قصة داودَ عليه السلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16157 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3109 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 94 )           »          أحكام شهر الله المحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2021, 10:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي قصة داودَ عليه السلام






قصة داودَ عليه السلام (1) طالوتُ وظهور داود











د. محمد منير الجنباز




نقل ابن كثير في تاريخه عن ابن جرير ما يلي:



ثم مرج أمر بني إسرائيل وعظمت منهم الخطوب والخطايا، وقتلوا مَن قتلوا من الأنبياء، وسلَّط الله عليهم بدلًا من الأنبياء ملوكًا جبارين يظلمونهم ويسفكون دماءهم، وسلط الله عليهم الأعداء من غيرهم أيضًا، وكانوا إذا قاتلوا أحدًا يكون معهم تابوت الميثاق، "وكان يحتوي على صور الأنبياء أنزله الله على آدم، وفيه نعلا موسى وعصاه وعمامة هارون وقفيز من المن ورضاض من الألواح وطست من ذهب كان يغسل به صدور الأنبياء"، فكانوا يُنصرون ببركته، وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون.







فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم، فلما علم بذلك ملك بني إسرائيل في ذلك الزمان مالت عنقه، فمات كمدًا، وبقي بنو إسرائيل كالغنم بلا راعٍ، حتى بعث الله فيهم نبيًّا من الأنبياء يقال له: أشمويل، فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكًا ليقاتلوا معه الأعداء، وذكر أن مدة ما بينه وبين يوشع أربعمائة وستون سنة، وقد ذكر القُرْآن الكريم حالتهم هذه في سورة البقرة: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 246]، آية واضحة صريحة تصور الحالة التي وصل إليها بنو إسرائيل، والتفكك الظاهر والحماسة الهوائية التي تعلو وتشتد عند الكلام والخُطب، ولكن عند العمل ووضعهم على المحك الأساس في البذل والدفاع عن المقدسات كانوا يتراجعون، فهم قوَّالون لا فعالون، ألم يقولوا لموسى: ﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24]،.







فكتب الله عليهم التيه أربعين سنة، لما قضى جيل الهزيمة نحبه وحل محله جيل الشباب انطلقوا مع يوشع بعزيمة ماضية فدخلوا الأرض المقدسة، وبعد فترة هانوا وعادوا لطبيعتهم من جديد، طبيعة الذل والمهانة والركون إلى الدنيا، وعندما فقدوا التابوت ضجوا لما حصل لهم من الذل، فعادوا إلى رشدهم، وطلبوا العون من الله، فأرسَل الله إليهم نبيًّا "أشمويل" ليبصرهم في أمرهم، وما هم فيه من التيه، والوسيلة التي فيها يخرجون من هذا المأزق والذل والهوان، فبادروا إلى نبيهم، وطلبوا منه تعيين ملك عليهم يقودهم إلى النصر واسترداد التابوت.







قال لهم: إذا فرض عليكم القتال أخشى أن تخلفوا العهد فتجبنوا عن القتال، فعاهدوه على المضي مع الملك في القتال؛ لأنهم قد جرحوا كرامتهم وأخرجوهم من ديارهم وسبَوْا أبناءهم، لكن عندما كتب عليهم القتال فعلًا تراجع قسم كبير منهم، وفقدوا حماستهم للجهاد، ويمضي القُرْآن يصور لنا القلة القليلة التي صمَّمت على القتال، فماذا كان موقفهم إزاء اختيار نبيهم ملكًا يقودهم؟







﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ﴾ [البقرة: 247]، فهذا اختيار الله لهم، عالم بما يناسبهم، وهذا من قبيل رحمتهم ومعاضدتهم لينقذهم من الوضع الذي هم فيه، فهو سبحانه أعلم بما ينفعهم، وقد خفف عنهم مشقة الاختيار التي ربما لا تكون في صالحهم، فاختار لهم ملكًا يقودهم إلى النصر، لكنهم رغم هذه المعاضدة لهم من الله لم ينسَوا غطرستهم وجدالهم، ﴿ قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا ﴾ [البقرة: 247] كيف يصبح ملكًا علينا؟ ولماذا وما الميزة التي أهَّلَته لهذا المنصب؟ ﴿ وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ﴾ [البقرة: 247].







وكانت نظرتهم القاصرة إلى الملك أن يكون ذا مال وغنى وثراء، وهل يجلب الغنى والثراء النصرَ؟ فكان الرد على نظرتهم المحدودة، ﴿ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ﴾ [البقرة: 247]، تأكيد على اختيار الله له من أجل هذه المهمة، ومن ميزاته العلم وقوة الجسم، فهذه الصفات هي التي تنفع الحاكم ونظام الحكم، فالعلم للتعامل على أساسه مع الناس، فلا تضيع الحقوق؛ لأن الجهل يعد صفةً ذميمة من شأنها تضييع الحقوق، والقوة مهمة جدًّا في قيادة الحرب والصمود أمام الأعداء، ﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247]؛ فلله الحق في أن يختار من يشاء للملك؛ لأنه العليم بالناس وما مدى مقدرتهم وما جُبلوا عليه، ثم أخبرهم نبيهم عن صفات أخرى لهذا الملك القائد يزوده الله بها، ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ [البقرة: 248]؛ فقد سخَّر له عددًا من الملائكة فاستردوا الصندوق من العماليق وأعادوه جهارًا ونهارًا محمولًا بين السماء والأرض والناس ينظرون إليه حتى وضعوه عند طالوت.







عند ذلك فرح بنو إسرائيل واعترفوا بزعامة طالوت عليهم وأيقنوا بالنصر، وقال النسابون: إن طالوت من سبط بنيامين بن يعقوب، وقد كانت معارضتهم له لهذا؛ لأن المتَّبَع عندهم أن الذي يتولى الحرب يجب أن يكون من سبط يهوذا، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 248]، وقد رأَوْا هذه الآية واطمأنوا لها وعقدوا العزم على السير خلف طالوت وقتال الجبارين، ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ﴾ [البقرة: 249]، ويصور القُرْآن الكريم خروج طالوت بجنوده الذين جمعهم من بني إسرائيل لقتال العدو وقد زادوا على خمسين ألفًا، ثم وقف فيهم خطيبًا لكي يمتحن إرادتهم وصمودهم ومقدار صبرهم على لقاء العدو، وأخبرهم أن الله سيبتليهم بنهَر يعبرونه وهم عطشى، وعليهم ألا يشربوا منه؛ لامتحان صبرهم على الشدة والبلاء، والذي سيشرب من هذا النهر سوف يرسب في الامتحان، وبالتالي سيحرم من المشاركة في الجهاد، والذي يصبر ولا يشرب فسيمضي مع طالوت لجهاد الأعداء، واغتفر لمن يأخذ بيده غرفة يبل بها ريقه، فماذا كان مقدار الصبر عندهم؟ ﴿ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [البقرة: 249]، إن مَن لا يصبر على العطش لهو أكثر فقدًا للصبر على ما هو أشد؛ كبذل النفس، وكان نتيجة الامتحان أن سقط فيه الأغلبية، فردَّهم طالوت، وبقي معه القلة المخلصة التي اكتفت بالغرفة من الماء، فكفتهم، وبارك الله لهم فيها، فلم يظمؤوا، وكان عددهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا، ﴿ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: 249]، واجتاز النهر مع القلة المؤمنة وهو يرى فيهم الكفاية للصبر الذي أبدَوْه، ولكن هذه القلة على الرغم من صبرها وأنها وهبت نفسها لله وهي تطلب الشهادة، فقد بدر منهم ما يفُلُّ العزم أيضًا عندما تقابلوا مع جيش العدو ورأوا كثرته عدة ورجالًا، ﴿ لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: 249].







وهنا تكلمت الصفوة من المجاهدين بأن الغلبة ليست بكثرة السلاح والرجال، وإنما بالإيمان وتأييد الله للمجاهدين، ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ ﴾ [البقرة: 249]، والظن هنا بمعنى اليقين؛ أي: الموقنون بالحساب والآخرة، وأن مرَدَّهم إلى الله، ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249]، هذا هو أصل الاعتقاد بالله؛ التوكل والظن الحسَن بالله، وأن كل شيء بيده، ينصر من يشاء، ويؤيد من يشاء، ويبقى الصبرُ في المعارك أساسًا قويًّا، ويعني الثباتَ مهما اشتد الخطب في المعركة واستحر القتل؛ فإن الصبر مهم، وقلة الصبر تعني الهزيمة، والصبر حتى النهاية يعني النصر، وقد كان المسلمون يقولون في معاركهم: النصر لأصبر الفريقين، ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250]، هذا هو موقفُ الثبات الذي لا تزعزعه الخطوب، موقف المؤمنين المتوكلين الذين يقرنون التوكل بالعمل؛ فهم إلى جانب مباشرتهم للقتال لم ينسَوُا الاعتماد على الله، والدعاء لاستجلاب النصر، والاستعانة بالقوي القادر على دحر الأعداء، وهذا تعليم لكل مجاهد بألا يكون اعتماده على القوة الذاتية أو العدد أو العدة، وإنما عليه أن يُعد العدة حسب قدرته واستطاعته ثم يجعل توكله على الله، وأن يدعوه ساعة اللقاء ويتضرع إليه لكي يثبِّت أقدامه في حومة الوغى ومعترك الأبطال والدعاء إلى النزال، وأن ينصره على الأعداء.







ما أجملها من كلمات وما أبلغها من عبارات! ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾ [البقرة: 250] لكأن الصبر مختزن بخزائن الرحمن مثل الماء ثم يفرغه الله على المجاهدين فيغتسل منه كل مجاهد ويصبغ به، فما أحلاه من تشبيه! ﴿ وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ﴾ [البقرة: 250]؛ فثباتُ الأقدام مهم في المعركة، وعدم ثباتها معناه الفرار، ثم طلب النصر من العلي القدير صراحة؛ لأنهم بحاجة ماسة إلى النصر، والهزيمة تعني تغلب أهل الكفر على أهل الإيمان وسيطرتهم على مقدَّرات البلاد، وعيثهم فيها الفساد، ولكن إرادة الله مع المؤمنين، ﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ ﴾ [البقرة: 251]، كان هزيمة منكرة للعدو، قُتل فيها طاغيتهم جالوت، ذلك الجبار المخيف الذي سيطر بالعنف والقوة الغاشمة التي يستخدمها دون رحمة بأعدائه، ولكن الله تعالى سخَّر داود الفتى الشاب الذي كان في جيش طالوت وكان يحمل مقلاعًا فأطلق منه حجرًا أصاب مقتلًا من جالوت، فكانت نهايته ونهاية جيشه وسيطرتهم على جزء كبير من الأرض المقدسة، وهكذا عاد جيش طالوت ظافرًا، وعادت أيام بني إسرائيل للعلو والإقبال بعد فترة إدبار طويلة.







ما رُوي عن طالوت:



ورد عن السدي: أن داود عليه السلام كان أصغر أولاد أبيه، وكانوا ثلاثة عشر ذكرًا، وسمع داودُ طالوتَ وهو يحرض بني إسرائيل على القتال وقتلِ جالوت وجنوده، ويعد بأن من يقتل جالوت سيزوجه من ابنته ويشركه في ملكه، وكان داود يرمي بالمقلاع رميًا عظيمًا، وبينما هو سائر مع بني إسرائيل إذ ناداه حجر أن خذني، فإنك بي تقتل جالوت، فأخذه، ثم حجر آخر ثم آخر كذلك، فأخذ الثلاثة في مخلاته، فلما تواجه الصفان برز جالوت ودعا إلى المبارزة، فتقدم إليه داود، فقال جالوت: ارجع؛ فإني أكره قتلك، فقال داود: لكني أحب قتلك، وأخذ تلك الأحجار الثلاثة فوضعها في المقلاع، ثم أدارها، فصارت حجرًا واحدًا، ثم رمى بها جالوت ففلق رأسه، وفر جيشه منهزمًا، فوفى له طالوت وزوجه ابنته وأجرى حكمه في ملكه.







ما قيل عن الزيغ الذي آل إليه طالوت:







ذكَر المؤرخون - نقلًا عن الروايات الإسرائيلية - أن طالوت قد حسد داود وأراد قتله أو التخلص منه، وأنه قتل كثيرًا من علماء بني إسرائيل حتى استأصلهم وطغى وبغى ثم عاد إلى نفسه وطلب التوبة، فأشار عليه نبي ذلك الوقت بأن يجاهد الكفار حتى يستشهد ففعل.







أشك في هذه الرواية؛ فبنو إسرائيل اتهموا أنبياء الله بأكثرَ من هذا، واتهام طالوت أسهل عليهم، ولا يُعقَل أن يصدر هذا من طالوت؛ فالله اختاره وجعله ملهمًا؛ فهو القائل لهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ ﴾ [البقرة: 249]؛ فهذا نوع من الإلهام أو الوحي المشابه لما أوحى الله به لأم موسى، فالله الذي زكاه وأيده بالمعجزات: ﴿ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 248]، ثم بعد هذا يظهره الإسرائيليون بمظهر الطاغية الناقم، وهم بهذا لا ينتقدون طالوت، وإنما ينتقدون حكمة الله في اختياره، وكأنهم بهذا يقولون: هذا الذي اخترته لنا على كره منا وزكيته، لقد كان رأينا فيه أصوب، وكنا نتوقع منه هذا الارتداد، وهكذا - قاتلهم الله - يريدون تشويه سمعة مَن زكاه الله؛ عنادًا وكفرًا بالله، وأن تفكيرهم ومصالحهم هي الأهم، وهي التي تصلح للحياة، فشريعتهم قانونهم الذي يؤمِّن مصالحهم وكفى.












__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-06-2021, 09:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصة داودَ عليه السلام






قصة داودَ عليه السلام (2) أخبار داود عليه السلام











د. محمد منير الجنباز




انتقل الملك إلى داود بعد مقتل طالوت وبنيه، وجمع الله لداود النبوة مع الملك، فأقبل الناس على داود يعلنون الطاعة، ولما اجتمع بنو إسرائيل على داود أنزل الله عليه الزبور، كتابًا فيه تجديد للشريعة التي أتى بها موسى عليه السلام، وعلَّمه الله صنعة الدروع من الحديد، وألانه له، إما بتشكيله كما يريد معجزة له، وإما باستخدام وسيلة لإلانته؛ كالنار التي تستخدم لهذا الغرض حتى اليوم.







وكان داود حسن الصوت، يتلو الزبور تلاوة رائعة، بصوت يخشع له من يسمعه، حتى إن الجبال والطير تسبِّح معه أثناء التلاوة انفعالًا وخشوعًا، ولذة عبادة وتسبيح؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴾ [ص: 17، 18]، وهنا وصفٌ دقيق لداود، من حيث حبه للعمل، ويده يد صناع، تعمل لكسب الرزق وحب الإنتاج بما يفيد، وإن أفضل رزق العبد من كسب يده؛ ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خفف عن داود عليه السلام القُرْآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج، فيقرأ القُرْآن قبل أن تسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يده)).







وفي سورة سبأ وردت هذه المعاني بأسلوب آخر اهتمامًا وتوجيهًا وبيانًا لما كان عليه داود عليه السلام: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10، 11]؛ فالله أعطى داود هذه الميزة منًّا منه وفضلًا؛ حيث أمر الجبال والطير أن تردد معه ما يتلوه من الزبور تهجدًا وتسبيحًا، وفي الآية حثٌّ لداود وتشجيع له بأن الله معه في طلبه الرزق من خلال عمل الدروع وإحكام صنعتها: ﴿ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ﴾ [سبأ: 11]؛ أي: اجعَلِ الأمر في الصناعة محسوبًا في غاية الدقة وحسن الصناعة، فلا إفراط ولا تفريط، وهو ما نعرفه في صناعة اليوم المتقنة، بحيث توضع كل قطعة في مكانها الصحيح حسب غرضها والجهد الذي تتحمله، فيأتي كل شيء بشكل موزون، وهذا ما عنته الآية الكريمة: ﴿ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ﴾ [سبأ: 11]؛ أي: اجعل القطعة الثقيلة القوية في المكان الذي يتعرض فيه المقاتل للإصابة الأكثر والأقوى والقطعة الأقل قوة في المكان الذي يقل فيه التعرض للإصابة، وهذا أصبح قاعدة لصانعي الدروع فيما بعد؛ فالرأس والعنق والصدر والعضدان أماكن تحتاج للحماية القوية بخلاف الظهر، فقلما يتعرض للإصابة، إلا إذا كان المقاتل فارًّا وموليًا الدبر، فلو وضعت القطع على الدرع في كل الأماكن بشكل متشابه وموحد لثقل الدرع كثيرًا، إن كانت من النوع الثقيل، ولضعف الدرع عن تأدية الحماية، إن كانت من النوع الخفيف، فالله منَّ عليه وعلمه هذه الصنعة مع إتقانها: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80].







وكان داودُ من العباد الزهاد رغم نعيم الملك: ﴿ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴾ [ص: 18]، فكانت الجبال تسبح اللهَ معه؛ وذلك لحُسن صوته، وكان تسبيحه مساءً وصباحًا، ﴿ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 19]، وكانت الطيرُ تجتمع لهذا الصوت الحسن وتردد معه التسبيح، وذكر "الطبري" أن الله أمر الجبال والطير أن يسبِّحْن معه إذا سبح، ولم يعطِ الله - فيما يذكرون - أحدًا من خلقه مثل صوته، كان إذا قرأ الزبور ترنو له الوحوش حتى يؤخذ بأعناقها وإنها لمصيخة تسمع لصوته؛ "أي من شدة انجذابها للصوت تستسلم لمن يأخذ بأعناقها ولا تقاوم".







وكان داود شديد الاجتهاد، دائب العبادة، كثير البكاء؛ ولذلك كان الصحابة إذا أرادوا الانقطاع للعبادة من صلاة وصوم أوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون عبادتهم مشابهة لما انتهجه داود، فلا يزيدون عنه؛ لأنهم ربما لا يطيقون أن يفعلوا أكثر منه؛ ففي الحديث الذي أخرجه البخاري: أن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنت الذي تقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت؟))، قلت: قد قلته، قال: ((إنك لا تستطيع ذلك؛ فصُمْ وأفطر، وقم ونَم، وصم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر))، فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله، قال: ((فصم يومًا وأفطر يومين))، قال: قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يومًا وأفطر يومًا، وذلك صيام داود، وهو أعدل الصيام))، قلت: إني أطيق أفضل منه يا رسول الله، فقال: ((لا أفضل من ذلك))، وأخرج البخاري عن عبدالله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه))، هذا في النفل، أما الفرض فكما فرضه الله من صلاة أو صيام.







﴿ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ ﴾ [ص: 20] بتأييده بالمعجزات الظاهرة الباهرة والقوة التي يتمتع بها، والملك بما فيه من الجنود؛ ولهذا كان ملكه قويًّا مستقرًّا يخشاه الأعداء، ﴿ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴾ [ص: 20]، ومِن تمام نعم الله عليه أنه ملِك نبي حكيم، وقوله في المسائل التي تعرض عليه هو القول الفصل الصائب، ورُوي أن داود عليه السلام كان قد جعل له ثلاثة أيام؛ يوم يقضي فيه بين الناس، ويوم يخلو فيه للعبادة، ويوم يخلو فيه لنسائه، وكان له تسع وتسعون امرأة، وقيل: له أربعة أيام: يوم لعبادته، ويوم لنسائه، ويوم يقضي فيه بين الناس، ويوم لبني إسرائيل، وهكذا كان دهره، ولما أوتي من العلم والحكمة كان يعرف الفضل لمن سبقه من الأنبياء والمرسلين، وكان يتمنى أن يمتحن بمثل ما امتحنوا به؛ لينال مثل أجورهم، ولكن الله تعالى قال - كما ذكر في القُرْآن الكريم -: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ﴾ [البقرة: 253].







ومع ذلك يروي أهل السير أن داود طلب من ربه أن يمتحن لترتفع درجته، ومن خلال إيراد هذه القصة الطريفة يتبين لنا مدى الامتحان الذي خضع له داود، قال داود: يا رب، ابتلني بمثل ما ابتليتهم به، وأعطني مثل ما أعطيتهم، قال: فأوحى الله إليه إنك مبتلى فاحترس، قال: فمكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل بصورة حمامة من ذهب حتى وقعت عند رجليه وهو قائم يصلي، قال: فمد يده ليأخذها فتنحت فتبعها، فتباعدت حتى وقعت في كوة، فذهب ليأخذها فطارت من الكوة، فنظر أين تقع فيتبع أثرها، فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها، فرأى امرأة من أجمل النساء خَلقًا، فحانت منها التفاتة فأبصرته، فألقت شعرها فاستترت به، قال: فزاده ذلك فيها رغبة، فسأل عنها فأخبر أن لها زوجًا، وأن زوجها بمسلحة كذا وكذا، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره أن يبعث أهريا - اسم زوجها وكان في الجيش - إلى عدو كذا وكذا، فبعثه ففتح له، وكتب إلى داود بذلك، فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا، أشد منهم بأسًا، فبعثه، ففتح عليه أيضًا، فكتب إليه أن أبعثه إلى عدو كذا وكذا، فبعثه، فقتل في المرة الثالثة، قال: فتزوج داود امرأته، فلما دخل عليها لم تلبث عنده إلا يسيرًا حتى بعث الله ملكين في صورة إنسيين، فطلبا أن يدخلا عليه، فمنعهما الحرس أن يدخلا - فكان في يوم عبادته - فتسوروا عليه المحراب، قال: فما شعر وهو يصلي إلا وهما جالسان بين يديه، ففزع منهما، فقالا: لا تخف إنما نحن ﴿ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ ﴾ [ص: 22]، فكيف يشطط وهو النبي الذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب وفي حكمه وقضائه العدل والإنصاف؟ فقال: قصا عليَّ قصتكما، قال أحدهما: ﴿ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ [ص: 23] فهو يريد أن يأخذ نعجتي فيكمل بها نعاجه مائة، فقال للآخر: ما تقول؟ فقال: إن لي تسعًا وتسعين نعجة ولأخي هذا نعجة واحدة، فأنا أريد أن آخذها منه فأكمل بها نعاجي مائة، قال داود: وهو كاره؟! قال: إذًا لا ندعك وذاك، قال: ما أنت على ذلك بقادر، قال: فإن ذهبت تروم ذلك أو تريد ذلك ضربنا منك هذا وهذا - الأنف والجبهة - فقال: يا داود، أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لأهريا - وذكر أن اسمه أوريا - إلا امرأة واحدة، فلم تزل به تعرضه للقتل حتى قتل وتزوجت امرأته، قال: فنظر فلم يرَ شيئًا، فعرف ما قد وقع فيه، وما ابتلي به، قال: فخر ساجدًا فبكى، قال: فمكث يبكي ساجدًا أربعين يومًا لا يرفع رأسه إلا لحاجة لا بد منها، ثم يقع ساجدًا يبكي، ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه، وكان يقول في دعائه: "رب، زلَّ داود زلة أبعد ما بين المشرق والمغرب، رب، إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنبه جعلت ذنبه حديثًا في الخلوف من بعده"، فأوحى الله إليه بعد أربعين يومًا: يا داود، ارفع رأسك فقد غفرت لك، فقال: يا رب، كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء - وهو يعلم أن لأهريا حقًّا شخصيًّا لا يسقط - إذا جاء أهريا يوم القيامة آخذًا رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دمًا في قبل عرشك يقول: يا رب، سل هذا فيم قتلني؟! قال: فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أهريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة، قال: يا رب، الآن علمت أنك قد غفرت لي، قال: فما استطاع أن يملأ عينيه من السماء حياءً من ربه حتى قبض".







وصوَّر القُرْآنُ هذه الحادثة عن داود بأسلوب بديع مختصر: ﴿ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [ص: 23 - 25]، هذه الرواية هي من أفضل ما روي في هذه القصة عن داود، وهي تنسجم مع مدلول الآيات، لكن ورد أيضًا كلام فيها أنها ضعيفة، وقال الألباني: والظاهر أنها من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكتاب الذين لا يعتقدون العصمة للأنبياء، وبرَّرها علماء آخرون أنها ابتلاء لداود، ثم تاب فتاب الله عليه، وقال آخرون: ليس للقصة صحة، وإنما تعجل داود فأصدر حكمه على صاحب التسع وتسعين نعجة قبل أن يسأله منساقًا إلى كلامه الأول، وكان عليه أن يستمع من الخصمين، غير أن القصة تظهر سماعه من الخصمين، والله أعلم.







وبعد قَبول الله - جلت قدرته - توبة داود التي يستحقها لإخلاصه فيها وبذل العزم على ألا يعود، جاءه الأمر الفصل من ربه ليلتزم تعاليم الله ويبتعد عن هوى النفس؛ فإن هوى النفس يوقع في التهلكة: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26].












__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21-06-2021, 09:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصة داودَ عليه السلام

قصة داود عليه السلام (3) وفاة داود عليه السلام


د. محمد منير الجنباز




ورد في قصة آدم أنه استقَلَّ عُمُرَ داود فوهبه من عمره أربعين سنة، فكان عمر داود مائة سنة، وورد أن داود كان فيه غيرة شديدة على حريمه، فكان إذا خرج أغلق الأبواب فلم يدخل أحد على أهله حتى يرجع، قال: فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت: من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة؟ والله لتفضحن بداود، فجاء داود فإذا الرجل قائم وسط الدار، فقال له داود: من أنت؟ فقال: أنا الذي لا أهاب الملوك، ولا أمنع من الحجَّاب، فقال داود: أنت والله إذًا ملك الموت، مرحبًا بأمر الله، ثم مكث حتى قبضت روحه، فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس - وكان القيظ شديدًا - فقال سليمان للطير: أظلي على داود فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض - وقيل:
كتمت من شدة تلاصقها الريح، فضاقت أنفاس الناس - فقال سليمان للطير: اقبضي جناحًا، قال أبو هريرة راوي الحديث:
فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يرينا كيف فعلت الطير، وقبض رسول الله بيده، وغلبت عليه يومئذ المضرحية - أي: غلبت على التظليل الصقور الطوال الأجنحة، وهي التي تسمى المضرحية.


وقيل: مات داود فجأة، وهذا لا ينافي ما ورد آنفًا، حيث قبض روحه وسط الدار من غير سابق إنذار ولا مرض، وروى أبو الدرداء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقد قبض داود من بين أصحابه ما فتنوا ولا بدلوا))، أقول: لأن سليمان ابنه حكم بعده مباشرة على منهج أبيه، وكان أيضًا قويًّا مؤيدًا.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.78 كيلو بايت... تم توفير 2.85 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]