُحَاسَبُونَ وَعَنهُ مَسؤُولُونَ ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ العِبَادَاتِ مِن صَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ وَنَحوِهَا، لم تُشرَعْ يَومًا لِتَكُونَ تَكلِيفًا لأَعضَاءِ الإِنسَانِ وَلا إِرهَاقًا لِجَسَدِهِ، وَلا جِبَايَةً لِمَالِهِ وَلا إِبعَادًا لَهُ عَن أَهلِهِ، دُونَ أَن يَكُونَ لِكُلٍّ مِنهَا مَعنًى سَامٍ وَأَثَرٌ مَحمُودٌ في حَيَاتِهِ وَسُلُوكِهِ، بَل إِنَّ أَثَرَ الصَّلاةِ أَوسَعُ مِن أَن يُحصَرَ في رَكَعَاتٍ تُؤَدَّى في المَسجِدِ، وَثَمَرَةُ الصِّيَامِ أَبرَكُ مِن أَلاَّ تُوجَدَ إِلاَّ في إِمسَاكِ سَاعَاتٍ ثُمَّ تَفسُدَ، وَلِلزَّكَاةِ مَعنًى بَل مَعَانٍ تَتَجَاوَزُ أَخذَ نِسبَةٍ ضَئِيلَةٍ مِن مَالِ غَنِيٍّ وَإِعَطاءَهَا لِفَقِيرٍ، وَلِلحَجِّ مِن مَعَانِي السَّفَرِ بِالنُّفُوسِ وَالتَّحلِيقِ بِالقُلُوبِ في دُرُوبِ الخَيرِ وَالسُّمُوِّ بِهَا إِلى مَعَالي الأُمُورِ، مَا يَفُوقُ أَيَّ سِيَاحَةٍ في الأَرضِ وَكُلَّ سَيرٍ في مَنَاكِبِهَا، وَأَنتُم تَقرَؤُونَ قَولَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، وَقَولَهُ جَلَّ وَعَلا: ﴿ خُذْ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتَزكِيهِم بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، وَقَولَهُ تَعَالى: ﴿ الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الحَجِّ وَمَا تَفعَلُوا مِن خَيرٍ يَعلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى ﴾ [البقرة: 197]، وَقَولَهُ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، وَقَولَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ الَّذِي أَصلُهُ في البُخَارِيِّ: " مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهلَ فَلَيسَ للهِ حَاجَةٌ في أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ "، وَقَولَهُ جَلَّ وَعَلا في المُنَافِقِينَ: ﴿ وَمَا مَنَعَهُم أَن تُقبَلَ مِنهُم نَفَقَاتُهُم إِلاَّ أَنَّهُم كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُم كُسَالى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُم كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 54].

اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الدِّينَ مَنهَجُ حَيَاةٍ شَامِلٌ مُتَكَامِلٌ، لا فَصلَ فِيهِ بَينَ الدِّينِ وَالدُّنيَا، وَلا بَينَ حَيَاةِ العَبدِ في المَسجِدِ وَحَيَاتِهِ في بَيتِهِ أَو في سُوقِهِ أَو في عَمَلِهِ، وَلا بَينَ أَيَّامِهِ في رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ وَأَيَّامِهِ في سَائِرِ العَامِ وَهُوَ مُفطِرٌ، إِذِ المُسلِمُ هُوَ المُسلِمُ في كُلِّ مَكَانٍ وَفي كُلِّ حِينٍ وَفي كُلِّ مَرحَلَةٍ، هُوَ اليَومَ كَمَا هُوَ أَمسِ، وَهُوَ في غَدٍ كَمَا هُوَ عَلَيهِ اليَومَ، يَحدُثُ في العَالَمِ تَغَيُّرٌ سَرِيعٌ، أَو يَكُونُ فِيهِ تَحَوُّلٌ غَرِيبٌ، أَو تَمُرُّ بِه آفَاتٌ مِن شَرقِهِ إِلى غَربِهِ، أَو تَكتَسِحُهُ فِتَنٌ مِن شِمَالِهِ إِلى جَنُوبِهِ، أَو تَجتَمِعُ فِيهِ المُتَنَاقِضَاتُ أَو تَتَآلَفُ المُتَنَافِرَاتُ، أُو تَختَلِطُ المُرَغِّبَاتُ أَو تَتَشَابَهُ المُرَهِّبَاتُ، فَيَنحَرِفُ جَرَّاءَ ذَلِكَ مُستَقِيمُونَ وَيَتَفَلَّتُ مُتَمَسِّكُونَ، وَيَتَرَاجَعُ مُتَقَدِّمُونَ وَيَفتُرُ مُجتَهِدُونَ، إِلاَّ أَنَّ المُؤمِنَ الصَّادِقَ يَعلَمُ أَنَّهُ يَعبُدُ رَبًّا وَاحِدًا قَد آمَنَ بِهِ، وَيَسِيرُ إِلى هَدَفٍ وَاحِدٍ قَدِ اقتَنَعَ بِهِ، وَمِن ثَمَّ فَهُوَ مُستَسلِمٌ للهِ، مُنقَادٌ لِمَولاهُ، مُتَعَبِّدٌ لَهُ بِالعَمَلِ الخَالِصِ مِنَ الشِّركِ وَالبِدعَةِ، لا يَتَغَيَّرُ وَلا يَتَحَوَّلُ تَأَثُّرًا بِمَا حَولَهُ؛ لأَنَّهُ لا يُرِيدُ إِلاَّ مَا عِندَ اللهِ، وَاللهُ تَعَالى بَاقٍ لا يَحُولُ وَلا يَزُولُ، وَلا خِيرَةَ إِلاَّ فِيمَا اختَارَهُ تَعَالى وَقَضَاهُ ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ... ﴾ [الأحزاب: 36] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 208، 209].

اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد عَلِمَ المُؤمِنُونَ أَنَّ رَأسِ المَالِ في هَذِهِ الحَيَاةِ هُوَ الدِّينُ، وَأَنَّه قَد بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، وَأَنَّهَا كَانَت لَهُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ عُقُودٌ وَسَنَوَاتٌ يُصِيبُ أَتبَاعَهُ فِيهَا ضَعفٌ وَفُتُورٌ وَتَرَاجُعٌ وَقُصُورٌ، وَيَكثُرُ فِيهِمُ الانصِرَافُ وَيَظهَرُ الانحِرَافُ، ثم لا يَلبَثُ أَن يَعُودَ قَوِيًّا فَتِيًّا، تَتَوَقَّدُ جَذوَتُهُ في القُلُوبِ، وَيَصحُو النَّاسُ فِيهِ بَعدَ غَفوَةٍ، وَيَنتَبِهُونَ بَعدَ رَقدَةٍ، وَيَستَقِيمُونَ عَلَيهِ وَيُقبِلُونَ بَعدَ اعوِجَاجٍ وَرَوَغَانٍ وَانصِرَافٍ، بَل حَتَّى أَوقَاتُ الغُربَةِ الَّتي يُعصَرُ النَّاسُ فِيهَا عَصرًا وَيُغَربَلُونَ، لا تَخلُو مِن رِجَالٍ قَد صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ، فَهُم صَابِرُونَ مُصَابِرُونَ، مُرَابِطُونَ ثَابِتُونَ، صَاحِبُ الصَّلاةِ مِنهُم في مَسجِدِهِ، وَمُحِبُّ العِلمِ في زَاوِيَتِهِ، وَعَاشِقُ الدَّعوَةِ في مَيدَانِهِ، وَمَمدُودُ اليَدِ بِالعَطَاءِ وَالإِحسَانِ عَلَى عَطَائِهِ وَإِحسَانِهِ، وَحَسَنُ الأَخلاقِ عَلَى طِيبِ تَعَامُلِهِ وَمَحمُودِ طِبَاعِهِ، مُكتَفِينَ بِأَنَّهُم في نِعمَةٍ لَيسَت كَالنِّعَمِ، وَأَنَّهُّم مَوعُودُونَ بِأَوفَى الجَزَاءِ وَأَعظَمِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " بَدَأَ الإِسلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

فَإِذَا كُنتَ أَخِي المُسلِمَ تَحرِصُ عَلَى صَلاةِ الجَمَاعَةِ في وَسَطٍ مِمَّن لا يُقِيمُونَ لَهَا وَزنًا، أَو تُنفِقُ مِن مَالِكَ وَتَتَصَدَّقُ وَقَد شَحَّ غَيرُكَ وَأَمسَكَ يَدَهُ، أَو تَحرِصُ عَلَى حِفظِ أُسرَتِكَ وَقَدِ انفَلَتَ الآخَرُونَ مِن حَولِكَ وَتَرَكُوا الحَبلَ عَلَى الغَارِبِ، فَاعلَمْ أَنَّكَ في نِعمَةٍ مِنَ اللهِ، وَأَنَّهُ تَعَالى قَد أَحَبَّكَ إِذِ اختَصَّكَ بِطَاعَتِهِ وَالقُربِ مِنهُ وَدَوَامِ الاتِّصَالِ بِهِ، في وَقتٍ أَدبَرَ فِيهِ مَن أَدبَرَ وَاستَغنَى مَنِ استَغنَى، وَعَصَى مَن عَصَى وَتَوَلَّى مَن تَوَلَّى، وَإِنَّهُ لَيَنبَغِي لَكَ أَن تَفرَحَ وَتُسَرَّ وَيَنشَرِحَ صَدرُكَ، وَأَن تَصبِرَ وَتُصَابِرَ وَتُرَابِطَ؛ ﴿ قُلْ بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].

اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ فَاستَغفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيهِ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية
اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

اللهُ أَكبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً، سُبحَانَ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَخرَجَ المَرعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحوَى. سُبحَانَهُ عَدَدَ خَلقِهِ، وَسُبحَانَهُ رِضَا نَفسِهِ، وَسُبحَانَهُ زِنَةَ عَرشِهِ، وَسُبحَانَهُ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ﴿ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 70].

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُؤمِنُونَ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، اِفرَحُوا بِتَمَامِ شَهرِكُم، وَاتَّقُوا اللهَ طُولَ دَهرِكُم، وَأَحسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكُم وَاحفَظُوا قُلُوبَكُم ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ﴾ [النحل: 92] وَاصِلُوا الطَّاعَةَ وَدُومُوا عَلَيهَا، وَصُومُوا السِّتَّ مِن شَوَّالٍ وَلا تَنسَوهَا؛ فَإِنَّهُ " مَن صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ " اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ.

أَيُّهَا الأُمَّهَاتُ وَالأَخَوَاتُ، اتَّقِينَ اللهَ وَعَظِّمْنَ أَمرَهُ وَنَهيَهُ، صَلِّينَ الخَمسَ وأَطِعْنَ الأَزوَاجَ، وَانبُذْنَ السُّفُورَ وَلا تُكثِرْنَ اللِّجَاجَ، اِضرِبنَ عَلَى الجُيُوبِ بِالخُمُرِ وَالحِجَابِ، وَاحذَرْنَ كُفرَ العَشِيرِ وَاللَّعنَ وَالسِّبَابَ، اِلزَمْنَ البُيُوتَ وَأَقلِلْنَ مِنَ الخُرُوجِ، وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ وَاحفَظْنَ الفُرُوجَ، بُيُوتُكُنَّ خَيرٌ لَكُنَّ، وَأَمَّا جَدَلٌ يَدُورُ مُنذُ سَنَوَاتٍ وَهُوَ في ازدِيَادٍ، حَولَ تَوظِيفِكُنَّ بَينَ الرِّجَالِ، أَو مُمَارَسَتِكُنَّ لِمَا يَخُصُّهُم، أَو مُزَاحَمَتِهِم خَارِجَ البُيُوتِ، فَإِنَّمَا هَوُ إِخرَاجٌ لَكُنَّ مِن بُيُوتِ الكَرَامَةِ، وَإِنزَالٌ مِن أَبرَاجِ العِزَّةِ، وَزَجٌّ بِكُنَّ في أَوحَالِ الفِتنَةِ، وَإِكرَاهٌ لَكُنَّ علَىَ نَبذِ السِّترِ وَالحِشمَةِ، فَالحَذَرَ الحَذَرَ، فَقَد شَهِدَ لَكُنَّ القَاصِي وَالدَّاني بِالبَذلِ وَالتَّفاني، وَالنَّجَاحِ في تَربِيَةِ البَنِينَ وَالبَنَاتِ وَحِفظِ الأَزوَاجِ؛ فَاحذَرْنَ وُشَاةَ السُّوءَ وَدُعَاةَ الفَسَادِ، الَّذِينَ يَنفُخُونَ في الصَّغِيرِ وَيُضَخِّمُونَ الحَقِيرَ، وَيَدَّعُونَ المَعرِفَةَ بِالخِلافَاتِ وَيُخَادِعُونَ بِشَوَاذِّ الآَراءِ، وَالحَقُّ أَنَّ عِزَّكُنَّ في بُيُوتِكُنَّ وَحِجَابِكُنَّ وَسِترِكُنَّ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " وَالمَرأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيتِ زَوجِهَا وَهِيَ مَسؤُولَةٌ عَن رَعِيِّتِهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

حَفِظَ اللهُ لَكُنَّ دِينَكُنَّ وَحَيَاءَكُنَّ، وَمَلأَ قُلُوبَكُنَّ غِبطَةً وَسَكِينَةً. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، العِيدُ ذِكرٌ وَشُكرٌ، وَإِطعَامُ طَعَامٍ وَصِلَةُ أَرحَامٍ، وَنَشرُ فَرَحٍ وَإِشَاعَةُ سُرُورٍ، وَتَآلُفُ نُفُوسٌ وَتَقَارُبُ قُلُوبٍ، وَنِسيَانُ مَاضٍ وَدَفنُ عُيُوبٍ، تَصَافَحُوا وَتَصَالَحُوا، وَأَفشُوا السَّلامَ بَينَكُم وَتَوَاصَلُوا " لا تَبَاغَضُوا وَلا تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا وَلا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ ".

اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.93 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]