تذكير النبلاء بخلق الحياء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         على طريق النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          تربية الأبناء الواجب والتحديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          احفظ لسانك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          الأثيم في الاحتفال بشم النسيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          الصلاة والاهتمام بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          الإسراف خطره وصوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          شرح النووي لحديث ابن الزبير: كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة في أطم حسا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          شرح الننوي لحديث: لكل نبي حواري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          إشارة إلى كتب مهمة في باب حجية السنة ورد الشبهات عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          خطر الدعاء على الأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2023, 03:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي تذكير النبلاء بخلق الحياء

تذكير النبلاء بخلق الحياء
عبدالفتاح شعبان حبسه

عباد الله: إننا بين الفينة والأخرى نواجه دعواتٍ هدَّامة لمجتمعنا الحبيب ومصرنا الغالية، تحاول جاهدةً أن تمزق ثوابت ديننا وقيمنا وأخلاقنا، وإننا في الآونة الأخيرة نسمع أبواقًا هدَّامة تدعو جاهدةً إلى نشر الرذيلة في مجتمعنا الحبيب ومصرنا الغالية -بلد الأزهر الشريف- ومن هذه الدعوات الشاذة ما صاح به بعضهم من الدعوة إلى خلع الحجاب تارةً، أو إباحة الشذوذ الجنسي والعلاقات الجنسية قبل الزواج تارةً أخرى.

وفي الحقيقة يعتصر القلب ألمًا وحزنًا من هذه الرماح الهائجة، والطعنات المتتالية التي تعانيها أمتنا الإسلامية والعربية عامة ومصرنا الغالية خاصة؛ لذلك آثرت أن أجعل هذا اللقاء عن: "تذكير النبلاء بخُلُق الحياء" ردًّا على هذه الدعوات الهدَّامة، وعلى هذه الحرب الشرسة الشعواء، فأعيروني القلوب والأسماع، والله المستعان، وعلى الله التكلان.


عباد الله، إنَّ مِن الخصائص التي حبا الله بها الإنسانية "خُلُق الحياء"؛ فهو نعمة عظيمة، ومنحة جليلة؛ وذلك ليبتعد الإنسان عن مزاولة الذُّنوب والمعاصي والشَّهوات.

والحَيَاءُ شَرعًا: خُلُقٌ يَكُفُّ العَبدَ عَنِ ارتِكَابِ القَبَائِحِ وَالرَّذَائِلِ، وَيَحُثُّهُ عَلَى فِعلِ الجَمِيلِ، وَيَمنَعُهُ مِنَ التَّقصِيرِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الحَقِّ، وَهُوَ مِن أَعلَى مَوَاهِبِ اللَّهِ لِلعَبدِ.

إن كثيرًا من الناس يعتقدون أن الحياء لا علاقة له بالدين، غير أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أخبرنا أن الحياء هو الدين كله، فعَنْ قُرَّةَ ابنِ إِيَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، فَذُكِرَ عِنْدَهُ الحَيَاءُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((بَل هُوَ الدِّين كُلُّهُ))؛ (صحيح الترغيب والترهيب، الألباني)؛ وذلك لِعُلُوِّ مَنزِلَتِهِ، وَجَلِيلِ قَدْرِهِ، وَسُمُوِّ مَحَلِّهِ، وَرِفعَةِ شَأنِهِ، وَعَظِيمِ نَفعِهِ.

إن الحياءَ سلوكٌ نبيل، وعمل مشكور، يكفيه أنه يتنزل من الفضائل منزلة الرأس من الجسد، فعن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ))؛ (متفق عليه).

كما أن الحياءَ شعبةٌ من شعب الإيمان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَن الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ))؛ (البخاري ومسلم).

بل لقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الحياءَ قرينُ الإيمان، يبقى ببقائه، ويزول بزواله، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((الـحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ))؛(صحيح الترغيب والترهيب، الألباني).

عباد الله، قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله:
من عقوبات المعاصي ذهاب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب الخير أجمعه، فقد جاء في الحديث الصحيح: ((الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ))؛ (الداء والدواء).

يقول العلامة محمد بكر إسماعيل رحمه الله: "... وقد يزول الحياء عن صاحبه فلا يعود إليه؛ وذلك إذا ما استحوذ عليه الشيطان فسلب منه نور الإيمان، وأنساه ذكر الله تعالى، وزج به في بحار الشهوات والشبهات، وملك عليه أمره كله والعياذ بالله تعالى"؛ (عدة الخطيب والواعظ).

فلتعلموا أحبتي أن الحياءَ خُلُقٌ عظيمٌ، يحْفَظُ لِلرَجُلِ هيْبَتَهُ ورُجولَتَهُ، ويَحْفظُ لِلمرأةِ عِزتَها وأُنوثتَهَا، ويُلْبِسُ الشَّابَّ الْجَمالَ والْكرَامةَ.


عباد الله، اعلموا -يرحمكم الله- أن الحياء ينقسم إلى أقسام عديدة؛ أحدها: الحياء من الله تعالى.
والثاني: الحياء من الملائكة.
والثالث: الحياء من الناس.
والرابع: الحياء من النفس.

1- فأما حياء العبد من الله تعالى فإنه يكون بامتثال أوامر الله، والكف عن زواجره، وذلك هو أعظم الحياء؛ ويكون بألَّا يقابل العبد إحسان الله ونعمته بالإساءة والكفر والجحود والطغيان، فمن استخفَّ بالأوامر والنواهي الشرعية دلَّ ذلك على عدم إجلاله لربه وإعظامه، وعدم حيائه.

2- وأما الحياء من الملائكة، فمن المعلوم أن الله قد جعل فينا ملائكة يتعاقبون علينا بالليل والنهار، وهناك ملائكة يصاحبون أهل الطاعات؛ كالخارج في طلب العلم، والمجتمعين على مجالس الذكر، والزائر للمريض، وغير ذلك، وأيضًا هناك ملائكة لا يفارقوننا؛ وهم الحفظة والكتبة: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ [الانفطار: 10، 11]، فعلى المؤمن إذًا أن يستحي من الملائكة الكرام، فالحياء من الكريم من صفات الكِرام، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والتعرِّي، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يُفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم))؛ (أخرجه الترمذي، وضعَّفه الألباني).

3- وأما الحياء من الناس: فإن ذلك يكون بكفِّ الأذى، وترك المجاهرة بالقبيح، وقد رُوي أن حذيفة بن اليمان أتى الجمعة، فوجد الناس قد انصرفوا، فتنكب الطريق عن الناس، وقال: لا خير فيمن لا يستحي من الناس؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي).

قارن بين ذلك وبين مَن يجاهرون بالزنا والمسكرات وإفطار رمضان، وفعل جميع المنكرات دون وازعٍ من دين أو خلق أو حياء!

4- وأما الحياء من نفسه: فإنه يكون بالعِفَّة، وصيانة الخلوات، وقال بعض الحكماء: ليكن استحياؤك من نفسك أكثرَ من استحيائك من غيرك.

عباد الله، إن الحياء صفة من صفات الله رب العالمين، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه بذلك فقال: ((إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يرُدَّهما صفرًا خائبتين))؛ (صحيح الترغيب والترهيب، الألباني).

ودليله من الكتاب: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾ [البقرة: 26]، وإن حياء الله تعالى ليس كحياء المخلوقين؛ بل هو حياء لائق بجلال الله تعالى الذي قال: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

عباد الله، ومن الحياء حياء أبينا آدم وأمِّنا حواء: فحينما أكل آدم وحواء مِن الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، بدت لهما سَوْآتهما، فأسرعا يأخذان مِن أوراق الجنَّة ليسترا عوراتهما، وتحدَّث القرآن الكريم عن ذلك بقوله: ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ﴾ [الأعراف: 22]، وهذا -سماه ابن القيم- حياء الجناية: فلما فرَّ آدم عليه السَّلام هاربًا في الجنَّة، قال الله تعالى: ((أفرارًا منِّي يا آدم؟ قال: لا يا ربِّ؛ بل حياءً منك))؛ وهذا يدلُّ على أنَّ الإنسانَ مفطورٌ على الحَيَاء، وأمَّا قلَّة الحَيَاء فهي منافية للفطرة؛ بل مِن اتِّباع الشَّيطان.

عباد الله، ومن الحياء حياء الملائكة: فإن الملائكة موصوفة بالحياء حتى إنها لا تدخل على امرأة كاشفة عن خمارها، ولا ترى عورة، وتجتنب من كان على جنابة، فلما رأت حياء عثمان رضي عنه صارت تستحي منه، وحياء الملائكة حياء تقصير كما بين ابن القيم رحمه الله: فالملائكة يسبِّحون اللَّيل والنَّهار لا يفترون، فإذا كان يوم القيامة قالوا: سبحانك، ما عبدناك حقَّ عبادتك.

وإذا كانت الملائكة تقول ذلك حياءً من التقصير -مع أن الراكع والساجد لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة- فماذا نقول نحن لله؟!

عباد الله، ومن الحياء حياء الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ؛ (متفق عليه)، دليل على حيائه وهو خلق الأنبياء، فقد جاء عن خاتمهم صلى الله عليه وسلم: ((أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطُّر، والسِّواك، والنكاح))؛ (سنن الترمذي).

عباد الله، بل ومن الأخلاق التي كانت تُعرف في الجاهلية (خلق الحياء): فإن أبا سفيان لما كان مشركًا كافرًا سأله هرقل أسئلة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انتهى الكلام بينهما قال أبو سفيان: والله لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذبًا لكذبت؛ (أخرجه الشيخان).

فكيف بمن كفَّنوا الحياء ودفنوه في أيامنا هذه، وصاروا يبغونها عوجًا؟!
عباد الله، يظن البعض أن الحياء أمرٌ فطريٌّ لا يمكن اكتسابه أو تنميته، ويقول: ربنا خلقني هكذا، وهذا فهم مغلوط، فقد قال الإمام أبو حاتم رحمه الله: "الواجب على العاقل أن يعوِّد نفسه لزوم الحياء من الناس"؛ (روضة العقلاء).

وقال الصنعاني رحمه الله: "والحياء وإن كان قد يكون غريزة فهو في استعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتسابٍ، وعلمٍ، ونية؛ فلذلك كان من الإيمان"؛ (سبل السلام).

وعليه عباد الله، فإن العبد الموفق هو الذي يعلم أنه في تجارة رابحة مع الله، فيسلك سبل السلامة، وينتهج نهج النجاة، فيتعلم الوسائل التي تعينه على التحلِّي بالحياء وتنميته.

ومن تلك الوسائل المعينة على اكتساب الحياء والتحلِّي به ما يلي:
أولًا: الدعاء: وهو سلاح المؤمن، فيلجأ إلى ربه؛ ليرزقه الحياء، ويصرف عنه سيئ الأخلاق.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح: ((واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت))؛ (مسلم).

ولا ريب أنَّ الحياء من الأخلاق الحسنة.

ثانيًا: مراقبة الله تعالى في السر والعلن: ومن ثمَّ فيقوى الإيمان في القلب بزيادة الطاعات، واجتناب المنكرات.

قال العلامة محمد بكر إسماعيل رحمه الله: "... وعليه أن يستحضر عظمة الله وهيبته وجلاله عندما يهم بمعصية مهما كانت صغيرةً حتى تتعوَّد النفس على الحياء إذا كانت قد افتقدته فى زحمة الشهوات والشبهات"؛ (عدة الخطيب والواعظ).

ثالثًا: المحاسبة: وذلك بنقد النفس إذا ارتكبت ما يخلُّ بالحياء، وحملها على ألا تعود إليه مرة أخرى، مع أخذها بمبدأ الثواب، فإذا أحسنت أراحها، وأرسلها على سجيَّتِها بعض الوقت في المباح، وإذا أساءت وقصَّرت أخذها بالحزم والجد، وحرمها من بعض ما تريد؛ فإن ذلك يؤدي إلى تعديل سلوك المرء نحو الأفضل.

رابعًا: التفكر بمعرفة الله عز وجل: وذلك من خلال أسمائه وصفاته التي تستوجب مراقبته؛ كالرقيب، والشهيد، والعليم، والسميع، والبصير.

فإن أمعن العبد وأكثر من ذلك (أي التفكُّر) نما في قلبه تعظيم الله عز وجل.

خامسًا: مخالطة الصالحين، والتخلق بأخلاقهم: قال العلامة محمد بكر إسماعيل رحمه الله: ".. أن يكثر من صحبة الأخيار من عباد الرحمن، فهم أهل التواضُع والحياء، وأهل السماح والكَرَم، فلو جالسهم تأدَّب بأدبهم وتخلَّق بأخلاقهم...."؛ (عدة الخطيب والواعظ).

سادسًا: مطالعة سير الصالحين من القدوات الكبار: وعلى رأسهم سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن إدامة النظر فيها يضع بين يدي قارئها أعظم صورة عرفتها الإنسانية، وأكمل هدي وخلق في حياة البشرية.

سابعًا: العفة: فهي مما يحمل على اجتناب الرذائل من القول والفعل، من الفحش، والبخل، والكذب، والغيبة، والنميمة، وتحمل على الحياء وهو رأس كل خير.

قال الغزالي رحمه الله: "وأما خلق العفة فيصدر منه السخاء والحياء، والصبر والمسامحة، والقناعة والورع، واللطافة والمساعدة، والظرف وقلة الطمع"؛ (إحياء علوم الدين).

عباد الله، ها نحن قد تحدثنا عن أمثل رد، وأقوم طريق ينبغي أن تتسلح به أمتنا للرد على هذه الشرذمة الطاغية التي تنفث سمومها عبر إشاعة الفساد في الأرض ألا وهو الحياء.

ألا فليكن الحياء لنا خلقًا وشعارًا وواقعًا؛ لأنه ما تجرأ هؤلاء على ما يفعلون إلا يوم أن مرض الحياء، وكفن حيًّا في ثوب الفضيلة والعفاف ودفن، وما زال يلفظ أنفاسه في مقبرة الأخلاق الفاضلة، صارخًا مستغيثًا: ألا فاتقوا ربكم الذي إليه ترجعون.

عباد الله، أما نستحي من الله الذي يسمع ويرى؟! أما نستحي من الله الذي يعلم السر وأخفى؟!
أما يستحي الناس من الله مما يفعلونه فى الأفراح والأعراس مما يغضب رب الناس؟!
أما يستحي الناس من الله يوم أن تركوا أولادهم يجوبون في الشوارع دون أن يعلموهم دين ربهم؟!

عبد الله، تخيل أنك بين يدي ربك ومولاك تقف عاريًا حافيًا، والناس من حولك ينظرون إليك، والملك جل جلاله يقول: (عبدي ما غرك بي؟ أظننت أنك ستقابلني أم نسيت ذلك اليوم؟!).

والملك جل جلاله يقول: (عبدي، أما استحييت مني؟! ألم تعلم بأني أسمع وأرى؟!).
والملك جل جلاله يقول: (عبدي، ألم تعلم أنك يوم عملت الحرام بيديك كنت أراقبك؟!).
والملك جل جلاله يقول: (عبدي، ألم تعلم أنك يوم سعيت إلى الحرام بقدميك كنت رقيبًا عليك؟!).
والملك جل جلاله يقول: (عبدي، ألم تعلم أنك يوم ظلمت أختك فى الميراث كنت مُطَّلِعًا عليك؟!).
والملك جل جلاله يقول: (عبدي، ألم تعلم أنك يوم أخذت الرشوة كنت شاهدًا عليك؟!).
والملك جل جلاله يقول: (ألم تعلم أنك يوم سرقت أموال الناس كنت أراك؟!).
والملك جل جلاله يقول: (ألم أنعم عليك؟! ألم أرزقك؟! فلم عصيتني؟! فلم تجرَّأت عليَّ؟!).
والملك جل جلاله يقول: (ألم أفتح لك باب التوبة؟! ألم أمهلك للتوبة؟! فلِمَ لم تتب؟!).

عباد الله، فلمَ ذهب الحياء وولَّى من بيننا مسرعًا؟ ولمَ انتشرت الرذائل، وحُوربت الفضائل؟
ألا فاتقوا الله، واعلمو أنكم إليه راجعون.

عباد الله،
أما والله لو علم الأنام
لما خلقوا لما هجعوا وناموا
لقد خلقوا لأمر لو رأته
عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
ممات ثم قبر ثم حشر
وتوبيخ وأهوال عظام
ليوم الحشر قد عملت رجال
فصلوا من مخافته وصاموا
ونحن إذْ أُمِرنا أو نُهِينا
كأهل الكهف أيقاظٌ نيامُ


وأخيرًا أقول:
(يا أمتي إن قسوت اليوم معذرة
فإن كفِّي في النيران تلتهب)





عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].


اللهم اجمع أهل مصر على قلب رجل واحد، ووحِّد صفنا يا رب العالمين.


اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.


سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.79 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]