|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مكانة العلم وفضله أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري الخطبة الأولى الحمد والثناء... أما بعد: فإن الوصية المبذولة لي ولكم - معاشر المسلمين - هي تقوى الله جل شأنه، والاستقامة على أمره، والاهتداء بهديِ نبيه صلى الله عليه وسلم، فاتقوا الله يا أمة الإسلام، واعلموا أن دينكم دينُ علمٍ ومعرفة، وليس دينَ جهل أو خرافة. عباد الله: إن رِفعة الأمم والأفراد، بمقدار ما عندها من العلم النافع، وانحطاطها بقدر ما فيها من الجهل والبدع والضياع، فعلى الأمة أن تطلب من العلم ما يعود عليها بالنفع، ويعلو به قدرها، ويتقوَّى به جانبها، ويكثر به جودها، ويستقر به تقدمها وازدهارها، وتأخذ به مكانتها بين الأمم، ويكون سببًا لرسم الصورة الصحيحة الحقة لهذا الدين الحنيف. عباد الله: لا يخفى على كل ذي لبٍّ مكانةُ العلم وفضله، وفائدته ونفعه، فهو أعز مطلوب، وأشرف مرغوب، تسابق الفضلاء لطلبه، وتنافس الأذكياء لتحصيله، من اتصف به فاقَ غيره، ومن اتَّسم به بان نُبلُه، وارتفعت درجته. ميَّز الله بين أهل العلم وبين من سواهم من العباد؛ فقال جل وعلا: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]، وقال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11]، وقال جلَّت قدرته: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك: 22]. كما استشهد اللهُ أهلَ العلم على أشرف مشهود به؛ وهو التوحيد، وقرن شهادتهم بشهادته وبشهادة ملائكته؛ فقال جل وعلا: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18]، فبدأ سبحانه بنفسه، وثنَّى بملائكته المسبِّحة بقُدسه، وثلَّث بأهل العلم، وكفاهم ذلك شرفًا وفضلًا، وجلالةً ونبلًا. من سلك طريق العلم، فقد أراد الله به خيرًا، ومن ترك العلم فقد اشترى خسرًا؛ عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يُرِدِ الله به خيرًا، يُفقِّهه في الدين))؛ [متفق عليه]. العلم أعظم ما تنافس فيه المتنافسون، وأغلى ما غُبط عليه المؤمنون؛ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلَكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها))؛ [متفق عليه]. العلم طريق الفوز بالجنة، وسبيل النجاة من النار؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة))؛ [رواه مسلم]. العلم يبقى أثره للإنسان حيًّا وميتًا، فيخلُد ذكره عند الورى وإن كان تحت الثرى؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابن آدم، انقطع عنه عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ [رواه مسلم]. عباد الله: لقد تكاثر كلام العلماء من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم في العلم وفضله؛ لأنهم عرفوا قيمته، ورأوا أهميته في حياة المسلمين؛ عن علي رضي الله عنه قال: "كفى بالعلم شرفًا أن يدَّعيه من لا يُحسنه، ويفرح إذا نُسب إليه، وكفى بالجهل ذمًّا أن يتبرأ منه من هو فيه". وقال الإمام أحمد بن حنبل: "لا شيء يعدل العلم لمن صحَّت نيته، قيل له: وكيف تصح نيته؟! قال: أن ينوي به رفعَ الجهل عن نفسه، ورفع الجهل عن غيره". وقال الفضيل بن عياض: "لم يُعطَ أحد في الدنيا شيئًا أفضلَ من النبوة، وما بعد النبوة شيء أفضل من العلم والفقه". وقال الشافعي: "طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، وليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم، ومن لا يحب العلم فلا خير فيه". وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "تعلَّموا العلم؛ فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وبذله قُربة، وتعليمه من لا يعلمه صدقة". عباد الله: العلم له طرق وأساليبُ وأدوات، وإن من نِعم الله علينا، أن يسَّر لنا طرق طلب العلم؛ من دروس في المساجد، وكتب مطبوعة، ودروس مسجلة، ومواقع إلكترونية لتعليم العلم الشرعي، وتطبيقات فتاوى علماء أهل السنة الراسخين في العلم، وغيرها من الوسائل. وإن من أدوات العلم: القلمَ الذي أقسم الله به؛ وقد جاء في فضل كتابة العلم، ما رواه أبو داود وأحمد من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ((كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر، يتكلم في الغضب والرضا؟! فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال: اكتب؛ فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حقٌّ))؛ [صححه الألباني]. وفي سنن الدارمي عن معاوية بن قرة بن إياس قال: "كان يُقال: من لم يكتب علمه لم يُعَدَّ علمه علمًا". وعن سعيد بن جبير قال: "كنت أسير مع ابن عباس في طريق مكة ليلًا، وكان يحدثني بالحديث، فأكتبه في واسطة الرحل، حتى أصبح فأكتبه". وقال الخليل بن أحمد: "اجعل ما في الكتب رأسَ المال، وما في القلب النفقةَ". ألا فبادروا - عباد الله - واطلبوا أشرف العلوم وأعلاها، واعلموا أنه لا نجاة ولا سعادة في الدنيا والآخرة إلا بسلوك الطريق الذي رسمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة))؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة: 2]. بارك الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان؛ أما بعد عباد الله:فإن العلم الشرعي يدور مع أمرين أساسيين، وأصلين مهمين؛ أحدهما: الخلق الصالح، فلا علم بلا أدب؛ قال سفيان الثوري: "كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث، تأدَّب وتعبَّد قبل ذلك بعشرين سنة"، وقال إبراهيم بن حبيب: قال لي أبي: "يا بني، إيتِ الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخُذْ من أدبهم وأخلاقهم وهديِهم، فإن ذاك أحب إليَّ لك من كثير من الحديث". وقال بعضهم لابنه: "يا بنيَّ، لأن تتعلم بابًا من الأدب أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم". والأصل الثاني - معاشر المؤمنين - العمل: فالعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل؛ قال الخطيب البغدادي: "كما لا تنفع الأموال إلا بإنفاقها، كذلك لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها"، وقال عبدالرحمن بن مهدي: "سمعت سفيان يقول: ما بلغني من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط، إلا عملت به ولو مرةً". وقد ضرب الله مثلًا لمن تعلم ولم يعمل، بأقبح الحيوانات؛ فقال عن علماء اليهود: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: 5]، فالرجل الذي لا ينتفع بعلمه كالحمار يحمل الكتب العظيمة، ولا يفقه شيئًا مما فيها: كالعيس في البيداء يقتلها الظما ![]() والماء فوق ظهورها محمولُ ![]() ألا فاتقوا الله عباد الله، واطلبوا العلم تفلحوا، واعلموا أن السعادة الحقيقية هي سعادة العلم النافع ثمرته؛ فإنها هي الباقية على تقلُّب الأحوال، والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره، وفي دُوره الثلاثة؛ أي: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، وبها يرتقي معارج الفضل، ودرجات الكمال. فاللهم إنا نسألك علمًا نافعًا، وعملًا صالحًا، اللهم اشرح صدورنا لطلب العلم وأعِنَّا عليه، إنك وليُّ ذلك والقادر عليه، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |