بحوث الأدب المقارن ومجالاته - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28440 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60061 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 842 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-09-2022, 04:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي بحوث الأدب المقارن ومجالاته

بحوث الأدب المقارن ومجالاته


د. إبراهيم عوض






الأدب المقارن هو، كما وضحنا من قبل، فرع من فروع المعرفة، يتناول المقارنة بين أدبين أو أكثر، ينتمي كل منهما إلى أمة أو قومية غير الأمة أو القومية التي ينتمي إليها الأدب الآخر، وفي العادة إلى لغة غير اللغة التي ينتمي إليها أيضًا، وهذه المقارنة قد تكون بين عنصر واحد أو أكثر من عناصر أدب قومي ما ونظيره في غيره من الآداب القومية الأخرى بُغْية الوقوف على مناطق التشابه ومناطق الاختلاف بين الآداب ومعرفة العوامل المسؤولة عن ذلك،كذلك فهذه المقارنة قد يكون هدفها كشف الصلات التي بينها، وإبراز تأثير أحدها في غيره من الآداب، وقد يكون هدفها الموازنة الفنية أو المضمونية بينهما، وقد يكون هدفها معرفة الصورة التي ارتسمت في ذهن أمة من الأمم عن أمة أخرى من خلال أدبها، وقد يكون هدفها هو تتبع نزعة أو تيار ما عبر عدة آداب...إلخ.

أما تأكيد بعض الدارسين المقارنين أن الأدب المقارن لا يُدخِل ضمن البحوث المقارنة تلك الدراسات التي تجري بين نتاجين أدبيين من قوميتين مختلفتين لا توجد بينهما صلة تاريخية أو ثقافية؛ إذ يجب في رأيهم أن يكون ظاهرها لدى من يقوم بالمقارنة أن الأدب القومي واقع تحت تأثير أدب أجنبي واستفاد منه وانتهج بعض أساليبه وجوانبه الفنية، وأن يثبت كيفية التقاء هذين الأدبين وزمن التقائها ونوعية تأثير أحدهما في الآخر، وتأكيدهم كذلك أن أهمية الأدب المقارن لا تقف عند دراسة التيارات الفكرية والأجناس الأدبية والقضايا الإنسانية في الفن، بل لا بد له أن يكشف عن جوانب تأثر الكتاب في الأدب القومي بالآداب العالمية، هذا التأكيد هو تأكيد في غير محله؛ إذ الأدب المقارن لا ينحصر في دراسة التأثير والتأثر بين الآداب المختلفة كما قلنا، وإن كانت بعض مدارسه تشترط ذلك، وهي المدرسة الفرنسية ومن يلفون لفها.

ذلك أن دراسة التأثير والتأثر بين مختلف الآداب إنما يمثل جانبًا واحدًا من جوانب بحوث الأدب المقارن كما وضحنا،وفي هذه الحالة فإن الأدب المقارن، كما يوضح المقارنون الذين يشترطون وجود تأثير وتأثر، يدرس مواطن التلاقي بين الآداب في لغاتها المختلفة، وصلاتها الكثيرة المعقدة، في حاضرها أو في ماضيها، وما لهذه الصلات التاريخية من تأثير أو تأثر، وأيًّا كانت مظاهر ذلك التأثير أو التأثر، وسواء تعلقت بالأصول الفنية العامة للأجناس والمذاهب الأدبية أو التيارات الفكرية، أو اتصلت بطبيعة الموضوعات والمواقف والأشخاص التي تعالج أو تحاكي في الأدب، أو كانت تمس مسائل الصياغة الفنية والأفكار الجزئية في العمل الأدبي، أو كانت خاصة بصور البلاد المختلفة كما تنعكس في آداب الأمم الأخرى بوصفها صلات فنية تربط ما بين الشعوب والدول بروابط إنسانية تختلف باختلاف الصور والكتاب، ثم ما يمتُّ إلى ذلك بصلة من عوامل التأثير والتأثر في أدب الرحالة من الكتاب.

ويشمل التأثير والتأثر كثيرًا من الموضوعات الأدبية: فقد يتعلق بأديب من الأدباء، وقد يتعلق بموضوع أدبي، وقد يتعلق بأسلوب لغوي، وقد يتعلق بشكل فني، وقد يتعلق باتجاه فكري، وقد يتعلق بجنس من الأجناس الأدبية، وقد يتعلق بقواعد تخص هذا الجنس أو ذاك، وقد يتعلق بالصور الفنية، وقد يتعلق بنموذج أو شخصية أدبية...إلخ،ويتناول الباحثون في الأدب المقارن هذا الموضوع الأدبي أو ذاك فيتابعون انتقاله من أدب إلى آخرَ محاولين معرفة الطريق التي سلكها في رحلة الانتقال، والعوامل المسؤولة عن ذلك الانتقال، ومسجلين ما يطرأ عليه من تحويرات أو تعديلات أثناء تلك الرحلة.

ومع هذا يشير الباحثون في الأدب المقارن إلى أن هناك موضوعات تقليدية غاب أصلها الأدبي في غياهب الزمن، فلم نعد نعلم عن انتقالها من هذا الأدب إلى ذاك شيئًا، وذلك مثل أسطورة خاتم سليمان، وأسطورة طاقية الإخفاء، وأسطورة الشحاذة الطيبة الجميلة التي تتزوج ملكًا،وفي كل موضوع من تلك الموضوعات نجد تفصيلات يضيفها كل كاتب إليه، فتعطيه نكهته التي يتميز بها عن معالجة مبدع آخر لذات الموضوع،وتقوم المقارنة الأدبية هنا بتبيان الفروق ووجوه الاتفاق بين المعالجات المختلفة لذلك الموضوع،ويؤكد الدارسون المقارنون عن حق أن التأثر بإبداعات الآخرين لا يعد عيبًا؛ فالحياة قائمة على التعاون والأخذ والعطاء، وليس هناك مبدع يأتي بإبداعاته من الفضاء الخارجي، بل الكل يعتمد على الكل، إن صح التعبير، مضيفًا إليه بعض التفصيلات أو محورًا فيما أخذ، أو مستدركًا عليه، أو معيدًا تنظيمه،وفي مثل هذه الأمور يمكن أن تكمن العبقرية الإبداعية.

وفي وسع الدراسات المقارنة أن تتناول مثلًا موضوع الغيرة أو الانتقام أو التضحية في سبيل الواجب أو بعض العادات أو السلوكيات أو المعتقدات أو القيم، فتلقي ضوءًا قويًّا كاشفًا على عبقرية الكتَّاب الذين تناولوا هذا الموضوع، لنأخذ مثلًا مسرحية "فاوست" لجوته، حيث نرى فاوست في أول المسرحية شقيًّا كل الشقاء بعقله، يهمّ بالانتحار، ثم يتولد فيه الأمل ويأخذ في نشدان السعادة عندما يبدأ بالتفكير في المستقبل، ويظل على هذا طوال الجزء الأول من المسرحية، ثم ينتهي هذا الجزء بنجاة مرجريت منه ومن روح الشر المسيطرة عليه، مفضلة البقاء في السجن والبعد عن حبيبها، وفي الجزء الثاني يظل فاوست منغمسًا في تجارِب الحياة المادية إلى أن يتعرف على هيلين رمز الجمال الخالص، فيهتدي عن طريقها إلى الخير والعفة والفضيلة،وهذه القصة نفسها تمثل المحور العام لمسرحية "شهرزاد" لتوفيق الحكيم؛ إذ هي أيضًا تعالج قضية الصراع بين العقل والقلب، مما يوضح تأثر توفيق الحكيم بجوته، كما لاحظ الدارسون المقارنون الذين عكفوا على دراسة هذين العملين، ونفس الأمر نجده عند اللورد بيرون في مسرحيته: "منفرد"، التي نشرت عام 1887م، والتي تأثر فيها الشاعر الإنجليزي من بعض الوجوه بمسرحية نظيره الألماني؛ إذ يظهر فيها الساحر منفرد فريسة لليأس والندم بسبب حب ثم قضى على محبوبه فيحاول استدعاء أرواح الأرض والسماء لنجدته، إلا أنها تعجز عن أن تهبه نعمة النسيان، فيحاول الانتحار، ولكن يتم إنقاذه، لنراه رغم ذلك يأبى الخضوع للأرواح الشريرة، ثم يظهر شبح المحبوبة، التي ترفض أن تغفر له ما صنعه معها، وتتنبأ بموته في الغد، وفي لحظة الموت تظهر أرواح الشر، فيرفض أن يخضع لها، كما رفضت مرجريت في مسرحية "فاوست" أن تخرج من سجنها جزعًا من روح الشر،ويلعن منفرد الشياطين؛ لأنه لا يصح المعاقبة على الجرائم بجرائم مثلها، فعذاب الضمير أبشع من عذاب الجحيم.

وهناك أيضًا مسرحية "أودي الملك"، التي كتبها الشاعر اليوناني سوفوكليس في القرن الخامس قبل الميلاد، وموضوعها سلطان القدر الساحق، الذي قد يحول انتصارات المرء إلى هزائم، وهزائمه إلى انتصارات،وهذا الموضوع هو في الأصل أسطورة يونانية شهيرة، وقد تأثر توفيق الحكيم بتلك المسرحية في مسرحيته: "الملك أوديب"، التي نشرها سنة 1949م، ولكن إذا كان "أوديب" سوفوكليس يعاني من مشكلة البحث عن الحقيقة، فإن "أوديب" توفيق الحكيم، كما نبه إلى ذلك الدارسون الذين قاموا بالمقارنة بين المسرحيتين، يعاني من مشكلة الصراع بين الحقيقة والواقع، وقد دخل الأديب الحضرمي المصري علي أحمد باكثير على الخط، فألَّف هو أيضًا مسرحية بعنوان "أوديب"، ذاكرًا أن هدفه من كتابتها هو محاولة تشخيص المشكلة الفلسطينية، وإن حوى العمل إلى جانب هذا هجومًا على البدع التي أخذت تشيع في البيئات الإسلامية منذ العصر الفاطمي، ويقوم على الترويج لها طبقة من المتاجرين باسم الدين.

وفي نفس السياق نجد مسرحية "بجماليون"، التي نشرها توفيق الحكيم سنة 1943م، وتأثر فيها بمسرحية تحمل ذات الاسم للكاتب الأيرلندي برنارد شو، وإن أدار توفيق الحكيم عمله حول فكرة التردد بين مثالية الفن وواقع الحياة، عكس شو، الذي طرح في مسرحيته مشكلة الطبقية.

وعندنا، إلى جانب هذا، النماذج الأدبية،وهذه النماذج الأدبية يمكن أن تنقسم إلى نماذج الشعوب المختلفة؛ كالفرنسي والألماني والمصري والصيني، أو نماذج المهن؛ كالشيخ والكاهن والفلاح والطبيب والمحامي والصيدلي وحفار القبور والجاسوس والبَغِيِّ وقاطع الطريق، أو نماذج التشويه البدني أو النفسي؛ كالمخنَّث والأعمى والمعتوه والأحدب والمقامر والسِّكِّير،ويستطيع المقارن الأدبي أن يدرس تصوير الأدباء لهذه النماذج الاجتماعية والإنسانية عن طريق تتبعه للصفات المشتركة التي رأوها في هذه الشخصيات، ومدى تأثر بعضهم ببعض، أو اختلاف بعضهم عن بعض.

فمن ذلك مثلًا شخصية الفلاح، التي تناولها عدد كبير من الأدباء، وصوروا حياته وآلامه ومعاناته،وقد لاحظ بعض الدارسين أن عددًا من الأدباء المصريين والعرب قد تأثروا بالأدب الروسي في تصوير الفلاح المصري،كذلك من الممكن أن ندرس جوانب التأثر والتاثير بين الكتَّاب الذين تناولوا شخصية البَغِيِّ: فبعضهم عد المومس امرأة فاضلة، بل قدمها في صورة ملاك يهَب دون انتظار أية مكافأة، مما لا يفعله كثير من المتشدقين بالتدين أو بالأخلاق الفاضلة،ولعل خير مثال على ذلك مسرحية "غادة الكاميليا" لألكسندر ديماس، وكذلك شخصية "نور" في رواية نجيب محفوظ: "اللص والكلاب"، ولولا في روايته الأخرى: "السمان والخريف"،وقد صور بعض الكتاب المومس في صورة ضحية مغلوبة على أمرها، فلا ذنب لها في سقوطها، بل المسؤول عن ذلك المجتمع؛ فهو الذي دفعها في نظرهم إلى الرذيلة دفعًا،وبعض ثالث عدها آفة اجتماعية لا سبيل إلى إصلاحها، وخطرًا داهمًا على المجتمع الذي تعيش فيه،ومما لا شك فيه أن مسرحية "غادة الكاميليا" كان لها أثرٌ كبير على الكتاب العرب الذين تناولوا شخصية المومس الفاضلة، ويعد نجيب حداد أحد من قلدوا "غادة الكاميليا"؛ فروايته: "إيفون مونار أو حواء الجديدة"، التي تأخذ على عاتقها رد اعتبار العاهرة، وتأثر فيها بأفكار كل من رومان رولان وألكسندر دوماس وغيرهما من الأدباء الفرنسيين، ولعل الحداد، كما كتب بعض الدارسين المقارنين، هو أول من تطرق لموضوع الدفاع عن البَغِيِّ في الأدب العربي الحديث.

وهناك مثال آخر على الموضوعات أو النماذج التي يتناولها الأدب المقارن، وهو موضوع الحب المحرم في الآداب العالمية، حيث يمكن تتبع رذيلة ارتكاب الحرام عن طريق نشوء عاطفة آثمة داخل الأسرة، بدءًا من مسرحية "هيبوليت " للشاعر المسرحي الإغريقي يوربيدس، مرورًا بمسرحية "فيدر" في القرن السابع عشر الميلادي بقلم المؤلف المسرحي الفرنسي راسين، وصولاً إلى معالجة نفس القضية مع تغير الأدوار في مسرحية "تحت أشجار الدردار" للكاتب الأمريكي يوجين أونيل، ومسرحية "اللص" لتوفيق الحكيم.

ومن النماذج العامة نموذج البخيل، الذي دارت حوله مسرحية الشاعر اليوناني ميناندر، وإن لم تصل هذه المسرحية إلينا، إلا أن الشاعر الروماني بلوتوس قام بمحاكاتها في مسرحية عنوانها: "أولولاريا"،كما جرى تصوير هذا النموذج في بعض المسرحيات الأوربية الحديثة،ومن أشهرها: مسرحية "البخيل" للشاعر الإيطالي كارلوجولدوني، ومسرحية "البخيل"، للكاتب الفرنسي موليير، التي كان لها أثر كبير على المسرحيين العرب.

كذلك هناك النماذج الأسطورية الخيالية التي تعود إلى حكايات قديمة أو موغلة في القدم تحورت أو تشوهت أو فقدت معناها الأصلي،ومن هذه النماذج: نموذج الشيطان، كما في مسرحية "فاوست" لجوته، ومسرحية "منفرد" لبيرون، اللتين سبقت الإشارة إليهما، وكذلك نموذج الساحرة الشريرة، كما في مسرحية "ماكبث" لشكسبير، ونموذج الشبح، كشبح هاملت في مسرحية شكسبير المسماة بهذا الاسم، وهناك نماذج أسطورية تحولت إلى رمز فلسفي أو اجتماعي، وتناولها كل أديب من وجهة نظره الخاصة التي تتفق مع عصره وظروفه، ومن هذه النماذج نموذج بجماليون، وهو فنان من جزيرة قبرص هام عشقًا بجمال تمثال صنعه بيده،وهذا الموضوع نفسه نجده في الأدب الروماني القديم في قصته "المسخ" عند أوفيد، الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول بعد الميلاد،وعرض لنفس الفكرة كتاب وشعراء من مختلف الآداب، منهم توفيق الحكيم في مسرحيته: "بجماليون"، التي نشرها عام 1934م، وإن طرح الحكيم فيها مسألة التردد بين مثالية الفن وواقع الحياة، وهو ما سبق الحديث عنه، مثلما سبق الحديث عن برنارد شو ومسرحيته: "بجماليون"، التي عالج فيها مشكلة الطبقية في المجتمع الإنجليزي، وتدور مسرحية توفيق الحكيم المسماة: "شمس النهار"، التي نشرها سنة 1965م، حول الفكرة التي تقول: إننا نقدر ونحب من نصنعه أو نعلمه أكثر مما نقدر ونحب من صنعنا هو أو علمنا، وهي نفس الفكرة التي نجدها في "بجماليون" أوفيد الروماني، وتأثر بها عدد من الفنانين والأدباء والشعراء.

ومن تلك النماذج الأسطورية أيضًا: نموذج "برومثيوس" إله النار لدى الإغريق، الذي تناوله العديد من الشعراء في شعرهم، وكذلك بعض كتَّاب المسرح في مسرحياتهم، بدءًا من الشعراء الإغريق، ووصولاً إلى الكتاب الأوربيين في عصر النهضة الأوربية،كما تأثر بهذه الأسطورة الشاعر التونسي المعروف أبو القاسم الشابي في ديوانه: "أغاني الحياة"، والشاعران المصريان: عبدالرحمن شكري وعباس محمود العقاد على سبيل المثال، كما يقرر بعض دارسي الأدب المقارن.

ومن هذه النماذج أيضًا: نموذج الشيطان،وقد اتخذه الشاعر الإنجليزي جونميلتون، الذي عاش بين عامي 1608م و1674م، أساسًا لملحمته: "الفردوس المفقود"، كذلك يعبر الرومانسيون، على لسان الشيطان، عن آرائهم فيما ينتابهم من مخاوف وأحزان وشكوك،ويبدو واضحًا جليًّا أثر هذه الشخصية في الأدب الروسي الرومانسي عند ليرمنتوف في قصيدته: "الشيطان"، التي تأثر فيها، إلى حد بعيد، بالشاعر الإنجليزي بيرون، أما فيكتور هوجو فقد جعل الشيطان ممثلًا للإنسانية كلها عند ابتعادها عن الله جل وعلا، ولعباس محمود العقاد قصيدة عنوانها: "ترجمة شيطان"، تحدث فيها عن شيطان ناشئ سئم حياة الشياطين، وتاب عن صناعة الإغواء، إلا أنه لم يستطع التخلص من طبيعته الإغرائية إلى آخر الشوط، والقصيدة في مجملها تضم الكثير من آراء العقاد وتطلعاته الفلسفية التي ساقها على لسان الشيطان،وهو فيها متأثر، إلى حد كبير، بالرومانسيين الأوربيين حسبما وضح عدد من الدارسين المقارنين ممن تناول ذلك العمل.

وثم مجال آخر يتعلق بدراسة الشخصيات المتميزة، وتناوله بالبحث الدارسون المقارنون، ومنها: شخصية جحا التي تعود إلى المصادر الشعبية، وأصبحت موضوعًا تتناوله الآداب العالمية بمختلف ألوانها؛ إذ نجده في الأدب الشعبي المصري، والأدب الشعبي التركي، والأدب الشعبي القوقازي، والأدب الشعبي الفارسي... وهو في كل ذلك رمز للإنسان البسيط خفيف الظل، الذي يعبر عن رأيه في شجاعة، منتقدًا أوضاع السلطة الحاكمة الفاسدة المستبدة، حاملاً ملامح كل أمة ينتمي إليها حسبما لوحظ؛فهو، على وجه الإجمال، خير معبر عن الوجدان الشعبي وموقفه من عصور القهر والظلم، ومن تلك النماذج أيضًا شخصية "شهر زاد" بطلة قصص "ألف ليلة وليلة"، التي نقلت إلى الآداب الأوربية، وأصبحت رمزًا للاهتداء إلى الحقيقة عن طريق القلب والعاطفة،وعن هذه القصص أيضًا انتقل موضوع "علاء الدين والمصباح السحري" إلى الآداب المختلفة،ومنها كذلك أخذ توفيق الحكيم مسرحيته: "شهر زاد" التي نشرها سنة 1934م، وطه حسين روايته: "أحلام شهر زاد"، التي رأت النور سنة 1942م.

ومن هذه الشخصيات كذلك شخصية "دون جوان"، التي يصعب الآن معرفة الموطن الذي نبتت فيه،وكل ما يعلمه المقارنون أن أقدم مسرحية تناولت هذه الشخصية الأسطورية هي مسرحية "ساحر إشبيلية"، التي ألفها ترسو دي مولينا (1584م - 1648م)، وتبعه جمع من كتاب أوربا وشعرائها، منهم: موليير الفرنسي، وبيرون الإنجليزي، وجولدوني الإيطالي، وهوفمان الألماني، ويرمز دون جوان إلى الإنسان المستهتر المخادع الذي لا هَمَّ له إلا التغرير بالفتيات وتحطيم قلوبهن، ثم هجرهن دون عودة، وإن كان بعض الكتاب قد صوره بصورة التائب الذي يلاحقه عذاب الضمير على ما اجترح من خطايا...إلى غير ذلك من الصور التي رسمتها أقلام الكتاب والشعراء لهذه الشخصية، كل طبقًا لرؤيته الخاصة،وقد تعرض لأسطورة دون جوان كثير من الأبحاث التي تمتاز بالغنى والدقة، ومنها البحث الذي كتبه جاندرم دي بيجوت بعنوان: "أسطورة دون جوان من أصولها إلى الرومانسية".

وبالمثل كان لشخصية كليوباترا حظ موفور في الآداب العالمية: ففي الأدب الفرنسي هناك مسرحية "كليوباترا الأسيرة"، التي كتبها الشاعر جوول (1532 - 1573م)، وفي الأدب الإنجليزي هناك مسرحية "كليوباترا" للشاعر صمويل دانيال (ت 1594م)،كما تناولها وليم شكسبير في مسرحيته: "أنطونيو وكليوباترا"، التي تأثر بها عدد غير قليل من المبدعين في الآداب المختلفة، وفي مصر نجد مسرحية "مصرع كليوباترا" لأحمد شوقي، الذي دافع دفاعًا مستميتًا عن تلك المرأة، جاعلاً منها ملكة وطنية تحب مصر وتعمل على صالحها وتضحي بحبها من أجلها.

ومن الشخصيات التاريخية في الأدبين العربي والفارسي يمكن الدارس المقارن أن يذكر على سبيل المثال شخصيتي ليلى العامرية وحبيبها قيس بن الملوح المعروف بـ: "مجنون ليلى"، ولقصة حبهما حديث طويل أفاضت فيه كتب الأدب والتصوف،والمعروف أن لأحمد شوقي مسرحية عنوانها: "مجنون ليلى"، كما أن لصلاح عبدالصبور مسرحية من الشعر الحر، هي "ليلى والمجنون"، وهذه النماذج والشخصيات وغيرها لا تعدو أن تكون موضوعًا واحدًا من الموضوعات التي يمكن أن يتناولها الباحث المقارن من زاوية التأثر والتأثير بين الآداب المختلفة.

وكما سبق أن وضحنا ليس شرطًا أن يدرس الأدب المقارن التأثير والتأثر بين الآداب المختلفة، فهذا إنما يشكل بعضًا من مهمته، وليس مهمته كلها،وفي هذه الحالة يكشف الأدب المقارن عن مصادر الأصالة في الأدب القومي، وما دخل عليه نتيجة تلاقحه مع الآداب الأخرى، ولا شك أن جوانب التأثر كثيرةٌ ومتعددة؛ فالأدب كائن حي، يؤثر ويتأثر، ويأخذ ويعطي، وهذه سنَّة العطاء الإنساني،وهنا يوضح الأدب المقارن خط سير الآداب في علاقاتها بالآداب الأخرى، ومدى تقاربها في الأفكار، مبينًا لنا أهمية التأثير والتأثر في تقوية الآداب المختلفة، وكذلك في العمل على تقارب الشعوب وخروجها من عزلتها،وبذلك يكون للأدب المقارن أهمية كبيرة في دراسة المجتمعات وتفهمها.

وهناك مجموعة من الشروط يجب توافرها فيمن يبحث في الأدب المقارن، منها: أن تتسع معارفه؛ بحيث يكون مطلعًا على جوانبَ متعددة من الثقافات التي تتصل بالآداب، وأن يعرف بعض اللغات الأجنبية؛ إذ لا يستطيع أن يعرف ما تم من تأثير وتأثر في الموضوعات التي يدرسها إلا بالاطلاع على النصوص والآثار الأدبية في لغاتها الأصلية؛ فقد ثبت أن الاعتماد على الترجمات دون الرجوع إلى الأصول كثيرًا ما يؤدي إلى أخطاء في النتائج بسبب سوء الترجمة أو تحويرها أو سهوها عن أشياء مهمة في اللغات المنقول عنها،ومعنى هذا أن من يريد معرفة تأثير الشاعر الألماني جوته في الأدباء الرومانسيين مثلًا يحتاج إلى أن يقرأ جوته في لغته الألمانية، وليس يكفيه تمامًا اللجوء إلى ما ترجم من أدبه.

كذلك ينبعي للدارس المقارن أن يلم بالمصادر والأصول الخاصة بموضوع البحث؛ كي يستطيع معرفة عملية التأثير والتأثر،وإذا وقعت له ترجمة لعمل من الأعمال الأدبية فعليه أن يقارن بين الترجمة والأصل، وكذلك بين الترجمات المتنوعة إذا كان هناك أكثر من ترجمة للعمل المذكور، وبالمثل عليه معرفة ما يختص بدراسة الأجناس أو الأنواع الأدبية؛ كنشأة قصص الرعاة ومسرحياتهم في الأدب الأوروبي، وانتشار القصة التاريخية في أوربا مع أوائل القرن التاسع عشر، ونشوء القصة والمسرحية في الأدب العربي، ثم الحكايات التي كتبت على ألسنة الطير والحيوان، وكيف أدخلها ابن المقفع إلى الأدب العربي في العصر العباسي، وكيف أثر الأدب العربي في الأدب الفارسي، أو كيف أثر الأدب الفارسي في الأدب العربي...إلخ.

وإلى جانب هذا يجب أن يتتبع الدارس المقارن كل نوع من الأنواع الأدبية وتطوره في لغتين أو أكثر، وأن يبحث العوامل التي أثرت في الآداب التي يراد دراستها،وقد يحاول الباحث المقارن دراسة جنس أدبي في أدبين فقط، كما هو الحال في دراسة القصة الرومانسية الفرنسية وتأثيرها في القصة العربية، أو في أكثر من أدبين، كدراسة القصة الرومانسية في الآداب الأوروبية ثم تأثيرها في القصة العربية خلال العصر الحديث،وعليه أن يأتي بالدليل على تأثر ذلك الكاتب أو أولئك الكتَّاب بالجنس الأدبي موضوع الدراسة، وقد يصرح الكاتب نفسه بهذا التأثير، وعليه تكون مهمة التدليل والبرهنة يسيرة على الباحث المقارن، كما هو الحال مع فيكتور هوجو مثلًا، الذي صرح بمحاكاة مسرح شكسبير الإنجليزي، أما إذا لم يصرح الكاتب بذلك، كما في محاكاة أحمد شوقي عند كتابته مسرحية "مصرع كليوباترا" لشكسبير، أو في تأثره عند إبداع أشعاره التي ساقها على ألسنة الطير والحيوان بكتاب "كليلة ودمنة" لابن المقفع - ففي مثل هذه الحالات تكون مهمة الباحث المقارن في العادة صعبة.

ومن أكثر فروع الأدب المقارن انتشارًا دراسة تأثير كاتب معين في أدب أمة أخرى،وهذا التأثير قد يكون شخصيًّا أو فنيًّا أو فكريًّا؛ إذ يمكن مثلًا دراسة أثر إبسن أو برنارد شو أو بيراندللو أو بيرخت أو يوجين يونسكو أو الكتاب الإسبان في مسرح توفيق الحكيم، وقد ندرس رواية مثل "الرباط المقدس" لتوفيق الحكيم وعلاقتها برواية "تاييس" للكاتب الفرنسي أناتول فرانس، وقد ندرس التأثير الفرنسي في أدب طه حسين، وبالذات في أعماله القصصية مثل "المعذبون في الأرض" و"شجرة البؤس" وغيرهما، أو ندرس تأثير الكاتب الفرنسي جيدي موباسان في قصص محمود تيمور...إلى آخر هذه الموضوعات التي يمكن الباحث المقارن أن يتناولها.



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 07-11-2022 الساعة 11:50 AM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-09-2022, 04:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحوث الأدب المقارن ومجالاته

بحوث الأدب المقارن ومجالاته


د. إبراهيم عوض



كذلك ينبغي التنبه إلى أن التأثر بين الآداب المختلفة قد يكون على غير اتجاه الأصل المؤثر، بمعنى أن يفهم الكاتب المتأثر الأديب الذي تأثر به فهمًا مخالفًا لمقصده،ومن ذلك مثلًا أن الكاتب البريطاني توماس كارليل (Thomas Carlyle) قد قرأ الكاتب والشاعر الألماني جوته (Goeth) على أنه داعية إلى بعض الرؤى الأخلاقية الدينية التي يتفق معه فيها،وبهذا يكون كارليل، كما نبه إلى ذلك بعض الدارسين المقارنين، قد أول بهذا الفهم رؤية جوته لينساب التأثير إلى غيره من الكتاب عبر هذا التأويل، وليس عبر الأصل، وهناك التأثر العكسي في فهم رؤى الآخر، كأن يقف أديب موقفًا مضادًّا من الرؤية الفنية الفكرية لأديب أو حركة أدبية مختلفة في لغة أو قومية أخرى، ويمكن أن نمثل لذلك بالصورة التي رسمت لكليوباترا في الآداب الغربية وصورتها عند أحمد شوقي، الذي عمل على رسمها في غير صورة المرأة اللعوب الملتوية لتصبح عنده ملكة وطنية مخلصة.



ومن المسائل التي يتناولها الدارس المقارن ما يمكن عقده من موازنات بين طرفين في أدبين مختلفين ليس لهما من علاقة تأثير وتأثر، وهو أمر لا يدخله عدد من الباحثين في صُلب الأدب المقارن، الذي يرون أنه ينبغي أن يركز فقط على حالة التأثر والتأثير بين طرفين أدبيين، ومنهم د. محمد غنيمي هلال، الذي أكد أنه "لا يعد من الأدب المقارن في شيء ما يعقد من موازنات بين كتاب من آداب مختلفة لم تقم بينهم صلات تاريخية حتى يؤثر أحدهم في الآخر نوعًا من التأثير أو يتأثر به"، وعلى ذلك فالموازنة بين أبي العلاء المعري وملتون - على الرغم من تشابه آرائهما ومكانتهما الاجتماعية - ليست لها في رأي الدكتور هلال قيمة تاريخية؛ لأنها لا تشير إلى أي تأثر أو تأثير بينهما، ولا يجوز في ضوء ذلك أن ندخل في مجال الأدب المقارن أمورًا تخص الأدب ونقده لمجرد حالة تشابه نرصدها بين أديبين أو عملين إبداعيين لا نملك دليلاً على وجود أي تفاعل بينهما، وعلى هذا فالأدب المقارن لا يدخل في إطاره تلك الدراسات التي تبحث عن التشابه أو التقارب الناجم عن المصادفة، وهذا اللون من الأدب المقارن يحافظ محافظة متشددة على موقفه القاضي بإبعاد كل تلك القراءات التي لا تتناول معالم التأثر والتأثير بين الآداب المختلفة، ولكن، كما قلنا وكررنا، ثمة اتجاهات في الأدب المقارن لا تحصر ميدانه في التأثر والتأثير فقط، بل توسع دائرة ذلك الميدان بحيث تشمل الموازنات التي تقوم بين الأدب القومي والآداب الأخرى.

ومن الموضوعات التي يتناولها الأدب المقارن موضوع الترجمة ومدى دقتها أو ابتعادها عن الأصل، وأثر ذلك على فهم مرامي المؤلف، وما إلى ذلك،ومعروف أن دور الترجمة في التلاقح الثقافي بين الأمم المختلفة هو في الذروة من الأهمية، ومن ثم كان الاهتمام الشديد من قِبل الدارس المقارن في مجال الأدب بهذه الوسيلة التي تصل ما بين الأمم ثقافيًّا، في ضوء هذا ننظر في النص التالي الذي خلفه لنا سيد البيانيين العرب الجاحظ في كتابه: "الحيوان"، والذي لا يمكن أن نتهم بالمغالاة في تقدير قيمته: "والشعر لا يستطاع أن يترجم، ولا يجوز عليه النقل،ومتى حول تقطع نظمه، وبطَل وزنه، وذهب حُسنه، وسقط موضع التعجب، لا كالكلام المنثور،والكلام المنثور المبتدأ على ذلك أحسن وأوقع من المنثور الذي تحول من موزون الشعر،وقد نقلت كتب الهند، وترجمت حكم اليونانية، وحولت آداب الفرس، فبعضها ازداد حسنًا، وبعضها ما انتقص شيئًا، ولو حولت حكمة العرب لبطل ذلك المعجز الذي هو لمعاشهم وفطنهم وحكمهم، وقد نقلت هذه الكتب من أمة إلى أمة، ومن قرن إلى قرن، ومن لسان إلى لسان، حتى انتهت إلينا، وكنا آخر من ورثها ونظر فيها، فقد صح أن الكتب أبلغ في تقييد المآثر من البنيان والشعر، ثم قال بعض من ينصر الشعر ويحوطه ويحتج له: إن الترجمان لا يؤدي أبدًا ما قال الحكيم على خصائص معانيه وحقائق مذاهبه ودقائق اختصاراته وخفيات حدوده، ولا يقدر أن يوفيها حقوقها ويؤدي الأمانة فيها ويقوم بما يلزم الوكيل ويجب على الجري،وكيف يقدر على أدائها وتسليم معانيها والإخبار عنها على حقها وصدقها إلا أن يكون في العلم بمعانيها واستعمال تصاريف ألفاظها وتأويلات مخارجها مثل مؤلف الكتاب وواضعه؟ فمتى كان رحمه الله تعالى ابن البطريق وابن ناعمة وابن قرة وابن فهريز وثيفيل وابن وهيلي وابن المقفع مثل أرسطاطاليس؟ ومتى كان خالد مثل أفلاطون؟ ولا بد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتى يكون فيهما سواء وغاية، ومتى وجدناه أيضًا قد تكلم بلسانين علمنا أنه قد أدخل الضيم عليهما؛ لأن كل واحدة من اللغتين تجذب الأخرى وتأخذ منها وتعترض عليها، وكيف يكون تمكن اللسان منهما مجتمعين فيه كتمكنه إذا انفرد بالواحدة، وإنما له قوة واحدة؟ فإن تكلم بلغة واحدة استفرغت تلك القوة عليهما، وكذلك إن تكلم بأكثر من لغتين، وعلى حساب ذلك تكون الترجمة لجميع اللغات، كلما كان الباب من العلم أعسر وأضيق، والعلماء به أقل، كان أشد على المترجم، وأجدر أن يخطئ فيه، ولن تجد البتة مترجمًا يفي بواحدٍ من هؤلاء العلماء".

إن الجاحظ في النص السابق إنما يمس قضية في منتهى الخطورة في ميداننا الذي نحن بصدده هنا، وهي قضية الترجمة التي عليها المعوَّل الأول في التواصل والتلاقح الثقافي بين أمم الأرض، وهو يبرز الشروط التي لا بد من توفرها فيمن يريد التصدي لتلك المهمة إذا أراد أن يجيء عمله سليمًا ويؤتي ثماره على أحسن وجه، وكلنا يحفظ المقولة الشائعة في ذلك المجال، ألا وهي أن "المترجم خائن"، بمعنى أنه لا يمكن أن ينقل لنا على وجه الدقة والقطع والتطابق المطلق ما في النص الذي ينقله إلى لغتنا مهما يكن من عبقريته وتفرده، وإنما كل ما يستطيعه أن يقلل إلى أدنى حد ممكن الفجوة القائمة بين اللغتين والعقليتين والذوقين، أو باختصار: بين الثقافتين، ومع ذلك فلسوف تظل هناك نصوص تستعصي على الوصول بها إلى هذه الغاية، وهي نصوص الشعر وما إليها،وقد استطاع الجاحظ أن يضع يده على مكمن المشكلة في طبيعة اللغات وطبيعة البشر على السواء رغم أنه قال ذلك منذ نحو اثني عشر قرنًا، لكنها العبقرية الجاحظية، وفوق ذلك قد أمدنا، رحمه الله، بأسماء عدد من مترجمي العرب في عز نهضتهم ومجدهم في دولة بني العباس.

وقد أثنى على ما تركه لنا الجاحظ في هذه النقطة كاتب مشباكي اسمه فهد "Fahad" قائلاً: "وعلى الرغم من أن آراء الجاحظ عن الترجمة جاءت في القرن التاسع الميلادي، إلا أنها ما زالت صالحة إلى يومنا الحاضر، فبعد مرور عشرة قرون عليها وضع المفكر الروسي بليخانوف (1856 - 1918م) شروطًا للمترجم الجيد وللترجمة الجيدة تتطابق مع الشروط التي وضعها الجاحظ، كما أكد الدكتور سامي الدروبي (1921 - 1967م) في النصف الثاني من القرن العشرين على الشروط ذاتها"؛ (انظر www.alnadawi.com/ vb/ showpost.php?p=29354postcount=1).

وهناك موضوع آخر يتصل بتلك النقطة، ألا وهو عدم فهم المترجمين والشراح العرب لما قاله أرسطو في كتابه: "الشعر" عن الملهاة والمأساة في عالم الإبداع المسرحي؛ إذ جاء في شرح ابن سينا لذلك الكتاب عن أنواع الشعر عند الإغريق ما يلي: "وكان لكل غرض وزنٌ يختص به: فمنها نوع يسمى: "طراغوذيا" له وزن لذيذ يتضمن ذكر الخير والأخيار والمناقب الإنسانية، ثم يضاف جميع ذلك إلى رئيس يراد مدحه،وكانت الملوك يغنى بين أيديهم بهذا الوزن، وربما زادوا فيه نغمات عند موت الملك للنياحة والمرثية،ومنها نوع: "ديثرمبي"، وهو كـ: "طراغوذيا" ما خلا أنه لا يخص به مدحة إنسان واحد أو أمة معينة، بل الأخيار على الإطلاق،ومنها نوع يسمى: "قوموذيا"، وهو نوع تذكر فيه الشرور والرذائل والأهاجي، وربما زادوا فيه نغمات ليذكروا القبائح التي يشترك فيها الناس وسائر الحيوان"، أما ابن رشد فقد استخدم لمفهومي التراجيديا والكوميديا مصطلحي "مديح" و"هجاء"، مما لبس الأمر على القراء والمثقفين العرب طوال تلك العصور...إلى أن أعدنا النظر في العصر الحديث تجاه الإبداع المسرحي عند الإغريق، وتنبهنا إلى الغلطة التي وقع فيها هذان المفكران العظيمان لعدم وجود نص مسرحي مترجم يمكن على نوره فهم الكلام النظري الذي خلفه أرسطو في ذلك الموضوع.

كما نقل ياقوت في مقدمة "معجم الأدباء" عن جاحظنا قوله في عيوب المنطق التصحيف، وسوء التأويل والخطأ في الترجمة؛ فالتصحيف يكون من وجوه، من التخفيف والتثقيل، ومن قِبل الإعراب، ومن تشابه صور الحروف، وسوء التأويل من الأسماء المتواطئة؛ أي إنك تجد اسمًا لمعان، فتتأول على غير المراد، وكذلك سوء الترجمة".

وأورد أبو حيان التوحيدي في كتابه "الإمتاع والمؤانسة" حوارًا بين متى بن يونس (ت 328هـ) المترجم الذي كان متعصبًا لليونان وثقافتهم وأبي سعيد السيرافي النحوي المشهور (ت 368هـ)، ذكر فيه السيرافي، على نحو غير مباشر، عدة من المحاذير التي يمكن جدًّا أن تقع في الترجمة من لغة إلى أخرى، بل لا تكاد الترجمة تنفك منها: "قال متى: يونان، وإن بادت مع لغتها، فإن الترجمة حفظت الأغراض وأدت المعاني، وأخلصت الحقائق،قال أبو سعيد: إذا سلمنا لك أن الترجمة صدقت وما كذبت، وقومت وما حرفت، ووزنت وما جزفت، وأنها ما التاثت ولا حافت، ولا نقصت ولا زادت، ولا قدمت ولا أخرت، ولا أخلَّت بمعنى الخاص والعام ولا بأخص الخاص ولا بأعم العام، وإن كان هذا لا يكون، وليس هو في طبائع اللغات ولا في مقادير المعاني، فكأنك تقول: لا حجة إلا عقول يونان، ولا برهان إلا ما وضعوه، ولا حقيقة إلا ما أبرزوه".

وواضح من هذه النصوص مدى وعي علمائنا القدامى بأن المترجمين لا يمكنهم نقل الأصل على وجهه الذي أبدعه فيه صاحبه إلى اللغة التي يترجمون إليها مهما بذلوا وسعهم واستفرغوا كل جهدهم؛أي إنهم كانوا على علم بطبيعة الترجمة وحدودها، وأن ما يؤديه المترجمون لا يمكن أن يجيء مطابقًا للنص الأصلي،وهذا ما يعنيه الأوربيون حين يتحدثون عن صعوبة الترجمة فيقولون على سبيل المجاز: "traduttore traditore، the translator is atraitor، le traducteur est un treite" وهو ما يعني بالعربية أن "المترجم خائن"،والمقصود أن من الصعوبة عليه بمكان الخلاص تمامًا من الأخطاء، مهما احترز وبذل من جهد، وفتح عينيه طوال الوقت، وقبض على زمام اللغتين اللتين يعمل بينهما، ومهما راجع ونقح.

ذلك أن المترجم الأدبي، وهو الذي يهمنا هنا، إنما يحاول الدخول إلى عقل إنسان آخر واقتناص خواطره وانفعالاته وأفكاره ودقائق معانيه،وأنى له ذلك، والسياق الذي يعمل هو فيه يختلف عن السياق الذي أبدع فيه صاحب النص نصه، والخلفية الثقافية والفنية والأدبية التي ينتمي إليها المبدع تختلف عن خلفيته هو، والظروف الشخصية تختلف في حالته عن حالة من يترجم له؟ كما أن الأديب لا يقول في إبداعه كل شيء، ولا يكون واضحًا في ذهنه كل شيء، بل تظل هناك زوايا وخبايا ومناطق مظلمة أو معتمة أو مغبشة أو تغشيها الظلال على الأقل، ومعانٍ وأحاسيس رواغة تستعصي على القنص، وأقصى ما يمكنه عمله إزاءها هو أن يشير ويومئ، فإذا أضفنا إلى هذا أن العمل الأدبي ليس كلمات وجملاً ناجزة فحسب، بل ثغرات ومساحات متروكة أيضًا، وأنه يقوم على الإيجاز والتكثيف والتقديم والتأخير والمجازات والاستعارات والكنايات والتوريات، وأن فيه كثيرًا من العبارات والصور والتراكيب والألفاظ والألوان البديعية والإيحاءات التي لا تقابلها عبارات وصور وتراكيب وألفاظ وإيحاءات في اللغة المنقول إليها،أو على الأقل: لا تقابلها مقابلة مباشرة، علاوة على أن إشعاعات كل لفطة والتاريخ الذي تحمله على ظهرها والتقاطعات والعلاقات اللفظية التي ترتبط بها تختلف عن إشعاعات اللفظة التي تقابلها على الناحية الأخرى والتاريخ الذي تحمله على ظهرها والتقاطعات والعلاقات التي تربطها بغيرها من الألفاظ العبارات، وإذا عرفنا فوق ذلك أن مبدعه كثيرًا ما يقصد الغموض قصدًا، إن لم ينحُ نحو الاستغلاق نحوًا، تلذذًا منه أو فلسفة أو تفلسفًا، وأن الشعر، إلى جانب هذا كله، يقوم ضمن ما يقوم على الوزن والقافية والتقطير الشديد والتصرف في اللغة تصرفًا واسعًا تحت ضغط المساحة الضيقة التي يتحرك فيها، والقيود الثقيلة التي تطوق قدميه ويديه - تبين لنا أن الترجمة ليست أبدًا بالمسألة الهينة،وهذا كله إن لم يتعمد المترجم الخيانة تعمدًا كي ينقل شيئًا آخر غير ما في النص، وربما عكس ما في النص، وكثيرًا ما يحدث هذا الغرض لشيء في نفس يعقوب، أو على الأقل: قد يقتحم ذلك الميدان اقتحامًا دون أن يكون مؤهَّلاً له، فلا تكون معرفته باللغة التي يترجم منها كافية لتمكينه من أداء المطلوب، كما هو الحال في كثير ممن يتصدَّوْن لتلك المهمة الشاقة، ولا يأخذون في اعتبارهم حجم المشكلة التي يحاولون النهوض بأعبائها،وهذا أيضًا لون من الخيانة، وإن كان أقل في الفداحة من الناحية الخلقية من اللون السابق،ويدخل في الخيانة أيضًا أن يقوم شخص ما بالترجمة دون أن يبذل الجهد المطلوب الذي يستطيعه لو أراد.

ويقول بروس ميتزجر، في دراسة له بعنوان "Trials of the translator": إن المترجم، بالغًا ما بلغ الجهد الذي يبذله، والتركيز الذي يقوم به، لا تأتي نتيجة عمله أبدًا وفاق المطلوب، ولا يمكن أن تحظى برضا الجميع، فضلًا عن أن يكون الراضي هو المترجم ذاته إذا كان ذا حساسية وضمير؛ذلك أن النص يحتوي في كثير من الأحيان على عدد من الشِّيَات الدقيقة المتقاربة، وعلى المترجم أن يوازن بين تلك الشِّيَات ليختار منها ما يراه أقرب إلى ما في النص،ومن ثم يصف الساخرون عملية الترجمة بأنها "فن القيام بالتضحية المناسبة"، (Theologytoday - Vol 33، No،1 - April 1976 - CRITICS CORNER، P،96).

كذلك وقعت على مقال في الترجمة الأدبية بقلم فرانسوا ويمار (Francoise wyilmart) عنوانه: "La traducation litteraire bien comprise"، وفيه أن الترجمة نوعان: ترجمة علمية، وتتطلب أقصى قدر من الحيادية والموضوعية، وترجمة أدبية، وهنا مكمن الصعوبة؛ ذلك أن النص الأدبي إنما يعكس نظرة المبدع إلى الحياة والعالم، وهي نظرة فردية ملونة تتمحور حول ذات صاحبها فتعطي النص نكهته وصوته المتفرد، فضلًا عن أن النص في حد ذاته نسيج معقد من الكلمات والروابط والتراكيب والإيقاعات والأنغام لا يقول كل شيء، بل يترك أشياء كثيرة لا يتحدث عنها حديثًا صريحًا، مكتفيًا بالإيماء والحديث الضمني، ثم إن هناك عقبتين تواجهان المترجم في النصوص الأدبية، هما: الإطار الثقافي الذي ينتمي إليه المبدع، واللغة التي يكتب بها، يقصد اختلافهما عن نظيريهما عند المترجم، مما يجعل التقاطه لما في النص من شِيَات وتلوينات مسألة صعبة (francais.ajonia.net/ index.php/ article/ 194764/ indexhtml).

ومما يتناوله الأدب المقارن أيضًا كتب الرحلات؛ذلك أن هذا النوع من الكتب إذا كان يدور حول بلد أجنبي فإنه يقوم بتقديم صورة لذلك البلد وشعبه للقراء المحليين، وهذا ميدان من ميادين الأدب المقارن، ومن ذلك على سبيل المثال صورة مصر في كتابات مَن زاروها وكتبوا عنها من الأدباء الأوربيين، مثل جيرار دي نفرال وفلوبير من فرنسا، وريتشارد بيرتون وديزموند ستيورات من بريطانيا، أو صورة فرنسا في عيون الرحالة العرب، مثل رفاعة الطهطاوي وأحمد فارس الشدياق وأحمد زكي شيخ العروبة ومحمد حسين هيكل ومصطفى عبدالرزاق وطه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف فرنسيس وغيرهم،فمثل هؤلاء الرحالة هم المرآة التي عن طريقها تعرف أممُهم البلاد والشعوب الأخرى، وإلا فمن أين يستمد القراء معلوماتهم وانطباعاتهم وأحكامهم عن تلك البلاد والشعوب؟ لقد تركت مدام دي ستايل مثلًا بلدها فرنسا إلى ألمانيا أيام نابليون واستبداده، فجاءت كتاباتُها عن ألمانيا عاكسة لمشاعرها الخاصة؛ إذ وجدت فيها جوًّا تتنفس فيه بحرية، فصورتها بصورة مثالية وجعلتها جنة الباحثين عن الحرية،وكان لتلك الصورة أثر قوي على قرائها الفرنسيين رغم ما فيها من افتقار إلى الدقة، ورغم ما يوشيها من مبالغة غير قليلة، وبخاصة أن الكاتبة لم تكن تختلط في ألمانيا إلا برجال الأدب والسياسة، وهؤلاء لا يمثلون الشعب الألماني كله في جميع حالاته، مثلما أن الأماكن التي اختلطت بهم فيها لا تمثل ألمانيا كلها، بل قطاعًا صغيرًا منها فحسب.

كذلك يدرس الأدب المقارن صورة هذا البلد أو ذاك في كتابات ذلك الأديب أو هذا، ثم يمضي فيتتبع تأثير تلك الصورة على كتابات الكتَّاب الآخرين في بلد الأديب المتأثر، بغض النظر عن لون تلك الكتابات: قصة كانت أو رحلة أو شعرًا أو مسرحية...إلخ، وسواء زار أولئك الكتَّاب المتأثرون ذلك البلد أو اكتفوا باستقاء صورته مما قرؤوه للأديب الذي تأثروا به،ومن الطبيعي أن تختلف صورة البلد الذي كتب عنه أدباء أغراب عما هي في الحقيقة، كما أن تلك الصورة لا بد أن تختلف من أديب إلى آخر تبعًا لاختلاف ظروف كل منهم عن ظروف الآخرين؛ إذ الحقيقة الكاملة المطلقة لأي شيء إنما يعلمها الله، والله وحده، أما نحن البشر فلا نعرف منها إلا جانبًا واحدًا فقط، وملونًا في الغالب بلون نفسياتنا ومواقفنا وثقافاتنا وتجارِبنا وتطلعاتنا ومخاوفنا...إلخ، اللهم إلا ما كان متعلقًا بالأرقام والوقائع التي لا يمكن المماراة فيها وما أشبه.

ولقد وقف د. محمد غنيمي هلال على سبيل المثال لدى الصور التي رسمها بعض الأدباء الفرنسيين للشرق الإسلامي في القرن التاسع عشر، مثل فكتور هيجو، الذي رأى الشرق جنة الدنيا وربيعًا دائمًا مغمورًا بالورود والعطور؛ إذ كان هيجو يؤمن بأن الله قد وهب الشرق من الزهور والنجوم واللآلئ أكثر جدًّا مما وهبه لسواه،كما تبدت الآستانة في أدبه مثل باريس جمالاً،وأما تيوفيل جوتييه فأشاد بنهر النيل ورآه عملاقًا يتساءل بجانبه نهر اليسن، الذي وصفه بالدنس والحقارة، على عكس النيل، الذي جعل منه أبًا للماء في الدنيا كلها، وتوَّجه باللوتس والخيرزان...وهكذا،ويرى د. محمد غنيمي هلال أن مهمة الدارس المقارن تتضمن أيضًا تصويب ما في تلك الصور من أخطاء،لكن ينبغي أن نعرف أن التصويب الحقيقي لا يسهل إلا فيما يخص الأرقام والوقائع التي يمكن التحقق من صحتها، أما الانطباعات والمشاعر فكيف يمكن تصحيحها؟


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 07-11-2022 الساعة 11:51 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 90.50 كيلو بايت... تم توفير 2.45 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]