حميد ركاطة والرؤية الفنية في نقد القصة القصيرة جدا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74452 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-08-2022, 04:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي حميد ركاطة والرؤية الفنية في نقد القصة القصيرة جدا

حميد ركاطة والرؤية الفنية في نقد القصة القصيرة جدا
د. جميل حمداوي






توطئة:
عرفت القصة القصيرة جدا في الوطن العربي مجموعة من المقاربات النقدية، مثل: المقاربة التاريخية، والمقاربة الفنية، والمقاربة التكاملية، والمقاربة الانطباعية، والمقاربة الببليوغرافية، والمقاربة الأنطولوجية، والمقاربة البنيوية، ومقاربة التلقي، والمقاربة الميكروسردية، والمقاربة المنفتحة...

ومن النقاد العرب الذين طبقوا المنهج الفني نذكر الناقد المغربي حميد ركاطة في كتابه (القصة القصيرة/ قراءة في تجارب مغربية)[1]، فقد درس فيه الباحث مجموعة من المتون المغربية ذات الطابع القصصي القصير جدا لكل من: حسن برطال، وإسماعيل البويحياوي، وحسن البقالي، وأنيس الرافعي، وعبد الله المتقي، ومصطفى لغتيري، وعز الدين الماعزي، والسعدية باحدة، والزهرة رميج، ووفاء الحمري، وسناء بلحور.


هذا، ويتخذ الكتاب طابعا نقديا تحليليا نصيا. وبهذا، يكون حميد ركاطة قد تجاوز ماهو تنظيري إلى ماهو عملي وتطبيقي، ونأى بنفسه بعيدا عن السجالات النقدية التي تخوض في القضايا النظرية والمنهجية.


إذاُ، ماهي القضايا النقدية التي يطرحها كتاب حميد ركاطة؟ وماهو منهجه النقدي؟ وماهي أهم الملاحظات النقدية التي يمكن تسجيلها حول هذا المنهج في دراسته لهذا الفن الأدبي المستحدث؟

القضايا النقدية:
ينقسم كتاب (القصة القصيرة/ قراءة في تجارب مغربية) لحميد ركاطة إلى قسمين، فقد خصص القسم الأول لمبدعين مغاربة ذكور في مجال القصة القصيرة جدا، مثل: حسن برطال، وإسماعيل البويحياوي، وحسن البقالي، وأنيس الرافعي، وعبد الله المتقي، ومصطفى لغتيري، وعز الدين الماعزي. في حين يضم القسم الثاني مجموعة من الأصوات النسائية، مثل: الزهرة رميج، والسعدية باحدة، ووفاء الحمري، وسناء بلحور.


ومن ثم، يعد حميد ركاطة من أكثر نقاد المغرب تراكما في مجال نقد القصة القصيرة جدا إلى جانب كل من: جميل حمداوي، وحميد لحمداني، وسعاد مسكين، ومحمد يوب، ومحمد اشويكة، ونور الدين الفيلالي، وعبد العاطي الزياني. ومن ثم، يتميز حميد ركاطة عن هؤلاء بالنفس النقدي الطويل، وزخم الإنتاج، وتمتعه بروح نقدية نشيطة ودؤوبة، بله عن خفة الروح ومرحها ودعابتها.


وعليه، يتناول حميد ركاطة في القسم الأول من الكتاب مجموعة من الأصوات الإبداعية الذكورية، مبرزا سمات كتابتها الفنية والجمالية، عارضا قضاياها الدلالية. ومن هنا، تتسم قصص عبد الله المتقي -مثلا- بالعبثية، والسريالية، والكتابة المغايرة، والنزعة الدرامية، والتنوع اللغوي والأسلوبي. في حين، تتميز قصص إسماعيل البويحياوي بالتحريض والرفض، وتعرية الإيديولوجيات الزائفة، وتنويع اللغات والأساليب. بينما تنحو كتابة حسن برطال منحى التكثيف والحذف والإضمار، وتوظيف الصورة الومضة والتاريخ والرمزية. علاوة على ذلك، تتميز كتابة أنيس الرافعي بالتجريب والمغايرة والتساؤل، والبحث عن الجديد، ورفض الواقع السائد في مختلف مظاهره المتناقضة جدليا. لكن عز الدين الماعزي يتميز عن هؤلاء بتناوله لعوالم طفولية متنوعة في مواضيعها وتجاربها وأشكالها.


وتتسم قصص حسن البقالي " بتمريرها الهادئ للعديد من المفاهيم من خلال بناء متميز، ارتكز على قوالب خاصة وتقنيات كتابة مغايرة لبناء أحداث قصصه القصيرة جدا، كاعتماد النص الموازي من خلال ممارسة لعبتي النفي والإثبات مع القارئ، لصنع حدث النص الجديد بشكل عاصف. فالحكاية تحافظ على مقوماتها وأسسها، مع الانفتاح على توظيف جمالي متعدد، جعل مجموعة (الرقص تحت المطر) زاخرة ومتسمة بطابع كتابة جديدة."[2].


وعليه، يتشابه الكتاب الذكور فيما بينهم في بعض الخصائص، ويتفرقون في خصائص أخرى؛ مما دفع حميد ركاطة إلى القول المجمل:" لقد نحى كتاب المجموعات القصصية المدروسة، سواء في الجزء الأول من هذا المشروع النقدي أم في جزئه الثاني، نحو تقديم قصصهم بوجه مغاير ومختلف، وهو ما أفرز تنوعا في النظر إلى قالب القصة أو جمالياتها أو أساليب تناولها. بعضهم ارتكز على النص الموازي، والبعض الأخر على التناص والتراث أو التاريخ أو الاشتقاق اللغوي أو التجريب العالم، أو توظيف تقنيات أجناس سردية أخرى كالمسرح والقصة والحكاية والرواية والشعر، أو بعض الأشكال التعبيرية الأخرى كالتشكيل والعبثية والسريالية، لكنها وإن اختلف في التناول، وجدت لها نقط التقاء متعددة في بحثها عن قصة مغايرة جديدة متفردة ومتميزة؛ وهو ما أفرز ثراء وتنوعا في سعي حثيث نحو إقرار هوية القصة، وإبرازها كجنس قادم بقوة لمشهد ثقافي، لازال لم يؤمن بعد بقدرتها على ضخ دماء جديد مشهد ثقافي، لا يزال البعض فيه يرفض مجرد الإنصات لنبضها الصادق، وتناولها المغاير، بل يقلل من قدرتها على التعايش والاستمرار، فكتبوا شهادة موتها، معلنين عن موت الحكي، وهو لا يزال برعما في شجرة الحكاية "[3].

أما في القسم الثاني، فقد أبرز حميد ركاطة خصوصيات الكتابة النسائية المغربية في مجال القصة القصيرة جدا، بالتوقف عند سمات هذه الكتابة دلاليا وفنيا وجماليا. وفي هذا الصدد، يقول حميد ركاطة:"دخول القاصات المغربيات غمار تجربة كتابة القصة القصيرة جدا، أبرز نهاية السيطرة الذكورية على "كتابة " هذا الجنس الأدبي من جهة. ومن جهة أخرى، أبرزت العمق الفكري في كتابة القصة نفسها، ونظرة المرأة إلى المتغيرات المتسارعة؛ مما ساهم في إتحافها ببعض الخصوصيات الجديدة. فكتابة المرأة تتم بالجسد والرمز معا، وهو ما أبرز تناولا مغايرا، وجسد بعمق نظرة المرأة إلى الرجل وإلى بنات جنسها ومحيطها في أدق خصوصياته، مفرزا وعيا عميقا وساحرا في الوقت نفسه لواقع المرأة، وأبان عن معاناتها الحقيقية بقوة إحساس لتغيير النظرة القدحية إليها، مع طرحها لمنظورها الخاص للعديد من المفاهيم، كالجنس، والفحولة، والذكورة، والحزن، والفرح، والغبن، والرجل، وفقدان الثقة، والحرية، من داخل عوالمها مترجمة خيبات الأمل التي طالتها، والحصار الذي ضرب عليها، وصورتها التي تم تشويهها عبر أحقاب، من خلال تحويلها لموضوع للشهوة والمكر والخيانة، وكأنها فاقدة الملامح بسبب تسليط القهر على ذاتها.

لقد توفقت نصوص هذه المجاميع في طرح قضايا القصة القصيرة جدا من منظور نسائي، بحثا عن هوية خاصة، تبرز ملامحها الحقيقة ونظرتها للقضايا الإنسانية، من خلال انتقاد العقلية الذكورية التي تستحضر ذكراها دوما كسرير لكل المكبوتات، ومشجبا يعلق عليه فشل الرجل الّذر يع"[4].

هذا، وتنبني الكتابة النسائية على الجسد، والتغني بالذات، والانطواء على العالم الداخلي، ورصد أسرار المرأة وتطلعاتها وأحلامها وآمالها ومعاناتها النفسية والاجتماعية، وطرح ثنائية الذكورة والأنوثة، وتبيان موقف المرأة من الآخر. ومن ثم، تتميز هذه الكتابة أيضا بتكسير الطابو، والتمرد عن اللغة السائدة، والثورة على الأعراف والتقاليد البالية.


وهكذا، تصور الزهرة رميج موت الحب الإنساني، وتفسخ القيم الأخلاقية، وتدهور الأسرة، والتقاط الصراع الذاتي. وفي هذا الصدد، يقول حميد ركاطة:" إننا أمام صيحة صارخة ضد كل مس بالقيم الإنسانية، وبكل مقاربة للنوع الاجتماعي، من خلال تحذيرات الكاتبة، ورسائلها المتعددة التي راهنت على تعرية الزيف، وكشف النقاب عن موت القيم والأخلاق، من خلال ومضات قصصها القصيرة جدا التي تميزت برصانة أفكارها، ومتانة بنائها وأحداثها التي جمعت بين الحبك المتين والعصف بانتظار المتلقي. فهي لم تتمرد على القالب الكلاسيكي بشكل مطلق، بقدر ما حافظت على خطية السرد، باعتماد تأثير مقصود يسلط الضوء على القيمة الأخلاقية والرسم بالكلمات لمواقف ساخرة جدا.

إن موت الحب يعني موت أسباب وجودنا وكينونتنا كأفراد، ويعني ضمنيا وقيميا تأصيل حقول كراهية الآخر، وموت السلم والتعايش والأخلاق. وهو إعلان عن حالة إفلاس مطلقة جسدتها مواقف، أبرزت تفككا في العلاقات واللامبالاة والتجاهل والصراع من أجل لا شيء. فالحياة الزوجية بخصوصيتها وأسرارها كشفت عن انهيار صرح التعايش الإنساني، تاركة فراغا روحيا، وتفككا في البنيات والمواثيق الغليظة. والصورة التي يقدمها الأزواج عن أنفسهم ليست حقيقية؛ لأن كل الوقائع تكذبها، وقائع استمدت من نصوص هذه المجوعة التي راهنت بقوة على الفضح والتنديد من أجل الالتفات والإصلاح قبل فوات الأوان [5] ".

وتنماز كتابات السعدية باحدة بالتنوع البوليفوني، واستخدام السخرية، والثورة على الواقع الإنساني والاجتماعي المحبط على مستوى القيم. وفي هذا الإطار، يقول حميد ركاطة:" لقد تطرقت المجموعة إلى العديد من المواضيع، ووظفت العديد منالتقنيات، مستلهمة طريقة الكتابة الشذرية /العجائبية /التاريخ /اللعب على التناص، ونوعت أساليب الخطاب، باعتماد المخاطب والجمع والغائب، وأحيانا انتفت الأمكنة، بلاستحال العثور عليها، فضمتها رحابة اللغة والصور التي كانت تتراص، جاعلة من المعنىمقصدا وهدفا من خلال التلاعب بالمصطلح وتنويع أغراضه. كما انتقدت النصوص العنفوالتقليد الأعمى، ونعت بحزن شديد كرامة الإنسان المفتقدة والعلاقات الاجتماعية التيأضحت غير ذات قيمة، بل حتى العلاقات الخاصة والحميمية جدا. كما تم توظيف السخرية كمعبرللمطالبة بتصحيح الأوضاع من أجل البحث عن حياة أفضل، وبتغيير الأوضاع ذاتها.[6]".


ونجد هذه النزعة الانتقادية أيضا لدى وفاء الحمري في قصصها القصيرة جدا التي ترصد فيها تناقضات المجتمع العربي على كافة الأصعدة والمستويات. وفي هذا النطاق، يقول حميد ركاطة:"عموما تمتاز نصوص القاصة وفاء الحمري بتنوع على مستوى المضامين، وبرصد قوي للواقع العربي المليء بالمتناقضات والفواجع، وبإحالاتها الساخرة والكاريكاتورية التي فضحت الكثير من عيوبه، من خلال توجيه رسائلها القصيرة من أجل استنهاض الهمم في زمن بات فيه الإنسان العربي مفتقدا لهويته، مسلوب الإرادة، هائما على وجهه، يبحث عن ذاته الغريبة التي تنكرت له في نهاية المطاف. فأغلب شخوص المجموعة، وكما أشرت إلى ذلك سابقا، بدت بوجوهها السلبية عاجزة عن الفعل والتأثير في مجتمعها الذي يزداد انهيارا وتفسخا، فانمحت كل معالمه ومقوماته الأساسية، وماتت قيمه، وبادت أخلاقه.[7]".

أما فيما يخص سناء بلحور، فتطفح قصصها بمشاعر ذاتية وإنسانية، مع تصوير صراع الإنسان مع ذاته وواقعه المحبط. وفي هذا السياق، يقول حميد ركاطة:" أما المبدعة سناء بلحور فقد تطرقت للعلاقات الإنسانية الأشد تعقيدا، بحثا عن إطلالة على عوالم الروح وصفاء المشاعر والأحاسيس الدافئة، وهي تضع بين يدي القارئ قصصا تبحث شخوصها القلقة عن الأمل الضائع أو المنفلت من بين أنياب الردى، تصارع من أجل الانتصار لعدالة قضاياها الإنسانية.[8]".

إذاً، فهذا الكتاب هو نوع من المقارنة بين الكتابة الذكورية والكتابة الأنثوية في القصة القصيرة جدا في المغرب، وقد تبين لنا بأن الكتابة الرجولية هي كتابة واقعية ذات طابع اجتماعي انتقادي، تنفتح نسبيا على الكائن الأنثوي من خلال فعل الرغبة واللذة والجنس والشبقية. في حين، تتميز الكتابة الأنثوية بالانطواء على الجسد، وطرح جدلية الذكورة والأنوثة، والاهتمام بالذات الشعورية واللاشعورية، وتصوير عالم الأسرة، مع انفتاح نسبي على الواقع المحيط وعوالم الرجل المتنوعة.

المنهج النقدي:
لم يكتف حميد ركاطة في كتابه النقدي القيم بما هو دلالي ومجتمعي، بل كان هدفه الأساس هو رصد الفنيات والجماليات، سواء أكان ذلك على مستوى اللغة أم الأسلوب أم المعمار أم البلاغة أم التركيب. وفي هذا الصدد، يقول حميد ركاطة:" إننا إزاء مجموعة من القراءات الجمالية سعت إلى سبر أغوار المضامين، لتقريب القارئ العربي والمغربي من قضايا القص القصير جدا وهواجسه إماطة للبس، وإبرازا لبعض ما بدا لنا من خصوصيات، ارتأينا أنها تدخل في رهانات القصة الجديدة، واستشرافا لمستقبلها الواعد.هذه المحاولة، إذن، مجرد اجتهاد شخصي لا يهدف إلى نقد القصة القصيرة جدا، بقدر ما يروم لفت نظر القارئ والمهتم إليها خصوصا، بعد تعدد الإصدارات، ونزوح العديد من الكتاب لخوض غمارها إما تجريبا أو تحديا، أو بسبب إغوائها وإثارتها التي لا تقاوم.


أملنا أن يجد القراء في هذه المحاولة ما يحفزهم على تكوين وجهات نظرهم الخاصة، وإبداء مواقفهم التي نتمنى أن تثير النقاش، وتثريه في الوقت نفسه حول القضايا الحقيقية للقصة القصيرة جدا، لوضع هذا الجنس الأدبي على المحك بهدف تطويره، والسير به قدما خدمة لقضية الأدب بصفة عامة."[9].


وبعد ذلك، يترصد حميد ركاطة الجوانب الفنية والجمالية في المجموعات القصصية القصيرة جدا بالمغرب بنوعيها: الرجولي والأنثوي. ومن ثم، فقد توقف الباحث عند مجموعة من الخصائص الفنية والجمالية البارزة في هذه الكتابات الإبداعية، مثل: خاصية الخطاب المنفلت عند حسن برطال، وحضور بلاغة الإضمار وتكثيف لغة الحكي عند إسماعيل البويحياوي، وهيمنة الكتابة الرمزية عند حسن البقالي، وخاصية التشييد المغاير للغة القصصية عند أنيس الرافعي، وطغيان ملمح السخرية عند عبد الله المتقي، وحضور القصة الجديدة عند مصطفى لغتيري، وبروز جمالية التشكيل عند عز الدين الماعزي، مع التوقف أيضا عند تنويع الخطاب واللعب على التضاد عند السعدية باحدة، والإشارة إلى بلاغة الصمت عند وفاء الحمري، وحضور التنويع الجمالي عند الزهرة رميج، وتدفق مجموعة سناء بلحور بدفء المشاعر وقلق الشخصيات.

ملاحظات تقويمية:
يلاحظ أن كتاب حميد ركاطة هو عبارة عن دراسات نقدية تطبيقية، قد تناول فيها متون القصة القصيرة جدا في الوطن العربي بالتحليل والتقويم والدرس إن شكلا وإن مضمونا، من خلال التوقف عند الأضمومات الذكورية والمجموعات النسائية. وقد دفعه كل هذا إلى ممارسة نوع من المقارنة والموازنة النقدية، حينما استخلص مجموعة من النتائج التي تتعلق بالكتابة الذكورية والكتابة النسائية. وينضاف إلى هذا، أن كتاب حميد ركاطة لم يكن كتابا تنظيريا في مجال القصة القصيرة جدا، بل كان كتابا للتحليل النقدي والنصي.لذلك، لم يطرح الباحث منهجية نقدية جديدة لمقاربة القصة القصيرة جدا في ضوء مكوناتها الداخلية وعناصرها البنيوية الشكلية والدلالية والوظيفية. بل اكتفى بالمقاربة الفنية الجمالية التي تزاوج بين الدلالة والشكل معا، معتمدا في ذلك على ما هو معروف من التقنيات السردية والفنية والبلاغية والأسلوبية في الساحة الثقافية العربية بصفة عامة، والساحة الثقافية المغربية بصفة خاصة.

إذاً، فما أحوجنا -اليوم- إلى مقاربة نقدية شاملة ومتنوعة، تمتح آلياتها التطبيقية ومفاهيمها الإجرائية من داخل النصوص الإبداعية! وهذا ما نأمله أن تقوم به المقاربة الميكروسردية في تعاملها مع النصوص القصصية القصيرة جدا، بمراعاة أركان هذا الجنس الأدبي الجديد، وتمثل شروطه الفنية والجمالية والدلالية والمقصدية.

خلاصة:
وخلاصة القول، يتبين لنا -مما سبق ذكره- أن حميد ركاطة طويل النفس في نقده، ومتنوع المشارب والمرجعيات والمنابت، ومتعدد القراءات والمقاربات، على الرغم من أن المنهج النقدي الذي يتحكم في رؤيته الوصفية هو المنهج الفني الذي يرتكز على تحليل النصوص القصصية القصيرة جدا في ضوء المعطيات الدلالية والفنية والجمالية.

وعليه، فقد انضم حميد ركاطة مبكرا إلى لائحة نقاد القصة القصيرة جدا في الوطن العربي بكتابه (القصة القصيرة جدا / قراءة في تجارب مغربية)، إلى جانب بعض النقاد الآخرين الذي يعدون عربيا على أصابع اليد، مثل: يوسف حطيني، وأحمد جاسم الحسين، وجاسم خلف إلياس، وهيثم بهنام بردى، وعبد الدائم السلامي، وجميل حمداوي، وسعاد مسكين، وحميد لحمداني، ومحمد يوب، ومحمد اشويكة، ونور الدين الفيلالي، وعبد العاطي الزياني...

هذا، ويحسب حميد ركاطة في مجال نقد القصة القصيرة جدا على فئة النقد التطبيقي التحليلي العملي. ويعني هذا أن هناك نوعين من النقد القصصي القصير جدا في عالمنا العربي، نقد تنظيري مع أحمد جاسم الحسين، ويوسف حطيني، وجميل حمداوي، وحميد لحمداني، وسعاد مسكين، ومحمد اشويكة... ونقد تطبيقي مع جاسم خلف إلياس، وعبد الدائم السلامي، وحميد ركاطة، وعبد العاطي الزياني، ومحمد يوب...


[1] - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدا / قراءة في تجارب مغربية، منشورات وزارة الثقافة، مطبعة المناهل، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م.

[2] - حميد ركاطة: نفسه، ص:124.

[3] - نفسه، ص:260-261.

[4] - حميد ركاطة: نفسه، ص:183.

[5] - نفسه، ص:203-204.


[6] - نفسه، ص:227.

[7] -نفسه، ص:246.

[8] - نفسه، ص:259.

[9] - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدا / قراءة في تجارب مغربية، ص:8.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.41 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]