من أسباب المحبة: قراءة القرآن، وتفهم معانيه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213276 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-07-2022, 11:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي من أسباب المحبة: قراءة القرآن، وتفهم معانيه



من أسباب المحبة: قراءة القرآن، وتفهم معانيه (1)









كتبه/ ياسر برهامي.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الأسباب الجالبة للمحبة

قال ابن القيم -رحمه الله-:

"فصلٌ في الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها، وهي عشرة:

أحدها: قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.

الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض؛ فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة.

الثالث: دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.

الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى، والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.

الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها، ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها، فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة، ولهذا كانت المعطلة والفرعونية والجهمية قطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول إلى المحبوب.

السادس: مشاهدة بره، وإحسانه، وآلائه، ونعمه الظاهرة والباطنة؛ فإنها داعية إلى محبته.

السابع: وهو من أعجبها: انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن هذا المعنى غير الأسماء والعبارات.

الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته، وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمت أن فيه مزيدًا لحالك ومنفعة لغيرك.

العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله -عز وجل-.

فمن هذه الأسباب العشرة وصل المحبوب إلى منازل المحبة، ودخلوا على الحبيب، وملاك ذلك كله أمران: استعداد الروح لهذا الشأن، وانفتاح عين البصيرة، وبالله التوفيق" ((مدارج السالكين) (3/17- 18)).

1. قراءة القرآن بالتدبر، والتفهم لمعانيه:

قوله -رحمه الله-: "أحدها: قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه"، فأفضل ما يجلب لك حبَّ الله -عز وجل- وأعظم ما تجد به حبه في قلبك هو قراءة القرآن بالتدبر، وأخصُّ ذلك أن يكون في الصلاة، فقراءة القرآن في الصلاة أكثر عونًا للعبدِ على التدبر، قال -عز وجل-: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) (ص: 29)، وقال -عز وجل-: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد: 24)، فالتدبر هو المرحلة التالية للفهم، لذلك قال: "والتفهُّم لمعانيه".

فالمرحلة الأولى إقامة الحروف وحفظ الكلمات، ثم المرحلة التالية فهم معاني هذه الكلمات، وهو علم التفسير، ثم التدبر وهو أن تقف عند كل آية وكل كلمة، وأحيانًا كل حرف لتتدبر ما فيه؛ فإن دلالات الحروف والكلمات والترتيب كلها يتفاوت فيها الناس، ولا تحصل بمجرد معرفة الكلام، وإنما تحصل بالوقوف عند الآيات بالتدبر والتفكر فيها، وسؤال النفس ما أريد بها، فإن رزقه الله -عز وجل- الفهم والمعرفة فهذا غاية ما يتمناه، وبه يجد الفوائد المتتابعة التي قد تزيد في كل مرة يقرأ فيها الآية، وهذا مع كثرة القراءة، ولذا كان من السلف من يقوم الليل بآية، وسلفهم في ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي ذر قال: "قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بآية حتى أصبح يرددها، والآية: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة: 118)" (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

فتجد الفوائد العجيبة في ترتيب آيات القرآن، ومثال ذلك: قوله تعالى في سورة البقرة: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) الآية (البقرة: 60)، بينما قال -عز وجل- في سورة الأعراف: (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) (الأعراف: 160)، فالانبجاس: الانفجار الضعيف أو بدايته، ففي سورة الأعراف ـ وهي مكية ـ كانت بداية الإخبار بأخبار بني إسرائيل، أما في البقرة وغيرها من السور المدنية كان تمام الإخبار، فناسب الحال لكلٍّ منهما أن تكون الأولى بالانبجاس والثانية بالانفجار، وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- ذلك في كلامه عن آية البقرة حيث قال: "وهذه القصة شبيهة بالقصة المذكورة في سورة الأعراف، ولكن تلك مكية، فلذلك كان الإخبار عنهم بضمير الغائب؛ لأن الله تعالى يقص ذلك على رسوله -صلى الله عليه وسلم- عما فعل بهم، وأما في هذه السورة ـ وهي البقرة ـ فهي مدنية، فلهذا كان الخطاب فيها متوجهًا إليهم، وأخبر هناك بقوله: (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) وهو أول الانفجار، وأخبر ههنا بما آل إليه الأمر آخرًا وهو الانفجار، فناسب ذكر الانفجار ههنا، وذاك هناك، والله أعلم" ((تفسير ابن كثير) (1/279)).

كذلك في سورة هود حين ذكر عذاب قوم شعيب عندما أساؤوا واستهزؤوا بنبيِّهم، قال -عز وجل- في سورة هود: (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) (هود: 94)؛ لأنهم قالوا: (إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) (هود: 87) استهزاءً بنبيهم، وأما في سورة الشعراء فحكى الله -عز وجل- عنهم قولهم لنبيهم: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (الشعراء: 187)، فناسب أن يكون عذابهم كما قال -عز وجل-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الشعراء: 189)، فأخذتهم صيحة مرجفة، وعذاب من فوقهم، فذكر في كل موطن العقاب المناسب لجرمهم، وذكر في سورة الأعراف أن شعيبًا؛ قال لهم: (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (الأعراف: 86)، فكانوا يخوِّفون أهل الإيمان ويرجفون في الناس لئلا يأتي إلى شعيب؛ آتٍ ممن آمن به، فناسَبَ أن تأخذهم الرجفة كما قال -عز وجل-: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (الأعراف: 91).

وقد أشار إلى ذلك ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره، فقال في معرض تفسيره لآية سورة هود: "وذكر ههنا أنه أتتهم صيحة، وفي الأعراف رجفة، وفي الشعراء عذاب يوم الظلة، وهم أمة واحدة، اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقَمُ كلها، وإنما ذكر في كل سياق ما يناسبه، ففي الأعراف لما قالوا: (لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا) ناسب أن يذكر هناك الرجفة، فرجفت بهم الأرض التي ظلموا بها وأرادوا إخراج نبيهم منها، وههنا لما أساؤوا الأدب في مقالتهم على نبيهم ناسب ذكر الصيحة التي أسكتتهم وأخمدتهم، وفي الشعراء لما قالوا: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) قال: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)، وهذا من الأسرار الغريبة الدقيقة، ولله الحمد والمنة كثيرًا دائمًا" ((تفسير ابن كثير) (4/347)).

وكذلك في قصة موسى؛ أعاجيب من ذلك، فتارة يذكر أحاسيس موسى، وتارة يذكر إلقاء موسى العصا، وتارة يذكر نهاية الأمر بسجود السحرة، وكل موطن يختلف عن غيره، مع وحدة القصة والمضمون، ولكن يختلف السياق في كل مرة.

وما زال الحديث موصولاً عن قراءة القرآن وتدبره، وأثر ذلك في جلب المحبة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-07-2022, 07:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من أسباب المحبة: قراءة القرآن، وتفهم معانيه

من أسباب المحبة: قراءة القرآن، وتفهم معانيه (2)









كتبه/ ياسر برهامي.



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ذكر ابن القيم –رحمه الله- من الأسباب الجالبة للمحبة: "قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه"، وما زلنا مع الكلام عن تفهم معاني القرآن، وقد وقفنا على بعض الأمثلة على ذلك.

وكذلك متى تقرأ أدعية الأنبياء ومحاوراتهم مع أتباعهم وتتدبر فيها متفهمًا معانيها؛ ترى ما فيها من الأدب مع الله -عز وجل-، فحينما طلب الحواريون من عيسى؛ ما قاله الله -عز وجل- عنهم: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) فكأن عيسى؛ فزع من هذا الطلب، فلذا أجابهم بقوله كما قال الله -عز وجل- عنه: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)؛ لأن الإيمان ينافي مثل هذا السؤال، فقالوا: (قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة: 113)، فأول ما أرادوه هو الأكل، فذكروه قبل قولهم: (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا)، فهذا يدل على بُعدهم عن الله -عز وجل- وضعف اهتمامهم؛ لأنهم أخَّروا أمر الآخرة إلى ما بعد الأكل، فمن كان يريد أن يطمئنَّ قلبه فعليه أن يبحث عما يطمئنه أولاً، لا أن يهتم بالأكل ثم تأتي طمأنينة القلب بعد ذلك.

ثم قالوا: (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا)، وهذا يدل على نقصان حالهم، فهذا الطلب طلب جاهل، ولولا الجهل لكفروا، ولذلك قال لهم عيسى -عليه السلام-: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)، وحينما طلب عيسى؛ من ربه -عز وجل- إنزال المائدة وخشي عليهم أن يُفتنوا قال كما قال -عز وجل- عنه: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (المائدة: 114)، فتوسَّل إلى الله -عز وجل- طالبًا الأمر الإيماني أولاً؛ إذ الأعياد مرتبطة بالعبادة، فالعيد عبادة وسعة، لذلك حرم صوم يومي العيدين، لكن يُسبقان بالصوم وجوبًا أو استحبابًا ويختصان بالذكر، كما قال تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) (البقرة: 185).

ثم قال عيسى –عليه السلام-: (وَآيَةً مِنْكَ)؛ لأنهم يَصِلُون بهذه الآية وبالآيات المصاحبة لنزول المائدة إلى الطمأنينة، كما أنها هي المطلوب الأول لعيسى–عليه السلام-؛ لأن مقصوده العبادة، فعلَّمهم ترتيب الطلب، ثم جاء طلب الأكل في آخر الدعاء مجملاً لا مفصلاً حيث قال: (وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، فتأمَّل الأدب الرفيع العالي في كلام عيسى–عليه السلام-.

ومثل ذلك كثيرٌ جدًّا لمن يتدبر القرآن، فهذا مثالٌ يبين الفرق بين التدبر والتفهم، فالتفهم للمعنى في (فَانْبَجَسَتْ) أن تعرف أن معناه أول النبع وبداية الانفجار، أما (فَانْفَجَرَتْ)، ففيه خروج الماء بقوة، فهذا مثال التفهم لمعانيه، وهكذا في كل المعاني أن تعرف المعنى ثم تتدبر فيه بعد ذلك.

قوله -رحمه الله-: "وما أُريد به" أي: أن تعرف أن هناك أمرًا مقصودًا ومرادًا من وراء هذه الآية فتتفهمه، "كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه" يريد الوقوف على كل كلمة والتفكر فيها لتعرف المقصود منها؛ "ليتفهم مراد صاحبه منه"، فالمطلوب أن تقف مع آيات القرآن آية آية، وليس معرفة التفسير فحسب، فضلاً عمن لا يقرأ التفسير، فضلاً عمن لا يقرأ القرآن أصلاً ـ نسأل الله العافية ـ، ثم بعد كل هذا يسأل المرء لماذا لا يجد هذا الحب؟!

فالقرآن هو الكنز الذي لا يفنى في هذا الباب، وكلما قرأتَ أكثر كلما وجدتَ الحب، ولا شك في ذلك؛ فكل من قرأ القرآن لابد أن يحب الله -عز وجل- من كل قلبه، وقد عرف أهل الإيمان أنه لا يوجد طريق يوصِّل إلى الله -عز وجل- أو يحببهم فيه مثل القرآن؛ فقد جربوا وعرفوا، فصار الأمر عندهم قطعيًّا كمعرفتهم أن الأكل والشرب سبب لحياة الأبدان، وهذا أمر لا يقبل المنازعة عند أهل الإيمان.

فإن قال قائل: "قد قرأت القرآن فلم أجد هذه المحبة؟"؛ نقول: إن ذلك إنما حدث لأنه لم يتدبر القرآن بعدُ، ولم يتفهمه، بل ربما لم يقم حروفه، أو لم يقرأه أصلاً، أو قرأه هذًّا بحيث لا يفقه ما يقرأه ولا يعيه، وما فائدة كثرة القراءة مع عدم التدبر؟! وقد أنكر ذلك عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فعن أبي وائل قال: جاء رجل يقال له نَهِيك بن سِنَان إلى عبد الله، فقال: "يا أبا عبد الرحمن، كيف تقرأ هذا الحرف، ألفًا تجده أم ياءً: (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ) أو (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ)؟"، قال: فقال عبد الله: "وكُلَّ القرآن قد أحصيَت غير هذا؟"، قال: "إني لأقرأ المفصل فى ركعة"، فقال عبد الله: "هذًّا كهذِّ الشعر، إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع فى القلب فرسخ فيه نفع" (رواه مسلم).

وقال -رضي الله عنه-: "لا تهذُّوا القرآن كهذِّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقِفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب" (رواه البيهقي في الشُّعب)، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه، فلا ينشغل بمشاكل الحياة وهمومها عن القرآن وتدبره؛ فمشاكل الدنيا لا تنقضي ما بقي الإنسان على ظهر هذه الأرض.

قال خباب بن الأرت -رضي الله عنه- لرجل: "تقرَّب إلى الله ما استطعتَ، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيءٍ هو أحبُّ إليه من كلامه".

وقال عثمان -رضي الله عنه-: "لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم".

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله".

وللحديث بقية بإذن الله مع بقية الأسباب الجالبة لمحبة الله –عز وجل-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.16 كيلو بايت... تم توفير 2.36 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]