خطوات حثيثة لجمع المسلمين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 774 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 128 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 90 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-10-2020, 03:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي خطوات حثيثة لجمع المسلمين

خطوات حثيثة لجمع المسلمين (1)


فتحي حمادة







1- (لا للنميمة):

نرى بعض المسلمين يمشي بالنميمة للإفساد بين المسلمين، وهو لا يعرف خطورة النميمة؛ قال - تعالى -: ﴿ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 11]، وقال - تعالى -: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل الجنة نمَّام))؛ (متفق عليه)، فالساعي للإفساد لن يدخل الجنة؛ لأن الإفساد كالنار في الهشيم تأكل الأخضر واليابس؛ لذلك فالله - تعالى - سيعاقبه بالنار؛ لأنه - تعالى - يعلم المفسد من المصلح، قال - تعالى -: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [البقرة: 220]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أحبَّكم إلى الله الذين يألفون ويؤلفون، وإن أبغضَكم إلى الله المشَّاؤون بالنميمة المفرِّقون بين الإخوان)).



2- تعاونوا على البر والتقوى:

يا مسلمون، تعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان؛ فإن الدنيا ظل زائل، وعارية مسترجعة، قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، فتعاونوا على البر والتقوى، ولا تَسْعَوا وراء الفرقة، واحذروا من عقاب شديد، لا يعلمه إلا الله، قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سِباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))؛ (متفق عليه).




3- إفشاء السلام:

يا مسلمون، أفشوا السلام بينكم، ألم تعلموا أن السلام بمعنى الدعاء بالسلامة من كل آفة؟ فبالسلام تدعو لأخيك بالعافية والسلامة من الأمراض المعنوية والحسية، وبالسلام تتعانق القلوب والعقول، ولأهمية السلام وفضله أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالسلام؛ حيث قال: ((والله، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ فبالسلام يأتي الإيمان، وبالإيمان يأتي النصر، فبالسلام تأتي المحبة، وبالمحبة يأتي النصر، عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام، وتقرأ السلام على مَن عَرَفت ومَن لم تعرف))؛ (متفق عليه)، فلا يكن سلامُك سلامَ معرفة، بل يكون سلامك سلام مثوبة وألفة ومحبة، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لو أن رجلاً قام بين الركن والمقام يعبد الله سبعين سنة لبعثه الله يوم القيامة مع مَن يحب"، وقال عمر - رضي الله عنه -: "إذا أصاب أحدكم ودًّا من أخيه فليتمسكْ به فقلَّما يُصِيب ذلك"، وقال الفضيل: "نظرُ الرجل إلى وجهِ أخيه على المودة والرحمة عبادةٌ".




وأقول للمسلمين، ضعاف النفوس، الذين ارتموا في أحضان اليهود والنصارى وغيرهم، الذين يقدمون لهم الولاء والمحبة عن طريق السلام والتعارف، وأعرضوا عن إخوانهم المسلمين، بل لم يعرضوا عنهم فقط، بل اختلفوا معهم، وخاصموهم، وقاتلوهم، وللأسف اتخذوا اليهود والنصارى أولياء، وتشبَّثوا بتقاليدهم الضالَّة، وعليه اتخذ اليهودُ والنصارى هؤلاءِ المسلمين ضعاف النفوس كسهامٍ قاتلة ضد إخوانهم المسلمين في كل مكان: فاحذروا، ولا تتباهوا بمناصرتكم لليهود والنصارى، والملحدين والعلمانيين، وعُودُوا إلى ديار الإسلام، محبين لإخوانكم، ومطيعين لربكم، فمن الحب يأتي النصر، قال عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: "والله، لو صمتُ النهار لا أفطره، وقمت الليل لا أنامه، وأنفقت مالي غلقًا غلقًا في سبيل الله، أموت يوم أموت وليس في قلبي حب لأهل طاعة الله، وبُغض لأهل معصية الله؛ ما نفعني ذلك شيئًا".




4- (لا تظلموا):

يا مسلمون، لا تَظْلِموا فتُظْلَموا، إن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، ألم تعلموا أن الظلم الذي بينكم قد فرَّقكم؟ ألم تعلموا أن الظلم بينكم قد شتتكم؟ ألم تعلموا أن الظلم قد أضعفكم بعد أن أصبحتم فرقًا؛ فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليُمْلِي للظالم فإذا أخذه لم يُفْلِتْه، ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]))؛ (متفق عليه)، وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن ظلم قِيدَ شبرٍ طوَّقه الله من سبع أرضين))؛ (متفق عليه)، فلا تظلموا لتتحابوا، فلا تظلموا لتترابطوا، فلا تظلموا لتنتصروا، فالنصر لن يأتي إلا بالعدل وعدم الظلم، قال - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الوداع: ((... فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمةِ يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربَّكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا تَرْجِعُوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض))؛ (متفق عليه)، فأكد - عليه الصلاة والسلام - تحريم الدماء والأموال والأعراض، فهذه الأشياء حرام على المسلم أن ينتهكَها من أخيه المسلم.




يا مسلمون، احذروا ما نهى الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فإن الأعداء استغلُّوا ظلمَ بعضنا لبعض وخلافاتنا، فانقضوا علينا الواحد تلو الآخر، فلا وقت للفرقة والخصام، واسع أن تقضي حوائج أخيك المسلم؛ قال - تعالى -: ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77]، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلِمه، مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كُرَب يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة))؛ (متفق عليه)، فكل ما يحتاجه المسلم واجبٌ عليك أن تُعِينه على ذلك، فإذا رأى المسلم أخاه المسلم في ضرورةٍ، فلا بدَّ أن يدفع ضرورته، والُمحزِن أننا نَرَى في عصرنا هذا نوعًا من الشحناء والبغضاء، والغل والظلم بين الإخوة المسلمين، فهذا لا يهتم بشؤون أخيه، وهذا يبغض ذاك، وهذا يحقد على آخر، فأصبح الظلم ممهدًا لشق الصف الواحد، وتفتيت البناء الواحد، وهذا ما جعل الأعداء يتربصون بنا؛ لضعفنا بسبب شق الصف الواحد، فأَعِينُوا بعضَكم البعض، فلن يأتي النصر إلا إذا كنَّا في صف واحد دون فُرقة.




5- (الاشتغال بالآخرة عن الدنيا):

إن روابط الأخوَّة لن تزداد إلا إذا كانت الأخوة من أجل الآخرة، وليست من أجل دنيا؛ لأنها تقرِّب البعيد، وتُدنِي القاسي؛ لأن النية هنا خالصة لوجه الله - تعالى - ولكن إذا اهتممنا بالدنيا وانشغلنا بها؛ فإن الفرقة ستمتد، وستطول كل شيء حتى تمحو الأمة كلها، وهذا ما يحدثُ الآن من انشقاق، "إن السبب الرئيسي لما نحن فيه هو الاشتغال بالدنيا عن الآخرة، فهذا الشح والبخل الذي يقع في قلوبنا سببُه المُغْرِيات الدنيوية التي وَقَعنا فريسةً لها، فلا بدَّ من الانخلاع والانفلات من عبودية المادة، والتنصُّل من متطلبات الحياة، وأن يَسَعَك ما وَسِع من قلبك، لا بدَّ أن تخرج الدنيا من قلبك إلى يدِك سهلةَ المنال، فتعتاد البذل لكل أحد، فهذا حقيقة التجرد بدون تعقيد أو تقعُّر في العلم"[1].





يا مسلمون، إن النصر قريب، ولكن ما تفعلوه من حب الدنيا جعل الخصام والخلاف أقرب إلى حياتنا، الأمر الذي أبعد النصر عنا.





[1] الأخوة للشيخ محمد حسين يعقوب.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 09-08-2022 الساعة 10:12 PM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-08-2022, 10:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خطوات حثيثة لجمع المسلمين

خطوات حثيثة لجمع المسلمين (2)
فتحي حمادة





6- (لا للمصلحة والمنفعة الخاصة)..
يجب على كل مسلم أن يحب أخاه المسلم لا لمصلحة ولا لمنفعة؛ فالحب هنا من أجل الله -تعالى- فقد قال رجل لمحمد بن واسع: إني لأحبك في الله، فقال: أحبك الذي أحببتني له، ثم حول وجهه، وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أُحَبَّ فيك وأنت لي مبغض، وقال مجاهد: المتحابون في الله إذا التقوا فكشَّر بعضُهم إلى بعض تتحاتُّ عنهم الخطايا كما يتحاتُّ ورقُ الشجر في الشتاء إذا يبس، وقد قسم الإمام الغزالي هذا الحبَّ بين المسلمين إلى أقسام، فقال في إحياء علوم الدين: "والذي يحب فإما أن يكون لذاته لا ليتوصل به إلى محبوب ومقصود وراءه، وإما أن يحبَّ للتوصل به إلى مقصود، وذلك المقصود إما أن يكون مقصورًا على الدنيا وحظوظها، وإما أن يكون متعلقًا بالآخرة، وإما أن يكون متعلقًا بالله -تعالى- فهذه أربعة أقسام:
أما القسم الأول: وهو حبك الإنسان لذاته، فذلك ممكن، وهو أن يكون في ذاته محبوبًا عندك، على معنى أنك تلذُّ برؤيته ومعرفته، ومشاهدة أخلاقه؛ لاستحسانك له، فإن كل جميل لذيذ في حق مَن أدرك جماله، وكل لذيذ محبوب، قال بعض الحكماء: كل إنسان يأنس إلى شكله كما أن كل طير يطير مع جنسه، وإذا اصطحب اثنانِ بُرْهَة من زمان ولم يتشاكلا في الحال، فلا بدَّ أن يتفرَّقا.


القسم الثاني: أن يحبَّه لينالَ مِن ذاته غير ذاته، فيكون وسيلة إلى محبوب غيره، والوسيلة إلى المحبوب محبوب، وما يحب لغيره كان ذلك الغير هو المحبوب بالحقيقة، ولكن الطريق إلى المحبوب محبوب؛ ولذلك أحب الناس الذَّهب والفِضَّة ولا غرض فيهما؛ إذ لا يطعم، ولا يلبس، ولكنهما وسيلة إلى المحبوبات، فمِن الناس مَن يحب كما يحب الذَّهَب والفِضَّة من حيث إنه وسيلةٌ إلى المقصود؛ إذ يتوصل به إلى نَيْل جاه أو مال أو علم، كما يحب الرجل سلطانًا لانتفاعه بماله أو جاهه، ويحب خواصه لتحسينهم حاله عنده، وتمهيدهم أمره في قلبه، فالمتوسل إليه إن كان مقصور الفائدة على الدنيا لم يكن حبُّه من جملة الحب في الله، وإن لم يكن مقصور الفائدة على الدنيا، ولكنه ليس يقصد به إلا الدنيا؛ كحب التلميذ لأستاذه، فهو أيضًا خارج عن الحب لله؛ فإنه إنما يحبه ليحصلَ منه العلم لنفسه، فمحبوبه العلم، فإذا كان لا يقصد العلم للتقرب إلى الله، بل لينالَ به الجاه والمال والقبول عند الخلق، فمحبوبُه الجاهُ والقَبُول، والعلمُ وسيلةٌ إليه، والأستاذ وسيلة إلى العلم، فليس في شيءٍ من ذلك حب لله؛ إذ لا يتصوَّر كل ذلك ممَّن لا يؤمن بالله -تعالى- أصلاً.


ثم ينقسم هذا أيضًا إلى مذموم ومباح، فإن كان يقصد به التوصُّل إلى مباح، فهو مباح، وإنما تَكتَسِب الوسيلةُ الحكمَ والصفة من المقصد المتوصَّل إليه، فإنها تابعة له، غير قائمة بنفسها.

القسم الثالث: أن يحبه لا لذاته، بل لغيره، وذلك الغير ليس راجعًا إلى حظوظه في الدنيا، بل يرجع إلى حظوظِه في الآخرة، فهذا أيضًا ظاهر لا غموض فيه، وذلك كمَن يحب أستاذه وشيخه؛ لأنه يتوصَّل به إلى تحصيل العلم، وتحسين العمل، ومقصوده من العلم والعمل الفوز في الآخرة، فهذا من جملةِ المحبِّين في الله، وكذلك مَن يحب تلميذه؛ لأنه يتلقَّف منه العلم، وينال بواسطته رتبة التعليم، ويرقَى به إلى درجة التعظيم في ملكوت السماء...، ونقول: إذا أحب مَن يخدمه بنفسه في غسل ثيابه، وكنس بيته، وطبخ طعامه، ويفرغه بذلك للعلم أو العمل، ومقصوده من استخدامه في هذه الأعمال الفراغ للعبادة؛ فهو محب في الله، بل نزيد عليه، ونقول: إذا أحب مَن ينفق عليه من ماله، ويواسيه بكسوته وطعامه ومسكنه، وجميع أغراضه التي يقصدها في دنياه، ومقصوده من جملة ذلك الفراغ للعلم والعمل المقرِّب إلى الله؛ فهو محبٌّ في الله، فقد كان جماعةٌ من السلف تكفَّل بكفايتهم جماعة مِن أولي الثروة، وكان المواسي والمواسَى جميعًا من المتحابِّين في الله، بل نزيد عليه ونقول: مَن نكح امرأة صالحة ليتحصَّن بها عن وسواس الشيطان، ويصون بها دينَه، أو ليولد منها ولد صالح يدعو له، وأحب زوجته، لأنها آلة إلى هذه المقاصد الدينية، فهو محبٌّ في الله... قال الجريري: تعامَل الناس في القرن الأول بالدين حتى رقَّ الدين، وتعاملوا في القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء، وفي الثالث بالمروءةِ حتى ذهبت المروءة، ولم يبقَ إلا الرهبة والرغبة.


القسم الرابع: أن يحبَّ لله وفي الله، لا لينال منه علمًا أو عملاً، أو يتوسل به إلى أمر وراء ذاته، وهذا أعلى الدرجات، وهو أدقها وأغمضها...، وما من مؤمنٍ محبٍّ للآخرة ومحب لله إلا إذا أخبر عن حال رجلينِ أحدهما عالم، والآخر جاهل فاسق، إلا وجد في نفسه ميلاً إلى العالم العابد، ثم يضعف ذلك الميل ويقوى بحسب ضعف إيمانه وقوته، وبحسب ضعف حبه لله وقوته.


اعلمْ أن عَقْد الأخوَّة رابطةٌ بين الشخصين؛ كعقد النكاح بين الزوجين، وكما يقتضي النكاح حقوقًا يجب الوفاء بها قيامًا بحق النكاح، فكذا عَقْد الأخوَّة، فلأخيك عليك حق في المال، والنفس، وفي اللسان، والقلب، بالعفو والدعاء، وبالإخلاص والوفاء، وبالتخفيف وترك التكلف؛ انتهى.


7- (لا للظن):
يا مسلمون، لا تظنوا في إخوانكم ظن السوء؛ فإنه أكذب الحديث، وأقرب للشيطان أن يوقع بينكم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إياكم والظنَّ، فإن الظن أكذب الحديث))؛ (متفق عليه)، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، فعليكم أن تَحمِلُوا الكلام دائمًا على محملٍ جميل، فأحسنوا الظنَّ، فبذلك تدوم المحبة، ومن المحبة يأتي النصر، وللأسف نرى دولاً ترفض التعاون والتعامل معها، لمجرد سوء الظن، بالرغم من عدم وجود أي بوادر تؤكِّد إساءة الظن، والأدهى من ذلك أنها دول إسلامية، فمن الواجب أن تزولَ كل معوقات الخلاف وسوء الظن؛ لأن الصهاينة متربصون بنا، فلا بدَّ أن نجتمع على كلمة واحدة وعلى طريق واحد حتى يأتي النصر.


8- (الصلح خير):
يا مسلمون، أصلحوا ما أفسدتْه الدنيا، فإن الصلح خير، قال -تعالى-: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1]، وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10]، فلا تنظروا إلى مصلحة، أو منفعة، أو سلطة، ولكن انظروا إلى ذات البَيْن، فإن رضيتُم بما في أيديكم فلن يخذلكم الله -تعالى- فانبِذُوا الفُرْقةَ؛ لأنها من الواجبات على كل مسلم، وعلى ذلك ينبغي الحفاظ على صرح الأخوَّة، ونبذ كل ما يسيء إليها، أو يضعف من عراها، قال علي - رضي الله عنه -: "عليكم بالإخوان؛ فإنهم عدَّة في الدنيا والآخرة، ألا تسمع إلى قول أهل النار: ﴿ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾ [الشعراء: 100، 101]، وينبغي أن نتنبهَ إلى أن التفريط في الأخوَّة لمجرد الاختلاف وإفساد ذات البين، لا يجوز لمسلم أن يقوم به، خاصة وأن الأعداء تتكالب علينا؛ مستغلة إفساد ذات البين والخلافات، بل ويقوم الأعداء بإشعال هذه الخلافات، وعلى ذلك فإن النصر لن يأتي أبدًا ما دامتِ الخلافات موجودة.


الاجتماع بالإخوان قسمان:
أحدهما: اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت، فهذامضرَّته أرجحُ من منفعته، وأقل ما فيه أنه يُفسِد القلب، ويضيع الوقت.


ثانيهما: الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة، والتواصي بالحق والصبر، فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها، ولكن فيها ثلاث آفات:
الأولى: تزين بعضهم لبعض.

الثانية: الكلام والخلطة أكثر من الحاجة.
الثالثة: أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود.


وبالجملة، فالاجتماع والخلطة لقاح، إما للنفس الأمَّارة، وإما للقلب والنفس المطمئنة، والنتيجة مستفادة من اللقاح، فمن طاب لقاحه طابت ثمرته، وهكذا الأرواح الطيِّبة لقاحها من الملك، والخبيثة لقاحها من الشيطان، وقد جعل الله - سبحانه - بحكمته الطيبات للطيبين، والطيبين للطيبات، وعكس ذلك"[1].


[1] الفوائد لابن القيم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.38 كيلو بايت... تم توفير 2.42 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]