|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم
شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: في النُّزُول بمَكّة للحَج - ضَرَبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بنفْسِه المثلَ الأكمَلَ في كلِّ العِباداتِ والتعامُلاتِ ومِن ذلك: أحكامُ التَّوارُثِ بيْن المسلِمِ والكافرِ وبيانُ عدَمِ التَّوارُثِ بيْنهما عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟» وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا، لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، الحديث رواه مسلم في الحج (2/984) باب: النّزولُ بمكة للحَاج، وتوريث دورهما، ورواه البخاري في الحج (1588) باب: توريث دور مكة وبيعها وشرائها، وأنّ الناس في المسجد الحرام سواء خاصة؛ لقوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج:25)، البادي: الطّاري، مَعكوفاً: محبوسًا، فالحديث متفق عليه. يَرْوي أسامةُ بنُ زيدٍ - رضي الله عنه - في هذا الحَديثِ فيقول: أنَّه سَأَلَ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-، وذلك عندَ فتْحِ مكَّةَ كما في الرواية الأخرى لمسلم، وهي في السَّنةِ الثامنةِ مِن الهِجرةِ، فقال له: أينَ سَيَنزِلُ ويُقيمُ غدا؟ هل في دُورِه التي تَرَكَها قبْلَ الهِجرةِ في مكَّةَ؟ فقال له: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ له - صلى الله عليه وسلم-: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟» والرَّباع بفتح الراء، جمع ربع: وهو المَنْزل المُشْتمل على أبيات، وقيل: هو الدار. أي: بَيِّن له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أنَّه لا مَكانَ له في دُورِ أبي طالِبٍ، ولا غَيرِه مِن قَومِه في مَكَّةَ؛ وذلك لأنَّ المُؤمِنَ لا يَرِثُ الكافر. لا يرث المُؤمن الكافر وكان عقيلُ قد ورث أبا طالب، هو وطالب، ولمْ يَرثه جعفر ولا عليّ - رضي الله عنه - شيئًا؛ لأنّهما كانا مُسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين، ولا يرث المُؤمن الكافر، وقد فسَّر الرَّاوي -ولعلَّه أسامةُ رضي الله عنه - أنَّه لَمَّا مات أبو طالِبٍ عمُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَرِثَه ابناهُ الكافرانِ: عَقيلٌ وطالبٌ، وحازا كلَّ مُمتلكاتِه المُشتملةِ على عِدَّةِ بُيوتٍ، ولم يَرِثْه جَعْفَرٌ وعَلِيٌّ المؤمنانِ، ولو كانا وارثَين؛ لنَزَلَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في دُورِهما، وكانت كأنَّها مِلكُه؛ لِعلمِه بإيثارِهِما إيَّاه على أنفُسِهما. وفي رواية البخاري: فكان عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - يقولُ: لا يَرِثُ المُؤمِنُ الكافِرَ. والمرادُ أنَّه كان يقولُ ذلك؛ بِناءً على ما أقَرَّه - صلى الله عليه وسلم- مِن عدَمِ وِراثةِ علِيٍّ وجَعفرٍ -رَضيَ اللهُ عنهما- مِن أبي طالبٍ. ولاية الميراث وقالَ ابنُ شِهَابٍ الزُّهريُّ كما في رواية البخاري: إنهم كَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَولَ اللهِ -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (الأنفال: 72)، فيُفسِّرون الوِلايةَ في هذه الآيةِ: بوِلايةِ المِيراثِ، وتَتمَّتُها: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}(الأنفال: 72-73). والمعنى: إنَّ الذين آمَنوا باللهِ ولم يُهاجِروا مِن بَلَدِ الكفْرِ إلى بَلَدِ الإسلامِ، ليس عليكمْ -أيُّها المؤمِنون- أنْ تَنصُروهم وتَحمُوهم حتَّى يُهاجِروا في سَبيلِ اللهِ، وإنْ ظَلَمَهم الكفَّارُ، فطَلَبوا منْكم النَّصرَ؛ فانْصُروهم على عَدُوِّهم، إلَّا إذا كان بيْنكم وبيْن عَدُوِّهم عَهْدٌ لم يَنقُضوه، واللهُ بما تَعمَلون بَصيرٌ، لا يَخْفَى عليه شَيءٌ مِن أعمالِكم، وسيُجازيكم عليها. والذين كَفَروا باللهِ يَجمَعُهم الكفْرُ، فيُناصِرُ بَعضُهم بَعضًا، فلا يُواليهم مُؤمنٌ، إنْ لم تُوالُوا المؤمنين وتُعادُوا الكافرينَ تَحدُثْ فِتنةٌ للمُؤمنينَ؛ حيث لم يَجِدوا مَن يُناصِرُهم مِن إخوانِهم في الدِّينِ، ويَحدُثْ فَسادٌ في الأرضِ عَظيمٌ بالصَّدِّ عن سَبيلِ اللهِ. ترك النبي - صلى الله عليه وسلم- لتصرفات الجاهلية قال الحافظُ ابن حجر: وأخرج هذا الحديث الفاكهي من طريق محمد بن أبي حفصة، وقال في آخره: ويقال إنّ الدار التي أشار إليها؛ كانت دار هاشم بن عبد مناف، ثم صارت لعبدالمطلب ابنه، فقسمها بين ولده حين عمر، فمِن ثَمَّ صار للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم- حقّ أبيه عبد الله، وفيها وُلد النّبي - صلى الله عليه وسلم . ثم قال: محصل هذا أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر؛ اسْتولى عقيل وطالب على الدار كلّها، باعتبار ما ورثاه منْ أبيهما، لكونهما كانا لمْ يُسلما، وباعتبار ترك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لحقّه منها بالهِجْرة، وفقد طالب ببدر، فباع عقيل الدار كلّها. وقال الداودي وغيره: كان مَنْ هاجر مِنَ المؤمنين؛ باع قريبه الكافر داره، وأمْضى النبيّ - صلى الله عليه وسلم- تصرُّفات الجاهلية؛ تأليفًا لقُلوب مَنْ أسلم منهم». الفتح (3/452). المقصود بالمسجد في الآية وقوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج: 25)، قال القاضي إسماعيل: ظاهر القرآن يدلّ على أنّ المراد به: المسجد الذي يكون فيه النُّسُك والصّلاة، لا سائر دُور مكة، وقال ابن خزيمة: لو كان المراد بقوله -تعالى-: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (الحج: 25)، جميع الحَرَم، وأنّ اسم المَسْجد الحرام واقعٌ على جميع الحَرم؟ لما جاز حفرُ بئرٍ ولا قبر، ولا التّغوّط ولا البول، ولا إلقاء الجِيَف والنتن، قال: ولا نعلم عالِماً منع من ذلك، ولا كرِه لحائضٍ ولا لِجُنب دُخُول الحرم، ولا الجِماع فيه، ولو كان كذلك، لجازَ الاعتكاف في دُور مكة وحَوانيتها، ولا يقول بذلك أحد، والله أعلم؛ انتهى. «الفتح» (3/451)، واحتج الشافعي بحديث أسامة هذا؛ على جواز بيع دُور مكة وتِجارتها؛ قال الحافظ: وبالجواز قال الجمهور. الفتح (3/ 450). من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم قول عمر - رضي الله عنه -: «لا يرث المؤمن الكافر»، هو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم-، رواه البخاري في كتاب الفرائض بلفظ: «لا يَرثُ المُسْلمُ الكافر، ولا الكافرُ المسلم». وللنسائي: «لا يَتَوارَثُ أهلُ مِلتين»، وحملها الجمهور على أن المراد بإحدى الملتين الإسلام، وبالأخرى الكفر. قال الحافظ: «وهو أَولى مِنْ حملها على ظاهر عمومها، حتى يمتنع على اليهودي مثلًا أنْ يَرثَ مِنَ النصراني، والأصح عند الشافعية أنّ الكافرَ يرث الكافر، وهو قول الحنفية والأكثر». الفتح (12/51). وقال البخاري: باب لا يرثُ المُسلمُ الكافر، ولا الكافرُ المُسلم، وإذا أسلمَ قبل أنْ يُقْسم الميراث؛ فلا ميراثَ له. البخاري (8/194). قال الحافظ: أشار إلى أنّ عُمُومه يتناول هذه الصورة، فمن قيَّد عدم التوارث بالقسمة احتاج إلى دليل؛ قال ابن المنيِّر: صورة المسالة إذا مات مسلم وله ولدان مثلًا مسلم وكافر، فأسلم الكافر قبل قسمة المال، قال ابن المنذر: ذهبَ الجُمْهور إلى الأخذ بما دلّ عليه عُمُوم حديث أسامة. انتهى. والحديث دليل على انقطاع التوارث بين المُسْلم والكافر، قال الموفق ابن قدامة: مَنْ لمْ يرث لمعنى فيه، كالمُخَالف في الدّين، والرّقيق، والقَاتل، فهذا لا يَحْجبُ غيره، في قول عامّة أهلِ العلم. ولا يَرثُ المُسْلم الكافر، ولا الكافر المسلم، لا بالنّسَب، ولا بالولاء، في قول جمهور العلماء، وهو رواية عن أحمد. «المغني» (14/94). فوائد الحديث 1- ضَرَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بنفْسِه المثلَ الأكمَلَ في كلِّ العِباداتِ والتعامُلاتِ، ومِن ذلك: أحكامُ التَّوارُثِ بيْن المسلِمِ والكافرِ، وبيانُ عدَمِ التَّوارُثِ بيْنهما. 2- وفيه: مَشروعيَّةُ تَوريثِ دُورِ مكَّةَ ومَنازلِها، وكذا بيعها وشِراؤها.اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي
__________________
|
#32
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم
شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: الرَّمَلُ في الطّوافِ والسّعْي
عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ والْعُمْرَةِ، أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ، فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا والْمَرْوَةِ، وعَنْ جَابِرِ بْنِ عبداللَّهِ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَمَلَ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، ومَشْيَ أَرْبَعَةِ أَطْوَافٍ، أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ قَالَ فَقَالَ: صَدَقُوا، وكَذَبُوا؟ قَالَ قُلْتُ: مَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّداً وأَصْحَابَهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنْ الْهُزَالِ، وكَانُوا يَحْسُدُونَهُ، قَالَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثًا، ويَمْشُوا أَرْبَعًا، قَالَ قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا، أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قَالَ قُلْتُ: ومَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ، يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، هَذَا مُحَمَّدٌ، حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنْ الْبُيُوتِ، قَال: وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ، والْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ.
قوله: «ثلاثة وأرْبعة» وأما قوله: «ثلاثة وأرْبعة» فمُجمع عليه، وهو أنّ الرّمل لا يكونُ إلا في الثلاثة الأول مِنَ السبع، والرَّمَل اصْطِلاحًا: هو الإسْراعُ في المَشيِ، مع تقارُبِ الخُطَى، وهو دُون الوثوبِ والعَدْوِ، ويُسَمَّى أيضاً: الخَبَب. وقوله: «ثمّ يُصلّي سَجْدتين» فالمُرادُ ركعتي الطّواف، وهما سُنّة على المَشْهور مِنَ مذاهب العلماء، وسمّاهما سَجدتين مَجازاً. وقوله: «ثمَّ يَطوفُ بين الصّفَا والمَرْوة» ففيه: دليلٌ على وجوب الترتيب بين الطواف والسعي، وأنّه يُشْترط تَقدّم الطّواف على السّعي، فلو قدم السعي، لمْ يصح السّعي، قال النووي: وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور. الحديث الثاني رواه مسلم في الباب نفسه، وفيه أيضاً: مَشروعيَّةُ الرَّمَلِ في الأشْواطِ الثلاثةِ في الطَّوافِ حَولَ الكعبةِ، من الحَجر الأسود حتى ينتهي إليه. الحديث الثالث هذا الحديث رواه مسلم في الباب نفسه، ورواه البخاري في الحج (1602) باب: كيفَ كانَ بدء الرَّمَل؟ وقوله: «قلتُ لابن عباس: أرأيت هذا الرّملَ بالبيت، ثلاثةَ أطْواف، ومَشْي أربعة أطواف، أسُنّة هو؟ فإنّ قومَكَ يَزْعمُون أنّه سُنّة. فقال: صَدَقوا وكذبوا...»، يعني: أنّهم صَدَقوا في أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَله، وكذَبُوا في قولهم: إنّه سُنّةٌ مَقصُودة مُتأكّدة؛ لأنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - لمْ يَجْعله سُنّةً مطلوبة دائماً على تكرّر السّنين، وإنّما أمَرَ به تلك السَّنَة، لإظْهار القُوّة عند الكفّار، وقد زَالَ هذا المعنى. أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالرمل وهو قَوله في الرواية الأخرى: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وأَصْحَابَهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنْ الْهُزَالِ، وكَانُوا يَحْسُدُونَهُ، قَالَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثًا، ويَمْشُوا أَرْبَعًا..». والهزال أي: الضّعف والوَهَن، وفي رواية لمسلم: «قد وهَنتْهم الحُمّى، ولقوا منْها شِدّة»، هذا معنى كلام ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهذا الذي قاله مِنْ كون الرّمل ليس سُنّةً مَقْصودة؟ هو مذهبه، وخالفه جميعُ العُلَماء مِنَ الصّحابة والتابعين وأتباعهم، ومَنْ بَعدهم، فقالوا: هو سُنّة في الطّوافاتِ الثلاثِ مِنَ السّبع، فإنْ تَرَكه فقد تَركَ سُنّة، وفاتته فضيلة، ويَصحّ طَوافه، ولا دَمَ عليه. وقال الحسن البَصري والثوري وعبدالملك بن الماجشون المالكي: إذا تَركَ الرّمل، لَزِمه دَمٌ؟ وكان مالك يقولُ به، ثمّ رَجع عنه. ودليل الجُمهور: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - رَمَلَ في حَجّة الوَداع في الطَّوافات الثلاث الأول، ومَشَى في الأرْبع، ثمّ قال - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك: «لتأخُذُوا منَاسِكَكُم عنّي». والله أعلم. (انظر النووي). فائدة: هلْ على النِّساءِ رَمَلٌ؟ ليسَ على النِّساءِ رمَلٌ في الطَّوافِ، وقد نقلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ المنذر في «الإجماع» (ص: 55)، الطحاوي، وابن عبدالبر في «التمهيد» (2/78)، وابن بطال، وابن رشد، وغيرهم. قوله: «قلتُ له: أخْبرني عن الطّواف بين الصّفا والمَرْوة رَاكباً، أسُنّةٌ هو؟ فإنّ قومك يَزعُمُون أنّه سُنّة؟ قال: صَدقوا وكذبُوا... إلى آخره، يعني: أنّهم صَدَقوا في أنّه - صلى الله عليه وسلم - طَافَ راكباً، وكذَبُوا في أنّ الرُّكوبَ أفْضَل، بل المَشْي أفضَل، وإنّما رَكِبَ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - للعُذْر الذي ذَكرَه، وهو أنّ الناس ازْدَحمُوا عليه - صلى الله عليه وسلم -، ممّا دعاه للرُّكوب على الناقة، وهذا الذي قاله ابنُ عباس هنا مُجْمعٌ عليه، فقد أجْمع العلماء على أنّ الرُّكوبَ في السّعي بين الصّفا والمَرْوة جائز، وأنّ المَشْي أفْضل منْه، إلا لعُذر. قوله: «حتّى خَرَج العَواتقُ مِنَ البيوت» والعَواتقُ: جمع عاتق، وهي البِكرُ البَالغة، أو المُقاربة للبُلُوغ، وقيل: التي تَتَزوج. سُمّيت بذلك، لأنّها عَتَقت منْ استْخدام أبويها، وابْتذالها في الخُرُوج والتّصرّف، الذي تَفعله الطفلة الصّغيرة. فوائد الحديث
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي
__________________
|
#33
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم
شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: اسْتِلامُ الرُّكنَينِ اليَمَانِيين في الطَّوَاف تَقبيل الحَجَرِ الأسوَدِ مِنَ السُّنَنِ المُستحبّة لمَن قَدِرَ عليه فإنْ لم يَقدِرْ فلا يُؤذِ النَّاسَ الإيمانُ مَبنيٌّ على التَّسليمِ للهِ تعالى ولِرَسولِه صلى الله عليه وسلم في كُلِّ الأوامِرِ والنَّواهي سَواءٌ ظهَرَ لِلمُؤمِنِ العِلَّةُ أم لم تَظهَرْ أجْمعت الأمّةُ على اسْتحباب اسْتلام الرُّكنين اليمانيين واتّفق الجماهير على أنّه لا يُمْسح الرُّكنين الآخرين واسْتحبّه بعضُ السّلف عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ: الْيَمَانِيَ وَالْحَجَرَ، مُذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُمَا ، فِي شِدَّةٍ ولَا رَخَاءٍ، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْن ِ. في الباب حديثان، رواهما مسلم في الحج، في (2/924-925) باب: اسْتحبابُ اسْتلام الرُّكنين اليَمَانيين في الطّواف، دُون الرُّكنين الأخرين، وقد رواهما البخاري في الحَج (1608، 1609) باب: مَنْ لمْ يَسْتلم إلا الرُّكنين اليمانيين. في الحديثِ الأول: يَروي نافعٌ مَولى ابنِ عُمَرَ، أنَّ عبداللهِ بنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أخبَرَ عن نَفْسِه: أنَّه ما تَرَكَ استِلامَ الرُّكنَيْنِ اليَمانِيَيْنِ -وهما الحَجَرُ الأسوَدُ، والرُّكنُ اليَمانِيُ، اللَّذانِ في جِهَةِ اليَمنِ- والاسْتلام: هو المَسح باليد، يقال: استلمتُ الحَجَر إذا لَمَسته، فالاستِلامُ هو المَسحُ باليَدِ عليهما، ويُزادُ مع الحَجَرِ الأسوَدِ التَّقبيلُ. الحجر الأسود والحَجَر الأسْود هو في الزَّاوية القَريبة مِنْ باب الكعبة، والحَجَر ليس أسْود اللون، بل أحْمر إلى السّواد، لكنّه بالنسبة لبقية حِجارة الكعبة أسود، وعُرِف بهذا الاسم منْ بناء الكعبة، وهو مَوضُوعٌ على ارتفاع ذِراعين وثُلثي ذراعٍ مِنَ الأرض، والرُّكن الذي قَبله منْ جِهة الشّرق، هو الرُّكنُ اليَماني، ومِنَ المعلوم أنّ الطائف يجعل الحَجَر على يَساره ويَطوف. استلام النبي - صلى الله عليه وسلم - للحجر الأسود قوله: «مُذْ رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُمَا » مُذْ، أي: مُنذ رأيته يَستلمهما، وفي رواية: «يفعله» أي: يفعل الاسْتلام، وقوله: «في شدّةٍ ولا رَخَاء» أي: سواءً كان في زِحامٍ أو فُسْحة، في ضِيقٍ، ولا سَعةٍ، بل في كُلِّ الأحوالِ، مُنذُ رُؤيتِه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَستلِمُهما. وقد قال اللهُ -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: 21). اسْتلام الرُّكنين اليمانيين قال النووي: وقد أجْمعت الأمّةُ على اسْتحباب اسْتلام الرُّكنين اليمانيين، واتّفق الجماهير على أنّه لا يُمْسح الرُّكنين الآخرين، واسْتحبّه بعضُ السّلف، وممّن كان يقول باسْتلامهما: الحَسَن والحُسين ابنا عليّ، وابن الزبير، وجابر بن عبدالله، وأنس بن مالك، وعروة بن الزبير، وأبو الشعثاء جابر بن زيد -رضي الله عنهم-، قال القاضي أبو الطيّب: أجْمعت أئمّة الأمْصَار والفقهاء: على أنّهما لا يُسْتلمان، قال: وإنّما كان فيه خلافٌ لبعض الصّحابة والتابعين، وانْقَرضَ الخِلاف، وأجمعوا على أنّهما لا يُسْتلمان، والله أعلم. (شرح النووي). وكان النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَستلِمُ ويَمسَحُ بيَدِه مِنَ الكَعبةِ، غيرَ الرُّكنَيْنِ اليَمانِيَّيْنِ : رُكنِ الحَجَرِ الأسوَدِ، والرَّكنِ اليَمانِيِّ، وذلك لأنَّهما على القَواعِدِ الإبراهيميَّةِ، ففي الرُّكنِ الأسوَدِ فَضيلتانِ: كَونُ الحَجَرِ فيه، وكَونُه على القَواعِدِ، وفي الثَّاني الثَّانيةُ فقطْ، ومِن ثَمَّ خُصَّ الأوَّلُ بمَزيدِ تَقبيلِه دُونَ الثَّاني. تَقبيل الحَجَرِ الأسوَدِ وليُعلَمْ أنَّ تَقبيلَ الحَجَرِ الأسوَدِ مِنَ السُّنَنِ المُستحبّة لمَن قَدِرَ عليه، فإنْ لم يَقدِرْ فلا يُؤذِ النَّاسَ، بل عليه أنْ يَضَعَ يَدَه عليه مُستَلِماً، ثمّ يَرفَعَها ويُقَبِّلَها، فإنْ لم يَقدِرْ قام بحِذائِه وأشارَ نَحوَه وكَبَّرَ، ولا يُقبّل يده، وكان عبداللهِ بنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَمشي بَينَهما ولا يَرمُلُ، لِيَكونَ ذلك أيسَرَ وأرفَقَ لاستِلامِه، لِيَقْوَى عليه عِندَ الازدِحامِ، وهذا يَدُلُّ على أنَّه كان يَرمُلُ في الباقي مِنَ البَيتِ. وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كما سبق قد أمَرَ أصحابَه في عُمرةِ القَضاءِ أنْ يَمشُوا ولا يَرمُلوا بَينَ الرُّكنَينِ، حتى لا يَتعَبوا، ثمَّ يُسرِعوا في بَقيَّةِ الطَّوافِ حَولَ البَيتِ، في الأشْواطِ الثَّلاثةِ الأُولى، ثم إنَّه - صلى الله عليه وسلم - رَمَلَ في طَوافِه أوَّلَ قُدومِه في حَجَّةِ الوَداعِ مِنَ الحَجَرِ إلى الحَجَرِ ثلاثًا، ومَشَى أربَعًا، فاستقَرَّتْ سُنَّةُ الرَّمَلِ على ذلك مِنَ الحَجَرِ إلى الحَجَرِ، لأنَّه المُتأخِّرُ مِن فِعلِه - صلى الله عليه وسلم . فوائد الحديث فَضيلةُ الصحابي ابنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، لِشِدَّةِ حِرصِه على تَتبُّعِ آثارِ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والعَملِ بها.وفيه: أنّ الإيمانُ مَبنيٌّ على التَّسليمِ للهِ -تعالى- ولِرَسولِه - صلى الله عليه وسلم - في كُلِّ الأوامِرِ والنَّواهي، سَواءٌ ظهَرَ لِلمُؤمِنِ العِلَّةُ، أم لم تَظهَرْ. وأنّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيَّنَ مَناسِكَ الحَجِّ والعُمرةِ وأعمالَهما، بالقَولِ والفِعلِ، وبَيَّنَ ما يَجوزُ، وما لا يَجوزُ فيهما. الحديث الثاني وهو حديثُ ابن عباس -رضي الله عنهما- فيقُولُ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ ، وهو تأكيدٌ لما سَبق، مِنْ أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمْ يكنْ يَسْتلم مِنَ الأرْكان الأرْبَعة للكعبة، إلا الحَجَر الأسْود، والرُّكن اليَمَاني. - ولرُكن الحَجَر فَضِيلتان: الفضيلة الأولي: كونه على قواعد إبْراهيم -عليه الصّلاة والسّلام.الفضيلة الثانية: وكون الحَجَر الأسود فيه. - والرُّكن اليَماني له فضيلةٌ واحدة، وهو كونه على قواعد إبْراهيم. وليس للشّامي والعِراقي شَيء مِنْ هذا، فإنّ تأسِيسهما خارجٌ عن أسْاس إبْراهيم -عليه الصّلاة والسّلام-؛ حيثُ أخرج الحَجَر مِنَ الكعبة منْ جِهتهما؛ ولهذا فإنّه يُشْرع اسْتلام الحَجَر الأسْود وتَقْبيله، ويُشْرع اسْتلام الرّكن اليماني بلا تَقبيل، ولا يُشرع في حقّ الرُّكنين الباقيين اسْتلامٌ ولا تَقبيل، والشّرعُ مَبْناه على الاتّباع، لا على الإحْدَاث والابتداع، ولله -تعالى- في شَرعه حِكَمٌ وأسْرار، وقد روى البخاري: في الحج (1608) باب: مَنْ لمْ يَسْتلم إلا الرُّكنين اليمانيين. ومَنْ يَتّقي شَيئاً مِنَ البَيت؟ عن أبي الشّعْثاء أنّه قال: ومَنْ يَتّقي شَيئاً مِنَ البَيت؟ وكان معاويةُ يَسْتلم الأرْكان، فقال له ابنُ عباس -رضي الله عنهما-: إنّه لا يُسْتلمُ هَذَان الرُّكْنان، فقال: ليسَ شَيءٌ مِنَ البيتِ مَهْجُوراً، وكان ابنُ الزبير -رضي الله عنهما- يَسْتلمهنّ كلّهن، ورواه الإمام أحمد: عن ابنِ عباس: أنَّهُ طافَ مع مُعاويةَ بالبَيتِ، فجعَلَ مُعاويةُ يَستَلِمُ الأركانَ كُلَّها؛ فقال له ابنُ عبَّاسٍ: لِمَ تَستَلِمُ هذَينِ الرُّكنَينِ، ولم يَكُنْ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَستَلِمُهما؟ فقال مُعاويةُ: ليس شَيءٌ مِنَ البَيتِ مَهجوراً. فقال ابنُ عبَّاسٍ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: 21)؛ فقال مُعاويةُ: صَدَقتَ. قال الحافظ: ويُؤخذ منه: حِفظُ المَرَاتب، وإعْطاء كلّ ذِي حَقٍّ حقّه، وتَنزيل كلّ أحَدٍ مَنزلته. وأجابَ الشّافعي عن قول مَنْ قال: ليسَ شَيءٌ مِنَ البَيتِ مَهْجُوراً، بأنّا لمْ نَدَع اسْتلامهما هَجْراً للبيت، وكيف يَهْجُره وهو يطُوف به؟ ولكنّا نَتّبعُ السُّنّة فِعلاً أو تَرْكاً، ولو كان تركُ استلامهما هَجْراً، لكان تَركُ اسْتلام ما بين الأرْكان هَجْراً لها، ولا قائلَ به. (الفتح).اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |