البيان في النصوص الشرعية( - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-11-2021, 11:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي البيان في النصوص الشرعية(

البيان في النصوص الشرعية(1 -2)


د.وليد خالد الربيع



أكرم الله عز وجل الإنسان بسمات عديدة منها الكلام والإعراب عما في نفسه؛ كما قال عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}، قَالَ الْحَسَن: يَعْنِي النُّطْق، وَقَالَ الضَّحَّاك وَقَتَادَة وَغَيْرهمَا: يَعْنِي الْخَيْر وَالشَّرّ ، قال ابن كثير: «وَقَوْل الْحَسَن هاهُنَا أَحْسَن وَأَقْوَى؛ لِأَنَّ السِّيَاق فِي تَعْلِيمه تَعَالَى الْقُرْآن وَهُوَ أَدَاء تِلَاوَته، وَإِنَّمَا يَكُون ذَلِكَ بِتَيْسِيرِ النُّطْق عَلَى الْخَلْق وَتَسْهِيل خُرُوج الْحُرُوف مِنْ مَوَاضِعهَا مِنْ الْحَلْق وَاللِّسَان وَالشَّفَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَاف مَخَارِجهَا وَأَنْوَاعهَا»، وقال الشيخ ابن سعدي: «أي: التبيين عما في ضميره، وهذا شامل للتعليم النطقي والتعليم الخطي، فالبيان الذي ميز الله به الآدمي على غيره من أجل نعمه، وأكبرها عليه».

والبيان في اللغة: الإظهار والتّوضيح، والكشف عن الخفيّ أو المبهم، وهو أعم من النطق؛ فقد يكون البيان بالنطق أو الكتابة أو الإشارة أو السكوت ، قال ابن فارس: «الباء والياء والنون أصل واحد، وهو بعد الشيء وانكشافه ، فالبين: الفراق، وبان الشيء وأبان: إذا اتضح وانكشف ، وفلان أبين من فلان: أي أوضح كلاما منه» اهـ.

وأما البيان في الاصطلاح: فهو إظهار المقصود بأبلغ لفظ، فهو اسم لكل ما كشف المعنى وأظهره ، قال الشافعي في «الرسالة»: «البيان اسم جامع لمعان مجتمعة الأصول متشعبة الفروع، فأقل ما في تلك المعاني المجتمعة أنها بيان لمن خوطب بها ممن نزل القرآن بلسانه، متقاربة الاستواء عنده، وإن كان بعضها أشد تأكيد بيان من بعض، ومختلفة عند من يجهل لسان العرب، فمنها ما أبانه لخلقه نصا: مثل جمل فرائضه وأن عليهم صلاة وزكاة وحجا وصوما، وأنه حرم الفواحش ما ظهر وما بطن، ونص على الزنى والخمر.. ومنه ما أحكم فرضه بكتابه وبين كيف هو على لسان نبيه، مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها، ومنه ما سن رسول الله[ مما ليس فيه نص محكم، ومنه ما فرض الله على خلقه الاجتهاد في طلبه وابتلى طاعته في غيره مما فرضه عليهم». اهـ.

ويطلق البيان على ثلاثة أمور :

الأول : التبيين : وهو إظهار المعنى للمخاطب، والثاني: ما حصل به التبيين: وهو الدليل المبين، والثالث: متعلق التبيين: وهو المبيَّن وهو العلم الحاصل من الدليل.

وبيان ألفاظ النصوص الشرعية ومعانيها ومقاصدها من أهم المطلوبات؛ إذ إنه مقدمة لحسن الفهم وصحة الامتثال؛ ذلك أن الله عز وجل أنزل كتابه الكريم والسنة المطهرة ليكونا هداية للناس إلى الصراط المستقيم، وضمّنهما من التكاليف الشرعية والآداب السنية ما يحقق للمكلفين السعادة في الدنيا والآخرة، ويصرف عنهم الشرور والآفات العاجلة والآجلة، ووعدهم بثوابه لمن استجاب وانقاد وتهددهم بعقابه لمن أعرض وعصى.

ولا شك أن التدبر والامتثال متوقف على الفهم والإدراك لما في النصوص الشرعية من أمر ونهي ، ووعد ووعيد، وإنشاء وأخبار، كما قال شيخ الإسلام: «من استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل؛ فمن كان عاجزا عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها» اهـ.

والدليل على هذا : قوله عز وجل: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}، وقال عز وجل: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}، قال شيخ الإسلام: «بين سبحانه أنه لا يعاقب أحدا حتى يبلغه ما جاء به الرسول, ومن علم أن محمدا رسول الله فآمن بذلك ولم يعلم كثيرا مما جاء به الرسول لم يعذبه الله على ما لم يبلغه؛ فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البلوغ فإنه لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلوغ أولى وأحرى». وقال : «فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه».

ومما يؤكد أهمية البيان وضرورته ما نجده في آيات كثيرة من نسبة البيان فيها إلى الله عز وجل ، كقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنَ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}، {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، {يُبَيِّنَ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} قال ابن سعدي: «أي: يبين لكم أحكامه التي تحتاجونها، ويوضحها ويشرحها لكم فضلا منه وإحسانا لكي تهتدوا ببيانه، وتعملوا بأحكامه ، ولئلا تضلوا عن الصراط المستقيم بسبب جهلكم وعدم علمكم».

وقال عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } قال ابن كثير :» يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَفْسه الْكَرِيمَة وَحُكْمه الْعَادِل إِنَّهُ لَا يُضِلّ قَوْمًا إِلَّا بَعْد إِبْلَاغ الرِّسَالَة إِلَيْهِمْ حَتَّى يَكُونُوا قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ...}الْآيَة .

وقال ابن سعدي: «يعني أن اللّه تعالى إذا منَّ على قوم بالهداية، وأمرهم بسلوك الصراط المستقيم ، فإنه تعالى يتمم عليهم إحسانه، ويبين لهم جميع ما يحتاجون إليه، وتدعو إليه ضرورتهم، فلا يتركهم ضالين جاهلين بأمور دينهم، ففي هذا دليل على كمال رحمته، وأن شريعته وافية بجميع ما يحتاجه العباد، في أصول الدين وفروعه» .

وقال عز وجل: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} قال ابن سعدي: «أي: بيان معانيه، فوعده بحفظ لفظه وحفظ معانيه، وهذا أعلى ما يكون».

وقد جاءت آيات كثيرة فيها نسبة البيان إلى رسول الله [ منها قوله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّّن لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ}، قال ابن سعدي: «يبين لهم جميع المطالب الإلهية والأحكام الشرعية « اهـ.

وقال عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} قال ابن سعدي: «وهذا شامل لتبيين ألفاظه وتبيين معانيه».

وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، قال ابن سعدي: «وهذا من لطفه بعباده أنه ما أرسل رسولا {إلا بلسان قومه ليبين لهم} ما يحتاجون إليه، ويتمكنون من تعلم ما أتى به، بخلاف ما لو كان على غير لسانهم؛ فإنهم يحتاجون إلى أن يتعلموا تلك اللغة التي يتكلم بها، ثم يفهمون عنه، فإذا بين لهم الرسول ما أمروا به، ونهوا عنه وقامت عليهم حجة الله، {فيضل الله من يشاء} ممن لم ينقد للهدى، {ويهدي من يشاء} ممن اختصه برحمته».

وبيّـن عز وجل أن من واجبات أهل العلم بيان الدين والقرآن للناس؛ كما قال عز وجل : {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُون}.

وقد جاء في مواضع كثيرة وصف القرآن بأنه بيان وبينات ومبين وغير ذلك من الأوصاف التي مدح الله عز وجل بها القرآن كقوله عز وجل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}، وقوله: {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ}، {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}، وقوله : {َهَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}.

قال ابن كثير: «يَعْنِي الْقُرْآن فِيهِ بَيَان الْأُمُور عَلَى جَلِيَّتهَا وَكَيْفَ كَانَ الْأُمَم الْأَقْدَمُونَ مَعَ أَعْدَائِهِمْ {وَهُدًى وَمَوْعِظَة} يَعْنِي الْقُرْآن فِيهِ خَبَر مَا قَبْلكُمْ وَهُدًى لِقُلُوبِكُمْ، وَمَوْعِظَة: أَيْ زَاجِر عَنْ الْمَحَارِم وَالْمَآثِم».


وقد وضح الله عز وجل مقاصد البيان في القرآن في مواضع كثيرة منها قوله عز وجل: {كَذَلِكَ يُبَيِّنَ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}، وقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنَ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }، وقوله: {ويُبَيِّنَ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، وقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنَ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}، وقوله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبِّينَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، وقال تعالى: {يُبَيِّنَ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

قال ابن كثير: «أَيْ يَفْرِض لَكُمْ فَرَائِضه وَيَحُدّ لَكُمْ حُدُوده وَيُوَضِّح لَكُمْ شَرَائِعه، وَقَوْله: {أَنْ تَضِلُّوا} أَيْ: لِئَلَّا تَضِلُّوا عَن الْحَقّ بَعْد الْبَيَان».







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-12-2021, 10:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البيان في النصوص الشرعية(

البيان في النصوص الشرعية(2 -2)


د.وليد خالد الربيع



وقد ذكر العلماء أن البيان أعم من التفسير؛ فالتفسير إيضاح اللفظ بلفظ آخر أوضح منه، أما البيان فإنه يكون بالقول والفعل والكتابة والإشارة والترك، ومثال ذلك:
1- البيان بالقول : كقوله عز وجل: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}، ثم قال: {بقرة صفراء فاقع لونها}، وكقوله عز وجل: {وآتوا حقه يوم حصاده} بيّنه[ بقوله: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر».
2- البيان بالفعل: كما بيّن جبريل عليه الصلاة والسلام مواقيت الصّلاة للنّبيّ[ بالفعل؛ حيث أمّه في البيت يومين، ولمّا سئل رسول اللّه[ عن مواقيت الصّلاة قال للسّائل: «صلّ معنا»، ثمّ صلّى في اليومين في وقتين ، فبيّن له المواقيت بالفعل، وفي الحجّ قال لأصحابه: «خذوا عنّي مناسككم»، ولأنّ البيان عبارة عن إظهار المراد؛ فربّما يكون ذلك بالفعل أبلغ منه بالقول؛ لأنّه[ أمر أصحابه بالحلق عام الحديبية، فلم يفعلوا ثمّ لمّا رأوه حلق بنفسه حلقوا في الحال . فعرفنا أنّ إظهار المراد يحصل بالفعل كما يحصل بالقول .
3- البيان بالكتابة: كالكتب التي كتبها رسول الله[ وبين فيها الأحكام ككتابه لعمرو بن حزم، والضحاك بن سفيان، وأبي بكر الصديق في الصدقات.
4- البيان بالإشارة: كقوله[: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا» وأشار بأصابعه العشرة، وكذلك جوابه إشارة لمن سأله، فعن ابن عباس أن النبي[ سئل في حجته فقال السائل: ذبحت قبل أن أرمي ؟ فأومأ بيده قال : «ولا حرج»، قال : «حلقت قبل أن أذبح ؟ فأومأ بيده : «ولا حرج» أخرجه البخاري.
5- البيان بالترك: قال الشافعي: «ولكنا نتبع السنة فعلا أو تركا»، ومعنى ذلك أن ما تركه الرسول[ سنة كما أن ما فعله سنة، فسنة النبي[ كما تكون بالفعل تكون بالترك. فما تركه مع قيام المقتضي وعدم المانع يدل على أن السنة تركه، كتركه الأذان والإقامة للعيدين والكسوف والاستسقاء، وتركه الجهر بالنية قبل العبادة، وهذا بيان منه[ على أن السنة عدم فعل ذلك، بخلاف ما تركه للفطرة كتركه لبعض الأطعمة، أو ما تركه للخصوصية كترك الأكل من الصدقة، وما تركه لسبب كتركه قيام رمضان جماعة خشية أن يفرض على الأمة.
وقد ذكر علماء الأصول - كالشاشي والسرخسي وغيرهما - أن البيان في النصوص الشرعية أنواع على النحو الآتي:
أولاً- بيان التّقرير: وهو توكيد الكلام المعلوم المعنى بما يقطع احتمال المجاز إن كان المؤكد حقيقة، أو احتمال الخصوص إن كان المؤكد عاما، مثاله :
1- قوله عز وجل: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}، فقوله: {يطير بجناحيه} توكيد للمعنى المراد بيانه من لفظ «طائر» وهو الطائر الحقيقي؛ لقطع احتمال إرادة معنى آخر وهو البريد مثلا.
2- قوله تعالى: {فسجد الملائكة كلّهم أجمعون}، فصيغة الجمع تعمّ الملائكة على احتمال أن يكون المراد بعضهم، وقوله تعالى: {كلّهم أجمعون} بيان قاطع لهذا الاحتمال، فهو بيان التّقرير .
ثانياً- بيان التّفسير: وهو توضيح الكلام بما يرفع الخفاء، كبيان المجمل والمشترك ونحوهما، مثل: قوله تعالى: {أقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} فإنّه مجمل؛ إذ العمل بظاهره غير ممكنٍ، وإنّما يوقف على المراد للعمل به بالبيان، ثمّ لحق هذه الآية البيانُ بالسّنّة؛ فإنّه[ بيّن الصّلاة بالقول والفعل، والزّكاة بقوله: «هاتوا ربع العشور» فإنّه يكون تفسيراً .
ثالثاً- بيان التّغيير: وهو البيان الّذي فيه تغيير لموجب الكلام، مثل:
1- تخصيص العام : فقوله عز وجل: {وأُحِلَّ لكم ما وراء ذلكم} ظاهر في حل ما عدا المذكورات من المحرمات من النساء، ثم جاء في السنة ما يفيد تغيير هذا الظاهر بنهيه[ عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها .
2- تقييد المطلق : فقوله عز وجل: {من بعد وصية يوصَى بها أو دين} يقتضي العمل بأي وصية دون قيد أو تحديد، إلا أنه قد جاء في السنة ما يبين أن الوصية مقيدة بما عدا الوارث وفي حدود الثلث .
رابعاً- بيان التّبديل : وهو النّسخ، وهو رفع حكمٍ شرعيٍّ بدليلٍ شرعيٍّ متأخّرٍ.
حيث يبين الدليل الناسخ أن العمل بالحكم المنسوخ قد انتهى.
خامساً- بيان الضّرورة : وهو نوع من البيان يحصل بغير اللّفظ للضّرورة، وذلك بأن يقع البيان بما لم يوضع للبيان في الأصل، مثاله :
النّوع الأوّل : ما يكون في حكم المنطوق، وذلك بأن يدلّ النّطق على حكم المسكوت عنه، وقد مثّلوا له بقوله تعالى: {فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمّه الثّلث}؛ فإنّه لمّا أضاف الميراث إليها في صدر الكلام، ثمّ بيّن نصيب الأمّ، كان في ذلك بيان أنّ للأب ما بقي، فلم يحصل هذا البيان بترك التّنصيص على نصيب الأب، بل بدلالة صدر الكلام يصير نصيب الأب كالمنصوص عليه.
النّوع الثّاني: هو السّكوت الّذي يكون بياناً بدلالة حال المتكلّم مثل إقرار النّبي[ لبعض الأفعال التي وقعت في حضرته كأكل الضب، وإنشاد الشعر، ولعب الحبشة بالحراب في المسجد، وما كان النّاس يتعاملون به من أنواع التصرفات المالية، فأقرّهم عليها ، ولم ينكرها عليهم؛ فدلّ أنّ جميعها مباح في الشّرع؛ إذ لا يجوز من النّبيّ[ أن يقرّ النّاس على منكرٍ محظورٍ.
ومن مسائل البيان في النصوص الشرعية مسألة تأخير البيان عن وقت الحاجة: وذلك أن كلّ ما يحتاج إلى البيان من مجملٍ وعامٍّ، ومجازٍ ومشتركٍ ومطلقٍ، إذا تأخّر بيانه فذلك على وجهين
الوجه الأوّل: أن يتأخّر عن وقت الحاجة وهو وقت تنفيذ التكليف، وهو الوقت الّذي إذا تأخّر البيان عنه لم يتمكّن المكلّف من معرفة ما تضمّنه الخطاب، وذلك في الواجبات الفوريّة .
فهذا النّوع من التّأخير لا يجوز؛ لأنّ الإتيان بالشّيء مع عدم العلم به ممتنع عند جميع القائلين بمنع التّكليف بما لا يطاق.
الوجه الثّاني: تأخير البيان عن وقت ورود الخطاب إلى وقت الحاجة إلى الفعل، وذلك في الواجبات الّتي ليست بفوريّةٍ، وقد ذهب الجمهور إلى أنه جائز، واستدلوا بوقوعه، ومن ذلك:
1- قوله عز وجل: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه} فهذا يدل على جوازه؛ لقوله: «ثم» التي تفيد التراخي.
2- قوله عز وجل: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه..}؛ فظاهر الآية تخميس عموم ما يغنم، ثم ورد ما يقتضي إخراج بعض الأفراد من هذا الحكم، وذلك كالسَّلَب مثلا لا يقسم.

3- قوله عز وجل: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}؛ فإن النبي[ بين الصلاة والزكاة بقوله وفعله على التراخي.
4- قوله عز وجل: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} فلما اعترض الكفار بعيسى والعزير عليهما السلام أنزل الله عز وجل: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.
فهذه جملة مختصرة من بعض ملامح البيان في النصوص الشرعية ، وفي كتب الأصول مزيد تفصيل وإيضاح لمن رام التوسع في هذا الباب، وبالله التوفيق .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.20 كيلو بايت... تم توفير 2.36 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]