القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من احداث - الصفحة 23 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 56 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 343 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 732 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > فلسطين والأقصى الجريح

فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #221  
قديم 09-05-2022, 02:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي بذور الأمل تنبت حول القدس

بذور الأمل تنبت حول القدس



الحمدُ للَهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:
في القدس حيث تقف الأحجار بجانب إنسانِه تقذف مستعمريه، في القدس يكتب التاريخ حروفه بمداد من لحم ودم، في القدس شاهدٌ على أمَّة حيَّة لا تموت آمالها، لأن بذورها غرستها آيات من الرحمن تنبت كلَّ يوم.
في القدس تمشي البشارات على قدمين، لا تُوهِن الآلامُ من عزم أبنائه بل تهون، وحين يُسأل عن تلك الجبال الشامخات مصدرِ ثباتِها، نقول: ذلك سرٌّ لا يعلمه إلا المستيقنون.
لا هراوات المستوطنين، ولا هرولات المطبعين ولا نكوص الساقطين الراقصين على أشلاء شهدائها يقتل الحلم البريء فوق أفواه أطفالها.
قرارات أممية، اتفاقات السلام، مؤتمرات أو تعهدات، صفقة القرن أيّاً كان الوصف أو المعنى أو الأهداف خفيُّها وجليُّها... وتبقى القدس أرض الأنبياء ومسرى نبيِّه عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، لا تسلم نفسها للطامعين.
ثمة تجربة أجريت على عجماوات تُركت في إناء تصارع الموت دون أيِّ نجدة أو مُعين، فلم تلبث إلا 15 دقيقة واستسلمت للموت.
وحين أعيدت التجربة مع مجموعة أخرى أضيفت لها جرعة من أمل بأن أُنقِذت في لحظتها الأخيرة، ثم أعديت مرة أخرى إلى إناء الموت فظلت تقاوم 60 ساعة؛ ذلك أن يد المنقذ أحيت في نفوسها الأمل فقاومت وقاومت حتى إذا يئست هلكت. هذه قصة تجربةِ عجماواتٍ مع بني الإنسان.
فما بالنا ونحن نفخة من روح الرحمن الذي وعد عباده أنهم لَهُم المنصورون، وأن جنده لهم الغالبون. القدس لا نرى غدها اليوم حلماً بل يقيناً إنَّا عائدون.
منقول












__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #222  
قديم 09-08-2022, 03:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي الشذوذ الجنسي .. أحدث انحرافات العصر

الشذوذ الجنسي .. أحدث انحرافات العصر



كنت أسير منذ بضعة أشهر في اروقة "معرض بيروت الدولي للكتاب"، حين استوقفني أحد الأجنحة الفارغة من الكتب، فتوقفت أقرأ الإعلانات المعروضة في هذا الجناح، والتي تحمل عنوانا عريضا واحدا " انا مثلي"... بقيت هذه العبارة تتردد مرات ومرات في ذهني بشكل تلقائي ودون أن استوعب معانيها، فجأة مدّت الفتاة المسؤولة عن الجناح يدها لتعطيني وريقات تعريف بمحتويات الجناح، عندئذ انتفضت بسرعة وكأن حية لسعتني، وقلت للفتاة بشكل عفوي وغاضب "الموضوع لا يهمني على الاطلاق". فما كان من الفتاة إلا أن أخذت الورقة ووضعتها في مكانها بشكل لا مبالي وكأنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيه مثل هذا الموقف...

بقيت هذه الحادثة عالقة في خاطري، إلى ان لفت انتباهي أحد الاعلانات لبرنامج" لا يمل" التلفازي المشهور، والذي يجسد في أحد لقطاته شخصيتي اثنين من مثليي الجنس، يتحاوران باسلوب ماجن، فاجر، ساقط، ينم عن المستوى الهابط لبعض البرامج التلفازية التي تدعي أنها تضحك الناس وترفه عنهم، بينما هي في الحقيقة تؤسس - بوعي أو بغير وعي- لقبول بعض التصرفات الشاذة التي لا يقبلها دين ولا شرع...


خبر آخر استوقفني، وهو ذلك الذي نشرته صحيفة الوطن السعودية في عددها الصادر في 24_ 12_ 2008م.، ومفاده أن "قاضيا كويتياً وافق على تزويج فتاتين احداهما من جنسية عربية في سابقة تشهدها البلاد لأول مرة ".

إن وجود الشذوذ الجنسي في المجتمعات العربية والإسلامية أمر ليس بالجديد ربما، وكتب التاريخ تتقل بعض القصص التي حدثت قديما، ولكن الجديد في الأمر هو اتجاه بعض الناس إلى الدفاع عن هذا الشذوذ، والترويج له، والدعوة إليه، والقبول به، كأمر طبيعي لا دخل للإنسان في إيجاده أو دفعه... ومما شجع على انتشار هذه الظاهرة أمور عدة:


1- الدعم الدولي للشاذين والشاذات، وهذا الدعم قد يكون معنوياً أو مادياً، ويأتي الدعم المعنوي عبر اضفاء الصبغة القانونية على هذا النوع من الشذوذ. ويتولى هذا الأمر المؤتمرات الدولية التي تشرع هذا العمل وعلى رأسها مؤتمر بكين 95 وتفرعاته الذي يدعم حرية الشذوذ بحجة حرية المرأة والمساواة في الجندر بمعنى إلغاء كل الفوارق بين الرجل والمرأة. كما يأتي أيضاً عن طريق المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية التي "شطبت الشذوذ الجنسي كمرض نفسي عقلي ليصير عملا سويا لا ضرر فيه".


اما الدعم المادي فيأتي عن طريق التمويل المالي الذي تقدمه بعض المنظمات والجهات المانحة للجمعيات التي تمثل الشاذين، ومن بين هذه المنظمات: البنك الدولي الذي قدم" مساعدة مالية للمنظمة التركية الوحيدة التي يتجمع تحت لوائها الشاذون الأتراك وهي "كاووس ج.ل." في أكتوبر/تشرين الأول 2005 لتنظيم ورشات تتدارس مشاكلهم في تركيا ".

ومن الجهات الداعمة الولايات المتحدة الأميركية التي ذكر موقع " حماسنا " على الشبكة العنكبوتية أنها تقدم دعماً ماديا كبيرا للشواذ في العالم العربي. وكذلك أعلن الموقع نفسه أن هناك علاقة بين اسرائيل وعدد من الجمعيات العربية، وأن مواقع الشذوز تدار من " تل أبيب".

2- انشاء الجمعيات التي تدعو إلى هذا الشذوذ وتنشره، وأولى هذه الجمعيات التي أنشئت في لبنان عام 2006 م. جمعية " حلم"، التي استحصلت على رخصة قانونية لها من الدولة اللبنانية، وهي تمارس نشاطها بشكل عادي، كما أنها تقوم بأنشطة في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام، وهي تسعى لخلق جماعات صديقة كما يقول مؤسسها ورئيسها " جورج قزي".
أن هذه الجمعية ليست الوحيدة في هذا المجال في لبنان، فللأسف، هناك جمعية أخرى خاصة بالشاذات، ولديها مجلة الكترونية ومدونة خاصة تصدر عنها، وهي تهدف كما تقول عن نفسها إلى إلغاء " الوصم والتمييز اللاحق بالنساء بسبب ميولهن الجنسية ".

3- الدعم الإعلامي لهذا النوع من الشذوذ فإضافة إلى بعض البرامج الماجنة التي تتعرض لهذا الموضوع بشكل ساخر، تظهر بعض البرامج الحوارية -التي تعتبر نفسها جادة- وتستضيف الشاذين في برامجها وتحاورهم وتدافع عنهم وتستضيف الباحثين الذين يبررون هذه تصرفاتهم ويدعون إلى تقبلهم كفئة من المجتمع لها حقوق وعليها واجبات...


هذا ويأتي الدعم الاعلامي للشذوذ ايضاً عن طريق بعض الأفلام السينمائية العربية التي تسعى إلى تجسيد هذه الظاهرة في سابقة خطيرة لم تكن معروفة، بل وكانت مستنكرة، وقد حاول أحد هذه الأفلام تقديم صورة الشاذ على أنه ضحية للمجتمع.
إن خطورة الشذوذ الجنسي لا يكمن في وجوده بالدرجة الأولى، ولكن خطورته تكمن في محاولة نقل التجربة الغربية إلى المجتمعات العربية، والسعي لإسقاطها على مجتمعاتنا كما هي، والدعوة إلى شرعنتها من الناحية الفقهية والقانونية، متناسين نتائج انتشار هذه الظاهرة في الدول الغربية والآثار السلبية الخطيرة التي تركتها على المجتمعات هناك، ومن بينها التفكك الأسري، والانحرافات الأخلاقية، والأمراض الجديدة التي لم تعرف سابقا، وعلى رأسها مرض الإيدز الذي يقتل سنويا حوالي ربع مليون شخص وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية...


من هنا فإن الواجب على المسلمين وغير المسلمين التكاتف والعمل يد واحدة من أجل محاربة هذا الشذوذ بشتى الوسائل الفردية والجماعية، ومن هذه الوسائل: السعي لسحب التراخيص عن مثل هذه الجمعيات ومحاربتها وكشف سوءاتها للمجتمع... ومنها أيضا استصدار القوانين والتشريعات التي تحرم هذه الظاهرة وتفرض العقوبة الشديدة والمغلظة عليها، خاصة في حال الجهر بها والمباهاة بها.


يقول المفتي الجوزو في الشذوذ الجنسي انها جريمة " أشد خطرا من جريمة الزنا -على قبحها- لأن الشذوذ محرم عقلاً وطبعاً وشرعا‏ً،‏ وحرمته لا تزول أبداً‏، ولذلك فكل من يبيحه يعتبر مرتداً عن شريعة الله‏،‏ واقعاً في حد من أخطر حدوده‏". ويؤكد المفتي الجوزو أن هذا الفعل ليس مرضاً، بل هو اختيار سلوكي، "ومن هنا فالتعاطف مع هؤلاء مرفوض مطلقا". و يؤكد هذا الكلام بعض علماء النفس الذين يقولون " إن المثلية الجنسية ليست مرضاً أو تشويهاً وإنما حالة يمكن علاجها في حال......... وُجدت الرغبة في المعالجة".


أما في حال الإصرار على هذه الجريمة فإن الحكم الشرعي في هذا الفعل يتراوح بين تطبيق حد الزنا على فاعله والذي هو الرجم في حال الإحصان (الزواج) والجلد في حال عدم الإحصان عند البعض، وبين القتل للفاعل والمفعول به لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به).


إن شدة العقوبة التي فرضها الإسلام على هذا الفعل لهو أكبر دليل على أن هذا الفعل هو مخالف للفطرة الإنسانية التي تحصر العلاقة الجنسية في إطار الزواج الشرعي الذي يتم بين المرأة والرجل، فمن أخل بهذه القاعدة يكون مخالفا للفطرة الإنسانية.

________________________________________________

الكاتب: د. نهى عدنان قاطرجي










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #223  
قديم 11-08-2022, 03:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي فضائل بيت المقدس

فضائل بيت المقدس


عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر


عباد الله، اتقوا الله - تعالى - فإن من اتقى الله وقاه، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه، معاشر المؤمنين، عباد الله، يزداد ألم المسلمين وأسفهم يومًا بعد يوم على الحال التي آلَ إليها المسجد الأقصى من تسلُّط اليهود المجرمين عليه، وانتهاكهم لحُرمته، واعتدائهم على قُدْسيته ومكانته، وارتكابهم فيه ومع أهله أنواعًا كثيرة من التعديات والإجرام، والمسجد الأقصى - عباد الله - مسجد عظيم مبارك، له مكانة عالية في نفوس المؤمنين، ومنزلة رفيعة في قلوبهم، فهو مسجد خُصَّ في الكتاب والسُّنة بميزات كثيرة، وخصائص عديدة وفضائل جمَّة، تدل على رفيع مكانته وعظيم قدره، فمن فضائله - عباد الله - أنه أحد المساجد الثلاثة المفضلة التي لا يجوز شد الرحال بنية التعبُّد إلا إليها؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومسجد الأقصى»؛ (متفق عليه).

ومن فضائله أنه ثان مسجد وُضع في الأرض؛ فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله أيُّ مسجد وُضع في الأرض أول، قال: «المسجد الحرام»، قلتُ ثم أي، قال: «المسجد الأقصى»، قلت: كم كان بينهما، قال: «أربعون سنة»، ثم أينما أدركتْكَ الصلاة بعدُ فصلهْ؛ فإن الفضل فيه))؛ (متفق عليه).

ومن فضائله - عباد الله - أنه قِبلة المصلين الأُولى قبل نسخ القبلة وتحويلها إلى الكعبة؛ فعن البراء - رضي الله عنه - قال: "صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا، ثم صرفه نحو القِبلة"؛ (متفق عليه).

ومن فضائله أنه مسجد في أرض مباركة؛ قال الله - تعالى -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]، وقد قيل لو لم تكن لهذا المسجد إلا هذه الفضيلة، لكانت كافية.

وأرضه - عباد الله - هي أرض المحشر والمنشر؛ فعن ميمونة مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال: «أرضُ المحشر والمنشر»؛ (رواه ابن ماجه).

ومن فضائله أنه مَسْرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنه عُرج به إلى السماء؛ فعن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُتيت بالبراق وهو دآبة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغلة، يضع حافره عند منتهى طَرْفه، فركبتُ؛ حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت فصليتُ فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل - عليه السلام - بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترتُ اللبن، فقال جبريل: اخترت الفِطرة، ثم عُرِج بنا إلى السماء»؛ (رواه مسلم).

ومن فضائله - عباد الله - أن الصلاة فيه تُضاعَف؛ فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيهما أفضل؛ أمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم بيت المقدس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلَّى هو، وليوشكنَّ أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض، حيث يرى منه بيت المقدس، خير له من الدنيا جميعًا»، قال أو قال: «خير له من الدنيا وما فيها»؛ (رواه الحاكم، وهو حديث صحيح).

وهذا - عباد الله - عَلَمٌ من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم - حيث بيَّن ما سيؤول إليه المسجد الأقصى، مع تعلُّق قلوب المسلمين به، وأن مؤامرات الأعداء على المسجد الأقصى ستزداد، حتى إنّ المؤمن ليتمنَّى أن يكون له موضع صغير يُطِل منه على المسجد الأقصى، ويكون ذلك أحبَّ إليه من الدنيا وما فيها.

ومن فضائله - عباد الله - ما ورد في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما فرغ سليمان بن داود - عليهما السلام - من بناء بيت المقدس، سأل الله ثلاثًا؛ حُكمًا يصادف حكمه، ومُلكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي أحدٌ لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه»، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أما اثنتان فقد أُعطيهما، وأرجو أن يكون أُعطي الثالثة»؛ (رواه النسائي، وابن ماجه).

عباد الله:
يجب علينا أن ندرك أن عدوان اليهود على المسجد الأقصى، وعلى أرض فلسطين، وعلى المسلمين في فلسطين، ليس مجرد نزاع على أرض، وأن ندرك أن قضية فلسطين قضيةٌ إسلامية، يجب أن يُؤرِّق أمرُها بال كل مسلم، ففلسطين بلد الأنبياء، وفيها ثالث المساجد الثلاثة المعظمة، وهي مسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيها قِبلة المسلمين الأُولى، وليس لأحد فيها حقٌّ إلا الإسلام وأهله؛ {الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف : 128]، ويجب علينا - عباد الله - أن ندرك أن تغلب هذه الشرذمة المرذولة، والفئة المخذولة وتسلُّطهم على المسلمين، إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي، وإعراض كثير من المسلمين عن دينهم الذي هو سبب عِزهم وفلاحهم ورِفْعتهم في الدنيا والآخرة؛ قال الله - تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، فلا بد - عباد الله - من عودة صادقة وأوْبَة حميدة إلى الله - جلّ وعلا - فيها تصحيح للإيمان وصلة بالرحمن، وحِفاظ على الطاعة والإحسان، وبُعد وحذر من الفسوق والعصيان؛ لينال المؤمنون بذلك العزّ والتمكين، والنصر والتأييد، وعليكم - عباد الله - بالصدق مع الله - تبارك وتعالى - في الدعاء؛ فإن المؤمن في كل أحواله وجميع شؤونه؛ في شدته ورخائه، وسرائه وضرَّائه لا مفزع له إلا الله، ولا ملجأ له إلا إلى ربِّه وسيده ومولاه، يتوجه إليه بالدعاء والأمل والرجاء.

فيا إلهنا، يا إلهنا، إليك المشتكى وأنت حسيبنا، يا من يجيب المضطر إذا دعاه، ويجبر الكسير إذا ناداه، ويفرِّج هَمَّ المهموم إذا ذلَّ له ورجاه، إلهنا وسيدنا ومولانا إن اليهود تسلُّطوا على أرض فلسطين، وعلى المسجد الأقصى العظيم، وعلى إخواننا المسلمين في فلسطين قتلاً وتشريدًا، وعلى مسجدنا الأقصى وبيوتهم هدمًا وتخريبًا، وعلى حرمته وحرماتهم هتكًا وإفسادًا، فكم من بيوت هُدِّمت، وكم من أعراض هتكت، وكم من نساء رُمِّلَتْ، وكم من دماء أريقتْ، وكم من أطفال يُتِّموا، لقد تفاقم من اليهود الطغيان، وتزايد السطو والإجرام، وعظم الجبروت والعدوان، إلهنا يا من النصر من عنده يُستمنح، يا من أبوابه وخزائنه لمن دعاه تُفتح، يا مزلزل عروش الظالمين، يا قاصم ظهور الجبارين، يا مُبطل كيد المجرمين.

لقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامةَ ولا صفر»، وهذا حديث جاء في جملة أحاديث عظيمة أتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مُبطلة خرافات أهل الجاهلية وضلالتهم التي عاشوا عليها، فجاء الإسلام بتوجيهاته العظيمة ودلالاته الكريمة مبطلاً ما كان عليه أهل الجاهلية من ضلالات عمياء، وخرافات وجهالات كثيرة، ومن ذلكم - عباد الله - ما كان يعتقده أهل الجاهلية في شهر صفر أنه شهر مشؤوم، فيعطلون فيه أنواعًا من أعمالهم، وأنواعًا من مصالحهم وتجارتهم؛ لاعتقادهم أنه شهر فيه شُؤْم، وهي خرافة مَضى عليها أهل الجاهلية، فجاء الإسلام بإبطالها وهدمها ونسْفِها، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «ولا صفر»؛ أي: لا وجود لهذه الخرافة، ولا مكانة لها؛ فإنها أمور تسكن في عقول أهل الخرافة، أما أهل الإسلام، فقد أنقذهم الله - تبارك وتعالى - بالإسلام من خرافات أهل الجاهلية وضلالتها، ولهذا - عباد الله - فمن اعتقد أو ظنَّ في شهر صفر أو في يوم من الأيام، كيوم الأربعاء، أو يوم من الأيام كاليوم الثالث عشر أو نحو ذلك، فهو امرؤ فيه جاهلية انطلت عليه خرافات أهل الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها، والواجب على المسلمين - عباد الله - أن يكونوا في كل الأيام والشهور، والأزمنة والدّهور متوكِّلين على الله، معتمدين عليه ساعين في مصالحهم على الوجه الذي يحب الله ويرضاه، بعيدين كل البعد عن خرافات أهل الجاهلية وضلالتهم.


اللهم وفقنا لهداك وجنبنا سخطك يا ذا الجلال والإكرام، واجعلنا من المتوكلين عليك حقًّا، المؤمنين بك صدقًا يا ذا الجلال والإكرام.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #224  
قديم 16-08-2022, 04:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي خطورة الرافضة على الإسلام وأهله

خطورة الرافضة على الإسلام وأهله


محمود الدوسري



إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:
لم تكتف الرافضةُ بهجرهم للسُّنة، وإنكارهم لها، بل أضافوا إضافةً مُنكَرةً جعلت إجرامَهم مُضاعفاً؛ إذْ لم يكتفوا بإنكار الحديث ورفضِه، وإنما لجؤوا إلى وضع ما أسْمَوه أحاديثَ ونسبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأصبحوا بهذه الفِعلة النكراء من ألد أعداء السُّنة كيداً ومكراً، واختلاقاً للكذب والبهتان على السنة النبوية، والأئمة من آل البيت رضي الله عنهم.

وعلى هذا، فإنَّ أهم مظاهر هجر الرافضة للسُّنة يتمثَّل في:
أولاً: ردِّهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: وضعِهم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبهم عليه.

أسباب نشوء التَّشيع:
نشأ التشيع - في ظاهر الأمر - على الاعتقاد بأنَّ علياً رضي الله عنه وذريته هم أحقُّ الناس بالخلافة، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنَّ علياً أحقُّ بها من سائر الصحابة بوصية من النبي صلى الله عليه وسلم، كما زعموا في رواياتهم التي اخترعوها، وملؤوا بها كتبهم قديماً وحديثاً.

والحق أن التشيُّع أشد خطراً على الإسلام، إذ استتر به أعداء الإسلام؛ لهدمه، ولقد كان التشيُّع مأوًى يلجأ إليه كلُّ مَنْ أراد هدم الإسلام لعداوةٍ أو حقد، ومَنْ كان يريد إدخال تعاليم آبائه؛ من يهودية ونصرانية وزردشتية وهندية، كلُّ هؤلاء كانوا يتَّخِذون حُبَّ آل البيت ستاراً يضعون وراءه كلَّ ما شاءت أهواؤهم[1].

وها هو اليهودي عبد الله بن سبأ الذي أظهر الإسلام نفاقاً، وتظاهر بحبِّ عليٍّ رضي الله عنه وغلا فيه، حتى زعم أنَّ الله تعالى قد حلَّ فيه، وعمل في السرِّ؛ لبثِّ سموم دعوته في عوام الناس، وقد حاول عليٌّ رضي الله عنه القضاء على هذه الفتنة، فأحرق كثيراً منهم، ولكن الأمر استفحل والفتنة تأصَّلت جذورها، وأخذت الأفكار المسمومة موقعها في قلوب الكثير من الناس، وترسَّخت فكرة عدم قبول الأحاديث المروية من غير أشياع عليٍّ رضي الله عنه[2].

وتستَّر بعض الفرس بالتشيُّع، وحاربوا الدولة الأموية، والعباسية، وقاموا بثورات عديدة، سجَّلها علماء الفرق والتاريخ، وما في نفوسهم إلاَّ الكُره للعرب ودولتهم، والسعي لاستقلالهم وهيمنتهم، وتاريخ الشيعة في القديم والحديث شاهد صدق على أنَّ الحركات المارقة والهدامة إنَّما خرجت من تحت عباءتهم بعد أن رضعت لَبَنَهم وهُدْهِدَتْ بين ذراعيهم[3].

يقول السيوطي رحمه الله: (وأصل هذا الرأي الفاسد: أنَّ الزنادقة، وطائفةً من غلاة الرافضة، ذهبوا إلى إنكارِ الاحتجاج بالسُّنة، والاقتصارِ على القرآن، وهم في ذلك مختلفو المقاصد.


فمنهم: مَنْ كان يعتقد أنَّ النبوة لعليٍّ رضي الله عنه، وأنَّ جبريلَ عليه السلام أخطأ في نزوله إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، تعالى اللهُ عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيراً.


ومنهم: مَنْ أقرَّ للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة، ولكن قال: إنَّ الخلافة كانت حقًّا لعليٍّ، فلمَّا عدل بها الصحابةُ عنه إلى أبي بكرٍ رضي الله عنهم أجمعين؛ قال: هؤلاء المخذولون - لعنهم الله - كَفَروا حيث جاروا، وعدلوا بالحقِّ عن مستحِقِّه، وكفَّروا - لعنهم الله – عليًّا رضي الله عنه أيضا؛ لعدم طلبه حقَّه.

فبَنَوا على ذلك ردَّ الأحاديث كلها؛ لأنها عندهم - بزعمهم - من رواية قومٍ كُفَّار، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

وهذه آراءٌ ما كنتُ أستحِلُّ حكايتَها، لولا ما دعت إليه الضَّرورةُ؛ من بيان أصل هذا المذهب الفاسد، الذي كان الناسُ في راحة ٍمنه من أعصار.

وقد كان أهلُ هذا الرأي موجودين بكثرة في زمن الأئمة الأربعة فمَنْ بعدهم، وتصدَّى الأئمةُ الأربعة وأصحابُهم في دروسِهم، ومُناظراتِهم، وتصانيفِهم، للرد عليهم)[4].


خطورة الرافضة على الإسلام وأهله:
خطورة الرافضة على الإسلام وأهله (أهلِ السنة) نابع من عدة أمور[5]:
1- أصل بدعة الرافضة كان عن زندقةٍ وإلحاد، بخلاف الخوارج – مثلاً – الذين كانت بدعتهم عن جهل وضلال؛ كما قال ابن تيمية رحمه الله: (الذي ابتدع مذهب الرافضة كان زنديقاً مُلحداً عدواً لدين الإسلام وأهله، ولم يكن من أهل البدع المُتأوِّلين؛ كالخوارج والقدرية)[6].

2- استعمالهم للتقية المرادفة للكذب، وتظاهرهم بنصرة آل البيت، وانخدع بهم كثير من عوام المسلمين، بل بعض خواصهم.

3- بُغضُهم وتكفيرُهم ولَعنُهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ نفراً يسيراً، وبُغضهم وتكفيرهم لأهل السنة وتربية أتباعهم على هذا البغض.

4- التشيع كان مأوًى يلجأ إليه كلُّ مَن أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ولقد أصبح الرافضة الخندق الذي يتسلَّل منه الباطنية والملاحدة؛ لتحريف الإسلام؛ كما قال ابن تيمية رحمه الله: (أصلُ الرَّفضِ إنما أحدثه زنديقٌ غَرَضُه إبطالُ دينِ الإسلام، والقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قد ذكر ذلك العلماء، وكان عبدُ الله بن سبأ شيخُ الرافضة لَمَّا أظهر الإسلام أراد أنْ يُفسد الإسلام بمكره وخُبثه؛ كما فعل بولص بدين النصارى، فأظهر النُّسك، ثم أظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى سعى في فتنة عثمان وقتله... ولهذا كانت الزنادقة الذين قصدُهم إفساد الإسلام يأمرون بإظهار التشيع، والدخول إلى مقاصدهم من باب الشيعة)[7].

5- تاريخ الشيعة – في القديم والحديث – شاهد صدق على أنَّ الحركات المارقة والهدَّامة إنما خرجت من تحت عباءتهم بعد أنْ رضعت لبنَهم وهُدهدت بين ذراعيهم.

6- الرافضة في هذا الزمن صار لهم دول يحتمون بها، ويحكمون تحت ظلها.

7- كثرة دعاة الرافضة وانتشارهم في أقطار الأرض ومحاولة جذب المسلمين إلى مذهبهم الفاسد.

8- انخداع بعض المسلمين بالرافضة وظهور مَنْ يدعو إلى التقريب بين أهل السنة والرافضة، ووجود معاهد في بعض بلاد أهل السنة لهذا الغرض، بل وُجِدَ مَنْ يزعم أنه لا فرق بين أهل السنة والرافضة في شيء من أمور الاعتقاد، بل ذلك كالخلاف بين المذاهب الأربعة!

ولعل الخطر الأكبر على الإسلام وأهله من وراء الرافضة قديماً وحديثاً هو ردُّهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاربتهم لها، ونشر البدع المختلفة في كافة أقطار الأرض حتى إنه في كثير من البلدان التي هي خالصة لأهل السُّنة وُجِدَ من بدعهم الكثير؛ ومنها: زيارة القبور والتبرُّك بها والتَّوسل بصاحبها والإهداء إليها، وإقامة الموالد لأصحابها وغير ذلك من مظاهر غير خافية، فكم أماتوا من سُنَّة وأحيوا من بدعة، وهذا من هجر السُّنة النبوية.

وكذا وضعُهم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإدخال ما ليس في الدين إلى الدين؛ فلبَّسوا على كثير من الناس دينهم وانحرفوا بهم عن طريق الحق والهدى والنور إلى طرق الضلال والظلمات والغواية.


ابن تيمية رحمه الله يتصدَّى للرافضة:
تكفَّل الله تعالى بحفظ هذا الدين، فكلما افترى المفترون هيأ الله مَنْ يقمعهم ويُبيِّن للمسلمين بطلان قولهم، ومن هؤلاء العلماء الذين جاهدوا في هذا الميدان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فهو من العظماء الأفذاذ الذين تصدَّوا للرافضة وأفشلوا مخططاتهم وحذَّروا المسلمين من شرهم، ولا يوجد كتاب يردُّ على الرافضة، ويفضحهم، ويبيِّن قُبحَ مذهبهم مِثلَ كتابه: "منهاج السنة النبوية"، فهو يناقش الخصوم، ويدحض حججهم، ويرد على شبهاتهم، بمنهج علمي جامعاً بين العقل والنقل، وإيراد البراهين الواضحة المنضبطة بالعدل والإنصاف، وليس بالظلم والتعسف.

وزماننا هذا يُشبه زمان ابن تيمية رحمه الله، من ناحية ظهور الرافضة ووجود دول تحميهم، وضعف كثير من أهل السنة أو تخاذلهم، لذا فإنَّ ما صلح أن يكون ردًّا على الروافض في ذلك الوقت فهو صالح أن يكون ردًّا عليهم في هذا الوقت[8].

[1] انظر: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام، د. غالب عواجي (1/ 128).
[2] انظر: مكانة السنة في التشريع الإسلامي، (ص 235).
[3] انظر: فجر الإسلام، د. أحمد أمين، (ص 276)؛ السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام، (ص 88).
[4] مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة، (ص 6-7).
[5] انظر: موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من الرافضة، د. عبد الله بن إبراهيم عبد الله (1/ 5)؛ السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام، (1/ 87).

[6] منهاج السنة النبوية، (4/ 203).
[7] منهاج السنة النبوية، (8/ 339، 340).
[8] انظر: موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من الرافضة، (1/ 5).









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #225  
قديم 18-08-2022, 02:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي الأندلس والقدس.. هل يعيد التاريخ نفسه؟

الأندلس والقدس.. هل يعيد التاريخ نفسه؟



مقدمة:
تستأثر الأندلس والقدس بمكانة خاصة ومتميزة في الوجدان والعاطفة الإسلامية تحديداً. ولأنهما كذلك، فقد طُرحت (تراجيديا) الأندلس و (دراما) القدس في ملفات وأعداد خاصة ضمن المجلات والدوريات العربية بمختلف تلاوينها واهتماماتها. وإذا كانت عادة الطرح تسير في منطق الانفصال و (الأحادية)، أي دراسة كل مادة بمعزل عن الأخرى؛ فهل حدث إذن أن تساءلنا حيناً عن مدى إمكانية تعالق القضيتين فعلاً؛ فبين الأندلس والقدس تقاطعات على أكثر من صعيد (الموقع الجغرافي المغري، والحضور المتميز في الذاكرة العربية، ثم - هو الأهم - الوضع المهترئ المهزوز الذي عاشته الأندلس، وعيش القدس اليوم على الأمل).
لقد كتب كثير من الكتاب - وما يزالون - حول القدس، في محاولة جادة ومستميتة لاستثارة الانتباه واستنهاض الهمم حيال الأخطار (الشاذة) التي تتهدد - يوماً بعد يوم - القدس راسمة حاضراً مؤلماً ومستقبلاً قاتماً.
وإذ نحن نساهم بمقالتنا هذه، فقد رُمْنا الانزياح بها عن القراءة (التقليدية) لإشكالية القدس، وكذا تكسير نمطية العرض (المفصول) لها كما ذكرنا، وذلك وَفْقَ منهج تركيبي يجمع خلاصة التجربتين الأندلسية والمقدسية في إطار مقاربةٍ ومقارنةٍ، دون الغوص في الأحداث والتفاصيل التاريخية التي تعج بها كتب التاريخ.
قد يسائلنا بعض القرَّاء: لِمَ قسوة العنوان، ألا يحمل معاني التشاؤمية والانهزامية؟ نجيب بالنفي، ونقول: إن العنوان لا يعدو تعبيراً صريحاً عن الواقع والمآل (المنتظر) ما لم يتنبه عالمنا العربي لحتمية الفعل والتصرف قبل فوات الأوان، فالخوف أحياناً يدفعنا لإحقاق المستحيل. وقد يتساءل آخر مستفهماً: أية علاقة لحدث تاريخي (ماضوي) لما يجري في القدس؟ أَوَلَيْسَ هذا زمن حقوق الإنسان، والشرعية الدولية؟ لكن سرعان ما يتبدد شبح السؤال والغموض، ويتجلى وضوح المقاربة التي نحن بصددها، حينما نطرح السؤال التالي: كيف انتهت الأندلس، هل سقطت دفعة واحدة؟ وكيف قوبلت استغاثات ونداءات الأندلسيين من لدن العالم الإسلامي آنذاك؟ وماذا لو عكسنا المعادلة بتحييدنا الأندلس وإحلال القدس مع تغيير طفيف في بنية الأسئلة؟

الأندلس بين الانقسام الداخلي والتهديد الخارجي:
بعد اندثار الدولة الأموية عاشت الأندلس على إيقاع ملوك الطوائف بدايةَ نهايتها. فلم نعد نتحدث عن الأندلس كتلة واحدة متماسكةً ومتجانسةَ الأهداف والمصالح؛ بل حل ما يمكن تسميته بـ (بالمدن الدول - polis) المستقلة والمتنابذة فيما بينها، فقد أصبحت التجزئة أمراً واقعاً ميَّز مرحلة ملوك الطوائف. هذا في الوقت الذي عقدت فيه الـمَلَكية الكاثوليكيـة العـزم على ضم الإمارات الأندلسية تباعاً وسحقها، من خلال تسريع زمن (حروب الاسترداد) وتشديد الحصار على حكامها. وإذا كانت الضرورة التاريخية تحتِّم على ملوك الطوائف الاتحاد والتكتل لصد العدو (الكافر) المشترك، فإن الأنانية واستحكام الأطماع الشخصية والعداوة المضمرة فيما بينهم، حملتهم على التحالف مع ذاك العدو، والتنازل له عن قلاع وحصون مع الالتزام بدفع (الجزية)، بل تمادت زوجات وأبناء بعضهم إلى الارتماء في أحضان ملوك قشتالة والتسمي بأسماء صليبية[1].
من ناحية أخرى، لم تكن العمليات الجهادية المغربية (المرابطية والموحدية ثم المرينية) بقادرة على كبت المد الإيبيري على الديار الأندلسية، نظراً لطابعها الدفاعي والظرفي، على أنها سمحت للأندلس بالاستمرار لبرهة من الزمن، إلى أن دبَّ الوهن في الكيان المغربي على العهد المريني والوطاسي، فتداعت على إثره الدويلات الأندلسية، في حين دخلت غرناطة في حالة احتضارٍ سلامتُها معقودة ومتوقفة على المساعدة والاستغاثة بالعالم الإسلامي التي لم تأتِيها ولم تلبَّ أبداً، فكان الاستسلام والإفراغ أمراً حتمياً.
هذه النهاية المأساوية التي آلت إليها غرناطة، ونجاح (حرب الاسترداد) في تحقيق أهدافها (الإستراتيجية)، تتحمل فيها الذات جانباً من المسؤولية. فقد كان لتدخُّل النساء في السياسة دور رئيسي في جملةٍ من الأحداث الخطيرة التي عصفت بغرناطة. حيث قاد التنافس والصراع بين (عائشة الحرة) و (ثريا)، إلى انشطار المجتمع إلى معسكرين متضادين: طرف يناصر (عائشة)، وحزب آخر يصطف إلى جانب (ثريا). لكن (عائشة الحرة) نجحت في التغلب على خصمها، وتمكنت من تنصيب ابنها (أبو عبد الله الصغير) ملكاً على غرناطة.
وعندما خرج (أبو عبد الله الصغير) من الأسر، ألفى عمه (الزغل) متولياً كرسي الملك، فشن عليه حرباً بتأييد من النصارى، أجبرت الغرناطيين مرة أخرى على إعلان مواقفهم من الأطراف المتصارعة، فعاد الانقسام مجدداً ليفتت وحدة وتماسك المجتمع، وهو ما تسبب في إنهاك قوة غرناطة واستنزاف قوتها.
وبالفعل، فقد استغل التحالف الكاثوليكي هذا الحال، وزحف على العديد من القلاع والحصون، وضرب حصاراً على غرناطة، لم يجد معه (أبو عبد الله الصغير) بُدّاً من الاستسلام وتسليم مفاتيح المدينة للكاثوليك.
الأندلسيون وموجة التنصير والمعاناة:
على الرغم من معاهدة الاستسلام التي بموجبها سلَّم أبو عبد الله الصغير مفاتيح غرناطة عام 1492م، وهي آخر معقل إسلامي بجزيرة إيبيريا، والتي تضمنت جملة من البنود القاضية بتمتيع المسلمين بحقوقهم الكاملة كما في عهد الحكم الإسلامي بها، بَيْد أنه ما كاد يمر وقت قصير حتى أخلَّت إسبانيا بتعهداتها المذكورة، وانطلقت حملات التنصير والإدماج القسريين في الدين والثقافة الإسبانية الكاثوليكية.
في هذا السياق تأتي محاكم التفتيش لملاحقة المسلمين وفصلهم عن عقيدتهم وثقافتهم الإسلامية، منتهجةً في ذلك سبيل الإكراه والقهر والاضطهاد وحظر اللغة العربية. يروي لنا المؤرخ المجهول تلك المعاناة بقوله: «... ثم بعد ذلك دعاهم إلى التنصر وأكرههم عليه... فدخلوا في دينه كرهاً وصارت الأندلس كلها نصرانية ولم يبقَ من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله جهراً... وجعلت النواقيسَ في صوامعها بعد الآذان وفي مساجدها الصور والصلبان... فكم فيها من عين باكية وكم فيها من قلب حزين وكم فيها من الضعفاء والمعدومين... قلوبهم تشتعل ودموعهم تسيل سيلاً غزيراً مدراراً، وينظرون أولادَهم وبناتِهم يعبدون الصلبان ويسجدون للأوثان، ويأكلون الخنزير ويشربون الخمر... فيا لها من فاجعة ما أمرَّها، ومصيبة ما أعظمها وأضرها، وطامة ما أكبرها»[2].

القدس ودراما التهويد الممنهج:
في أفق تنزيل الرواية التاريخية المزعومة، وضعت السلطات الإسرائيلية خطة تهويد واسعة للقدس، يمكننا إجمالها في ثلاثة مشاريع كبرى:
الأولى: مشاريع ذات بُعْد عمراني تعميري: ينطلق هذا المشروع بمصادرة منازل وأراضي الساكنة المقدسية، وتهديم المنازل بدعوى عدم وجود رُخَص للبناء، وهي رخصٌ تعلم إسرائيل - قبلاً - أنها يصعب بل يستحيل تحصيلها؛ نظراً لطبيعة المسطرة الإسرائيلية الصعبة والمعقدة في هذا الشأن[3]. وهو ما يدفع بالمقدسيين - بشكل طبيعي - إلى هجرة داخلية أو خارجية، فيصبح المجال فسيحاً للسلطة الإسرائيلية لتشييد المزيد من المستوطنات وتمددها المخيف على حساب الأحياء القديمة.
الثانية: مشاريع ذات بُعد ديموغرافي: سعياً من دولة الصهاينة لتطـويق القدس، أقامت جداراً يعزل القدس عن محيطها الفلسطيني، ويمزق العلاقات العائلية والاجتماعية لساكنة القدس. إن تحقيق غلبة ديموغرافية يهودية بالقدس، حمل السلطات الإسرائيلية على تشجيع حركة الهجرة لليهود نحو السكن في القدس، وذلك بتخصيص امتيازات وتسهيلات مغرية لهم، إلى جانب نقل الثقل الاقتصادي إلى القدس الغربية، وزيادة الضغط الضريبي على المتاجر والمصانع في الشطر الشرقي للقدس. ناهيك عن خطة التهجير (اللطيفة) للمقدسيين التي أعدتها إسرائيل بناء على فقراتٍ وموادَّ قانونية، تُسْتغَل بشكل ذكي لسحب بطاقة الإقامة أو منحها[4]، وذلك في إطار شرعنة ممارساتها (انتهاكاتها) وتغليفها بغلاف قانوني.
الثالثة: مشاريع ذات بعد حضاري: لم تسلم مقدسات المسلمين ومعالمهم الحضارية بالقدس من عملية التهويد الممنهج؛ فالمصادرة والمحو والاعتداء والتدنيس ينال كل أثر أو مؤشر دال على الهوية والثقافة الإسلامية[5]، التي ترنو إسرائيل إلى طمسها وإتلافها أملاً لفصل الذات عن مقوماتها الهوياتية. في مقابل ذلك، تجري أبحاث وحفريات صهيونية تجتهد في العثور على بقايا وآثار تسند الادعاءات والمزاعم التاريخية الإسرائيلية. كما يتم في الاتجاه ذاته، استبدال أسماء الأماكن والأحياء والشوارع بأخرى عبرية.
ضياع الأندلس وتداعي القدس نحو بناء الصورة:
لعل نظرة سريعة على حاضر القدس وواقعها وموقف عالمنا العربي من القضية، كافية لإعادة تحيين واسترجاع حلقات ضياع الأندلس، ومساءلة الذات العربية عن حقيقة إدراكنا لسيناريو الضياع وقراءتنا المتفحصة والواعية لفصوله، التي تكاد تتماهى مع المشهد المأساوي الذي ينذر بفقدان فردوس آخر أَلَا وهو (فردوس القدس). طبعاً في الحالتين كلتيهما (الأندلس والقدس) يصنَّف العدو على درجة عالية من القوة والحزم والإصرار و (الشوفينية)، والاختلاف كامن هنا في الفرق بين الطرف الأندلسي - ونقصد هنا النخبة السياسية الحاكمة وليس الشعب - المتخاذل والخَنُوع والمستسلم لرغبات وأطماع الأجنبي، وبين الجانب المقدسي المدافع باستماتة وبسالة وإيمان وطني يندر قرينه عن قضية أرض وهوية، في ظل عدم تكافؤٍ صارخٍ في موازين القوى.
من المعلوم أن القضية الفلسطينية تعرضت لنكبات ونكسات، ثم لحملات تطهير وتنكيل وتدمير منذ (الوعد المشؤوم) عام 1917م؛ الذي (شرعن) الطموحات والحلم الصهيوني في إنشاء وطن قومي لليهود بالديار الفلسطينية. وإذا كان هذا الحلم قد صار واقعاً، فإن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وتطبيع العرب مع إسرائيل، يعدُّ تحولاً وتطوراً خطيراً يهدد مستقبل الوجود الإسلامي بالمدينة المقدسة، التي لطالما شكلت على مدار التاريخ الإسلامي رمزاً دينياً حافلاً بالمعاني والدلالات الراسخة في ذاكرة المسلمين كافة.
إن تذكيرنا بضياع الأندلس، ومحاولتنا الدمج بين هذه التجربة الثابتة في المخيال الإسلامي، ونظيرتها المقدسية الراهنة المتهاوية، في هذه الورقة، تعد خطوة طريفة نحاول من خلالها تذكير ضمير العالم الإسلامي بحساسية اللحظة التي تشهدها القدس، والتحذير من مغبة التهوين من المسألة، حتى لا نكرر تجربةً أمرَّ فنضيع القدس، ثم نتباكى بعدها على فردوس ندعوه هو الآخر «الفردوس المفقود»!
في الختام:
عموماً يمكن القول: إن مسلسل (ضياع القدس) قد عُرضت أكثرُ من نصف حلقاته الدراماتيكية وشاهدناها على شاشاتنا العربية، كما سبق أن أخبرنا التاريخ عن تلاحق سقوط الإمارات الأندلسية متتالية. فليس في الأمر إذن، سوى اختلاف في الجغرافيا والأدوار والأزمنة مع الاحتفاظ بالسيناريو ذاته؛ فمن جهة الأندلس هناك القدس، ومن جهة الكاثوليكية ثمة الصهيونية. وهكذا نستمر في مشاهدة ومتابعة المسلسل منتظرين الحلقة الأخيرة منه، لنختار له اسماً جميلاً على شاكلة «الفردوس المفقود»!


[1] الدعيج (أحمد)، أركستهم الذنوب، مجلة المعرفة، العدد 68، فبراير 2001م، ص30.
[2] رزوق (محمد)، الأندلسيون وهجراتهم إلى المغرب خلال القرنين 16 - 17، كلية الآداب والعلوم الإنسانية - الدار البيضاء، إفريقيا الشرق، الطبعة الثالثة، 1998م، ص 56 - 57.
[3] صالح (محسن)، معاناة القدس والمقدسات تحت الاحتلال الإسرائيلي، سلسلة أولست إنساناً 7، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات- بيروت، ص 97.
[4] ينظر المرجع نفسه.

[5] لمزيد من التفاصيل والصور والشواهد حول الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في حق الحضارة الإسلامية والإنسانية عموماً، يراجع المرجع نفسه باعتباره يركز على هذا البعد.
_________________________________________________
الكاتب: د. محمد جباري










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #226  
قديم 15-09-2022, 09:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي مسجدنا الأقصى

مسجدنا الأقصى
نجلاء جبروني

مَسْرى نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ومِنه مِعْراجُه إلى السماء.
أولى القبلتين وثاني المسجدين.

عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ مسجدٍ وُضِعَ في الأرضِ أوَّلُ؟ قال: المسجدُ الحرامُ. قلتُ: ثم أيُّ؟ قال: المسجدُ الأقصى. قلتُ: كم بينهما؟ قال أربعون سنةً[1].

إنه ميراثُ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ بَنَاهُ آدمُ عليه السلام وعمَّرَه إبراهيمُ عليه السلام ثم إسحاق ويعقوب عليهما السلام من بعده وجدَّد بِناءَه وهيَّئَهُ للعبادة سليمانُ عليه السلام، وعاش في أكنافه داود وزكريَّا ويحي وعيسى عليهم السلام.

والمسلمون هم ورثة جميعِ الأنبياء، يستوي في ذلك أنبياء بني إسرائيل وغيرهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ»[2].

وقال-صلى الله عليه وسلم-: «أنا أولى الناس بعيسى بنِ مريمَ في الدنيا والآخرة، والأنبياء أخوة لعَلَّاتٍ. أمهاتُهم شتى، ودينُهم واحدٌ»[3].

والمعنى: أن دينَهم واحدٌ وشرائعَهم مختلفة، كما ينتسب الأخوةُ من أمهاتٍ مُختلفاتٍ لأبٍ واحدٍ.

فجميعُ الأنبياءِ والرسلِ دينُهم الإسلام؛ دينُ الله -عز وجل-؛ توحيد الله تعالى وعدم الإشراك به، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19].

فنوحٌ-عليه السلام-يقول لقومه: ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72].

وإبراهيم وإسماعيل –عليهما السلام-يقولان في دعائهما: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ﴾ [البقرة: 128].

ويعقوب -عليه السلام- يوصِي أبناءَه قائلاً: ﴿ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132].

وأبناء يعقوب -عليه السلام- يجيبون أباهم: ﴿ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133].

ويوسف – عليه السلام - يقول: ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].

وموسى– عليه السلام - يقول لقومه: ﴿ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84].

والحواريون يقولون لعيسى–عليه السلام-: ﴿ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52].

وسليمان – عليه السلام - يقول في رسالته لسبأ: ﴿ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِين ﴾ [النمل: 30].

فالدين عند الله هو الإسلام؛ وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.

والله – عز وجل - قد بعث محمدًا – صلى الله عليه وسلم - بأتمِّ الإسلام وأكملِه، بعثَه بالتوحيدِ وبالبراءةِ من الشرك، وبشريعةٍ كاملةٍ صالحةٍ لكلِّ زمانٍ ومكان، شاملةٍ لكل شئون الحياة، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المادة: 3].

وقد جمع الله ببيت المقدس جميعَ الأنبياءِ والرسل مِن آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وصلى بهم نبيُّنا إمامًا ليَعْلَمَ الناسُ أنَّه المقدَّم والإمام المعظم، وأنه الوريث وأمَّته من بعده لهؤلاء الأنبياء.

إن الوراثةَ الحقيقية لجميعِ الأنبياءِ والرسلِ مبْنِيَّةٌ على العقيدة والإيمان لا على القومية أو الأنساب.

ولهذا استحق بنوا إسرائيل الأرضَ المقدسة في زمن موسى- عليه السلام - لمَّا كانوا على الإسلام والإيمان، لكنهم لمَّا بدَّلوا دينَهم وكفروا برسلِهم وقتلوا أنبياءَهم وحرَّفوا كتاب ربِّهم؛ ما عاد لهم حقٌ في المسجد الأقصى، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128].

جعلَ اللهُ وراثةَ الأرضِ لعبادِهِ المؤمنين الموحِّدين، ولهذا أورثَ اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين معه أراضي يهودِ المدينة وديارهم، قال تعالى: ﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴾ [الأحزاب: 27].

ولهذا أيضًا خرج الصحابةُ - رضي الله عنهم - فاتحين لمشارقِ الأرضِ ومغاربِها ولم يكونوا قبل ذلك مالكين لشيء منها.

فالأرض كلها مآلها لأهل الإسلام، وسيحصل هذا في آخر الزمان عندما ينزل عيسى - عليه الصلاة والسلام -ويحكم الأرض كلها بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويؤمن من تبقى من أهل الكتاب، قال تعالى: ﴿ وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 159].

وقال صلى الله عليه وسلم: «واللهِ! ليَنزِلَنَّ ابنُ مريمَ حَكَمًا عادلًا. فلَيَكسِرَنَّ الصليبَ. ولَيَقتُلَنَّ الخِنزيرَ. ولَيَضَعَنَّ الجِزيَةَ»[4].

قال صلى الله عليه وسلم: « إنَّ اللهَ زوَى لي الأرضَ فرأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها فإنَّ أُمَّتي سيبلُغُ مُلْكُها ما زوَى لي منها »[5].

إنَّ المسجدَ الأقصى مسجدُنا ولن ننساه ولن نتنازل عنه، هذه عقيدتُنا، هذه قضيَّتُنا ليست قضية فلسطين ولا قضية العرب ولا قضية الشرق الأوسط، إنَّها قضيةُ كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ على وجه الأرض.

هل سيعود لنا المسجد الأقصى الذي بَشَّرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بفتحه قبل أن يُفتح فَقَال: « اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ »، ثم ذكر منها: « فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ »[6]؟

(نعلم أن المسجد الأقصى سيعود لأننا نؤمن بخبر الصادق المصدوق، فلقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بأن الخلافة الإسلامية التي على منهاج النبوة ستعود للمسلمين وأن عودتها ستكون مِن بيت المقدس وأكنافه.

سيعود بعد ملحمة مع اليهود، ينطق فيها الحجر والشجر وينادي: «يا مُسلِمُ، هذا يَهوديٌّ ورائي، فاقْتُلْه»[7].

وأخبرنا بأن دين الله سيعم الأرض أو أكثرها، وليس بيت المقدس فحسب، فقال صلى الله عليه وسلم: « ليبلغَنَّ هذا الأمرُ ما بلغ الليلُ والنهارُ ولا يتركُ اللهُ بيتَ مدرٍ ولا وبرٍ إلا أدخله اللهُ هذا الدينَ بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليلٍ عزًّا يعزُّ اللهُ به الإسلامَ وأهلَه وذلًّا يذلُّ اللهُ به الكفرَ »[8].

ولكن متى سيكون ذلك؟
الجواب: متى عُدْنَا إلى أسبابِ عزِّنا ومجدِنَا؛ عادَ لنَا بيتُ المقدس.

فلقد تركنا أسبابَ العزِّ والنصرِ وانحرفنا عن طريق التمكين، فضللنا السبيل؟

وما هو طريق النصر والتمكين يا تُرى؟
أجاب عمر بن الخطاب عن هذا لسؤال يوم فتح بيت المقدس؛ فقال: « إنَّا كنَّا أذلَّ قوم، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العِزَّة بغير ما أعزَّنا الله به أذلَّنا الله »[9].

هذا هو السبب الحقيقي للنصر؛ التمسك بالإسلام، واتِّباع كتاب الله وسنَّة نبيِّهِ -صلى الله عليه وسلم-عمليًّا وواقعيًّا، وليس بالكلام ولا بالادعاءات، فلنتبع الكتاب والسُّنة بفهم سلفِ الأمَّة وعلى طريقة الصحابة -رضي الله عنهم-الذين نصرهم الله، ومكَّن لهم في الأرض[10].

لن يعودَ إلينا المسجدُ الأقصى حتى نرفعَ لواءَ الشريعةِ فوقَ رؤوسِنا وندوسَ بأقدامِنَا كلَّ المناهج التي تخالف منهج الله -عز وجل-" الليبرالية، والعلمانية، والاشتراكية، والرأسمالية والقومية والديمقراطية " وغيرها من مناهج المحتل.

الليبرالية التي تعني الحرية المطلقة دون قيدٍ من دينٍ أو شرع، وشعارُها: " أنتَ حر ما لم تضر"، افعل ما تشاء ما لم تتعدَّ على حريَّات الآخرين!

وتحت هذا الشعار رأينا حرية الكفر والإلحاد تحت مسمى الفكر والإبداع، وحرية الفسق والخلاعة تحت مسمى حرية المرأة، رأينا حرية خلع الحجاب، رأينا حرية الاختلاط في العمل والمواصلات والمدارس والجامعات وداخل البيوت والأسر، رأينا حرية العلاقات بين الشباب والبنات ونشر الفواحش والمنكرات والكلام عن الحب والغرام في المسلسلات والأفلام تحت مسمى حرية الفن والإمتاع.

الليبرالية والعلمانية صناعة غربية، نادى بها الغرب نتيجة لاستبداد الكنيسة وسيطرتها على الحياة في أوربا في القرن السادس عشر، الكنيسة كانت تستولي على أموال الناس وتبيع لهم صكوك الغفران، وتحارب العلم وتقتل العلماء، تحلِّل وتحرِّم كما تشاء، الكنيسة هي من تعيِّن الحاكم الذي يحكم -كما يدَّعون- بأمر السماء (نظرية الحق الإلهي) وعلى الشعب السمع والطاعة العمياء.

ثار الناس على هذا الظلم والطغيان، نادَوْا بالتحرر من سلطان الكنيسة ونبذوا الدين، نادَوْا بالعلمانية التي تعني فصل الدين عن الحياة، أن يكون الدين مجرد شعائر، أن يكون معزولا داخل جدران الكنائس والمعابد.

هل نحن المسلمون نحتاج ذلك وعندنا الإسلام؟
هم نبذوا دينَهم بعد ما حرَّفوه أما نحنُ فدينُنَا دينُ الحقِّ و العدل ، دين الله الذي ارتضاه لعباده ، توحيد الله –عز و جل و إفراده بالعبادة و اتِّباع رسوله -صلى الله عليه و سلم- ليس فيه ظلمٌ ولا استبداد ولا اضطهاد ولا محاربة للعلم ولا تناقض مع العقل المهتدي بنور الشرع ، فالحاكم والمحكوم كلاهما له حقوق وعليه واجبات، وروي أن رجلا قال لعمر بن الخطاب : اتق الله يا عمر، فقال له رجل من القوم: أتقول لأمير المؤمنين اتق الله، فقال له عمر-رضي الله عنه- : دعه فلْيَقُلْهَا لي، نِعْمَ ما قال، ثم قال عمر :" لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم"، هذا هو الإسلام؛ دينُ العدل والمساواة، دينٌ صالحٌ لكلِّ زمانٍ و مكان ، شاملٌ لكلِّ أمورِ الحياة ، إنَّه الصراط المستقيم و الروح الحقيقية و النور الهادي، قال تعالى: ﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].

هذا هو مصدر عزَّتِنا وقوَّتِنا الذي لابد أن نعرفَه جيدًا.

﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 83].

لن يعودَ المسجدَ الأقصى حتى نعودَ إلى دِينِنَا، حتى نطهِّرَ قلوبَنا من رجسِ الشهواتِ والشُبُهات، حتى نصحِّحَ عقائدَنَا ونصلحَ عبادتَنا ونحسِّن أخلاقنا ونطهِّرَ قلوبَنَا من الرياء والغلِّ والحسد، حتى نقدِّمَ أمر الله على كل أحد، حتى نبذل لهذا الدين، حتى نعرفَ لله حقَّه ونوقِنَ بوعدِه، قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55].

واجبنا نحو الأقصى![11]!:
هل القضية تكون بتفريغ شحنة الغضب بحرق العلم الإسرائيلي أو بهتافاتٍ وشعاراتٍ رنانة، أو مظاهرات ووقفات احتجاجية، أو استنكارات وشجب وتنديد وبيانات، أو المطالبة بطرد السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو الصهيوني والأمريكي أو في المقاطعة الاقتصادية للمنتجات اليهودية والأمريكية، وعدم التطبيع معهم وفقط؟! هل هذا كافيًا أم أن هناك واجبًا أعظم نحو مقدساتنا وثوابتنا الدينية في وسع كل فردٍ مِن أفراد أمتنا الإسلامية؟

ومن هذه الواجبات التي في استطاعتنا:
1- إحياء القضية، ومكانة القدس والأقصى في نفوس أبنائنا وشبابنا والأجيال القادمة؛ حتى لا تُنسى، وأن نفهمها على وفق شرع الله؛ أن الصراع بيننا وبين اليهود صراع دين وعقيدة وأن دفاعنا عن الأقصى ليس لأجل الأرض أو العروبة وإنما هو لإعلاء كلمة الله في الأرض.

2- الاهتمام بأمر المسلمين والتألم لآلامهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى »[12].

3- الدعاء: قال الله عز وجل: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر:60]، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة:186]، وقال صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ»[13]، فالله هو القوي القدير العزيز الذي لا يعجزه شيء.
4- التوكل على الله والافتقار والذل، والانكسار له والتضرع، وطلب العز منه، وليس مِن الشرق أو الغرب: قال الله عز وجل: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، وقال: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].

5- الطاعة والصلاة والإخلاص: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّما يَنْصُرُ اللهُ هذه الأُمَّةَ بِضَعِيفِها؛ بِدَعْوَتِهمْ وصلاتِهِمْ وإِخْلاصِهِمْ»[14]، وقال عمر بن الخطاب t : "إننا ننتصر على عدونا بطاعتنا لله ومعصية عدونا له، فإذا استوينا في المعصية كانت لعدونا الغلبة بالعدد والعدة"، وقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].

6- بث روح الأمل والرجاء والثقة في أن المستقبل للإسلام واليقين في وعد الله وعدم اليأس والإحباط ودفع روح الهزيمة النفسية: قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر:51]. وقال تعالى: ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص:83].

7- إحياء روح الجهاد: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتَّى ترجعوا إلى دينِكُم»[15]، وقال صلى الله عليه وسلم: « مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ »[16].

8- مجاهدة النفس قبْل مجاهدة العدو، فمن خان حيَّ على الصلاة، خان حيَّ على الكفاح، خان حي على الجهاد: قال الله عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]، وقال صلى الله عليه وسلم: « وأفضلُ المهاجرين من هجر ما نهى اللهُ تعالى عنه، وأفضلُ الجهادِ من جاهد نفسَه في ذاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ »[17]، هل نزعت من قلبك شهوات النفس وأهوائها وجاهدتها أولاً حتى تستطيع أن تجاهد أعداء الله في الخارج، وأخرجت من قلبك حب الدنيا وملذاتها وكراهية الموت في سبيل الله.

وكما قيل: "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم وفي بيوتكم، تقم على أرضكم".

9- ترك الذنوب والمعاصي: فما نزل بلاء إلا بذنبٍ، وما رفع إلاّ بتوبة، قال الله -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]، ألا نستحيي مِن أنفسنا على ما يحدث في مجتمعنا مِن إدمان الخمر والمخدرات، والتدخين والشيشة، وسماع الموسيقى ومشاهده القنوات الإباحية، وتضييع الصلوات ومعاكسة الفتيات، والرقص والمجون... ثم نقول أين النصر؟! ونتساءل؛ لماذا يحدث للمسلمين كل ما يحدث في كل مكان؟ دماء تسفك، وبلاد تحتل، وبيوت تهدم، وأمان يضيع ؟!

10- إحياء قضية الولاء والبراء، والحب والبغض على أساس العقيدة والدين، وليس الأرض والتراب: قال الله -تعالى-: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة:120]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ﴾ [المائدة: 51].

وأخيرًا لابد لنا جميعًا من الدعوة إلى الله والعمل للدين، وحمل همّ الإسلام، والبذل والتضحية بالنفس، والمال، والوقت، وترك الانشغال بالدنيا والشهوات.

إن قضية العمل للدين، والبذل في سبيل الله، وعودة الخلافة، وعودة هذه الأمة لقيادة الدنيا بدين الله عز وجل، وتعبيد الناس لرب الناس عز وجل ؛ ليست مسئولية شخص بعينه، وإنما مسئولية كل مسلم على حسب طاقاته وقدرته.

في الختام يبشِّرُنَا نبيُّنَا صلى الله عليه وسلم بنصرِ الله ووعدِه، وبأن القدس -بإذن الله- سوف تكون مقبرةً لليهود، وحينها يؤذن لفجر الإسلام أن يعود، كما قال الصادق المصدوق: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيُّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ»[18].

فاللهم طهِّر الأقصى مِن دنسِ اليهود، واجمعْ كلمةَ المسلمين، ووحِّد صفهم، وانصرهم على عدوِّكَ وعدوِّهِم.

اللهم أقر أعينّنَا بنصرةِ دينِك وكتابِك وعبادِك المؤمنين، واحفظ مسجدَنَا الأقصى يا ربَّ العالمين.

[1]صحيح البخاري (3366)، صحيح مسلم (520)، صحيح ابن حبان (6228).

[2]صحيح البخاري (3397).

[3]صحيح البخاري (3443)، صحيح مسلم (2365).

[4]صحيح مسلم (155)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[5]صحيح ابن حبان (7238)، من حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[6]صحيح البخاري (3176) من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه.

[7]رواه البخاري (3593)، ومسلم (2921) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

[8]مجمع الزوائد (6/ 17)، رجاله رجال الصحيح.

[9]رواه الحاكم (1/ 130)، وصحَّحه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (1/ 117) على شرط الشيخين.

[10]هل يعود بيت المقدس للمسلمين، الشيخ سعيد محمود، بوابة الفتح الإلكترونية، (بتصرف).

[11]واجبنا نحو الأقصى، د. أحمد حمدي، بوابة الفتح الإلكترونية، بتصرف وبعض إضافات.

[12]صحيح مسلم (2586).

[13]أخرجه أبو داود (1479)، والترمذي (2969)، وابن ماجة (3828)، وصححه الألباني.

[14]صحيح الجامع (2388).

[15] أخرجه أبو داود (3462)، والبزار (5887)، والطبراني في مسند الشاميين (2417)، وصححه الألباني.

[16]صحيح مسلم (1910).

[17]صحيح الجامع (1129).

[18]صحيح مسلم (2922).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #227  
قديم 17-09-2022, 03:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي الصهيونية والاتجاه المتسارع نحو العنصرية



الصهيونية والاتجاه المتسارع نحو العنصرية







. إياد القطراوي











إن التحوُّل الصهيوني المتسارع نحو التشدُّد والتطرُّف والعنصرية، يساهم بشكل كبير في إسقاط حقوق الشعب الفلسطيني؛ كون رؤيتهم تنبع من إيمانهم بأحقيتهم في دولة «إسرائيل» الكبرى، أو ما يُعرَف توراتيًّا بأرض كنعان






في استطلاعٍ نشرته القناة الصهيونية 12، بين أوساط الشباب من جيل 18 وحتى 25 سنة، كشف عن توجُّه صهيوني بشكل متسارع نحو اليمين واليمين الديني الاستيطاني المتطرف، وهو مؤشّر على توجُّه المجتمع الصهيوني نحو إسقاط حلّ الدولتين، ورفض الاعتراف بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وفرض وإدامة الاحتلال والأبرتهايد والفصل العنصري.

اللافت في الاستطلاع، أن هذه الشريحة، هي مَن تمثل مستقبل دولة الكيان، ويظهر أن 70% من الشباب الصهيوني يصنّف نفسه في دائرة اليمين والوسط، وتمنح شريحة المستطلعين اليمين واليمين الاستيطاني 71 مقعدًا، وحزب «الصهيونية الدينية» الذي يقوده إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتس 14 مقعدًا، متفوقًا على حزب «ييش عتيد» الذي يتزعمه يائير لبيد، وحصول الأحزاب الدينية والدينية الاستيطانية المتشددة مجتمعة (شاس، يهدوت هتوراه، الصهيونية الدينية) على ما يقارب الـ40 مقعدًا، أي ما يعادل ثُلث أعضاء الكنيست.

إن هذه الصورة القاتمة التي تُمثِّل مستقبل الدولة الصهيونية القريب، تُلقي بظلالها ليس على المعسكر الليبرالي، الذي خسر نفسه وجماهيره وقواعده عندما تخلَّى عن القضية الأساس المتمثلة بالاحتلال والاستيطان وحقوق الشعب الفلسطيني، وانساق وراء التضليل الذي سوَّقته مقولة إيهود باراك حول عدم وجود شريك فلسطيني، مساهمًا بذاك في تدعيم الإجماع الصهيوني الذي يقوده اليمين المتطرف.

صورة الصهيونية المظلمة هذه لها تداعياتها وإسقاطاتها على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وهي تفرض تحديات كبيرة على قياداته في الضفة وغزة والداخل والشتات؛ لأنها تغلق الباب أمام خيار التسوية الذي جعله البعض خياره الوحيد، بعد أن أسقط من حساباته أي خيارات أخرى.

كما أن هذه الصورة تنذر بتوجُّه صهيوني نحو المزيد من العزل والحصار على غزة، واستمرار الفصل الجغرافي والسياسي بينها وبين الضفة الغربية؛ من خلال اللعب على وتر الانقسام الفلسطيني، ونحو تعزيز الاستيطان وقضم الأرض والضم الزاحف في الضفة، إلى جانب تخفيض مكانة السلطة الفلسطينية وحصرها في نطاق الأداء الوظيفي والتنسيق الأمني، ونحو إعادة فلسطينيي الداخل إلى الهامش السياسي ومحاصَرة مطالبهم في نطاق الحقوق المدنية الفردية، وهو مخطط تنجح دولة الكيان في فرضه على شعبنا، طالما لم ننجح نحن في تحطيم الحواجز والأقفاص السياسية التي حبستنا فيها؛ فأدمناها حتى أصبحنا نحرسها ذاتيًّا، ونسعى لبقائها وإدامتها، كما أنه مخطط تنجح دولة الكيان في فرضه على شعبنا، طالما لم ننجح في تحطيم الأقفاص والانطلاق إلى الفضاء الوطني العام بالعودة إلى فكرة الشعب الواحد والوطن الواحد والقضية الواحدة والمصير الواحد.

إن هذا الاستطلاع يؤكد على تعاظم اليمين المتطرف في دولة الكيان، في مقابل خسارة الليبراليين الصهاينة معركتهم أمام المتشددين الصهاينة، والمتطرفين الدينيين العنصريين، الذين سيطروا على القرار الصهيوني، ويضع الفلسطينيين أمام خيار واحد، وهو الاقتناع بأن هذه المنظومة الصهيونية لا تريد شريكًا لها، ولا تقتنع بوجود الفلسطيني حتى تؤمن بأن هذه هي أرضه، لذلك علينا مجابهة هذا النظام العنصري بشتَّى السُّبل والوسائل المتاحة من أجل تحرير وطننا وتحطيم جدرانه المصطنعة؛ ليتسع لنا ولأجيالنا القادمة.

الملاحَظ أن التوجهات الصهيونية ازدادت ميلاً نحو اليمين، ونحو التشدد الديني؛ نتيجة للتعبئة المتزايدة في هذا الجانب، فقد دخلت جماعات حريدية الساحة السياسية بعد أن كانت تحظر على أتباعها المشاركة في الانتخابات، بل وحرَّضت أتباعها على الانضمام إلى الجيش والخدمة فيه، وازدادت قوتها الانتخابية كذلك نتيجة التزايد الديموغرافي في الوسط الديني الذي يُعتَبر أكثر خصوبة من بقية الأوساط اليهودية.

التحولات السياسية والاجتماعية والديمغرافية في دولة الكيان هي من أنتجت وأوجدت هذا التوجُّه الصهيوني المتطرف، الذي يسعى دومًا لعرقلة المفاوضات وإعاقة وصول عملية السلام بين الصهاينة والفلسطينيين إلى نهايتها، ووضعها أمام صعوبات كبيرة أشبه بحائط مسدود خاصة فيما يتعلق بقضايا الحل النهائي، وعلى رأسها مسألة القدس التي ترى فيها الأحزاب الدينية المتشددة مسألة مصير لا يمكن الحديث عنها أو التفاوض بشأنها؛ لأنها مسألة تاريخية عقدية أيديولوجية تتعلق بمصيرهم الدينيّ ووجودهم، لذلك يسعون لطمس الملامح العربية والإسلامية فيها، والقيام بنشاطات مكثفة من أجل خلق واقع ديمغرافي جديد، وإسكان اليهود فيها وتهجير الفلسطينيين منها وإضفاء الصبغة اليهودية والصهيونية عليها.


إن التحوُّل الصهيوني المتسارع نحو التشدُّد والتطرُّف والعنصرية، يساهم بشكل كبير في إسقاط حقوق الشعب الفلسطيني؛ كون رؤيتهم تنبع من إيمانهم بأحقيتهم في دولة «إسرائيل» الكبرى، أو ما يُعرَف توراتيًّا بأرض كنعان، التي وردت في أسفار العهد القديم التي يجب أن تضم شمال سيناء، بالإضافة إلى فلسطين والأردن ولبنان وأجزاء من سوريا والعراق، وأن القدس هي عاصمتهم، والاستيطان حقّ وتمدُّد طبيعيّ لدولتهم الكبرى، وأن الفلسطينيين أغيارًا لا حقَّ لهم بأرض فلسطين، ويجب طَرْدهم وترحيلهم، هذا هو الفكر الصهيوني الجديد التي تسير خلفه حكوماتهم الصهيونية المتشددة، وصولاً إلى صراع عقديّ دينيّ يُنْهِي وجودهم الذي نصَّ عليه ديننا وقرآننا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #228  
قديم 19-09-2022, 02:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي القدس في النظرية السياسية المملوكة



القدس في النظرية السياسية المملوكة


د. أحمد عبدالرازق عبدالعزيز




كان الاهتمام بالقدس هو أحد أهم اهتمامات الدولة الدينية، وترجع أهمية بسط السيادة والسيطرة عليها لأهميتها التاريخية؛ فمقدار قوة الدولة المملوكية بمقدار سيطرتها على هذه المدينة بما فيها من مقدسات أمام الغرب الأوروبي
يمر الزمان وتتغير الأحداث التاريخية؛ وتظل القدس محور اهتمام الدول العربية والإسلامية، ربما لِـمَا تعرضت له من محن وابتلاءات على مدى تاريخها، أو لأنها كانت مطمعاً دائماً منذ قديم الزمان وحتى الآن للعديد من قوى الاستعمار باسم الدين؛ ولذا حرصت الدول الإسلامية منذ القِدم على حمل لواء حماية هذه المدينة المقدسة، ومن ضمن هذه الدول كانت دولة سلاطين المماليك في مصر، فقد ساعدت الظروف والأحداث السياسية التي أحاطت بالمنطقة الإسلامية في العصور الوسطى فرسان المماليك على حمل لواء الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية ضد الزحف الصليبي بعد أن تهاوت الدولة الأيوبية وانشغلوا فيما بينهم من خلافات.

فقد ثبت لفرسان دولة سلاطين المماليك أن قوَّتهم وانتصاراتهم في موقعة المنصورة ضد الصليبين وفي عين جالوت ضد التتار[1] لم تكن لتشفع لهم في أن يحكموا الديار المصرية؛ إذ كان لزاماً عليهم أن يجدوا ما يغلِّف كل ذلك أمام المنطقة شعباً وسلطة؛ فكان لا بد من الواجهة الدينية التي كانت الإطار أمام المجتمع المصري بمختلف طبقاته، ومن ثَم كان أحد أركان الواجهة الدينية هو الاهتمام بالقدس، وكان انهيارها بمثابة أحد أسباب سقوط كيان الدولة.

وكان الاهتمام بالقدس هو أحد أهم اهتمامات الدولة الدينية، وترجع أهمية بسط السيادة والسيطرة عليها لأهميتها التاريخية؛ فمقدار قوة الدولة المملوكية بمقدار سيطرتها على هذه المدينة بما فيها من مقدسات أمام الغرب الأوروبي؛ لذا حرص رجال الدولة بداية من رأس الدولة على العناية التامة بالقدس سواء بشكل مادي أو معنوي.

وقد احتلت مدينة القدس أهمية خاصة عند العرب، فهم الذين أطلقوا عليها تسمية القدس (أي المقدسة)، وقد اتُّخذَت قِبلَة أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم من باب التقديس لا التقليد، وإليها كان الإسراء ومنها كان المعراج، وترجع أهميتها تاريخياً إلى أنها «كانت محل الأنبياء وقبلة الشرائع ومهبط الوحي»[2]. ويُعد أول من أيقن تلك الأهمية العتيقة هو السلطان الظاهر بيبرس، ففي عام 660هـ/1261م قام بترميم قبة الصخرة، والمسجد الأقصى، وتجديد الحرم الإبراهيمي، واستمر هذا الاهتمام في عهد السلطان قلاوون والناصر محمد، ولأهمية هذه المدينة أصبحت نيابةً مستقلة تتبع السلطة المركزية في القاهرة مباشرة بعد أن كانت تتبع دمشق[3].

وربما كان ذلك بسبب إصرار الغرب الأوروبي على الاستيلاء على بيت المقدس، يشير إلى ذلك قول أحد حجاج بيت المقدس من النصارى الغربيين عند زيارته لها عام 722هـ/1322م: إن الرب لم يدع بيت المقدس ليظل تحت يد الحكام المسلمين كثيراً. ومن ذلك ما يرويه المقريزي عندما أرسل ملك فرنسا فليب السادس في طلب القدس وبلاد الساحل فأنكر السلطان الناصر محمد عليهم ذلك وأهانهم و (رسم بعودتهم إلى بلادهم) وكان ذلك في عام 730هـ/ 1329م[4]. ونظراً لتلك الأهمية التاريخية حرص سلاطين المماليك على زيارة هذه المدينة من وقت لآخر مثلما حدث عامي 668هـ/1269م، وعامي 817هـ/1414م، وفي عام 824هـ/1421م أبطل السلطان ططر ما كان يجبى لنائب القدس في كل سنة أثناء زيارته لها وعوض نائبها، وعموماً كانت الصفة الغالبة على المدينة هي حرص المماليك على تأكيد نفوذهم الديني عن طريق نشر العدل والتسامح بين طوائف السكان المختلفة من مسلمين ونصارى ويهود[5].

ونظراً لأهمية هذه المدينة فقد أضفى السلاطين رعايتهم لها من خلال بعض الأوامر التي تصدر بغلق كنيسة القيامة من وقت لآخر نتيجة للاعتداءات الصليبية على المسلمين من قِبل القراصنة أو نصارى إسبانيا والبرتغال مثلما حدث في أعوام 825هـ/1421م، 892هـ/1486م، أما في عام 916هـ/1510م كان السلطان الغوري شديد اللهجة رغم أن تلك الحقبة كان فيها غروب شمس الدولة؛ إلا أن الغوري أمر بالقبض على الرهبان في كنيسة القيامة بسبب قتل الفرنج للأمير محمد، وأخذ مراكب السلطان، وبحضور القساوسة في رجب قام بتوبيخهم وأمرهم أن يكتبوا لملوك الفرنج لردِّ ما تم أخذه من مراكب وسلاح وإلا هدمتُ كنيسة القيامة وشنقتُ الرهبان، ووسط كل أجواء الفساد التي أحاطت بالدولة في الداخل والخارج، جاء قُصَّاد ملك الحبشة في محرم922هـ/ فبراير1516م ليستأذنوا في زيارة كنيسة القيامة بالقدس فأذن لهم[6]. ولم يكن استئذان قصَّاد ملك الحبشة في زيارة كنيسة القيامة إلا دليلاً على قوة الدولة، بالإضافة لخضوع الأحباش دينيّاً لبطريرك الإسكندرية.

ومع كل ذلك كانت هناك عوامل أثَّرت بطريق غير مباشرة على قلة الاهتمام بالقدس في الداخل، فقد منيت القدس بعدة أوبئة أهمها الوباء الأسود عام 749هـ/1348م، الذي استمر حتى عام 750هـ/1349م؛ بالإضافة لسوء الأحوال الاقتصادية التي عمَّت دولة سلاطين المماليك في آواخرها، وقد لعب شحُّ الأمطار دوراً حيويّاً في نزوح كثير من الناس عن هذه البلاد وهو ما أدى لزيادة الأسعار وهلاك كثير من الناس والحيوانات تحت وطأة الأوبئة والمجاعات، كما حدث في عام 829هـ/1425م، بالإضافة لمداهمة العربان القاهرة والقدس والمناطق المتاخمة لها مما يوحي بتدهور دور الدولة السياسي[7]؛ فليس هناك أدنى شك أنه وسط المشاكل الداخلية بالدولة يقل الاهتمام بتلك المدينة في ظل الظروف المصاحبة لها.

وقد فقدت الدولة السيادة على القدس في عام 922هـ/1516م بشكل نهائي عندما أمضى سليم خان الشتاء في دمشق ثم تحرك بجيشه نحو غزة حتى دخل القدس فزار بها أضْرحة الأنبياء، فعلى أقل تقدير استطاع رجال الدولة الاحتفاظ بلقب «حامي الحرمين الشريفين والقبلتين» لعقود عدة[8]، وبذلك كانت نهاية سيطرة السلطنة على مدينة القدس العتيقة.

فكانت مدينة القدس وما زالـت رمزاً دار حوله الصراع على مدى أجيال عدة في تاريخ المنطقة، والقدس اليوم رمز في صراع جديد قديم بين القوى العربية والإسلامية وقوى البغي والعدوان الآتية من خارج المنطقة تفرض الاستيطان العنصري برداء الدين، والقدس في ماضينا القريب كانت رمزاً لصراع بين العرب والقوى الصليبية التي وفدت إلى المنطقة تزرع فيها كياناً دخيلاً؛ فما أشبه اليوم بالبارحة! فكانت محور الدعوة الصليبية بالأمس، كما هي محور الدعاوى الصهيونية اليوم[9]، وستظل القدس ومقداستها بقلب كل عربي مهما حاولت القوى الخارجية الحالية أن تمحوَها من ذاكراتنا.



[1] المقريزي، السلوك، (دار الكتب، القاهرة، 2009م)، جـ1ق2، ص350 - 359، 428 - 433.

Holt.p.m ,the position and power of the mamluksultan,bulletin of the school of oriental and African studies, university of london, 1975,p.237.

[2] القزويني، آثار البلاد، (دار صادر، بيروت، 1960م)، ص159، 160. إبراهيم محمود زعرور، القدس في العهد الأيوبي، (دار المنظومة، 1998م)، ص90.

[3] القلقشندي، صبح الأعشى، (دار الكتب، القاهرة، 2010م)، 4/199. المقريزي، مصدر سابق، جـ 1ق2، ص725.

[4] المقريزي، مصدر سابق، ج2ق2، ص319. انظر علي السيد علي، القدس في العصر المملوكي، (دار الفكر، القاهرة، 1986م)، ص35.

[5] ابن الصيرفي، نزهة النفوس، (دار الكتب، القاهرة، 2010م)، 1/342، 396. ابن إياس، بدائع الزهور، (دار الكتب، القاهرة، 2008م)، ج1ق1، ص331، 449، 2/72، 73 . انظر علي السيد، مرجع سابق، ص110.

[6] ابن إياس، مصدر سابق: 2/84، 3/244 - 245، 4/193 - 195، 5/ 12.

[7] المقريزي ، مصدر سابق، جـ2 ق3 ، ص740 - 804، جـ4 ق2، ص609. ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، (دار الكتب المصرية، القاهرة، 2006م)، 10/ 203 - 211.ابن إياس، مصدر سابق، 2/104.

[8] وثيقة بيع، (تحقيق عبد اللطيف إبراهيم، ضمن كتاب المدخل إلى دراسة الوثائق العربية، دار الثقافة القاهرة، 1980م)، ص208 - 213. أوليا جلبي، سياحة نامة مصر، (دارالكتب، القاهرة، 2009م)، ص167. انظرعلي إبراهيم حسن، دراسات في تاريخ المماليك، (النهضة المصرية، القاهرة، 1944م)، ص186.

[9] علي السيد علي، مرجع سابق، ص5.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #229  
قديم 22-09-2022, 10:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي سيناريوهات الصراع على الأقصى


سيناريوهات الصراع على الأقصى


. حسن الرشيدي


المتتبع لما يحدث في فلسطين يلاحظ أن الصراع قد تحوَّل من نزاع حول فلسطين كلها، ليتركز حول مدينة القدس بعد عام 1967م، بل إنه منذ أكثر من عقدين من الزمن دخل دائرة أكثر تركيزاً، وصار بالتحديد حول المسجد الأقصى، أو ما يطلق عليه اليهود وبعض طوائف النصارى (هيكل

«أخشى من انهيار إسرائيل كما انهارت الدول اليهودية السابقة»
هذه ليست نبوءة كتبها أو قالها دجالون من الذين ينتشرون الآن على الفضائيات أو مواقع التواصل الاجتماعي؛ بل كتبها رئيس وزراء الكيان السابق إيهود باراك في صحيفة يديعوت أحرنوت منذ عدة أسابيع تعبيراً عن مشاعر الإحباط لدى الكيان الصهيوني، ويقول فيها بالحرف: إن تجربة الدولة العبرية الصهيونية الحالية في عقدها الثامن وهي التجربة الثالثة، وإنه يخشى أن تنزل بها لعنة العقد الثامن كما نزلت بسابقتها.
فالعقد الثامن لإسرائيل - كما كتب باراك - دائماً يبشِّر بحالتين: بداية تفكك السيادة، ووجود مملكة بيت داود التي انقسمت إلى يهودا وإسرائيل.
وقد سبق لرئيس الوزراء السابق نتنياهو في عام 2017م، أن ردَّد تقريباً الكلام نفسه حينما صرَّح بأنه حريص على أن تبلغ إسرائيل المئوية الأولى، لكن التاريخ يخبره أنه لم تعمِّر لليهـود دولة أكثر من 80 سنة في كل تاريخها إلا مرة واحدة هي دولة الحشمونائيم.
هذا التشاؤم الذي يبديه زعماء الكيان ليس ترديداً لتنبؤات عشوائية أو قديمة، بل قد يكون إستراتيجية مقصودة ربما لجذب التعاطف الدولي مع قضية اليهود في فلسطين، أو لتجميع اليهود للالتفاف حول السياسات الإسرائيلية والنخبة الحاكمة.
والمتتبع لما يحدث في فلسطين يلاحظ أن الصراع قد تحوَّل من نزاع حول فلسطين كلها، ليتركز حول مدينة القدس بعد عام 1967م، بل إنه منذ أكثر من عقدين من الزمن دخل دائرة أكثر تركيزاً، وصار بالتحديد حول المسجد الأقصى، أو ما يطلق عليه اليهود وبعض طوائف النصارى (هيكل سليمان).
وفي الآونة الأخيرة تسارعت وتيرة الصراع حول المسجد الأقصى نتيجة عوامل عديدة، وأصبح لا يمر أسبوع إلا وتتناقل الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي صوراً وأخبارَ الصِّدامات داخل المسجد ومحيطه، فالمتطرفون اليهود يصرُّون على الدخول إلى ساحة المسجد والصلاة فيه ورفع الأعلام الصهيونية، وعندما يتصدى لهم المصلون الفلسطينيون يتدخل الجنود الصهاينة، ويدنِّسون المسجد بأحذيتهم وينهالون على المسلمين ضرباً وسحلاً واعتقالاً، لا يفرقون بين رجل وامرأة وطفل.
كل هذا كان سبباً لدخول المنظمات الفلسطينية المسلحة في غزة على خط الصراع، لتبرز معادلةٌ جديدةٌ، وتضع تلك المنظمات ما يجري في المسجد الأقصى سبباً وشرطاً من بين شروط أخرى لبدء حرب على الكيان بالصواريخ أو التوقف عنها.
ومنذ أكثر من شهر دخل الصراع على الأقصى نفقاً جديداً، عندما بدأ مسلحون فلسطينيون بتنفيذ عمليات في العمق الصهيوني ضد المستوطنين في ظاهرة يطلق عليها (الذئاب المنفردة)، ردّاً على استفزازات الصهاينة في المسجد، وهو ما نتج عنه إصابة ومقتل العديد من هؤلاء المتطرفين الصهاينة.
فإلى متى سيستمر هذا التوتر والصدامات حول الأقصى وداخل أروقته؟
وما هو مستقبل الصراع على المسجد؟
وما هي السيناريوهات المتوقعة لما سيؤول إليه هذا النزاع؟
هناك عدة مناهج علمية لتوقع الظواهر السياسية المستقبلية، أشهرها منهج السيناريو.
ويحدد علماء المستقبليات مجموعة من الطرق لبناء السيناريوهات، اخترنا إحداها في هذا المقال على النحو التالي:
يتم استنباط بناء السيناريو من التعريف، فالسيناريو هو وصف لوضع مستقبلي ممكن أو محتمل أو مرغوب فيه؛ مع توضيحٍ لملامح المسار أو المسارات التي يمكن أن ينجم عنها هذا الوضع المستقبلي؛ وذلك انطلاقاً من الوضع الراهن أو من وضع ابتدائي مفترض.
فهذا التعريف يجعل السيناريو مكوناً من ثلاثة أجزاء: وضع مستقبلي، ووضع ابتدائي مفترض، ومسارات من الابتدائي إلى المستقبلي.
أي أن بناء السيناريو هنا يعتمد على ثلاث خطوات:
وصف الوضع المستقبلي.
تحديد الوضع الراهن أو الابتدائي.
تعيين المسارات التي سيسير فيها السيناريو.
بحيث ننتهي إلى ثلاثة سيناريوهات نهائية يؤول إليها مستقبل الصراع: (سيناريو ممكن، وسيناريو محتمل، وسيناريو معياري).
بالنسبة للنطاق الزمني لتوقع مستقبل الصراع على الأقصى، فقد أخذنا بالتقسيم الذي وضعته جامعة مينيسوتا الأمريكية للمستقبل؛ وهو أن المستقبل المتوسط يكون: من خمسة أعوام إلى عشرين عاماً، واخترنا أن يكون بالتحديد خلال السنوات العشر القادمة.
وعندما نطبق هذا المنهج على الوضع الذي يجري في الأقصى نجد أن بنية الصراع على الأقصى والقوى التي تتحكم فيه تتكون أساساً من طرفين داخلي ومحلي وهما الكيان الصهيوني والفلسطينيون، وتأتي بعد ذلك الأطراف الخارجية وهي كثيرة، ولكن نستطيع أن نحدد أكثر الدول تأثيراً سواء كانت دولية كالولايات المتحدة، أم إقليمية فاعلة، سواء كانت عربية أم تركيا أم إيران.
وبذلك إذا استطعنا تحديد الاتجاهات المستقبلية لهذه الأطراف وموقفها من الصراع، يمكننا تخيُّل سيناريوهات تقريبية لما ستؤول إليه الأوضاع حول الأقصى.
أولاً: الكيان الصهيوني
يعاني الكيان الصهيوني بالفعل من عدة أزمات، أولها تحوُّل هدفه في البقاء من دولة تمتد جغرافياً حيث تقف الدبابة الإسرائيلية كما صرح شارون، إلى دولة منغلقة على نفسها بأسوار ذات أذرع عسكرية طويلة تمتد إلى أي مكان يهدد أمنها.
هذه الأزمة نتجت عمَّا يراه الكيان اختلالاً ديموغرافياً حدث نتيجة زيادة الفلسطينيين في مناطقهم الثلاث سواء في غزة أم في الضفة أم في ما يعرف بأراضي الـ (48)، بحيث أصبح - ولأول مرة - عدد الفلسطينيين يفوق عدد اليهود في فلسطين التاريخية منذ ديسمبر 2020م.
ولذلك تبنَّت إسرائيل ثلاثة حلول لمشكلتها الكبرى يمكن اعتبارها بمثابة شروط تفوُّق في صراعها:
أولاً: ما أُطلق عليه صفقة القرن، وهو مشروع غامض لم يُكشَف عن تفاصيله، ولكن تسربت ملامحه إلى الإعلام، ويقضي بمبادلة أراضٍ بين الكيان ومصر في سيناء والنقب ليتم تهجير جزء من الفلسطينيين إليها، كما يتم تهجير بعض آخر إلى الأردن ليقام هناك كيان فلسطيني يتم دمجه مع المملكة الأردنية. وقد تبنَّت هذا المشروع الإدارة الأمريكية السابقة بزعامة ترامب وتوقف الكلام عنه مع رحيلها.
ثانياً: فك العزلة الإسرائيلية بإدماجها في المنطقة بل بقيادتها، وإعادة العلاقات مع دول تمثل ثقلاً اقتصادياً وإستراتيجياً في الشرق الأوسط.
ثالثاً: يتضمن احتواء الفصائل المسلحة الفلسطينية بتفكيكها أو ضمان عدم إطلاق صواريخ وأعمال فدائية منها ضد الدولة الصهيونية، ومحاولة عزلها عن محيطها الجماهيري العربي بحملات دعائية.
ثانياً: الفلسطينيون
هم الطرف الثاني في معادلة الصراع حول الأقصى، وجاءت أحداث الأقصى وما صاحَبها من استفزاز صهيوني لتوقظ صحوةً في نفوس الجماهير الفلسطينية في المناطق الفلسطينية الثلاث في غزة والضفة والمناطق المحتلة عام 1948م؛ خاصة مع ظهور إحساس بأن مصيرهم أصبح واحداً.
وشروط التقدم الفلسطيني ثلاثة، هي:
ظهور قيادة سواء كانت فردية أم جماعية تلتفُّ حولها الجماهير.
بلورة إستراتيجية تدير المواجهة مع إسرائيل سواء بالإعداد العسكري أم بإتقان الفعل السياسي، تهيئ مساحات للحركة السياسية وتوجه الفعل العسكري إلى مسارات لصالح القضية.
استثمار تفاعل فلسطينيي المناطق الثلاث والإحساس المشترك بأهمية التعاون، لإيجاد مظلة مناسبة ينضوي الفلسطينيون تحتها.
ثالثاً: الولايات المتحدة
يظل التدخل الأمريكي هو العامل الدولي الأكثر تأثيراً على الصراع في فلسطين، ولكن هذا التدخل يتأثر بعدَّة عوامل أهمها:
النزاع بين اللوبي الصهيوني في أمريكا والتيار الليبرالي، وهذا النزاع تغذِّيه النبوءات التوراتية التي يحملها الإنجيليون وتيار من اليهود وما يتعلق بضرورة إقامة هيكل سليمان فوق أنقاض الأقصى شرطاً لنزول مسيحهم المزعوم، وقد دعم هذا التيار ترامب للوصول إلى الرئاسة آخذاً بنصائح زوج ابنته كوشنار مهندس صفقة القرن التي تدور حول تهجير جزء كبير من الفلسطينيين إلى سيناء والأردن لتدشين دولة في فلسطين يكون اليهود فيها أغلبية، ولكن تيار الليبراليين الأمريكيين المدعومين بجماعات ضغط قوية من الأقليات في أمريكا كالزنوج واللاتينيين والعرب الذين نجحوا في إسقاط اليمين الأمريكي سواء في الرئاسة أو الكونجرس، ليتوقف الزخم الأمريكي لهدم الأقصى وإقامة هيكل سليمان مؤقتاً لحين موعد الانتخابات القادمة سواء التجديد النصفي للكونجرس أواخر هذا العام، أو الرئاسة بعد عامين ونصف.
أما العامل المهم الآخر فهو الانشغال الأمريكي بالحرب في أوكرانيا، هذا الانشغال يجعل تركيز الإدارة الأمريكية منصبّاًعلى احتواء روسيا ومحاولة الحدِّ من دورها العالمي، وهذا يستتبعه تهدئة باقي الصراعات وعدم حسم القضايا الأخرى، وتنتظر الولايات المتحدة من أطراف هذه النزاعات دعمها في محاصرتها للروس، وتشير أكثر المعطيات بخصوص الحرب في أوكرانيا أنها قد تمتد لسنوات، فالأمريكان يريدون استنزاف روسيا وقصقصة أجنحتها، إلا إذا ظهر عامل غير متوقع ينهي الحرب فيها سريعاً كوفاة بوتين مثلاً.
إذاً هناك شرطان يتوقف عليهما التأثير الأمريكي في قضية الأقصى، وهما وصول اليمين الأمريكي للحكم مرة أخرى، والحرب الدائرة في أوكرانيا وموعد انتهائها.
رابعاً: التأثير العربي
ينقسم الموقف العربي الحالي من الصراع في الأقصى، بين دول انخرطت في تطبيع علني محموم مع الكيان الصهيوني، ودول مترددة، ودول تعلن رفضها للتطبيع مطلقاً، ودول أخرى طبعت مع الكيان منذ عقود ولكنها تشعر بتضارب بعض المصالح معه حالياً.
هذا النوع الأخير من الدول يتعامل مع قضية الأقصى على أنها (كارت) تفاوض به الاحتلال الصهيوني، فهي تأخذ موقفاً علنياً تندد بممارساته وربما دعمت المقاومة الفلسطينية سواء بتسهيل انتقال السلاح والمؤن إليها، وذلك للضغط على سلطات الاحتلال للتخلي عن ملفات اقتصادية وسياسية تريدها.
وتأثير الدول العربية قد يقلب موازين الصراع على الأقصى بإمكانياتها الاقتصادية والديموغرافية والجيوسياسية، وكذلك بتأييد شعوب هذه الدول وتعاطفها مع الفلسطينيين باعتبار أن الأقصى قضية المسلمين الكبرى.
ولكنَّ ثمة شروط لهذه الدول على خط النزاع حتى يكون دورها مؤثراً في تحديد مستقبل المسجد الأقصى، هي:
أولها: استعادة إحساسها بأنها أكبر قوة إقليمية لو اجتمعت وتخلَّت عن أنانيتها، وهنا يوجد تساؤل حول المدى الذي يمكن أن يتطور فيه الصراع في فلسطين إذا حدث تغيير للنظام السياسي، أو حتى إذا انتشرت الفوضى والانتفاضات مثل ما حدث في زخم الربيع العربي داخل كيانات ما يُعرَف بدول الطوق حول فلسطين، وهي الأردن ومصر؛ خاصة أن لهاتين الدولتين تأثيراً كبيراً على مجريات ما يحدث سواء ما يتعلق بالدور الأردني في الضفة والإشراف على الأقصى، أو ما يتعلق بالدور المصري في غزة وتحكُّمها في المعابر التي تربط القطاع بالعالم الخارجي.
ثانيها: توافق الدول العربية مع دول إقليمية إسلامية ذات ثقل إستراتيجي وعسكري كبير مثل تركيا وباكستان وماليزيا وإندونيسيا وإشراكها في الضغوط الجارية على الكيان الصهيوني.
خامساً: التأثير التركي
منذ صعود حزب العدالة التركي لسدة الحكم في تركيا في أواخر عام 2002م، حرص النظام التركي على جعل القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياته في إطار إستراتيجيته الشاملة لاستعادة مكانة الدولة العثمانية في الشرق الأوسط كقوة كبرى تتبنى قضايا المسلمين، وباعتبار أن هناك إرثاً تاريخياً تركياً يتمثل في رفض السلطان عبد الحميد الثاني آخر السلاطين الأقوياء للعثمانيين بيع أراضي القدس لليهود.
وقد وصل الدعم التركي حدّاً أن صممت سفينة تركية على كسر الحصار المفروض على غزة منذ عدة سنوات، ولكن تصدت لها القوات الصهيونية فقتلت عشرة أتراك، وهو ما أدى إلى وصول التوتر في العلاقات التركية الصهيونية إلى ما يشبه القطيعة.
ولكن مؤخراً ومع اقتراب انتخابات الرئاسة التركية العام القادم، تغير الدعم التركي لفلسطين في ظل التراجع المخيف للاقتصاد التركي وهو القنطرة التي كان يعتمد عليها أردوغان لجذب شريحة كبيرة من الناخبين الأتراك، ومع دخول تركيا في حالة حصار مزدوج سواء من الغرب الذي بات يشعر بخطورة صعود تركيا وعدم تعاونها في حصار روسيا، أو من تحالف إقليمي رأى في الدور التركي المساند للربيع العربي تدخلاً في شؤون داخلية خاصة بالعرب.
حالة الحصار تلك أدت إلى اهتزاز الاقتصاد، وهذا أيضاً أدى إلى تراجع الرئيس التركي والعودة مرة أخرى لسياسة تصفير المشاكل مع دول المنطقة لكسر هذا الحصار في محاولة تغذية شرايين الاقتصاد واستعادة ثقة الناخب التركي مرة أخرى.
وهكذا بدأ قطار التراجع التركي باستعادة علاقاتها القوية مؤخراً مع الخليج وإسرائيل، وهو ما أدى إلى تراجع الدعم وخفوت الصوت التركي في تأييد فلسطين، والأسوأ من هذا أن يسقط أردوغان في الانتخابات القادمة ويجيء نظام حكم جديد تنعدم فيه أي فرصة ممكنة لحصول دعم تركي لفلسطين.
ولذلك فإن شروط عودة الدور التركي مرة أخرى ليؤثر في قضية الأقصى هو إعادة انتخاب أردوغان مرة أخرى، وتزايد قوة الاقتصاد التركي، ونجاح أردوغان في خلخلة الحصار الغربي والعربي على الأتراك.
سادساً: التأثير الإيراني
يستخدم النظام الإيراني منذ الثورة الإيرانية عام 1979م الورقة الفلسطينية في محاولة كسب تعاطف الجماهير المسلمة وتبييض وجهه الطائفي المتطرف، وفي الوقت نفسه يستخدمها ورقة تفاوضية مع الغرب وإسرائيل للاعتراف به قوة إقليمية يجب أخذها في الحسبان عند تقاسم الكعكة في منطقة الشرق الأوسط.
فالنظام الإيراني غدا متمرداً على الدور الذي كان منوطاً به إسرائيلياً وغربياً وهو كبح صعود أي قوة عربية سنية ولجمها؛ لا أن ينافس إسرائيل على زعامة المنطقة كما يحدث الآن مستغلاً الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط ليركز على التحدي الصيني والروسي.
دعمت إيران المنظمات الفلسطينية بالمال والسلاح سواء مباشرة أو عن طريق وكيلها في المنطقة (حزب الله)، واضطرت حماس لقبول هذا الدعم بعد فقدان الدعم العربي الرسمي الذي لم يكتفِ بوقف الدعم بل شارك الكيان الصهيوني وتحالف معه.
ولذلك فإن النظام الإيراني يمكن أن يتراجع عن دعم للمقاومة، إذا اعترفت الولايات المتحدة وإسرائيل بإيران أنها قوة إقليمية يجب أن يكون لها نصيبها من كعكة المنطقة سواء في العراق أو سوريا أو اليمن، وهذا ما يجري التفاوض عليه بين الغرب وإيران فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني حزمة واحدة.
فالصراع على الأقصى قد يتأثر في حال تم الاتفاق الإيراني الأمريكي، عندها سيقلُّ الدعم الإيراني إلى حدٍّ كبير للمقاومة الفلسطينية، وستفقد حينها الداعم الرئيسي لها في المنطقة بعد تراجع الدعم التركي والعربي.
سيناريوهات الصراع على الأقصى:
فائدة تصور وتخيُّل السيناريوهات المبنية على حقائق موجودة على أرض الواقع ممكنة ومحتملة الحدوث؛ أنها تجعل العمل مركَّزاً على تحقيق شروط السيناريو المرغوب فيه ومحاولة تجنب بل تفكيك شروط السيناريو الأسوأ.
السيناريو الممكن:
يبنى هذا السيناريو على أساس أن العوامل التي تتحكم في الظاهرة لن تتغير في المستقبل الذي تتم فيه الدراسة، وقد سبق أن حددنا تلك المدة بعشر سنوات، وبناء على ذلك فهذا السيناريو يفترض أن وتيرة الصراع ستظل كما هي مع ثبات وضع القوى المحلية والدولية على حالها على النحو التالي:
استمرار الحكومات الإسرائيلية بكبح جماح المستوطنين والمتطرفين اليهود عن القيام بأعمال استفزازية ضخمة، وفي الوقت نفسه بقاء قوة الردع الفلسطينية على وضعها الحالي متمثلة في صواريخ المقاومة في غزة أو في عمليات الذئاب المنفردة ضد المستوطنين، واستمرار اليسار الأمريكي في سدة الحكم في واشنطن مع الانشغال الأمريكي بالوضع في أوكرانيا الذي يبقى بلا حسم، وبقاء الوضع العربي متشرذماً ولا يتجمع على موقف موحد خاصة دول الطوق، وبقاء الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية متدفقاً في ظل مراوحة المفاوضات الإيرانية الغربية، في حين تظل تركيا حريصة على علاقتها العربية الإسرائيلية وبقاء دعمها المحدود للفلسطينيين في ظل استمرار أردوغان في الحكم.
السيناريو المحتمل:
يبنى على أساس دخول متغيرات جديدة تؤدي إلى التحول لمسار جديد في الصراع.
والسيناريو المحتمل الأسوأ يتمثل في تمكن الصهاينة من هدم المسجد الأقصى وتشييد ما زعموا أنه هيكل سليمان وشروط نجاح هذا السيناريو، هي:
وصول قيادة إسرائيلية متطرفة إلى الحكم تنجح في تطبيق صفقة القرن وتستطيع التغلب على المقاومة المسلحة وخلايا الذئاب المنفردة الفلسطينية بعد أن تكون اندمجت مع الدول العربية المؤثرة في حلف واحد يقوده الكيان الصهيوني، وهذا يتزامن مع وصول قيادة يمينية إنجيلية إلى رئاسة الولايات المتحدة تكون داعمة لهذه الخطوة الصهيونية ويترافق ذلك مع تراجع الاهتمام الأمريكي بحرب أوكرانيا حيث يتم احتواء الدب الروسي والحد من نفوذه، وفي الوقت نفسه تنخرط معظم الدول العربية في المشروع الصهيوني وتجد في هذا المشروع نجاة لها من تحديات داخلية وخارجية، وهذا في ظل فشل الفلسطينيين في إيجاد إستراتيجية تدير المواجهة مع إسرائيل وقيادة تلتفُّ حولها الجماهير ومظلة ينضوي الفلسطينيون تحتها في تكتلاتهم الثلاثة، في حين يفشل حزب العدالة التركي في الانتخابات الرئاسية وتأتي شخصية علمانية تتولى حكم تركيا وتأخذها بعيداً عن القضايا الإسلامية، في حين تتخلى إيران عن دعم المقاومة بعد أن تكون حصلت من الولايات المتحدة وإسرائيل على دور قيادي في منطقة الشرق الأوسط.
السيناريو المعياري أو المفضل أو المرغوب:
هو وصف مستقبل مرغوب فيه للمساعدة في صنعه أو تحقيقه.
في هذا السيناريو تعجز إسرائيل عن تطبيق إستراتيجيتها سواء في قيادة تحالف من دول المنطقة، أو في تفكيك بنية الفصائل المسلحة، أو السيطرة على الذئاب المنفردة الفلسطينية، وينجح الفلسطينيون في إيجاد قيادة تلتف حولها الجماهير الفلسطينية وفي الوقت نفسه يفعِّلون إستراتيجية مواجهة شاملة مع إسرائيل على جميع المستويات (السياسية والعسكرية) ويتمكنون من توفير مظلة تجمع فلسطينيي المناطق الفلسطينية الثلاث وتتعاون مع فلسطينيي المهجر لتكوين جماعات ضغطٍ مؤثرة في العالم، في حين تنشغل أمريكا بالحرب الأوكرانية التي تمتد لتشمل دولاً أخرى في أوروبا في الوقت الذي يشتعل فيه النزاع بينها وبين الصين على تايوان والتجارة العالمية وينجح اليسار الأمريكي في كبح جماح التطرف اليميني في السياسة الأمريكية، ويحدث تغيير حقيقي في الدول العربية سواء بتغيير السياسات أو النخب الحاكمة؛ بحيث تقدم تلك السياسات أولويات الأمن القومي الجماعي العربي على المصلحة الضيقة لكل دولة على حِدَة، وتنهض تركيا لتتحول إلى القوة الإقليمية الكبرى لتقود الأمة في طريق الصعود العالمي بعد أن تتحرر من مرحلة الضغوط الدولية إلى مرحلة المنافسة على قمة النظام الدولي، ويقل اعتماد الفلسطينيين على إيران بعد أن تتراجع إلى الوراء خلف القوى الإقليمية الصاعدة السنية سواء كانت عربية أم تركية.
قد يظن الكثيرون أن السيناريو المأمول هو أحلام! ولكن بالجد واتباع سنن الله في التغيير ستتحول تلك الأحلام والأماني المبنية على الحقائق العلمية بإذن الله إلى صحوة تشمل المسلمين في العالم لتنبعث أمة الإسلام من جديد، وتؤدي دورها المأمول.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 195.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 189.41 كيلو بايت... تم توفير 5.61 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]